CMP: AIE: رواية ولعشقها ضريبة الفصل التاسع9بقلم اسراء علي
أخر الاخبار

رواية ولعشقها ضريبة الفصل التاسع9بقلم اسراء علي


 

ولعشقها_ضريبة

بقلم اسراء على

الفصل التاسع


خارج كل هذا الصواب والخطأ...


يوجد فناء..ليس فيه سوى الحب...


لنلتقي هناك...


ظلت ملامح الآخر جامدة وهو يتطلع إلى جاسر بـ جمود والذي ربت على منكبه بـ قوة ثم قال بـ سخرية لاذعة


-مش هتقولي إتفضل ولا إيه!


ثم أطل بـ رأسه إلى داخل شقته وقال بـ خبث


-ولا الشقة لسه متنضفتش من أخر مرة؟!...


ضحك جاسر بـ إستمتاع ثم تشدق بـ نفس النبرة الخبيثة


-عادي ياعم إحنا رجالة زي بعض...


إلتوت عضلة بـ فك شريف وهو ينظر إليه بـ إزدراء..ليحك ذقنه وقال بـ جمود


-عاوز إيه يا صياد!

-عقد جاسر ذراعيه أمام صدره ثم قال:إعملنا كوبيتين شاي..ونتكلم كلام رجالة...


لم تتغير نظرات شريف الجامدة والتي قابلها جاسر بـ نظرات قاسية..تنحى الأول عن الباب فـ دلف الآخر..وأخذ يُحدق بـ الشقة قبل أن يقول بـ سخرية


-الديكور الجديد حلو..لأ عجبني...


ثم تقدم وجلس على الأريكة السوداء بـ منتصف الصالة ليضع ساقٍ على أخرى وأشار إلى شريف بـ كل وقاحة أن يجلس


إشتدت عضلات فك الآخر وإبيضت مفاصل يده التي قُبضت على هيئة قبضة..ثم جلس يستند بـ مرفقيه على ساقيه وتشدق بـ قتامة


-سامعك...


إبتسم جاسر بـ شراسة قبل أن يضع يديه على ساقه ثم قال بـ غموض


-تعمل إيه لما تعرف إن الست اللي قتلت جوزها اللي هو واحد من عيلة تقيلة لسه عايشة ما متتش؟...


إتسعت عينا شريف بـ قوة وصدمة قد عقدت لسانه عن الحديث..لتتسع إبتسامة جاسر وتُصبح أكثر شراسة ثم مال ليكون أكثر قُربًا لشريف وأكمل بـ نبرة خافتة خطيرة


-والمصيبة أنه أهل الراجل دا لو عرفوا إنها عايشة هيقطعوها حتت ويرموها للكلاب..دا قبل التعذيب اللي هتشوفه

-أنت بتتكلم عن إيه ومين؟!...


عاد جاسر بـ جزعه العلوي إلى الخلف وأخرج من جيب سترته عدة ورقات صغيرة ثم فضها وبدأ في قراءة محتواها بـ إبتسامة


-الاسم:ريم الألفي..دا قبل أمل يتغير اسمها لسمر المهدي طبعًا..محل الإقامة كان الإسماعيلية..السن:تلاتين سنة..ما خلفتش أي أطفال من زوجها المرحوم...


رفع يده بـ ثم قال بـ سخرية


-أسف المقتول..جوزها كان اسمه إيه!..جبر الرشيد..طبعًا مش محتاج تعريف..تاجر            معروف فـ الإسماعيلية معروف عنه أنه نسوانجي أصيل ما شاء الله معتقش ست فـ بلده إلا وكان مظبط معاها...


صمت ورفع نظره يتفحص ملامح شريف التي أستحالت إلى أخرى صلبة كـ الرخام ثم أكمل


-ما علينا من كل دا..أهله بقى وخاصةً أخوه..أكبر تاجر مخدرات هناك والكل عارف وقد إيه ليه سلطة ع البوليس هناك..عرف بالصدفة وهو رايح يزور أخوه..أنه سايح فـ دمه وأن مراته قتلته..قال إيه بيخونها!..والله صعبت عليا...


صمت مرة أخرى قبل أن يُعيد طوي الأوراق ثم أكمل


-الراجل دمه غلي..إزاي واحدة ست تقتل أخويا..بس لحسن الحظ إن أخوها جه فـ يقوم أيه!..قاتل الأخ التاني دا عشان يحمي أخته.. و بـ كدا          الإتنين بقوا قتالين قتله..كان وقتها نقيب..قوم إيه بقى يبدأ يزور أوراق ويستخدم معارفه عشام يزيفوا موت الأخ والأخت وهما بيحاولوا يهربوا بـ حادث سير مروع على الطريق...


كان الأخر يستمع إلى حديثه ويداه تنقبضان على ذراعي المقعد بـ شدة وقد تكونت الشعيرات الحمراء حول حدقيته ولكنه لم يتفوه بـ كلمة ليستمع إلى جاسر وهو يُكمل حديثه


-وهوب فجأة طلع ظهور لـشريف المهدي..اللي كان شرف الألفي..وهو نفسه اللي زور ورق بـ إنه إرتكب جرم فادح أدى إلى عزله من رتبته       وبقى ملازم أول عشان يخفي أثره كويس..وبقى محل الميلاد والإقامة القاهرة بدل الإسماعيلية..وظهرت ريم وبقت الحياه ألسطة أوي..والماضي إتدفن وإرتدم بـ التراب

-تحدث شريف أخيرًا بـ جمود:اللي يخليك توصل للمعلومات دي يخليك تعرف إني مش خايف على نفسي ...


