رواية لمن القرار
الفصل الحادى والثلاثون31
بقلم سهام صادق
رفع عينيه نحو ذلك المبنى بعدما تأكد من العنوان..
إنه هنا في فينيسيا من أجلها... صعد الدرجات القليلة الفاصلة بين المبنى والشارع ومن ثم صعد الدرج حتى الطابق الرابع ينظر للشقتين المقابلتين لبعضهم...
إلتقط أنفاسه التي أخذت تتسارع وكأنها تشتاق، ثواني مرت وهو يقف هكذا شئ يخبره أنه فعل الصواب وشئ يدفعه أن يتراجع
كاد أن يرفع يده حتى يدق جرس الباب... فانفتح الباب ببطء وتعلقت عيناه بها ينظر إلى تفاصيلها التي أشتاق إليها يهتف اسمها كما هتفت هي اسمه
- جيهان
..........
- مراتك فين يا حامد... مبقتش أشوفها ليه هي وابنها
تجمدت عينيه نحوها ثم عاد لأرتشاف قهوته
- طلقتها!
شهقت شهيرة بخفوت تنظر إليه ببعض الدهشة ولكن سرعان ما زالت دهشتها وارتسمت السعادة فوق محياها فها هي تخلصت من دينا فقد كانت تخشي أن يُنجب شقيقها منها ويضيع كل شئ من يدها
اتخذت الأمر مزحة لم تعجب حامد الذي رمقها ساخرًا
- مكانتش لايقة عليك الصراحه يا حامد
- ولا ابن النجار كان لايق عليكي... أكيد أنتي عارفه السبب
تجهم وجهها وقد فهمت مقصده وقد جرح أنوثتها
- سليم عمره ما فرق معاه فرق السن بينا يا حامد...صحيح هو محبنيش بس عمره ما جرحني... عشان كده سيبتله بنتي هو يربيها هيبقى احن عليها مني ومنك يا حامد
ارتفعت شفتيه مستنكرًا تلك الخطبة العظيمة التي تمدح فيها شقيقته ابن النجار وحفيد رأفت
- عارفه أنا طلقت دينا ليه
واردف منتشيًا يرفع حاجبيه متهكمًا ينتظر رؤية ملامحها
- كانت بتحب جوزك وعايزاه
انصدمت ملامح شهيرة تحدق به لعله يكذب عليها
- و سليم
وخرجت باقية الكلمات متعلثمة فابتلعت لعابها
- كان بيحبها؟
تسألت وخشيت أن تسمع الإجابة ولكنه أعطاها ما أرادت ينظر إليها متشفّيًا ويُلقى عليها إحدى الصور
إنحنت تلتقط الصوره تنظر نحو ملامح تلك الصغيرة وقد إرتجف قلبها
- اسمها إيه
والإجابة اخذتها منه بعد ضحكة صدحت بالإرجاء
- فتون
.............
لم يتحمل رؤية المزيد من دموعها.. دموع أجادتها حقًا.. فجعلته يُصدق كل كلمة اخبرته بها عنها ... انسحب عقله وانسحبت كل ذكرى جميله كانت فيها خير من وقف جانبه ولم يفكر إلا إنها حاربت حبه وكادت أن تدمر سعادته
اقترب منها يضمها إليه أسفًا
- مكنتش فاكر إن ملك ممكن تطعني في ضهري وتعمل كده
دفنت رأسها بحضنه تتشبث به وصوت شهقاتها يعلو
- أنا أسفه يا جسار... بس هي لما قالتلي كده أنا قولت لازم أبعد
وابتعدت عنه تنظر في عينيه ودموعها مازالت تغرق خديها
- كان صعب عليا يا جسار أعرف إنك مش بتحبني وإنك متعلق بيا بسبب إن فيا شبه من مراتك الله يرحمها
ازدادت شهقاتها واشاحت عينيها بعيدًا تضع بكفها فوق فمها
- قالتلي إن ولا حاجة في حياتك وإن بسهوله هتقدر تستغني عني وترميني
كانت بارعه في رسم دورها وكان هو أمامها كالمغيب.. إحداهن ماتت وكانت إمرأة لا تعوض وأخرى كانت أكثر النساء عطفًا و وفاء وإخلاص... حتى زوجة أبيه السيدة فاطمة كانت إمرأة عظيمة ربته وكأنها أمه أعطته حنانها وحبها دون بخل... نساء مروا بحياته أثبتوا له كل المعاني الجميلة قدموا له كل شئ.. وهنا كان وقت السقوط
رفع كفيه نحو خديها يجفف دموعها بأنامله بعدما اجتذبها نحو وتلاقت عيناهم
- جيهان أنا مبقتش قادر ابعد عنك.... خلينا نتجوز يا جيهان
تسارعت دقات قلبها طربًا... لقد ربحت وحصدت ما سعت لأجله بعدما أنهى رسلان اللعبه وصرفها بعيدا.. ابتلعت لعابها تنظر إليه غير مصدقه
- نتجوز؟
- أيوة نتجوز يا جيهان... عايزك تكوني مراتي... أنا مبقتش عايز غيرك
............
