CMP: AIE: رواية ولعشقها ضريبة الفصل الاخير بقلم اسراء علي
أخر الاخبار

رواية ولعشقها ضريبة الفصل الاخير بقلم اسراء علي



رواية ولعشقها ضريبة

الفصل الاخير
بقلم اسراء علي

سيشرق الصباح حبيبتي ,سيشرق الصباح
فليسكت الأسى الذي اظلنا,ولتسكت الجراح
اليوم لا مكان للدموع في عيوننا,ولا نواح
إنا معا على المدى ,يظلنا معا جناح
مادمت ملء خافقي ,فألف اهلا يا رياح .


عند تلك الشُرفة بـ غُرفتهما بـ القصر كانت جالسة..تحتسي كوب شاي دافئ كـ دفء يداه التي يُحاوطها بها..ولكن يداه مفقودة..مُنذ ذلك اليوم إبتعد وتركها وحيدة..نأى بـ جانبه بعيدًا عنها..قرر العُزلة حتى يُلملم شتات نفسه وهى


 تُقدر..يومها عاد بعدما إنتهت تحقيقات الشُرطة وتم التكتم عن الأمر..ظهر حسين فجأة وإختفى..
كسر وحطم..تشاجر مع والدته وأخبرها أنه يكرهها..عاش بـ كذبة وقرر تحميلها الذنب..ثم صعد إلى غُرفته وتبعته


 هى..سمعته يهتف بـ نبرة مُتألمة وكأنه على حافة الموت
-كل اللي إحنا عايشين فيه دا حرام..دا مال حرام
-وظهرت والدته ترد بـ إنفعال:دا ورث أبوك من جدك يا

 جاسر..مال حلال زي اللي أنت فاتح بيه القصر دا
-إبتسم بـ سخرية وقال:أي أب!..حسين ولا راضي!!
-راضي..أبوك..اللي مات مقتول وخفت عليك تعيش حياتك وأنت حاسس إنك عايش مع جوز أمك مش أبوك
-يارتني عرفت...


وضرب جانبي ساقية بـ يده ثم دلف إلى المرحاض..ربتت روجيدا على ظهر فاطمة الباكية وقالت
-سبيه يهدى..الصدمة كبيرة عليه ومش هيقدر يتخطاها بسرعة...

وأطاعت فاطمة حديثها ورحلت..بعدها دلف إلى الخارج وقبل أن تنطق قال هو بـ جفاء
-أنا هعمل زي ما قولتي..هبعد عشان أتخطى الصدمة..ولما أفوق هرجع لوحدي...


و رحل تاركًا إياها..وها قد مر أربعة مُنذ ذلك الحين..لم يكن يومًا قاسيًا بها إلى تلك الدرجة..إبتعد قبلًا قسرًا والآن إبتعد بـ إرادته..وهى لم تعد تتحمل الفراق..ولا الضيفان الجديدان بـ


 العائلة..نهضت وعزمت على إنهاء تلك اللُعبة القاسية..تعلم أنه بـ هذا البيت الريفي..إرتدت ثيابها وأخذت حذائين لحديثي الولادة قد إبتاعتهما أثناء العودة من الفحص


دلفت خارج الغُرفة وقد تعدى الوقت الثانية عشر مُنتصف الليل..هبطت      الدرج بـ حذر ثم إلى خارج القصر..تسللت من بين الحرس وهربت..الأمور تبدو عادية وكأن شيئًا لم يكن..لا أحد يتحدث عما حدث ولا يظهر على وجوههم التأثر وكأن


 الجميع فضّل أن يكون الأمر طي النسيان..لا طيها فقط بل تمزيقها بـ أبشع صورة مُمكنة..كل ما تغير هو جاسر واسمه..الجميع يتناسى لكي يعيش ولكن جاسر يتألم..حياته وهم وعدوه الأول عمه
وصلت إلى المنزل وطرقت الباب بـ خفة..ثوان و وجدته


 يفتح..هيئته المُبعثرة بـ همجية..خُصلات إستطالت وبدت أكثر جاذبية..ولحيته المُشذبة..جزعه العلوي العار دائمًا وسروال چينز ضيق يُحيط خصره بـ إهمال
إتسعت عيناه بـ غضب ثم هدر وهو يجذبها إلى الداخل
-أنتي مجنونة عشان تخرجي فـ وقت زي دا!!...


