رواية سحر سمره
الفصل الاول والثاني
بقلم بنت الجنوب
جالسه على ارضية الشرفه الصخريه .. وهى ضامه ركبتيها الى صدرها .. ومستنده بظهرها
على حائط الشرفه .. مغمضه عيناها وتاركه وجهها لهذه النسمات البارده .. تود
لو انتقلت هذه البروده لخلايا عقلها .. فتوقف هذه الماكينات الدائره بالتفكير .. او تتوقف اذنها
عن الاستماع لهذه الاصوات المزعجه .. او يحدث شيئاً ما وينقلها من عالمها نهائياً !!..
فتحت عيناها مجلفه لصوت الباب وهو يفتح ويغلق بعدها .. لتراها وهى تتقدم بخطواتها
نحوها بجسدها الهزيل وعيناها التى لا يخلو منها الكحل الاسود .. رغم تقدم سنوات عمرها اللى قاربت الخمسين .. سبب شقائها وعذابها !!!
- انت لسه يابت مالبستيش ولا جهزتى نفسك !.
اشاحت بوجهها للجهه الاخرى .. دون ان تنطق بحرف
اقتربت المرأه اكثر منها لتهدر بصوت خفيض
- يابت جومى وبلاش عمايلك دى .. الضيوف على وصول .. جاعدالى على الارض البارده .. مش خايفه لتمرضى .
اعتدلت بوجهها وهى ترمقها بلامبالاه
- وافرضى مرضت ولا تعبت يعنى .. ايه هايحصل ؟!.
زفرت المرأه بضيق ثم اردفت
- وبعدين معاكى يا" سمره " ؟!.. انتى كان حد جبرك !!... مش انتى اللى جولتى امين !.. لزوموا ايه بجى الكلام الماسخ ده بس ؟!..
- اكيد مالوش لزوم الكلام .. انا عارفه لو اتكلمت من هنا لبكره .. كأنى بأدن فى مالطا !.
قالتها وهى تنهض عن الارض .. وتترك الشرفه .. لتتبعها الاخرى بداخل الغرفه .
- يعنى خلاص هاتلبسى وتجهزى نفسك ؟! .. حريم عمامك بيستعجلوكى تحت وبيسألوا عليكى .
"سمره" وهى جالسه على طرف الفراش
- انزلى يا امى .. انا هالبس واتعدل واتزوج .. وانزل تحت وسطيهم اضحك واهزر كمان !.. راضيه يا امى ؟!.
المرأه وهى ترمقها بنظرات حانقه قبل ان تتقدم من باب الغرفه
- البسى ياختى وهازرى واضحكى .. لهو انتى اجل من بت خالك " رضوى " اللى عاملاها فرح فى اؤضتها مع صحباتها ..فرحانه بخطوبتها ب" قاسم ".
اؤمات برأسها باستخفاف وهى تتمتم بصوت خفيض
- قاسم .. اممم !!!
المرأه بضيق
- ماشى يا" سمره " .. اما اشوف اخرتها ايه معاكى يابت" بسيمه " .. انا هابعتلك "شيماء "بت خالك
.. تونسك وانتى بتلبسى .
نظرت اليها " سمره " بخواء وهى تخرج من باب الغرفه وتصفقه بقوه ..
................................
وفى الغرفه الاخرى كانت تلتف بفستانها امام المراَه بسعاده وهى تضحك مع الفتيات صديقاتها
- ها ايه رأيكم يابنات ؟ .. حلو الفستان عليا .. طب اللون لايق على وشى ؟!
اردفت " سميه "صديقتها
- يابنتى اهمدى شويه .. خوتينا .. كام مره تسألينا من ساعة ما جينا .
نقلت انظارها من المراَه اليها
- طب اعمل ايه طيب ؟! .. جلجانه يا " سميه " .. طمنونى يابنات .. انا مش عايزه اطلع اقل منها .
زفرت الفتاه بضيق فأردفت الاخرى
- مش كده يا " رضوى " .. ماتحطهاش فى مخك .. عشان تعرفى تفرحى .