اندمجت مع لحن الغنوة التي تصدح نغماتها من هاتفها.. تتراقص ساقيها وتُحرك رأسها في متعة وهي ترى كيف أجادة صنع كعكة العيد ميلاد الضخمة
انفتح باب المطعم فرفعت عينيها وقد توقفت حركتها.. تنظر نحو القادم فرسمت ابتسامة لطيفة على محياها ومسحت يديها واقتربت منه بعدما القت نظرة نحو الطاولات القليلة المرتصَّة بعناية بمفارشها النظيفة
- اتفضل يا فندم
طالع الرجل المكان بنظرة فاحصة وترتها.. فرغم تلك التعاقدات مع بعض الشركات التي أتت إلى المطعم ولكن المطعم زبائنه قلائل بل لا يعدوا... إنها تعتمد على ربح إعداد الأطعمة وتجهيزها
- الباشا محتاج يحجز المطعم النهارده... المطعم لفت نظرة وهو معدي على الطريق فعايز يجرب اكله
تهللت اساريرها وقد دلف للتو ذلك الشاب الذي لم يتجاوز عمره التاسعة عشر واقترب منهما وقد سمع العرض فتهللت اساريره هو الأخر
- الباشا.. باشا مين حضرتك
تسألت فتون بقلق... فمطعمها بسيط لن يروق لتلك الطبقة خاصة بموقعه في تلك المنطقة البسيطه النائية بعض الشئ
- ايوة يا أستاذة... عنده إجتماع مع وفد ياباني.. ها هحجز ولا أشوف مكان تاني
اسرع أحمس في جذب ورقة وقلم من فوق سطح الرخامة
- لا لا يا يا باشا أتفضل قول طلباتك وكل اللي عايزه... مش كده يا فتون
تلاشي توترها ونظرت نحو أحمس
طالعهم الرجل بنظرة شامله قبل أن يهتف بطلبات سيده
- بكره الساعه 6 مساء
غادر الرجل بعدما تمم على كل شئ يجب أن يكون معد وألا يخجلوه أمام سيده وضيوفه
- مالك يا فتون قلقانه كده ليه.. المفروض تكوني مبسوطه.. المطعم ما شاء الله بيكبر بسرعه
فركت فتون كفيها وقد علقت عينيها بجسد الرجل الضخم
- مش عارفه يا أحمس... بس مش شايف إن كل اللي بيحصل ده يخوف
ضحك على خوفها ورمقها قبل ينظر نحو ما دونه بالورقة ويجب أن يبدئوا تحضيرها من الآن
- ده رزق حد يقول للرزق لاء يا فتون
انبسطت ملامحها بعدما زال خوفها.. فمنذ لقاءها بمسعد منذ ايام رفيق حسن وقد عاد الخوف يدب داخل قلبها خاصة وأن مسعد أصبح رجل ثري
- عندك حق يا أحمس... يلا خلينا نشوف الطلبيه اللي في ايدينا ونروح السوق
ولطمت جبينها تتذكر أن لديها محاضرتين غدا بالجامعه
- عندي محاضرتين بكره ولازم أروحهم... اعمل ايه طيب
ضحك أحمس على فعلتها
- أنتي أحضري محاضره وانا احضر محاضره وبكده نكون ظبطنا الدنيا
قوست ما بين حاجبيها شاردة في كل ما يدور حولها إلى أن صرخ بها أحمس
- لا مش وقت تفكير دلوقتي يا فتون.... يلا بسرعه نخلص اللي في ايدينا على ما جنات تيجي من شغلها تساعدنا
..........
التقطت جيهان هاتفه الذي أخذ رنينه يتعالا...فارتسم الزهو فوق ملامحها وهي تطالع رقم ملك.. اردات أن تُجيب عليها وتقهرها ولكنها فضلت أن تكون لحظة إنتصارها مرئية أمام عينيها
" نفسي أشوفك مقهورة زي ما خلتيني أتقهر وأنا بقدم حبي لراجل عمره ما شافني وفي النهاية استخدمني عشان اكون حبيبت راجل تاني وكل ده عشانك... عشان مش قادر يشوفك مع راجل غيره"
والتمعت عينيها بالحقد وهي تتذكر كيف أحبت رسلان منذ أن التقت به في لندن
شعرت بيدين جسار تسير فوق كتفها العاري يهمس قرب اذنها
- حببتي سرحانه في إيه
وحدق بهاتفه الذي مازال قابع في يدها.. فانتبهت على أمرها
- ملك كانت بترن عليك
شعر بالتوتر قليلًا من سماع اسمها ولكن سرعان ما تجمدت عيناه
- جسار أنا مش هقدر استحمل قربها منك... ومهما كان هي كانت طليقتك
واردفت بوداعة تجيد رسمها عندما ظلت ملامحه جامده نحوها
- حتى لو كان جوازكم صوري زي ما حكتلي... أنت إديتها كتير ووقفت جانبها غير الأسهم اللي ليها في شركتك
ابتلعت لعابها وهي تراه يرمقها بتلك النظرات التي ترهبها.. فهي مازالت تعلم أن ملك لديها مكانه لدي جسار لم ولن تهتز مهما حدث ولكنها ستفعل كل شئ حتى تبعدها
- حبيبي أنت عملت كل حاجة ورديت ليها الجميل... مش هتوقف حياتك معاها...وبصراحه أنا بغير عليك أوي منها يا جسار
لمحت ابتسامة خاطفة على شفتيه سرعان ما أجاد إخفاءها عنها ولكنها علمت إنها نجحت في إستمالته نحوها
اقتربت منه تحتضن وجهه بين كفيها ثم رفعت يدها تحركها على خصلات شعره الرطبه
- انت متعرفش أنا بحبك أد إيه
أشعلت قلبه وجسده بكلماتها وبغنجها البارعة فيه... لحظات وكان يسحبها معه في عالم يُريد العيش فيه... فتحت له كل الأبواب لينعم بطراوة جسدها..رنين هاتفه كان يعلو ثانية ولكنه كان في جنته غير عابئ بأحد غير التي بين ذراعيه.
