رواية تائه في عيناها الفصل الاخير بقلم نهله جمال


 رواية تائه في عيناها 

بقلم نهله جمال


Part 30  والأخير ..


وفي نهاية الأمر ستعلم جيدآ أن كل شيء سيمر ، الحزن سيمضي والفرح سيزول والحياة ستستمر ، لن تتوقف 

عليك أن تعلم متى تنتظر ومتى تعود ومتى ترحل دون إضافة كلمة واحدة ، عليك أن تعطي الفرح مساحته كما تفعل في أوقات الحزن 

رفيقك الدائم هو أنت ف الأشخاص يرحلون ، إما أن الموت يأخذهم أو يذهبون بعيدآ عنك أو يفضلون أناسآ أخرون غيرك ويتركونك ! 

لذا تعلم جيدآ كيف أن تكون أنت سندآ لذاتك في كل الأوقات ، إنهض وإنفض غبار الحزن عنك في كل غيمة سوداء ستمر عليك ولا تنتظر يد أحدهم لإلتقاطك ، قد جئت الدنيا وسط الناس وسترحل وحيدآ ، لذا كن على ثقه جيدة بنفسك 🤝

#بقلمي 


تقلبت ذكرى في الفراش بألم ف جلس تميم بجانبها وهو يقول : حرارتك طبيعية وجسمك مش سخن ومعندكيش كحة ولا رشح ! أكلتي حاجة ملوثة ؟ 

عقدت حاجبيها بإرهاق : أيوة أكلت مربى فراولة في المطبخ 

قام تميم وهو يقول : هشوف تاريخ صلاحيتها طيب 

نزل الدرج ثم دخل إلى المطبخ وقام بفتح الثلاجه  ، تلتقط علبة المربى ليقرأ تاريخ الأنتاج والأنتهاء ، وجدها كما هي ف صعد مسرعآ إلى زوجته ليقول : التاريخ سليم مفيهوش حاجة ، قومي إلبسي هوديكي المستشفى

قالت هي بعناد : لا مش عايزه أروح ، هرتاح قولتلك وهكون كويسة 

قام تميم من جانبها وإلتقط هاتفه من المنضده ، ثم ضغط عدة أزرار قبل أن يصله صوت على الجانب الأخر يقول : أيوه ؟ 

تميم بصوت متوتر : إزيك يا مدام مي ، أنا أسف لو بزعجكم 

مي بصوت مضطرب : تميم ؟ 

تميم بابتسامه : ايوة وبعتذر عن الأتصال أنا عارف إن سيف قطع علاقته بينا بعد اللي حصل 

وصله صوت مي مهتز وهي تقول : ولما انت عارف يا تميم إتصلت ليه ؟ أنا مش عاوزة بيتي يتخرب حاول تقدر إن جوزي ميعرفش إني على تواصل معاكم ، عاوز ترجع حبال الود كلم سيف لكن أنا كدا بيتي هيتخرب ، يعني يرضيك تقول لذكرى حاجة وتخرج عن طوعك ؟ 

قال تميم وهت يضغط على الهاتف بين يديه : مقدر خوف سيف على ولاده وعليكي ، بس من فضلك هو موجود حاليآ ؟ 

مي بصوت حزين : قاعد في البلكونه لا بيخرج ولابيشوف حد من ساعة ما ساب الشغل 

تميم : إديهوني أكلمه 

ذهبت مي بالهاتف لسيف ، أشاح بيده أنه لا يريد ف قالت له برجاء : وحياة لولي تسمعه ، دا صوته مكسور أوي 

قال سيف بملل ومن دون أن ينظر لها : لولي ! اللي كنت هفقدها بسببه هو وابوه 

وضعت مي يدها على فمها ف مد سيف يده لها ليأخذ الهاتف ، ثم وضعه على أذنه ببرود وقال : أيه الحاجه المهمه اللي مخلياك تكلمني ؟ 

قال تميم بنبرة حزينة : يا سيف إنت مشيلني غلط ميخصنيش ! أنا كنت هفقد مراتي برضو لنفس السبب ، وبعدكم عني مش هيحميكم من الكاشف بالعكس ، إنت كنت قوي مالك ضعفت ليه 

سيف : مش عايز ولادي يحصلهم حاجه ، لما تخلف هتضعف مهما كانت قوتك 

تميم بنبرة رجاء : طب انا عاوزك جمبي لمرة أخيره ، هات مي وتعالوا ! ذكرى تعبانة جدآ ومش راضيه تروح لدكتور ، وأنا مش معايا حد 