- افرح ازاى انتى كمان ؟! .. وهى هاتعيش معايا فى نفس البيت .. هو انا متحملاها فى بيت ابويا .. عشان اتحملها كمان فى بيت جوزى .
قالتها وهى تتقدم بخطواتها وتجلس على طرف الفراش .. فجلست بجوارها " سميه " لتسألها
- جوليلى يا" رضوى " .. هو انتى خايفه من " سمره " ل" قاسم " يبصلها تانى ويرجع فى كلامه .
خرجت منها تنهيده مثقله قبل ان تقول
- خايفه !!! ... دا انا بموت كل دجيجه وانا بفكر فى الموضوع ده .. انا عارفه من زمان انه هايموت عليها .. وياما اتجدملها وساق عليها ناس عشان ترضى وتجبل بيه .. وهى دايماً ترفض .. وانا طول عمرى بموت على نظره منه .. جوم لما يجى اليوم ده اللى بتمناه يحس بيا فيه ويطلبنى للجواز .. يجى بعد هى ما تقبل باخوه ويبجى جوازى انا وهى فى يوم واحد و بنفس العماره وشقتها جصادى .. عشان تبجى عقده ليا العمر كله .
قالت الاخيره بصرخه .. لتلفت بعدها وترى الفتيات ينظرن اليها بأشفاق فتنهض مسرعه نحو المراَه وهى تردف
- جومى انتى وهى ساعدونى .. انا عايزه ابجى احلى منها مية مره الليله .. عايزه مايشوفش حد غيرى فى الفرح كله .. فاهمين !!!.
.........................................
وفى منزل اخر قريب
خرج من غرفته وهو يهتف على اخته الصغرى
- مروه .. انتى يابت ؟
سبقت الوالده فى الرد وهى جالسه ببهو المنزل بجوار زوجها
- مالك بتنده ليه عليها يا عريس ؟!
اتسعت ابتسامته وهى يجلس بجوارها ويقبلها اعلى رأسها
- ست الحبايب !.
ابتسمت المرأه بسعاده قبل ان تسأله
- فرحان ياولدى ؟ .. ربنا يتم فرحتك على خير .
اومأ براسه موافقاً دون ان ينطق بحرف ... فتدخل الرجل المسن
- وما يفرحش ليه ؟؟.. وهو هايتجوز احلى بنات البلد .. تعليم وجمال .
ازدادت ابتسامته اتساعاً وهو ينهض
- وبعدين معاكم بجى انا مش هاخلص منكم النهارده .. بت يامروه .. انتى فين يابت ؟؟.
اتت الفتاه مهروله
- ايوه يا " رفعت " .. انا جيت اها .. عايزنى فى ايه بس ياعريس ؟
تكلم بجديه
- كويتى العبايه ولامعتى الجزمه الجديده
الفتاه وهى تضحك
- طبعاً امال ايه ؟... كويت العبايه وعطرتها ولمعت الجزمه كمان .. فاضل بس انك تلبسهم ياعريس
اومأ مرحباً
- كويس .. طب وحضرتى برضك هدوم " قاسم " وحاجته ؟!.
حركت رأسها بالنفى
- لا ماعملتش اى حاجه .. عشان هو جافل على نفسه من الصبح .. ولما خبطت عليه اسأله ..
قالى .. مالكيش دعوه .. وانا هاحضر كل حاجه بنفسى !!!.
عقد حاجبيه باندهاش
- بنفسه !!!!.
...............................
وبداخل غرفته كان واقفاً بجسده الطويل وعضلاته البارزه من الفانله التى يلبسها اعلى جسده .. امام النافذه الخشب المفتوحه على مصراعيها .. ينفث دخان سيجارته بين اطراف اصابعه .. وهو ينظر لأشجار الحديقه الخلفيه للمنزل .. بعينيه العميقه بنظره لاتنبئ بالخير .. لا احد يستطيع قرأة مايدور بعقله .. ولا احد يعرف ماذا يريد ؟؟ .. ظل هكذا لفتره ليست بقليله .. وبعدها عاد ثانية بخطواتٍ متمهله ليجلس على طرف الفراش .. فتناول حذاءه من على الارض .. ليقوم بمسحها بخرقه قديمه وتلميعها .. ليردف لنفسه بوعيد .. والسيجاره مازلت فى فمه .