إبتسمت ولم ترد إشتاقته فـ دارت حدقيتها على وجهها بـ شغف..قفزت إلى أحضانه تكبل شفتيه بـ خاصتها بـ قُبلة تصنيفها عار على قُبلات جاسر
هدأت البراكين وغامت السماء وبقى صوت الرعد سيد

 المكان..إبتسم حقًا إبتسم وهى تتعلق بـ عنقه كـ الغريق.إشتاقها وكأنه لم يعش طوال تلك الأشهر..حاوط خصرها ثم أبعد شفتيه وهمس بـ خبث
-دا أنتي فاشلة بطريقة..تعالي وأنا أعلمك...


وكانت البداية له هذه المرة وهى تركته..شعرت به يضمها إليه أكثر ويداه تلتف بـ شدة حولها كما الأفعى..هنا وأحست أنه يحتاجها تبثه الأمان..لتلتف يدها حول عنقه أكثر وهى تجذبه أكثر إليها ليقول بـ إبتسامة ماكرة من بين شفتيها
-لأ الكلام هنا مينفعش


-ضحكت وقالت:خلاص تعالا هنا...
قالتها وهى تُشير إلى الأريكة لتجذبه إليها..جلست و وضعت رأسه على فخذها ليتممد..ضم خصرها وهى تلاعبت بـ خُصلاته قائلة
-عامل إيه دلوقتي!
-همس وهو يدفن رأسه بـ بطنها:تعبان أوي..تعبان أوي يا روجيدا
-أكملت مُداعبتها وقالت بـ حنو:طب أحكي يا جاسر وطلع كل اللي جواك..يمكن ترتاح


-أنا مبرتحش إلا معاكي...
همسة أجبرتها على الصمت تعلم أنه لن يتحدث..يُثقل كاهله ولا يُثقل كاهلها.     .يتعب لأجلها ولا يُتعبها لأجله..يُحبها بل ويعشقها ولا يسمح لها بـ حبه..إبتسمت بـ دفء وقالت وهى تسير بـ يدها على ذراعه


-طب نام..نام يا جاسر وإرتاح...
أومأ بـ رأسه وغطّ في سُباتٍ عميق سريعًا..علمت أنه لم ينم طوال ستون    يومًا..وها هى أجفانه تُغلق لأول مرة بين أحضانها..لم تتوقف عن تدليله وهو نائم..وظلت رأسها تعمل كيف ستُخبره عن الضيفين!!


لم تشعر كم مر من الوقت ولكن لم يكن بـ كثير..شعرت به يتململ فـ توقفت عن مُداعبة خُصلاته الفحمية..نظرت إليه فـ وجدته يبتسم همست هى الأُخرى بـ إبتسامة
-صحيتك...



نهض عن ساقيها وجذبها هو إلى صدره وقال بـ حنو
-أنا لأول مرة أنام بـ الراحة دي..راحتي مش فـ بُعدك عني..أنا أسف

-وضعت يدها على وجنته وقالت:متتأسفش يا جاسر..أهم حاجة إنك كويس...
لثم جبينها ثم قال وهو ينهض بـ إبتسامة
-تعالي أوريكي حاجة
-حاجة إيه!
-أمسك يدها وقال:تعالي بس..
ثم جذب يدها وصعدا إلى سقيفة المنزل..شهقت وهى ترى ذلك البيت الزُجاجي     ..أعمدة كستنائية كـ خُصلاتها و زُجاج بـ لون العسل كـ عيناه..وسقف ذلك المنزل مُغطى بـ زُجاج ذا لون فيروزي..ضحكت وهى تُعانقه..ليُعانقها ويقول بـ نبرته الرخيمة
-لسه تعالي نشوفه من جوه...


