رواية عشق الادم الفصل الثامن8والتاسع9بقلم ماري حلمي

رواية عشق الادم 

الفصل الثامن والتاسع 

بقلم ماري حلمي


تقدم الطبيب بخطوات رزينة عكس وجه الذي كان لا يبشر بالخير مطلقا ، لتنهض   السيد صفيه يتبعها أحمد وهي تهتف بلهفه حقيقية : 

" خير يا دكتور ؟ طمني ربنا يكرمك .. " 

تنهد الطبيب بهدوء في حين تابعه آدم بنظرات مترقبه لما سيقوله ، هتف الطبيب برسميه : 

"  للأسف الانسه متعرضة لأزمة عصبيه شديدة وهي علشان شكلها حساسه اوووووي أثر عليها جدا .. " 

تحدث آدم بصوت رجولي مستنكرا : 

" أثر عليها في ايه ؟ ممكن توضح أكتر .. " 

تنهد الطبيب من جديد قائلا : 

" للأسف الشديد الصدمة العصبيه دي أثرت على الأعصاب عندها وده سببلها عدم  القدرة على المشي الفترة دي على الأقل .. " 

بدأت أنفاسه تتضارب شيئا فشيئا وهو يستمع لتلك الكلمات التي أودت بالبقية المتبقية   من اعصابه التالفه لينقض على الطبيب يمسكه من مقدمة قميصه هادرا بغضب : 

" انت بتقول اييييه ؟ يعني عشق مش هتقدر تمشي؟  لاااااا ده أنا أخفيك وأخفي المستشفى ده عن الوجود لو الكلام ده حقيقي انت فاااهم ... " 

بدأ الوضع يتأزم شيئا فشيئا حينما تجمهر الأطباء ومن كل من كان بالمكان عليهم ، في حين بدأ الطبيب يسعل بشدة وهو يهتف : 

" هتخنقني شيل ايدك .. " 

تقدم أحمد بسرعة وهو يحاول إفلات الطبيب من براثن أخيه الذي بدأ بالثوران شيئا   فشيئا لينجح اخيرا بذلك بصعوبة ، هتف أدم بتحذير للطبيب: 

" قسما بالله لو عشق هيحصلها حاجه هخفيك عن الوجود " 

دفعه أحمد بصعوبة مبتعدا به عن المكان في حين هتفت السيدة صفيه وهي تقف   تذرف الدموع على إبنة شقيقتها قائله برجاء : 

" ابوي ايدك يا دكتور طمني عليها هي هتمشي صح... " 

أخذ الطبيب يعدل من ياقة قميصه مستعيدا رابطة جائشه قائلا : 

" يا مدام البنت عندها انهيار شديد ورجوعها تمشي مرة تانية بيعتمد على نفسيتها ... " 

قال كلماته تلك وهو يغادر من أمامه تاركا إياها تبكي بقهر .. 

في حين نجح أحمد في إخراج شقيقه إلى تلك الحديقة الصغيرة الملحقى بالمشفى لتكون مكانا ترفيها لبعض المرض المقيمين ..

زفر أدم بقوة قائلا : 

" كنت سبني أقتله يا أحمد " 

وضع أحمد يديه بجيوبه قائلا بهدوء : 

" آدم انت بتطلع كل حرتك بالدكتور المسكين

ده ليه ؟ هو مش المسؤل عن حالة عشق فاااهم !! انت السبب ، انت يا آدم .. " 

كلمات صغيرة جعلته يصمت يسترجع ما فعله بها في الساعات الماضيه بندم ،  في حين وقف أحمد يطالعه بهدوء .

****************************** 

دخلت بخطوات هادئه من ذلك الباب الذي أظهر خلفه جسد تلك المسكينة وهي تنام بهدوء كأن الذي يراها للمرة الأولى يظن بأنها فتاة خالية من أية هموم ، بعكس تلك الألم التي تتجمع بها حاليا .. 

تقدمت أكثر حتى جلست بجانبها على طرف السرير بترفع يدها تمسح على شعرها الأحمر برقه .. 

حركات خفيفه جعلت تهتف بمنامها كلمة اخترقت قلب السيدة صفيه بألم " ماما " خرجت  منها هذه الكلمة حزينة لتتبعها دموعها تتسابق على وجنتها البيضاء بشدة .. 

