رواية شغف الفصل الثامن عشر والتاسع عشر بقلم ضحي حجازي


 رواية شغف 

الفصل الثامن عشر والتاسع عشر

الفصل الثامن عشر :

ذهب لهم بسرعة كبيرة حينما علم بأختفاء "لينا" ...أخبر أمن المول وبحثوا كثيراً ولكن لم يجدوها ...كان يعلم ان مايفعله لن يأتي بنتيجة ولكن كان عليه الركض وراء أي احتمال ... 

حالة "شغف" كانت تمزق نياط القلب فهي لم تتوقف عن البكاء طوال طريق عودتهم الي المنزل فقد أعادهم "أدهم" كي يذهب هو للبحث عنها ...وما ان وصلوا حتي حاول ان يفهم منهم كيف أختفت فردت "نور" التي لم تتوقف عن البكاء هي الأخري :

ـ هي كانت قاعدة علي الكرسي جنبي بس راكان جري من جنبنا فقومت اجيبه رجعت ملقتهاش ... انا والله مش عارفه ازاي ده حصل الموضوع مخدش دقيقة ...أزدادت حدة بكائها وه تقول : أنا آسفة اوي كل ده حصل بسببي 

ـ ده مش ذنبك هو كان هيخطفها هيخطفها طالما حط الموضوع في دماغه 

تظرت نحوه "شغف" بدهشة قائلة :

ـ انت تعرف مين الي خطفها ؟!

أغمض عينيه بألم وهو يقول :

ـ عمر 

نظرت نحوه بذعر قائلة ببكاء  :

ـ عمر ؟! يعني هو عرف انها بنته ومش هيرجعهالي تاني ...أكملت بجنون : يعني مش هشوف بنتي تاني

أمسك وجهها بهدوء كي يطمئنها قائلاً: 

ـ أهدي يا حبيبتي أهدي ...هو ميعرفش انها بنته هو بعتلي رسالة عرفت منها انه مفكرها بنتي انا ...وحتي لو عرف علي جثتي أسيبها معاه ...عشان خاطري أستحملي وثقي فيا 

تشبثت رقية الباكية بيد والدها قائلة :

ـ بابا هو انا مش هشوف لينا تاني 

ـ لا يا حبيبتي لينا في مشوار وانا شويه وهجيبها 

أخذت تبكي بشدة وهي تقول له:

ـ انا خايفة 

ـ متخافيش طول م انا وماما معاكي يا قلبي 

لم تستطع "شغف" تحمل بكائها فيكفيها أن واحدة من طفلتيها بعيدة عنها ...أخذت تهدئها وهي تمنيها وتمني نفسها ان "لينا" ستعود قريباً ...وفي تلك الأثناء ذهب "أدهم" للقاء "كريم" كي يتوصلوا لحل للعثور علي "لينا" ..

................................

في طريقه الي قسم لشرطة الذي يعمل به "كريم" جاءته مكالمة من رقم مجهول فقام بالرد لياتيه صوت ضحكات "عمر" وهو يقول :

ـ أيه يا بطل مجتش عشان تنقذ بنتك مني ليه ولا انت مش فاضي النهاردة 

جن جنونه حينما سمع صوته وقال له بغضب :

ـ أقسم بالله هقتلك لو جرالها حاجة انت سامعني

رد عليه بسخرية قائلاً : 

ـ لا لا لا مش كده أهدي شويه ليطقلك عرق ولا حاجة ...ثم أكمل بنبرة جامدة : عايز بنتك يبقي تيجي انت والهانم مراتك المصون بعد بكره  تاخدوها مني في العنوان الي هبعتهولك دلوقتي ولوحدكوا وأتأكد ان في اللحظة الي هتفكر تلعب بديلك وتبلغ البوليس رصاصة واحدة وبنتك مش هتبقي موجودة علي وش الأرض ...تعليماتي قولتها وأي مخالفة فيها هتكلفك حياة بنتك انا مبقاش عندي حاجة أخسرها ولا حاجة أخاف منها تسجنوني أو تحطوني في مستشفي المجانين ولا تقتلوني حتي ميهمنيش وحط  في بالك اني مراقب كل تحركاتك حتي موبايلك عارف انت بتكلم مين منه ومين لا فأوعي تفكر تستغباني المرادي انا معايا جيش مش 3 رجالة أغبياء زي الي قدرتوا تخلصوا عليهم...قالها ثم أغلق الهاتف في وجهه 

صرخ "أدهم" بجنون وهو يضرب علي مقود السيارة بقوة وعينيه تذرف دموع العجز قائلاً :

ـ يــارب

.....................................

