رواية عزلاء امام سطوة ماله الفصل الخمسون50 والحادى والخمسون51 بقلم مريم غريب

رواية عزلاء امام سطوة ماله 

الفصل الخمسون والحادى والخمسون

بقلم مريم غريب


( 50 )


_ فرد جديد ! _


في قصر آل"بحيري" ... يقف كلا من "رفعت" و "مراد" أمام جناح "عثمان" ينتظران خروجه بصبر نافذ ليتحدث و يشرح أسباب كافة الأحداث التي وقعت اليوم


ينضم "صالح" لهما فيما بعد ... كان آتيا من غرفة "صفية" تركها لتنام بعد أن هدئها و إطمئن عليها :


-أومال فين الباشا ؟؟؟ .. تساءل "صالح" بتجهم ، ليرد "مراد" بملامح عابسة و قد بدا مستغرقا في التفكير :


-لسا جوا مع الدكتور !


صالح بحنق :


-الغبي الحيوان . كان هيضيع أخته . أنا لحد دلوقتي مش مصدق إنه عمل كده و غامر بيها . إزاي بقي بالغباء ده فجأة ؟؟؟


رفعت بصوت صارم :


-خلاص بقي يا صالح . إحنا لسا مانعرفش إيه الحكاية بالظبط . لما يطلع هيحكلنا.


صالح بإنفعال :


-و هو لسا هيحكي ؟ ما خلاص كل حاجة إتعرفت . البيه كان متجوز عرفي و الدنيا كلها كانت عارفة . إحنا بس إللي كنا نايمين علي ودنا غفلنا حضرته.


كان أول صعق لهذه التصريحات هو "مراد" ... بالطبع أنه يعرف صديقه جيدا و يتوقع منه أي شئ ، و لكن الزواج العرفي !!


-إنت عرفت الكلام ده منين يا صالح ؟ .. قالها "مراد" بتساؤل


صالح بإمتعاض :


-صافي حكتلي . و قالتلي كمان إن الخبر كان هيتنشر في الجرايد بس الباشا لحقه.


رفعت بصدمة :


-كل ده حصل من ورانا ؟ و من ورا أبوه لما كان عايش ؟؟!!


صالح بغيظ شديد :


-بني آدم أناني و غبي . و كلكوا إللي شجعتوه علي كده من كتر ما كنتوا بطرمخوا علي بلاويه و بتسكتوا.


رفعت بضيق ممزوج بالعصبية :


-خلاص يا صآالح . كفاية لو سمحت و لما يخرج مش عايزك تتكلم سامع ؟!


يخرج "عثمان" في هذه اللحظة مع الطبيب .. و يسمع الجميع التوصيات التي شدد عليها الرجل المسن :


-هي بخير يا عثمان بيه ماتقلقش . بس أهم حاجة ترتاح خالص طول الفترة الجاية و لازم تواظب علي الڤيتامينات و تتغذي كويس عشان البيبي.


يتجاهل "عثمان" همهمات الصدمة المتصاعدة من حوله و يتابع مع الطبيب :


-يعني خلاص يا دكتور مافيش أي خطر عليها أو علي البيبي ؟؟؟


الطبيب بجدية :


-بإذن الله لأ مافيش خطر . أهم حاجة بس زي ما قلت لحضرتك لازم توفرلها الراحة التامة و تاخد العلاج في معاده . و حضرتك كمان لازم تغير علي دراعك كل يوم و بعد إسبوع هبقي أشوفك إن شاء الله.


عثمان بإبتسامة خفيفة :


-شكرا يا دكتور .. ثم نظر إلي "مراد" و أكمل :


-مراد وصل الدكتور لو سمحت !


رمقه "مراد" بنظرة متصلبة ، لكنه نفذ طلبه و تقدم الطبيب ليوصله عند الباب حتي لا يتوه بمتاهة هذا القصر الخرافي ..


-ممكن بقي تفهمني إيه الحكاية بالظبط يا عثمان ؟ .. قالها "رفعت" بصوت حاد بعض الشئ


نظر له "عثمان" و قال بفتور :


-حكاية إيه ؟ مافيش حكاية يا عمي.