هتفت السيدة صفيه بألم : 

" هقول لمامتك ايه دلوقتي يا عشق إذا اتصلت وسالتني عنك ، هقولها مقدرتش أحفظ أمانتك يا صفاء ؟؟ !!! " 

فتحت عينها بتعب وهي تستمع لأصوات خافته بجانبها لتقابل وجه خالتها الحنونه التي أخذت تبتسم لها بحنان قائلة :

" الحمدلله على سلامتك يا روح خالتك " 

ابتسمت لها بقهر وهي تتذكر ما مرت به سابقا لتهتف : 

" خالتي هو هو حصل ايه ؟ أنا اتجوزت أحمد يا خالتي ... ؟ " 

أنهت كلماتها تلك وهي تزيد من نحيبها ، لتمسك بيدها السيدة صفيه قائلة بطمأنينة : 

" اهدي يا قلبي محصلش حاجه ، متجوزتيش حد اهدي بس ... " 

أغمضت عينيها وهي تتنهد براحة ، ليفتح الباب ويظهر منه أحمد الذي مجرد ما رأها قد افاقت حتى تقدم بخطوات أشبه بالركض قائلا : 

" المزه صحيت ؟ حمدلله على سلامتك يا عشق ده انتي كنتي هتموتينا من الخوف عليكي " 

بادلته إبتسامة حزينة لتهتف : 

" ياااريت يا أحمد كنت متت ولا حصلي كده " 

كان أحمد على وشك الرد حينما وجد شقيقه يدلف إلى الداخل وهو يضع يديه في جيوب بنطاله ويطالعها ببرود .. 

تقدم بخطوات بطيئه حتى وقف أمامها قائلا برزانه :

" الحمدلله على السلامه .. " 

أدارت وجهها للناحية الأخرى وهي تهتف بألم : 

" إطلع برا !! " 

ثانية مرت عليه قبل أن يستوعب كلماتها تلك ، ليتقدم أكثر قائلا ببرود :

" هنطلع كلنا على القصر كمان شوية .. " 

تجاهلته تماما وكأنه غير موجود أمامه وهي تهتف لأحمد برجاء : 

" لو سمحت يا أحمد ممكن تتصل بماما اطمن عليها دي مش بترد خاالص ، انا خايفه يكون الواطي عملها حاجه كده ولا كده بسببي .. " 

🌹🌹🌹🌹

 9

قيل في فقدان الأب (حين غاب والدي إنكسر ظهري وخيمت عتمة الألم على قلبي ) ، في حين قيل في فقدان الأم ( حين غابت جنتي غابت حياتي   ، وتشرددت ذكرياتي ، ونكست فرحاتي ) ، فما اقساه من شعور في كلا الفقدين !! .. 

ها قد مر أسبوع كامل على وفاة تلك التي كانت السند والحماية والظهر لتلك المسكينة ، تاركه خلفها فتاة محطمة ، وحيدة ، لم يتبقى لها أحد في هذه الحياة بعد رحيل والدتها منذ أسبوع .. 

تنهدت عشق بحزن وهي تجر طرف كرسيها المتحرك ناحية تلك المسكينة التي كانت تجلس أعلى الأريكه تضم قدميها الى صدرها وهي تعلق نظرها بالفراغ أمامها بضياع .. 

هتفت لها عشق وهي تقترب منها بحزن : 

" وبعدين بقى يا فرح ؟ هتفضلي كده كتير يا حبيبتي ؟ ربنا يرحمها بس مينفعش تعملي في نفسك كده ، ده انتي حتى أكل زي الناس مش بتاكلي يا قلبي .. " 

رفعت رأسها لها بضعف وهي تطالعها بنظرات ممتنه فقد أصرت عشق أن تبقى بجانبها في البيت هنا على الرغم من رفض أدم الصارم لذلك ولكنها تمردت   وأصرت على البقاء بجانب فرح في مصيبتها تلك على الرغم من وضعها ذلك ، ليستسلم أدم بالنهاية بعد أن رأى نظرة الكره واللوم من عشق ناحيته ليرسلها لبيت فرح وكذلك أرسل معها إحدى الخادمات أيضا لمساعدتهما .. 

أخفضت قدميها وهي تعدل من جلستها تلك لتقترب من عشق وتمسك يدها بحب لتتحدث من بين بعض الدموع التي تجمعت على مقلتيها قائله : 

" بجد أنا مش عارفة بدونك كنت هعمل ايه يا عشق انتي انسانة طيبة جدا وشفافة اوووووي ، ربنا يشفيكي يا حبيبتي وترجعي تمشي على رجليكي من تاني يا رب .. " 

منحتها عشق ابتسامة صافية لتهتف بمرح : 

" بعد الكلام ده لازم تقومي معايا دلوقتي علشان تفطري ومفيش اعتراض هاا .. " 

اومأت لها فرح بخفه لتنهض وهي تجر كرسي عشق المتحرك متوجهتان ناحية طاولة الطعام الصغيرة التي تتوسط ذلك المنزل البسيط .. 

