CMP: AIE: رواية ولعشقها ضريبة الفصل الثانى والعشرون22بقلم اسراء علي
أخر الاخبار

رواية ولعشقها ضريبة الفصل الثانى والعشرون22بقلم اسراء علي


 

رواية ولعشقها ضريبة

الفصل_الثاني_والعشرون



فهل أرتاح بعض الوقت في ٢!

أم أمضي مع الأحزان؟...

-لأ منا خلاص لاقيتها...

صدح صوت صابر وهو ينظر إلى ظهر روجيدا والتي ظهرت من العدم وتُهنئ    زوجها..جاءه صوت بسنت المُتعجب والتي إتصلت بـ زوجها تستدعيه في رحلة بحث عن شقيقتها

-إزاي يعني!..أنت مش الحفلة!

-ضحك صابر بـ بلاهة قائلًا:ما هي بتبارك للعريس

-صرخت بسنت بـ جزع:خدها يا صابر دي تروح فيها

-هدأها صابر قائلًا:إهدي أنا هجيبها لحد البيت..متخافيش...

وأغلق هاتفه ثم حاول الإتجاه إليها ليسحبها إلا أن يد فاطمة منعته ثم هتفت بـ نبرة ملكومة

-سبهم يا صابر..الموضوع دا هما هيحلوه لوحدهم

-بس آآ

-قاطعته قائلة:مفيش بس..جايز دي أخر مرة يشوفوا بعض...

تنهد صابر بـ شفقة كِلاهما يُعذبان بعضهما الآخر وكِلاهما أعند من الآخر..حقًا حبهما ملعون..أو ربما عقاب لجاسر لما إقترفته يداه من قبل معرفته بها

وعلى الناحية الأخرى كانت روجيدا تقف أمامه بـ نفس الإبتسامة تمد يدها لمُصافحته ولكنه لم يتحرك إنشًا واحدًا..عيناه      تصرخان بـ توسل لما أتت إلى هنا..لم يكن عليها أن ترى ذلك..يشعر بـ الصحراء التي تعصف بـ داخلها..خواء و روح تصرخ طلبًا للرحمة..تشدقت بـ نبرة خالية

-جرى إيه يا جاسر بيه!..مش هتسلم دي عشان العشرة اللي بينا مش أكتر!...

وبـ الأخير رفع يده وصافحها..كانت يده تقبض على راحتها بـ قوة وكأنه يستشعر ملمسها لمرة أخيرة..إبتسامة باهتة ونبرة جامدة هتف بهما

-الله يبارك فيكِ...

حاولت سحب يدها ولكنه شدد عليها غير سامح لها بـ الإبتعاد..نظرت إلى داليدا التي تُشاهد الموقف بـ إهتمام لتهتف بـ إبتسامة صفراء

-كنت عاوزة أسلم عليكِ وأقولك مبروك..بس هو مش سايب إيدي فـ هكتفي بـ مبروك واحد كفاية...

عادت تلتفت إليه وهو يُحدق بها بـ حزن وكأنه تيتم لتبتلع غصتها قائلة بـ نبرة جاهدت أن تكون ثابتة ولكنها ظهرت كـ عتاب

-كنت عاوزة أشوفك وأتأكد إن كدا خلاص..وهو فعلًا خلاص..ربنا يوفقك يا جاسر...

بـ قوة سحبت يدها وإتجهت إلى جيدها تنزع عنها قلادتها لتُعطيه خاتم زوجها..وضعته بـ راحته قائلة بـ نبرة مُنكسرة وعينان تلمعان بـ عبرات

-أظن كدا ملوش لازمة..كنت سيباه لأمل مش مكتوبله يعيش..مع السلامة يا جاسر..مع السلامة ياللي كنت أحلى قدر...

وحين إستدارت تتابعت عبراتها بـ الهطول وكلما إقترب منها أحد أبعدته بـ يدها لتهرب بعيدًا..وبقى هو يُحدق في إختفاءها بـ عينان جامدتان وظلام دامس يبتلع روحه بـ بطئ مُؤلم..لمَ لا ينتهي هذا العذاب!..لمَ لا تنتهي الحياه عند هذا الحد!!