دلفا إلى المنزل لتجد العديد من الوسائد ذا لونين الفيروز والعسل..كعيناهما فقط..وطاولة أرضية بـ المُنتصف..أنار الأضواء لتتلون بـ اللونين الغالبين على المكان..لمعت عيناها بـ سعادة وقالت بـ عدم تصديق


-لون عيني وعينك!!
-أعاد خُصلة خلف أُذنها وقال:لأنهم هما اللي سحرونا..وشعرك حكاية تانية..عمري ما كُنت مُتيم بـ حاجة أد عنيكي وشعرك..أنتي    دفى وأمان..أنتي الطريق اللي مفيهوش حواجز..أنتي كل حاجة بـ النسبالي..أنا من غيرك ولا حاجة..أنا عرفت إن قوتي بيكي وبس..قوتي إني أكون جنبك و فـ حضنك...


جذبها إلى صدره ليشعر بـ عبراتها تُبلل صدره ليُكمل بـ إبتسامة صادقة وهو يضع ذقنه على رأسها
-أنتي بداية كل حاجة ونهايتها..كل حاجة فـ حياتي بتتبدي بعنيكي اللي بتهربني من الدنيا لعالم تاني..أنتي جنة ربنا ليا على الأرض...


ضحكت وسط عبراتها ليضحك بـ سعادة هو الأخر..لم يشعر سوي بـ شئٍ ذو ملمس ناعم يوضع بـ كفه..نظر إليه ليجد حذائين صغيرين بـ كفه..إتسعت عيناه بـ عدم تصديق وهمس بـ تبعثر
-أنتي..أنا..هو..حامل يعني!!...
ضحكت على حالته لتومئ وهى تضع يده على بطنها وتهمس
-أيوة حامل...

صرخ بـ سعادة وهو يُعاقنها ويُقبل كل إنش بها ليصرخ بـ نبرة تكاد تكون جنونية
-يعني أنتي حامل فـ ابني!


-أشارت بـ إصبعيها:دول أتنين مش واحد...
فغر فاه ليحملها ويدور بها صارخًا بـ سعادة..لتضحك بـ سعادة هى الأُخرى ألا يستحق حفنة من السعادة!!..ألا يستحق أن يسرق بعض لحظات من الزمن ليسعد!..الجميع يستحق وهو أحق بهذه السعادة..وضع جبينه على جبينها وهمس بـ إبتسامة عذبة وعاشقة
-أنتي سر سعادتي



-وضعت يدها على صدره وهمست:وأنت أحلى قدر ربنا كتبهولي..مفيش بُعد ولا لوم تاني!!..كله سماح!
-همس أمام شفتيها:أنا نسيت كل الماضي لما شوفتك قدام البيت..حياتي كلها هتبدأ من دلوقتي وبس..كل اللي فات ولا كأننا عشناه...


************************************
بعد مرورعشرة أيام مُنذ أن عاد جاسر وكأنه وُلد من جديد..عاد مع زوجته ليُعانق والدته ويطلب منها أن تُسامحه..أنهى هذا الفصل من المسرحية     ليبدأ فصل جديد حيث يُِتوج بـ زواج الأبطال..وها هم بـ ذلك النُزل تقف روجيدا خلف بسنت التي تُعدل من ثوب زفافها..تغلق أشرطته ثم تُعدل وشاحها على رأسها



إلتفتت إلى شقيقتها التي كانت على وشك البُكاء من فرط سعادتها لتُحذرها روجيدا قائلة بـ حزم
-لو عيطتي هعيط..أنا ماسكة نفسي بـ العافية والهرمونات عاملة الواجب معايا أصلًا
-ضحكت بسنت وقالت:لأ خلاص..أنا أصلًا مبسوطة..صابر فاجأني بصراحة
-مين قدك يا عم..فرح فـ الغردقة وعلى البحر..إتبسطي
-توترت بسنت قائلة:هنعمل الفرح إزاي ع البحر!!..هو قال فـ قاعة ع البحر


-رفعت روجيدا أحد حاجبيها وتساءلت:وهي تفرق!!
-زفرت بسنت بـ إرتياح وقالت:بحسب..أصله مجنون ويعملها...
سمعا طرقات على الباب لتسمح روجيدا بـ الدلوف..فـ لم يكن سوى والدتها و والدة نادين..أطلقت والدة نادين صوتها بـ سعادة باكية ثم هتفت وهى تضم أصابعها وتدور بها حول رأس بسنت
-بسم الله..الله أكبر..ربنا يحميكي من العين يا قلبي يارب...
ثم عانقها والدتها بـ سعادة وهي ترى  طلة إبنتها


