رواية ملك عمري الفصل السابع7والثامن8 بقلم ساره علي


 رواية ملك قلبي 

الفصل السابع والثامن

بقلم سارة علي


 السابع 

نظرت ريم الى جاسر وملك بضيق قبل ان تقول بوداعة :

" جاسر ممكن نتكلم .."

همت ملك بالتحرك عائدة الى غرفتهما وهي تتمتم :

" عن اذنكم .."

الا ان جاسر مسك يدها وأوقفها بجانبه لتنظر ريم الى يديهما بكره قبل ان تقول بجدية :

" لوحدنا .. نتكلم لوحدنا .."

رد جاسر وهو ينظر بقوة الى عينيها :

" اولا ملك مراتي ومعنديش حاجة اخبيها عنها .. ثانيا احنه مفيش كلام بينا .."

قالت ريم بسرعة وانفعال :

" لا فيه يا جاسر .. احنه لازم نتكلم .. جاسر انا بحبك واسفة .."

شعرت ملك بقلبها ينشطر الى نصفين عندما سمعت اعتراف اختها بينما قاطعها جاسر بغضب :

" ريم الزمي حدودك .. انا دلوقتي جوز اختك .. احترمي ده على الاقل .."

قالت ريم :

" انت اتجوزتها عشان الفضيحة مش حبًا فيها .. انت بتحبني .."

حررت ملك كف يدها من يده وتحركت راكضة الى غرفتها بيمنا تطلع جاسر اليها بضيق وقال بصراحة مطلقة :

" انا عمري محبيتك يا ريم .. ارتباطي بيكي كان غلطة والحمد لله انها مكملتش .. تقدري تفضلي دلوقتي وبالنسبة لهروبك يوم فرحنا فاعتبريني سامحتك عليه .. وياريت تتفضلي دلوقتي من غير مطرود .."

تطلعت ريم اليه بعينين دامعتين قبل ان تخرج مسرعة من المنزل محاولة اخفاء دموعها بينما نظر جاسر الى رزان الساهمة بضيق قبل ان يعود الى غرفته عائدا الى ملك ..

صعد اليها ليجدها واقفة امام النافذة تتطلع خارجها بشرود .. اقترب منها وهو يهتف اسمها بخفوت ليجدها تتحدث وكأنها تكلم نفسها :

" كان عندي 13 سنة لما ماما ماتت .. ماما كانت مريضة قلب .. الدكاترة حذروها انها تخلف تاني من بعدي بس هي اصرت تخلف عشان تجيب لبابا ولد يشيل اسمه .. مفكرتش فأي حاجة غير انها تحقق حلم بابا .. وحملت وجابت الولد اللي بابا كان نفسه فيه بس مستحملتش وماتت .."

صمتت قليلا قبل ان تكمل وهي تلتفت نحو جاسر الذي كان يستمع اليها بإهتمام :

" ماتت وسابت علي ومنى .. منى اللي بابا سماها على اسم امي عشان يحس انها لسه عايشة بينا .. بقينا لوحدنا .. وحسينا بوحدة فظيعة .. انا اكتر وحده حسيت بالوحدة لاني كنت قريبة جدا من ماما ومتعلقة بيها بشكل غريب عكس ريم اللي كانت تعلقها فيها عادي مش اوفر يعني .."

ابتلعت ريقها وهي تحمل :

" فضلت اسبوع فأوضتي .. مقدرتش احضر العزا ولا قدرت اتكلم او اكل .. لحد ما فيوم سمعت صوتهم وهما بيعيطوا .. بابا كان تعبان اوي ومس مستوعب انوا خسر حب حياته .. وريم كانت فعالمها الخاص .. شغلها وصحابها .. مكانش فيه غيري .. رحتلهم وشلتهم وقعدت اهدي فيهم .. مصحتش المربية اللي بابا جابها عشانهم .. حسيت انوا دي مسؤوليتي انا .. ومن ساعتها قررت اني اكون ام ليهم واني اكون مسؤولة عن كل حاجة تخصهم .."

صمتت قليلا والذكريات تتدفق امام عينيها :

" كانوا بيكبروا قدام عيني وانا كنت بكبر معاهم .. اهملت كل حاجة وركزت على حاجتين اخواتي ودراستي .. رغم انشغالي بيهم بس كان عندي حلم اني اخش كلية من كليات القمة .. وفعلا اجتهدت وجبت مجموع يدخلني كلية الصيدلة .. بس قالولي انوا دراستها صعبه ومش هلحق عليها خصوصا انوا اغلب وقتي كان لأخواتي اللي كل ما بيكبروا اكتر كل ما مسؤوليتهم بتزيد اكتر .. فقررت ادخل كلية ألسن .. "

ابتسمت بألم :

" كنت بسمع الكل بيتكلم عني وعن شكلي .. لبسي اللي مكنتش مهتمة بيه .. كنت بلبس اي حاجة قدامي واخرج .. شعري اللي كنت بسرحه بسرعة واجمعه .. وشي اللي مش بحط عليه ميك اب .. نظارتي اللي مش بقلعها لاني مش بشوف من غيرها اصلا .."

ادمعت عيناها وهي تكمل :

" بس مكنتش مهتمة نهائي .. من انا وصغيرة مكانش شكلي من ضمن اهتمامي .. عمري مبصيت للشكل .. ولا اهتميت فيه .. دي كانت طبيعتي من انا وصغيرة .. وكبرت واستمريت كده .. كنت سايبه نفسي على طبيعتي رغم انوا كتير كانوا بيسخروا مني ومن شكلي ولبسي .. حتى ريم كانت متدايقة مني بسبب الموضوع ده .. بس انا مكنتش مهتمة يا جاسر .."

