CMP: AIE: رواية ولعشقها ضريبة الفصل الرابع عشر14بقلم اسراء علي
أخر الاخبار

رواية ولعشقها ضريبة الفصل الرابع عشر14بقلم اسراء علي


 

رواية ولعشقها ضريبة 

الفصل_الرابع_عشر



الحب أشد أنواع السحر فاعلية...


وقف جاسر بـ مُنتصف الحديقة يبحث عن روجيدا فـ وجدها تجلس أسفل شجرةً ما تضم ساقيها إلى صدرها وتُخفي وجهها بهم..ليتجه إليها ثم جثى على رُكبيته وهتف بـ هدوء


-روجيدا!...


رفعت روجيدا وجهها سريعًا إليه وكم أهلكه مشهدها..كانت رائعة بـ تلك    الحُمرة التي غزت وجنتيها وطرف أنفها..شفتيها التي تعُضها حتى أدمتهما..وضع يده على يدها وقال بـ إبتسامة خفيفة


-محصلش حاجة لكل دا..أنتي عارفة جُلنار...


لم ترد عليه بل ترقرقت العبرات بـ عينيها أبت لهم أن تهطل..ليجلس بـ كامل جسده ويقترب منها ثم جذب يدها إليه وقال بـ حنو ونبرة مُطمئنة


-يا بنتي إهدي محصلش حاجة والله لكل دا..هيقولو فـ الأخر طفلة

-أغمضت عيناها وقالت بـ حسرة:هيقولوا عليا إيه دلوقتي!!

-ضحك جاسر وقال:ولا أي حاجة..أنا اللي عملت مش أنتي...


نظرت إليه بـ حدة ثم ما لبثت أن إنهالت عليه بـ الضرب وهتفت بـ صراخ


-أنت السبب..لو كنت قاعد محترم مكنش كل دا حصل...


أمسك يديها وضمهما إلى صدرها ثم قال وهو لا يزال يضحك


-أنتي اللي تستاهلي..عشان متسمعيش الكلام بعد كدا

-وأنت ملكش حكم عليا

-قربها منه وهمس:لأ ليا..وليا كتير أوي...


ظلت تتلوى بين يديه حتى يتركها ولكنه لم يفعل بل ظهرت التسلية الواضحة على وجهه لتنفجر بـ وجهه هاتفة


-إبعد بقى يا جاسر..بطّل تقرب مني بطريقة تخليني أقرف من نفسي...


توقف الزمن لثوان وهو يُحدق بها بـ ملامح مُميتة قاتلة..أرعبتها بـ طريقة جمدت الدماء بـ عروقها قبل أن ينطق بـ نبرة حادة


-تقرفي من نفسك بسببي يا روجيدا!

-لم تتوان عن الرد بـ شراسة:أيوة..أنت إيه صلتك بيا عشان تلمسني بـ الطريقة دي...


ثوان و وجدت نفسها على بُعد إنش واحد من جسده وبـ صوتٍ شابه بل هو فحيح أفعى همس


-أنا هوريكي طريقة تعجبك يا مراتي

-صرخت:أنا مش مراتك...


لم يرد عليها بل نهض وجذبها معه وبلا مُقدمات كان يضعها على منكبه     وسط صرخاتها المُستنجدة بـ أحدهم..ولكن سرعة حركته و توجهه إلى أكثر غُرفة تكرهها جعلها تشحب كـ الموتى


***************************************


كان يتصفح بعض الأوراق التي أمامه قبل أن يدلف أحد العاملين معه بـ القسم ليضع فنجان قهوته المُعتاد ثم قال العامل بـ إبتسامة


-القهوة يا سعات الباشا

-أومأ إليه شريف وقال:شكرًا يا عم مُنتصر

-وضع مُنتصر يده على صدره وقال:أنا تحت أمرك يا باشا..تؤمرني بـ حاجة تانية!...


نظر إليه شريف لبرهه قبل أم يرتشف من فنجان قهوته ليقول وهو يُشير إلى المقعد الذي أمامه


-إقعد يا عم مُنتصر عاوزك فـ موضوع كدا

-رد الأخر بـ سرعة:لا يا باشا..إتفضل قول وأنا سامعك

-أتاه صوت شريف يقول بـ صرامة:إقعد يا عم مُنتصر...