- حاضر يا" سمره " .. حاااااضر ؟!.
تناول السيجاره بعدها من فمه وهو ينظر لها ويكمل
- ان ماكنت اخليكى تركعى مابجاش انا !! .. بس تيجى العشيه !!!.
...............................
وفى المساء
حضر اهل العريسان لمنزل الحاج " سليمان" والد " رضوى " والخال الاكبر ل" سمره " ... ليجلس الرجال بداخل المندره لقرأة الفاتحه .. والنساء بداخل البهو الكبير للمنزل يتسامرن ويرقصن على انغام الموسيقى .
رضوى كانت ترقص بسعاده مع صديقاتها " سميه " و" نورا" وبعض الاقارب فى انتظار العريس وهى تنقل انظارها .. لتلك الجالسه على مقعدها بجوار النساء .. مستقيمة الظهر .. تبتسم بتكلف وكأنها اميره بجوار رعاياها .. بهذا الفستان المنسدل على جسدها المتناسق .. وكانه فُصل خصيصاً لها مع هذه المساحيق الخفيفه التى وضعتها بوجهها ومع زلك زادتها جمالاً وبهاءاً .. مابال هذه الفتاه تبدوا جميله ومبهره فى اى شئ .. وبكل حاله .. ونظرات النساء حولها خير دليل على صدق ماتشعر به .
هذا ما كانت تشعر به ايضاً معظم نساء العائله التى كن ينظرن ل" سمره " بانبهار لا يخلوا من الحقد لبعض النفوس الكارهه .. وتفاخر اخريات كأهل العريس المحظوظ كشقيقته "مروه " التى كانت تتحدث عنها وترقص بسعاده مع بعض الاقارب
اما " سمره " التى كانت ترسم البسمه على وجهها .. فكانت فى عالم اخر .. دوامه من الافكار المتلاحقه ساقطه بها ولا تجد منفذ للخروج منها .. فاقت من شرودها على اصوات النساء التى تهلل للعريسان الذان يدلفان بجوار الرجل الكبير " سليمان" وبعض رجال العائله .. رفعت انظارها لتفاجأ بنظرته المتصيده لها وهو يسير بجوار اخيه " رفعت " الذى يبتسم بسعاده ظاهره .. فتعمدت تجاهله .. لتزيد من اشتعال عينيه وهو يرى ابتسامتها الساحره لاخيه .
جلس بجوار " رضوى " .. المتلهفه لنظره او كلمة اعجاب ولو بسيطه منه تثلج صدرها .
- انت مين كوالك العبايه النهارده ؟!.
- هه ... ايه بتجولى ؟!.
قالها وهو يفيق من شرده فااكملت هى بلهفه
- اصل العبايه اللى انت لابسها زينه جوى .. دا غير ان انت نفسك شكلك حلو جوى النهارده .
رفع حاجبه بتكلف ليرد عليها ببرود .
- شكلى حلو !!!... طب كويس !
خبئت ابتسامتها قليلاً ثم اردفت بأمل
- طب ايه رأيك فيا انا ؟؟ .. ولا الفستان اللى لابساه ؟.
نظر اليها بتقيم ثم اردف باقتضاب
- زينه !.... وفستانك زين برضوا !!.
قالها واللتفت ثانية لناحيه الاخرى .. ليزيد بداخلها هذا الشعور بالاحباط وخيبة الامل .. وهى تراه لا يرفع عينيه عنها .
وفى الناحيه الاخرى وهى جالسه بجوار " رفعت " .. الذى لايمل الكلام والثناء على جمالها وهى تبتبسم برزانه
- تبارك الله فى ماخلق .. انتى ايه بالظبط ؟!.
سمره بابتسامه ودوده
- يعنى هاكون ايه بس ؟؟ .. انا كده هاتغر يا" رفعت " .. بكلامك ده !
- انتى تتغرى وتعملى اللى انتى عايزاه .. يا"سمره" ياست البنات انتى
قالها بسعاده ظاهره بعينيه .. اشعرتها ببعض الفرح .. وهى تبث بداخلها بعض الطمأنينه لتريح عقلها ولو قليلاً .