اشارت الى نفسها وهي تكمل :

" انا بحب نفسي كده .. برتاح كده .. مش بشوف نفسي غير كده .. انا مش بيهمني حد .. ولا رأي حد.. واللي مش بيحبني وانا كده يبقى مش عاوزاه يحبني اصلا .."

" خلصتي ..؟!"

سألها وهو يبتسم بهدوء لتومأ برأسها وهي تخبئ دموعها .. اقترب منها حتى وصل امامها ولم يعد يفصل بينهما الا سنتيمترات قليلة :

" تعرفي انك فنظري اجمل بنت فالدنيا .. وانوا ستات العالم كلها ميجوش حاجة جمبك .. تعرفي اني مبقتش اشوف ست فالدنيا غيرك .."

قاطعته بذهول :

" ليه ..؟!"

اجابها بجدية :

" لانوا اللي بيحب حد بجد بيشوفه اجمل شيء فالكون .. مش بيشوف غيره اصلا .."

" بيحب ..؟!"

نطقتها بعدم تصديق ليومأ برأسه وهو يعترف اخيرا بما خبأه طويلا :

" ايوه بيحب .. انا بحبك يا ملك .. بحبك .."

شعرت بقلبها ينبض بعنف بينما لسانها يرفض ان ينطق بحرف واحد .. ظل يتأمل جمودها وذهولها بهدوء قبل ان يكمل بجدية :

" انا مش هطلب منك رد دلوقتي .. انا هسيبك على راحتك .. مش هضغط عليكِ ابدا .. بس لازم تعرفي اني بحبك جدا .. بحبك لدرجة صعب تتخيلها .. "

ثم طبع قبلة دافئة على جبينها وهم بالتحرك خارج الغرفة عندما وجد رزان تطرق الباب وتدخل وهي تهتف بإبتسامة متشنجة :

" سيلين جات يا ابيه .. هي تحت وعاوزة اطمن عليك .."

تطلع جاسر الى ملك التي سيطر الوجوم على ملامحها ليهتف بملل :

" مش هنخلص النهاردة .. هنزل اشوفها .."

ثم تحرك خارج الغرفة تاركا ملك تتابع اثره بقلق وهي تفكر في سيلين من جهة وفي ريم من جهة اخرى ..

....................................................................

هبط جاسر الى الطابق السفلي ليجد سيلين تتحدث مع والدته والتي ما ان لاحظت ولوجه الى الداخل حتى قفزت نحوه واحتضنه لكن جاسر دفعها برفق فإرتبكت وهي تقول بحب ظهر جليا في نظراتها :

" حمد لله على سلامتك يا جاسر .."

ابتسم جاسر بتصنع وقال :

" الله يسلمك .."

قالت جلنار بنبرة ذات مغزى :

" سيلين جات من بره مخصوص عشانك .. سابت كل حاجة وراها عشان تطمن عليك .."

ابتسم ببرود لترد سيلين :

" طبعا وانا عندي كام جاسر .. وهفضل هنا كمان .. هستقر يعني .."

حل الوجوم على ملامح وجهه وهو يتمتم بصوت غير مسموع :

" كملت .."

" روحي يا سيلين ارتاحي فإوضتك .."

ابتسمت سيلين لجلنار وسارت متجهة نحو غرفتها بينما استدار جاسر لوالدته وسألها :

" هي ايه الحكاية ..؟! يعني ايه هتستقر هنا ..؟!"

ردت جلنار بجدية :

" متمثلش انك مش فاهم حاجة يا جاسر .. انت عارف انوا سيلين بتحبك ومن زمان كمان .. وهي اكتر واحدة مناسبة ليك بعد ما تطلق ملك .. اديك جربت وخطبت ريم على مزاجك وشفت طلعت ايه .. سيبني اخترلك وحدة على مزاجي المرة دي .."

قال جاسر باندفاع :

" مين قال اني هطلق ملك ..؟!"

نهضت جلنار من مكانها وقالت :

" ده كان اتفاقنا من الاول .. كام شهر وتطلقها .."

رد جاسر بحزم :

" الاتفاق ده ملغي بالنسبالي .. انا مش هطلق ملك .. وهي هتفضل مراتي لاخر يوم فعمري .."

صرخت جلنار بلا وعي :

" نعم .. المتخلفة دي تبقى مراتك .."

قاطعها بغضب عارم :

" إياكِ تغلطي فمراتي او تتكلمي عنها بالشكل ده .. ملك خط احمر بالنسبالي .. مش مسموح لأي حد يتخطاه .."

نظرت جلنار اليه بعدم تصديق ليكمل بحسم :

" لو دايقتيها فأي كلمة فأنا ساعتها هاخدها واسيبلك البيت باللي فيه .. فلو عاوزانا نفضل هنا يبقى تحترميها وتحبيها كمان .."

ثم خرج مندفعا من المنزل تاركا والدته في اوج صدمتها ..

....................................................................

صفعة قوية تلقتها ريم على وجهها جعلت الدموع تفر من عينيها ..

" حقيرة .. انتِ عارفة عملتي فينا ايه .. دمرتينا كلنا .. ودمرتي حياة اختك .."

قالها حامد بغضب وكره كبيرين لتجثو على ركبتيها امامه وهي تهتف برجاء :

" سامحني يا بابا .. انا عارفة مدى غلطي .. واوعدك اني هصححه .."

" ازاي يا هانم ..؟!"

سألها بغضب تحت انظار خالد الذي كان يتابع الوضع بضيق لترد بجدية :

" جاسر بيحبني وهيسامحني لما يعرف السبب اللي هربت عشانه .. وساعتها هيطلق ملك ويرجعلي وكل حاجة هتتحل .."

صاح حامد بعدم تصديق :

" انتِ اتجننتي ..؟! ده جوز اختك .. يرجعلك ازاي ..؟! عاوزة تتجوزي الراجل اللي اتجوز اختك ..؟؟"

قالت بسرعة :

" مهو هيطلقها .. وهو اتجوزها عشان الفضيحة .. يعني جواز مصلحة .."