إنصاع الأخير لما قال شريف ليجلس أمامه ثم وضع ما بـ يده على الطاولة ثم قال


-إتفضل يا باشا خير؟!

-تعرف إيه عن جابر الهواري!

-توتر مُنتصر وقال بـ تلعثم:آآ..ليه..بـ بتسأل يا باشا؟!

-إبتسم شريف من زاوية فمه:من باب الفضول

-إبتلع مُنتصر ريقه بـ صعوبة وقال:عاوز..تعرف إيه يا باشا؟!

-كل حاجة...


قالها شريف وهو يُحدق بـ مُنتصر مُطولًا مما جعل الأخر يتصبب عرقًا..ثم إلتفت إلى باب المكتب يتأكد من إغلاقه وعاد ينظر إلى الذي يُحدق به وقال


-بص يا باشا..الموضوع دا محدش حكى فيه من يجي ست سنين بعد أما إختفى سي جابر

-إلا قولي يا عم مُنتصر أنت هنا من أمتى؟!

-بقالي سنين يا باشا..من ساعة أما كنت شاب بتاع تلاتة وعشرين سنة

-مط شريف شفتيه وقال:أكيد على دراية بـ اللي حصل!

-أشاح مُنتصر بـ يده وقال:ومين هنا ميعرفش!..كله يعرف كل حاجة بس محدش يجرؤ على إنه يفتح بوءه بـ حرف...


نظر إليه شريف بـ إستفهام قبل أن يعتدل مُنتصر بـ جلسته وقال


-أنا هفهمك..بس دا بيني وبينك يا باشا

-إنطق يا عم مُنتصر

-وضع مُنتصر يده على المكتب وتشدق:الموضوع بدء طار بين عيلة الهواري والصياد..الأتنين زي ما يكونوا بارود ونار..أول ما يقربوا لبعض الدنيا تقوم مُتقعدش...


صمت وكأنه يسترجع ما كان ثم أكمل حديثه تحت نظرات شريف المُتفحصة


-الست أخت المرحوم حسين كانت متجوزة سليم بيه الله يرحمه..كانت بنت بتاع ستاشر سنة كدا..عيلة يعني..وبعدين وقعت فـ غرام     المحامي بتاع سليم بيه..الواد كان حليوة وحبها برضو..كانوا بيتقابلوا فـ السر وأنا كنت بشوفهم ساعات وهما محسوش

-تساءل شريف:ومرحتش قولت لجوزها ليه؟!

-قال مُنتصر بـ تبرير:يا باشا أنا عندي ولايا كنت عاوز أتستر عليهم..قولت مليش دعوة..المهم لما سليم بيه عرف..كانت المحروسة     هربت مع المحامي..هو صحيح طلقها..بس دا عار ولازم يتغسل..كان راسه وألف سيف يقتلها بس أخوها حسين وقفلهم ومرضاش فـ قتلوه

-رفع حاجبيه وقال:بـ بساطة كدا؟!

-يا بيه القتل هنا زي شرب الماية...


إزداد إرتفاع حاجبي شريف ولم يتحدث فـ أكمل مُنتصر حديثه


-طبعًا جاسر بيه إبن حسين الصياد مسكتش وقتل سليم بيه علني وسط أهل البلد كلهم هنا..ومحدش قدر إنه يفتح بوءه..كل بلع لسانه وسكت..والأرض شربت الدم وأتسترت على اللي حصل..ومن هنا بدء جبروت جاسر الصياد لا حد لامه ولا حد وقف قصاده...


تقلص وجهه وهو يستمع إلى ما يحدث وكأنه يُشاهد فيلم قديم..فيلم يكون به القتل أسهل من تعلم القراءة..ولكن مُنتصر أكمل حديثه


-هنا بقى ابن سليم بيه مسكتش اللي هو جابر..جمع رجالته وهجم على قرية الصياد..قتل كل اللي قابله رجالة وستات..عيال صغيرة وشيوخ..حتى أخو جاسر بيه مات فـ الحكاية دي

-تساءل بـ صدمة:أخوه!..بس على حد علمي إنه لسه عايش..مش سامح برضو؟!