 الملائكية..ثوب أبيض ينسدل على جسدها بـ نعومة بالغة..خُصلاتها      السوداء مُنسدلة على ظهرها و هُناك خُصليتن حول وجهها بـ الإضافة إلى غُرتها التي أصر عليها صابر بـ عند جعلها تخضع لعناده..وذيل خلفها يفترش الأرض كـ ثوب

 الأميرات
إبتعدت عنها هاجر وقالت بـ حنو
-يلا يا عروسة..عريسك مستني
-أومأت بـ رأسها بـ توتر وقالت:طيب
-نظر مدحت إلى روجيدا وقال:جوزك بيسأل عليكي يا روجيدا
-رفعت روجيدا ثوبها ثم قالت وعيناها تلمع:طيب يا أنكل...
وضعت يدها على منكب بسنت بـ مؤازرة
-مستنياكي تحت...


أومأت لها بسنت لتدلف روجيدا خارج الغُرفة لتذهب إلى جاسر..سارت بـ المرر حتى وصلت إلى ممر جانبي..شهقت وهى تشعر بـ يد حول خصرها تجذبها إليه..ألصقها بـ الحائط  فـ إبتسمت وهى تراه يميل عليها ويُعانقها هاتفًا بـ تذمر
-يعني لازم أخلي حد يناديلك عشان تيجي!!


-مسحت على وجنته بـ لطف قائلة:خلاص حقك عليا...
وضع يده على بطنها التي برزت قليلًا نتيجة حملها ليقول بـ حنو وهو يُحرك يده
-كتاكيتي عاملين إيه!!
-وضعت يدها على يده وقالت:معذبيني خالص
-مال يُقبل إنتفاخ بطنها وقال:يعملوا اللي هما عاوزينه..ولما يجيوا أنا هزعلهم...
قهقهت على حديثه ليتأملها بـ ضحكة مليئة بـ السعادة ثم همس بـ إبتسامة لعوب
-أنتي لما بتحملي بتحلوي..وبرضو تتحجبي تحلوي..إيه دا بقى إن شاء الله!!...


ضحكت وهى تنظر إلى عيناه..فاجأته وفاجأت نفسها بـ ذلك القرار..تحجبت وأخفت خُصلاتها..بل وجسدها وهذا ما أعجبه..رأت بـ عيناه الفخر بها وبـ نفسه..حتى ثوبها الأسود


 اللامع..ينسدل على جسدها بـ شفافية..لا يُحدد تفاصيل جسدها و وشاحها الرائع على وجهها لم يزدها إلا براءة وجمال فوق جمالها بل وفتنة لناظرين لها..تتذكر عبارته ما أن رآها بـ أعين لامعة بـ فـ الفخر
-ربنا يباركلي فيكي يا فراولة...
شعرت بـ شفتاه عند طرف شفاها لتُبعده بـ هلع قائلة
-أنت مجنون!..حد يشوفنا


-جذبها من خصرها إليه وقال بـ خبث:متخافيش..ولو بطلتي كلام وسبتيني أشوف شغلي هنخلص قبل أما حد يشوف...
زفرت بـ ضيق وهى   تُحاول إبعاده ولكنه إلتصق أكثر و فعل ما أتى من أجله..لا تضع أحمر شفاه بل يتذوق نعيم شفتيها..تتفجر البراكين بـ داخله وتهبُ الأعاصير..وتظل شفتيها فتنة وعيناها مرسى له


وبـ الأسفل كان صابر يُعدل رابطة عنقه للمرة الألف وهو يزفر بـ توتر ليقول سامح الواقف جانبه بـ ضيق
-ما تهدى يا عم    صابر..دا أنا مكنتش زيك كدا يا جدع!
-تأفف صابر وهتف بـ عصبية:نقطني بـ سكاتك يا سامح والنبي
-ليرد الأخر بـ إزدراء:تصدق أنا غلطان إن سايب مراتي و واقف جنبك...


