رواية عشق الرجال
الفصل الثانى والثلاثون
حين أنتهى حمزه من تسليم الفلاشه إلى قادته ووضعها فى مكان آمن خرج من قسم الشرطة وهو يشعر أنه لم يعد يحتمل وأن قواه قد انهارت ولم تعد تحتمل فما شاهده وعلمه ومر به وما كان يشعر به طوال تلك المده أصبح يضغط عليه بشده تنهد بهم فليس لديه سوى ذلك الدكتور المجنون نظر إلى ساعته فوجد أن مازال هناك وقت ركب سيارته سريعاً وتوجه إلى العيادة حين وصل أخبرته مساعدة الطبيب أن وقت العمل قد أنتهى وأن الطبيب على وشك المغادرة
لينفخ بضيق وهو يقول
- عرفيه أنى عايز اشوفه ضرورى
وقفت الفتاه تنظر إليه باستخفاف فهى تعلم رب عملها جيداً لا يتأخر عن مغادره العياده فى ذلك الوقت أبدا مهما كان السبب
ولكن و يالا العجب الطبيب طلب منها أن تجعله يدخل وأن تغادر هى
دلف حمزه إلى مكتب الطبيب الذى قال أول ما وقعت عينه على حمزه
- لو تعرف أنا ضحيت بأيه علشان خاطرك تعملى تمثال والله
جلس حمزه وهو ينظر إليه بضيق مصاحب باستخفاف وقال
- أقسم بالله لو أعرف دكتور غيرك مكنت بصيت فى وشك تانى ده غير بقى أنى هكدر رحيم على إللى عملوا فيا
أبتسم الطبيب إبتسامه صغيره واعتدل فى جلسته ينظر إلى حمزه بتركيز وقال
- أنا سامعك قول كل إللى جواك
ظل حمزه صامت ينظر إلى الطبيب بألم وهم بأكتاف مثقله وحمل ثقيل فوق ظهره استشعره أكرم وأشفق عليه بشده
أراح حمزه جسده فوق الأريكة .... تمدد ينظر إلى السقف وقال
- الموت صعب أنا مش بخاف من الموت بالعكس أنا فتحله صدرى ومرحب بيه فى أى وقت لكن أنك تشوف موت حد تعرفه حتى لو علاقه سطحيه وبأبشع الطرق شىء مؤلم جدا
صمت قليلاً ينظر إلى السقف وعقله يحاول إيجاد الكلمات المناسبة
وكان أكرم يستمع إليه وهو يشعر بكل كلمه تطرق أبواب حزنه وذكرياته لرحيل أغلى الناس على قلبه
أكمل حمزه دون الإنتباه إلى أى شىء
- أنا حاسس أنى بقى عندى سبعين سنه هموم كتير وقلبى على طول واجعنى .... تعرف أن بقالى أكتر من شهر مشفتهاش وحشتنى اوووى
- مراتك
نظر إليه مقطب الجبين ثم هز رأسه بنعم وأكمل قائلاً
- بحس أنى مش راجل حقيقى لما أكتشف أنها وحشانى ... ويظهر غضب .... غضب كبير وإحساس بأنى محتاج احسسها بالنار إللى جوه قلبى و الحصره إللى حستها وقت أكتشفت كل إللى حصل
- تابت
قالها أكرم مقاطعاً سيل كلماته وأيضا محول فكره لنقطه أخرى
نظر إليه حمزه وهو مقطب الجبين وظل صامت لبعض الوقت
- يمكن هى دى أكتر حاجه محيرانى ومخوفانى ومش عارف أفسر احساسى أنا بشر مش آله يمكن يكون ربنا سامحها بس أنا مش قادر
- مش قادر ولا مش عايز
قالها أكرم بهدوء حذر ليعتدل حمزه ينظر بشر ثم وقف وقال
- أنا ماشى
أبتسم أكرم ثم قال
- أنت حاسس أنك السبب فى إللى حصل وأنك أهملتها
وعلشان كده دورت على الاهتمام بره
تجمد حمزه مكانه ينظر إلى الباب أمامه بصدمه وظل أكرم ينظر إليه يريد أن يرى ردة فعله ولكن حمزه فتح الباب وغادر الغرفة وأغلق الباب بقوه
ليلوى أكرم فمه بحزن ثم وقف على قدميه وغادر هو الآخر
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
حين دلف رحيم ومسك إلى البيت توجهت مسك مباشراً إلى غرفتها ليوقفها صوت رحيم حين قال
- مسك لحظه لو سمحتى
وقفت مكانها دون أن تنظر إليه ليقترب منها و وقف خلفها مباشره وقال
- بلاش تقعدى لوحدك
نظرت إليه و الدموع متجمعه فى عيونها وقالت بصوت متقطع
- عااا عااايزه ااااا ااااقعد لووو لوووحدى
فتحت باب الغرفة وكادت أن تدلف إليها ليقول بصوت حانى جعل الدموع تسقط من عينيها دون توقف
- أنتِ كويسه
ظلت صامته تحاول تمالك نفسها ثم هزت رأسها بنعم ودلفت إلى الغرفة وأغلقت الباب و جلست ارضاً تبكى بصوت عالى وكأنها تحاول إخراج كل الخوف الذى عاشته يوم وفاة والديها وإحساس الفقد والضياع والوحده وأيضاً شعورها بأنها وحيده وحمل ثقيل
