أخر الاخبار

رواية اكثر تملكا الجزء الثاني2 من ملك للقاسي الفصل الاول1والثاني2بقلم فاطمة احمد

روايةاكثر_تملكا  الجزء الثاني من ملك للقاسي

الفصل الاول والثاني

بقلم فاطمة احمد 


الفصل_الاول  : اشتياق

_____________________


" لكنني اخترتك مرارا وتكرارا لتكون من اهرب اليه من سوء العالم...

والحقيقة انك انت من اساء عالمي !! "


شهر ونصف .... او بالأحرى 47 و 8 ساعات و دقيقتين قضاهم بدونها ، بدون رؤية    وجهها ، ولا سماع صوتها ، ولا لمس بشرتها     !! لقد طال غيابها ، و شعوره بالغربة في هذا المنزل ازداد اكثر و بشكل مفرط !!




زفر ادم باختناق ونهض يجلس على طرف فراشه ، كل شيء يراه يذكره بها ولا يعلم     سبب ذلك ، لقد اعتاد عليها كثيرا لذلك      فهو يحس بالفراغ ، نعم بالتأكيد ان هذا الاشتياق واللوعة كلها سببها الاعتياد فقط ، فكبرياؤه لا يسمح له بالاعتراف بإحساس آخر !!


اغمض عيناه و تذكر يوم  دخوله الغرفة و ادراكه انها غير موجودة ، لقد ركض حدينها الى منزل اهله و جنونه عندما علم بمغادرتها  مع جده بعيدا عنه !!.....


Flash back

(

صاح بعصبية وهو ينظر الى والدته :

- مشيت ؟ مشيت ليه ومع مين ؟ ماما انتي عارفة ان ااا....


قاطعته حنان بحدة :

- انا كل اللي اعرفه انك عملت    حاجة تخليها تكرهك طول حياتها.... انت حاولت   تقتلها يا ادم البنت كانت هتموت ف



 ايدك ولو ملحقنهاش كنت هتخلص عليها انت مستوعب اللي عملته    حضرتك !! كويس انها مشتكش عليك لو ست تانية غيرها كانت هتوديك فداهية. 


ضحك ادم بجنون ثم شد   على شعره بقوة كافية لإقتلاعه من جذوره لكنه في حالته لم يشعر الا بذلك الضغط المزعج على صدره و بالتحديد قلبه..... ربما هو الألم !!




اطلق زفيرا عميقا ليتمتم :



- انا معذور ف اللي عملته.... افهمووو بقى اي واحد مكاني كان هيفقد اعصابه ويعمل اللي عملته !!




رافق صراخه صوت تكسير   حاد إثر رميه لإحدى التحف على الحائط ، طالعته حنان ببرود مضيفة :



- ايوة انت شوفت صورها    مع راجل غريب و مفكرتش ابدا ان ممكن   الصور ديه تبقى خدعة من ناس بتكرهك لا انت جيت و ناوي تقتل مراتك من غير ما تسأل ولا تتأكد. 



تنهدت حنان واردفت :

- المهم يارا كانت محتاجة تبعد شويا وانا مليش حق اصلا امنعها مكنتش هقدر   اقولها لأ متمشيش ، خليها تهدا كام يوم وبعدين روح اعتذر منها و رجعها. 


تهكم ادم مستنكرا :

- انا مش هسيبها قاعدة   هناك دقيقتين حتى ، هروح وراها و ارجعها بلاش   التصرفات الطفولية اللي بتعملها ديه.



استدلر خارجا لكن فجأة تسمرت اقدامه في الارض بعد سماع كلام أمه الغاضبة :

- لو روحتلها دلوقتي انا مش هسامحك طول حياتي يا ادم هغضب عليك   ومش هسمحلك تشوف وشي طول ما انا عايشة. 


فتح فمه بصدمة قائلا :

- ماما انتي بتقولي ايه ؟   هتغضبي عليا لاني هروح ارجع مراتي ؟!!

- يعني انت لو روحتلها دلوقتي هتعتذر منها يا ادم و هتطلب منها بأدب و تترجاها ترجع معاك ولا هتجبرها تجي ؟؟




صمت مبتلعا كلامه و ادركت هي اجابته من سكوته ، احتدت ملامحها اكثر و هتفت به :



- انا لسه عند كلامي لو اعتذرت منها ف انا مش هقدر امنعك واذا عايز تعاملها بقسوة زي عوايدك ف انت عارف. 


اغمض عيناه بعصبية مفكرا كيف سيعتذر منها وهو حتى يجهل سبب    كذبها عليه    كيف يعتذر منها وهو محق في ردة فعله نسبيا ، حتى لو لم تخدعه لكنها تخفي عنه أمرا مريبا     وربما والدته تعلم بذلك !!


فتح عيناه ببرود و تابع طريقه الى الخارج مرددا :

- ماشي يا امي انا مش   هروح لأي مكان.... بس متتوقعيش ان هيجي يوم و اعتذر منها..... )


Back


افاق من شروده على   صوت رنين هاتفه الذي اضاء مظهرا اسم رفيقه مازن ، تنحنح قليلا ثم فتح الخط :



- ايوة يا مازن خير ؟

- اتصلت عشان اقولك   في اجتماع بعد ساعة ونص ، و اجتماع تاني الساعة 6 المسا. 




صمت ثوان يستحضر   صورتها في مخيلته ليردف بعدها :

- الاجتماع التاني قدمه   احنا هنعمله الساعة 3 كده. 


عقد مازن حاجبيه مستغربا :

- ليه بقى في حاجة ؟؟


- ايوة انا عندي شغل    مهم لازم اعمله..... عمتا انا ساعة كده و بكون في المكتب هنكمل كلامنا لما اشوفك. 




اغلق الهاتف و نهض ليرتدي   ملابسه ، نظر في المرآة و تذكر عندما كانت يارا تلبسه الجاكيت بيديها وهي تبتسم ثم تغلغل اصابعها داخل خصلات شعره ضاحكة. 


زفر ادم بضيق و فتح رف خزانته ليأخذ غرضا ما فقابله الشال الخاص بها ، اخرجه ولفه على     يده متذكرا عندما اخذه     منها قبل اشهر طويلة كانوا حينها في فيلا جدهم   و قد عرفت يارا لتوها بقصة زواجهم و رفضت مغادرة غرفتها.... حينها دخل



 اليها و رآها لأول مرة بعدما تحجبت ، بملابس بيتية و مكشوفة و من صدمة   يارا بحضوره المفاجئ سحبت الشال من خزانتها


 و غطت به كتفيها الا انه سحبه منها دون ان تنتبه ومنذ ذلك الوقت وهو   يخفيه داخل ملابسه بحذر شديد. 



تنهد ادم بتعب من هذه الذكريات المسلطة عليه بكثرة خاصة في هذا    اليوم ، دس انفه في الشال الناعم و شمه بعمق هامسا بإسمها دون شعور منه :

- يارا......

__________________________


تململت في فراشها و فتحت    عينيها على يوم جديد بدونه ، يوم دون ان   ترى فيه وجهه ولا تسمع فيه صوته و بحته المميزة عندما    يستيقظ من نومه حديثا. 




تذكرت ذلك اليوم المشؤوم و     ما حدث فيه من اشياء حفرت في قلبها    جرحت عميقا لن يشفى.... ذهب عقلها لتلك الساعة عندما حزمت حقائبها و عادت مع جدها و    جدتها الى منزلهما متوقعة ان يلحق بها ادم و يطلب   منها العودة.... او حتى





 يجري اتصالا يطمئن فيه عليها ، نعم هي لم تكن ستجيب في كل الأحوال    لكن يكفيها محاولته في التواصل معها !!