ثم تركه ورحل..بقى صابر يسب ويلعن جاسر الذي تركه ورحل..ولمَ لا وهو غاضب منه بـ شدة فـ مُنذ يومان كانا يجلسان وقد بدى على جاسر الغضب ليسأله صابر بـ إستفهام
-مالك يا جاسر في إيه!!
-رد عليه جاسر بـ حدة:إتخانقت مع مراتي بسبب مراتك يا فصيح
-عقد حاجبيه وتساءل:مراتي!!..ليه!
-نظر إليه جاسر وعيناه تُطلق شرر ثم أردف:عاوزة روجيدا تُقعد معاها اليومين دول عشان متوترة


-طب وفيها إيه!
-هدر جاسر:أنت هتجنني!..فيها إيه إزاي يعني؟..روجيدا حامل يا صابر وشكله حمل صعب عشان بتتعب كتير..مكنتش كدا فـ جُلنار
-مسح صابر ذقنه وقال بـ هدوء:وأنت فهمتها كدا!!
-أه...
قالها جاسر بـ إقتضاب لينظر إليه صابر بـ عينان ضيقتان ليزفر ثم هتف
-زعقت وخلاص
-رفع حاجبيه وتساءل بـ مكر:بس!!!...
تنهد جاسر وقص عليه من سباب تلفظ به دون وعي وتهديد عقيم وأحمق صدر كـ حكم دكتاتوري أنها لن تذهب إلى الزفاف وستبقى حبيسة تلك     الجدران وعبارة جعلت صابر عيناه تتسع بـ شدة "وهيجيبك من شعرك يا روجيدا وتشوفي بقى الهمجي اللي بتقولي عليه"..ضرب صابر كف على أخر ثم قال بـ ذهول وسخرية


-طب ما أنت بتتكلم حلو أهو..بس تيجي معاها وتقلب عربجي...
-نظر إليه جاسر بـ وحشية:تحب تشوف العربجي عشان يربيك!!..ولا وشك ينور بـ ألوان حلوة كدا قبل فرحك...
نهض جاسرثم قال بـ نبرة مُزدرية


-وإبقى شوف مين اللي هيقف  معاك فـ  الفرح...
وصابر يقف وحيد..وكل ذلك من أجل "عربجي" قيلت على سيبل المُزاح..ولكن جاسر هذه الفترة غيرُ مُتزن ومشوش لذلك لم يحزن أو يغضب منه..أحس بـ أحدهم يربت على كتفه وقال بـ إبتسامة


-مكنش ينفع أسيبك تقف النهاردة لوحدك...
إستدار صابر إلى جاسر وعانقه ثم قال بـ إمتنان
-حقيقي شكرًا يا جاسر..صحيح ماما وبابا فين!
-قاعدين مع نور أختك هناك أهم..بس إتصالحتوا إزاي!!
-إبتسامة مُشرقة ظهرت على محياه وهو يقول:بسنت..وما أدراك ما بسنت!!
-عاد يربت على منكبه وقال:صُبرت ونُلت..يلا إستقبل عروستك بقى...



صدحت موسيقى تعلن عن دلوف العروس مع والدتها..حبس صابر أنفاسه وهو يراها بـ تلك الطلة الملائكية التي حقًا لا تُلائم إلا براءتها..عيناه مُسلطة بـ قدحي القهوة خاصتها مع إبتسامة حالمة ورغبة جامحة بـ إختطاف العروس والهرب بـ جمالها الذي أهلكه وأنهك قلبه
وصلت أمامه فـ سلمتها والدتها بـ إبتسامة وتعاليم أن يُحافظ عليها وألا يُحزنها


أخذ يدها و أكمل باقي الممشى بـ إبتسامة..تألق صابر بـ حلته البيضاء. تعجبت بسنت وهما يخرجان من بهو الفندق وقالت
-هو إحنا رايحين فين!!
-غمزها بـ عبث وقال:مش قولتلك هعملك فرح ميتنساش...