وكان هو يقف خلف الباب يستمع لصوت بكائها يتلوى قلبه ألما عليها وعيناه تدمع حزناً
ظل واقف فى مكانه يستمع إليها يتوسلها بقلبه أن تهدء أن تتوقف عن البكاء ظل على وقفته هذه الكثير من الوقت لم يستطع أن يحسبه حتى لم يعد لها صوت فتح الباب ببطىء ليجدها ممده ارضاً غارقه فى النوم وآثار دموعها على وجنتها حملها برفق ووضعها على السرير و دثرها جيدا وظل يتأملها قليلاً ثم غادر. حتى ينام هو الآخر فلقد مر عليهم يومان من أصعب ما يكون
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
كان راشد ممدد على السرير وهو شارد ورغم ذلك يبدوا على وجه الإرهاق والتعب وأيضاً هناك نظره فى عينيه كانت حسناء تخشى تفسيرها
فرغم كل ما حدث هى لا تريد أن تراه مكسور يشعر بالعار والخزى
اقتربت منه وجلست بجانبه تمسد ساقه برفق لينظر إليها نظره سريعه ثم اخفض عينيه ارضاً اقتربت أكثر منه ووضعت يدها على وجنته وابتسمت ابتسامه صغيره وهى تقول
- راشد بصلى
لم يستجب لها لتكرر طلبها من جديد ليرفع عينيه إليها ينظر لها بانكسار شعرت بألم قوى داخل قلبها وغصه مره بحلقها لتقترب أكثر وتضمه بقوه ليريح رأسه فوق كتفها وهو يضمها بقوه قوه تحولت إلى رقه ... وأصبحت الربتات المواسيه منها تواجهها لمسات راغبه لم تستطع حسناء التجاوب معه فابتعدت سريعاً ووقفت على قدميها ولكنها تنظر إلى الجهه الأخرى ظل ينظر إلى ظهرها وهو لا يستطيع ترجمة ما حصل هل هو رفض له أم خجل وكانت هى الدموع تتجمع فى عينيها ذلك الإحساس التى تشعر به لم يكن سهل أبدا
ناداها بصوت ضعيف فلم تنظر إليه ليناديها من جديد أيضاً لم تجبه
اخفض رأسه وارتفع صوت تنفسه ثم قال باستسلام
- للدرجة دى ... خلاص يا حسناء كرهتينى
أغمض عينيه حين سمع شهقتها عاليه التى حاولت كتمانها ليكمل بنوع من السخريه من نفسه
- صحيح هتفضلى تحبينى ليه راجل زانى وعنده بنت من علاقه حرام وأبوه مات محروق على أيد عشيق مراته .... ليكى حق تقرفى منى و تبعدى و
قطعت سيل. كلماته حين نظرت إليه وهى تقول بعصبيه
- والدك الله يرحمه لا أنا ولا أنت هنحاسبه خلاص مبقاش ينفع وبعدين أنت دخلك أيه فى إللى عامله أبوك
كان ينظر إليها بانكسار وإحساس كبير بالدونيه اقتربت خطوه تنظر إليه بحزن
- هو مش من حقى أخد كل الوقت إللى محتاجاه علشان أستوعب أن يوم ما اتجوزتك أنت بقى عندك بنت ... مش من حقى شويه وقت أحاول فيها لملمه مشاعرى المجروحة انوثتى إللى انكسرت
ابتعدت عدة خطوات للخلف حتى اصطدم ظهرها بالحائط لتجلس ارضاً وهى تقول
- هو سهل أن حب حياتى وحلمى الكبير بعد ما يتحقق ويبقى بين أديا إحس أنه مش من حقى أحس أنه بعيييييد بعييييد اوووى
كان قلبه يبكى قهرا على حالها يبكى ذلك الجرح الساكن داخل عينيها يبكى إحساسها الجريح أنزل قدميه إلى الأرض وسار إليها بصعوبه بسب الألم القوى بساقه و جثى بجانبها وأمسك يدها وقبلها أكثر من مره وهو منحنى الرأس حتى شعرت بدموعه على بشرة يدها لتحنى رأسها فوق رأسه تبكى هى الأخرى ظلوا هكذا لعدة دقائق حتى قالت حسناء
- أنا هفضل معاك يا راشد بس أرجوك ادينى شويه وقت أستوعب كل إللى حصل
رفع رأسه ينظر إليها والدموع ما زالت على وجنته وقال
- يكفينى أنك جمبى ومعايا وأنا لو فضلت عمرى كله اعتذرلك مش هيكفيكى
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
كان سليمان من وقت دخوله إلى غرفة الغضب الخاصه به وهو يسير بالغرفة ذهاب وإياب يلكم الحائط مره أو يركله وكانت هى واقفه عند الباب المغلق تنظر إليه بقلق مر أكثر من ساعتان على ذلك الوضع لن تستطيع تركه أكثر من ذلك.