نهض جاسر عن الأريكة ليضع الأوراق على الطاولة أمام شريف ثم قال بـ همس


-منا عارف إنك مش خايف على نفسك..أنا عارف إنك خايف على أختك...


ربت على منكبه ثم قال قبل أن يتحرك مُبتعدًا عنه


-خاف لفاعل خير يبلغ العيلة إن الميتين صحيوا...


وبقى وقع خطوات جاسر المبتعدة عن ذلك الجالس كـ الصخرة هى ما تكسر السكون الذي غلف المُحيط


**************************************


كانت جالسة بـ جانبه مُبتلعة لسانها لا تجرؤ على إخراج حرف..بينما هو يتحاور        مع هاجر عن خططه بـ تحديد موعد الزفاف والذي أخذا يتفقان عليه وكأنها ليست المعنية من كل ذلك..فـ إنتفضت غاضبة


-وبالنسبة للمعزة اللي سايقنها دي ملهاش رأي فـ الموضوع!

-نظر إليها صابر شزرًا وقال:أديكي قولتي معزة..فـ خليكي فـ برسيمك بقى...


أشارت بـ سبابتها بـ وجه وعيناها مُتسعتان صدمة من حديثه ثم هتفت بـ حدة


-مسمحلكش تتكلم معايا كدا...


جذبها من إصبعها لتجلس بـ جانبه على الأريكو وبقى يرمقها بـ نظرات يتطاير منها الشرر ثم قال قبل أن يلتفت إلى والدتها


-إعقلي يا شاطرة..عشان أنا لسه حسابي معاكي مخلصش...


زمت شفتيها بـ حنق ولم ترد بل عقدت ذراعيها أمام صدرها وأراحت ظهرها على مسند الأريكة..بينما تحدثت هاجر وهى تضحك


-طب يا صابر أنت هتعمل إيه!..والفرح أمتى؟!

-والله يا حماتي..الفرح هيكون مفاجأة لبسنت عشان أنا وعدتها إنها هتحلف بيه طول حياتها..أما أمتى فـ إن شاء الله كمان تلات شهور...


شهقت بسنت وهى تهدر بـ صدمة


-تلات شهور إيه!..تك تلات عفاريت أما يبقوا يركبوك..لأ كدا كتير...


كور صابر يده على هيئة قبضة ثم وجهها إلى وجه بسنت وكأنه سيضربها لتصرخ وتُخفي وجهها بين يديها..ليهمس بـ جانب أُذنها بـ شراسة


-العداد عمّال بيعد يا بسنت..وفـ الأخر الحساب يجمع

-همست بـ إزدراء:بلا يجمع بلا يطرح بقى

-عضّ على شفتيه بـ حنق وقال بـ تهديد:لأ دا في ضرب على أم دماغك اللي عاوزة كسرها يا بنت...


صمت وتحولت نظراته إلى أخرى مُزدرية وقال


-للأسف مش هعرف أشتمك قدام أمك..بس لما نتجوز يا بسنت..هطلع عليكي غلب السنين...


تقلصت ملامحها وقد بدت على وشك البُكاء وهى تستمع إلى حديث والدتها الذي جعلها تفغر فاها


-مش تلات شهور كتير!

-لتنفض بسنت هاتفة:جرى إيه يا نبع الحنان!..أنتي معايا ولا معاه؟!

-زجرتها والدتها بـ عنف:أخرسي يا بت أنتي..وهى دي عملة تعمليها

-إمتعضت ملامحها وهى تقول:هو لحق يبخلك!...


ضربها صابر على مؤخرة رأسها لتنظر إليه بـ ضيق ثم قال


-حسني لسانك أحسنلك عشان أنا روحي وصلت منك لهنا...


قالها وهو يضع سبابته وإبهامه على أنفه..ثم عاد ينظر إلى هاجر قائلًا بـ حزم


-مع إن عندك حق..بس عشان السنيورة تلحق تجهز نفسها

-اللي تشوفه يا بني..أكيد هتتغدى معانا؟!...


نظر إلى بسنت بـ تشفي ثم عاد ينظر إلى هاجر وقال بـ إبتسامة واسعة


-أكيد يا حماتي...


بينما نظرت إليه بسنت بـ توجس من نبرته وإبتسامته التي لا تُبشر بـ الخير أبدًا


**************************************


مضت فترة ليست بـ طويلة وعلاقة شريف و روجيدا تتعمق..لم يلتفت إلى تهديد جاسر فـ هو ليس لديه شئ ليخسره..بل ساعده      دون أن يعلم فـ هو أخبره بـ أعمال تلك العائلة وجرائمهم وكرّس ذلك الوقت الذي مضى لجمع المعلومات اللازمة عنهم وقد كان


بعدها تقرب شريف من روجيدا كثيرًا حتى باتا أصدقاءًا..أخبرها عن حياته كاملة دون أن يغفل عن ذكر شئ..وها هما يلتقيان ويقص عليها ما حدث وكيف عزل نفسه بـ نفسه من رتبته لكي يحمي شقيقته


-بس يا ستي..كان لازم أحمي سمر فـ زورت ورقي وكل حاجة تمت بـ لمح البصر

-نظرت إليه روجيدا وقالت بعد تفكير:بس موضوع زي دا محتاج تدخل ناس كبار...