القت ملك الهاتف فوق فراشها بعدما يأست من إجابته عليها... جلست على الفراش ولم تشعر بدموعها التي انسابت على خديها
لديها شعور قوي أن هناك شئ سيحدث... شئ سيعكر صفو حياتها الهادئه
مسحت دموعها تبث في نفسها العزيمة
- أنتي قوية يا ملك... سامعه أنتي قوية
نهضت من فوق الفراش تلتقط هاتفها وحقيبتها... وقد اتخذت قرارها أخيرا ستذهب لرؤية أولاد مها.. ستذهب لتجلبهم حتى يعيشوا معها وستقف أمام تلك العائله التي جارت عليها يومًا
...........
كل شئ تم إعداده بدقة... والمطعم أصبح مُهيأ لإستقبال الوافدين... نظرت نحو ساعتها بقلق... ف جنات قد تأخرت عليها وأيضا أحمس
تعلقت عينيها بالسيارات التي اصطفت خارج المطعم فارتجف قلبها تهتف بصوت قلق تخاطب حالها
- اتأخرت عليا ليه يا أحمس.. هعمل إيه دلوقتي
ثواني وكان الوافدين يدلفوا المكان ينظرون إليه بنظرات فاحصة مما زاد توترها فعلى ما يبدو أن مطعمها البسيط لم يروق لهم.. اسرعت نحوهم بأدب ترحب بهم
فابتسم البعض إليها محركين رأسهم بتحيه متمتمين بلهجة لم تفهمها هتفت داخلها وقد ازداد توترها بشدة
"هتعملي ايه يا فتون لوحدك... دول شكلهم ناس تقيلة وأجانب "
حاولت تجاوز خوفها تمسح يديها المتعرقة في ثوبها.. طالعها الرجل الذي أتى أمس لحجز المطعم يسألها
- كل حاجة اتعملت زي ما طلبت
اماءت برأسها تنظر نحو الطاولات والمقاعد.. واسرعت إليهم حتى تساعدهم مع ابتسامة لطيفة جلعت دقات قلبها المتسارعة تهدء
أدركت فداحة خطاءها بعدما نظرت نحو الطاولتين .. فأين زجاجات الماء... عادت بأدراجها نحو المطبخ بنظامه المفتوح حيث يكون كل شئ يتم إعداده أمام الزبائن كالنظام الأوربي
- شكرا ليكي
واخيرا نطق أحدهم بعدما أرتشف من زجاجة الماء... اتبعت الأمر بوضع السلطة والشربة وما يخص وجبة الأسماك الدسمة.
شهقت بفزع عندما ارتطم جسدها بشئ صلب...فهتفت أسفه وهي تخفض عينيها أرضًا
- أسفه
- خدي بالك
وهل نسيت صوته يومًا... رفعت عينيها نحوه وقد إرتجفت اهدابها تبتلع ريقها تُقاوم تلك الرجفة التي انتقلت لسائر جسدها
- سليم بيه .. الضيوف
نظر خلفه نحو مساعده وكان يومًا ما صديقه... حركة من عينيه جعلت الأخر يتقدم من الضيوف والمترجم بدء دوره في ترجمة كل شئ يريدونه
اندفع أحمس داخل المطعم ولكن سرعان ما تمالك إندافعه ورتب هيئته بعدما علقت به أعين الجالسين.
رحلة طويلة دامت بينهم عندما تلاقت عيناهم... الكلمات تريد أن تخرج من بين شفتيه.. يريد أن يخبرها كم إشتاق إليها وافتقدها وبحث عنها
- فتون معلش أتأخرت عليكي.. المواصلات صعبة
افاقها صوت أحمس من تلك الحالة التي أصبحت فيها... ويا للأسف مازال يحمل ذلك السحر الذي اسقطه فيها يوما ولكن هي ليست فتون الضعيفه الخادمة التي ترى العالم من نافذة صغيره
بللت شفتيها بلسانها تتمالك حالها ثم تجاوزته... نعم تجاوزته سليم النجار تجاوزته امرأة.. قبض على كفيه بقوه يلتف نحوها وكيف اتجهت نحو ذلك الشاب الوسيم ذو العينين الخضراوين
أنتبه على نظرات ضيوفه... فجاهد نفسه للعودة لهيئته المنمقة الجادة
- مالك يا فتون... وشك مخطوف كده ليه
وضعت يديها فوق الرخامة تلتقط أنفاسها تنظر نحو أحمس الذي اسرع في ارتداء ثياب المطعم وعاد إليها يحمل معها الأطباق ويخرج الصواني من الفرن
- مافيش يا أحمس... خلينا نشوف شغلنا
وها هم أعدوا كل شئ كما تم طلبه منهم.... والضيوف منهمكين بتلذذ ومتعة في تناول وجبتهم.. أما هو كانت عيناه عليها من حينًا إلى أخر وكيف تتهامس مع ذلك الشاب ويضحكون
تجمدت يده فوق شوكته وقد علقت عيناه بأحمس وهو يلتقط منها الورقه والقلم بعدما دفعها بيده برفق
- سليم بيه... الضيوف بيقولوا لحضرتك أد إيه اختيارك للمطعم نال إعجابهم... وإنهم أحبوا بساطة المكان
أنتبه على صوت المترجم بعدما اخذ "شادي" مساعده يتنحنح حرجًا حتى يلفت إنتباه
أماء برأسه إليه يحاول تمالك نفسه ولكن عيناه أبت ان تبتعد
نهض عن مقعده بعدما مسح شفتيه بالمنديل وعينين مساعده عالقة به
اندفع إليها ينظر إلى ذلك الشاب بمقت
- فتون
طالعه أحمس مدهوشًا من نطقه لاسمها وكأنه يعرفها وكيف اشاحت هي عينيها منشغلة في ترتيب اطباق الحلوي التي ستقدم بعد قليل
- افندم يا سليم بيه.. في حاجة ناقصه او مش قد المستوى
- فتون بصيلي
اقترب منها حتى يجذب ذراعها ولكن أحمس وقف بينهم يحدق به
- حضرتك ممكن تكلم معايا أنا... أنا هنا المسئول لو في مشاكل مع الزباين
تعلقت عينين سليم بيد أحمس التي قبضت فوق ذراعه.. اغمض عينيه ثم ازاح قبضة أحمس
- هنتكلم يا فتون... هنتكلم كتير أوي
وعاد لطاولته يبتسم بدبلوماسية إلى ضيوفه ثم مال نحو مساعده يهمس بخفوت
- تحاول تتصرف مع الولد اللي واقف هناك... قبل ما الضيوف يمشوا تكون اتصرفت فاهم يا شادي
وشادي يفهم وينفذ في صمت
.............