اقتربت منه بهدوء حذر ووضعت يدها على كتفه ليبعدها بعنف وهو يقول
- أنا مش محتاج شفقه من حد اخرجى وسيبينى لوحدى
اقتربت منه من جديد وهى تقول
- شفقة أيه إللى بتتكلم عنها وعلى أيه هو مش عمى أنا كمان وأنت جوزى والوحيده إللى ممكن تظهر ضعفك وحزنك قدامها
ظل ينظر إليها ثم قال بحزن وحرقه وألم
- مات بعد ما كسرنا كلنا ... بعد ما ساب جوه كل واحد فينا تشوه ملوش علاج ... لا وكمان لما مات مات بفضيحه وعار عار هندفع أحنى تمنه
كانت تتفهم احساسه سليمان القوى المعتز بنفسه يحدث له ذلك الأمر وعلى الملاء ويشعر أن الجميع من حوله يشعرون بالشفقه عليه لهو جرح لرجولته
أكمل هو بغضب وحقد
- تفتكرى ممكن تمام فى يوم يعاير ورد بالى حصل
طيب حسناء مش كفايه حكايه راشد وبنته إللى وقعت عليه من السما لكن اهى أعماله وكنا بنحاول نلم الموضوع لكن
صمت لثوان ثم نظر إليها بنظره لم تفهمها أو خشيت أن تفهمها حين قال
- وأنتِ هتفتكرى بقى أنى خلاص عينى مكسوره قدامك مش كده وانى مش الراجل اللى
صمت لم يستطع أن يكمل كلامه وهى كانت تشعر
بصدمه قويه كيف يفكر بها بتلك الطريقه كيف وجرحه هو جرح كل العائله وما ستلوكه الألسن سوف يطول عائلة الوريدى بالكامل وكيف يرى أنها تريده مكسور أمامها وأن لا يكون له كلمه أمامها
اقتربت خطوه أخرى وامسكت يده وقالت وهى تنظر إلى عينيه بحب
- سليمان الكلام إلى أنت بتقوله ده مش حقيقه أنا وبحبك وأبوك هو عمى ولو الناس هتتكلم فالكلام هيمس العيله كلها ... و بعدين أنت جوزى حبيبى عمرك ما تنكسر قدامى ... لأن أنا وأنت واحد وكمان ما تخفش تمام بيعشق ورد وعمره ما يفكر بالطريقه دى وكمان حسناء أطمن
ظل ينظر إليها بشك وحيره لتقول هى
- تعال نطلع اوضتك نرتاح شويه علشان نقدر نروح المستشفى لجدى كمان بابا محتاجنا كلنا جمبه أخوه التانى كمان مات وأبوه ربنا العالم بيه
هز رأسه باستسلام فهو حقا لم يعد لديه القدره على الجدال أو الحديث
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
استيقظت من نومها تنظر حولها بعدم فهم حتى وقعت عينيها عليه نائم على الكرسى الجانبى اعتدلت من نومها وجلست تنظر إليه بخوف ليس منه ولكن من خسارته تذكرت ما حدث منها حين صعد إليها وهى تشاهد ذلك الرجل وهو يهزى بكلمات فضحت كل شىء قد ستره الموت حين شعرت به يضمها ابتعدت عنه سريعاً وهى تنظر إليه نظرات قاتله بها ازدراء ولكن ليس منه هو بل من نفسها وبدأت فى قول
- أبعد عنى أنا أنا أقل بكتير من أنك تهتم بيا واحقر بكتير من أنك تشوفنى ليه أنا عملت أيه علشان أعيش كل ده عملت أيه غلط فى حياتى علشان الراجل ده يبقى أبويا عملت أيه غلط علشان أعيش عمرى كله فى ذل وهو عايش وأعيش بعار وهو ميت عملت أيه
قالت الأخيره بصوت عالى وهى تنهار ارضاً تبكى بصوت عالى
ليقترب هو منها يحتويها بحب ويسكنها داخل صدره وبين ضلوعه يربت على ظهرها برفق وهمس بجانب أذنها