رفعت بإنفعال :


-يعني إيه إللي مافيش حكاية ؟ أومال الكوارث إللي حصلت إنهاردة دي تبقي إيه ؟ و أختك إللي كانت هتضيع ؟ و سيادتك إللي كنت هتتقتل ؟ يابني إتكلم و فهمني عشان لو واقع في مشكلة أعرف أساعدك.


تنهد "عثمان" و قال ببرود :


-إطمن يا عمي . أنا ماعنديش أي مشاكل.


رفعت بحنق :


-طيب علي الأقل قولي مين دول إللي أصريت تجيبهم هنا معانا !!


صمت قصير ... ثم قال "عثمان" بجدية تامة :


-إللي أصريت أجيبهم هنا يبقوا مراتي و أهلها.


رفعت بذهول :


-يعني صحيح إتجوزت منغير ماتقولنا ؟؟؟


حك "عثمان" رأسه بتفكير و قال ببطء :


-يعني .. مش بالظبط كده . بس هي مراتي و بكره الخبر هينزل في الجرايد.


كاد "رفعت" يقول شيئا أخر ، ليسرع "عثمان" و يقاطعه بصرامة :


-عـــمـــي ! . الست إللي جوا دي تخصني أيا كانت طريقة إرتباطي بيها . و أيوه حصل سوء تفاهم إنهاردة بس إتحل . و كل حاجة هتتحل و إللي حصل مش هيتكرر تاني . إطمن .. ثم أكمل بنبرته المخملية :


-و دلوقتي بقي هطلب من حضرتك تكلم المأذون.


رفعت بإستغراب :


-مأذون ؟ و عايز المأذون ليه يابني ؟!


عثمان بإبتسامة :


-عشان يكتب كتابي.


رفعت بتعجب :


-إنت مش قلت إنك متجوز ؟؟!!


يميل "صالح" علي والده في هذه اللحظة و يتمتم بغيظ و هو يصوب نظراته المحتقنة إلي "عثمان" :


-أنا مش لسا قايلك إنه متهبب متجوز عرفي . أكيد عايز يحول الجواز من عرفي لرسمي !


زم "رفعت" شفتاه و قال بإقتضاب :


-أوك يا عثمان . هكلم المأذون حاضر.


أومأ "عثمان" رأسه مستحسنا ، ثم سأله :


-أومال فين أخوها و أختها صحيح ؟ وديتوهم فين ؟؟؟


رفعت بنفاذ صبر :


-أخوها في الجناح القديم إللي تحت و أختها مع هالة في أوضتها.


إشتدت عضلات فك "عثمان" و هو يحاول أن يداري إبتسامة قبل أن تظهر ، و قال :


-أوك . شكرا يا عمي . أنا رايح أبص علي صافي دلوقتي تكون حضرتك كلمت المأذون.


و مشي عبر الرواق الطويل قاصدا غرفة أخته ...


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


في غرفة "صفية" ...


تخرج من مرحاضها المستقل و هي ترتدي قميص نومها المنسوج من الحرير .. تمشي صوب سريرها و تتهالك فوقه ، لم تنسي أن تأخذ حبة المنوم التي طلبتها من الطبيب


قد تكون الليلة هادئة و الوضع علي ما يرام الآن ، و لكنها هي ليست علي ما يرام إطلاقا ..


أطفأت نور الغرفة و راحت تحاول النوم ، و لكن أعصابها لا تزال مشدودة ..


أطلقت تنهيدة حارة و أخذت تتأمل السقف العال في إنتظار أن يثقل جفناها من تأثير الحبة التي إبتلعتها


سمعت طرقا خفيفا علي باب الغرفة ..


-إدخل ! .. قالتها "صفية" بصوت ضعيف


-نمتي يا حبيبتي ! .. و إنفتح الباب قليلا ، لتري "عثمان" و الضوء الخارجي منعكس علي وجهه و ذراعه الملفوف بالشاش و المعلق برقبته


-ممكن أدخل ؟! .. سألها بتردد


صفية بصوت متحشرج :


-أه طبعا . تعالي يا عثمان.


ولج "عثمان" و مشي ناحيتها و هو يقول :


-إنتي مالك مضلمة الأوضة كده ؟


أضأت "صفية" مصباحا صغيرا بجانبها و غمغت بتعب :


-بساعد نفسي علي النوم . كان يوم Distressful ( عصيب ) أووي . المهم قولي دراعك عامل إيه ؟


عثمان بشئ من الإرتباك :


-كويس !