تدخل خالد فالحوار قائلا :

" ريم معاها حق .. هو ده الحل الصحيح .. جاسر يرجع لريم وانا اتجوز ملك .. كل واحد ياخد مكانه الصحيح ..."

تطلع حامد اليهما وهو يهتف بعدم تصديق :

" انتوا تجننتوا ..؟!"

ثم اكمل :

" اللي بتفكروا ده مستحيل يحصل .."

" ليه ..؟!"

سأله الاثنان بعدم فهم ليرد بنبرة ذات مغزى :

" انتوا لسه متعرفوش طبيعة العلاقة بين جاسر وملك وصلت لفين عشان تبقوا واثقين من انهم هيرجعوا ليكم .."

قال خالد بسرعة :

" جواز جاسر وملك عالورق بس .. يعني مفيش حاجة حصلت بينهم لسه .."

ابتسمت ريم بسعادة بينما صرخ حامد بجنون :

" كفاية بقى .. انت بأي حق تتكلم بحاجة زي كده ..؟!"

رد خالد ببرود :

" ده وعد ملك ليا من اول يوم .. وانا واثق من انها مستحيل تتراجع عنه .."

خرجت ريم مسرعة من الفيلا بعدما حملت حقيبتها بينما نظر حامد الى خالد بضيق قبل ان يصرخ به :

" اخرج بره .."

................................................................

كانت هبة اب خالة ملك تجلس على الكنبة في غرفة ملك بينما الاخيرة تسير ذهابا وايابا وهي تغمغم بضيق :

" مستحيل .. جاسر مش بيحبني .. هو بيكدب .. وانا مش بحبه .. انا بحب خالد ومن زمان كمان .."

زفرت هبة انفاسها بضيق ثم صرخت بها بملل :

" كفاية خيلتيني .. اقعدي بقى .."

جلست ملك امامها وهي تهتف بوجع :

" انا بحب خالد يا هبة .. مستحيل اكون بطلت احبه .."

ابتسمت هبة وقالت بجدية :

" مفيش حاجة اسمها مستحيل يا ملك .. اولا القلب قلاب .. ثانيا مين قال انك كنتي بتحبي خالد اصلا ..؟!"

تطلعت اليها ملك بدهشة وسألتها :

" انتي تقصدي ايه ..؟!"

قالت هبة بثقة :

" نتكلم بصراحة ومن غير زعل .. انتِ من ساعة ما كبرتي ودخلتي الثانوية مكنتيش مهتمة بنفسك خالص .. حياتك كلها كانت لأخواتك والدراسة .. بالتالي مفيش شاب بصلك او اهتم بيكي .. خالد الوحيد اللي اعجب بيكي .. خالد الوحيد اللي اعترفلك بحبه .. تخيلي اما بنت مفيش شاب واحد اهتم بيها او شاف طيبة قلبها وجمالها من جوه ويجي واحد يشوف كل ده ويحبها زي ماهي .. طبيعي هتنجذب ليه وهتحس نفسها انها حبته .. لكن ده مش معناه انها بتحبه فعلا .. ممكن تكون بتحبه وممكن تكون حبت حبه ليها .. جبت اهتمامه بيها اللي ملاقتهوش عند اي شاب تاني .. حبت انوا قرب منها وحس بيها .."

تطلعت ملك اليها بحيرة قبل ان تسألها :

" يعني انا محبتش خالد ..؟!"

ردت هبة بجدية :

" لو كنتي حبيتي خالد بجد مكنتيش حبيتي جاسر اصلا .." 

سألتها ملك بإرتباك :

" مين قال اني بحب جاسر ..؟!"

ردت هبة :

" تقدري تقوليلي تدايقتي ليه لما شفتي ريم قريبة منه .. ؟! خفتي ليه من رجوع سيلين ..؟! فرحتي ليه لما قرب منك وباسك .. مبسوطة ليه لما بتتكلمي معاه .. مش ده كلامك اللي انتي قلتيه بنفسك ..؟!"

أومأت ملك برأسها وقالت :

" ايوه انا قلتلك كده بس ده ممكن يكون تعود .."

ردت هبة بضيق :

" مفيش حاجة اسمها تعود .. التعود ميخلكيش تحسي بالسعادة لمجرد انوا باسك .. لو مكنتيش بتحبيه مكنتيش هتتقبلي قربه منك .. التعود ميخلكيش تغيري عليه .. انتي بتغيري عليه يا ملك .. بتغيري عليه من ريم وسيلين .. اعترفي لنفسك بده بقى وريحي دماغك .."

" حتى لو كان كلامك صحيح .. مين قال انوا جاسر فعلا بيحبني ..؟! مش يمكن يكون غلطان فإحساسه ..؟!"

صاحت هبة بضيق وهي تكاد تشد شعرها من شدة الجنون :

" الطم .. انا هلطم بجد .. هو جاسر ده عنده 16 سنة عشان يغلط فإحساسه .. هو مراهق مثلا ومش عارف يحدد شعوره .. ده عنده فوق الخمسة وثلاثين سنة .. وعرف ستات قد شعر راسه .. هيغلط ازاي فإحساسه .. مش كل الناس خايبة زيك ومش عارفة تحدد مشاعرها .."

رمقته ملك بعدم اقتناع وقالت :

" مش يمكن يكون بيجاملني او بيراعي شعوري .. مهو مفيش سبب يخليه يحبني ..؟!"

صاحت هبة بها :

" يجاملك ايه ويراعي زفت شعورك ايه ..؟! هو الموضوع ده فيه مجاملة ..؟! انتي هتجنني ..؟! واحد يجامل وحدة يقولها بحبك .. ملك فوقي لنفسك بقى .. ثانيا الحب لمًا بيجي بيجي من غير سبب .. بيجي لوحده كده .. "

سألتها ملك ببراءة وأمل :

" يعني هو بيحبني بجد ..؟!"