-هز مُنتصر رأسه نافيًا وقال:لا يا باشا..أخوه التوأم أيمن..الله يرحمه بقى كان    صغير جدًا..سلسال دم حصل بعدها..كان القتل والسرقة حاجة عادية..صحيح جاسر

-كمل وبعدين!

-وبعدين يا باشا..الدنيا هديت فترة كام سنة وبعدها حصلت حاجات خلصت على عيلة الهواري متبقاش منها غير الست مرات جابر وعياله..جابر بيه كان نسوانجي أصيل...


ضحك مُنتصر بـ سخرية ثم أكمل حديثه


-حط عينه على مرات سامح الصياد..ولما فكر يخطفها فـ يوم كان جاسر      الصياد مسافر..إستغل الفرصة وكان هيخطفها..بس طلعله زي عفريت العلبة وقتله..ودفنه جثته فـ الصحرا ومحدش عارف يوصلها لحد دلوقتي

-هنا قريب من القرية!

-أيوة يا باشا..بس جاسر الصياد دا داهية..محدش عارف سكة للجثة دي..كلنا عارفين إنه إدفن والست أمه دورت عليه ياما بس ملقتش      جثته لاجل ما تدخله السجن..بس محدش لاقى حاجة..وإن جيت للحق هو يستاهل الموتة دي

-هدر شريف بـ عنف:محدش فـ الدنيا يستاهل الموت بـ الطريقة دي..مهواش ملك الموت عشان ياخد الأرواح زي ما هو عاوز

-رد الأخر بسرعة:لا يا باشا..دا هو يستاهل ونص..بص أنا هفهمك..عيلة الهواري كانت عيلة بتعمل كل حاجة حرام..كل الهلُمة دي من مال حرام..إشي تجارة سلاح وتجارة أعضاء ومخدرات وحاجات ياما..حتى مرة كان هيقتل الست مرات جاسر...


رفع شريف نظره بـ صدمة وكأن صاعقة قد أصابته ليُتمتم بـ عدم تصديق


-روجيدا!

-ليقول مُنتصر بـ تذكر:أيوة هى دي يا باشا..راح يوم كتب الكتاب ضرب نار..حظها الأسود إن الطلقة جات فيها..لولا إن جاسر بيه   لحقها كان زمانها الله يرحمها دلوقتي..بعدها الصياد جه البلد وحرقها وكسر بيوت ودمر محلات..خلا البلد هنا

 خرابة..ورمى جابر الهواري فـ وسط البلد هنا وعلى عينك يا تاجر..كان متعذب بطريقة استغفر الله العظيم ولا الكُفار..وإن جيت للحق مرة كمان..هو حذر اللي هيجي ناحية عيلته مرة تانية هيكون الجاني على روحه

-طب إيه اللي حصل بعد كدا؟!

-رفع منكباه وقال بـ جهل:علمي علمك يا باشا..بعدها بـ كام شهر كدا..لاقينا الصياد دا جاي وجن جنانه ع الأخر..جاب عاليها واطيها     حرق القصر خلاه كوم رماد..ودي كانت الناهية..وبعدها ست سناء أم جابر لبست كل قواضي عيلة الهواري ودخلت السجن بعدها ماتت هناك...


حك شريف ذقنه لعدة مرات دون أن يتحدث وبقى يُفكر بما قيل الآن..يبدو الأمر مُقنعًا..الجميع يعلم الحقيقة بل الأفظع أن العائلة لم تكن نظيفة وذلك الجاسر لم تصرف بـ حنكة ذكاء..تم قتل جابر خارج قريته حتى إذا ما تم إلقاء القبض عليه يدّعي أنه دفاعًا عن النفس خصوصًا أن الحادث كان قريبًا من قرية الصياد..كما أنه بدى كمن أسدى خدمة إلى الشرطة لتخلصه من جابر وتلك العائلة


تنهد شريف ثم قال وهو يُشير إلى مُنتصر


-طب روح أنت يا عم مُنتصر..وشكرًا على كل حاجة

-نهض مُنتصر وقال:بس أنا مقولتلكش حاجة يا باشا

-إبتسم وقال:متقلقش ولا كأنك قولت حاجة...