طرقات متتالية على باب المنزل أخرجتهما من حوارهما الذي كان يدور حول طاولة الطعام ،   نهضت فرح بخفه وهي تتناول حجابها الذي كان موجود على حافة المقعد ولفته حول رأسها بإحكام لتتوجه ناحية الباب تفتحه .. 

في حين تابعت عشق طعامها ليأتيها صوته الصارم وهو يدلف خلف فرح متوجها ناحيتها ليقف أمامها مباشرة وهو يضع يده يجيب بنطاله ويطالعها بنظرات متفحصه : 

" إزيك يا عشق ؟ " 

طالعته بنظرات مستنكره لتهتف بملل : 

" الحمدلله ، خير جاي ليه ؟ " 

أحنى رأسه قليلا أمام وجهها الأبيض وهو يهتف بصوت منخفض : 

" جاي أروحك البيت يا عشق ، وغصب عنك ... " 

أنهى كلامه وهو يشدد على كل حرف يقوله ، في حين ابتلعت هي ريقها بخوف من نظراته تلك ، لتهتف بصوت متقطع : 

" بس بس أنا مش عايزة أرجع البيت هناك و وو انا هفضل هنا عند فرح علشان حضرتك ترتاح .. " 

نظر لها ببعض الغضب ليهتف بصوته القوي : 

" مش براحتك يا هانم ، هتيجي البيت غصب عنك وبلاش أتصرف معاكي تصرف تاني ميعجبكيش " 

عرفت أنه سينفذ وعيده ذلك لا محاله ، فالفترة التي عرفته فيها كفيله بأن تعرف طباعه القاسيه ، لتهتف باستسلام : 

" طيب لو سمحت خليني بس اليومين دول علشان فرح تعبانه وهي مفيش ليها حد هنا .. " 


نظرت لها فرح نظرات شكر لتهتف لها بحزن دفين : 

" معلش يا عشق انتي أول على أخر هترجعي القصر ومش تشغلي بالك فيا يا حبيبتي .. " 

تنهدت بإستسلام لتنظر لأدم نظرات غضب وهي تزم شفتيها كالأطفال حتى كادت ضحكه   أن تنفلت منه بسبب مظهرها ذلك ، ليتقدم ناحيتها ويلتقطها بين يديه بخفه لتشهق من ذلك قائلة بخجل : 

" يووو انا مش هتبطل ده ؟ البيت أرضي وانا أعرف أخرج لوحدي .. " 

منحها نظره باردة ليهتف : 

" أنا مش بعمل كده علشان حاب أشيلك !! انا بعمل كده علشان انا كنت السبب في وضعك ده .. " 

منحته نظرة ناريه من عينيها التي يكاد يغرق فيهما كلما نظر اليهما .. 

سار بها بخفه ليتوقف ناحية الباب ليدير رأسه لفرح قائلا : 

" فرح انا هوصل عشق للسيارة الاقيكي جهزتي نفسك وكل هدومك وهدوم فرح ولحقتيني فورا ، من اليوم ده هتيجي القصر تعيشي معانا ومفيش أي اعتراض وده الآمر من صفيه هانم .. " 

شهقت عشق بفرح وبتلقائية منها وجدت نفسها تلف يديها حول رقبته بسعادة وهي تهتف : 

" ميرسي يا آدم .. " 

تصلب جسده بعد حركتها العفوية تلك ، سحبت يديها بسرعة محاولة قدر الإمكان الابتعاد عنه وقد أصبح وجهها كحبة فراولة ناضجة .. أبتسم بخبث قائلا : 

" للدرجة دي فرحانه .. " 

حولت رأسها للجهة الأخرى بخجل شديد وهي تلعن نفسها على تسرعها ذلك ، ولكن وجود فرح بجانبها الأن يشعرها بسعادة كبيرة .. 

في حين بقيت فرح تقف تطالعهما ببلاهه شديدة بعد كلمات أدم لها ، نزلت من عينيها الدموع وهي تفكر بحنية السيدة صفيه تلك ، حيث ان الله عوضها برحيل والدتها بهؤلاء الناس الطيبون ... 

**************************

مر أسبوع أخر على الأحداث ، حيث كان أحمد قد بدأ العمل بالشركة تحت إشراف أدم الصارم والقاسي عليه ليتعلم أصول العمل ويكون قادرا على أدارة الأمور بنفسه بالمستقبل ، استطاع أحمد أن يبرز    جدارته وذكائه في كل المهمات والأعمال التي يكلفه بها أدم ، في حين كان أيهم قد بدأ شراكة كبيرة مع شركة أدم لتندمج أعمال الإثنين راغبين بعمل امبراطورية كبيرة لهما .. 