إستغربت "صفية" مظهر الإحراج الذي بدا علي أخيها ، فقالت بإستغراب :


-إيه يا عثمان ؟ مالك يا حبيبي ؟؟؟


أطرق "عثمان" رأسه بخزي و قال :


-أنا آسف يا صافي . آسف علي كل لحظة خوف و رعب إنتي عشت




( 51 )


_ هزيمة ! _


نزلت "سمر" مع "عثمان" بعد أن قامت بغسل وجهها و أرتدت حچابها ثانيةً ..


كانت تعرج و هي تمشي ، فأجبرها علي الإستناد إليه غير عابئ برفضها ، تابع مع خطواتها بتمهل و صبر بينما كانت هي في عالم أخر


كانت تنظر حولها بإنبهار شديد ، هي تعلم جيدا أنه ثري ثراء فاحش تعلم أنه يملك كل شيء و قد رأت بعينها بعض مما يملك


و لكن هذا القصر الفخم كان بعيدا عن خيالها تماما .. المساحة شاسعة ، الأضواء متناسقة مبهرة للأبصار ، الديكور منه الأثري و العصري و بمختلف الأشكال ، و اللوحات المنتشرة علي الجدران كلها يعود تاريخها للعصور الوسطي


شعرت "سمر" بإنها وقعت بكتاب يروي إحدي الأساطير الخرافية


أخيرا وصلت بصحبة "عثمان" لغرفة الصالون الكبيرة و التي لا تقل فخامة عن بقية القصر

تعلقت بها العيون عند دخولها و تباينت ردود الأفعال ..


نظرات توتر فقط من عيون ثلاثة أشخاص صوبت نحوها ... "رفعت" و "صالح" و "مراد" ..


كان "فادي" وحده الذي جلس محاصرا بأفراد الحراسة مختلفا عنهم

كان يرمقها بإزدراء شديد ، لقد خلا من العنف و الوحشية الآن ، لكنها شعرت بعدم قدرتها علي تحمل نظراته


ليته يفعل أي شئ أخر ، ليته يقتلها ، و لكن هذه النظرة صعبة جدا .. لا يجب أن تأتي منه هو ..


كانت "زينب" تقف بجانبه تضع يدها علي كتفه و تربت عليه بلطف ، بينما مضي "عثمان" بـ"سمر" وسطهم و أجلسها في كرسي قريب منه


كان المأذون حاضرا و المصور الذي طلبه أيضا ، لكن "رفعت" سأله مرة أخري :


-هنكتب الأول يا عثمان و لا إيه ؟!


عثمان بصوت هادئ :


-لأ يا عمي هناخد الصور الأول .. ثم نظر إلي الشاب الممسك بالكاميرا و قال :


-تعالي يابني . شوف هتصورنا إزاي بس خد بالك الإصابة إللي في دراعي دي مش لازم تظهر في الصور و المدام كمان مش هتقدر تقوم من مكانها.


المصور بإبتسامة :


-تحت أمرك يافندم . طيب معلش حضرتك هتيجي كده من الناحية التانية و هتميل شوية بس ... أيوه . شمال سنا . راسك فوق . إبتسامة صغيرة . بــــس كده تمام أوي.


و صوب العدسة نحوهما و كاد يلتقط الصورة الأولي ، لكنه توقف فجأة و قال بإرتباك :


-من فضلك يا مدام ممكن تبتسمي شوية بس ؟


إزداد إضطراب "سمر" عندما أحست بالنظرات تتأملها أكثر ، ليحثها "عثمان" و هو يهمس في أذنها بنعومة :


-سمر . إبتسمي يا حبيبتي . يلا عشان ننجز !


تحاشت "سمر" النظر في عيونهم جميعا ، ركزت فقط علي عين الكاميرا .. بذلت جهد كبير حتي نجحت في رسم إبتسامة خفيفة علي ثغرها ، و رغم أن وجهها خاليا من مساحيق الزينة إلا إن جمالها الطبيعي طاغي في كل وقت و آن


إنها مجبورة علي كل هذا ، لولا أنها تخشي الفضيحة و تخشي علي مستقبل أخيها و أختها ما كانت لتقبل أبدا أن تقوم بأي من هذا ..