تنهد سيف ثم قال : دي أخر مره ! لو كلمتني بعدها حقيقي هيكون رد فعلي وحش يا تميم ، هجيلك أنا ومي والعيال نقف جمبكم 

أبتسم تميم تلقائيآ وقال : في إنتظاركم 

أغلق الهاتف ثم جلس بجانب ذكرى على الفراش مرة أخرى ، ثم أزاح خصلات شعرها عن عنقها وقبله بلطف وهو يقول : كلمت سيف وجاي هو ومي في الطريق ، أنا بحاول أفهم مالك مش عارف ف هدخل أخد شاور عشان لما ييجوا 

دخل تميم وأغلق الباب خلفه وما إن إنتهى حتى خرج وهو يجفف شعره بالمنشفه ف لم يجد ذكرى 

نزل الدرج مسرعآ ليبحث عنها ، وجدها داخل المطبخ تتناول مختلف الأطعمة التي لا علاقة لها ببعضها 

وقف مذهول ثم قال : إيه دا ! 

كان وجهها ملوث ببواقي المربى وفتات الخبز ، وتضع شوكتها في صحن المعكرونة وتنوي أكله 

قبل أن يفتح تميم فمه ويتفوه لكمة كان جرس الباب قد أعلن وصول الزائرين ف ذهب بصمت ليفتحه ، وقف أمامه سيف وهو يمسك يد إبنته ومي بجانبه وهي تحمل طفلها وتقول ببلاهة : إيه يا تميم حصل حاجه جديدة ! 

نظر لها تميم بصمت ثم قال وقد طفح الكيل  : بتاكل مربى ومكرونه وعيش وسجق ، حجات ملهاش علاقه ببعضها وغير كدا دايخه ونايمه على السرير مش فاهم مالها 

ضيقت مي عينيها قبل أن يسمعوا صوت ذكرى وهي تتقيأ من حمام الضيوف ، وضع تميم يده على عينيه ثم قال بيأس : أتفضلوا 

دخلت مي وجعلت سيف يحمل رضيعها ثم ذهبت بإتجاه الحمام مباشرة ، فيما اغلق تميم الباب وجلس بجانب سيف ليحدثه ويقنعه 

* في الحمام * 

كانت ذكرى تستند بيدها على الحائط وتغسل وجهها بالماء الفاتر ، فيما قالت مي بثقة :  لما تميم قال إنك تعبانه روحت الصيدليه وجبت حاجتين ، تيست حمل ودوا برد ، هتعملي التيست لو مش حامل هنديكي حقنة البرد وترتاحي 

ذكرى بصدمه : حامل ! تفتكري أنا حامل ؟ 

مي بثبات : الأعراض اللي عندك كلها بتقول كدا ، بس هنشوف إعملي التيست لو ظهرلك شرطتين حمر تبقي حامل يا ذكرى لو ظهر شرطة واحده يبقى عندك برد في المعده أو عكيتي في الأكل

أعطتها مي الإختبار ف امسكت ذكرى بالعلبة المستطيلة لتقول : ودا أستخدمه إزاي ؟ 

شرحت لها مي بالتفصيل ثم خرجت من الحمام لتغلق الباب خلفها ، وقفت مي بجوار الحمام ف إقترب تميم بقلق ليقول : هي ذكرى مالها ؟ 

مي بإبتسامة : متقلقش خير هنطمن على حاجة بس 

مر عشر دقائق لتطرق مي الباب وتقول : ذكرى إنتي بخير ؟ 

لم ترد ف قلق تميم ثم طرقه بقوة وقال : ذكرى ! ردي ؟ 

قالت هي بصوت مرتجف من الداخل : بلبس هدومي أنا بخير

صفع تميم الباب بيده بغضب وقال : طب ما تردي ولا إحنا حمير مستنيينك 

هدأت مي من روعه وقالت : بالراحه عليها يا تميم دي تعبانة 

تميم بغضب وعصبية مبالغ فيها : ما أنا تعبان وقلقان ومش فاهم مالها 

فتحت مي الباب وقالت بصوت مرتفع يشبه الصراخ : ما بالراحه إنت شويية ! هو إنت إشتريتني ولا إيه من أمتى بتزعقلي  

دخلت مي الحمام لتمسك بالعلبة وتنظر لها ، صرخت بسعادة ف نظر تميم لسيف قائلآ : يخربيت هرمونات الستات حقيقي 

خرجت مي وهي ترفع العلبة في وجهه تميم الذي قال وهو يعقد حاجبيه : إيه دااا 

مي بمزاح : لو بنت سموها مي بقى عشان أنا اللي بشرتكم 

نظر تميم لسيف ثم أعاد نظره لمي قائلآ : مش فاهم ! 