مع مرور الوقت بدأت " سمره " تندمج مع اجواء الفرح حولها من دعابات النساء الاقارب ورقص بعض الشباب الصغار على انغام الموسيقى مع كلمات الغزل التى كانت يمطرها بها " رفعت " وهى تتجنب النظر لهذا المدعو " قاسم " وهى تشعر بنظراته المسلطه عليها ..
ومع قرب انتهاء حفلة الخطوبه المقتصره فقط على الاهل والاقارب وانصراف بعضهم .. عادا العريسان مره اخرى للمندره لتبادل السمر والاحاديث مع شباب ورجال العائله .
اما الفتيات العرائس فتجمعن فى جلسه واحده مع نساء العائله .. فى جو يسوده المرح والاحاديث الوديه ..
"نعيمه "زوجة" سليمان "بغبطه
- والنبى ياام " رفعت " .. انا لو كان اتجلى ان اليوم دا هاياجى عمرى ماكنت اصدق .
نفيسه ام العريسان بضحكه
- ومين سمعك يااختى ..دا انا نفسى كنت خايفه لا اموت ولا يجى اليوم ده .. اللى اشوف ولدى الكبير " رفعت " عريس فيه !
مروه بسرعه فى الرد
- بعد الشر عليكى ياما .. بلاش كلامك ده وافرحى .. دا انت النهارده جريتى فاتحة الاتنين .. مش واحد فيهم .
وايه على جوز عرايس يحلوا من على حبل المشنقه
قالتها الاخيره بابتسامه واسعه وهى نظراتها مرتكزه على " سمره " .. لتزيد من اشتعال الحقد فى قلب " رضوى " .. وهى تشعر وكأن المقصوده بهذا الكلام " سمره " وحدها .. وهى مجرد تابع .. اما " سمره " فكانت تحصى الدقائق لانتهاء السهره وهى تنظر ل" بسيمه " التى كانت تومئ لها بعيناها لتتبادل معهم الحديث .. الا انها لم تستطع الصمود اكثر من ذلك لتردف بابتسامه مسروقه
- طب ياجماعه عن اذنكم بجى .. اصل تعبانه وعايزه اريح شويه .
- استنى يابت لسه الوجت بدرى
قالتها " بسيمه " بشده .. ولكن " نعيمه " لحقتها بموده
- سيبيها يا" بسيمه " .. اسم الله عليها تلاجيها تعبت .. خليها تروح تريح جسمها .. روحى ياحبيبتى بس ياريت فى الاول تبعتيلى حد ينده على واحد من الشباب " رفعت " ولا " قاسم " .. عشان حد فيهم يوصلنا .
- ما لسه بدرى !!
خرجت من فم الاثنتان " بسيمه " و" نعيمه" لتردف المرأه
- بدرى من عمركم .. روحى ياحبيبتى زى ماجولتلك .
- ما تستنى ياخالتى شويه .. انتى صاحبة بيت .
قالتها" سمره" بموده وصدق .. لتزيد من فرحة الاخرى هى وابنتها التى اردفت بابتسامه واسعه
- تسلمى يا " سمره " ياقمر انتى .. احنا ان كان علينا مش عايزين نمشى .. بس انتى عارفه ابويا .. حماكى عن جريب ان شاء الله .. لازم ياخد الدوا بتاعه فى وجته .
اومأت " سمره " براسها بتفهم
- ااه .. ماشى حاضر .. ثوانى هاشوف عيل ينده على واحد منهم فى المندره .
قالتها وذهبت امام نظراتهم الفرحه .
بعد ان ابتعدت " سمره " عنهم .. وهى تبحث عن ابن خالها الصغير " مروان" وقبل ان تصل لباب المندره .. فوجئت بذراعٍ قويه .. تدخلها بسرعه داخل
غرفة المكتب لعمها .. لتشهق مزعوره وقبل ان يخرج منها الصوت لتصرخ .. فوجئت بكفه تطبق على انفاسها .. وعيناها القويه تنظر لخوفها بتشفى !!!
