رواية عزلاء امام سطوة ماله الفصل الثانى والخمسون52 والثالث والخمسون53 بقلم مريم غريب

رواية عزلاء امام سطوة ماله 

الفصل الثانى والخمسون والثالث والخمسون

بقلم مريم غريب


( 52 )


_ حساسية ! _


دخل "عثمان" و هو ينقل نظراته بينهما بفضول شديد ...


إلتفتت "هالة" إليه و قالت بإبتسامة خفيفة :


-عثمان ! تعالي . أنا كنت جاية أشوف آا .. و توقفت لتتساءل :


-هي مراتك إسمها إيه ؟


عثمان و هو ينظر بتركيز نحو "سمر" :


-إسمها سمر.


إبتلعت "هالة" غصة في حلقها و جاهدت لترد بنفس الإبتسامة :


-أه سمر . كنت جاية أشوفها و أطمن عليها.


زم "عثمان" شفتاه و قال :


-اممم . طيب إيه حكاية إللي أول مرة تشوفيني كده دي ؟!


-أبدا . كنت بقولها إنك كنت قلقان عليها لما كانت فاقدة الوعي . كنت بقولها إني أول مرة أشوف نظرات حب في عنيك .. كانت هناك رنة حزن في صوتها


عثمان شاكيا بمرح :


-جري إيه ياناس ؟ هو أنا كنت جبلة يعني و مابحسش ؟ أنا إنسان عادي و الله !


هالة بضحكة بمصطنعة :


-مش قصدي يا عثمان أنا بس حبيت أعرفها إنها الوحيدة إللي قدرت تلمس قلبك.


فهم "عثمان" ما ترمي إليه ، لكنه إكتفي بالصمت و رسم إبتسامة بسيطة علي ثغره ..


تتنهد "هالة" بعمق ثم تقول برقتها المعهودة :


-أوك . أسيبكوا أنا بقي عشان تستريحوا و ألف سلامة عليكي يا سمر.


سمر بشئ من الأرتباك :


-الله يسلمك !


هالة بتردد :


-و لو تسمحيلي أبقي أجي الصبح للصغنونة و أخدها العب معاها . ممكن ؟


هزت "سمر" كتفاها و قالت :


-ممكن .. ثم داعبت شعر "ملك" بأناملها و أكملت :


-هي شكلها أخدت عليكي بسرعة !


هالة بإبتسامة :


-أنا حبيتها أووي بجد . هي جميلة و لذيذة خآالص . بس صحيح هي إسمها إيه ؟؟؟


سمر بنبرة ودية :


-إسمها ملك.


هالة بإعجاب :


-الله إسمها جميل أوي و لايق عليها أووي . خلاص بكره الصبح هاجي أستلمها منك .. و ضحكت بخفة


-يلا تصبحوا علي خير.


و إنصرفت "هالة" أخــيــــــــــرا ..


ليتوجه "عثمان" صوب زوجته .. جلس علي السرير بجوارها ، فتزحزت بعيدا عنه فورا


رفع حاجبه بدهشة :


-ده إسمه إيه ده ؟!


زجرته "سمر" بنظرة غاضبة ثم أشاحت عنه


عثمان بإستخفاف :


-طيب ماتبوصليش كده بس عشان بخاف !


لم ترد عليه بعد ، ليقول بغيظ :


-لما أكلمك تردي عليا .. و شدها صوبه من ذراعها


-آااااه .. تأوهت "سمر" بألم عندما ضغط بقوة علي متطقة الكسر في ذراعها


تركها "عثمان" بسرعة و قال بأسف :


-أنا آسف . ماكنش قصدي .. و أكمل بحدة :


-بس بردو لما أكلمك تردي عليا.


نظرت له "سمر" بدهشة شديدة ..


" البني آدم ده مش طبيعي ! " .. تمتمت في نفسها ، و عادت تنظر للجهة الأخري و هي تقول بجمود :


-عايز إيه ؟ إوعي تكون فاكر إن الموضوع خلص و إنك عملت إللي في دماغك و كله تمام . لازم تعرف إني وافقت علي الجواز منك عشان أحمي سمعة إخواتي و بس مش عشان أي حاجة تانية . فلو جاي دلوقتي و فاكر إني ممكن أسلملك تاني تبقي غلطان أنا مش طايقة أشوفك أصلا.