إبتسم مُنتصر ثم ذهب..ليطرق شريف يده على المكتب بـ شرود ثم قال


-كدا إتقفلت..مفيش حاجة عليك يا بن الصياد..لو أعرغ بتخبي أسرار فين كنت جبتها ولو فـ عرين الأسد نفسه...


****************************************


ألقاها جاسر بـ إهمال على الأرضيه ثم رفع أكمام قميصه الأسود الذي     لم يزده إلا قسوة فوق قساوة ملامحه..نهضت روجيدا وتراجعت بـ خوف لم يُغادر حدقتيها وتشدقت بـ تحذير


-جاسر..خليني أطلع أحسنلك عشان متحصلش حاجات مش كويسة

-رد عليها بـ تأكيد:طب ما هو هتحصل حاجات مش كويسة فعلًا...


تصاعدت ضربات قلبها حتى باتت كـ الأرنب المذعور..لتتراجع خطوات وهى تراه يتقدم منها بـ بطء أفزعها..ما بين الثانية والأخرى كان قد جذبها إليه بـ قوة ليهتف بـ شيطانية


-بتقرفي من نفسك لما ألمسك ها!!...


حاولت هز رأسها بـ تأكيد ولكن جسدها تصلب فـ لم تجد غير لسانها الذي تشدقت به قائلة


-هو أنت سمك عشان أقرف منك!

-رفع أحد حاجبيه وقال:والله دلوقتي كشيتي!!

-إبتلعت ريقها ثم قالت وهى تنظر إلى عيناه:منا لو قولت أه..مش هيعجبني اللي هيحصل بعدها...


بـ صعوبة بالغة كتم ضحكته التي كادت أن تنفلت منه ليُحافظ على قساوة ملامحه ثم تشدق


-كدا كدا مش هيعجبك اللي هيحصل

-هتفت بـ يأس قد تملك منها:عشان خاطري يا جاسر سبني..كدا ميصحش وآآ..غلط على آآ فكرة...


لم تستطع التحدث بـ طريقة عادية ويداه تتحرك من وجنتها إلى عُنقها..عيناه..وااااه من عيناه الثعلبية التي تُحدق بها بـ كل المشاعر التي     تعلمها بدءًا من الحب والشوق إليها حتى القساوة والألم من الفراق..ولكنها ظلت عاجزة عن الحديث


رفعت يدها التي تهدلت جانبها بـ فعل المشاعر التي ضربتها تحت لمسات يده الخبيثة..ثم قالت وهى تحاول دفعه في مُحاولة يائسة لجمع شتات نفسها


-جـ..جاسر..كدا..غلط عـ على فكرة وميصحش

-إقترب بـ وجه وهمس بـ نبرته الرجولية:وإيه اللي يصح!

-كل ما تشدقت به كان:هااا!!...


كانت مُشتتة ما بين نبرته الرجولية الساحرة وبين يده التي تتحرك على وجنتها بـ لمسات رقيقة تبعث في جسدها الكهرباء وتلك الفراشات    التي تُحلق بـ معدتها..لا يزال يبعث في نفسها تلك المشاعر و كأنها تعيشها لأول مرة


لاحظت إقتراب وجهه منها أكثر حتى بات شهيقه يستنشقه من زفيرها وهمس مرةً أُخرى بـ عذوبة أذابتها


-إياكِ يا روجيدا تقولي كدا تاني..أنتي مش رخيصة عشان تحسي كدا..لا أنتي بنت هوى ولا واحدة هقضي معاها ليلة والسلام..لأ     أنتي كيان..أنتي عيلة وحياه..أنتي حاجة لو مقدرش أحافظ عليها يبقى لازم أبعد عنها..أنتي هتفضلي أنضف وأغلى حاجة عرفتها فـ حياتي كلها...


مال يُقبل وجنتها ثم ما بين عيناها لينتقل إلى أُذنها وهمس


-عمري ما هفكر أأذيكي بـ أي طريقة ممكنة..عاوزك تُحطي دا فـ راسك اللي      أجمد من حجر الصوان دا..أنا بفكر مليون مرة قبل ما أقري منك بـ طريقة تحسسك إنك رخيصة

-إبتلعت ريقها بـ صعوبة وقالت بـ همس مُماثل:ولما بوستني اليوم دا!...