أخبر "شغف" بما حدث وانها يجب ان تذهب معه فكان جوابها :

ـ انا اصلاً كنت هاجي معاك حتي لو هو مقالش ...أدهم انا عايزة بنتي ...انا أموت من غيرها 

ـ مكنتش عايز أدخلك في المواضيع دي ...مكنتش عايز أخليكي تقربي من مكان هو فيه ...مكنتش عايز أحط حياتك في خطر ...ثم بكي بشدة وهو يقول : 

ـ بس مش عارف ...مش عارف أرجع لينا ...مش عارف احميكي ...هوديكي بأيدي للمكان الي هو فيه وانا زي م أكون متكتف ومش قادر أعمل حاجة 

ـ أدهم ..انا واثقة فيك ...واثقة انك هتحميني ...واثقة انك هترجعلي بنتي ...بس انت لازم تقف علي رجلك عشان تحمينا طول م انت كده مش هتقدر 

وكأن كلامها كان الشعلة التي جعلت النار التي بداخله تشتعل مرة أخري فقام بضمها لصدره كي يشعرها ببعض من الامان الذي فقدته وعقله بدأ يفكر كي يصل لطريقة يعيد بها طفلته ويبقي حبيبته سالمة ...

........................................

في اليوم المتفق عليه ذهب برفقة زوجته الي المكان الذي أعطاه عنوانه "عمر" والذي كان أشبه بالصحراء وبالطبع أخذ معه سلاحه لأنه يعلم انه سيحتاجه علي الرغم من معرفته انهم لن يتركوه معه ...وانتظر حتي تأتي سيارة "عمر" لتقلهم الي المكان الذي توجد به "لينا" وهو يمسك بشغف ويحاول أن يشعرها انها بأمان معه لكن هيهات فهو سيموت من الرعب عليها ...هو يستطيع ان يتعايش مع تلك الأجواء ولكن هي ؟!... و ما ان جاءت تلك السيارة حتي هبط  منها رجال "عمر" وقاموا بتجريد "أدهم" من سلاحه ثم قاموا بتكبيل يديه وكذلك فعلوا مع "شغف" ليصيح بهم "أدهم" حينما أمسك أحدهم بشغف :

ـ انتو بتعملوا ايه ...محدش يلمسها ...أبعدوا عنها بقولكوا ...والله العظيم م هسيبكوا يا كلاب 

"شغف" لم تكن تفعل أي شئ سوي البكاء لا تعلم أتبكي من خوفها علي ابنتها أم علي "أدهم" أم علي حالها لا تعلم سوي انها تريد لهذا الكابوس ان ينتهي بأسرع وقت ممكن 

حاول "أدهم" كثيراً ان يتخلص منهم ولكن بلا فائدة فلم يستطع سوي أن يحاول تهدئتها قائلاً :

ـ متقلقيش يا حبيبتي والله م هخلي أي حد يأذيكي متخافيش أنا جنبك ...لم يستطع ان يكمل كلماته فقد قاموا بجره علي السيارة ووضعوا كيساً قماشياً علي وجهه كي لا يتمكن من الرؤية وقاموا بزجه الي جوارها في السيارة وهو يكاد يمزت من الخوف عليها ويلعن نفسه مراراً أنه اتي بها الي هنا وأقحمها في كل ذلك ..