نزلت دمعة من   عسليتيها مسحتها يارا سريعا ثم وضعت يدها على بطنها هاتفة :



- باباك للاسف نساني يا حبيبي.... تعرف ان انا مش عايزة اعرف اذا كنت   ولد ولا بنت    الا اذا كان ادم معايا و ماسك ايدي و بيطمني    انه معايا ، بس للاسف ده مجرد حلم يا ابني ابوك


 مصدقش يخلص مني حتى مكلفش نفسه ب اتصال صغير .... الصراحة انا مش مستغربة من تصرفه لانه طول عمره كان



 مجبور انه يتجوزني هو قالي اكتر من مرة انه متجوزني لان بابا طلب    منه يعمل كده بس   حبي ليه عماني     و بقيت موافقة اعيش معاه حتى وانا عارفة انه مبيحبنيش. 




صمتت قليلا ثم تابعت :

- يا ترى تصرفه مبرر ؟ يعني    هو شاف صور مراته وهي مع شاب في      عربية و سألني كنت فين ورغم اني مكذبتش بس ادم فهم جوابي غلط.... يعني لو انا مكانه كنت هفكر ف انه خاني ؟؟




تأففت و عادت ملامحها تتجسد بها الصلابة وهي تردف مستطردة :



- بس خلاص هو المفروض عرف اني مخنتوش و الصور مكنتش    حقيقية يعني ع    الاقل لو اتصل بيا..... المهم انا اتخليت عن حبي ليه و عرفت قد ايه كنت مقيداه هسيبه



 يتحرر مني اساسا من لما حبيته ملقتش غير الوجع.... اااه يا بابا    ياريتك كنت معايا دلوقتي انت و ماما.... لو كنتو معايا مكنتش هتوجع كده. 




وضعت يدها على صدرها   مكان قلبها الذي آلمها و دموع اليتم تنزل من       عينيها المتعبتين..... لقد اعتقدت انه بعد وفاتها


 سيبقى ادم معها لكن ككل مرة اكتشفت يارا ان لا حظ لها مع احبائها فهي   تفقدهم دائما سواء كان الفقدان ب ارادتهم التامة او أخذ الموت لهم....


مسحت دموعها و نهضت ترتدي    ملابسها على عجلة لتنزل الى الفطور ،     لقد ازداد وزنها قليلا في الفترة الاخيرة بفعل الحمل لكنها لم تدع احدا يعلم بحملها ، ف اذا علم الجد سليم بهذا




 الأمر سيهرع للاتصال ب ادم و اخباره ، هو لن يخفي عليه شيئا كهذا و سيعتبرها فرصة للتصالح بينهما لكن يارا لا تريد ذلك ابدا ، هي تعلم ان ادم بقي    مجبرا عليها لفترة     طويلة و بالتأكيد اذا علم بحملها سيعيدها اليه اجبارا عنها و عنه حتى ، يكفيها



 بروده و جفاؤه نحوها سابقا هي الآن في غنى عن طلب الحب و الاهتمام منه     ، لا تريد سوى العيش في سلام و أمان مع طفلها حتى لو كان بعيدا عن ادم !!!



افاقت من شرودها و نزلت   للأسفل تتناول الفطور مع العائلة وبعد انتهائهم خرجت الى الحديقة مع الابتوب الخاص بها لتتابع    عن طريق الانترنت المحاضرات التي تغيبت عنها في الأيام الماضية. 



رن هاتفها باسم الطبيبة التي تتابع حملها  - و لقد كانت جارتها في الاسكندرية سابقا وتعرفها   جيدا و الآن هي في زيارة    لأقربائها هنا في البلدة نفسها - ، لفت وجهها في المكان تتأكد من خلوه قبل ان تجيب بصوت منخفض :

- صباح الخير يا سلمى. 


- صباح النور يارا ازيك عاملة ايه ؟


- كويسة الحمد لله....انتي عاملة ايه ؟


- الحمد لله انا تمام..... كنت عايزة اقولك اني بعتلك الدوا اللي كتبتهولك ع الروشته مع واحدة موثوقة ، هيوصلك بعد نص ساعة كده ماشي. 


هزت رأسها بإيماءة كأنها تراها ثم اجابت :

- تمام يا سلمى ،متشكرة اوي تعبتك.... بعتيلي دوا عشان الصداع صح ؟ انتي عارفة انا ف اخر فترة مبقتش اقدر اتخلى عنه.


ردت عليها رفيقتها بهدوء :

- ايوة بعتهولك و متقلقيش الدوا مناسب للحوامل. 


شكرتها يارا بكلمات روتينية   و اغلقت الخط لتتابع ما كانت تفعله ، و بعد دقائق عديدة لمحت عمها علي وهو قادم اليها حاملا معه كيسا من الصيدلية. 


انتصبت واقفة و حولت نظرها الى الكيس متسائلة :

- عمو هو ده ليا انا صح ؟


رد عليها علي :

- واه يا بتي لجيت ست برا بتطلب تشوفك و لما سألتها جالت لازم اوصل الكيس ل يارا هانم.


اخذته من يده بسرعة و قالت :

- انا كنت موصياها ترنلي لما توصل... محدش شافك وانت بتجيب الكيس يا عمو صح ؟


هتف الاخر سريعا :

- محدش شافه غيري.... بس طمنيني يا بتي مالك في شي انتي مريضة ؟ ديه رابع مرة اشوف الست ديه بتوصلك الدوا خير ؟؟


لم تكن يارا تعلم شيئا عن ما فعله عمها و ابنه بها هي و زوجها ، ولا انهما السبب في انفصالهما و نست تماما ما تعرضت له منهما يوم زواجها ، ف ابتسمت بعفوية :




- و ديه تاني مرة حضرتك تجيبهولي من غير محد ياخد باله.... عمتا انا بحس بشوية صداع     بيدايقني فبطلب الدوا و برتاح منه صراحة يعني حباية واحدة بتخلصك من كل الوجع اللي فيك. 


رمقها بنظرات غائمة لم تفهمها يارا ثم هتف ب :

- متأكدة يا بتي مفيش شي تاني ؟


ارتربكتت يارا من نظرات و ردت :

- ااا.... لا مفيش.... احم انا رايحة ع اوضتي و شكرا تاني... اتمنى محدش من العيلة يعرف انا مش عايزاهم يقلقو عليا. 

- متشغليك بالك. 


كان يبدو من صوته و ملامحه    انه اقتنع بكذبتها التي اخفت بها جزءا من الحقيقة ، فتنهدت بعمق و غادرت تاركة علي يراقب المكان ببرود حتى غادر هو ايضا.....


**** على الساعة 00:00 بعد منتصف الليل.


في غرفتها المظلمة ، و على سريرها الواسع كانت نائمة تلتحف بغطائها الصوفي      الخفيف ، تنكمش داخله بوضعية الجنين ، غارقة في نوم عميق لدرجة لم تشعر بالنافذة عندما فتحت بفعل الهواء ، كان القمر يتوسط السماء التي تلبدت ببعض




 الغيوم ورغم ذلك لم تستطع اخفاء نوره الساطع بغرور ، ف انعكس على وجه يارا مبرزا ملامحها النائمة و شعرها الفحمي الذي افترش الوسادة بسخاء.....




لم تكن هي بمفردها الموجودة في الغرفة ، فلقد كان هناك من دخل منذ دقيقتين و ظل عند الباب يراقبها ، حتى اقترب بخطوات بطيئة و وقف    مقابلها تماما ، ينظر لذلك الوجه الذي لم يره منذ ايام طويلة و بمشاعر غريبة سيطرت عليه حتى



 تشكلت على هيأة ابتسامة صغيرة احتلت ثغره ، ولم تكن ابتسامته هي الشيء الوحيد الذي بدر عن ادم دون قصد ، فحتى يده امتدت لا إراديا تلامس وجنتها ثم سحبها بسرعة خشية ان تستيقظ. 