هل ما يسمعه من خادمته حقيقي أم هو أصبح يتوق لذلك .. لم ينتظر سماع المزيد من خادمته واندفع نحو غرفة صغيريه ينظر إليها متلهفًا... فالخادمة لم تخطئ ...
تلاشت لهفته عندما تلاقت عيناهم ولم يجد في عينيها إلا الخواء
نهضت من جوار الصغيرين بعدما قبلتهم ومسحت فوق وجنتيهم.. والتحدي وحده ما كان يحتل كيانها
- جيت عشان أخد ولاد اختي يعيشوا معايا يا دكتور... ياريت نعرف نتفاهم بهدوء لأني مش هتنازل عنهم
ضيق عينيه وهو يقترب منها بخطواته يشير للمربية أن تنصرف حتى يسمع ما تخبره به ثانية
- مسمعتيش اللي قولتيه يا مدام ملك
ضغط على أحرف كلماته ينظر إليها بشوق استطاعت عيناه إخفاءهم ولكن قلبه خانه... اقتربت منه تعيد عليه حديثها
- ولاد اختي أنا اللي هربيهم... اظن إنك سامع كويس
- ومين اللي هيسمحلك بكده
- أنت... وده الأفضل ليهم...
واردفت متهكمه ترمقه بتحدي
- أنت لسا فاكر إن ليك ولاد يادكتور
غامت عينيه ينظر نحوها بملامح قاتمة
- وانتى كنتي فين... مش المدام برضوه بتكره العيلة بكل افرادها
واستطرد بجمود يقطع عليها حديثها حتى يستفزها
- ولادي أنا هعرف كويس أربيهم.. هما مش محتاجين غيري
واولاها ظهره مغادراً الغرفة
- نورتي البيت يا مدام ملك... وتقدري تشوفي ولادك أختك زي ما أنتي عايزه
ولكن توقف في مكانه ينظر نحو قبضة يدها فوق ذراعه مدهوشًا من فعلتها
- من أمتي انت حبتهم... أنت كنت سيبهم ومسافر بره وعايش حياتك... كفايه أوي عليهم لحد كده مع عيلتك ومعاك... كفايه ظلم ليهم
التف إليها وقد أنتبهت للتو إنها مازالت تقبض فوق ذراعه وقريبة منه للغاية
- قولتلك انا أبوهم... سامعه كويس ولا محتاجه اكرر كلامي
- وأنا خالتهم... مها عايزانى انا أربيهم
طالعها بنظرة غامضه فاشاحت عينيها بعيدًا عنه
- أقول للخدامة تحضر العشا ولا معندكيش وقت
إستطاع إثارت حنقها من تلك البرودة التي يتحدث بها فمال نحوها ينتظر سماع إجابتها
- ولاد اختي هعرف اخدهم منك كويس يا رسلان.. بيني وبينا المحاكم
صدحت ضحكته عاليا فلم يعد يتمالك حاله من ثقتها
- شوفي انتي هتعملي إيه وبلغيني
أندفعت من أمامه حانقة نحو غرفة الصغار تلتقط حقيبتها ثم عادت تتخطاه راحلة
تشبثت قدماها مكانها دون أن تلتف إليه
- في طريق أقصر من التحدي ومن كل ده يا ملك..
واردف ساخرًا يلوي شفتيه إستنكارًا
- أنتي طول عمرك بتضحي عشان الناس.. فمجتش من مره تالتة تقدمي التضحية ديه كمان
اقتباس من الفصل القادم
***********
انهارت أسفل قدميه تكتم صوت شهقاتها تتذكر تفاصيل تلك الليلة
- متعملش فيا حاجة... متعملش فيا حاجة.. أنا معملتش حاجة
إنحدرت دمعة فوق خده سرعان ما ازالها ينظر إلى هيئتها وينحني صوبها يُحاول إنتشالها من فوق الأرضية وضمِها إليه
- مش هأذيكي يا فتون صدقيني... أنا أسف.. سامحيني
- أبعد عني... أبعد عني
دفعته بيديها فتهاوي للخلف بعدما فقد السيطرة على جسده بسبب وضيعته تلك.. تحكمت في نوبة فزعها ونهضت تجذب إحدى الزجاجات تدفعها فوق رأسه
فاقت من صدمتها وهي ترى الدماء تغرق رأسه ثم إنبطاحة فوق الارضيه..