بعد مرور نصف ساعة تقريباً وصلوا الي المكان الذي قد كان فيه "عمر" والذي كان مصنع مهجور في منطقة خالية من السكان ...بالطبع لم يري أدهم ذلك ولكن هي كانت تري ...زجوا بهم الي داخل المصنع ثم بعد قليل دخل عليهم "عمر" الذي قال بسخرية من حالهم :

ـ أهلاً بيكو عندي ...لازم تاخدوا ضيافتكوا طبعاً أحنا مش بخلاء 

ثم قال نظر الي أحد حراسه قائلاً :

ـ أكرموه 

لينهال أربعة رجال عليه بالضرب المبرح بأرجلهم وهو يصرخ بجنون لأنه مكبل ولا يستطيع ان يرد لهم الصاع صاعين ثم قال بغصب عام :

ـ أقسم بالله هقتلك ...لو راجل فكني 

ضحك "عمر" قائلاً بسخرية :

ـ أعتبرني جنس تالت عادي ...انت النهاردة هيكون عندك حصري سمع وبس ...هخليك تسمع صوت الرصاصة الي هتقتل حبيبة قلبك وانت عاجز مرمي علي الأرض مش قادر تعمل حاجة ...حتي أخر نظرة ليها هحرمك منها هخليك بس تشوفها مرمية علي الأرض في دمها بعد م تموت 

صرخ فيه بجنون قائلاً:

ـ مش هخليك تلمس شعرة واحدة منها انت سامعني ...هندمك علي اليوم الي اتولدت فيه 

ضحك وهو يقول له بتشفي :

ـ كنت قدرت علي الي بيضربوا فيك دول ...انت هنا لوحدك ومن غير سلاح ومتكتف متخيل انك هتقدر عليا انا وانا معايا أكتر من 40 راجل مسلحين ...مش كل مرة هتكون انت الكسبان المرادي الخسارة عندي مستحيلة ...ثم قال مخاطباً رجاله : كملوا عليه بس عايز فيه الروح لحد م يحضر موت حبيبة القلب وبعد كده هخلص عليه انا بأيدي ...ثم نظر الي "شغف" وهو يقترب منها ويمسكها من ذقتها بقوة : 

ـ ليدز فرست ...مش كده يا زوجتي المصون بفهم في الأصول أوي أنا صح 

بكت بقوة شديدة وهي تقول له برجاء :

ـ بص انت مشكلتك معايا انا مش معاه ...سيبه وانا هرجعلك وهعمل كل الي انت عايزه بس أرجوك سيبه 

ضحك بقوة حتي أدمعت عينيه  ثم تغيرت ملامحه وهو يقول بغضب :

ـ هو انتي مفكرة اني بعد كل الي عملتيه ده عايزك ؟! بعد م كنتي السبب اني أفضل في الزفت المستشفي دي أكتر من سنة ؟! بعد م فضلتيه عليا وسافرتي معاه ...بعد م حققتي أمنيتك الي انا معرفتش أحققها وخلفتي منه ؟! ...أنا أديتك كتير أوي ...خليتك نقطة ضعفي ...خليتك أهم حاجة في حياتي بس أنتي متستاهليش انتي الي زيك حتي ليلة معايا كتير عليكي ...أنا دلوقتي مش عايز غير روحك وروحه وهاخدها زي م خدت روح بنتكو

صرخت بجنون وهي تجهش بالبكاء بقوة :

ـ بنتــي

قال بتشفي :

ـ أه بنتك وبنتو الي انتو جاين عشان تاخدوها بس للأسف هي خلاص بقت تحت التراب ...أمسك بفكها بقوة حتي كاد يقتلعه من مكانه وهو يقول :

ـ مش هي دي الي روحتيله وسيبتيني عشان تجيبيها بس هي مكانتش حقك من الأول ...عشان كده خدتها منك ..بس متخافيش هكون حنين وهبعتك ليها دلوقتي ...قالها ثم صوب فوهة مسدسه الذي كان في يده علي رأسها وهو يرفع الزناد ويقول ل"أدهم" :

ـ أقرا علي روح حبيبة قلبك الفاتحة 

أخذ يصرخ فيه قائلاً :

يا غبي الي انت قتلتها دي مش بنتي ...دي بنتك انت ...أنت بأيدك النجسة دي قتلت بنتك 

نظر حوله بعدم تصديق وهو يقول بجنون :

ـ انت كداب انا مبخلفش 

ـ كان في أحتمال ضعيف وربنا خلاه يبقي حقيقة ...مبصيتش للبنت وشوفت ان شكلها كبير علي ان عمرها يكون سنة 

صرخ بقوة وهو يقول :

ـ لا ...انت بتقول كده عشان تمنعني اني اقتلها بس مش هنولك الي في بالك ..