اغمض عيناه متنهدا و يحاول    تهدئة انفاسه المرتفعة ، و دقات قلبه المتسارعة ، ثم وضع ركبته على طرف السرير و همس :

- عدى وقت طويل على اخر مرة شوفتك فيها ، مش عارف انا ليه مش قادر اشغل بالي بحاجة غيرك كل يوم الصبح وكل يوم



 المسا وكل ليلة بكون بفكر فيكي.... احاسيس غريبة انا عايشها و مش عارف ليه ،     انا مبحبش ابقى في الحالة ديه بحس نفسي ضعيف بس غصب عني اتحولت لكده.... انتي غيرتيني يا يارا لحد لما مبقتش اعرف نفسي. 




رفع ادم رأسه للسقف ثم اعاد النظر اليها ، لمح يدها الخارجة من تحت الغطاء و اصبعها البنصر مزين بخاتم زواجها ، ابتسم و اكمل بنفس النبرة :



- انتي لسه متمسكة فيا    رغم اللي حصل بيننا صح يا يارا انتي لسه بتحبيني و عايزاني ، عارف اللي بتفكري فيه بتقولي ادم




 مسألش عني و مصدق يخلص مني بس انا لسه... لسه... لسه متمسك بيكي يا يارا ورغم اني متخليتش عنك بس مضطر اسيبك فترة هنا.  


اختفى صفاء عينيه و حلت مكانه ظلمة قاسية قبل ان يحدث نفسه :

- اللي فرقونا انا لسه معرفش هما مين و عايزين ايه.... خايف لو رجعتك يحاولو يأذوكي    تاني بس مدامك قاعدة بعيدة عني هيفكرو اننا انفصلنا و في الحالة ديه مش هيقربو عليكي ،



 هيكتفو بس ف انهم يحاولو يأذوني انا ، و معنديش مانع لاني اول ما اعرفهم هما مين هخليهم يندمو ع الساعة اللي قربو فيها ناحيتي. 


ارتخت ملامح وجهه التي   انقبضت بفعل الغضب ثم نهض و اغلق النافذة خوفا من ان تمرض يارا ف الهواء الذي يدخل الى الغرفة بارد حقا.



فتح الدولاب و اخرج لحافا   اخر و وضعه على جسدها و عندما اغلق باب الخزانة اصدرت صوتا عاليا و مزعجا بالتأكيد ستستيقظ يارا بسببه !




لف رأسه ناحيتها مسرعا   وعكس ما توقعه بقيت ساكنة ولم تمرش عينها حتى ، عقد ادم حاجبيه مستغربا و حرك يده امام وجهها متمتما بابتسامة :



- غريب شكل نومك بقى تقيل زمان كنتي بتصحي من اقل حاجة انتي واخدة منوم ولا ايه.




مرر أصابعه بخفة شديدة على وجهها كأنها تحفة ثمينة يخاف ان تزعجها خشونة يده ثم ضحك هامسا :



- مش نومك بس اللي    اتغير ، كأنك تخنتي شويا في الفترة ديه يا يارا ؟ بس لسه حلوة زي ما كنتي.... او بقيتي اجمل مش عارف. 



طبع قبلة صغيرة على وجنتها و غادر سريعا الغرفة ، استقبلته الجدة زهرة التي ابتسمت :


- اوعى تكون يارا صحيت وشافتك ؟


هز رأسه نافيا :

- لا مفيش اي حد شافني يا تيتا.... يلا انا اتأخرت ولازم امشي بسرعة. 



وضعت زهرة يدها على وجنته بحنان :

- طيب ع الجليلة اجعد   تاكل لجمة جبل ما تمشطي و بالمرة نام في اوضتك و بكره تروح.... الجو مطر يا ولدي اخاف عليك تتعب. 


- متخفيش يا تيتا انا متعود اخرج في الاجواء ديه. 

هتف فبها بنبرة هادئة لتتابع :



- يارا مشتاجة ليك يا ولدي... طول الوجت شاردة و بتبص على اوضتك.... هتصلح الوصع بينكم مينتى يا ولدي مش هاين عليا تفضلو متخانجين اكده. 




قبل ادم جبينها مجيبا اياها :

- قريبا يا تيتا قريبا..... بس مينفعش حد يعرف اني جيت تمام ؟ حتى جدي سليم. 


وافقته مرغمة و عاد ادم بسيارته الى الاسكندرية ، و بمجرد وصوله استلقى على سريره    مباشرة و اغمض عيناه يستعد للنوم ... لكن صورتها كانت لا تفارق مخيلته ، حاول تشتيت ذهنه اكثر من مرة ولم يستطع..   ف استسلم اخيرا لسلطان النوم سامحا لصورة يارا بمشاركته نومه.... و ربما احلامه !!


__________________________


بعد مرور يومين وفي صباح يوم جديد. 




خرجت رتاج من منزلها متجهة الى مقر عملها..... مشت قليلا جتى وصلت لموقف الباص   فجلست تنتظر اي حافلة او سيارة أجرة تعبر من هنا لكي تستقلها و تطير الى عملها ، السيد ادم اصبح متشددا اكثر في اخر شهر مضى و يعطي تعليمات



 صارمة بشأن الانضباط في العمل و المواقيت ، وهي طبعا لا تريد ان يتم طردها من طرفه فإن طردها ادم لن يستطيع اي شخص اعاداتها حتى مازن



 !


تأففت بضجر و نظرت الى ساعة يدها :

- وبعدين بقى انا شكلي    هتأخر ، ياريت معندتش لما ابيه مروان طلب يوصلني عشان متأخرش... ع اساس اني منضبطة و هخرج من البيت ف الوقت اووف اوووف.


 


هبت واقفة و تابعت سيرها    على امل عبور اي تاكسي من هنا ، لكن فجأة توقفت امامها سيارة شخص كان اخر من تتوقع ظهوره في هذا الوقت.... انه آسر !!




تقدم منها الاخير عدة خطوات حتى اصبح امامها ثم ابتسم مرتبكا :



- صباح الخير ، لو انا مغلطتش   ف انتي بتبقي اخت تقي اللي كنتي واقفة معاها في يوم فرح اخويا صح ؟


اخرجت نفسا عميقا و اشاحت وجهها تستغفر ثم نظرت اليه :

- ايوة انا هي رتاج اخت تقي.... خير يا بشمهندس عايز ايه ؟؟


- انا.... انا بس كنت عايز اسأل عن تقي اا...


قاطعته رتاج بضحكة ساخرة :

- ايه ده انت بتسأل عن طليقتك والله فيك الخير..... انت مالك بتقي بتسأل عليها ليه ها عايز منها ايه ؟



التزم اسر الصمت مستغربا من اسلوبها المتهجم عكس اختها الرزينة ، و قبل ان يجيبها وجد يدا تمتد اليه و رجلا يلفه نحوه صارخا بغضب :


- انت مين وواقف مع رتاج ليه ؟


شهقت رتاج بدهشة عند    رؤيتها لمازن يمسك اسر من تلابيب قميصه و يجذبه نحوه غاضبا ، لم تدري متى جاء  لكنها سارعت تحاول تفريقهما عن بعض :

- مازن اهدى شويا. 


نظر اليها وقد قضب حاجبيه :

- انا شوفته بيضايقك ازاي عايزاني اهدا ؟؟


ابتسم آسر مهدئا اياه :

- استنى بس انت فاهم غلط يا مازن..... انت مش فاكرني انا مين ولا ايه ؟


استغرب مازن كلامه فكلمه بفضاضة :

- وانا هعرفك منين يلا انت مجنون !