وجدته صامت ، فنظرت له بطرف عينها رأته مبتسما بحبور شديد .. رمقته "سمر" بإستغراب ، لينفجر ضاحكا و يقول :


-عارفة يا سمر رغم إننا ماعشناش فترة كبيرة مع بعض بس أنا بقيت عارفك أكتر من نفسي . إنتي فاشلة في الكدب خالص يا حبيبتي .. و أكمل ضحك


حدقت "سمر" في وجهه بشراسة و قالت :


-أنا بكرهك !


عثمان بإبتسامة مستفزة :


-Very Good الكره عاطفة جياشة من ضمن العواطف معني كده إني مستحوذ علي جزء من عواطفك.


إحتقن وجهها بالدماء من شدة الغيظ ، فهدئها بلطف :


-طيب خلاص إهدي . عموما إطمني و إنتي في حالتك دي مستحيل أقرب منك طبعا و آ ..


-مش هتقرب مني و مش هتنام جمبي أصلا .. قاطعته "سمر" بصرامة


عثمان بإستهجان :


-نعم ياختي ! أومال عايزاني أنام فين ؟ دي أوضتي و ده سريري !!


سمر ببرود :


-من بكره الصبح هاسيبلك سريرك و أوضتك و بيتك كله . همشي.


عثمان بحدة :


-الجنان إشتغل بقي صح ؟ تمشي علي فين يا حبيبتي ؟!


سمر بإزدراء :


-أي حتة بعيد عنك.


زفر "عثمان" بنفاذ صبر و قال :


-سمر صدقيني أنا خلقي ضيق جدا و في العادة ماعنديش صبر لأي حد . ماتلعبيش بأعصابي لو سمحتي عشان ماعملش حاجة أندم عليها و ماتنسيش إني لو غلط فأنتي كمان شريكتي في الغلط يعني ماتمثليش بقي و إظبطي كده خلي الحياة تبقي سهلة بينا.


نظرت له بغضب ، ليكمل بلا إكتراث :


-الليلة بس أنا هنام في أوضة اللبس بتاعتي . هكون Gentle Man معاكي للأخر و هديكي مساحة خصوصية عشان تأقلمي نفسك علي الوضع الجديد .. ثم نظر لأختها و تابع :


-بالنسبة لملك أنا وصيت الخدم يجهزوا أوضة عشانها بكره هتكون جاهزة و لما تقومي بالسلامة ممكن تختاريلها ديكور حلو.


سمر بإستنكار :


-أختي مش هتبعد عني !


عثمان بحزم :


-مش هتعرفي تاخدي بالك منها و إنتي كده . في مربية أجنبية هتيجي من بكره ترعاها و تقعد بيها هتكون هي شغلها الشاغل يعني ماتقلقيش.


كادت تفتح فمها ثانيةً لتعترض


عثمان بصرامة :


-مش عايز نقاش . كلامي مافيهوش حاجة غلط يبقي إعتراضك مالوش لازمة .. ثم أشار إلي كومة الحقائب بأقصي الغرفة و قال :


-أنا جبتلك كل هدومك من البيت علي فكرة و هدوم ملك كمان . بكره هخلي حد يفضي الشنط و هوسعلك مكان جنب هدومي.


سمر بإبتسامة ساخرة :


-شكرا.


عثمان بنفس طريقتها :


-العفو .. ثم قال بحنق :


-أنا هقوم من جمبك دلوقتي قبل أجيب أخري . مش كفاية كتفي كان هيروح عشان خاطرك !


عبست "سمر" بضيق ، فإبتسم فجأة و سألها :


-صحيح أنا فاكر إنك صوتي عليا و أغم عليكي لما شوفتيني بنزف . خوفتي عليا ؟ .. و غمز لها


نظرت له من علو و قالت بجفاء :


-أنا ماخوفتش عليك إنت . أنا كنت خايفة علي أخويا !


عثمان ضاحكا :


-و أنا مصدقك . يلا تصبحي علي خير .. ثم حني رأسه ليقبل "ملك" و هو يقول :


-تصبحي علي خير يا أنسة ملك.