نظر ت إليه في ذعر وانكمشت على حالها نحو الجدار لا تستوعب ماذا فعلت.. ارتجفت يديها وقد وضعتهما فوق شفتيها ومازالت الصدمة والضياع تحتل عيناها
حاول أن يرفع رأسه لعله يطمئنها وقاوم شعوره
- متخافيش يا فتون
وسقط بعدها في دوامة الظلام... فجحظت عينيها تنفض رأسها مما هي عليه وتستوعب تلك الكارثة التي فعلتها
- سليييم
الفصل الثاني والثلاثون
*****************
السعاده كانت تملئ فؤادها وهي تري نظرات الرضى فوق ملامحهم بعدما أنهوا وجبتهم ، توردت وجنتيها وأخذت تفرك يديها تستمع لمديحهم نحو كل شئ تم تقديمه... تناست وجوده بل أجبرت عقلها أن يتناسي ويُفكر فقط في نجاحها.. وإنها لم تعد فتون الخادمة التي كان يبرحها زوجها ضربًا بل هي اليوم إمرأه مستقله لديها مطعم وزبائن يمدحون فيها وعقود مع شركات من أجل تحضير الطعام وقريباً كما يخبرها أحمس وجنات أن مطعمها سيصبح ذات سيط وله زبائنه.
رمق سعادتها تلك وعينيه اخذت تلمع بوميض عجيب وقلبه بدء يخفق بقوة.. أراد أن يجتذبها من بينهم يضمها إليه بشوق يخبرها إنها الوحيدة التي ظلت في قلبه ولم ينساها يومًا...قاوم شعوره يخبر قلبه أن يتمهل ف دقائق والمطعم سيكون خالي إلا بهما وسيخبرها كما إشتاق إليها
ودعت الزبائن وانتظرته أن يتحرك من أمامها ولكنه ظل جامد في مكانه ينظر إليها... اشاحت عينيها بعيداً فقد اكتفت اليوم من تحمل رؤيته وتلك الذكرى التي عادت تقتحم عقلها
- خلاص هنقفل المطعم يا فندم
وفي سرعة لا تعرف كيف حدث هذا كان يغلق هو المطعم عليهما بعدما اطمئن من إنصراف السيارات وخلو الشارع من الماره
اتسعت مقلتيها تنظر إليه مذعورة بعدما أدركت ما حدث ووقعت عينيها نحو الباب المغلق
- أنت بتعمل إيه
تراجعت للخلف مع إقتراب خطواته منها
- عايز اتكلم معاكي يا فتون
- أنا معرفكش عشان أتكلم معاك... اتفضل امشي بدل ما اصرخ
تجمدت ملامحه وقد وغزه قلبه من شدة خوفها منه
- بقيتي تخافي مني يا فتون... لدرجادي
التفت حولها صارخه تهتف باسم أحمس رغم علمها إنه غادر ليجلب شئ
- أحمس.. أحمس
واندفعت بعدها نحو الزاوية الخاصة بالمطبخ تبحث عن شئ تدافع به عن حالها... تخشب جسدها وهي تشعر بذراعيه حولها
- اهدي يا فتون... صدقيني مش هعملك حاجة... اديني فرصه بس نتكلم
- مش عايزه اتلكم معاك مش عايزه اتكلم معاك
دفعته عنها فتراجع للخلف ومازال عقله لا يُصدق أن فتون الصغيرة لم تعد تراه كما كانت تراه من قبل... لقد سقط القناع وانتهت حكاية الشاطر حسن
- انت وحش... راجل مغتصب
والليله بأدق تفاصيلها ها هي تقتحم ذاكرتها .. قبلاته المغتصبة، أنفاسه، صوت تمزق ثوبها..
تحركت يديها نحو جسدها تضمه بذراعيها لعلها تحميه
- مش هتلمسني تاني... مش هتلمسني تاني.. أنت مش الشاطر حسن... أنت زيهم... زي حسن و زي مسعد
وعلى ذكرى أولئك.. تحجرت عينيه فحاول نفض شعور الغضب داخله
- اهدي يا فتون.. هعمل اللي أنتي عايزاه وهمشي.. بس اهدي الأول.. مش هظهر في حياتك تاني لو ده هيكون أفضل ليكي.. صدقيني أنتي اخر حد ممكن افكر أوجعه
وسواد الليل تلك الليله يبتلعه في ظلمته... أنفاسها الهائجه مع ركضها وتلك الدماء التي تسيل من قدميها
اقترب منها قلقًا يهتف بلوعة وألم
- سليم القديم مات صدقيني... أديني فرصه اكفر على اللي عملته فيكي
إنهارت أسفل قدميه تكتم صوت شهقاتها ثم أخذت تدلك ذراعيها لعلها تعطي جسدها الدفئ من تلك البرودة
- متعملش فيا حاجة... متعملش فيا حاجة.. أنا معملتش حاجة
إنحدرت دمعة فوق خده سرعان ما ازالها ينظر إلى هيئتها.. يعلم تماما إنها تصارع تلك الليله، تصارع دنائته.. طفله لم تتجاوز عمر السابعة عشر جعلها تعيش لحظات فوق قدرتها بل وطردها في تلك الليلة المظلمة شديدة البروده بملابس ممزقة.. نعم هو اتبعها بعدما لم يتحمل قلبه أذاها ولكن بعد فوات الأوان بعد أن ضاعت فرصته
إنحني صوبها يُحاول إنتشالها من فوق الأرضية وضمِها إليه
- مش هأذيكي يا فتون صدقيني... أنا أسف.. الغضب كان عاميني ساعتها.. معرفتش احارب شيطاني.. كنت عايزك بأي طريقه مهما كانت
- أبعد عني... أبعد عني
جمدته عبارتها أكثر فدفعته بيديها فتهاوي للخلف بعدما فقد السيطرة على جسده بسبب وضيعته تلك.. تحكمت في نوبة فزعها ونهضت تجذب إحدى الزجاجات تدفعها فوق رأسه غفلة
فاقت من صدمتها وهي ترى الدماء تغرق رأسه ثم إنبطاحة فوق الارضيه..