الفصل الثانى
بقلم بنت الجنوب
كادت ان تسقط مغشياً عليها حيمنا رأته امامها ، وهو ينظر لها بعينه الصقريه ، مطبقاً بكفه
الغليظه على فمها .. حتى لا تستطيع الصراخ او حتى الحركه .. وهو بعد ان انتشى قليلاً بمشاهدة الزعر المرتسم على وجهها .. هدر بها بصوتٍ خفيض
- هارفع كفى ولو صرختى ولا حسك طلع .. هاتشوفى اللى هايحصلك .. وهتلبسى انتى نصيبه .. يعنى مااسمعش نفسك فااااهمه !!!
اومأت برأسها صاغره .. فرفع كفه عن فمها .. فأردفت هى بشفاه مرتعشه
- فيه ايه يا " قاسم " ؟! .. وانتى دخلتنى هنا ليه ؟!.
مالت زاوية فمهِ بابتسامه ساخره مع هذه النظره الغريبه منه .. فجحظت عيناها ، وقلبها اصبح يخفق بقوه خوفا منه ، حينما وجدت نفسها محاصره بين الحائط وذراعيه
وهو بكل صفاقه اقترب منها ، وبفحيح الافاعى
- يعنى العمر دا كله مستنيكى .. وحايش اى مخلوج عنك .. عشان تيجى دلوك وتتجوزى" رفعت " .. غصب عنى .
- بعد عنى ، انتى اتجنيت ولا اتخبلت
قالتها بشجاعه زائفه ، وهى تحاول ازاحته بيدها الضعيفه ، وهو كالحائط امامها لم يهتز .
- جبل كده، جولتى عليا فاجر ، وانا النهارده جاى أكدلك ياسمره ؛انى فاجر وكمان جادر
وبصوت مهتز
- تجصد ايه بكلامك ده ؟! .
اقترب اكثر منها ،حتى لفحت انفاسه الحاره وجهها ، ليهمس بصوت اثار الرجفه فى اطرافها .
- اجصد انك ، اليوم اللى هاتمضى فيه على ورجة جوازك من " رفعت" ، هتبجى وافجتى على انى اشاركك فيه
- انت ك.....
- ما تكمليش ، لصوتك يتسمع ، ويجى حد يشوفك معايا وتبجى فضيحه ليكى ، ساعتها انتى اللى هاتخسرى
- اخسر ايه يامجنون انت .. دا بين البرشام اللى بتبلبعوه لحس عجلك .. فاكرنى عيله وهاتخوفها .. انت ما تجدرش تلمسنى غير برضايا .. ودا لا يمكن يحصل ولو على موتى ياقاسم فاهم .
قالتها بقوه لم تؤثر به .. وهو بنظرة مستخفه اقترب ثانيةً
- خلى جلبك الجامد دا لبعدين .. انتى هاتبجى فى بيتى وتحت عينى .. يعنى هاتيجى بدل الفرصه الف عشان استفرض بيكى .. وبصراحه انا اكتر حاجه بحبها فيكى .. شدتك دى .. ياسمره .
برقت عيناها بدموع تحاول جاهده لمنع نزولها
- انت بتعمل معايا كده ليه ؟! .
قالتها بقهره ، لترى الجحيم بداخل عنيه وهو يتحدث اليها
- عشان انتى لعنتى يا"سمره "، اللى هاعيش واموت بيها ، طول عمرى حالف ماتكونى لحد غيرى ، بس انتى وصلتيها معايا لطريج مسدود ، لما وافجتى ب"رفعت " اخويا ، لكن انا بجولهالك اها ، مدام وافجتى تدخلى بيتنا ، وتعيشى معانا ، يبجى تجبلى بشراكتى فيكى مع اخويا ، يا اخلصلك عليه واتجوزك مكانه ، اختارى ياسمره .
هزت برأسها تستوعب ماتسمعه .. من كوميديا سوداء .. لتردف
- انت واعى للى انت بتجولوا .. انت خطبت بت خالى .. ومن ساعه بس كنت ملبسها دبلتك .. وانا لبست دبلة اخوك .. يعنى لا انا انفعك ولا انت تنفعنى خلاص .