أومأت هبة برأسها وقالت وكأنها تقنع طفلة صغيرة :

" بيحبك وبيعشقك كمان .."

ابتسمت ملك بسعادة لكن سرعان ما اختفت ابتسامتها وهي تقول بألم :

" بس الحب ده مستحيل يكمل ... لانوا ريم بتحب جاسر .. وانا لا يمكن اعيش مع واحد اختي بتحبه .."

جحظت عينا هبة وهي تستمع لحديث ملك الصادم قبل ان تقول بإنفعال :

" كفاية بقى .. لا بجد كفاية بقى .. ريم ايه وزفت ايه ..؟! هي ريم عمرها فكرت او اهتمت فيكي .. كفاية بقى يا ملك .. كفاية بجد .. انتي عاوزة تضيعي الراجل اللي بتحبيه وهو بيعشقك عشان ريم .. يعني لو ريم كانت مكانك كانت ضيعت جاسر عشانك .. كفاية تضحية ومثالية فارغة .. فوقي لنفسك بقى وعيشي حياتك .،"

اجفلت ملك من انفعال هبة وادمعت عيناها لتحاول هبة تهدئة نفسها وهي تمسك ملك الدامعة من يدها وتهتف بجدية :

 " ملك حبيبتي .. ريم دي شيليها من دماغك .. جاسر جوزك انتي وبيحبك انتي .. ريم لو كان عندها شوية ضمير مكانتش هربت وحطتك فموقف زي ده .. دي مفكرتش فيكي ولا فأبوها ولا فالفضيحة اللي كان جاسر ممكن يسببها ليكم .. وحدة زيها مينفعش تفكري فيها اصلا .. متزعليش مني بس انتي اكتر واحدة تعرفي ريم وتعرفي أنانيتها ... فبلاش تحسسيني انها الضحية المسكينة .."

" طب وخالد ..؟!"

سألها ملك بحيرة لترد هبة بتعجب :

" ماله ..؟!"

اجابها ملك بدموع :

" انتي ناسية وعدي ليه ..؟! انا كده خنته وخدعته .."

رمقتها هبة بنظرات ضيقة قبل ان تهتف بحسم :

" خالد ده تنسيه تماما .. تمحيه من دماغك لانوا كلامك معاه يبقى خيانة لجوزك .. ثانيا انتي مبتحبيهوش .. انتي بتحبي جاسر .. مش ذنبك انك حبيتي الراجل اللي اتجوزتيه .. ولا ناوية تضحي عشان خالد وترجعيله وانتي اصلا بتحبي جاسر .. كده تبقي عقدتي الامور اكتر ودمرتي خالد وجاسر لانوا الاول هيعيش مع وحدة مش بتحبه والتاني هيخسر حبيبته .."

نظرت اليها ملك مليا واخذ كلام هبة يدور عدة مرات داخل رأسها ..

.....................................................................

اندفعت ريم الى مكتب جاسر رغم محاولات السكرتيرة لمنعها لينتفض جاسر من مكانه وهو يهتف بضيق :

" انا مش قلت مش عايز حد يدخلي .."

قالت ريم بإصرار :

" لازم تتكلم وتسمعني .."

اشار جاسر الى السكرتيرة كي تخرج ليجد ريم تخرج مجموعة من الصور وترميها امامه وهي تهتف بدموع :

" عايز تعرف سبتك ايه .. انا سبتك بسبب دول ..؟! مقدرتش اتحمل خيانتك ليا .. وخفت اواجهك تجبرني اتجوزك غصب عني خصوصا اني عارفة نفوذك .."

نظر جاسر الى الصور واجاب بهدوء :

" عارف .. ملك حكتلي كل حاجة .. بس للمعلومة فقط الصور دي كانت قديمة .. قبل خطوبتنا انا وانتي .."

سألته ريم بدهشة :

" يعني ايه ..؟! يعني انت مخنتنيش بعد خطوبتنا .."

رد جاسر بهدوء :

" انا عندي علاقات كتير اوي يا ريم .. لكن كلها انتهت من حياتي لمًا خطبتك ..."

قالت ريم بألم :

" عشان بتحبني .." 

هز رأسه نفيا وهو يجيبها بصراحة مطلقة :

" لا يا ريم .. مش عشان بحبك .. عشان انا متعودتش اخون الست اللي هرتبط بيها .. هي دي كل الحكاية .. لكن حب فأنا محبتكيش .. كل الحكاية اني انجذبت ليكي خصوصا بعد ما فضلتي تطارديني فكل مكان وتحاولي تقربي مني بكل الطرق .. اعجبت بيكي وبجمالك وحسيت انك مناسبة ليا كزوجة .. لكن كل حاجة تغيرت بعد هروبك .."

" حاجة ايه اللي تغيرت ..؟! انت عايز تقولي ايه ..؟!"

سألته بنبرة مرتجفة ليرد بعدما اطلق تنهيدة صريحة :

" اللي عايز اقولهولك اني بحب ملك .. واني عايزها هي وبس .."

صاحت بعدم تصديق :

" ملك .. بتحب ملك ..؟! انت اتجننت ..؟! انت واعي لللي بتقوله ..؟! بتحب ملك ..؟! هي فيها حاجة تتحب اصلا .. ؟! دي لا شكل ولا مضمون .."

تطلع اليها جاسر بكره وقال :

" مكنتش اتخيل انوا فيه وحدة تتكلم عن اختها بالشكل ده .. حقيقي كل يوم بكتشف فيكي صفة اسوء من اللي قلبها .. وملك دي عندي تساوي الدنيا كلها .. وشكلها اللي مش عاجبك فأنا بعشقه لدرجة اني مش بشوف ست غيرها .. اما المضمون فهي مفيش فنظافتها من جوه ولا رقتها واحساسها وحس المسؤولية اللي عندها .،"

ضحكت ريم بعدم تصديق وقالت :

" ده انت بتقول فيها شعر .. ده انت عمرك مقلتلي ربع الكلام ده .."