وقفت أمام باب القصر تستند على الحائط بـ جوارها تبكي بـ عنف..تبكي كأنها لم تبكي قبلًا..شهقاتها تعالت بـ درجة عجزت عن كبحها..وضعت يدها على وجهها تكتم صرخة كادت أن تنفلت ولكنها لم تستطع..تشعر بـ تمزق روحها وكأن أحدهم ينتزعها بـ يداه..وضعت يد على صدرها وبقت تضربه صارخة بـ ألم

-أوقف بقى أنت مبتقفش ليه!..أقف وريحني...

ضرباتها بدأت تضعف مع كل شهقة بُكاء..حتى شعرت بـ جسد يحتويها من الخلف..لم تكن بـ حاجة للتعرف على صاحب العناق فـ لم يكن سواه..وجهه عند خُصلاتها ويده واحدة عند معدتها والأخرى عند صدرها..وصوته الهامس بـ أنين

-هششششش..كفاية وجع..كفاية بقى بكى على قدر مُصر يفرقنا...

وضعت كفيها على ذراعه التي فوق صدرها لتهمس بـ ألم ونبرة لا تحمل سوى الألم أيضًا

-أنا موجوعة أوي..حاسة إني هموت يا جاسر..حاسة إن روحي بتطلع مني...

خُيل إليها أنها إستمعت إلى شهقة ولكنها تأكدت أنها كذلك عندما أحست بـ رطوبة على منكبها..ولكن الصوت إختفى ويبقى الألم شعرت بـ يده تشتد حولها ثم همسة خافتة

-سامحيني يا روجيدا..غصب عني والله...

أخفضت يدها وبـ هدوء أبعدته عنها لتضع يدها على وجنته لتهتف وهى تبتلع غصة مُؤلمة

-كل مرة جرحتني فيها كانت غصب عنك مش هتيجي على دي..مع السلامة يا جاسر روح شوف عروستك...

-همسة ضعيفة:إستني...

ولكنها لم تسمعه بـ بساطة ركضت يستطيع الشعور بها..تبكي بل تموت بُكاءًا..وهو بدأ يشعر بـ ألم يُداهم صدره ليضع يده ويتجه سريعًا إلى غُرفته

جلست على قارعة الطريق تبكي وتصرخ..أُزهقت روحها ومات قلبها ولم يتبقى منها سوى فُتات فـ تأتي الرياح لتنثرها بعيدًا عنها فـ تبقى عاجزة عن مواجهة نسمات الحياة

أخرجت هاتفها بـ يد ترتعش لتتصل بـ أحدهم ليأتيها الرد بعد لحظات..فـ تشدقت بـ نبرة ميتة

-شريف..أنا تعبانة...

***********************************

-شريف أنا تعبانة...

ما أن همست بـ تلك العبارتين نهض بسرعة البرق..نبرتها الميتة التي لم يسمعها منها من قبل جعلته يشعر أن هُناك خُطبًا ما وليس بـ هين..صعد سيارته ولعن نفسه نسى أن يسألها أين هى

صف سيارته وعاد يتصل بها ليسألها عن مكانها فـ أخبرته أنها أمام قرية الصياد..لم يُفكر ولم يتساءل عما تفعله هُناك..فقط إنطلق بـ سيارته إليها حتى وصل

ترجل من السيارة وركض إليها كانت تجلس وتنظر إلى الطريق بـ شرود..وجهها شاحب وعينان جاحظتان وكأنها رأت لتو شبحًا..جسدها يرتجف بردًا أحس وكأن سهمًا إخترق جسده ما أن رآها هكذا

تقدم منها ثم حثى على رُكبتيه يهتف بـ حنو وهو يُبعد خُصلاتها

-أنتي كويسة يا روجيدا!!...