إلتقط المصور ثلاثة صور لهما علي نفس هذا الوضع ، عرضهم علي "عثمان" ليختار واحدة منهم لتكون مرفقة بعنوان الخبر ، فإختار "عثمان" الأولي .. كانت إبتسامة "سمر" واضحة أكثر فيها


-يلا بقي يا عثمان عشان نكتب الكتاب .. قالها "رفعت" بنفاذ صبر


-مولانا إتأخر و إحنا جايبنه في ساعة زي دي !!


إبتسم "عثمان" و مشي ناحية المأذون


كانت "سمر" تسمع كل شئ ، و لكنها لم تجرؤ علي المشاهدة ، إذ كان صوت أخيها الجاف و المقتضب بالنسبة لها كالطعنات بالضبط ..


-تعالي يا عروسة عشان تمضي ! .. قالها المأذون بإبتسامة ، ليتطوع "عثمان" و يأخذ لها الدفتر و القلم حتي تمضي و هي في مكانها


أخذت منه القلم بدون أن تلمس يده ، مضت بإسمها ثم غمست إصبعها في الحبر و بصمت علي الورق


إنتهي عقد القران أخيرا و إستأذن المأذون و ذهب

بينما قام "فادي" من مكانه فجأة ليتأهب له الجميع بنظرات متوجسة ..


فادي بصوت حاد :


-المسرحية خلصت خلاص ؟ عايز أختي الصغيرة . هاتوهالي.


ترتجف "سمر" بخوف عندما قال أخيها ذلك


شعر "عثمان" بها فأحاط كتفها بذراعه و رد بهدوء شديد :


-قولتلك يا فادي . عايز تمشي إمشي . لكن سمر و ملك هيفضلوا هنا.


توهجت نظرات "فادي" ليقول بغضب :


-إنت فاكر إنك ممكن تمنعني أخد أختي ؟ ده أنا أوديك في ستين داهية.


عثمان بثقة :


-ملك هتفضل هنا مع أختها . هنا أفضل كتير بالنسبة لها . بص حواليك . هنا كل حاجة متوفرة . هنا مش هينقصها حاجة.


فادي بحدة :


-و إنت فاكرني مش هقدر أوفر لأختي إحتياجاتها ؟ حتي لو . مستحيل أسيبها عند واحد و×× زيك.


تمالك "عثمان" نفسه و غض النظر عن الإهانة و قال بصرامة :


-ملك مش هتمشي معاك يا فادي . بس ده مش معناه إنك مالكش حق فيها . كل ماتحب تشوفها إتفضل في أي وقت.


إحتدم "فادي" غضبا و قال بتهديد :


-مش هسكت . مش هاسيبك !


و إستدار دافعا من أمامه بقوة أفراد الحراسة و ذهب ، لتتبعه "زينب" فورا بدون تفكير ..


لمس "عثمان" خد "سمر" :


-كل حاجة بقت كويسة دلوقتي ! .. كان صوته هامسا


-إحنا بقينا مع بعض . أنا مش هاسيبك أبدا.


كان داخل "سمر" مضطربا بالرعب و الآسي ، و لم تصدق قوله بأن كل شئ بات بخير .. تري ماذا سيفعل "فادي" ؟؟؟؟؟


قاطع شرودها إنحناء "عثمان" عليها ..


سمر بإستغراب :


-إنت بتعمل إيه ؟!


حملها "عثمان" في هذه اللحظة دون عناء رغم إصابة كتفه ، لتصرخ بإحتجاج :


-إيه ده نزلني !


عثمان بلطف ممزوج بالحزم :


-إهدي . هطلعك فوق عشان ترتاحي.


سمر بغضب :


-نزلني أنا هعرف أمشي .. و حاولت التخلص منه بلا فائدة ، بالطبع لن تقوي عليه


تمتمت بغيظ ممزوج بالخجل الشديد :


-إللي قاعدين دول يقولوا إيه ؟؟؟


ضحك "عثمان" بمرح و قال بصوت مرتفع ليسمعه الجميع :


-يقولوا راجل و مراته و بعدين طز في أي حد.