رد جاسر بإبتسامة عاشقة :

" لانها ملك يا ريم .. كلامي ده قليل عليها وعاللي بحسه اتجاهها .." 

حركت كفي يديها امامه وهي تهتف بذهول :

" جاسر .. انت واعي للي بتقوله ..؟!"

ابعد كفي يديها بنفور وقال :

" دي اكتر مرة اكون واعي فيها .."

صمتت لثواني قبل ان تقول بحقد :

" طب انت بتحبها .. هي بقى بتحبك ..؟!"

توترت ملامحه قليلا قبل ان يجيب بهدوء :

" دي حاجة خاصة بينا .."

قاطعته بجدية :

" لا مش خاصة .. انت عارف ومتأكد انها مش بتحبك وانها بتعشق خالد .. كلنا عارفين الكلام ده .. دي بتحبه من لمًا كانت طفلة صغيرة .. حبه كبر معاها .."

" كفاية بقى .. انا مسمحلكيش تتكلمي عن مراتي بالشكل ده .."

ردت عليه بإبتسامة باردة :

" لو عاوز تحاسب حد روح حاسب مراتك اللي قالت لخالد ووعدته انوا جوازكم هيفضل عالورق وبس .. وانها مش هتخليك تقرب منها .. هو مش جوازكم لسه عالورق ولا انا غلطانة .."

اتسعت ابتسامتها وهي تشاهد الجمود الذي سيطر على ملامح وجهه ..


الفصل الثامن 


خرج جاسر من مكتبه وهو يكاد ينفجر من شدة الغضب .. ركب سيارته واخذ يقودها بسرعة كبيرة .. كلمات ريم تتردد داخل عقله فتزيد من غضبه وجنونه ..

كيف تخبر خالد بهذا ..؟! كيف تكشف لها سرهما ..؟!

ضغط بأنامله على مقود السيارة وهو يسب خالد وريم ويلعنهما .. فلولا وجودهما لكانت ملك ملكه منذ وقت طويل .. وما كان ليحدث كل هذا ..

اوقف سيارته امام بوابة القصر وهبط منها متجاهلا تحية حراس القصر .. دلف الى الداخل مسرعا وصعد الى الطابق العلوي متجاهلا نظرات والدته وسيلين المستغربة .. دلف الى غرفته ليجد ملك تبكي واختيه تجلسان بجانبها تواسيانها ..

رق قلبه لها وانجلى غضبه بسرعة حينما سمع صوت بكائها ورأى دموعها .. اللعنة انها تؤثر به وتجعله يقف كالمشلول امامها .. نظر الى اختيه وسألهما بصوت متحشرج :

" فيه ايه ..؟!"

وقفت زينة وهي تجيبه :

" معرفش يا ابيه .. احنا كنا جايين نتكلم معاها لقينا منهارة وبتعيط .."

اشار لهما كي يخرجها فخرجا تاركين ملك لوحدها معه .. رفعت عينيها الباكيتين نحوه فارتفعت نبضات قلبها بعنف لتزداد شهقات بكائها .. جلس بجانبها ومسح على ظهرها متسائلا بحنو :

" مالك يا حبيبتي ..؟! بتعيطي ليه ..؟!"

ثم لمس كف يدها برقة بالغة واكمل :

" حصل ايه يا ملك ..؟! بلاش تخوفيني عليكِ .."

وجدها تهتف بنبرة باكية وكأنها تحدث نفسها لا تحدثه كما فعلت في مواجهتهما صباح اليوم :

" تعرف انوا انا عندي 19 سنة دلوقتي .. "

نظر اليها بتعجب فأكملت :

" تعرف انوا خالد ابن عمي هو الوحيد طول السنين دي اللي قالي انوا معجب بيا وبيحبني .."

لا يعرف جاسر كيف سيطر على غضبه وقرر ان يستمع لها لتكمل هي بشرود :

" كان اول واحد يحسسني انوا بيحبني رغم كل حاجة .. اول واحد يعجب بيا .. اول واحد يشوفني من جوه .. كنا متفقين انوا هنتجوز بعد التخرج .. وعدني انوا هيسكن معانا بالفيلا عشان اراعي اخواتي واهتم بيهم .."

اكملت بدموع حارقة :

" لما اتجوزتك وعدته اني هفضل احبه واني مش تخليك تلمسني او تقرب مني .."

اغمض جاسر عينيه واعتصر قبضتي وهو يضغط على اعصابه بقوة عجيبه بينما استرسلت هي في حديثها قائلة :

" بس انا منفذتش الوعد ده يا جاسر .. انا خنت خالد .. ورجعت فوعدي ليه .."

سألها بعدم فهم :

" خنتيه ازاي يا ملك ..؟! احنا محصلش حاجة بينا .."

ردت ملك بوجع :

" الخيانة مش بالجسد بس يا جاسر .. الخيانة بالمشاعر كمان .. "

حاول ان يستوعب كلماتها ولأول مرة يجد نفسه غبيا في تفسير معنى كلام الشخص المقابل بينما اكملت هي بحشرجة :

" انا بعد كلام هبة معايا مقتنعتش باللي قالته .. قررت اعتمد على نفسي واسأل قلبي .. اشوفه هيرد عليا بإيه .. اتمنيت يقولي انوا هو بيحب خالد .. وانوا خالد الشخص الوحيد اللي حبيته .. بس هو مقالش كده .. تعرف قالي ايه ..؟! قالي انوا خالد عمره مكان الشخص اللي بحبه .. هو لا كان ولا هيكون حبيبي .. هبة كان معاها حق .. كل كلامها كان صح .."