إبتسم شريف ثم إرتشف من فنجان قهوته المرة وقال بـ تهكم


-طالما في فلوس كل حاجة هتمشي

-هزت رأسها بـ عدم فهم وتشدقت:يعني إيه؟!...


حك جبهته بـ طرف إبهامه ثم قال بـ سخرية


-موظف السجل المدني دفعتله مبلغ مش هين فـ محى أي أثر لـ شرف وريم الألفي وبقينا شريف وسمر المهدي

-وأنت واثق أنه محى كل حاجة!

-أومأ بـ رأسه قائلًا:قدامي كل حاجة حصلت..بقينا فص ملح وداب..واللي بعد كدا سهل...


أومأت بـ رأسها ثم أخفضتها لترتفع شفتيها بـ شبه إبتسامة..فـ مال شريف بـ رأسه وقال بـ إبتسامة عذبة


-ممكن أفهم سر الإبتسامة دي!

-رفعت رأسها وهزتها ثم تشدقت:مكنتش أعرف إن في حد ممكن يعمل كدا عشان خاطر حد عزيز عليه

-مال بـ رأسه أكثر وأكمل بـ نفس الإبتسامة:اللي هو إيه؟!...


رفعت كأس العصير وإرتشفت منه ثم وضعته لتعود وتنظر إليه قائلة بـ رقة


-إن حد ممكن يتخلى عن أكتر حاجة بيحبها عشان خاطر تحمي الناس اللي بتحبها

-رد عليها بـ هدوء:لما تحب حد بتكون وظيفتك فـ الحياه إنك تحميه وتبسطه

-مش ندمان إنك سبت حياتك القديمة!!

-نفى بـ رأسه ثم هتف بـ إصرار:خالص..حتى سمر بدأت تشتغل فـ جامعة القاهرة

-إتسعت إبتسامتها وقالت:بجد!..بتشتغل إيه!!

-دكتورة فـ كلية طب...


أومأت بـ رأسها وهى تشعر بـ الفخر لأجلها..سألها شريف بـ نبرة عميقة


-معرفتش حاجة عن حياتك!

-إبتسمت بـ إهتزاز وقالت:في حاجات بتبقى أحسن لها إنها متتعرفش..خليها مدفونة فـ زواية بعيدة من قلبك وروحك...


ثم أخفضت رأسها لتسقط خُصلة على عيناها حجبت عنه رؤيتها..ولكنه إستشعر       مدى حزنها وثقل قلبها..شعر بـ قبضة ثليجية تعتصر فؤاده ما أن يراها حزينة..حاول الإبتسام بـ صعوبة وهو يتساءل بـ نبرة مُحتقنة


-لسه بتحبيه؟!...


رفعت رأسها فجأة وكأن صاعقة ضربتها من السماء عندما سألها هذا السؤال ولكنها إبتسمت بـ مرارة وقالت


-وأنا من أمتى بطلت أحبه...


تجهمت ملامح وجهه للحظات لم تلحظها ثم أجبر شفتيه على الإبتسام وهو يقول بـ صعوبة


-حاولي تبطلي تحبيه لو حبه بيأذيكي..أنتي متستهليش الأذية..أنتي مينفعش تتوجعي...


إلتمعت عيناها بـ طبقة شفافة أبت الهطول فـ بقت عالقة لتلمع فيروزها وكأنها نجم ساطع بـ سماء سوداء..ولكنها هتفت بـ النهاية بـ إمتنان


-أنا فعلًا مبسوطة إننا صحاب..شكرًا يا شريف...


إلتوت شفتيه فيما يُشبه إبتسامة مُتهكمة وقد شعر بـ أن أحدهم قد ضربه بـ مطرقة بـ رأسه ثم قال


-صحاب!!..أه..وأنا كمان مبسوط...


ثم رفع فنجان قهوته وإرتشف منه لتبقى عيناه مُعلقة بـ عيناها الشاردة ويكاد يُقسم      أنها شردت به..به وحده..هنا فقط علِم أن الطريق إلى قلبها طويل..طويل جدًا ولكن لا بأس لديه وقت طويل أيضًا..طويل جدًا ليحصل على قلبها..يكفيه وجوده بـ جانبها


***************************************


طرق جاسر باب المكتب بـ رتابة قبل أن يأتيه صوتًا من الداخل يأذن له بـ الدلوف..فتح الباب وأطل بـ رأسه من الباب ثم تشدق بـ إبتسامة


-ممكن أدخل يا سيادة اللوا!...


رفع يُسري رأسه عن الأوراق التي يُطالعها ما أن سمع صوتًا ليس بـ غريب عليه..ليبتسم ما أن أبصره أمامه ليقول بـ حبور


-جاسر باشا..طبعًا إتفضل...


تقدم جاسر بـ كل هيبة و وقار وهو يضع يديه في جيب بنطاله من خامة الچينز يعلوه      كنزة من اللون الأسود ذات فتحة صدر ضيقة يعلوها كنزة تُطابق لون البنطال


مدّ يده ليُصافح يُسري فـ صافحه الآخر ثم دعاه لكي يجلس


-تحب تشرب إيه!...


قالها يُسري وهو يرفع سماعة الهاتف ليقول جاسر بـ نبرة عادية


-قهوة مظبوطة

-تشدق يُسري إلى ذلك الذي على الطرف الأخر:إتنين قهوة مظبوطة يا بني...


ثم أغلق الهاتف وأخرج لُفافة تبغ وأشعلها..ليقول وهو ينفث تلك السحابة الرمادية


-إيه سبب الزيارة يا جاسر باشا!