وخلفها أصوات النساء تتعالى والدفوف تُعلن عن رقص شرقي لرجال الزفاف..وجدته    ينزع حذاءه وأمرها بـ المثل..و بوابة عملاقة تُفتح ويخرجان إلى البحر


شهقت بسنت وهى ترى حقًا زفافها يُقام أما البحر و فوق الرمال البيضاء..كل شئٍ بدى أبيض..المقاعدة والطاولات.. الممشى الخاص بهم على جانبيه باقات أزهار بيضاء معقودة بـ

 شرائط زهرية..و يمشيان على قماش حريري أبيض..مكان جلوسهما أبيض ومُزين بـ أضواء لامعة تتخللها كريستالات فضية و أزهار مُلونة أصفر وزهري وأبيض
همست بـ عينان تلمعان سعادة
-بحبك
-همس وهو يُقبل يدها:وأنا بموت فيكي...
تناثرت عليهما الأزهار البيضاء والحمراء..وضحكات الصغار تصدح بـ الأجواء..وهناك نظر إلى والديه اللذان يبتسمان بـ سعادة فـ اشار لهما     وشقيقته..وقف بها بـ مُنتصف ساحة الرقص..يتشابك أصابعه مع أصابعها ويتمايلان بـ بُطء على نغمات غربية هادئة..إستند بـ جبينه على جبينها ثم همس بـ إبتسامة عذبة


-وأخيرًا الحلم بقى حقيقة..وبقيتي بين إديا يا بسنتي
-إبتسمت وقالت بـ نبرة دافئة:أخيرًا صابر..خلصتني من خوفي وفدتني بـ حياتك..مقدرش أقول غير إني لو عشت عمري كله مش هوفيك حقك..أنا فعلًا مش هقدر أوصفلك مشاعري..لأنها أكبر من إنه يكون حب وبس..أنت السند والحيطة اللي مش هتميل بيا أبدًا...
وبغتةً رفعها صابر من خصرها ودار بها عدة مرات وسط صرخاته الجامحة
-بحبك..بحباااااااك...


علت التصفيقات يليها تصفير جاسر وشقيقه..ثم تصاعدت الألعاب النارية التي ألهبت الأجواء..جاسر يحتضن روجيدا بـ تملك..وسامح يُقبل وجنة زوجته التي تحمل بـ أحشاءها فتاة يقول أنها ستكون    رائعة كوالدتها..توقع قلب فتى كما أوقعته قبلًا..الجميع سعيد ولكن ليست كل نهاية تعيسة..أحيانًا تبقى النهايات بدايات لحكايات أُخرى قد تكون أكثر سعادةً من سابقتها
**********************************
تأففت بـ ضيق وهى تذهب إلى قطعة الأرض الخاصة بهم يُخبرها أباها أن تُتابع ذلك العامل الجديد بسبب مرضه..شردت وهى تتذكره..أربعة     أشهر وعشرة أيام  ساعتين وثلاثون دقيقة وأربعة ثوان لم تراه بهم..غامت عينيها البندقيتين بـ سحابة حُزن..توقفت عن الإعتذار والمحاولة في إصلاح ما فسد بـ بساطة يئست وهو لا يُسامح


توقفت أمام ذلك العامل الذي يوليها ظهره لتقول بـ نبرة عالية دون أن تقترب
-يا كابتن!!...
لم يرد عليها الـ "كابتن"..لتزفر بـ ضيق  وتتقترب أكثر ثم نادته مرةً أُخرى بـ صوتٍ ذو نبرة أعلى
-يا كابتن!!..بنادي عليك...
ولكن أيضًا لا يرد..زفرت شيهقها بـ غيظ وإتجهت إليه بـ خطواتٍ غاضبة..وضعت يدها على منكبه وأدارته بـ عنف موبخة إياه
-أنا مش بنـ...
وبقى ثغرها مفتوح دون إكمال حديثها وهى تراه أمامها بـ كامل هيئته..يبتسم بـ عذوبة عاشق و وجه أكثر أشراقًا ما أن أبصرها..ضحك و وضع يده أسفل ذقنها ثم قال بـ مزاح


-طب إقفلي بوقك عشان الدبان
-همست بـ إرتعاش:أنت بتعمل إيه هنا!
-رفع منكبيه ورد بـ بساطة:بساعد حمايا
-طيـ..ها!!...
ضحك وهو يرى لونها يبهت وإرتعاشة جسدها يزداد..ولكن ما جعل عيناه تتحول إلى ظلامٍ هو إرتعاش شفتيها..تمامًا كما ذلك اليوم..إقترب منها فـ تراجعت لتسأله بـ تلعثم