إبتسمت "ملك" له و شبكت أصابعها الصغيرة في شعره و شدته إليها ..


ضحك "عثمان" من جديد و قال :


-هو يا دقني يا شعري ؟ إيه حكايتك مع وشي يابنتي ؟!


و فك أصابعها بصعوبة ، ثم ربت علي شعرها برفق ، و توجه نحو غرفة ملابسه و أغلق الباب وراءه ..


في هذه اللحظة أمسكت "سمر" بالصغيرة و هزتها بقوة لتجعلها تنظر لها ، ثم قالت بحدة :


-إنتي يا بنت . بوصيلي و إسمعيني كويس !


إلتحم حاجبي "ملك" الدقيقين ببعضهما تحت عيناها الواسعتين و هي تنظر بإستغراب لشقيقتها ، بينما أكملت "سمر" :


-الراجل ده . بطلي تضحكيله بطلي تلعبي معاه . ده مش كويس و مابيحبناش لو شوفتك ضحكتيله تاني أو لعبتي معاه مش هيحصلك طيب فاهمة ؟؟؟


إنتفضت "ملك" علي أخر كلمة و راحت شفتاها ترتجفان ... لاحظت "سمر" فجأة أنها كانت تضغط بشدة علي جلد أختها ، فوجئت بردة فعلها و قالت بصوت مخنوق :


-حبيبتي . أنا آسفة يا لوكا !


و لكن فات الآوان ، هطلت دموع "ملك" و علا صوت نشيجها المحموم .. أسرعت "سمر" لمواستها و هي تقول :


-لأ لأ . ماتعيطيش يا حبيبتي . خلاص حقك عليا . أنا ماقصدش أزعلك يا قلبي ده إنتي أغلي حاجة في حياتي .. ثم ضمتها إلي صدرها و تابعت بمرارة :


-أنا بس مش فاهمة إيه سر حبك للراجل ده ؟ حبتيه إزاي ؟ إزاي بتضحكيله و بتتبسطي كده و هو موجود ؟ إزآااي يا ملك ؟؟؟


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


يأتي صباح يوم جديد ...


ليذهب "صالح" عند "صفية" و يصر علي تناول الفطور معها بالأسفل في الحديقة .. إستسلمت "صفية" أمام إصراره الكبير و نزلت معه


بقت شاردة طوال جلستها معه ، إلي أن قاطع شرودها بنفاذ صبر :


-صافي ! و بعدين معاكي ؟ هتفضلي سرحانة كده كتير ؟؟؟


صفية بتساؤل :


-كنت بتقول حاجة يا صالح ؟! .. كان وجهها أكثر شحوبة عن أي وقت مضي


صالح بضيق :


-بقالي ساعة بحاول أخليكي تاكلي أو تتكلمي . مالك يا صفية ؟ قوليلي فيكي إيه ؟؟


تنهدت "صفية" و قالت بكآبة :


-ماليش و الله . أنا كويسة !


صالح بتهكم :


-لا يا شيخة ؟ إنتي كده كويسة ؟؟؟ .. ثم قال بغضب :


-قوليلي مالك ؟ إيه إللي مضايقك أوي كده ؟ حد عملك حاجة إمبارح ؟ حد آذاكي لما كنتوا هناك ؟؟؟؟؟


صفية بنفي سريع :


-لأ طبعا محدش عملي حاجة . عثمان كان معايا و مخلاش حد يقرب مني.


صالح بإنفعال :


-أومال مـــالك . إنتي كده هتجننيني أنا !


نظرت له "صفية" و قالت بآسي :


-يا صالح إفهم . أنا نفسيتي تعبانة من إللي حصل . إللي حصل كان حاجة في منتهي العنف . أنا و أخويا شوفنا الموت بعنينا . ماكانش عندي أي أمل إننا هنخرج عايشين من المكان ده . الدنيا إسودت في عنيا و أنا و هو محجوزين في البيت و مش قادرين نطلع منه . كنت مكلبشة فيه بأيديا كنت بحميه و بحمي نفسي . ماكنتش عارفة أفكر في حاجة ساعتها .. كل إللي فكرت إنتوا هنا . كنت عايزة أزعق بأعلي صوتي و أنادي عليكوا . اللحظات مرت ببطء شديد . أول مرة يا صالح أعرف فعلا معني الخوف و الرعب . صدقني معناهم مختلف تماما عن إللي سمع و ماجربش.