مي بإتساع أعين : ذكرى حامل ، أصل بصراحه لما كلمتني وقولتلي تعبانه روحت الصيدليه جبت إختبار حمل وحقننة برظ قولت نشوف لو مش حامل يبقى برظ في معدتها ، بس طالما في خطين حمر يبقى حامل 

دفع تميم مي ثم حمل ذكرى بين ذراعيه وهو عاجز عن الحديث ، إبتسمت ذكرى وهي تحتضنه ثم فجأه تحول وجهها للاحمر وهي تقول : نزلني بسرعه ، بسسرعه 

شعر تميم بالذعر ف أنزلها لتدخل الحمام ركضآ ثم تتقيأ مرة أخرى ، ضحكت مي ثم قالت : هي بس مش هتطيق ريحتك في الأيام الأولى 

رفع تميم قميصه إلى انفه ثم قال : ليه هو أنا جربان ولا إيه 

ضحكت مي ثم قالت : على فكره مقدرة إن والدتك متوفيه ومعندكش إخوات بنات ف مش فاهم 

خرجت ذكرى وهي تشعر بالدوار ف إستندت على تميم الذي أخذها بإتجاه الأريكة لتستريح 

قالت مي : حاول تخلي بالك منها ومتزعلهاش ولو طلبت منك نوع أكل معين تجبهولها دا هيحصل في شهور الوحم ، وأنا كل يومين هاجي أطل عليها وأشوف طلباتها 

تميم أومأ برأسه ثم شكرها ، ثم حول نظره لسيف وقال : وإنت مش ناوي ترجع الشغل ؟ 

وضع سيف يده في جيب بنطاله ثم قال : الله كريم 

بينما قال تميم بنبرة واثقه : انا متأكد إنك هترجع 


* بعد مرور سبع شهور * 

كانت ذكرى تقف أمام المرأة وهي تحاول أن تربط خصلات شعرها ولكنها كانت كلما تحاول رفع ذراعها تشعر بالخمول وعدم القدرة على الحركة ، بطنها منتفخه تمامآ وتعيق تحركها 

تأففت ثم قالت بصوت مرتفع : تميييم ، يا تميييم 

خرج من الحمام ووجهه ممتليء برغوة الحلاقة وهو يقول : نعم 

ذكرى بملل : تعالى إربطلي شعري أنا مش قادرة أرفع إيدي 

قال تميم : هاتي الفرشاه والتوكه وتعالي 

ذكرى بكسل : لسه هاجي ! تعالى إنت عشان نلحق نسافر 

غسل وجهه ثم إقترب منها وأمسك خصلات شعرها وهو يقول : بيتربط إزاي دا 

ذكرى بغضب : إتعلم أفرض جاتلك بنت هتربطلها شعرها إزاي 

تميم بعناد : وأربطلها شعرها أنا ليه وأمها موجودة ، بعدين أنا مش هخليكي تسافري إنتي في الشهر الثامن هتتعبي ، لو عايزه تسافري نسافر بعربيتي 

إبتعدت عنه ذكرى وقالت : تميم ! أنا قولت هولد عند ماما يعني هولد عند ماما 

تميم محاولآ إقناعها : يا حبيبتي مينفعش ، هنا في مستشفيات راقية هتخدمك وتخدم البيبي ومامتك هجبهالك لحد عندك بالعربيه 

تنهدت ذكرى وقالت ببكاء : إنت مبقتش تحبني من بعد الحمل وبتقولي لا إهيء ، أنا غلطانه إني أتجوزتك 

وضع تميم يده التي تحوي خاتم الزفاف على وجهه ثم قال : يارب الحمل يعدي على خير عشان أنا أتهريت هرمونات الحقيقه 