ضحك ليميل على منكبها قبل أن يشتمه بـ عمق جعلها تُغمض عيناها من كثرة المشاعر التي تفجرت بها ثم قال وهو يُبعد خُصلاتها الكستنائية عن وجهها


-تقدري تقولي هفوة من واحد كان جعان ولاقى أكل قدامه..وبعدين يعني أنتي مسبتيش حقك...


فتحت عيناها لتراه يُملس على وجنته تلك التي صفعتها من قبل..لتضحك وتقول


-تستاهل..محدش قالك إتعدى حدودك

-إستند بـ جبينه على جبينها وقال:ومين قال إني كدا تعديت حدودي؟!

-نظرت إليه بـ نصف عين وقالت:يا راجل!

-ضحك وقال:خلاص..تعديت نص حدودي...


هزت رأسها يأسًا منه..ولكنها إبتسمت ما أن إستطاعت إمتصاص     غضبه أو بـ الأحرى ما أظهره إليها لتعود وتبتسم بـ إتساع أن كل ما حدث كان غرضه إلهاءها عما حدث من موقف أخجل كلاهما


بـ الثانية المُوالية لتفكيرها كان جاسر يحملها بغتةً..لتشهق بـ فزع وهى تُحيط عنقه هاتفة بـ ذعر


-أنت بتعمل إيه!

-رد عليها بـ خبث:هتعدى باقي حدودي النهاردة...


وقبل أن يتسنى لها الفهم كان قد إتجه بها إلى حوض السباحة ليقفز بها وهى تصرخ فزعة


أبعد يده عن قدميها وأحاط بها خصرها..وهى لم تتخلى عن التمسك بـ عنقه بل ظلت مُحتضنة إياه بـ قوة..كانت تصرخ بـ حدة


-منك لله يا جاسر يا صياد..منك لله يا أبو جُلنار

-ضرب رأسها بـ خفة:بتدعي على أبو بنتك!..مش عيب عليك يا أم جُلنار...


كانت أسنانها تصطك بـ بعضها لبرودة المياة عكس إعتدال الطقس..ضحك جاسر بـ أستمتاع وهو يرى إرتجافها..ليقول بـ مزاح


-إتحركي عشان متحسيش بالبرد..يلا...


وإبتعد عنها لتبدأ في التحرك إلى الحافة لتخرج ولكنها وجدت من يسحبها من ساقها إلى أسفل الماء..لتشهق قبل أن تحبس أنفاسها وهى ترى يبتسم بـ خبث


صعدت من أسفل الماء وأخذت نفسًا عميق وظلت تسب وتلعنه..تحركت مرة أخرى إلى الحافة وحاولت الصعود مرةً أخرى ولكن     ما أن وضعت قدمها خارج الحوض..حتى شعرت به يُحيط خصرها ثم يرفعها ويُلقيها بـ الماء لتصرخ بـ يأس قائلة


-منك لله يا جاسر يا بن الصياد...


ضحك وهو يُعيد خُصلاته الفحمية ثم قال لها ما أن صعدت


-خليكي معايا فـ الماية أحسنلك..عشان حتى لو طلعتي أوضتك هجيبك...


تأففت بـ ضيق ولكنها إستسلمت إليه خاصةً بعدما شعرت بـ أن أطرافها بدأت تتخدر من برودة الماء..لذلك قررت الحركة وجاراها هو في ذلك وقضيا وقتهما في المُزاح والتراشق بـ الماء


**************************************


في صباح اليوم التالي إستيقظت روجيدا وعلى وجهها إبتسامة رائعة وهى تتذكر أحداث أمس..نهضت لتنظر على الأريكة فـ لم     تجده..نظرت إلى الطاولة التي بـ جانبها لتجد عليها ورقة فضتها وقرأت ما عليها بـ إبتسامة خجولة


-"صباحك كـ شفتاكِ"...