ضحك الاخر و رفع يديه :

- انا آسر اخو زياد صاحبك ، احنا اتعرفنا في فرح اخويا انت لحقت تنسى ؟


ضيق عينيه قليلا متذكرا اياه ثم ما لبث ان ارخى قبضته عليه محمحما :

- ايوة افتكرتك صح ، بس انت واقف مع البنت ليه مينفعش كده عيب.


التفت الى رتاج متسائلا ولم تختفي الحدة من عينيه بعد :

- الشاب ده ضايقك ؟


زمت شفتيها مجيبة :

- لا يا مازن مضايقنيش 

 اصلا انا بعرف آسر من زمان يعني هو معترضش طريقي ولا حاجة. 


احتلت معالم الصدمة وجهه     و خشى ان يكون هذا المدعو آسر هو نفس الشاب الذي تحدثت عنه رتاج سابقا و قالت انها تحبه ، اصفر وجهه و احس بدقات قلبه تتباطئ حتى تكاد تنعدم ، بلع ريقه بصعوبة هامسا :

- انتي بتعرفيه ؟


استغل آسر انشغاله بالتفكير   ف انسلت من بين يديه و عاد الى سيارته منطلقا بها بأقصى سرعة لديه ، اما رتاج فظلت تنظر الى مازن مستغربة تجمده هكذا. 


رفعت يدها تلوح بها امام وجهه هاتفة :

- مااازن ان سامعني مالك متجمد كده ليه ؟؟


افاق من صدمته و سألها مباشرة ، ودون ان يحاول اخفاء انفعاله :

- انتي بتعرفي آسر منين يا رتاج بتعرفيه من امتى و ازاي ؟؟


لم تكن رتاج من محبي الطرق المباشرة ، كانت تهوى اللف و الدوران و اللعب بأعصاب الشخص الذي امامها ، لذلك رسمت ابتسامة مستفزة على وجهها وقالت :

- بتسأل ليه يا مستر مازن ؟


اغمض عيناه يكافح لكبح رغبته في الانفجار بها الآن ، شعور ما سيطر عليه بقوة جعله يريد    الصراخ الآن و حالا ، لم يكن يدري ما يسمى هذا الشعور بالضبط ، لكن الشيء الوحيد الذي ادركه انه ان لم تجبه رتاج اجابة تنال رضاه سيسعى لمحو ذلك الشاب من هذا العالم !!


اعاد سؤاله وهو يضغط على اسنانه بصبر :

- انتي بتعرفيه منين يا رتاج ؟

- انت مالك !

- لو مجاوبتنيش دلوقتي انا هلحقه و اخليه يجاوبني بنفسه !!


اعتدلت رتاج في وقفتها وقد علمت من نبرة صوته انه لا يمزح ابدا ، حمحمت و اجابته بنبرة هادئة :

- انا مبعرفوش كويس.... يعني كنت بسمع عنه بس مشوفتوش غير مرتين. 


رفع مازن حاجبيه متعجبا كلامها ، ما دامت لم تره الا قليلا فهذا يعني انه ليس الشاب الذي تحبه..... نظر اليها منتظرا متابعتها لتكمل وهي تتنهد :

- اسر ده بيبقى جوز اختي..... اقصد طليقها يعني. 


- نعم !!!

صاح بها مازن بصدمة متابعا :

- طليق اختك انتي متأكدة ؟؟


رتاج :

- ايوة اختي تقي اطلقت منه من كام سنة كده. 


- يس يس الحمد لله. 

ضحك مازن هاتفا بجملته   دون ان يلاحظ ما يتفوه به ، و عندما فغرت رتاج فاهها مندهشة ، حمحم الاخير مبررا :

- اقصد يعني فيها خير اكيد ربنا كاتبلها الاحسن. 


كتمت رتاج ابتسامتها بصعوبة واجابته :

- ايوة صح. 


اشرق وجهه و قال :

- طيب انا رايح المكتب دلوقتي تحبي اوصلك ؟

- لا شكرا. 

- طيب مع السلامة. 


غادر سريعا وهو يتمتم بكلمات لم تفهمها رتاج ، لكنها ببديهتها المعتادة و دقة انتباهها     ادركت ان مازن شعر بالغيرة عليها وليس ببعيد عنه ان يكون قد اعتقد آسر هو نفس الرجل الذي تحبه !!


ضحكت رتاج بسعادة قائلة :

- هو الحيوان اللي اسمه آسر معقول هيعجل بنصيبي من مازن ولا ايه ؟؟


********** من ناحية اخرى. 


توقف آسر بسيارته امام الشقة التي يستأجرها مع "رولا" و دخل غاضبا غير مبصر    لشيء حوله ، امسك بزجاجة خمر كانت موضوعة على الطاولة و القى بها على الارض مزمجرا بحرقة !!


خرجت رولا من الغرفة هاتفة بفزع :

- آسر في ايه مالك انت متنرفز كده ليه ايه اللي حصل ؟؟!!


نظر اليها الاخير صارخا :

- انا مبقتش استحمل كرهها ليا يا رولا ، مبقتش استحمل حقيقة انها هي و اي حد   بيعرفها بيكرهوني و يحتقروني كده انا تعبت والله تعبت و بتوجع و يمكن اكتر من تقي كمان !!!


ادركت رولا من يقصد بكلامه فاقتربت منه بتأني :

- انت رجعت شوفتها في الشارع و كلمتها يا آسر ؟


نفى برأسه سريعا :

- لا انا مشوفتهاش هي شخصيا ، بس.... بس.... رولا انا عايز اقول ل تقي كل اللي حصل     زمان وليه انا عملت فيها كده.... عايز اعرفها بالحقيقة وحتى لو مسامحتنيش بس المهم تعرف اني ااا....


قاطعته رولا مبتسمة :

- ماشي ممكن تقعد و تهدا شويا يا حبيبي ؟ 


كاد يعترض لكنها سبقته و اجلسته بنفسها ، ثم بدأت تمرر يدها على ظهره هاتفة :

- انت دلوقتي لو روحت و عرفت تقي بكل الحقايق يا ترى هتصدقك ؟ طب نعتبرها    صدقتك.... تقي قعدت وقت طويل عشان تخلي عيلتها تسامحها بعد ما اتجوزتك غصب عنهم لو



 هي سامحتك ورجعتلك دلوقتي ايه اللي هيحصل فعيلتها ؟ هيرجعو يوقفو ضدها و المرة ديه ممكن يتبرو منها يا حبيبي اضافة ل انه اخوها ضابط وممكن يأذيك.... و يأذيني انا كمان. 


رفع آسر وجهه اليها فوجدها تكاد تبكي ، تنهد بحسرة لتكمل :

- انا عارفة انك بتحبني... بس ميتحبنيش زي تقي.... وحتى انا بحبك و بموت فيك و     مستعدة اخدر قلبي عشان يستحمل الوجع لو انت رجعت لتقي ، بس انا بفكر فيك انت وبفكر في تقي انتو صعب ترجعو تجتمعو تاني ولو اجتمعتو هتأءو ناس كتيرة ومنهم عيلتها. 


صمت قليلا تتابع تعبيرات وجهه ثم تابعت :

- وبعدين تقي واضح جدا انها نسيتك....و الدليل على كلامي انها مبقتش تتأثر لما    تشوفك حتى بعد طول الفراق ، سيبك من انها موجوعة منك ولازم تتخد موقف.... هي حتى معندهاش اهتمام بوجودك ولا اللمعة اللي فعيونها لما تشوفك و


 قدامها.... هي اكيد نسيتك يا آسر و كملت حياتها ليه انت بقى بترجع تفتح الدفاتر القديمة و تظهر قدامها ؟ بلاش تعمل كده يا حبيبي ديه نصيحة مني هي مبقتش تحبك ابدا وحتى انها مستحيل تثق فيك زي زمان. 