بدت مُتفاجئة كثيرًا عندما رأته..لا تعرف لما ركضت إليه أو طلبت منه المجئ ولكن عقلها قد غادرها لتسأل نفسها أو حتى تُفكر..تذكرت أنه سألها سؤال لتُحرك رأسها بـ حركة ليس لها معنى ثم همست بـ ضياع

-مش عارفة..المشكلة إني فعلًا مش عارفة أنا حاسة بـ إيه...

نظر إليها بـ حزن ولم يُعقب على حديثها بل نزع سترته و وضعها على جسدها هاتفًا بـ خفوت

-إلبسي دا..الجو برد

-تساءلت:فعلًا!!

-أومأ بـ رأسه ثم قال:تعالي نمشي الوقت متأخر والطريق مش مضمون...


ساعدها على النهوض وسار بها ليضعها بـ السيارة وتحرك عائدًا إلى قرية الهواري..كانت تستند بـ رأسها على النافذة بـ شرود..إلتفت إليها ليجدها على هذا المنوال تنهد ولكنه قطب حاجبيه عندما وقع بصره على معصمها المُضمد فـ سألها بـ قلبٍ يرتجف

-إيه دا!!..من إيه؟...

لم ترد لثوان تستوعب سؤاله لتنظر إلى معصمها ثم إليه عندما أشار بـ عيناه إليه فـ تشدقت بـ لا مُبالاه

-حاولت أنتحر...

دوى صوت إحتكاك إطارات السيارة مع الأرض عندما توقف بغتةً ونظر إليها بـ عينان تكادان تخرجان من محجريهما ثم هدر بـ قلق

-أنتي بتقولي إيه!

-تنهدت قائلة:متخافش..حتى دي فشلت فيها

-أمسك يدها وقال بـ جدية:روجيدت أنتي لازم تروحي لدكتور..أنتي مش طبيعية

-إتسعت عيناها وهدرت بـ غضب:أنا مش مريضة..تعرف أنا غلطانة إني إتصلت بيك..أوعى...

حاولت الترجل من السيارة ولكن يده منعتها ليُصيح بـ قوة

-روجيدا خلاص أستني..مفيش دكتور ولا نيلة..إهدي مفيش حاجة خلاص أنتي كويسة

-صرخت وهى تضرب ذراعه:متعاملنيش إني مجنونة...

وأخيرًا سقطت عبراتها ثم همست بـ ضعف

-أنا بس موجوعة..عرفت دلوقتي إني موجوعة..قلبي حاسة فيه بـ نار .. نار بـ تحرقني وبتحرق روحي بـ البطئ...

وضعت يدها الحرة على صدرها ثم أكملت حديثها تحت نظراته التي تصرخ ألمًا لها

-طلبت منه يقف عشان أرتاح..بس مش راضي

-حاوط وجهها بين يداه ليقول:وتسيبي بنتك لمين ها!..وتسبيني أنا لمين!!...

عبارته كانت تمتمة غيرُ مسموعة لها..شدد على كلماته عندما لاحظ إهتمامها لحديثه

-بنتك أهم حاجة ولازم تعيشلها بـ أي تمن..دوسي على أي وجع عشانها..متبقيش أنانية..مترتاحيش على حساب عذاب ناس تانية...

أومأت بـ رأسها عدة مرات ليبتسم ويترك وجهها..أعاد تشغيل المُحرك ثم قال بـ هدوء وهو يزفر بـ راحة

-أنا مش هينفع أوصلك القاهرة فـ الوقت المتأخر دا..أنا هوديكي بيتي اللي عند الهوارية...

نظرت إليه بـ عنيان مُتسعتان ليضحك بـ خفة قائلًا

-متخافيش..أنا هبات فـ مكتبي مش هاجي البيت..بس هوصلك

-تمام..مرسيه يا شريف

-هزعل منك يا روجيدا..مش إحنا صحاب ولا إيه!...