-إعتدل جاسر بـ جلسته ثم قال وهو يتنحنح:هو خدمة شخصية مش أكتر

-تحت أمرك بس كدا...


قبل أن يتفوه جاسر قاطعه الطرق على الباب ليدلف رجُلًا عجوز نحيف الجسد ليضع فنجاني القهوة على المكتب ورحل..وضع يُسري الفنجان أمامه وإرتشف منه ثم حثّ جاسر على الحديث


-إتفضل سامعك

-شريف المهدي

-إرتفع حاجبي يُسري بـ تعجب وتساءل:ماله شريف!

-عاوزك تنقله المنيا عندي...


إزداد إرتفاع حاجبيه ثم تساءل ودهشته تتفاقم


-أفندم!...


إرتشف جاسر من فنجان قهوته ثم أكمل بـ برود


-زي ما سمعت..إنقله المنيا

-أيوة سمعتك بس آآ...

-بس إيه؟!...


دهس لُفافة التبغ بـ المنفضة ثم قال


-الموضوع مش سهل كدا..فجأة أنقله من الباب لطق

-إبتسم جاسر بـ قساوة ثم قال:لأ مش من باب لطق...


نظر إليه مُستفهمًا فـ عاد جاسر يُكمل


-هو عاوز يثبت عليا حاجة..وأنا هنولهاله

-أنت مستوعب أنت بتقول إيه!...


قالها يُسري وهو يعتدل بـ جلسته..بينما جاسر لم تتحرك من عضلات وجهه مقدار إنش..ليعود ويهتف الأول قائلًا بـ قوة


-إحنا مش هنهد كل اللي بنعمله عشان خاطر مشاكل شخصية..جاسر بطّل تهور...


حك جاسر ذقنه وبقى ينظر مُطولًا إلى يُسري ثم قال بعد عدة لحظات


-دا أول طلب يا سيادة اللوا..عاوز الزفت دا يبعد عن روجيدا عشان أقدر أركز فـ شغلنا..هتقدر ولا إيه!

-زفر يُسري بـ نفاذ صبر ثم قال بـ يأس:هشوف أنا هقدر أعمل إيه..بس خد بالك أي حركة غلط مش فـ صالحنا...


نهض جاسر يُعدل من سترته ثم قال وهو يُصافح يُسري


-متقلقش أنا عارف أنا بعمل إيه كويس...


ثم تركه ورحل فـ بقى يُسري يُحدق بـ إثره وهو يهز رأسه بـ يأس


*************************************


بعدما توجه جاسر خارج المخفر..صعد إلى سيارته ثم توجه بها إلى ذلك المكان الذي توقف به قبلًا..يوم ترك المجهول رسالته التي جعلت الدماء تغلي بـ أوردته


صفّ السيارة بـ نفس المكان وأخذ يتفحص حوله المحال والمبان..وضع يده بـ خصره وقد قست معالمه بـ شدة..فـ أغمض عيناه هو يُعاني من ضغط قد تراكم عليه..بدءًا من تلك المنظمة التي لا يعلم إلا الله ما تُريده منه إلى ركضه خلف زوجته المصون وذلك الأحمق الذي يترصدها..وقد بدا هذا الموضوع يؤرقه بل       سبب له هاجس أن روجيدا تنساه فعليًا وهو يراها تستجيب إليه بل وتخرج معه يتسكعان هنا وهناك..حاول الصبر والإحتمال..إقناع نفسه بـ أن كل ما تفعله

 ما هو إلا لُعبة سخيفة منها ستنتهي..إلا أنه لم يحدث فـ كلما تلصص عليهما وجدها تتبتسم بـ عذوبة ويعلم الله وحده أيضًا كيف حارب نفسه كي لا يقتل ذلك المدعو شريف أمام العامة..بل أجبر نفسه على الصمت والمراقبة من بعيد..بعيدًا عن عينيها حتى يتسنى له التفكير جيدًا


ليأتيه ذلك التفكير الذي حثه على إزاحة شريف عن طريقه بـ أن يطلب نقله إلى       قريته ليحظى بـ بعض المتعة وكذلك إبعاده قليلًا عن المحيط القريب بـ ذات العيون الفيروزية..تلك الأحجار الكريمة اللامعة والتي إشتاقها حد الجنون


قاطع أفكاره والتي بدأت تتخذ مُنحنى خطير صوت رجولي من خلفه يتساءل بـ صلابة


-في حاجة يا أستاذ!...


فتح جاسر جفنيه المُطبقين ثم إلتفت إلى مصدر الصوت ليجده رجلٌ في الأربعين من عمره..أومأ بـ رأسه بـ صمت ليعود الرجل ويتساءل


-خير يا حضرت!

-تساءل جاسر بـ صلابة وملامحه جامدة كـ الصخر:أنت صاحب المحل دا؟!...


أشار إلى المحل خلفه ليومئ الرجل بـ رأسه مُؤكدًا..ليقترب منه جاسر وتشدق بـ نفس النبرة الصلبة


-عاوز أتكلم معاك شوية

-في حاجة مهمة!!

-أيوة

-أشار الرجل بـ يده إلى الداخل وقال:إتفضل...


تحرك جاسر أمامه ودلف إلى محل لتجارة الأدوات الصحية وخلفه صاحب المحل..والذي جلب مقعدين ليجلس عليه جاسر وجلس الأخر ليتساءل


-خير يا بيه؟!