- أنتِ ورد وردتى حلمى الكبير عمرك ما هتشوفى ذل تانى ولا يمكن يلحقك عار أنتِ أغلى وأعلى من كده
ظلت تستمع إليه وإلى كلماته التى تروى زهره روحها الزابله لتشعر بالأمان وتغمض عينيها لتسافر لعالم آخر ليشعر بها وقد ارتخت أعصاب جسدها ليحملها ويضعها بالسرير ودثرها جيداً ثم جلس على الكرسى أمامها ينظر إليها بحزن على تلك الحاله التى أصبحت عليها والسبب والدها عادت من أفكارها حين شعرت بألم قوى فى رأسها فتأوهت بضعف ليفتح عيونه ينظر إليها وحين وجدها قد استيقظت وقف سريعاً واقترب منها وهو يقول
- صباح الخير مالك فى حاجه وجعاكى .... أنتِ كويسه دلوقتى طيب
لتهز رأسها بلا ونظرت إليه وعيونها بها خوف و سؤال غير منطوق
ليبتسم لها وهو يقول
- مفيش حاجه متشغليش بالك كله هيبقى تمام
اخفضت رأسها بحزن وإحراج وقالت
- أنا ... أنا ..... أنا
ليضع إصبعه أسفل ذقنها و رفعها لينظر إليها بحب وقال بهدوء
- متقوليش حاجه يا ورد مش محتاجه تبررى ولا تشرحى ارتاحى وبعدين هتتكلمى واسمعك زى ما أنتِ عايزه
كانت نظراتها كلها امتنان ليبتسم لها بتشجيع و ربت على وجنتها وهو يقول
- أنتِ نايمه بقالك كتير هقولهم يجبولك حاجه تكليها
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
كان كامل وعامر يجلسان بجانب الحج عثمان يحاولان اقناعه بالذهاب إلى الغرفه التى حجزوها فى المستشفى ليجلسوا بها ويكونوا بجانب الحج نعمان حتى يطمئنوا عليه
وكان كل من عبد العزيز وحسان قد غادرا ليحضروا بعض الطعام فمن وقت ما حدث لم يتناول أى شخص منهم أى شئ
لم يتكلم عثمان ولو كلمه واحده من أول ما حدث حتى الأن وكأنه قرر الصمت فلا كلام يوصف احساسه ولا يصف الموقف و كان كامل يشعر بالقلق على والده لا يعلم هل يخشى صمته أم يخشى من تأثير كل ذلك عليه
أغمض عينيه يدعوا الله فى سره أن يمر كل شىء على خير
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
خرج من عند الطبيب عقله وقلبه ولأول مره يتفقان على الصمت وكأنهم يخشون التفكير أو الدق وقف مكانه وكأنه تائه لا يعلم من أين أتى أو لأين يذهب
ظل واقف فى مكانه لعدة دقائق ثم ذهب إلى سيارته وجلس بها وهو يحاول أن يستوعب كلمات الطبيب القليله ولكن عليه أن يذهب إلى مكان ما
أدار محرك سيارته وتحرك بها وهو مقرر الذهاب إليها يريد أن يراها لقد أشتاق إلى ملامحها الهادئة
عليه أن يتحدث هناك كلام كثير بداخله يريد أن يخرجه من صدره
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
فى هدوء الليل دلف ثلاث أفراد مقنعين يعلمون ما عليهم فعله بالضبط دلف أحدهم إلى إحدى الغرف والاثنان الآخران إلى الغرفة الأخرى وفى ثوانى معدودة خرج الأول وفوق كتفه شىء ما مغطى بمفرش السرير وخلفه خرج الاثنان وهم يحملون شىء آخر مغطى أيضاً بمفرش السرير وفى ثوانى كانوا فى سيارتهم يغادرون المكان