مرت دقائق ثقيلة علي قلبه وهو يشعر انه يموت في كل لحظة ودموع العجز ملئت وجهه الي ان سمع دوي رصاصة صدح في الأرجاء حتي صرخ بكل ما يمتلك من قوة :

ـ شــغــف !



الفصل التاسع عشر :

ـ أدهم ...أدهم أهدي هفكك دلوقتي احنا وصلنا خلاص ...كان هذا صوت "كريم" الذي كان يحاول طمأنة "أدهم" 

قام بحل وثاقه فما ان انتهي حتي تخطاه "أدهم" ليطمئن علي "شغف" ...أخذت عينيه تدور بجنون في المكان بحثاً عنها حتي وجدها ..حية لم تصب بأذي ...ركض ناحيتها بسرعة وقام بجذبها الي صدره وهو يقول لها :

ـ حبيبتي ...انا جنبك خلاص متخافيش 

كانت تحدق أمامها بجمود ولا يهتز لها ساكن ..."عمر" لقد نسيه تماماً ...ما ان وقعت عينيه عليه حتي رأي الدماء تقطر من رأسه توضح ان تلك الرصاصة لم تكن سوي الوسيلة التي اختارها لإنهاء حياته ...الأنتحار 

علي الرغم من معرفته انه مات لكنه لم يجد نفسه الا وهو يذهب اليه وينهال عليه ضرباً بجنون ليمسكه "كريم" ويحاول منعه قائلاً :

ـ أدهم خلاص ..خلاص يا أدهم مات ...خلاص سيبه

قال بغضب عارم ودموع الحسرة تهطل من عينيه :

ـ الحيوان قتلها ...قتل بنتي

حاول مواساته وهو يدري بكم الألم الذي يشعر به : 

ـ خلاص يا أدهم ربنا يرحمها خلاص ...ثم قال له برجاء : شوف شغف هي محتاجالك دلوقتي 

نظر تجاهه وهو يبكي بقوة قائلاً :

ـ فكرته قتلها ...فكرته قتل شغف وانا مرمي جنبها مش قادر أحميها 

ـ الحمد لله ربنا سترها وريحنا منه ...شوف شغف هي بجد محتاجالك 

........قبل عشر دقائق..... 

يا غبي الي انت قتلتها دي مش بنتي ...دي بنتك انت ...أنت بأيدك النجسة دي قتلت بنتك 

نظر حوله بعدم تصديق وهو يقول بجنون :

ـ انت كداب انا مبخلفش 

ـ كان في أحتمال ضعيف وربنا خلاه يبقي حقيقة ...مبصيتش للبنت وشوفت ان شكلها كبير علي ان عمرها يكون سنة 

صرخ بقوة وهو يقول:

ـ لا ...انت بتقول كده عشان تمنعني اني اقتلها بس مش هنولك الي في بالك

صوب فوهة سلاحه أمام وجه "شغف" التي أصبحت تحاكي الأموات منذ معرفتها بموت طفلتها ولكنه بالفعل تذكر شكل الطفلة والذي كان يدل ان عمرها مقارب لعمر "أحمد" ابن اخته "مايا" وان كانت تلك ابنة "أدهم" لكانت بعمر أصغر بكثير ...تذكر أيضاً عينيها الخضراء والتي ما ان رأها حتي دهش فهي قد كانت مطابقة لعينيه ...هذا يعني انه قد ...قد قتل طفلته التي لم يتمني غيرها في حياته كلها ...

هنا جائته نوبة أخري من نوبات هلوسته لكن كان بطلها هو ...رآي ذلك الطفل الذي كان قي عمر الثامنة ويديه ملطخة بدم الخادمة التي حاول قتلها كي ينقذ نفسه من ضربها المستمر له 

سمعه يقول له بلوم :

ـ انت عملت اكتر من الي كانوا بيعملوه فيك ...همه كانوا بيضربوك وبيأذوا نفسيتك بس انت قتلت بنتك ...كنت دايماً بتقول انك مش هتبقي زيه بس انت بقيت أوحش منه ...أنت أوحش منهم كلهم ...انت مش بتعمل أي حاجة غير انك بتأذي الي حواليك ...انت شيطان...انت وعدتني انك هتعامل ولادك أحسن بس موفتش بوعدك انت دمرته  

بكي بشدة وعلي حين غرة قام بتغيير أتجاه حتي يكون أمام رأسه هو وهو يقول لها :

ـ سامحيني 

ثم يصدح دوي الرصاصة التي أعلنت انتهاء دوره في هذه الحياة  ...دوره الذي كان المظلوم ثم الظالم ..