حمل حقائبهم وحقيبة مستلزمات طفلهم ونزلوا الدرج ، أغلق تميم بوابة الفيلا خلفه ليجد طرد صغير في البريد على هيئة هدية ، ذهب لإلتقاطه ف قالت ذكرى بسرعه : يلا هنتأخر نبقى نفتحه في المحطه بتاعة القطر 

وضعه تميم في السيارة وساعد زوجته على الجلوس ثم إنطلق بإتجاه المحطة 

* في منزل سيف أنور * 

كان يمسك بالكاميرا الخاصه به ويصور طفلهم باوضاع مختلفة ، وقفت مي بجانبه وهي تنظر للصور في الكاميرا وتقول : مبسوطه أنك رجعت شغلك تاني 

سيف بسعادة : وأنا مش مصدق والله ، الصور دي هتكبعها ونحطها في الألبوم ماعادا صورتي انا وإنتي والبيبي ولولي هنبروزها ونحطها في الصالة 

أحتضنته مي ف إبتسم وهو يحمل الكاميرا الخاصة به ثم قال : هروح مشوار صغير وهرجعلك 

مي بإستغراب :  على فين ؟

سيف بسعادة : مفاجأة مش هتعرفيها غير بكرا 

ثم خرج وأغلق الباب خلفه 

* في محطة القطر * 

كانت ذكرى تجلس بإرهاق على الكرسي الخشبي في نفس المحطة التي جعلتهم يلتقون ببعضهم ، منتظره تميم حتى يحضر التذاكر 

جاء تميم من خلفها ثم أنحنى على أذنها ليقول بلطف : قاعده كدا ليه ، إنتي فوتي القطر ؟ 

لفت ذكرى وجهها له لتبتسم بنعومه وتقول : لا يا شيخ ، إنت لسه فاكر 

طبع تميم قبلة على شفتيها ، ف إلتقط سيف سريعآ صورة فوتوغرافيه لهم وتميم يقبلها وبطنها منتفخه من الحمل 

إتسعت إبتسامة تميم وهو ينظر له بينما ضحكت ذكرى ف قال تميم : مكنتش عارف إنك هترجع شغلك يا صاحبي 

أنزل سيف الكاميرا عن عينه ثم قال : مش لازم أكمل مشواري للأخر وأطمن الناس عنكم ؟ 

إحتضنه تميم بقوة بينما خبط سيف على ظهره وهو يقول : ربنا يقومهالك بالسلامة 

جاء القطار ، ودع سيف تميم وذكرى وانطلق القطار بهم ، إستندت ذكرى على النافذة برأسها بينما أمسك تميم بيدة الطرد الذي وجده مغلف كهدية أمام منزلهم 

نظرت له ذكرى وقالت : إفتحه خلينا نشوف من مين 

فتحه تميم ببطيء وجد داخله علبة ، فتح العلبه ليجد حذاء طفل رضيع وورقه صغيرة كتب عليها : مولود سعيد وحياة مديدة ، أخر أفعالي الصحيحة التي اقوم بها في نهاية حياتي 

الكاشف 

إمتلأت الدموع في أعين تميم بينما قالت ذكرى بتعب : أخيرآ إقتنع إنه بقى جدو 💓


* صباح اليوم التالي * 

كان الكاشف يجلس في حديقة منزله وهو يمسك بالجريدة يقرأها بنظارته الطبيه ويبتسم ، وهو يملس باصبعه بحنان على صورة في الجريدة 


في جهة اخرى كان سيف يجلس في حديقة منزله ويركض بالكرة خلف لولي إبنته ، بينما إقتربت منه مي وهي تحمل جريدة وتقول : جوزي بقى احسن صحفي في الدنيا كلها ، إتنشرلك مقال بإسم ( حب في محطة القطار يتوج بنهاية سعيدة ) بقلم سيف أنور ،وصورة ذكرى وتميم تجنن ، تسلم إيدك يا حبيبي 

قبلها سيف قبل أن يحمل الكرة ويقول : هرميها بعيد ، واللي هيجري يجيبها هعزمه على بيتزا 

رفعت لولي يدها بسعادة لتقول : أنا يا بابا  انااااا 

حذفها سيف بعيدآ ليركضوا ثلاثتهم وراؤها ، والطيور المهاجره في السماء شكلت لوحة فنية رائعة 💛📷

إضحك ، قصتك هتكون حلوة وصورتك كمان ! 💛

                        تمت بحمد الله 

لقراءة باقي الفصل من هنا


تعليقات



<>