و أطرقت رأسها حزنا


مد "صالح" يده عبر الطاولة و أمسك بيدها و قال بلطف :


-صافي . إنسي يا حبيبتي . خلاص الموضوع إنتهي.


-أنا عارفة إنه إنتهي . بس هحتاج شوية وقت لحد ما إنسي خوفي إنما لو علي الموقف ده عمري ما هقدر أنساه . هفضل فكراه لحد ما أموت !


صالح بإستياء :


-بعد الشر عليكي . ماتجبيش سيرة الموت تاني سامعة ؟


صفية بإبتسامة حزينة :


-بتحبني يا صالح ؟ بتخاف عليا ؟؟؟


صالح بحب :


-أنا مابحبش حاجة في حياتي أد ما بحبك . إنتي حب الطفولة بتاعتي و لحد ما كبرت لسا بحبك . إنتي حياتي كلها يا صافي و إللي يقرب منك أنسفه.


إبتسمت "صفية" بخجل و قالت :


-و أنا كمان بحبك أووي يا صالح . ربنا يخليك ليا.


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


في غرفة "مراد" ...


يسأله والده للمرة العاشرة حتي الآن :


-يابني كلمني بصراحة إديني جواب واضح . هترجع لندن معانا و لا هتقعد هنا ؟


مراد بضيق :


-يا بابا في إيه بس ؟ إنت شاغل نفسك بيا أوي كده ليه ؟!


محمود بعصبية :


-هيقولي شاغل نفسك بيا ليه ؟ أومال لو ماكنتش أشغل نفسي بيك هشغل نفسي بمـيــــن ؟؟؟


مراد بجدية :


-يا بابا أنا لسا ما قررتش . لسا مش عارف أنا عايز أمشي و لا عايز أقعد !


محمود بغضب :


-و هو المشروع هيستني قرار حضرتك ؟ إنت فاهم أنا بحاول أعملك إيه و إنت بترفض ؟ إنت مش عايز تبني مستقبلك لولا أنا بزقك بالعافية ماكنتش هتنفع في أي حاجة.


مراد بلطف :


-طيب إهدا يا بابا عشان خاطري . أنا عارف و مقدر كل إللي بتعمله عشاني . بس أرجوك حاول تفهمني . دي مسألة متعلقة براحتي .. ثم قال بتردد :


-أنا حاسس إني مش هرتاح هناك . أنا هنا مستريح أكتر.


محمود بخشونة :


-يعني إيه ؟ مش هترجع معانا ؟ الطيارة هتقوم بكره.


هز "مراد" رأسه حائرا و تمتم :


-مش عارف !


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


تلك الآريكة اللعينة ... آلمت ظهره و أرقت نومه طوال الليل


لم يحصل "عثمان" سوي علي ساعتين فقط من النوم .. إستيقظ باكرا و للوهلة الأولى إستغرب نومه في خزانة الملابس ، قام من مكانه ببطء و حذر و إتجه نحو المرآة


كانت قلة النوم واضحة علي وجهه ، و إكتمل الأمر بأنه شعر بذراعه يلتهب و يؤلمه مجددا :


-لازم أغير عليه دلوقتي زي ما قال الدكتور .. تمتم "عثمان" لنفسه ، ثم أخذ منشفة و خرج إلي غرفته و هو يتثاءب بكسل ..


و إذا به يجدها قد إستيقطت و تتحدث بهاتفهه


إنتبهت "سمر" لوجوده ، فأنهت المكالمة سريعا و قالت بإقتضاب :


-مش معايا موبايل زي ما إنت عارف . فإضطريت أستخدم موبايلك.


عثمان بإبتسامة :


-مش مشكلة بس كنتي بتكلمي مين علي الصبح كده ؟


سمر بإيجاز :


-كنت بكلم ماما زينب . كانت بطمني علي فادي.


أومأ "عثمان" بتفهم و قال :


-أوك . بس عموما كويس إنك فكرتيني.