و أخذها و صعد للأعلي وسط دهشة و ذهول عمه و إبن عمه و صديقه المقرب ...


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في منزل المعلم "رجب" الجزار ...


يجلس "خميس" في غرفته وحيدا مكتئبا


يتذكر مرارا موقف هزيمته ، الهزيمة الوحيدة بحياته كلها ، و التي كانت بمثابة الضربة القاضية ..


Flash back


أمسك "عثمان" بـ"سمر" الملقاة أرضا و فاقدة وعيها ، ثم ضمها إلي صدره بحركة إستحواذية كإعلان عن ملكيته لها


نظر للضابط و قال بصوته العميق :


-الست دي مراتي يا حضرة الظابط . حصل بينا سوء تفاهم و أنا جيت عشان رجعها البيت.


الضابط بتهذيب :


-مفهوم يا عثمان بيه . بس الإصابة إللي في كتف سيادتك دي مين السبب فيها ؟ حد من الموجودين ؟؟


إستعد "خميس" في هذه اللحظة و تحرق شوقا لنطق "عثمان" بالكلمات ، فهذا شئ يشرفه و لو سنحت له الفرصة لكان قتله و ذبحه مثلما يفعل بالأضحيات ..


-محدش سبب فيها يا حضرة الظابط .. قالها "عثمان" بصوت خال من أي تعبير


-دي مجرد حادثة غير مقصودة !


تنفست "نعيمة" الصعداء عندما نفي "عثمان" التهمة عن إبنها ، بينما كاد "خميس" أن يصرخ و يثبتها علي نفسه ليلكزه أبيه في كتفه و يرمقه بنظرة تحذيرية ..


الضابط بإلحاح :


-إنت متأكد يافندم ؟ يعني مافيش خطر علي حضرتك هنا ؟ البلاغ إللي جالنا من الأهالي هنا قال إن حضرتك في خطر !


عثمان بإبتسامة باهتة :


-مافيش خطر يا حضرة الظابط . إطمن أنا في وسط أهلي.


و أشار بالأخص إلي عمه و "صالح" و "مراد" و دزينة الحراسة التي تكاد تسد الشقة الصغيرة من هول أحجامها ..


الضابط بإبتسامة :


-طيب ياباشا . إللي تشوفه . إحنا هنمشي دلوقتي بس لو حصل أي حاجة بلغنا هنرجع فورا.


عثمان بثقة :


-مافيش حاجة هتحصل.


و بعد ذهاب أفراد الشرطة يأمر "عثمان" طاقم الحراسة بأخذ "فادي" إلي السيارة ، رغم أن الأخير قاومهم لكنه لم يصمد أمامهم طويلا ..


تدخل "رفعت" عند هذا الحد :


-ممكن أفهم إيه إللي بتعمله ده ؟؟؟ .. كانت الحدة تغلف صوته


عثمان ببرود :


-هفهمك بعدين يا عمي .. ثم نظر إلي "مراد" و تابع :


-مراد من فضلك خد ملك و إسبقنا علي تحت .. و أشار إلي الطفلة الصغيرة التي حملتها "شهيرة" بين ذراعيها


زينب صائحة بغضب :


-إنت بتعمل إيه يابني إنت ؟ واخد العيال علي فين ؟ محدش فيهم هيخرج من هنا و فادي لو مارجعش إنت حر !


لم يعيرها "عثمان" إهتماما و حث صديقه بهدوء :


-يلا يا مراد .. ثم قال بنبرة ذات مغزي و هو يصوب نظراته إلي "زينب" :


-يلا قبل ما الموضوع يوسع أكتر من كده . البوليس لسا قريب.


رمقته "زينب" بغضب شديد ... إنه يهددها


مد "مراد" ذراعيه ليأخذ "ملك" فناولته "شهيرة" إياها بتردد و هي تنظر إلي "زينب" العاجزة عن التفوه في هذا الوقت ..


تابع "عثمان" كلامه :


-و إنت يا صالح خد صفية و علي تحت إنت كمان.