اغمض هو عيناه متألما من حديثها ، لتنهض رولا و تحضر له كأس خمر يشربه ، اعترض آسر لكنها اصرت عليه :

- اشربه يا اسر لانه بيفيدك. 


تجرعه دفعة واحدة و اردف بعد دقيقة من الصمت :

- كلامك حقيقي يا رولا... واضح   جدا ان تقي مبقتش تحبني و نسيتني وانا كرامتي مبتسمحليش اجري وراها فكل مرة اشوفها فيها. 




ابتسمت رولا ليطلب منها :

- ممكن تجيبيلي كوباية ازازة خمرا تانية. 

- من عيوني يا حبيبي. 


نهضت الاخيرة ودخلت الى   المطبخ ، رن هاتفها فتأهبت بعدما رأت من المتصل و اغلقت الباب ثم اجابت بصوت هامس :



- الو نعم انتي عايزة ايه ؟


صمتت تستمع لكلام الطرف التاني حتى قالت :

- انتي مجنونة ؟ انا هجيب    المبلغ ده كله منين ؟ مش كفاية اني بقالي سنين ببعتلك فلوس كل شهر عشان تسكتي ايه انتي عايزة تفلسيني ؟!!!




وصلتها اجابة الفتاة الاخؤى فزفرت بعصبية وردت عليها :

- تمام ماشي انا هحاول ابعتلك الفلوس بس ممكن اتأخر لاننا مش في نفس البلد.... تمام اقفلي. 




اغلقت الخط و ظلت تنظر الى الهاتفة متمتمة :



- انا لازم اتصرف و اخلص من القصة ديه مستحيل اخلي آسر يعرف باللي عملته من سنين عشان يسيب البنت اللي بيعشقها ديه و يرجعلي !!





#الفصل_الثاني : تخبطات مشاعر


_____________________


اغلقت الخط وظلت تنظر الى الهاتفة متمتمة :

- انا لازم اتصرف واخلص   من القصة ديه مستحيل اخلي آسر يعرف باللي عملته من سنين عشان يسيب البنت اللي بيعشقها ديه و يرجعلي !!



فتحت رولا باب المطبخ و اطلت منه على آسر الذي كان جالسا يشرب الخمر ، لقد حاول    مرارا الامتناع عنه لكنها كانت تجعله في كل مرة يعود اليه ، من مصلحتها جعله يبقى ثملا معظم الاوقات لكي تستطيع السيطرة على افكاره و أمواله و البقاء




 متزوجة به حتى لو لم يكن زواجا رسميا..... هي سعت كثيرا للحصول عليه و الآن يجب ان تعود معه الى الولايات المتحدة في اسرع وقت ممكن ، كلما كان آسر بعيدا عن تقي زاد استطاعت هي تقييده اكثر !!


تنهدت رولا و اخرجت زجاجة خمر من الثلاجة و ذهبت اليه ، نظر اليها متسائلا :

- انتي اتأخرتي كده ليه ؟


اجابته مبتسمة وهي تسحب له كأسا :

- انا كنت بكلم واحدة صاحبتي من نيويورك كانت بتسأل هنرجع امتى. 


بهتت ملامحه و نظر للكأس   الذي في يده بشرود فوضعت الاخرى يدها على كتفها قائلة :

- احنا هنرجع امتى ؟


زفر آسر بخنق :

- معرفش لسه مش واضح.... انا بفكر انقل شغلي ع البلد هنا و اكمل حياتي جمب اخويا. 


اتسعت عيناها بصدمة و احست بعقدة تلتف حول لسانها لتمنعها عن الكلام من هول ما سمعته ، مررت رولا اصابعها على وجهها بتوتر ثم تلعثمت :



- اا... تقصد انت عايز نكمل حياتنا في مصر ومنرجعش ع اميركا تاني ؟؟


هز رأسه و نظر اليها :

- ايوة انا بفكر في الموضوع ده بقالي زمان.... هكمل حياتي في البلد اللي انا سبتها من سنين.... هكملها معاكي. 


لاحت ابتسامة خبيثة على    وجهها لم يلاحظها آسر ، حمحمت و استندت برأسها خلف كتفه الأيسر هامسة بنبرة خافتة :

_ مدام هنعيش مع بعض معنديش مشكلة..... اي مكان انت بتكون فيه هيكون بيتي انا كمان. 


امسك آسر يدها الملتفة حول صدره بداية من كتفه الايسر لكتفه الأيمن ، متمتما بامتنان :

- شكرا يا رولا.... شكرا لانك معايا انتي افضل صديقة و حبيبة في الدنيا كلها. 


- بحبك اوي يا آسر. 


قالتها وهي تقف مواجهة له و تطبع قبلة على شفتيه ، نظر اليها ثوان قبل ان يبادلها قبلاتها :

- وانا بحبك.....


_____________________

قرب الظهيرة. 

في سرايا الشافعي. 


كانت يارا تقرأ كتابا يخص الحمل عندما سمعت طرق الباب ، اخفت الكتاب اسفل وسادتها و هتفت بصوت مرتبك :

- اتفضل !


دخلت الجدة زهرة مبتسمة :

-  حفيدتي الجمر مهتنزليش تتغدي ويانا ؟


هزت رأسها مجيبة :

- انا كنت بلعب بتلفوني و هنزل كمان شويا يا تيتا. 


- طيب يابتي متتأخريش. 


غادرت زهرة فنهضت يارا و خبأت الكتاب في دولابها..... و قبل ان تغلقه لمحت ذلك المنديل الرمادي الخاص ب ادم...





التمعت عيناها بدموع الحزن و الشوق وهي تسحبه نحوها تشمه بعمق ، تذكرت قبل شهور عندما دخلت الى غرفته سرا في وقت متأخر من الليل ، لم يكن مر على زواجهما سوى


 اسبوع واحد عاشا فيه مثل الغرباء تماما ، وقتها ارتدت ملابسه و نامت على سريره حتى جاء ادم و ايقظها لتسحب معها ذلك



 المنديل الحريري و تغادر و تظل محتفظة به !! و بقي مخزنا وسط ملابسها حتى انها وضعته بالخطأ في حقيبتها عندما غادرت المنزل ذلك اليوم. 




اطلقت آه حارقة تعبر عن   النيران التي تشتعل بقلبها كلما تذكر جميع اللحظات التي قضتها معه... حتى ادق التفاصيل ، لكن بالتأكيد هي فقط من تعاني ألم الحب وهو يعيش حياته غير مكترث لها.... ولا لحبها !!!



شهقت يارا تسحب اكبر قدر من الهواء لداخل رئتيها لعلها ترتاح قليلا ثم ارتدت ملابسها و نزلت الى الاسفل. 



القت السلام و جلست بجانب   جدتها - وكرسيها مقابل تماما لكرسي عمر - ، تتناول طعامها بهدوء حتى نطق الجد سليم بنبرته الخشنة :


- ادم متصلش بيكي يا بتي مكلمكيش ؟


جفلت يارا لثوان قبل ان ترد عليه بتقطع خافت :


- لا .... متصلش. 


عقد حاجبيه بعدم رضا مهمهما :

- ومش راضي يرد على اتصالاتي... وبعدين يا بتي نهاية الموضوع ايه ؟ بجالك فترة    طويلة جاعدة اهنيه و معندة تكلميه لا راسيين على طلاج ولا ترجعيله فهمونا موجفكم مشان نعرف احنا هنعمل ايه يا حفيدتي !!



رددت زهرة خلفه بهلع :

- طلاج ايه يا حج بعيد الشر ديه خناجة بين زوجين لحظة شيطان ولما يهدو هيرجعو زي الفل. 