قال عبارته الأخيرة بـ نبرة مُتألمة وقد لاحظتها ولكنها قررت تجاهلها ثم إبتسمت وهى تومئ بـ رأسها

وصلا إلى المنزل ليُطفئ المُحرك ويترجل من السيارة تبعته هى..توجه إلى المنزل كان بسيط من طابقين وصغير جدًا..فتحه ودلف ثم هتف بـ إبتسامة

-تعالي إتفضلي...

تحركت روجيدا بـ تردد وقبل أن تدلف تشدق هو مازحًا

-خشي برجلك اليمين يا شابة...

إبتسمت بـ خفوت ثم دلفت..أضاء المصابيح ثم توجه إلى أعلى وتركها أسفل..دقائق وعاد..كان يحمل بـ يده ثياب تخصه..ليمد يده بها قائلًا

-أنا عارف إنهم مش مُناسبين بس عشان متناميش بـ الفستان

-شكرًا...

هتفت بها وهى تأخذ من يده الثياب التي كانت عبارة عن بنطال قُماشي من اللون الأسود يتداخل معه البني ليكونا مُربعات صغيرة والكنزة من اللون الأسود ذات فتحة عُنق مُثلثية وأكمام قصيرة تصل إلى ما قبل مرفقيها

وضع يده خلف عنقه ثم تنحنح وقال

-لو عاوزة تاخدي دش..فـ الحمام فوق جنب أوضة النوم..المطبخ أهو...

إلتفت وهو يُشير خلفه ثم عاد إليها وأكمل حديثه

-لو عوزتي تاكل أو تشربي حاجة فـ كل حاجة موجودة..ولو عوزتي حاجة مش موجودة إتصلي بيا

-ردت بـ إمتنان:شكرًا..يا شريف بس شكلي مش هتحاج تجلبي حاجة...

شددت على قول "حاجة" لكثرة تكرارها بـ حديثه ليضحك ثم هتف وهو يتجه ناحية الباب

-أنا همشي عشان ترتاحي..زي ما إتقفنا إتصلي وهتلاقيني..يلا تصبحي على خير...

ثم فتح الباب وأغلقه خلفه..لتتنهد روجيدا بـ ضعف ثم  قررت الصعود والحصول على حمام دافئ علها تحظى بـ نومًا ولو قليل

أما شريف بـ الخارج علِم أن وراء حالتها تلك يكمن جاسر الصياد..وكأن اسمه مُرتبط بـ كل ألم تحظى به..كور يده بـ غضب ثم صعد سيارته وقرر التوجه إليه..لتلقينه درسًا على إيلامها لتلك الدرجة..كانت عيناه تنتطقان بـ نار تستعر بـ الحقد والكره.

بالرغم كل تلك الآلام التي سببها لها وما زالت تعشقه..تختاره دومًا ولا يتسبب سوى بـ دمارها ولكن روجيدا قوية ستتخطاه وتنسى وحينها قد تولد معها فرصة له وربما قصة عشق موؤدة تُكتب لها الحياة

***********************************

توقف أمام القصر الذي بدا ساكنًا جدًا ولما لا وقد قام جاسر بـ طرد الجميع في لحظة غضب أطاحت بـ الجميع..تسلل خفية دون أن يراه الحرس الواقفين أمام القصر ثم دلف إلى الداخل

وجده جالسًا على أحد المقاعد يُدخن بـ شرود دون قميص و وشمه الذي حرق عيناه ظاهر..لم يكن حب بل لعنة أصابتهما..تنهد و تقدم منه..حدق به جاسر دون أن تتحرك ملامحه أو تتغير جلسته كأنه غير موجود بـ المرة

تنفس شريف بـ عمق ثم هدر بـ غضب

-أنت عارف أنت إيه!..أنت لعنة ومش هتخرج منها إلا لما تموت..عمري ما شوفت حزن فـ عنيها إلا وسببه أنت..عمري ما شوفت دمعة وبرضو كان سببها أنت..عمري ما شوفت كسرتها إلا وسببها أنت...