....................................

أخذها بين يديه ليخرجها من ذلك المكان المشؤوم ولكن ما ان خطت قدمها خارجه حتي أنهارت مغشي عليها ...حملها بسرعة الي سيارة وذهب بها الي المستشفي تاركاً رجال الشرطة يعاينون الواقعة ...

بالطبع انهيار حاد فما شهدته اليوم لا تتحمله الجبال ...معرفتها بمقتل طفلتها التي لم تتجاوز العامين ...خطفها وخطف زوجها وضربه أمام عينيها بوحشية ...تصويب السلاح نحو وجهها وانتظارها أجلها بأسوء طريقة تخيلتها في حياتها ...وأخيراً انتحاره أمام عينيها ورؤيتها للرصاصة تخترق رأسه والدم يقطر منه ...سبب واحد من تلك الأسباب كان يكفي أن تدخل في تلك الحالة التي دخلت فيها ..

أسبوع ...أسبوع لا تأكل ...لا تتحدث ...لا تفعل أي شئ ...فقط عينيها تكون مفتوحة وان رأيتها تشعر انها بعالم غير العالم ...

أعادها "أدهم" الي المنزل بعد أن أخبروه بالمستشفي انه لا داعي لبقائها فهي لا تشكو من شئ ...ومن الأفضل لحالتها النفسية ان تكون بين أهلها لا في تلك المستشفي الكئيبة 

أول ما فعلته عندما عادت هو فتح خزانة صغيرتها وإخراج أحد فساتينها ...أمسكت بالفستان الصغير وأخذت تقربه الي أنفها وهي تبكي بكل قوتها ...كان ذاهباً كي يتفقدها فوجدها علي حالتها تلك فدخل لعندها وأخذها علي صدره وأخذ يبكي ...لا يعلم أيحزن لحالتها تلك أم يفرح أنها أخيراً أبدت ردة فعل بدلاً من صمتها المتواصل ...أخذ لسانه يردد بصبر "اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف علي خيراً منها ...إن لله وإن اليه راجعون" منذ حدث ما حدث وهاتان الجملتان لا تفارقا لسانه أبداً فهو يعلم أنه ليس هناك سوي الله يعلم بحاله وسيريح قلبه ...

.............................................

ذهل حينما أتصلت به تلك التي تدعي "مايا" أخت ذلك الوغد وطلبت مقابلته لأمر ضروري ...في البداية رفض لكن حينما أخبرته أنه أمر شديد الأهمية بالنسبة له قرر أنه سيذهب ليعلم ما هو ذلك الأمر ...تصور أنه يمكن ان يكون بسبب موت أخيها ورغبتها في الأنتقام ولكنه لم يقتله بل أنتحر هو ...لكم تمني ان يكون هو قاتله ...لكم تمني أن يتمكن من الأنتقام لأجل زوجته وابنته ولكن الله سبحانه وتعالي شاء ان يقتل نفسه كي لا تلوث يديه الطاهرتين بدم نجس كذاك ...

دخل الي المكان الذي اتفقا علي ان يتقابلا به وأخذ يبحث بنظاريه عنها فقد كان رآها من قبل في إحدي المجلات لشهرتها الكبيرة بالنسبة لسيدات الأعمال ولكن ما لم يكن بحسابه هو صوت تلك الصغيرة التي كانت تجلس علي الكرسي المجاور لها تناديه و هي تبكي قائلة :

ـ بابا 

شعر بالخدر يسري في جميع أنحاء جسده وهو لا يصدق ما تراه عيناه الآن ...أنها "لينا" صغيرته أمامه معافاة ليس بها شئ ...أنها علي قيد الحياة ...لم يشعر سوي بقدميه تركض ناحيتها وهو يحملها ويقبلها بشوق كبير وعينيه تذرف دموع الفرحة 

أبتسمت "مايا" لرؤية ذلك المشهد وقد كانت تتمني أن يكون أخيها هو الذي ينعم بأبوة تلك الطفلة لكن ما كان قد كان ...نظر لها بعدم تصديق قائلاً :

ـ ازاي ؟!