نبض قلب جاسر بعنف ولم يستوعب ما يسمعه على لسانها .. لقد جاء ليعاقبها على افشائها سرهما لحبيبها فوجدها تخبره انها لا تحب خالد من الاساس ..

سألها وهو يمسكها من ذراعيها ويديرها نحوه محاولا التأكد مما سمعه :

" ملك انتي واعية للي بتقوليه ..؟! انتي مستوعبة كلامك ده ..؟!"

هزت رأسها والدموع اللاذعة تغطي وجهها بالكامل لتكمل بعد شهقات متتالية :

" انا خدعت خالد .. انا مبحبهوش .. "

ثم رمت نفسها بين احضانه وهي تهتف بنحيب :

" انا بحبك انت .. انا بحب جاسر .. "

لم يصدق جاسر ما سمعه ... شعر في تلك اللحظة انوا عاد مراهقا صغيرا يسمع كلمات الحب من حبيبته لأول مرة .. لم يشعر بنفسه الا وهو يشدد من احتضانها والاف الافكار تدور داخل عقله .. ما أرقه لليالي طويلة وتمناه كثيرا تحقق .. ملك بين يديه تعترف له بأنها تحبه .. 

شعر بدموعها تبلل قميصه فأبعدها عنه واخذ ينظر الى وجهها الاحمر من شدة البكاء ليمسح دموعها بأنامله ويقول :

" انتي مش خاينة يا ملك .. المشاعر مش بإيدينا .. وانتي بالنهاية حبيتي الشخص اللي يبقى جوزك .. مش ذنبك انك اضطريتيني تتجوزيني .. ولا ذنبك انك حبيتيني .. واللي حصل ده احسن ليكي وليه .. احسن بكتير .. انتي كان ممكن تكتشفي ده بعد جوازك منه وساعتها كنتوا هتعيشوا بتعاسة .."

نظرت اليه وقالت :

" هبة قالت نفس الكلام بتاعك بالضبط .. بس انا مقتنعتش بيه .."

ابتسم وقال :

" هبة دي انا محتاج اشوفها واشكرها من هنا للصبح .."

ابتسمت وقالت :

" هي اللي خلتني اكتشف حبي ليك .. "

رد بضحك :

" لا ده انا هجيبها تعيش معانا .."

اغمضت عينيها قليلا وهي تبتسم بإنتعاش بينما اخذ هو يتأملها بعشق خالص ليجد جبينها يتغضن بعد لحظات والوجوم يسيطر على ملامحها ..

فتحت عينيها وهي تنظر له بضيق فتطلع اليها بعدم فهم لتقول :

" هي سيلين هتستقر هنا بجد .. ؟!"

زفر انفاسه براحة ورد :

" هسربهالك قريب .. متقلقيش .."

ردت بسخرية :

" تسربها ايه ..؟! هي فار .. ؟!"

ضحك بقوة وهو يجذبها نحوه محتضنا اياها ..

ثم ابعدها عنه بعد لحظات واخذ يتأملها بنظرات راغبة متعطشة ...

اخفضت رأسها خجلا وقد فهمت نظراته ليقترب منها ويخلع نظاراتها فنظرت اليه بعينيها البنتين الواسعتين ثم وجدته يفك شعرها الطويل لينسدل على جانبي وجهها .. ابتسم لها بجاذبية خفق قلبها لها ثم انحنى يقبل شفتيها ببطء لذيذ فتجاوبت معه هذه المرة بعفوية وبراءة اثارت جنونه .. ظل يقبلها برغبة شديدة حتى شعر بأنفاسها تتقطع ..

ابتعد عنها محاولا اخذ انفاسه ليجذبها من كف يدها ويتجه بها نحو السرير فهتفت بإعتراض خجول :

" خليني اخذ شاور الاول .." 

رد معارضا اياها :

" عاوزك كده من غير اي حاجة .."

ثم اجلسها على السرير وعاد يقبلها من جديد بينما أنامله تعبث بأزرار قميصها تفتحه الواحد تلو الاخر وهي مستسلمة له كليا تحاول ان تبادله شغفه وجنونه الطاغي رغم خجلها وانعدام خبرتها ..

بعد فترة كان كلاهما مستلقيا على السرير وقلبه ينبض بعنف .. جاسر يشعر بالكمال لأول مرة .. شعور رائع لم يستوعبه بعد .. اخذ يسأل نفسه هل كل مرة معها ستكون بهذة الروعة ..؟! لقد شعر كأنه يلمس إمرأة لأول مرة وكأنه لم يعرف إمرأة من قبل ..

انا ملك فكان جسدها يرتعش بشدة وعيناها تنظران للسقف مشحونة بعاطفة غريبة .. التجربة كانت اروع مما تخيلت .. وبالرغم من انها بالكاد استطاعت التجاوب مع عاطفته الشديدة الا انها شعرت بكل شيء .. اضافة الى كلمات الحب والغزل التي القاها على مسامعها وجعلتها تغرق به اكثر واكثر .. لقد شعرت أنها أنثى بحق .. معه وبه اكتملت انوثتها ..

شعرت به يلمس وجنتها برقة فجذبت الغطاء جيدا حول جسدها العاري والتفتت نحوه تتأمله بإفتنان ليسألها بجدية :

" وجعتك ..؟!"

احمرت وجنتيها وهي تهز رأسها نفيا ليبتسم لها ويقترب منها مقبلا شفتيها برقة .. كان يرغب في تكرار التجربة لكن صغر سنها و نحافة جسدها منعته من هذا فهو يخاف الا تتحمل تكرار التجربة مرة اخرى في نفس الليلة ..

اخذ يمر بأنامله على ذراعها العلوي ليشعر بإرتجاف جسدها ..