أظلمت عينا جاسر بـ شدة ولكنه لم يتحرك ليتقدم منه شريف ثم أكمل حديثه

-النهاردة شوفتها وياريتني ما شوفتها..أول مرة أشوفها مكسورة الخاطر..حسيت إنها ضهرها إتكسر..ليه بتعمل فيها كدا!..لو مبتحبهاش سبها غيرك يحبها...

إنتفض جاسر عن مقعده مُسببًا سقوطه أرضًا ليتجه ناحيته ثم أمسكه من تلابيبه بـ عنف وهدر بـ صوتٍ جهوري تجمع على إثره الجميع

-عايزني أسبها لواحد جربوع زيك!..ها!!..أنت أتفه من أنها تبصلك يا تافه

-إبتسم شريف بـ سخرية ثم قال:تبصلي!!..ياااااه أنت واخد مقلب كبير فـ نفسك أوي...

وضع يده على يد جاسر المُمسكة به ثم إقترب منه وهمس بـ خبث


-طب إيه رأيك إنها فـ بيتي حاليًا!!...

إبتسم وإبتعد ليجد ملامح جاسر قد بهتت وكأنه فقد الحياة وأضحى جثة هامدة..أتسعت إبتسامته الخبيثة وهمس مرةً أخرى

-ومش كدا و بس لأ..دي طلبت مني أتجوزها..إنتقام حوا وحش أوي يا جاسر بيه...

زأر جاسر بـ صوتٍ أرسل الرعب في قلوب المتواجدين ليقوم بـ لكمة بـ كل قوته لتصرخ والدته ونادين ثم إندفع بعدها شقيقه ليخلص شريف من قبضته المُتوحشة ولكنه لم يستطع بل وكأنه كـ العلقة..واللكمات ما تزال توجه إلى الذي يضحك ليُثير أستفزازه.

ليهدر سامح بـ الحرس المُتواجدين

-تعالوا ساعدوني يا أغبية...

كان سامح أضعف من أن يتصدى لجاسر خصوصًا لإصابته والأخر لغضبه الذي أعماه..عاونه الحرسين على إبعاد ذلك الثور ليُساعد سامح شريف قائلًا بـ يأس

-يا بني أنت بتيجي هنا عشان تنضرب العلقة وتمشي...

نهض شريف ومسح خيط الدماء المُنسل من بين أسنانه وبقى ينظر إلى غريمه بـ تحدي..بادله جاسر نظرات متوعدة نارية وكأن أبواب الجحيم فُتحت عليه لينطق الأول بشماتة

-مش قولتلك هيجي يوم وهتحضر فرحنا...

ثم تحرك إلى خارج القصر وهو يستمع إلى سباب جاسر وصراخه الذي صاحبه تهديد و وعيد

جثى على رُكبتيه وهو يزأر زئير مُتألم..وضع يديه على عيناه وهمس بـ حرقة

-ليه بس ياربي!..ليه كدا يا روجيدا ليه تعملي كدا؟!...

أتت فاطمة تربت على ظهر ولدها هاتفة بـ نشيج باكي

-صلي ع النبي وقوم يا حبيبي..أكيد بيقول كدا عشان يستفزك

-حرك رأسه نافيًا ليقول بـ خذلان:لا يا أمي لأ..هى فـ بيته..نظرة الشماتة والثقة اللي بيتكلم بيها بتقول كدا..غير إن بسنت متعرفش عنها حاجة...

صرخ بـ ألم ليضع يده على صدره قبل أن يهمس بـ ثقل

-قلبي بيوجعني أوي..أنا حاسس بوجع رهيب فـ صدري...

ثقل جفناه مع جسده لتصرخ فاطمة ونادين التي هدرت

-سامح إلحق جاسر أخوك...

ركض سامح إلى شقيقه كان شبه واعيًا و يضع يده على صدره بـ تألم واضح ليصرخ بـ حدة

-عربية يا بهايم وحد يساعدني...

ثم نظر إلى شقيقه و وضع ذراعه حول عنق ليقول بـ خوفٍ

-قوم معايا يا جاسر..إن شاء الله هتكون بخير...