اغمضت يارا عيناها بألم     تمنع دموعها بصعوبة من النزول و التعبير عن مدى كسرها في هذا الموقف ، استأذنت و نهضت تتجه الى غرفتها ركضا ليوقفها صوت ابن عمها :

- ثانية يابت عمي !


توقفت عن اضافة خطوة   واحدة و التفتت اليه ، كانت عيناها حمراوتان و صوتها متحشرج لذلك لم تتكلم بل اشارت برأسها متسائلة عن سبب ايقافه لها الآن. 



اقترب منها عمر و عيناه تتأملانها من أعلاها الى اسفلها بارتياح ضايق يارا كثيرا فسألته بحدة :

- خير ؟؟


بلل شفتيه قبل ان يقول :



- اني خابر زين مدى وجعك   من اللي حصلك من ولد عمي ادم ..... و خابر انك دايما بتوجفي جدام الشباك على أمل تلاجيه جاي ياخدك يا يارا.




لم يكن وحده الملاحظ .... كان الجميع يدركون مدى ألمها ، وانها رغم رفضها التكلم     معه الا انها تشتاق لرؤية وجهه و سماع صوته او حتى صوت انفاسه لا يهم فقط هي تحتاج لمعايشة اي تفصيلة صغيرة من زوجها الذي وصل حبها له حد النخاع !!



اذا لماذا لا يأتي.... لماذا لا يكلمها..... لماذا لم يشتق لها مثلما اشتاقت اليه.... الا يريدها.... اليس لها خاطر صغير عنده ليتذكرها حتى ولو بلحظة صغيرة..... هل مع ألمها منه اضاف ادم زيتا على نارها و اراد الطلاق !!




افاقت من انغماسها في الفراغ المظلم على صوت عمر وهو يكمل :

- هو مبيستاهلش حبك ليه يا بت عمي ، مبييتاهلش تتوجعي


 عليه وهو عايش حياته مرتاح بعيد عنك  ، كان لازم يجي يعتذر منك بس هو جلب    الطرابيزة عليكي ومن جسوة جلبه مطمنش حتى على مرته اذا كانت عايشة او ميتة و.....




قاطعته يارا بصراخ وهي تضع يديها على اذنيها :

- خلاص اسكت !!


تابع عمر وقد بدأ ينال ما يريده من حدبثه معها :

- لازم تتطلجي يا بت عمي   خلاص انتي خدتي حصتك من الورث ومبجتيش محتاجة لحد يصرف عليكي نص الاملاك


 مكتوبة ب إسمك ده غير حصتك من الشركة انتي بجيتي ست جوية تجدري تعيشي من غير ادم اللي محبكيش ولا عرف جيمتك.... و انتي خابرة زين مين اللي بيحبك يا بت عمي. 



نظرت له الاخيرة و قد فهمت مقصده من جملته ، فلمعت عيناها بحزم ورسمت الجدية على وجهها وهي تردد :



- انا من دون الاملاك حتى بقدر اعتمد على نفسي ومحتاجش ل اي حد غير ربنا.... و بخصوص    الطلاق ل علاقتي ب ادم احنا اللي بنقررها بس يا ابيه عمر اتمنى انت متدخلش.... عن اذنك. 


دخلت الى غرفتها مثقلة الكاهل و متعبة الروح ، لو انهم وضعوا حجرا ثقيلا على    قلبها لما كانت تتألم لهذه الدرجة حتى ، لو ضربوها بسياط من نار لم تكن لتنكوي روحها هكذا ، يا


 الهي انها تشعر بالاختناق لدرجة حتى لو جلست في اوسع مكان فلن ينجح هذا بتحرير نفسها ولو قليلا ، هو فقط دواؤها ، مثلما كان داءها !!!


______________________


في الشركة. 


دخل ادم بخطوات متزنة و قابل رتاج في طريقه فأمرها مغمغما :

- عرفي مازن اني في اوضة المكتب و عايزه فورا. 


اجابت سريعا :

- حاضر يا فندم. 


هرعت الى مكتب مازن   ودخلت مباشرة دون ان تطرق ، كان هو منغمسا في اوراقه و سرعان ما انتفض بسخط :


- وبعدين بقى معاكي انا قولتلك مليون مرة اخبطي ع الباب قبل ما تدخلي بس وانتي ولا كأنك هنا !!



مطت شفتها ببرود :

- لمؤاخذة نسيت حضرتك ، المهم الاستاذ ادم طالبك في مكتبه و بيقولك متتأخرش والا هجيبك من شعرك و امسح بيك .....


قاطعها مازن برفعة حاجب مستنكرا :

- وده كلامك ولا كلامه ؟


ردت عليه بابتسامة :

- كلامه يا فندم عن اذنك. 


التفتت لتغادر وهي تهمهم :

- اخبطي ع الباب نينيني. 


- بتقولي حاجة يا رتاج ؟


- لا حضرتك انا بكلم نفسي فحاجة تافهة كده متشغلش بالك. 


اتجه مازن الى مكتب صديقه و دخل ليجده يقلب في بعض الملفات بعصبية ، حمحم و هتف بمرح :



- ايوة يا صاحبي عايز مني ايه ؟


همهم دون النظر اليه :

- محتاج كل النسخ من الملفات  اللي في البلد ابعت ايميل و اطلب منهم يبعتولك كل حاجة تخص شغل اخر 6 شهور ،




 المشاريع كلها الارباح و الفوائد و الخسائر انا عايز الحسابات كلها تبقى عندي بكره اقصى حد اطلبهم من مجلس الادارة اللي هناك بسرعة. 




تعجب مازن من طلبه و سأله يستفسر :

- من عينيا بس ممكن اسألك عايزهم ليه يا ادم ؟ ما هما لسه باعتين النسخ ورقي من اسبوعين بس. 



فتح ادم احدى الادراج يبحث عن شيء ما ليجيبه :

- في تناقض في الحسابات   و مشاريع ملهاش وجود و مصاريف معرفش انا راحت على فين حتى البنوك اللي بنتعامل معاها مش معروفة ب الاحرى ملهاش اسم ولا وجود اصلا. 




اتسعت عيناه بدهشة من كلامه :

- انت بتقول ايه يا ادم قصدك ايه ؟؟


اخيرا وجه نظراته عليه قائلا بنفاذ صبر :

- قصدي ان في كام حاجة بقت مش مفهومة في الشغل خاصة بعد وفاة عمي احمد انا     متأكد ان في غلط بس مش عارف هو ايه بالضبط ولا هو فين..... بص انا مش عايز اتكلم في التفاصيل قبل ما نتأكد اعمل اللي طلبته منك الاول. 



رد عليه بهدوء :

- طيب ماشي..... بس في حاجة تانية مدايقاك ايه هي ؟


زفر ادم بخنق :

- مفيش حاجة روح شوف شغلك. 


ابتسم مازن و اعتدل في جلسته مؤكدا :

- مفيش ازاي انا عارف ان عصبيتك ديه بسبب حاجة تانية غير الشغل احكيلي. 




اغمض عيناه يسترجع احداث صباح اليوم ليهتف بتشنج :

- عمي علي اتصل بيا   النهارده الصبح ، وقالي مدام سايب مراتي بقالي فترة طويلة الاحسن ابعت ورقة الطلاق عشان ننفصل و.... و يارا تشوف حياتها بعيد عني. 




نطق جملته الاخيرة وهو يجز على اسنانه بعصبية شديدة ، مجرد تخيله ان يارا هي    من تريد الانفصال جعله يرغب في تكسير كل ما تطوله يداه ، وحتى احراق كل من فكر بأن



 ينفصلا عن بعضهما البعض ، مهما تشاجرا ومهما ابتعدا لكن ستظل يارا ملكه.... زوجته هو فقط لا غيره... لن تكون لرجل غيره حتى بعد موته !!!