" جاسر .."

" نعم .."

نظرت اليه وقالت :

" هو انا كنت هبلة مش كده ..؟!"

سألته بتوتر ليضحك وهو يقول :

" هبلة ازاي ..؟!"

اجابته ببراءة :

" مكنتش زي مانت حابب .. انا عارفة اني صغيرة ومش فاهمة حاجة .."

قاطعها بحب :

" انتي كنتي اروع مما تتخيلي .."

ابتسمت وهي تقول بشغل :

" بتجاملني انا عارفة .."

قرصها من انفها وقال :

" جاسر مبيعرفش يجامل .."

رن هاتفه فرفر انفاسه بضيق وهو يحمله ليجد زينة تتصل به فاجاب بهدوء :

" نعم ..؟!"

ارتبكت زينة وهي تسأله :

" ماما بتقول مش هتنزلوا تتعشوا ..؟!"

نظر الى ملك وسألها بخفوت :

" جعانة ..؟!"

هزت رأسها نفيا ليجيبها :

" لا مش عاوزين نتعشى .. احنا هنام خفيف .."

ابتسمت زينة بحرج وهي تغلق الهاتف بينما عاد جاسر الى ملك وقال :

" ملك .."

" نعم .."

سألها بجدية :

" هو فرق السن مش عاملك مشكلة خالص ..؟!"

ضحكت بمرح وقالت :

" فرق سن ايه بس .. فرق السن ده احلى حاجة .. اساسا كل الروايات اللي بقرأها البطل اكبر من البطلة بكتير .."

" طب بصيلي عشان بتكلم بجد .. انتي عارفة انا اكبر منك بكام سنة ..؟!"

أومأت برأسها وهي تقول بجدية :

"17 سنة .. بس اللي بيحب حد مش هيهمه لا فرق السن ولا الشكل ولا الحالة المادية ولا اي حاجة .. وانا بحبك كده لوحدك من غيرتي اعتبارات .. بحبك لذاتك وكنت هحبك حتى لو كنت اكبر مني بثلاثين سنة .."

ثم اكملت وعينيها تلمع بمكر :

" ثانيا فرق السن ده احسن ليا .."

رفع حاجبه متسائلا :

" ليه ان شاءالله ..؟!"

ردت بمرح :

" عشان انا مهما كبرت هفضل اصغر منك بكتير وبالتالي مش هتبص لغيري زي ما كل الرجالة بيعملوا لما زوجاتهم بيكبروا .."

رد بمكر :

" يا حبيتي اللي عاوز يبص بره هيبص حتى لو كان متجوز وحدك قد بنته .." 

رمقته بنظرة حادة وقالت :

" يعني انت هتبص بره بكل الاحوال ..؟!" 

جذبها نحو صدره وقال :

" انا مستحيل ابص بره مهما حصل .. لاني بحبك واللي بيحب وحدة مش بيشوف غيرها .."

........................................................................

حل الصباح عليهما ففتحت ملك عينيها لتجد جاسر ينظر لها بعذوبة .. ابتسمت له بحب فوجدته يقترب منها ويقبلها من وجنتيها برقة قبل ان ينحني نحو شفتيها ويقبلها مزيحا الغطاء عن جسدها مكررا تجربة الليلة الماضية بشغف اكبر ..

بعد فترة ابتعد عنها وهو يلهث بقوة بينما سحبت هي الغطاء تستر به جسدها قبل ان تهتف بخجل :

" انا عاوزة اخذ شاور .."

" طب قومي .."

نظرت له وقالت :

" طب ابعد وشك عشان هقوم وانت عارف اني مش لابسة حاجة .."

رد بخبث :

" وفيها ايه ..؟! منا شفت كل ده قبل كده .."

صرخت به بحرج :

" جاسر .."

كتم ضحكته بصعوبة وادار وجهه بعيدا عنه لتنهض مسرعة وتلتقط ملابسها وترتديها قبل ان تركض نحو الحمام ..

خرجت بعد فترة وهي ترتدي روب الاستحمام لتجد جاسر يجري اتصالا يخص العمل قبل ان يغلق الهاتف وينظر اليها بحب ثم يقترب منها ويقبلها من جبينها ويهمس لها :

" هاخد شاور ونغير هدومنا ونطلع نفطر بره .. فيه مطعم بيطل عالنيل هيعجبك اووي .."

ابتسمت له ثم اتجهت نحو الهاتف تعبث به ترسل رسالة لهبة تخبرها عما حدث .. بعثت لها برسالة مختصرة قبل ان يرن هاتفها باسم ريم .. ارتبكت كليا وهي تجيبها ليأتيها صوت ريم الغاضب :

" مبسوطة بعد ما سرقتي حبيب اختك .. مرتاحة دلوقتي يا ملك وانتي عايشة مع الرجل اللي اختك بتحبه .. ضميرك مرتاح وانتي عارفة اني بعشقه ومن زمان .. بس يا ترى جاسر يستاهل انك تخسري اختك الكبيرة عشانه .. يستاهل آنك تضحي بيا انا اختك عشانه هو .."

قالت كلماتها المسمومة ثم اغلقت الخط في وجهها لتظل كلماتها تتردد داخل اذن ملك التي ارتعش جسدها بالكامل واخذ قلبها يدق بقوة ..

ضغطت على عينيها كي لا تبكي ثم سارعت وغيرت ملابسها وارتدت نظارتها وعقدت شعرها دون حتى ان تسرحه ..

وجدت جاسر يخرج من الحمام وهو يحيط خصره بالمنشفة ليهتف بتعجب :

" جهزتي بسرعة .. ثواني واجهز .."

" انا هروح بيتنا .."

سألها مستغربا :

" بيت مين ..؟!"

ردت بجدية :

" بيت بابا .. وهستني ورقة الطلاق .."