-بـ دون مقدمات تساءل جاسر:عندك كاميرات مراقبة قدام المحل؟!

-أومأ الرجل بـ رأسه وقال:أيوة جوة وبره المحل

-طب أنا عاوز أشوف تسجيل الكاميرا اللي بره دي...


إرتفع حاجبي الرجل بـ توجس وظل يتفحص جاسر بـ عينين مُدققتين وعاد يتساءل


-خير يا بيه!...


مسح جاسر بـ يده على وجهه يمنع نوبة غضب تُهدد بـ إحراق الماثل أمامه ليعود ويقول بـ هدوء حاد


-من كام يوم كنت راكن عربيتي قدامك وإتسرقت منها حاجات مهمة..عاوز أشوف مين اللي سرقها..تقدر!

-أجاب الرجل بعدما أرتحات معالمه:إلا أقدر..بس عرفني اليوم بـ الظبط عشان أجيب الشريط...


أملاه جاسر التاريخ لينهض الرجل ودلف إلى غُرفة بـ نهاية المحل..بقى هو يتفحص الأرجاء حتى عاد الرجل بعد بضع دقائق حاملًا لعدة أقراص مُدمجة و وضعهم على طاولة خشبية..ليصدح صوته


-أنت قولت يوم إيه معلش!...


تأفف جاسر ولكنه أملاه التاريخ مرة أخرى..وبعد لحظات كان الرجل يُخبره أنه وجده..أخرج القُرص المُدمج و وضعه بـ الحاسوب الشخصي وأداره..ليقول الرجل بـ هدوء


-تحب أسرعه؟!

-لأ..عاوز أشوف كل حاجة من الأول...


أومأ الرجل بـ صمت وبقى جاسر يُتابع بـ تدقيق..كانت الأحداث عادية غير قابلة للشك حتى ظهرت سيارة جاسر والتي ترجل منها بعد القليل من الوقت..إنتبهت حواسه ما أن أبصر سيارته وعيناه قد أسودت وهو ينتظر


دقائق وظهر شخص..يُعطيهم ظهره..يُخفي معالم وجهه جيدًا..الحقير يعلم بـ وجود الكاميرات..لم يظهر سوى ذلك الوشم على خلف رقبته      وذراعه..كانت عينا جاسر تُتباعه بـ نظرات حادة كـ الصقر..إلا أن إقترب من السيارة وفتحها بـ سهولة..ضاقت عيناه بـ غضب لسهولة فتحه لسيارته وقد أحكم غلقها


بقى يُتابع وهو يقف أمام نافذة الصغيرة وقد بدا أنه يتسامر معها..إلى أن أخرج من جيب بنطاله ورقة مطوية وأعطاها إلى جُلنار ثم إختفى ولم يظهر..وبقى الوجه مجهول


أشار جاسى إلى الرجل لكي يُغلق المقطع ليتساءل الرجل بـ حيرة


-طب يا بني هو مسرقش حاجة أهو جايز مش هو

-رد عليه جاسر بـ قتامة بعد لحظات:جايز مش هو...


نظر إلى الرجل ثم رحل..بـ الرغم من عدم رؤيته لوجه ولكن ظل وشمه محفور بـ رأسه..صعد سيارته وبـ مرور اللحظات كانت عيناه تشتدان قساوة..الأمور تخرج عن السيطرة


*************************************


في اليوم الموالي عندما دلف شريف إلى مكتبه وباشر عمله حتى أتاه أحد العمّال     يُخبره بـ أن اللواء يُسري يُريده..طرق على مكتبه بـ نفاذ صبر ثم نهض و توجه إلى الخارج


توقف يُسري عن الحديث مع أحدهم عندما سمع طرقًا على الباب ليدخل بعدها شريف يؤدي التحية العسكرية ليقول الأول بـ رزانة


-تعالا إقعد يا شريف...


جلس شريف أمام اللواء الأخر وبقى يتطلع بينهما بـ حيرة قبل أن يقول بـ دفاع


-أنا مجتش جنب الصياد فـ حاجة

-ضحك اللواء الأخر وقال:متخافش إحنا مش جايبنك عشان كدا

-نظر إلى اللواء وقال بـ هدوء:أومال إيه؟!...


وضع يُسري يديه على المكتب وشابكهم ثم قال بـ نبرة جدية


-سيادة اللوا محمود كان بيكلمني أنه عاوز ظابط كفؤ عشان مهمة كدا

-وحضرتك رشحتني أنا...


تولى اللواء محمود الرد وهو ينحني إلى الأمام


-مش هو اللي رشحك الحقيقة..أنا كان عيني عليك من الأول

-هز رأسه بـ تفهم وتشدق:وأنا تحت أمر معاليك

-كويس...


قالها محمود ثم نظر إلى يُسري وقال


-تقوله ولا أقوله أنا!

-رد يُسري بـ نبرة عادية:لأ إتفضل حضرتك

-تنحنح اللواء محمود وقال:بص يا سيدي..جالتنا إخبارية عن شوية لبش بيحصل فـ حتة كدة فـ الصعيد..فـ حبيت أبعتك ليها

-قاطعه شريف مُتساءلًا:فين يا فندم!

-المنيا...


كلمة واحدة قاطعة قالها يُسري بـ جمود وحنق..لتتسع عينا شريف بـ قوة وقد لجمته الصدمة لفترة وبقى صامتًا..تفرسه يُسري هو ومحمود دون حديث لعدة دقائق قبل أن يقول المصدوم


-وأشمعنا أنا بالذات!