نظر ت إليه في ذعر وانكمشت على حالها نحو الجدار لا تستوعب ماذا فعلت.. ارتجفت يديها وقد وضعتهما فوق شفتيها ومازالت الصدمة والضياع تحتل عيناها
حاول أن يرفع رأسه لعله يطمئنها وقاوم شعوره
- متخافيش يا فتون
وسقط بعدها في دوامة الظلام... فجحظت عينيها تنفض رأسها مما هي عليه وتستوعب تلك الكارثة التي فعلتها
- سليييم
..............
طالعها سائقه بهيئتها الفزعة فأثارت ريبته... حدق بها وبإلتفافها حول نفسها ثم هرولتها وتركها للمطعم دون غلقه.. ترجل من سيارته وعبر الطريق بخطوات سريعه واندفع نحو الداخل بعدما شعر بوجود خطب ما.. فأين هو رب عمله
التف حول نفسه يبحث عنه بعينيه ويهتف باسمه
- سليم بيه.. سليم بيه
تجمد جسده بعد سماع أنين خافت وسرعان ما فاق من جموده يلتف ثانية حول نفسه وصوت الأنين ينخفض حتى تلاشي
توقف مصعوقًا من رؤية سيده غارق في دماءه.. إنحني صوبه يُناديه بفزع
- سليم بيه
........
تأوه سليم بقوة بعدما أنتهي رسلان من تقطيب جرحه
- خلاص خلصت
- بلاش ضحكتك ديه يا رسلان
زجره سليم بعينيه بنظرة قاتله بعدما رأي نظرته نحوه
- رسلان
لم يتحمل رسلان هيئته فصدحت ضحكته يضع أدوات التعقيم جانبًا
- اعملك إيه جيلي مضروب لا ومن واحده ست كمان... سليم النجار في عمره ده اضرب من ست
واردف مازحًا
- يا مراهق
ولكن علقت عينين رسلان به عندما تذكر شئ ما وذلك الاسم الذي كان يهتف به لسائقه ويخبره ببعض الأوامر في تنفيذها
- فتون ظهرت في حياتك من تاني
اشاح سليم عينيه يُحاول النهوض من فوق الفراش الطبي في عيادة صديقه
- ليه اخدت الخطوه ديه بسرعه كده يا سليم
رمقه ساخرًا وقد عاد الألم يحتل رأسه بقوة بعد نهوضه
- هضيع اد إيه من عمري تاني يا رسلان
- مش قصدي يا سليم.. بس أنت لسا مطلق شهيره وطالع من صدمه
تجهمت ملامحه وهو يردد عبارة صديقه مستنكرًا
- صدمه!!.. أنا تجوزت شهيرة يا رسلان عشان بنتي.. تعرف أنا كنت خايف أظلم شهيرة... بس في الاخر اكتشفت إنى مظلمتش غير بنتي ونفسي.. وعشان نفسي هتجوز فتون.. لأن راحتي وسعادتي مع فتون.. زمان قولت لنفسي هتجوز خدامه لا وكمان مرات السواق بتاعي... ضيعتها مني وعمري في يوم ما نسيتها
وخفق قلبه بحنين يتحسس جرحه الذي يؤلمه
- عمر قلبي ما دق لست لغيرها... أنا خايف أظلمها في العالم بتاعي لكن مش قادر ولا قدر اتنازل عنها... فتون ليا مهما حصل
طالع رسلان إصراره وقد تلاشي مزاحه الذي يُجاهد في رسمه حتى يعود لحياته القديمه
- عرضت على ملك نتجوز
واردف متهكماً
- عشان تربى ولادي
حدق سليم به لا يستوعب لقاءه بملك بل ومجيئها إليه
- ملك
..............