كان أدم يجلس برفقة شقيقه وصديقه أيهم في صالة القصر الكبيرة بعد أن قامت السيدة صفية بدعوته هو ووالده إلى الغداء اليوم .. 

في حين كان والده قد تأخر قليلا لإنجاز بعض الأعمال العالقه .. 

أخذ يبحث بعينيه عنها في أرجاء القصر ولكنها لم يستطع رؤيتها لذلك قرر أن يسأل أدم عليها ليهتف باهتمام : 

" احم ، هي عشق فينها مش باينه يا أدم ؟ " 

حدجه أدم بنظرات متفاجئة من سؤاله عنها ليهتف بغضب ظاهر على وجهه : 

" هو انت ان شاء الله كنت تعرفها علشان تسأل عنها يخويا ... ؟ " 

نظر له أيهم بنظرات عادية ليهتف : 

" لا بس كنت حاب أطمن عليها .. " 

كز أدم على أسنانه بقوة وهو يشعر بالغضب الشديد من كلمات صديقه تلك ليهتف بسخط : 

" اطمن ، البنت كويسه ، خليك بحالك " 

طالع أحمد شقيقه بنظرات متشككه فقد أثبت له ذلك بأن أدم يكن مشاعر خفيه لعشق ! في حين تابع أيهم قائلا بعفوية : 

" البنت دي فيها حاجه غريبة ، انت كل ما أشوفها قلبي بدق كتير يا أدم ، حاسس إني

بعرفها من زمان "

نهض أدم من مكانه بعنف وهو يصرخ قائلا : 

" يوووووووو ما خلاص بقى ، ايه رأيك اجوزهالك وتريحني .." 

هتف أيهم بمرح : 

" يا ريت يا صاحبي ده انت تكون خدمتني خدمة عمري .. " 

توجه أدم ناحيته بغضب وهو ينقض عليه بقوة وغضب مبالغ فيه ليهتف له : 

" أيهم ، بلاش تقل أدبك اكتر من كده ، عشق دي خط أحمر .. " 

ابتسم أيهم بقوة وهو يوجه نظراته ناحية أحمد الذي غمز له بتفهم فقد إستطاع الإثنين أن يخرجا مشاعر أدم ناحيتها الذي ينكر وجودها بداخله .. 

هتف أيهم بمرح : 

" اخص عليك يا أدم ، هتقتلني مكنش العشم اصاحبي " 

ابتعد عنه أدم بغضب وهو يزفر بقوة ليصرخ بوجهه قائلا : 

" ما تتهد وتقعد يا أخي   وبلاش اسلوبك المستفز ده ..." 

في حين كانت هي تقف تستمع لكلامهما ذلك من خلف الحائط وهي تذرف الدموع بقوة

وخيبة أمل ، فالمشاعر التي بدأت تنمو بداخلها لذو الشعر الأحمر قد خابت مجرد ما فهمت من كلامه ذلك بأنه يحب عشق !! 

توجهت ناحية عشق التي كانت تحاول رفع سحاب فستانها من الخلف ولكن جلوسها على ذلك الكرسي لم يعطيها القوة ، لتوجه ناحيتها ترفعه لها برقة قائلة : 

" ماشاء الله ، قمر كالعادة يا عشق ، ربنا يحميكي " 

بادلتها عشق نظرات سعيدة لتهتف : 

" ده كله فستان عادي يا بنتي متكبريش الموضوع بقى " 

هتفت فرح من بين ألامها : 

" الغداء جاهز يلا تعالي ، وكمان والد الأستاذ أيهم هيوصل بعد شوية .. !! " 

اومأت لها عشق بتفهم ، فقد أصبحت عشق وفرح في هذه الفترة صديقتين مقربتين من بعضهما ، فقد أصرت عشق عليها أن تترك عمل المطبخ ولكن فرح رفضت بشدة فوجودها بهذا القصر سيكون مرتبط ببقائها بعملها فهي لا تريد شفقه من أحد او أن تبقى بالقصر عاله عليهم ، ليقرر أدم ان تتخلى عن عملها بالمطبخ وتستلم عمل   جديد وهو البقاء بجانب عشق ومساعدتها في احتياجاتها لأنها طبيبة وتمتلك خبرة كافية في وضع عشق ذلك حتى لو كانت ما زالت تدرس .. لتنصاع فرح بالنهاية لذلك برحابة صدر ..

خرجت فرح تجر كرسي عشق بحذر ، وبمجرد ما رأها ذلك حتى وقف يطالعها   بنظرات حانيه ، الأمر الذي جعل أدم يستشيط غضبا وينهض من مكانه بعنف ................ !

                     الفصل العاشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>