-جاءه الرد من اللواء محمود:زي ما أنت سمعت..كفؤ ومحتاجك

-حك مؤخرة رأسه وقال:طب والموضوع دا عاوز وقت أد إيه؟!

-أنت وشطارتك...


أخفض رأسه عدة ثوان ثم رفعها وقال بـ صوتٍ هادئ يُخفي وراءه خنق وغضب يستعران بـ قلبه


-تمام يا فندم..أنا جاهز..تحب أروح أمتى؟

-من بكرة لو حابب...


نهض شريف وأدى التحية العسكرية مُجددًا ثم قال


-تمام..أنا هروح من بكرة سعادتك

-وأنا هبعتلك المعلومات اللي محتاجها حالًا...


وقبل أن يرحل رمق اللواء يُسري بـ نبرة طويلة أخبرته أنه يعلم أنها مؤامرة منه ومن     جاسر الصياد من أجل إبعاده..ثم إستدار وإتجه إلى الباب..دلف إلى الخارج وبقى مُستندًا إليه..تكورت يداه بـ حنق بالغ وهتف من بين أسنانه


-بدأتها حرب قذرة يا جاسر!..هنشوف من اللي هيكسب فـ النهاية


************************************


كان مُمسك يدها والطبيبة تفحصها بـ دقة بالغة..كانت تُشدد من قبضتها على يده لتجده يربت عليها بـ حنو ويبتسم بـ حنو أكبر


إستدارت الطبيبة بـ مقعدها و نزعت النظارة الطبية ثم قالت مُبتسمة بـ بشاشة


-تقدري تلبسي

-أومأت نادين ثم قالت بـ خفوت:طيب...


نهضت الطبيبة ثم دلفت إلى الخارج وبقى سامح مع زوجته يُعاونها على النهوض      ويُعدل من ملابسها..ما أن إنتهيا حتى لحقا بـ الطبيبة الجالسة على مقعدها بـ كل وقار


جلسا الإثنان وبقت أنظارهما مُعلقة بها ليكون سامح هو أول من يكسر هذا الصمت


-طمنينا يا دكتورة!

-إبتسمت مُجددًا وقالت:خير إن شاء الله متخافش..البيبي صحته الحمد لله فُل و مامته برضو صحتها تمام...


تنفس سامح الصعداء ويده تشتد على يد نادين أكثر..فـ عادت الطبيبة تتحدث بـ جدية


-لكن دا ميمنعش الراحة وعدم التوتر والقلق..الشهور الأولة مهمة جدًا لثبات الحمل

-ضحك سامح وقال بـ حنو:مش هخليها تقوم من ع السرير

-ضحكت الطبيبة هى الأخرى وقالت:مش لدرجادي..مهمة برضو الحركة الخفيفة..تتمشى فـ هوا نقي..بس متشلش حاجة تقيلة

-أوامرك يا دكتورة...


أخذت تخط بـ قلمها على ورقة ثم مزقتها وأعطتها إلى سامح قائلة بـ جدية


-دي شوية فيتامينات مهم جدًا تمشي عليهم..غير كدا إطمن مفيش مشاكل..المعاينة الجاية بعد تلات أسابيع...


نهضت نادين وهى تُتمتم بـ عبارات الشكر وكذلك سامح..بعدها رحلا من عيادة الطبيبة وصعدا السيارة..كانت نادين تنال من الدلال ما لم تناله من قبل


بعد مدة قصيرة من القيادة سألها سامح وهو يُقبل يدها


-منفسكيش فـ حاجة!!..مبتتوحميش مثلًا؟!...


وضعت يدها على فاها ثم قالت بـ إبتسامة وهى تضع يدها على بطنها


-عاوزة مشبك

-عاد يُقبل يدها ثم قال:بس كدا!..أحلى مشبك لأحلى أم فـ الدنيا كلها...


كان دورها هذه المرة لتجذب يده وتقبلها بـ رقة أذابته بها ثم تبعها همس ناعم


-ربنا يخليك ليا يارب

-رد عليها وهو ينظر إليها:ويخليكي لينا وميحرمنيش من طلتك أبدًا

-مش هتزعلني أبدًا!!

-إبتسم بـ حنو وقال:ربنا يقدرني ومزعلكيش أبدًا...


نظرت إليه قبل أن تميل وتُقبل وجنته بـ رقة ثم هتفت بـ همس ساحر


-بحبك...


حاوط عنقها بـ يده ثم جذبها إلى أحضانه وقال وهو يُقبل رأسها


-وأنا بعشقك يا فراشتي...


**************************************


عند الساعة الرابعة كانت روجيدا تجلس أمام شريف هى وجُلنار التي تتناول طعامها بـ كل هدوء..لتنظر إليه وهو يلهو بـ طعامه دون أن يأكله لتسأله بـ بساطة


-مالك يا شريف!

-تنهد شريف وقال:مفيش

-لأ مفيش إيه!..شكلك بيقول عكس كدا...


ترك الملعقة بـ الطبق ثم نظر إلى جُلنار ليُداعب خُصلاتها بـ حنو لترفع رأسها وتبتسم إليه فـ بادلها الإبتسام وعاد ينظر إلى روجيدا قائلًا بـ صوتٍ بدا لها عادي مع أنه يحمل في طياته حزن


-جالتي مهمة فـ المنيا...


لم تدم صدمها سوى ثوان قبل أن تستوعب أن جاسر هو وراء هذا..إبتسمت بـ سخرية إبتسامة لم تصل إلى عينيها ثم قالت بـ هدوء


-طب وفيها إيه؟!