" طول عمرك بتضحي"
ابتسامة ساخرة ارتسمت فوق شفتيها عندما عادت عبارته تقتحم عقلها ... رسلان يعرض عليه الزواج بطريقة أخرى.. بطريقة اعتادوا عليها منها حتى ظنوا إنها ستظل هي من تعطي وحدها، دارت حول نفسها وشعور قوي يمتلكها.. الماضي عاد يقتحم حصونها... عبارات ناهد عادت تغرز السكين بقلبها، والدها الذي ظلمها وظلم والدتها بسبب ضعفه وحبه لناهد.. تقبل أن تظل لقيطه في أعينهم وهي أبنته من دماءه
انسابت دموعها وتهاوت بجسدها فوق الفراش.. وشعور القهر يدمي قلبها وهي تتذكر حكاية والدتها وقد أخبرها بها محامي والدها بعدما اعطي لها ذلك الخطاب الذي يخبرها فيه بكل شئ وعن حكايته بوالدتها
" امل تلك الجارة البسيطة التي توفي والديها وتركوها في رعاية جارتهم الطيبة.. تزوجها عبدالله من أجل إرضاء والدته ولن ينكر إنه أحبها يومًا ولكن حب ناهد كان مختلف... حب جعله يلقي بإبنته في الطرقات حتى ينتشلها هو وناهد ويكون الأمر مصادفة فتتعاطف ناهد ويُربي هو إبنته دون جرحها وخسارتها والماضي يُدفن في بئر عميق كما يُدفن الكثير "
- مش هخليهم يخلوني ابقى شبهك يا ماما.. مش هكون أمل تانيه بتضحي وبس عشان الناس.. ولاد مها هاخدهم اربيهم عندي مش هسيبهم ليهم يعملوا فيهم زي ما عملوا فيا
مسحت دموعها تنظر نحو حقيبتها تلتقط هاتفها لعلها تجد جسار قد هاتفها وتعرف متى ستكون عودته من رحلة عمله التي أخبرها بها... طالعت شاشة الهاتف متجهمة تزفر أنفاسها وتلقي بالهاتف جانبًا
- مش معقول يا جسار تكون شايف رقمي ومتفكرش تكلمني يا ترى فيك إيه
...........
كان غارق في لذته وسعادته معها... تعطيه ما تعلم إنه يُريده وتسحبه ناحيتها بدهاء.. ترخي الحبل وتسحبه قليلا وها هي اللعبة تسير.. لم تجعله يُجيب على إتصالها بل جرته نحوها تغرقه في لذة المتعة
أخذها في جولة عشق كان صادق هو بها لكن هي لا تُريد إلا الوصول لماله وطرد غريمتها
التقط هاتفه بعدما أنهى إستحمامه حتى يُهاتفها ولكنها كانت اسرع منه في جذبه منه تنظر إليه بوداعة
- لا يا جسار مافيش تليفونات... ده شهر العسل بتاعنا يعني انت ليا وبس
وسرعان ما طوقت عنقه بكفيها تجذبه نحوها بغنج
- تليفون واحد بس يا جيهان... اطمن على الشغل واشوف ملك
- لاا
وكلمة لا كانت تعطيه من سكاكرها حتى يرضى ويلين... ابتعدت عنه بأنفاس لاهثه تسبل جفنيها
- جسار أنت الايام ديه ليا وبس... لما نرجع مصر موافقه شغلك يشاركني فيك
قالتها بمراوغه وبضحكة لعوبة ظنها براءه صادقة
- و ملك يا جيهان اوعي تنسى ملك أمانه في رقبتي وليها جميل ف رقبتي.. ملك هي اللي وقفت جانبي عشان اتخطى ازمه علاجي
ابتعدت عنه بعدما تجهمت ملامحها وتلاشي ظفرها
- مقولتش حاجه يا جسار.. بس حاول تفهمني مش لازم قدامي كل شويه ملك
وعادت إليها بعدما رسمت وداعتها التي تُجيدها
- أنا بحبك اوي يا جسار وبغير عليك جدا افهمني
ابتسم إليها وقد استطاعت أن تنسيه مهاتفة غريمتها
- عايزه أخرج يا جسار... مش فاضل لينا غير يومين
انحني نحوها يلثم خدها ثم قضمه مما جعلها تدفعه ضاحكه فضحك هو الأخر.
تجولوا في كل أنحاء فينيسيا في سعاده.. ألتقطت الصور إليهما في كل الأوضاع والأماكن تعلقت عينيها به بعدما غفا جوارها.. التقطت هاتفها تنظر نحو الصور وقد علت فوق شفتيها إبتسامة واسعة وهي تضغط على زر الإرسال ورأت مهمتها قد تمت
...........
رمقتها جنات بقلة حيلة واقتربت منها تجلس جوارها وتزفر أنفاسها بتنهيدة قوية
- لو كان عايز يبلغ عنك... كان بلغ من ليلتها يا فتون... والمفروض هو اللي يخاف مش أنتي
- هو مات يا جنات
ضحكت جنات رغمًا عنها
- لو كان مات... كان زمانك ف السجن دلوقتي.. ويا ستي بما إني موظفه عنده فأحب اطمنك السيد سليم زي الفل
تعلقت عينيها بجنات وعادت تنظر نحو الفراغ أمامها
- هو عايز مني إيه يا جنات
- عايزك يا فتون... سليم النجار عايزك ومتوقعش هيسيبك
ارتجف جسدها وقد عادت عيناها تتعلق بعينين جنات
- والله أعلم عايزك زوجة ولا مجرد نزوة بعد ما طلق مراته
تركتها جنات بعدما القت عليها عبارتها... فارتجفت عينيها في صمت ونهضت من فوق فراشها تلتقط ثوبها
طالعتها جنات وهي تغادر الغرفة وقد أرتدت ملابس أخرى
- أنتي خارجه
- رايحه افتح المطعم... كفايه خوف لحد كده
ضمتها جنات إليها تهمس بأذنها بأخر شئ توقعته منها
- فتون أنا بحاول أكرهك في سليم النجار عشان عارفه إن لسا جواكي مشاعر ليه
انتفض جسدها وقد صعقت من عبارتها فابتعدت عن ذراعين تنظر إليها برجفة
- سليم النجار زي رجاله كتير.. سليم النجار زي حسن يا فتون
...........
- البنت رجعت فتحت المطعم يا هانم... ايوة يا هانم هي اللي ضربت الباشا ليلتها..