نظرت له بإستغراب ، بينما مضي هو نحو خزانة خشبية صغيرة ، فتحها و أخذ شيئا منها ، ثم مشي ناحيتها ..


-خدي ! .. مد لها يده بهاتف أخر حديث جدا و لكنه أقل حداثة من هاتفهه الذي إستعملته منذ قليل


سمر بتساؤل :


-إيه ده ؟


قلب "عثمان" الهاتف بين يده و هو يقول بسخرية :


-أظن كده و الله أعلم إنه موبايل !


سمر بحنق :


-عارفة إنه موبايل . جايبهولي ليه ؟؟؟


عثمان ببساطة :


-جايبهولك عشان إنتي زي ما قولتي مش معاكي موبايل .. ثم قال بجدية :


-علي فكرة هو جديد أنا ماستعملتوش غير مرتين بس و بعدين جبت الأحدث إللي نزل بعديه علطول . مافيهوش خط بس إطمني هجبلك واحد إنهاردة.


سمر بمقت :


-شكرا مش عايزاه.


عثمان بفتور :


-خديه يا سمر و ماتتعبنيش مش أحسن من الأنتيكا إللي كان معاكي ؟


نظرت له بغضب ، فقهقه بمرح و هو يلقي به في حجرها :


-خديه و بطلي عناد . إفتحيه كده و شوفي هتعرفي تتعاملي معاه و لا لأ . لو إحتاجتي مساعدة أنا موجود.


سمر بصرخة آسي :


-مش عايزة منك حاجة .. و خذلتها دموعها و إنهمرت علي وجهها


عثمان بدهشة :


-إيه الحساسية الفظيعة إللي بقيتي فيها دي ؟ أنا بهزر معاكي علي فكرة !


خبأت "سمر" وجهها بكفيها و لا زالت تجهش بالبكاء ... إقترب "عثمان" منها و حاول الإمساك بيديها دون نتيجة ، ليقول بلطف :


-سمر . أنا آسف . بجد و الله . ماتزعليش أنا مش قصدي إللي فهمتيه . سمر .. خلاص كفاية من فضلك . إنتي حساسة أووي أنا كنت بهزر و الله .. و أخذها في حضنه


سمر بصوت مكتوم :


-إبعد عني.


عثمان و هو يقلدها :


-إبعد عني . علي فكرة أنا بقيت جوزك رسمي لو كنتي نسيتي يعني .. ثم قال مازحا :


-ده قبل كده ماكنتيش تقدري تقولي كلمة زي دي . جاية بعد ما إتجوزتك بجد تقوليها ؟ طيب ياستي الورقة العرفي لسا معايا لو كده ممكن أطلعها و أوريهالك عشان ترجعي زي الأول تاني .. و ضحك


في اللحظة التالية إبتعدت "سمر" عنه و حملقت فيه بقوة متسائلة :


-الورقة العرفي لسا معاك ليه ؟؟؟




( 53 )


_ شزرا ! _


حملقت فيه بقوة متسائلة :


-الورقة العرفي لسا معاك لــيه ؟؟؟


عثمان بحيرة ممزوجة بالإرتباك :


-لسا معايا يا سمر . هتروح فين يعني ؟!


سمر بغضب :


-و محتفظ بيها ليه لما إنت إتجوزتني ؟ لسا هتعمل بيها إيه تاني ؟؟؟


تعجب "عثمان" من ردة فعلها و قال :


-هعمل بيها إيه ! مش هعمل بيها حاجة طبعا مابقاش ليها لازمة.


سمر بعصبية :


-مابقاش ليها لازمة دلوقتي لكن ليها لازمة بعدين ؟ حضرتك شايلها لوقت عوزة مش كده ؟؟؟


عثمان بحدة :


-قولتلك عشرين مرة قبل كده صوتك مايعلاش عليا لو أتكررت تاني هـ آ ...


-هتعمل إيه ؟ .. قاطعته "سمر" بتحد


-هتضربني ؟ زي ما عملت المرة إللي فاتت ؟ إضربني . إعمل فيا إللي إنت عايزه ما إنت إشتريتني بفلوسك و كل شوية لازم تفكرني بعطفك و إحسانك عليا و أنا طبعا لازم أسكت و غصب عني أفضل عبدة ليك.