فك ذراعيه وهو يردف بسخريه
- بت خالك مين يا" سمره " ؟!.. دى مسمار جحا .. اللى انا حطيته عشان ارجع تانى بيتنا واهلى يطمنوا انى شيلتك من مخى وموافج على جواز اخوايا منك
فغرت فمها مصدومه لتردف بصعوبه
- يعنى الخطوبه .. والادب اللى انت راسمه علينا الايام اللى فاتت دى كلها .. كان لعبه منك .
اومأ برأسه موافقاً وهو يعيد ترتيب عبائته على جسده ليردف بهدوء .
- ايوه يا" سمره " .. كله كان لعبه .. وراجعى نفسك تانى .. عشان كل شئ يرجع لأصله .. انتى عمرك ما هتكونى لحد غيرى .
صمت قليلاً امام عينيها الزاهلتين وبعد ذلك اكمل
- لكن لو عايزه تكملى مع اخويا .. ماشى ... يبجى تجبلى باللى بجولك عليه .
- انت مجنون !
قالتها بازدراء ليردف هو بكل سهوله
- ايوه مجنون .. وانتى عارفه من زمان .. انى مجنون بيكى .. يبجى سهليها على نفسك وفشكلى الخطوبه الزفت دى .. عشان انا كمان احل نفسى من بت خالك واتجوزك بعديها .. يا تختارى الحل التانى وانتى حره .. ياللا بجى سلام .. ياحب عمرى .
خرج بعد ذلك ليتركها وهى مازلت مستنده على ظهر الحائط .. تعيد ماقيل من دقائق .. لتستوعب ماحدث .. هل يعقل ان يكون مايقصده حقيقى .. ام انها تعيش احدى كوابيسها على الحقيقه .
...............................
بعد ان طال انتظارها .. طلبت " نعيمه " من ابنتها " رضوى " الذهاب لتتبين سبب تأخر " سمره " .. ولكنها فوجئت به وهو خارج من غرفة المكتب .. فذهبت اليه متلهفه
- قاسم انت كنت بتعمل ايه فى اؤضة المكتب بتاعة ابويا ؟!
- وانت مالك ؟؟
قالها بجفاء .. ولكنه تراجع عن قسوته بعدها ليكمل
- كنت بكلم واحد فى التلفون بعيد عن الاصوات العاليه .. انتى عايزه حاجه ؟؟
هزت براسها نفياً تقول
- لا طبعاً عايزه سلامتك .. دى بس الست الوالده كانت عايزه حد فيكم .. يروح معاها هى و " مروه " يوصلهم البيت .
- طيب ماشى .
قالها وهو يتحرك اليهم .. ولكنها اوقفته بيدها
- مش هاتاخد نمرتى ؟!
نظر اليها مستفهماً .. فأكملت هى بخجل
- جصدى نمرة التلفون يعنى .. عشن نكلم بعض وو ...
قاسم بمقاطعه
- بعدين بعدين .. هابجى اخد نمرتك او تاخدى نمرتى .
. ادخلى دلوك شوفيلى السكه .. عشان ادخل واخد امى واختى اروحهم .
اومأت برأسها وتحركت على الفور .. لتكتمل بداخلها سلسلة الخيبات .
..........................
وبالمنزل المجاور ..دخل " حسن " الخال الاصغر ل" سمره" يهتف على زوجته " ثريا" وابنته " شيماء " .
- انتى يابت انتى وهى جاعدين فين ؟!.
- تعالى هنا يابا .. احنا بنتفرج عالمسلسل .
دلف " حسن " للغرفه فوجد زوجته و جميع ابنائه جالسون امام التلفاز فى الغرفه الضيقه ليتسأل باندهاش .
- وجاعدين هنا ليه وزانجين نفسيكم ؟!.. ماتتفرجوا بره فى الصاله !
ردت الزوجه
- اصل التلفزون اللى فى الصاله بايظ .. فجينا نتفرج هنا
اكملت شيماء وهى واضعه طبق ( الفشار ) وتأكل فيه
- تعالى يابا اجعد معانا .