-أنت..بتـ..بتهزر مش..مش كدا!
-رد عليها بـ عبث:وهو الجواز فيه هزار!!
-ليه!
-عقد حاجبيه وتساءل:ليه إيه!!...
توحشت عيناها ثم إقتربت منه تضربه بـ شراسة قائلة
-تغيب كل دا وترجع تقول هتتجوزني!!..أنت واحد معندكش دم...
كان يُحاول تفادي ضرباتها وهو يتراجع بـ عرج طفيف..ليُمسك يدها ويضحك قائلًا
-يعني ينفع أجي أتقدم لحد وأنا ماشي بـ عكاز!!..طب دي عيبة فـ حقي
-برضو مش من حقك!
-أردف بـ غيظ:حقك إيه يا مهبولة أنتي!..يا مروة كنت فـ المستشفى وكنت متبهدل بـ سبب سي جاسر
-هدأت قليلًا وتساءلت بـ نبرة مُغتاظة:إيه اللي حصل!!...
سرد عليها بـ إختصار ما حدث وهى تستمع إليه بـ إهتمام


 مُمتزج بـ خوف     ودهشة وأحيانًا تنفعل مع تعابير وجه لطيفة..وهو مُستمتع بـ مُراقبتها حتى أنه أخبرها قصص عن جروح أُخرى لكي يرى تلك التعابير اللطيفة والتي تجعلها كـ قطعة مارشيملو لذيذة المذاق


إنتهى من سرده لتقول وهى ترفع رأسها بـ إباء
-برضو زعلانة...
جذبها إليه من مؤخرة رأسها لتشهق بـ فزع..ثم مال وهمس بـ عبث
-جرى إيه يا بت!..بقولك هتجوزك..يعني أشوفك كدا مهيصة ومزقططة وفكي البوز دا..عشان بيجبرني أفكر فـ حاجات مش كويسة لسنك...
شهقت ووضعت يدها على فاها ليُقهقه حاملًا إياه لتبتسم وتقول بـ صدق
-بحبك أوي
-داعب أنفه بـ أنفها وقال:وأنا بموت فيكي أوي..وعشان كدا فرحنا كمان أسبوعين
-صرخت بـ ذهول:إسبوعين إزاي!!..دا حتى مفيش فترة خطوبة
-ضحك وقال بـ غمزة وقحة:منا لغيت الفترة دي..إحنا ناس بنخش فـ الجد     على طول..إحنا لسه هنمسك إيد وأجبلك ورد وزيارة بقى وكدا..إحنا هنعمل كل دا فـ بيتنا..بيتنا يا قمر...
أنزلها وهى تبتسم بـ خجل ليقول وهو يُخفض رأسه إليها

-حتى أنا هموت وأشوف كنزي
-مالت بـ رأسها وتساءلت:كنز إيه!!
-همس بـ أُذنها وقال:اللي تحت حجابك..كورة الشعر اللي سببتلي هوس..يا أسرع وأنقى حب...
**********************************
سأذكر بارقة من حنين
أضاءت بقلبي فراغ السنين
وأذكر موجة حب دفين
تداعب أحلامنا كل حين
وتطفو على صفحات العيون
سأذكر ماعشت هل تذكرين.
وبـ ليلة أُخرى مُقمرة يجلس العاشقين بـ ذلك البيت الُزجاجي..يحتضنها بـ تملك..همست وهى تُقبل عنقه

-ريحتك حلوة أوي يا جاسر
-ضحك ثم هتف وهو ينظر إليها:دي هرمونات حمل ولا إيه!
-ضحكت وقالت:شكلها كدا...

إعتدلت بـ جلستها وتساءلت بـ جدية
-هنسميهم إيه!
-لو بنت و ولد يبقى جمال وجميلة
-عقدت حاجبيها وتساءلت:إشمعنا!!
-إقترب منها ثم قال وهو يتلاعب بـ حاجبيه:عشان نكون إمبراطورية جيم..