نظر لها بصدمة و إنقبض وجهه غضبا .. رد بعد أن تمالك نفسه :


-إنتي إللي حصل كله أكيد لسا مأثر عليكي .. كانت لهجته مقتضبة


-أنا مش هحاسبك علي إللي قولتيه دلوقتي بس أحب أعرفك حاجة . إنتي بقيتي مراتي . بقيتي مرات عثمان البحيري . يعني خدتي إسمي و واجهت الناس بيكي . عمري ما كنت هعمل حاجة زي دي إلا إذا كنت متأكد مية في المية إنها صح . عمري ما كنت هتجوزك كده و خلاص و أضر إسم عيلتي .. أتمني تكوني فهمتي !


و قام من أمامها و مضي صوب الحمام ، لتستوقفه بسخرية :


-ما إنت كنت متجوز قبل كده و طلقتها . بس طلقتها عشان جرحت رجولتك مش عشان ضرت إسم عيلتك .. و تابعت بمرارة :


-إنما أنا بقي الصدفة وقعتني في طريقك .. عشان تدمرني و تحس بينك و بين نفسك إنك رديت كرامتك.


إشتدت عضلات فكيه و هو يجاهد للمحافظة علي هدوئه ، إنها تتعمد إثارة أعصابه و هو لا يعلم إلي متي سيظل يتحملها !!!


لزم الصمت و أكمل طريقه نحو الحمام ، ليهتز كل شئ ساكن عندما صفق الباب بعنف من خلفه .. و لكن هي ، لم تهتز ...


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


كانت تمشي صوب غرفته بخطوات مترددة ... علي ثغرها إبتسامة خجلة ، كانت تمسك في يدها لوحتها الفريدة التي تابعتها بدقة و لم تتركها إلا و هي مكتملة


دقت بابه و إنتظرت للحظات ، فتح لها "مراد" و إنفرجت أساريره بشدة عندما رأها ..


مراد بإبتسامة عريضة :


-هالة ! . أهلا . إزيك يا هالة عاملة إيه ؟؟


هالة بصوتها الرقيق :


-الحمدلله يا مراد . كويسة ! .. و تفادت النظر إلي عيناه حتي لا تزداد إرتباكا


-إيه خير ؟ .. تساءل "مراد" و هو يشملها بنظرات مبتهجة


-كنتي عاوزاني في حاجة ؟!


و أخيرا نظرت "هالة" إليه :


-أيوه . كنت جاية أوريلك حاجة !


-يا تري إيه ؟؟؟


-طيب ممكن أدخل ؟ .. سألته بتردد ، لتتلاشي إبتسامته و يجيبها غير واثقا :


-أه . أه طبعا . إ إتـ إتفضلي ! .. و أفسح لها مجالا للدخول


تمر "هالة" بمحاذاته ببطء و إستحياء ، و إذا بها ترفع اللوحة بعد أن أغلق الباب و تديرها ليري صورته المرسومة بمنتهي الدقة و الإبداع ..


مراد بذهول :


-إيه ده يا هالة ؟ .. ده أنا ؟؟!!


توردت "هالة" خجلا و أومأت له مبتسمة :


-أيوه .. إيه رأيك ؟؟؟


مراد و هو يتأمل الصورة بإعجاب شديد :


-تحفة . روعة .. جميلة جدا يا هالة . زي ما تكون صورة حقيقية مش رسمة ... ثم إبتسم و قال مداعبا :


-بجد ماكنتش أعرف إنك رسامة جامدة أوي كده . و لا بيكاسو في زمانه.


ضحكت "هالة" بدلال و قالت :


-يآااه بيكاسو مرة واحدة ؟ مش للدرجة دي يا مراد.


-لا والله للدرجادي و نص . إنتي يابنتي مش عارفة قيمة نفسك . لكن عموما شكرا علي تعبك.


-ماتقولش تعب . طول ما أنا برسم مش بتعب . و كمان ماتقولش شكرا .. أنا كنت مبسوطة و أنا برسمك ! .. نطقت الجملة الأخيرة بخجل شديد


لتتلاشي إبتسامة "مراد"للمرة الثانية ، و لكن السبب كان مختلف الآن ..