-إلتوى شدقه بـ تهكم وقال:مفيهاش حاجة..مفيهاش حاجة...


ساد الصمت بضع دقائق لا يتخلله سوى صوت أنفاسهم وصوت تصادم ملعقة جُلنار مع      صحن المعكرونة الخاص بها..ليرفع شريف رأسه فجأة مُتساءلًا


-روجيدا!..هو أنتي معاكي دكتوراه

-نظرت إليه بـ عدم فهم وقالت:أها ليه؟!

-أبتسم وقال:مفيش أصلي كلمت سمر عنك وأد إيه أنتي شاطرة فـ مجالك..وسألتني إذا كان معاكي دكتوراه ولا لأ

-وبعدين!

-أكمل حديثه:قولتلها معرفش..ولما سألتها ليه كل دا؟..قالتلي إنهم محتاجين دكتور يدي محاضرات لأن في عجز عندهم فـ عدد الدكاترة

-إنعقد حاجبيها وتساءلت:طب وأنا إيه داخلي؟!...


إعتدل بـ مقعده وقال بـ إبتسامة تتسع


-إلا ليكي دخل..بصي يا ستي بما إنك مبتشتغليش فـ مصر..فـ ممكن تدي فـ الجامعة هناك بـ نظام المحاضرة..برضو هو نفس مجالك لما كنتي فـ أمريكا..قولتي إيه؟!...


بقت تنظر إليه مُطولًا وقد راقت إليها الفكرة..عندما كانت تُحب عملها بل تعشقه حد الجحيم..وفكرة أن تعمل كـ أستاذة جامعية بـ نفس المجال قد أعجبتها بـ شدة..حتى ظهر الحماس جليًا على وجهها فـ إبتسم شريف بـ إشراق وقال بـ مرح


-نقول مبروك؟...


ظهرت إبتسامة رائعة على وجهها جعلت قلبه يضخ دماؤه بـ قوة زلزلت كيانه ليسمع صوتها الرقيق يهمس بـ إمتنان


-مرسيه أوي يا شريف

-عبس بـ وجهه قائلًا:مرسيه إيه!..أنا بعمل دا عشانك..عشان أشوف الشغف دا بـ عينيكي...


بهتت إبتسامتها قليلًا ولكنها حافظت عليها..وبدأ قلبها ينبض بـ عنف يُنبؤها إنها تتخذ إتجاهًا خاطئًا


***************************************


كان قد حلّ الغروب عندما هبطت روجيدا وطفلتها من سيارة شريف وقبل أن تصعد تشدقت بـ إبتسامة


-بجد مرسيه ع اليوم دا..أنا وجُلنار إنبسطنا أوي

-وأنا هنا عشان سعادة الأميرة جُلنار ومامتها...


أبتسمت بـ إهتزاز ثم قالت بـ خفوت


-مع السلامة

-مال بـ رأسه وقال بـ إبتسامة:الله يسلمك...


أمسكت روجيدا يد صغيرتها ثم صعدت إلى بنايتها..وصلت إلى طابقها وأخرجت مفتاح الشقة ودلفت..ما أن أشعلت الأضواء حتى هربت منها صرخة         تبعتها بـ صرخة طفولية وهما تران ذلك الجالس على المقعد المُقابل لـ باب الشقة..يستند بـ كِلتا يديه على مسندي المقعد..يضع قدم على أخرى وتُحيطه هالة من الطاغية والجاذبية


جذبت جُلنار يدها من روجيدا الفارغة لفاها بـ صدمة..وركضت إلى والدها صارخة


-بابي!..وحشتني...


تلقاها جاسر بـ أحضانه وعيناه لا تحيد عن عينا روجيدا المذعورة ثم قبّلها وهتف بـ حنو


-وأنتي كمان يا قلب بابي..إيه رأيك فـ المفاجأة دي!

-حلوة أوي..كل يوم أعملي مفاجأة كدا

-عاد يُقبل وجنتها وهمس:من عنيا يا حبيبتي...


أجلس الصغيرة على قدميه ثم نظر إلى روجيدا نظرات قاسية وهتف بـ مكر


-واقفة كدا ليه يا روجي!..معجبتكيش المفاجأة ولا إيه!!...


نظر إليها يتحداها بـ أن تتفوه بـ العكس..لتهز رأسها يأسًا منه..قذفت حقيبتها ثم تقدمت منهما ليسألها بـ جمود


-كنتي فين؟

-رفعت أحد حاجبيها وردت عليه بـ تحدي:دا على أساس إنك مش عارف!...


داعب وجنة إبنته ثم قال دون أن ينظر إليها


-حابب أعرف منك

-نهضت روجيدا وقالت:وأنا معنديش أكتر من اللي وصلك...


مرت بـ جانبه تنوي الرحيل ولكنه أمسك معصمها ثم نهض حاملًا جُلنار ليتحدث بـ هدوء يُثير الأعصاب


-سخني للبنت كوباية لبن عما أغيرلها هدومها عشان تنام

-هتفت الصغيرة بـ تذمر:بس لسه بدري..أنا مش عاوزة أنام

-إبتسم جاسر وقال:هحكيلك حدوتة...


إتسعت إبتسامة جُلنار ثم صفقت بـ حماس قائلة لوالدتها


-يلا يا مامي..حضري اللبن بسرعة...