ضحكت حتى أدمعت عيناها و بقى يُراقب ضحكاتها ثم نزل إلى عنقها الظاهر وبـ سخاء حتى عظمتي الترقوة التي بدتا أكثر إغراءًا مما سبق وجزء صغير مما بعد عظمتي الترقوة.
ترتدي ثوب وهو      قصير..قصير حد مُهلك و واسع ليجعل مُخيلته تفعل به الأعاجيب..وتلك الجديليتن الطفوليتن التي تليق بـ  رسمة لشخصية كرتونية تعشقها صغيرته


نفخ بـ غيظ وقال
-هو أنتي مبتلبسيش الكلام دا فـ الأيام العادية ليه!!
-إقتربت منه بـ إغراء وهمست:عشان بحب أعذبك يا جسورتي...
وضع يده على صدره ثم همس بـ حرارة وهو يلتهمها بـ عيناه
-والله جسورك متعذب من غير حاجة...


ضحكت وهى تقترب لتندس بـ أحضانه وقُبلة كاد يحصل عليها ولكن إندفاع الصغيرة التي دست نفسها بين أحضانهم أحالت دون ذلك ليُطلق      جاسر اللعنات والسباب بـ إبنته و روجيدت لا تستطيع كتم ضحكاتها على ملامح زوجها المُمتعضة
هتفت الصغيرة وهي تنظر إلى وجه أبيها الغاضب بـ براءة
-هو أنا زعلتك يا بابي!


-رد عليها بـ صوتٍ مكبوت:أبدًا يا روح بابي..أنتي عاملة زي اللقمة اللي فـ الزور لا عارف أتُفها ولا عارف أبلعها...
ضحكت روجيدا      بـ صخب لتُشاركها الصغيرة الضحك دون أن تفهم وهو ملامحه تتجعد بـ إمتعاض أكثر


همست روجيدا لطفلتها قائلة
-روحي بوسي بابي وصالحيه...
أومأت الصغيرة لتذهب إلى والدها تودع وجنته قُبلة طفولية بريئة ثم قالت بـ إبتسامة
-سوري بابي..مش قصدي أزعلك

-جذبها جاسر إلى أحضانه وقال:ولا يهمك يا روح بابي مش جديد عليكي الكلام دا...
ثم جذبها إلى صدره وروجيدا تغمزه بـ شقاوة ليجذب الأُخرى إليه وهمس بـ نبرة رخيمة
-هنكون أسعد عيلة إن شاء الله..مش هسمح لحد إنه

 يبعد..الشُريان اللي قولتي عليه إتقطع!..هو متقطعش هو رجع أقوى..وهيفضل أقوى بـ حبي ليكي يا حبيبتي...
قبّل جبينها بـ عُمق ثم همس وهو يُغمض عيناه


-أنتي شمس نورت حياتي الضلمة..وقمر لياليّ الضلمة..بـ إختصار أنتي نور لكل ضلمة عشتها بـ حياتي...
إبتسمت بـ سعادة وأعين تلمع بـ شدة لتُقبل جانب شفاه فـ تنحنح بـ صوتٍ أجش ليطلب من صغيرته


-حبيبتي جوجو غمضي عينك!
-تساءلت الصغيرة بـ حيرة:ليه؟
-همس وهو يقترب من روجيدا:أصلي هـ أدي حقنة لماما...
أغمضت جُلنار عينيها بسرعة ليقبض على شفتي روجيدا بـ قُبلة عذبة ثم همس بعدما إبتعد عنها


-كان لازم أخدها بـ أي طريقة...
ضحكت روجيدا لتتساءل الصغيرة وهى لا تزال مُغمضة لعيناها
-أفتح عنيا يا بابي!!
-إفتحي يا روح بابي...
فتحت عيناها لتنظر إلى والدتها ثم قبلتها وربتت على منكب والدتها بـ شفتين مزمومتين بـحزن طفولي
-معلش يا مامي..عشان تخفي
-قهقهت روجيدا على طفلتها ثم همست بـ حب:خلاص يا حبيبتي خفيت
-كتكوا نيلة وأنتوا حلوين كدا...
تشدق بها جاسر وهو يجذب الإثنين إلى صدره..لتبتسم روجيدا بـ سعاد لم تكن لتصدق بـ أن تحصل عليها بـ نهاية


 الأمر..وبداية عشقهما خلدت نهاية لا تُنسى لعشق كُتب أن يُحارب مصاعب الحياة لإيمانه بـ النهاية أنه سيصل إلى سعادته..سعادة طال الحصول عليها ولكنها كُتبت لهما..أصرا هما أن يكون نهاية لبداية جديدة وهما البداية والنهاية


                                 تمت



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-