-مالك يا مراد ؟ .. تساءلت "هالة" بقلق عندما أطال في صمته


-أنا قلت حاجة ضايقتك ؟


مراد بإبتسامة حزينة :


-لأ . لأ يا هالة ماقولتيش حاجة . و أنا مش مضايق خالص.


هالة بحيرة :


-أومال مالك ؟!


تنهد "مراد" بثقل و أجابها :


-أنا مسافر بكره يا هالة.


هالة بصدمة :


-بتقول إيه ؟ .. مسافر ؟؟؟؟


مراد و هو يراقب إنفعالاتها بتركيز :


-أه يا هالة . مسافر . هرجع لندن مع بابا و ماما.


نظرت له بصمت طويل .. و عندما تكلمت قالت بدهشة :


-حتي إنت كمان ! .. كان صوتها هامسا ، لكنه سمعها بوضوح


مراد بإستغراب :


-قصدك إيه يا هالة ؟!


هزت "هالة" رأسها قائلة بهدوء :


-و لا حاجة . مش قصدي حاجة يا مراد .. إتفضل اللوحة.


مد "مراد" يده و أخذ اللوحة منها ، لترسم إبتسامة خفيفة علي ثغرها و تقول :


-حافظ عليها بقي أهي تذكار يفكرك بيا . مع السلامة يا مراد.


و مشت عدة خطوات ..


-إستني يا هالة ! .. صاح "مراد" ليوقفها


إلتفتت له "هالة" فسألها :


-هنبقي نتكلم صح ؟


هالة بإبتسامة :


-أكيد .. ثم خرجت لتعود من حيث آتت


-دايما من طرف واحد ! .. تمتمت "هالة" لنفسها ، و تابعت بكآبة :


-العيب فيا و لا فيهم ؟؟؟


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في غرفة "عثمان" ...


يخرج من الحمام متدثرا بالروب المجفف ، تفوح منه الروائح الطيبة .. تظاهر بتجفيف شعره و لم يعير "سمر" ذرة من إهتمامه و تصرف كما لو أنها غير موجودة


و لكنها في الحقيقة لم تبالي به و راحت تعتني بأختها .. كانت تطعمها أخر ملعقة ملأتها من الصحن عندما دق باب الغرفة و ذهب "عثمان" ليفتحه


و كانت الخادمة ..


عثمان بتساؤل :


-نعم !


الخادمة بتهذيب :


-عثمان بيه الممرضة إللي من طرف دكتور رؤوف وصلت تحت و كمان الـBabysitter جت و مستتية علي البوابة برا  عند الآمن حضرتك.


عثمان بجدية :


-قولي للآمن يدخلوها و هاتيهوهملي هنا هما الإتنين.


الخادمة :


-تحت أمرك يا بيه ! .. و إنصرفت


لتعود بعد قليل و بصحبتها آنستان ناضجتين بدت كلا منهما قريبة من عمر الأخري ..


إقترب "عثمان" منهما و خاطب المربية أولا :


-إزيك يا مس تانيا ؟!


تانيا بلكنة إنجليزية :


-الهمدلله مستر آوثمان . إنتي إزي هضرتك ؟


عثمان بإبتسامة :


-أنا تمام شكرا يا مس تانيا . شرفتيني و نورتي بيتي.


تانيا و هي تبادله الإبتسامة :


-منور بيكي . Thanks .. ثم سألته :


-أومال فين الـBaby إللي كلمتني آشانها مستر آوثمان ؟!


إلتفت "عثمان" و أشار نحو "سمر" التي إنتقلت الآن و جلست في ركن الإستقبال :


-مس تانيا أقدملك مدام سمر مراتي و دي تبقي أختها الصغيرة . الطفلة إللي كلمتك عنها.


إبتسمت "تانيا" بود و قالت بصوت مرتفع قليلا :


-Good morning مدام سمر . إزي حضرتك ؟


لم ترد "سمر" لا علي تحيتها أو إبتسامتها ، بل نظرت لها شزرا .. إذ كانت جميلة جدا ، جميلة إلي حد الإيلام


شقراء ، عيناها زرقاواتان واسعتان ، وجهها أبيض و أحمر مثل الفراولة ... جمالها لا يطاق !