إبتسمت روجيدا وهى تضع الورقة على فاها ثم نهضت وإتجهت إلى     خزانة الثياب..إلتقطت ثوب لها ولكن لفت نظرها تلك الزهرة الحمراء..لتأخذها وهى تهز رأسها بـ يأس لتجد تلك الورقة المُثبتة على بتلات الزهرة فـ فضتها وقرأتها


-"تشابهت بـ لون وجنتيكِ الآن..ولكنها إختلفت بـ رائحتكِ"...


قهقهت روجيدا بـ سعادة لتأخذ الزهرة والثوب ثم إتجهت إلى المرحاض المُرفق بـ هذا الطابق..دلفت و وضعت الثوب..إتجهت إلى المرآه لتضحك بـ صوت وهى ترى تلك الكلمات بـ أحمر الشفاه الخاص بها


-"لا تلوثي شفتاكِ به..فـ أنا أعشها هكذا"

-وضعت يدها على فاها وقالت بـ عدم تصديق:مجنون...


ثم تحممت وهى تُدندن بـ لحن رتيب..لتنتهي بعد وقتٍ قصير ثم إردت ثوب أسود قصير يصل إلى ما قبل رُكبيتها كـ العادة لتُثير جنون     جاسر..مُزين من الأعلى عند الصدر والأطراف بـ فراشات ذات ألوان زاهية..يضيق من الصدر حتى ما قبل الخصر لينسدل بعدها بـ إتساع كبير..ويعلوه طبقة شفافة من القُماش ليُغطي منكباها ويظهرها عظمتان الترقوة


إبتسمت لنفسها ثم دلفت إلى الخارج وهبطت لتجد فاطمة تجلس مع     جدتها التي قررت النهوض إلى غُرفتها قليلًا بعد حديث قصير معها فـ هى لم تفهم ما حدث أمس


ولكنها لم تجرؤ على الحديث مع فاطمة التي تفهمت ما يموج بها من خجل لتقول بـ إبتسامة


-برضو لابسة قصير عشان تجنني جاسر!

-رفعت رأسها إليها وقالت بـ براءة:أبدًا والله بس دول اللي جبتهم معايا

-ربتت على منكبها وقالت:طب مش هتفطري!!

-لا يا طنط فاطمة..أنا مش جعانة دلوقتي

-طيب يا حبيبتي..أنا هقوم أريح شوية قبل الضهر كدا عشان في ضيف جاي لجاسر

-عقدت ما بين حاجبيها وتساءلت:ضيف مين؟!

-مطت فاطمة شفتيها وقالت:علمي علمك..أنتي عارفة جاسر وغموضه..يلا أنا هقوم...


اومأت إليها روجيدا لتنهض فاطمة ولكن الأولى أوقفتها بـ سؤالها


-أومال فين جُلنار؟!

-ضحكت فاطمة وقالت:نادين أخدتها تقعد جنبها عشان تتوحم عليها

-ضحكت هى الأخرى وقالت:مجنونة..أنا هطلع أشوفها

-طيب يا حبيبتي...


لتنهض روجيدا وتتجه إلى أعلى بينما فاطمة عادت إلى غُرفتها


**************************************


كان يقود سيارته وهو يُدندن بـ سعادة ليتصل بـ صديقه صابر الذي أجاب سريعًا


-أيوة يا جاسر!

-بص يا صابر أنا لاقيتلك مكان حلو عشان الفرح زي ما طلبت بالظبط

-رد عليه صابر بـ عدم تصديق:إيه دا بالسرعة دي؟!

-ليقول جاسر بـ شقاوة:عيب عليك يا معلم..دا أنت بتكلم جاسر

-أتاه صوت صابر الخبيث:إيه سبب المزاج العسل دا!!

-ضحك وقال بـ مزاح:ملكش دعوة عشان أنت لما بتحط مناخيرك فـ حاجة بتبوظ

-كدا يا صاحبي..عمومًا متشكرين ع المكان يا ريس

-أؤمر أنت بس

-ضحك صابر ثم قال بـ صدق:يارب أشوفك كدا دايما..بجد وحشني جاسر دا

-تنهد جاسر وقال:إدعي إن ربنا يقف جنبي فـ اللي جاي...