كان "خميس" يشاهد كل هذا و هو يتلوي بين الأيادي الممسكة به ، يزمجر تارة و يغمغم بكلمات غير مفهومة تارة أخري ، كم أراد أن يتحرر من هذه القيود و ينقض عليه خاصة عندما وجده يحملها و يتجه بها إلي الخارج


كان عاجزا بدوره .. والده و الرجال المواليين له ، جميعهم تجمعوا ليكبحوه حتي لا يرتكب جرما ، فهو طائش و خطير مثالا يحتذي به حقا في التهور و الأفعال الدموية ...


Back


بعد قليل تدخل والدته إليه هي تزيل عن وجهها دموع الحزن ... تقترب منه و تمسح علي شعره بحنان قائلة :


-إيه يا خميس ؟ مش هتيجي تتعشا معانا يابني ؟!


خميس بعصبية :


-مش عايز أطفح . سيبيني في حـآاالي.


نعيمة بحزن شديد :


-يابني ماتعملش كده في نفسك إللي خلقها ماخلقش غيرها و لا إيه ؟؟؟


هب من مكانه صارخا بإنفعال :


-يووووووه إنتي مش هتسكتي أبدا . عايزة إيه يعني ؟ عايزاني أسيبلك البيت و أهج عشان ترتاحي ؟؟؟


نعيمة بذعر :


-لأ لأ . لأ يا خميس ده إنت حبيبي يابني أنا مقدرش أعيش منغيرك ياضنايا . إنت إللي طلعت بيك من الدنيا يابني .. و إختنق صوتها في العبارة الأخيرة لتجهش بالبكاء


جاء صوت "رجب" الصارم و هو يقف عند عتبة الباب :


-تعالي يا نعيمة . تعالي و سيبه دلوقتي . هو هيهدا لوحده.


تنهدت "نعيمة" بآسي و إنصاعت لزوجها


تركت "خميس" وحده ، ليعيد إستعراض نفس الأحداث من جديد ، و يتألم في صميم نفسه و رجولته في كل مرة ...


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


عند "سمر" ...


بعد أن تركها أخيرا و ذهب ليطمئن علي أمه ، أخذت تتجول ببصرها في جناحه الفخم الذي تشيع فيه الكلاسيكية إلي حد كبير


حيث السجاد التركي المحاك من الحرير ، و الأثاث الإنجليزي المذهب ، و النوافذ الطويلة ذات الإطلالة البانورامية الآسرة ..


قاطع شرودها دخول فتاة في مقتبل عمرها


كانت جميلة إلي حد ما ، لكن "سمر" توترت عندما رأتها و في نفس الوقت إبتسمت و غمرتها الراحة لأن "ملك" كانت معها ..


-مساء الخير ! .. قالتها "هالة" بصوتها الرقيق


سمر بشئ من الإرتباك :


-مساء النور !


وضعت "هالة" الصغيرة "ملك" بحضن شقيقتها و قالت بإبتسامة :


-أنا هالة . بنت عم عثمان.


سمر بضيق :


-أهلا !


هالة بحذر :


-أنا آسفة لو كنت جيت و ضايقتك . الداده كانت هتجبلك الصغنونة بس بصراحة أنا إللي ماقدرتش أقاوم فضولي و جيت عشان أشوفك كويس.


رمقتها "سمر" بغرابة ، فضحكت "هالة" و قالت بمرارة خفية :


-أصل لما عثمان جابك من شوية كنتي فاقدة الوعي و ماعرفتش أشوفك كويس . هو كان خايف عليكي أوي و رغم الجرح إللي في دراعه مخلاش حد يلمسك و أصر يشيلك و يطلعك بنفسه لحد هنا.


نظرت لها "سمر" بصمت ، لتكمل "هالة" و تقر و هي تشعر بألم يجيش بداخلها :


-عثمان عنده حق يحبك . إنتي حلوة أوي فعلا رغم إني ماعرفش إنتوا إرتبطوا إزاي و كمان ماعرفش إيه حكايتكوا و إيه إللي حصل إنهاردة بس هو بجد بيحبك . أنا شوفت ده في عينه .. أول مرة أشوف عثمان كده !


آتي صوت "عثمان" في هذه اللحظة :


-أول مرة تشوفيني كده إزاي يا هالة ... ؟؟؟



              الفصل الثانى والخمسون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا



 

تعليقات



<>