- اجعد فين يابت هى ناجصه زنجه .. واحده فيكم تاجى تحضرلى عشا .. اخلصوا ياللا .
قالها وذهب فنهضت " ثريا " خلفه هى وابنتها "شيماء " التى هتفت على ابيها
- لهو انت مكالتش مع الجماعه فى المندره ياابوى ؟؟ .
حسن وهو يجلس على اقرب كرسى
- واكل ليه ؟! .. مش اهم حاجه ناس العريس .
ثريا وهى تجلس هى الاريكه وتتبعها ابنتها ايضاً .
- طبعاً .. هو اخوك هايراعى حد .. اهم حاجه عنده عريس بته و" رفعت " اخوه عريس" سمره " .. دول كبارات العيله
حسن وهو يومئ برأسه
- الحمد لله الليله تمت على خير .. عجبال الفرحه الكبيره .. لكن انتوا جيتوا بدرى يعنى !
شيماء بابتسامه ساخره
- وهانجعد ليه بس ياابوى .. الليله خلصت بدرى وصفصت علينا احنا وناس العرسان .. جولنا نسيبهم ونمشى ماهم نسايب مع بعض .
ثريا وهى تلوح بكفها فى الهواء
- بس كله كوم وبت اختك " سمره " كوم تانى .. البت عامله زى البرنسيسه .. كل الحريم هاتتجن عليها .. ولا " رفعت " عريسها .. كبير ناسه التجيل .. كان عامل زى العيل الصغير جمبها
شيماء هى الاخرى
- ايوه ياما .. دا حتى " قاسم " نفسه عريس " رضوى " ماكنش شايل عينه من عليها .
حسن بغضب
- عيب عليكى يا" شيماء" ماتجوليش كده
ثريا باستنكار
- خبر ايه يا راجل ؟! .. بتغلطها ليه ؟!.. لهو انت فاكرها عيله صغيره معارفاش .. دى حكاية " قاسم " وعمايله عشان يتجوز " سمره " تتحكى فى الكتب .
اشاح بوجهه عنها بغضب دون ان ينطق بكلمه .. فااكملت " شيماء " .
- ايوه ياابوى .. امى عندها حق .. والناس كلها عارفه بالكلام ده .. بس انا اللى مجننى .. كيف قبلت بيه " رضوى " وهى عارفه ان بت عمتها .. ياما رفضته عشان سمعته الزفت !!.
زفر الرجل بضيق قبل ان يقول
- انا عن نفسى الجوازه دى .. جلبى مش مستريحلها واصل .. ومتأكد ان مش جاى وراها خير ابدا .. وربنا يستر .
.................... .............
وعوده لبيت " سليمان" فقد كانت " رضوى " فى غرفتها ممسكه بالهاتف تقلب فى الصور التى اللتقطت لها معه.. عندما كان جالساً بجوارها وهو يضع خاتم الخطبه .. وبعض اللقطات الجميله لهما على الرغم من
جمود هيئته ولكن هذا لم ينقص من وسامته شئ .. تنظر الى صورته بهيام .. لا تصدق انها اخيراً .. قد فازت به بعد كل هذا العذاب فقد كان بالنسبه المستحيل بعينه .. على الرغم
من علمها بحكاياته السابقه وافعاله المجنونه فى صد اى خاطب ل" سمره" ومحاولاته الحثيثه لان توافق على الزواج منه .. هذا بالاضافه لسمعته السيئه والتى كانت سبباً رئيسياً
فى اعتراض ابيها فى البدايه ولولا اصرارها لما وافق على الزواج . ولكنها الان بعد ان تمت الخطبه واصبح الحلم على بعد خطوه .. اصبح اصرارها على التمسك به اضعاف ولن تسمح
له بالعوده للوراء مهما كلفها هذا
- خلاص الحلم جرب .. وبعد كده مافيش اى حاجه هاتبعدنى عنك .. حتى لو كانت " سمره " ذات نفسها !!!.
خرجت منها بصوت واضح لنفسها وهى تتنفس بخشونه واصرار .
...............................