دعا له صابر بـ صدق ثم أخبره بعدم قدرته على المجئ بسبب إنشغاله بـ أعمال المنزل..ليومئ بـ تفهم وأخبره أن لا بأس بـ ذلك..أغلق     الهاتف ونظر بـ جانبه لثانية ثم عاد بـ نظره إلى الأمام ليضغط على المكابح بـ قوة جعلته يصطدم بـ الزجاج أمامه


نظر جاسر بـ نظرات قاتلة لتلك السيارة التي تقف بـ مُنتصف الطريق تمنعه من العبور..ليطلق سبة نابية وهو يعلم من هم..ليترجل      من السيارة وكذلك الحرسه..سرعان ما أشهروا أسلحتهم لؤلائك الذين يشهرون هم الأخرون أسلحتهم


تقدم جاسر منهم بـ برود مُميت وهو يضع يديه في جيبي بنطاله ثم قال بـ نبرة سوداوية


-ما الأمر أيُها الحثالة!...


تقدم منه ذلك الأسمر ليقول بـ إبتسامة صغيرة


-ألن تقول مرحبًا!

-رفع جاسر حاجبه وقال:قُل ما عندك

-حسنًا..بما أخليت بـ وعدك!

-إدعى عدم الفهم وقال:أي وعد!!...


إبتسم الأخر ثم وضع يده على فكه حكه بـ إبهامه و تقدم من جاسر هامسًا


-ألم تتعلم بعد سيد جاسر!...


رمقه جاسر بـ عنيان بهما ظلام إبتلع الأخر قد أرسل رجفة بـ جسد الماثل أمامه ثك هتف بـ نبرة هادئة ولكنها مُميتة ومُظلمة


-أن تلمس يدك القذرة شقيقي..هذا شئ لا أستطيع غُفرانه

-رد الأخر بـ دفاع:لقد حذرناك

-همس بـ فحيح أفعى:وأنا لا أُجيد الإنصياع...


رفع جاسر يده وقام بـ فرقعة أصابعه ليتم كل شيئًا في ثوان..لينطلق الرصاص من العدم خلفهم ليُبيد الجميع..كان جاسر على      علم بـ وجودهم مُسبقًا فـ هم كانوا بـ إنتظاره و ما حدث لشقيقه أمس..كانت دعوة صريحة إليه لمواجهة


نظر الرجل إلى جثث رجاله بـ عينان مُتسعتان لينظر بعدها إلى جاسر بـ صدمة الذي قال بـ نبرة شيطانية


-أتظنني أبله!

-إبتلع الأخر ريقه بـ صعوبة وقال:ولما لم تقتلني!

-لأنني لم أنتهي منك بعد...


نزع جاسر سترته ثم قذفها لأحد رجاله ورفع أكمام قميصه..لينقض     بعدها على الأخر يضربه بـ قوة..كان الغضب هو ما يُحركه..عيناه كانتا كـ الجحيم وهو يُحطم عظام الأخر


لهث بـ عنف وهو يضرب الأخر بـ معدته ليبصق الأخر الدماء..أخرج جاسر سلاحه من جذعه ليهتف المُتكوم على الأرض بـ هلع


-أنا وسيلتك للوصول إلى من يُريد هلاكك...


وجه جاسر سلاحه إلى رأس الرجل ثم قال بـ جمود


-لا أحتاج الحُثالة أمثالك...


ثم أطلق رصاصتان بـ رأسه لتنتهي حياة الأخر بـ ثوان..وضع جاسر سلاحه مرةً أخرى ونظر إلى حرسه قائلًا


-نضفوا القرف دا..ومتنساش توري لحبيبنا اللي حصل...


قال الجُملة الأخيرة وهو يُشير إلى أحدهم الذي قام بـ تسجيل ما حدث..بعدها      صعد جاسر إلى سيارته وأكمل طريقه إلى العمل وكأن شيئًا لم يكن


***************************************


كانت الشمس قد بدأت في الغروب قبل أن يعود جاسر إلى القصر ليجد والدته وجُلنار تجلسان معًا..وما أن شاهدته الصغيرة حتى ركضت إلى أحضانه هاتفة بـ سعادة


-بابي

-حملها جاسر ثم قال بـ مزاح:يا أهلًا بـ اللي فضحاني وفاضحة أمها...