-مس تانيا بتتكلم عربي كويس أوي يا سمر .. قالها "عثمان" و هو يقترب من "سمر" و تابع :


-هتعرفي تتعاملي معاها و مش هتقابلك أي مشكلة.


سمر بإستخفاف :


-حتي لو مش بتتكلم عربي . حد قالك عليا جاهلة ؟!


رمقها "عثمان" بإبتسامة جانبية و قال بصوت ناعم :


-أنا مش قصدي . كنت بحاول أشرحلك بس !


سمر بإبتسامة باهتة :


-شكرا ليك .. ثم أشاحت بوجهها للجهة الأخري


إتسعت إبتسامة "عثمان" ليلتفت إلي "تانيا" في اللحظة التالية و يقول بلطف زائد :


-مس تانيا . حضرتك ليكي أوضة مخصوصة بس Sorry مش هتكوني فيها إلا يوم أجازتك و باقي الأيام هتكوني مع ملك في أوضتها.


أومأت "تانيا" قائلة :


-Never mind  مستر آوثمان مافيش مشكلة ..  ثم مالت برأسها لتنظر نحو الصغيرة "ملك" :


-Oh my goodness . She is a very beautiful girl !


و مضت صوب الشقيقتان و مدت ذراعيها نحو "ملك" و هي تقول :


-مدام سمر May i ( تسمحيلي ) ؟!


لوت "سمر" ثغرها بإمتعاض و ناولتها "ملك" ..


حملتها "تانيا" بسهولة و حرص و هي تغمغم بسعادة :


-أوه . إنتي جميلة أوي أوي . إهنا هنلـآب سوا كتـيييير كتـييير .. و راحت تؤرجحها بخفة ، ثم نظرت إلي "عثمان" و قالت :


-إطمني مستر آوثمان . الـGirl هتكون Safety ( في آمان ) معايا مش تخافي عليها إنتي و مدام سمر.


عثمان بإبتسامة :


-شكرا يا مس تانيا.


-فين بقي آوضة إللي قولتي عليها ؟؟


في هذه اللحظة نادي "عثمان" الخادمة و آمرها بإيصال "تانيا" إلي الغرفة الخاصة بـ"ملك" و بعد ذلك إلتفت إلي الممرضة الواقفة بمكانها في هدوء تام ..


عثمان بإعتذار :


-أنا آسف يا آنسة خليتك تنتظري و أكيد عطلتك !


الممرضة بإبتسامة لطيفة :


-لأ أبدا يا عثمان بيه و لا يهمك . أنا تحت أمر حضرتك.


عثمان بصوت هادئ :


-شكرا كلك ذوق.


الممرضة بنبرة رقيقة :


-حضرتك حاسس بإيه إنهاردة ؟ الخياطة تعباك و لا حاجة ؟؟


عثمان و هو يتحسس كتفه من فوق رداء الإستحمام :


-في الحقيقة تعباني أه و ماعرفتش أنام طول الليل.


-لأ ألف سلامة علي حضرتك . أنا ههتم بالموضوع ده ماتقلقش و أنا بغيرلك علي الجرح هحطلك مخدر موضعي مش هيخليك تحس بأي آلم.


-أوك . طيب تحبي تشوفي شغلك فين ؟ أقصد يعني تفضلي أكون قاعد علي السرير و لا فين بالظبط ؟!


الممرضة بإرتباك شديد عندما إلتقت عيناها بعينا "سمر" الملتهبتين :


-حـ حضرتك ممكن . ممكن تقعد هناك جمب المدام !


و أومأت بذقنها إلي كرسي فارغ بجانب "سمر" ..


في هذه اللحظة صوب "عثمان" نظراته نحو زوجته ، بينما حاولت "سمر" إستعادة تعابير وجهها الطبيعية لكنها لم تستطع إخفاء العذاب الظاهر في عينيها


إبتسم "عثمان" بخبث ، فزمت شفتاها بغضب و نظرت للجهة الأخري ، ليهتز جسده بقوة و هو يحاول بصعوبة كبت ضحكة مجلجلة ... !!!



                الفصل الرابع والخمسون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


 

تعليقات



<>