ـ أهدي بس وأتفضل أقعد وأنا هحكي لحضرتك كل حاجة 

جلس بلهفة وطفلته تجلس علي رجله وهي متشبثة به كأنها تخاف أن يتركها مرة أخري ...ملس علي شعرها بهدوء ثم تركها وهو يعلم أنها ستنام الآن فهو يعلم كل ما يخصها ...

قال لها بلهفة :

ـ أحكي يلا 

ـ بص هو الموضوع بدأ من الوقت الي أخويا فكر فيه يجيب كل الحراس دول ويدربهم ...ساعتها حسيت أنه مش طبيعي ...الصراحة تصرفات كتيرة أوي ليه كانت بتحسسني أنه مش طبيعي وكنت فعلاً قررت أني أرجعه المستشفي بس عشان يتعالج بجد المرادي بس كان لازم الموضوع يا خد وقت لأنه فعلا اتحول لوحش بعد م طلع من المستشفي ...أنا لما قلقت منه أتفقت مع واحد من حراسه أنه يوصلي كل أخباره بالذات لأني بسافر كتير وعشان لو في حاجة أعرف ألحقه قبل م يودي نفسه وغيره في داهية ...المهم ان الحارس ده قالي أنه أداله بنتك عشان يقتلها ..طبعاً أنا اتجننت لما سمعت ده بس وقتها كنت مسافرة فقولتله يخليها في حتة أمان ويتأكد أنها متتأذيش لحد م ارجع وهمه وقت م خطفوها وهو شافها كانوا مدينها منوم عشان متعيطش وتخرب الدنيا فمتخافش مأذهاش ...لما رجعت خدتها منه وقعدتها معايا في بيتي ومع أبني وحاولت علي قد م أقدر أني أحافظ عليها ...بس لما ...ادمعت عينيها وهي تتحدث ثم أكملت قائلة : لما عمر مات معرفتش أوصلهالك وكان في إجراءات وحاجات كتير والصراحة لما عرفت انها بنته كنت بجد محتاجة أنها تكون معايا عشان أعدي الفترة دي ...أنا آسفة اني أتاخرت انا أم وعارفه شعور مامتها هيبقي أيه ...وآسفة علي كل حاجة عملها "‘عمر" معاكوا آسفة جداً بجد 

ـ متعتذريش ده مش ذنبك ...كفاية بس أن ربنا بعتك لينا عشان تنقذي بنتنا من غيرك مش عارف ايه الي كان ممكن يحصل ...شكراً جداً بجد 

ـ متشكرنيش أنا بجد عمري م كنت هسامح نفسي لو كان جرالها حاجة مش بس عشان هي بنت أخويا لا عشان أنا أم زي م قولتلك ...تنهدت وهي لا تعلم كيف تقول ذلك ثم قالت بحرج :هو بس انا كنت عايزةأطلب منك طلب ...لو ينفع يعني تخلوني أشوفها كل فترة 

ـ أنتي بتقولي أيه طبعاً ينفع ...أنتي عمتها وده حقك أحنا بس الي خلانا نعمل كده ونداري أنها بنته أننا خوفنا أنه ياخدها 

ـ أنا فاهمة والله ...شكراً 

ـ العفو ده أنا الي المفروض أشكرك 

..........................................

دلف الي المنزل بصحبة "لينا" التي كان قد أخذها وابتاع لها الكثير من الحلويات كتعويض منه لها علي الأيام التي قضتها بعيداً عنه ...كان داخله يطير من السعادة وهو يحملها بين يديه ويمني نفسه أنه سيتمكن من اللعب معها وأستنشاق رائحتها العطرة كل يوم ...الأب هو الذي يربي بالفعل ليس من يولد له الطفل ...

ـ لينو  قلبي أدخلي لماما وروكا دلوقتي يلا ...كان ذلك حديثه لها وهو ينزلها من علي كتفه 

أبتسمت له بسعادة وهي تدخل الي غرفة "شغف" راكضة وهي تقول بنبرتها الطفولية :

ـ ماما


                      الفصل العشرون من هنا

لقراة باقي الفصول اضغط هنا



تعليقات



<>