وقفت روجيدا تنظر إليهما بـ صدمة..كان نصيبها الأكبر من جاسر ذلك الذي يتصرف وكأنه بـ منزله..تتعجب من وقاحته ونظرته التي تُرسل الرجفة إلى أعماقها


أخرجها جاسر من كل ذلك وهو يهتف


-مسمعتيش البنت!

-عضت على شفتيها بـ حنق ثم قالت:على فكرة ممكن أنت تمشي وأتا هعملها كل حاجة...


تجاهلها جاسر ثم رحل وقال قبل أن يدلف الغُرفة


-متتأخريش...


ثم دلف وصفق الباب خلفه..إستندت روجيدا بـ يدها على المقعد الذي كان يجلس      عليه تلهث بـ غضب..تشعر بـ عضلاتها تتشنج غضبًا..غضبًا يجعلها تُريد أن تغلي ذلك الحليب ثم تسكبه على وجهه وبعدها تأخذه بـ أحضانها تداويه


رفعت يد تتخلها بـ خصلاتها ثم إتجهت إلى المطبخ..بعد دقائق كان كأس الحليب جاهز..لتأخذه إلى غُرفتها كانت الصغيرة مُمددة على الفراش وجاسر يُداعبها


ما أن رآها تدلف حتى توقف..تقدمت هى منه ليأخذ منها الكأس فـ دلفت إلى      الخارج بعدها وهى تتميز غيظًا..وفي زاويةً ما من قلبها يُنبئها أن القادم وما ينتويه لن يمر مرور الكرام


لم تكد تمر ثلاثون دقيقة حتى وجدته يغلق الباب بـ هدوء و يتوجه إليها..نهضت مُتأهبة له ولكنه بـ أخر لحظة بدّل وجهته ودلف إلى المطبخ


إرتفع حاجبيها بـ صدمة ولكنها تبعته من فورها..لتجده يقف أمام مغسلة الصحون..لتتجه إليه سريعًا هاتفة بـ إعتراض


-سبها أنا هغسلها..تقدر تروح أنت...


نظر إليها بـ طرف عينه ولكنه لم يُعرها أدنى إنتباه..ليضع يده على محبس الصنبور وكاد أن يُديره ليسمع صوتها الغاضب وهى تضع يدها على يده


-قولتلك أنا اللي هغسله...


ثانية وأخرى وكان جاسر يضغط على المقبض بـ قوة جبارة أودع بها مدى حنقه وغضبه وغيرته اللامحدودة..لينكسر المقبص وتعم الفوضى المكان


شهقت روجيدا بـ رعب وهى ترى نفسها مُبللة بـ فعل الصنبور وجاسر كذلك..شهقت مرة أخرى وهى تصرخ


-أقفل محبس الماية بسرعة...


ثوان ويده إمتدت ليفعل ما قالت..لتخمد الماء ولكن بقيا هما يُقطران الماء من       ملابسهما..بقيت روجيدا تنظر بـ حسرة إلى ثيابها وعيناها تُطلقان شرر بـ الغضب..بينما هو ينظر إليها بـ تسلية جعلتها تتميز غيظًا أكثر لهتفت بـ حدة


-شوفت عملت إيه!!...


بقى ينظر إليها مُطولًا قبل أن يقول وهو يعتدل بـ وقفته وهتف بـ عبث


-وماله نصلحه

-همست بـ غباء:تصلح إيه!

-اللي إتكسر

-أغضمت عيناها وقالت بـ نفاذ صبر:روح أنت وأنا هجيب سباك بكرة

-ضيق عيناه بـ حدة وهدر بـ نبرة قاتلة:وأنا أدخل رجالة غريبة فـ بيتي ليه!..روحي غيري هدومك أكون صلحتها...


حاولت الإعتراض ولكنه أدار ظهره لها وقد بدأ بـ الفعل بما يفعله..ضربت الأرض بـ قدمها حانقة ثم رحلت تُبدل ثيابها المُلتصقة بـ جسدها


عادت بعد دقائق لتدلف المطبخ..لتفلت منها شهقة وهى تراه عاري الصدر      ينحني بـ جزعه العلوي لكي يصل إلى الصنبور..وقد بدى بـ غاية الجاذبية والوسامة وهو يرتدي


 بنطال چينز فقط ضيق..أبرز تناسق ساقيه المُعضلة..رفعت أنظارها إلى ظهره وكم بدت عضلاته ضخمة..ضخمة لدرجة أفزعته..بدت أضخم عن أخر مرة رأته..رفت بـ عينيها عدة مرات علها تستوعب ذلك الكائن أمامها


إلتفت جاسر بعدما إنتهى من عمله ثم أمسك منشفة صغيرة وجفف يده..إلتفت ليجدها تُحملق به..لم تعي أنه يقترب منها وأن عيناها سافرت على        طول جزعه العلوي..بدءًا من عضلات صدره المُعضلة والغاضبة بـ شدة..إلى عنقه الذي ترتفع وتهبط به تفاحة أدم بـ رتابة ثم إلى عيناه والتي شابهت قرص الشمس بـ توهجها وهو ينظر إلى فيروزها


لم تشعر سوى بـ يده التي إلتفت حول خصرها جاذبًا إياه إلى جسده لتستشعر حرارته الحارقة..لتفلت شهقة أخرى وهى ترى شفتيه على بُعد إنش واحد من شفتيه ليهمس بـ صوتٍ كـ الفحيح


-نتحاسب بقى...


                  الفصل العاشر من هنا

لقراة باقي الفصول من هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-