تطلع اليها بعدم فهم وعندما وجد الجمود واضح على ملامحها سألها بعدم تصديق :

" ملك انتي بتقولي ايه ..؟! طلاق مين ..؟!"

ردت بقوة :

" طلاقنا .. احنه مننفعش لبعض يا جاسر .."

حاول ان يقترب منها ويلمسها لكنها ترجته بدموع :

" متقربش ارجوك .. انا خدت قراري خلاص .. احنه لازم تتطلق .."

سألها بصوت متحشرج :

" انتي واعية للي بتطلبي ..؟! ملك انا جاسر .. فيه ايه ..؟! احنه كنا من شوية مبسوطين وهنخرج سوا .. طلاق ايه اللي خطر على بالك ..؟!"

اجابته وهي تمسح دموعها :

" ده قراري النهائي وارجوك متضغطش عليا .."

ثم حملت حقيبتها وهاتفها وركضت مسرعة خارج الغرفة ..

...............................................................

دلفت ملك الى منزل والدها لتجد والدها في وجهها فركضت نحوه والدموع تغطي عينيها .. احتضنها وهو يسألها بقلق :

" مالك يا حبيبتي ..؟! بتعيطي ايه ..؟!"

اجابته بجدية :

" انا قررت اني اطلق من جاسر .."

ثم اردفت وهي تتجه نحو الطابق العلوي :

" انا هروح اوضتي ومش عاوزة اشوف حد .. وارجوك لمًا جاسر يجي خليه يطلقني بهدوء .. انا مش حابه اشوفه ولا اشوف اي حد .."

ثم اتجهت نحو غرفتها لتبكي هناك كما تشاء ..

جلس الاب على الكنبة يفكر فيما يحدث ليجد جاسر يلج اليه بعد لحظات وهو يهتف بقلق :

" فين ملك يا حامد بيه ..؟؟"

رد حامد بهدوء :

" ملك فأوضتها ورافضة تشوف اي حد .. وكمان عاوزة تطلق .."

رد جاسر بقوة :

" انا مش هطلقها .. ملك ملكي ومستحيل اسيبها .."

رد حامد بحيرة :

" بس ده كان اتفاقنا من الاول يا جاسر .. كام شهر وتطلقها .."

رد جاسر بجدية :

" الاتفاق ده اتلغى خلاص .. انا بحبها وهي بتحبني ومستحيل اتخلى عنها .."

ثم اكمل بتنهيدة :

"انا هسيبها كام يوم ترتاح هنا .. بس لازم تفهمها اني متمسك بيها ومش هتخلى عنها وهتفضل مراتي لاخر يوم فعمري .."

هم بالخروج ليجد ريم امامه ويبدو انها استمعت الى كلماته الاخيرة تنظر اليه بحقد ليطالعها بلا مبالاة ويرحل ..

......................................................

مساءا ..

كانت ملك تجلس في غرفتها وهي تبكي بصمت .. وجدت ريم تدلف الى الداخل وهي تسألها بضيق :

" هديتي ..؟!"

تأملتها ملك بكره لتكمل ريم وهي تجلس بجانبها :

" جاسر رفض يطلقك .. بس انا عاوزاكي تجبريه على ده .."

تطلعت اليها ملك بنفور لتكمل ريم :

" ده عشانا احنا الاتنين .. عشان منسمحش لرجل يدمر علاقتنا .."

ثم اكملت بمكر :

" مش هنخسر بعض عشان جاسر يا ملك .. صح ..؟!"

ثم اكملت بخبث :

" انتي هتقولي لجاسر انك عاوزة تتطلقي بسرعة عشان تتجوزي خالد لانك بتحبيه من زمان ودي امنية حياتك .."

رمقتها ملك بنظرات كارهة بينما فوجئت ريم بوالدها يدخل الى الداخل وهو يهتف :

" إياكِ يا ملك تعملي كده ..؟! جاسر بيحبك متخسريهوش .."

نهضت ريم من مكانها وقالت :

" انت بتقول كده يا بابا ..؟! عاوزها تتجوز الراجل اللي انا بحبه ..؟!"

رد حامد بجمود :

" انتي عاوزاها تخسر جوزها اللي بيحبها عشان انانيتك .. انتي فاكرة انا مش عارف انتي بتخططي لإيه ..؟! عاوزة جاسر يطلق ملك عشان ترجعي تلفي حواليه ويتجوزك .. انا مش فاهم انتي ازاي قادرة تكوني بالحقارة دي .. ؟! ازاي ..؟!"

صرخت ريم :

" انا ..؟! انا الحقيرة ..؟! وبنتك اللي سرقت خطيبي مني تبقى ايه ..؟! طبعا مهي دايما الملاك .. العفيفة اللي مبتغلطش .. اما ريم الوحشة اللي معندهاش قلب ولا ضمير .. بس لا المرة دي مش هسمحلها تاخذ جاسر مني .. هي خدت حبكوا انت وماما .. خدت اهتمامكم ... بس مش هسمحلها تاخذ جاسر مني .."

التفتت نحو ملك وصرحت بغل :

" جاسر ليا يا ملك .. مش هسمحلك تاخديه .. انتي فاهمة ..؟! انا مستعدة اقتلك .. اقتلك واخلص منك ولا انك تاخديه مني .."

جذبها والدها من ذراعها وصفعها بقوة لتنظر اليه بصدمة قبل ان تصيح بجنون :

" انا بكرهك .. طول عمري بكرهك ..عمري محبيتك .. دايما شايفني مش مسؤولة .. دايما كارهني .. انا بكرهك .. بكرهك وعايزاك تموت .."

وضع حامد يده على قلبه وهو يشعر بألم شديد في صدره .. تطلعت اليه ملك برعب حتى وجدته يسقط ارضا امامها وهو يصرخ بقوة ..


                الفصل التاسع من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>