تساءل مازن بحذر بعدما لاحظ عضلات وجهه و يديه تتشنج :

- ايوة يعني ..... مراتك هي اللي بعتته يقولك الكلام ده ؟




نفى الاخر فورا :

- لا طبعا يارا مستحيل تخلي    حد يتدخل في خصوصياتنا.... انا اللي مدايقني ان ازاي عمي كلمني و ليه هو ماله اصلا اتطلق ولا متطلقش ايه القرف ده هما عايزين يستغلو يارا طمعانين بفلوسها و الغبية مش واخدة بالها. 




ابتسم رفيقه خفية ليحمحم مردفا :

- اها عشان كده انت متنرفز..... طيب ايه اللي ضايقك اكتر انهم بيتدخلو فيك ولا فكرة ان مراتك عايزة الطلاق ؟




نهره بحدة ليكمل مازن غير مبال :

- يابني انا اكتر واحد عارف   انك مشتاق لمراتك صح انت لسه مقولتليش ايه اللي حصل عشان تتخانقو كده بس حرام تفضلو بعاد عن بعض كده و تعندو خاصة انت. 




رفع حاجبيه بسخرية :

- على سيرة العند انت لسه مش ناوي تمشي خطوة لقدام ولا ايه ؟


استغرب كلامه و ترجمه على شكل سؤال :

- امشي خطوة فين ؟


اجابه بابتسامة بعدما استطاع تغيير الموضوع :

- فعلاقتك الصامتة انت    و السكرتيرة بتاعتك رتاج.... هتفضل لحد امتى تبصلها بنظرات غبية مش ناوي تعترفلها بمشاعرك ولا مستني راجل تاني يجي يخطفها منك ؟


انتفض مازن مندفعا :

- يخطفها لا طبعا مستحيل يحصل انا مش هقبل حد ياخدها مني !


ساد الصمت قليلا وقد ادرك انه اعترف بشكل غير مباشر بمشاعره نحو رتاج ، تنهد ببطئ ونظر له ، مازن يعلم جيدا ان


 ادم كان يدرك ماهية مشاعره نحو شقيقته مسبقا حتى بالفترة التي كانت ستتزوج فيها   كان صديقه مدركا تماما ان قلبه يتحطم لذلك هو يسعى لان لا يتعرض لنفس الموقف مجددا. 


اكمل ادم بصوت رغم صلابته لكن يوجد داخله الحنان و حبه لمصلحة رفيقه :



- بص يا مازن في حاجات احنا بنعيشها بس بننكرها و في حاجات احما مبننكرهاش بس بتخاف نعترف بيها.... الحياة



 مش مضطرة تستناك امتى تستقوى و تقضي مصالحك او امتى بتتخلى عن خوفك و ترددك و تحقق اللي انت عايزه .... بس بتديك فرصة تانية و اخيرة وانت بتختار تستغلها او تكرر الغلط اللي عملته زمان ، فاهمني ؟




اخفض رأسه بخزي وهو مدرك تماما لما ضيعه من فرص في حياته بسبب تردده و خوفه    الدائمان ، الان هو يخشى حتى بالاعتراف بحبه لرتاج يخاف ان تكسر هي قلبه و ترفضه من



 جهة ، و يخاف ان يؤجل اعترافه حتى يدخل الرجل الذي تحبه حياتها و يأخذها منه ايضا ، و في كلتا الحالتين هو الخاسر !!


- انا بخاف من النتيجة.... ومن الخسارة. 

قالها مازن بخفوت و الحزن يطفو ليترسم على وجهه ، ف ابتسم ادم و تمتم :



- انك تمشي خطوة و تقع.... احسن   من انك متمشيش خالص و تندم .... الخسارة بتقهر بس بتفضل احسن من ندمك و نطق جملة ياريت عملت وياريت قلت يا مازن فاهمني ؟



هز رأسه بنعم ووقف لينحني عليه ويقبله :

- ايوة انا فهمت يا ادم متشكر جدا يا صاحبي يا ذو النصائح الذهبية. 




اغتاظ ادم و دفعه بعيدا عنه :

- طيب متلزقش فيا كده ابعد شويا انت خنقتني. 


قهقه مازن بصوت مرتفع و غمزه :



- انا بحبك يا ادم بتعرف ده كويس صح بس انا عايز اأقدملك نصيحة ممكن.... ياريت نصايحك الحلوة ديه تطبقها على نفسك لانك اولى بيها مني. 




ثانيتان فقط وكان مازن    يغادر المكتب سريعا بعدما القى عليه ادم مجسما بلاستيكيا بسخط وهو يشتمه بصوت منخفض ..... ضحك الاخير و انتظر قليلا ليدخل المكتب مجددا :



- على فكرة يا ادم الاجتماع بعد نص ساعة ياريت تحهز نفسك وانا هروح اعمل اللي قولتلي عليه تمام. 




اعاد ادم ظهره للخلف و دار حول نفسه مرتين بالكرسي ذو العجلات ثم تطلع على الملفات    الموجودة امامه.... لمح ملفا احمر فأخذه بين يديه و ابتسم لاشعوريا وهو يعود بذاكرته الى الوراء.....


** في نفس الوقت كانت يارا تمسك قلما اخذته من مكتب زوجها ذلك اليوم فأغمضت عيناها متذكرة...


Flash back

( قبل ثلاثة اشهر ونصف...


كانت يارا في المنزل ترتب الاغراض حتى سقط من احدى الرفوف ملف احمر اللون ، اخذته و قرأت محتواه وسرعان ما شهقت بصدمة :




- مش ده نفس الملف اللي طلب مني ادم ابعتهوله مع الموظف اللي جه من شويا !! شكلي    غلطت و بعتله ملف غير اللي عايزه ولا ايه.... يا الله هو قالي اجتماع النهارده مهم جدا و الملف ده ضروري ليه. 




نظرت الى ساعة يدها صارخة :

-- و الاجتماع كمان بعد ساعة الا ربع لو بعت الموظف تاني ورجع ع الشركة هيكون اليوم خلص اصلا ، انا لازم اعمل ايه اوووف. 


هرعت لتتصل ب ادم لكنها توقفت مفكرة :

- لالا انا مش مستعدة اسمع   زعيقه في التلفون دلوقتي احسن حاجة انا اللي اخدله الملف بنفسي و ارجع بسرعة ولما الاقيه هناك هشرحله اللي حصل. 




ارتدت ملابسها و غادرت مسرعة في سيارة تاكسي.... وصلت في وقت قياسي الى الشركة    و دخلت كانت يارا تعرف جميع المكاتب و قاعات الاجتماعات بفضل زياراتها السابقة الى



 والدها لذلك لم تجد صعوبة في الوصول الى وجهتها ، دخلت الى قاعة الاجتماع الخاصة ووضعت الملف المطلوب قبل ان تتنفس بارتياح :

- الحمد لله وصلت في الوقت المناسب يلا انا هحطه و امشي بسرعة قبل ما يشوفني. 




تحركت يارا مسرعة و ما إن فتحت الباب حتى اغلقته بقوة مجددا :

- ايه ده ادم جاي و معاه اكتر من 4 اشخاص يا ربي ايه المصيبة ديه معقول يدخلو و يلاقوني هنا !! 


دحرجت نظراتها في المكان    و فكرت في الاختباء ولم تجد الى تلك الطاولة المستديرة بالتأكيد لن يجلسوا عليها بل سيتخذون الطاولة الكبيرة مجلسا لهم في هذا الاجتماع.