وفى الغرفه المجاوره .. كانت " سمره " على الفراش منكمشه على نفسها .. وسيل دموعها لم يتوقف .. لاتدرى الى متى ينتهى هذا الكابوس من حياتها ؟.... الايكفى انه كان السبب الرئيسى فى وصولها الى هذا السن بدون الزواج .. وذلك بأفعاله المتهوره مع اى شاب غريب يتقدم لها .. ومنع اى فرد من عائلتها من الزواج منها .. الم يكتفى منها بعد وهى التى اقسمت له ولنفسها مرات عديده .. انها لو انقرضت الرجال ولم يتبق الا هو .. فلن تتزوج منه .. تفضل الموت على الزواج منه .. هذا المغرور المهووس .. كيف السبيل للخلاص منه
دوى صوت هاتفها .. فالتقتطته من فوق الكمود .. لترى ان المتصل هو اخيه " رفعت " .. ذو الاخلاق النبيله الذى تحدى اخيه للزواج منها .. فى خطوه لم يستطع اى من الرجال فعلها سواء كان غريباً او من العائله نفسها خوفاً منه ومن بطشه .
دوى الهاتف باتصاله مره اخرى .. وهى لا تستطيع الرد على اتصاله .. فوضعته ثانيةً على الكمود .. تعتصر بداخلها هذا الالم .. وهى لا تستطيع حتى البوح
بما قاله لها هذا المجنون !!.
................................
اما هو فقد كان جالساً فوق سطح منزل صديقه " محسن " متكاءً على الوساده ينفث دخان الارجيله لأعلى .. مستمتعاً بهذه السحابه التى يفعلها الدخان امامه .. غير مبالى بفعلته التى جعلت صديقه يضرب كفاً بكف قبل ان يردف باندهاش
- انا مش عارف .. انت ازاى جالتك الجرأه تجولها الكلام ده ؟!.
نزل بعينيه لينظر لصديقه ويتحدث ببرود
- امال يعنى كنت عايزنى اعمل ايه ؟!.. بعد ماحطتنى فى خانة الييك .. بقبولها ل" رفعت " اخويا .. اللى كل فلوس العيله تحت ايده !.
محسن بعدم استيعاب
- ياصاحبى فهمنى بس .. انتى ازاى بتحبها .. وتقبل راجل تانى يشاركك فيها .
رفع حاجبه بخطوره
- ومين جالك انى هاقبل اى حد يشاركنى فيها .. حتى لو كان اخويا !!.
نظر اليه " محسن " جيداً كى يفهم .
- امال ايه بس ؟!... مش انت اللى قايلها كده بعضمة لسانك !.
هز برأسه وابتسم بخبث
- انت كانك حم.... ولا ايه بس ؟!..... ياض افهم .. انا المره دى ماجدرش اروح للعريس واهدده ولا اعمل اى حاجه معاه .. عشان هى المره دى مسكتنى من يدى اللى بتوجعنى .. يعنى الرفض لازم ياجى منها .. وافضل انا بعيد عن الصوره .. وكل حاجه بعد كده تيجى طبيعى .
- طب وافرض راحت لاخوك وقالتلوا .. هتعمل ايه انت ساعتها ؟؟.
ضحك بسخريه من بلاهة صديقه
- انت اهبل ياض .. فى واحده هاتروح لخطيبها .. وتقولوا .. اخوك زنقنى فى اؤضة المكتب !! .. فى يوم خطوبتنا !!
حك باطراف اصابعه على جانب راسه وهو يرمش بعينيه ليردف منبهراً .
- لا بصراحه .. انت الشيطان نفسه يتعلم منك .. بس اناعندى سؤال اخير
زفر " قاسم " بضيق
- وبعدين بجى فى الليله دى .. اخر سؤال وخلصنى يا" محسن " .
محسن وهو يستجمع شجاعته
- افرض اخوك عرف وصدقها واتجوزها غصب عنك .. هاتعمل ايه انت ساعتها .
ترك ذراع الارجيله بعنف .. لينظر لصديقه باعين مشتعله .. وهو يضغط بشده على كل حرف
- مافيش افرض .." سمره" عمرها ماهتبجى لحد غيرى .. "سمره" حجى وانا هدافع عن حجى ان شالله حتى بالدم !!!!