ضحكت الصغيرة ليُقبلها جاسر ثم توجه إلى والدته التي تبتسم بـ حنو..مال يُقبل رأسها وقال


-أزيك يا أمي!

-ربتت على ذراعه وقالت:بخير لما شوفتك سالم يا حبيبي

-تسلمي يا ست الكل...


جلس وهو يحمل الصغيرة التي أحاطت عنقه وتساءلت


-صحيح يا بابتي!

-نعم يا روح بابتك

-تلاعبت بـ وجنته وتساءلت:أنت مش قولتلي أنت كنت بتعمل إيه فـ رجل مامي إمبارح!!...


إرتفع حاجبي جاسر بـ صدمة ألا زالت تتذكر!!..سمع ضحكات والدته التي قالت


-ما تريحها يابني..البت مش هتبطل تسأل..دا روجيدا هربت منها بـ العافية...


نظر إلى إبنته بـ صدمة التي تنظر إليه مُنتظرة إجابته ليهمس بـ عدم تصديق


-بنت جاسر صحيح

-بتقول إيه!

-إبتسم بـ إصفرار وقال:بقول إن كانت فيه ناموسة مضايقة ماما وأنا كنت بهشها

-قالت الصغيرة بـ تفكير:زي اللي عضت مامي فـ رقبتها كتير...


وضع جاسر يده على فاه الصغيرة ثم قال بـ يأس وهو ينظر إليها


-مبنى إذاعة وتلفزيون..مُتخصص للفضايح وبس...


ضحكت فاطمة بـ صخب ثم قالت


-إيه يا جاسر!!

-نظر إليها بـ نصف عين:إيه إيه؟!!

-مالت إليه وقالت:أنت لسه مقولتلهاش!

-رد بـ نفي:لأ

-عقدت ما بين حاجبيها وتساءلت:طب هتقولها أمتى!

-نظر إليها بـ تحذير وقال:مش دلوقتي وقفلي ع السيرة عشان هر نازلة...


نظر إلى وجهها المُشرق بـ إبتسامة ليبتسم هو الأخر..تقدمت منه وقالت بـ رقة


-مساء الخير

-رد عليها وهو يتطلع إلى كل إنش بـ وجهها:مساء الجمال والعسل والمربى بـ القشطة...


ضحكت روجيدا وهى تُخفض رأسها لتتنحنح فاطمة قائلة


-طب أنا هروح أطمن ع الأكل عشان مبقاش زي العزول كدا

-رد عليها جاسر وهو لا يزال ينظر إلى روجيدا:خير ما عملتي يا ست الكل


ثم نظر إلى الصغيرة وقبلها ليقول


-خشي لـ آنا فاطمة يا جوجو عشان بتنادي عليكي

-لأ مش بتنادي

-أنزلها وقال:لأ سمعتها يلا روحي

-أشارت بـ سبابتها قائلة بـ حنق طفولي:لو لاقيتها مش بتنادي هرجع تاني

-يلا يا ماما من هنا...


قالها جاسر وهو يدفعها بـ خفة..ثم إلتفت مرة أخرى إلى روجيدا وقال وهو يغمز


-إيه بقى!

-ضحكت وقالت:إيه بقى إيه!

-عض على شفتيه وقال:طب مفيش آآ..كدا...


قالها وهو ينظر إلى ثغرها الكرزي..لتُضيق عيناها بـ حدة ثم قالت بـ حزم


-لأ مفيش

-طيب...


قالها بـ إمتعاض ليسمع بعدها طرقات الباب وترحيب الخادمة..إسودت عيناه وأظلمت ملامحه بـ قسوة ليجذب يد روجيدا ويُشبك أصابعه معها..نظرت إلى يده ثم إليه بـ عدم فهم ولم تلبث        أن فهمت وهى تستدير إلى ذلك الصوت القادم من الخارج بعدما رأت ملامح جاسر المُخيفة..لتفلت شهقة ثم همسة مصدومة


-شريف...


                الفصل الخامس عشر من هنا

لقراة باقي الفصول من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-