لم تفكر اكثر خاصة ان    اصواتهم اصبحت قريبة ركضت اتجاه الطاولة و دخلت أسفلها ، جلست في المنتصف و كومت جسدها هامسة برعب :



- لو شافوني متخبية هنا هتبقى فضيحة و ادم هيعلق مشنقتي يارب مياخدوش بالهم مني.




بعد عدة ثواني فتح الباب و دخل ادم و خلفه العملاء ، اخذ الملف من على الطاولة قال مغمغما بصلابة :



- اتفضلو يا جماعة نقعد هناك احسن. 


جفلت يارا و تجمدت الدماء في جسدها عندما جلس العملاء على الطاولة التي تختبئ      هي تحتها ، وضعت يدها على فمها وضغطت عليه كأنها تمنعه من اخراج حرف بالخطأ و لولا انها



 ستموت لكانت سدت انفها لكي لا يصدر صوت انفاسها فيكتشفون وجودها.... هنا في قاعة الاجتماعات و اسفل الطاولة التي يجلسون عليها !!!




بدأ ادم يتحدث بكل جدية حول الصفقة التي يتناقشون عنها الآن و شاركه في الكلام جميع العملاء الذين يطمحون للاتفاق مع الشركة ، مرت ساعة كاملة     و يارا اسفل الطاولة كان جسدها بدأ يؤلمها بسبب وضعية جلوسها وحتى انها شعرت بضيق قليل في التنفس ، اغمضت عينيها بغيظ و حدثت نفسها :




- الاجتماع ده هيخلص امتى انا تعبت والله طيب يطلعو من الاوضة عشان يرتاحو شويا معقول الرغي ده كله ، و ادم دا


ا بيقولي انتي بتتكلمي كتير اهو بقاله اكتر من ساعة بيتكلم حتى متوقفش ثانيتين يشرب ماية اووف اوووف. 


تكلم عميل منهم :

- تمام سيد ادم مدام اتفقنا نقدر نمضي على الصفقة دلوقتي. 


هز رأسه بإيجاب :

- اتفضل انت الاول ، وبعد التوقيع عايز اكلمكم ف كام نقطة في المشروع. 


اومأوا موافقين بينما اتسعت عيني يارا بصدمة :

- هما لسه هيتكلمو يا ربي انا اختنقت و هموت هنا لو قعدت استناه ، لازم اعمل حاجة بسرعة. 


نظرت الى اقدامهم و احذيتهم    تبحث عن زوجها من بينهم حتى اصابته ، ابتسمت و مدت يدها ضاربة مقدمة حذائه ف انتفض ادم بخفة ثم نظر للذي يجلس بجانبه :



- معلش مخدتش بالي. 


اجابه الاخر بتعجب :

- على ايه ؟


- هو انا دلوقتي مضربتش رجلك بالغلط ؟


ضحك الرجل ورد عليه :

- لا يمكن انت ضربت رجلك في رجل الترابيزة. 


وضعت يارا يدها على فمها تكتم ضحكاتها التي ستتسبب لها في فضيحة الآن ، ثم جذبت طرف بنطال ادم وهي تسعى جاهدة لاخفاء صوتها ، حمحم الاخير بتشنج و حافظ على



 ثباته ، قبل ان يرمي القلم الذي كان بيده على الارض و يصطنع الانحناء لكي    يأخذه و بمجرد نظره الى ما يوجد في الاسفل و رؤيته لزوجته تختبئ كالفئران شهق بصدمة لم يتعرض لها من قبل !!


اتسعت عيناه بعدم تصديق و كاد فمه يقبل الارض للحظة اعتقد ادم انه يتخيل وجودها هنا لكن عندما غمزته و لوحت


 بيديها ادرك انها حقيقة..... ادم الشافعي يرى الان زوجته متخفية اسفل طاولة الاجتماع بل و تغمزه ايضا !!



بلع ريقه و انتفض معدلا نفسه عندما سأله احدهم :

- حضرتك وشك مخطوف كده ليه في حاجة تحت  ؟


قالها وهو ينحني مثله ليوقفه ادم باندفاع :

- لا مفيش اي حاجة ااا يلا نكمل كنت بتقول ايه ؟


قطب حاجبيه باستغراب :

- انت اللي كنت بتتكلم.... ع الميزانية !


بلل شفته السفلى ثم ادخل   اصابعه في خصلات شعره مرتبكا ، كان يبدو في حالة غير طبيعية ليستفسر زميله بقلق عليه :

- ادم انت متأكد انك كويس ؟


رفع يده جاهدا للحفاظ على ثباته :

- ايوة انا كويس انا بخير يلا نكمل. 


مرت دقائق قليلة وكان ادم غائبا تماما عن كل ما يتحدثون به حتى نطق بنبرة جادة :


- انا تعبت ياريت نرتاح شويا و نبقى نكمل بعدين. 


وافقه العميل :

- واحنا كمان تعبنا جدا هنطلع شويا و نرجع اساسا انت باين عليك مش كويس لازم تشوف دكتور.



مرر يده على فكه هامسا :

- شكل حتى الدكاترة هيستغربو من حالتي ديه..... احم طيب حضراتكم عارفين مكان الكافيه صح. 



خرجوا جميعا و تأكد ادم من ابتعادهم قبل ان يستدير فيجد يارا تخرج وهي تتأوه بصوت عالي :


- اي خبطت دماغي. 


و في بضع خطوات كان ادم قد وصل اليها و غمغم ساخطا وهو يساعدها لتقف 



:

- ده انا اللي هكسرلك دماغك دلوقتي.... انتي كنتي فين ؟ جيتي امتى ؟ وقاعدة تكت من امتى و ليه و ازاي و ايه ده اصلا !!!


صاح بتساؤلات متتالية ثم انحنى لينظر :

- هو في حد متخبي معاكي ؟


ضحكت يارا بشدة :

- لا ههههه انا كنت قاعدة تحت لوحدي. 


امسكها من ذراعها غاضبا :

- انتي بتضحكي انا مش مصدق اصلا انك كنتي متخبية هنا و ازاي مخدتش بالي منك.... انتي جاية ليه اصلا ؟؟!!!




حكت له يارا كل ما حدث معها و تابعت مفسرة :



- لما شوفتك جاي لقيت الموقف محرج يعني لو جماعتك شافوني فقلت هتخبا و نص ساعة و بتخلصو بس انت


 مبطلتش كلام رغي رغي   رغي و انا اتفاجأت انت متعبتش ازاي لا وبتقول عليا بتكلم كتير اهو انت لو مشوفتنيش كنت هتجيب نص الليل وانت في اجتماعك ده. 




هز رأسه غير مستوعب لما يحدث فتابعت يارا ضاحكة :



- انا مكنتش عايزاك تعرف اني خرجت من غير ما اسألك ولا اني بعتلك الملف الغلط    كنت ناوية احطه و ارجع هههههه مكنتش اعرف انه هيحصل كده معايا. 



لم يستطع كبت ابتسامته فرفع ادم رأسه الى الاعلى متحدثا 

 :

- ايه الموقف اللي انا اتحطيت فيه ده شكلي كان عامل زي بطة بلدي وانا ومتنح كده    اول ماشوفتك مصدقتش افتكرت نفسي بتخيل يا الله كنتي متخبية زي الفارة هههههههه بنت المجنونة. 


شاركته الضحك فضم وجهها بكفيه قائلا :

- انتي مش تعقلي و تبطلي جنان قوليلي انا هعمل فيكي ايه دلوقتي ؟


اشارت يارا لنفسها متشدقة :

- هو انا اتخبيت كده عشان نفسي ده علشانك انت و اجتماعك. 


- و لسه بتتكلمي و فرحانة بنفسك انتي خدتي وش ل?

                      الفصل الثالث من هنا

لقراة باقي الفصول اضغط هنا

لقراة الجزء الاول كامله جميع الفصول اضغط هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close