استمعت شهيرة لعبارات أحد رجالها وقد وكلته في مراقبة "فتون" تلك التى علمت بوجودها مؤخرًا... ارتسم الجمود فوق ملامحها تلتقط القلم وتطرق به فوق سطح مكتبها
دلف حامد مكتبها ينظر إليها بنظرة شاملة ثم ابتسم وهو يراها هكذا
- مخليه حد من الرجاله يراقبلك الخدامه .. لو عايزه في تكه انسفها انسفهالك يا شهيرة.. هو أنا عندي اغلى منك
تجهمت ملامحها تنظر إليه ترى الشماته في عينيه.. قبضت فوق القلم بقوة ونهضت مقتربة منه وكرهها يزداد نحوه
- نفسي أعرف امتى هتكون إنسان طبيعي يا حامد
تعالت السخرية فوق شفتيه يستنكر حديثها
- شيفاني مجنون يا شهيره... ومش شايفه طليقك مجنون لما حب خدامه مرات السواق بتاعه... وانتي استختر فيكي الحب واتجوزك عشان بنته
تجمدت عينيها بقسوة والتقطت علبة سجائرها تشعل واحده.... رمقها بإنتشاء وهو يري حالتها
- بس ابن النجار رمرام عامل زي عمته.. حب خدامه ومش بعيد يتجوزها بعدك عشان تربى بنتك
- كفايه يا حامد... كفايه
اتسعت ابتسامته يشاهد إنهيارها.. فنهض عن مقعده ضاحكًا.. غادر غرفة مكتبها بعدما أثار غيرتها وكيدها.. إنهارت فوق مقعدها تسحب أنفاس سيجارتها.. علقت عينيها بمنفضة السجائر الممتلئة تزفر أنفاسها وتدس سيجارة أخرى بين شفتيها
هدأت وتيرة غضبها والتقطت هاتفها وقبل ان تضغط على زر الإتصال وتهاتف الرجل الذي يخبرها عن كل شئ... جاءها إتصال منه يضيف لها ما أشعل غيرتها
- سليم بيه واقف بعربيته قدام المطعم يا هانم
.............
تحجرت عينيها وهي تنظر إليهما بعدما التقطت اذنيها أحاديث الموظفين عن عودت رئيسهم وعروسه وكيف تبدو السعادة على وجهه
- مش تقوليلنا مبروك يا ملك
هتفت بها جيهان التي نهضت عن سطح المكتب بعدما كانت تجلس أمام جسار تداعب ازرار قميصه بأناملها
- جسار أنت اتجوزت
تنحنح جسار حرجًا ونهض عن مقعده دون أن يجعل عيناه تلتقي بعينيها
- سألت عنك أول ما وصلت قالولي إنك عند المحامي... في حاجه في الشركة ولا إيه
- كنت عايزة أنسحب من المجموعه يا جسار وابيع الأسهم
تجمدت عينين جسار عليها يردد عبارتها
- تبيعي الأسهم
أطرقت عينيها تخفي دموعها التي لا تعرف سببها
- ايوة يا جسار... أنا هسيب اسكندريه وارجع القاهره هفتح مشروع هناك
والصدمات كانت تتوالى عليه..انصرفت من أمامه وقد تحررت دموعها أخيرًا... لقد ظنت أن الصور التي بعثتها إليها جيهان مجرد علاقة عبارة كي تكيدها ولكن الحقيقه قد اتضحت.. جسار تزوج جيهان وهي لا مكانه لها بعد اليوم
تحركت بصعوبة نحو الخارج تحت نظرات البعض... فهتف المحامي بها
- أنا جهزت الأوراق يا مدام ملك... ومن بكره نرفع القضيه هي قضية حضانتك للأولاد صعبه لكن...
- معدش ليها لازمه يا استاذ شوكت
تركته مذهولا يقطب حاجبيه من هيئتها وحديثها .. وشئ واحد كانت تردده
- حتى جسار ضاع يا ملك
...........
تعلقت عينيها بتلك الفاتنة التي دلفت مطعمها... فتحرك أحمس نحوها مرحبًا يسألها عما تريد وقد ارتسمت فوق شفتيه ابتسامه واسعه
- افندم يا هانم
تلاشته المرأة واقتربت من فتون التي وقفت مبهورة من أناقتها وجمالها
- سمعت عن أكلك إنه يجنن
اجابتها فتون سريعا بعدما أزالت عنها مريول المطبخ
- اتفضلي يا فندم... محتاجه إيه تجهيز لعيد ميلاد ولا أكل منزلي
ابتسمت المرأة ومدَّت يدها نحو خصلاتها ترتبهما
- لا عيد ميلاد إيه... أنا محتجاكي في حفله كبيره...
واردفت بعدما لم تجد إجابه
- قدها ولا أشوف غيرك
- لا ياهانم إحنا قدها طبعا
لفظ أحمس عبارته سريعا وقد تعلقت عينيه نحو فتون يومئ لها برأسه بالموافقه
- شكلنا كده هنتقف... ها يا فتون
شعور اسحتوذ قلبها، شعور خوف لا تعرف سببه ولكن الشعور قد تلاشي وهي تري المبلغ الذي قدمته المرأة كعربون لهم
غادرت المرأة المطعم بعدما أدت مهمتها وقد تم الإتفاق على كل شئ.. صعدت سيارتها ورفعت هاتفها تنظر نحو واجهة المطعم تتمتم للطرف الأخر
- كل حاجه تمت يا هانم