عاونه أحد الحرسين ليقوما بـ نقله إلى المشفى سريعًا..ركضت خلفه فاطمة ونادين التي هاتفت روجيدا وهى تبكي

-روجيدا إلحقي جاسر...

***********************************

لا تعلم كيف حملتها قدميها إلى هُنا ما أن هاتفتها نادين وهى كادت أن تفقد وعيها..لما يحدث كل ذلك في نفس اليوم..لمَ لا توجد كلمة راحة في مُعجم حياتهم..ألن تُكتب لهم أبدًا!!

صعدت الدرجات مُهرولة بـ ثوبها التي أتت به حتى وصلت إلى الغُرفة التي يقف الجميع أمامها..توجهت ناحيتهم وهمست دون قدرة على إخراج الحديث

-هو إيه اللي حصل!!..هو كويس مش كدا؟!...

كانت فاطمة تبكي بـ أحضان سامح وما أن سمعت صوت روجيدا حتى هدرت بـ إتهام

-أنتي اللي عملتي فيه كدا..مش مسمحاكي..إبني لو راح مني هقتلك..سمعاني!! هقتلك...

حركت رأسها نافية لا تعلم عما تقصد وقبل أن تتحرك خطوة كان الطبيب يدلف خارج الغُرفة لتركض روجيدا بـ لهفة تسأله وتبعها سامح وفاطمة..ليقول الطبيب بـ عملية

-الحمد لله قدرنا ننقذه من جلطة كانت هتحصل..دي أول مرة مش كدا!

-أه

-ولكن صوت سامح الجامد هتف:لأ..حصلت من تلات سنين تقريبًا..برضو كانت جلطة فـ القلب...

توقفت ضربات قلبها وهى تسمع نفي سامح لحديثها وأنتظرت أن تكون مزحة ولكن لا أحد يضحك..متى حدثت وأين لا تدري..كيف ولماذا لا تدري أيضًا..عبرات تساقطت بـ غزارة قبل أن تسمع صوت الطبيب

-إحنا هننقله أوضة عادية الحمد لله حالته مُستقرة لكن هنحطه تحت عنينا عشان لو فيه قلق ولا حاجة..ربنا يقومه بـ السلامة...

و رحل الطبيب وقبل أن تُدرك رحيله صفعة على وجنتها جعلت سامح ونادين يشهقان بـ فزع ليقول سامح بـ صدمة

-أمي؟!...

ولكنها لم تلتفت إليه..وضعت روجيدا يدها على وجنتها ولم تتحدث..سمعت صوت فاطمة يصرخ بـ نواح

-مشوفش وشك تاني..وحفيدتي أنا هعرف أخدها منك بـ معرفتي...

تقدمت منها فاطمة وأشارت بـ سبابتها بـ تحذير وهتفت بـ شراسة

-بس لو شوفتك بتحومي حولين عيلتي تاني..صدقيني هسلمك ليهم بنفسي..دلوقتي غوري من وشي

-إبتلعت كل ما قيل وهمست بـ رجاء:طب..طب أطمن عليه بس وهمشي..مش هتشوفيني تاني..بس أشوفه

-هدرت فاطمة:لأ..يلا أمشي...

أتى سامح وأحاط والدته ليقول سامح دون أن ينظر إلى روجيدا

-روحي أنتي و نادين هطمنك

-حتى أنت يا سامح؟!

-نظر إليها بـ جمود:لو اللي عملتيه يُغتفر يا روجيدا مكنتش وقفت قصادك

-صرخت بـ حيرة:أنا عملت إيه!!

-أدار ظهره إليها وقال:مع السلامة يا روجيدا الوقت إتأخر..هبعت معاكي حد يوديكي مكان ما أنتي عاوزة

-منعت عبرة من السقوط وهمست:مش عاوزة حاجة..زي ما جيت لوحدي هروح لوحدي...


وتحركت بـ خطى وئيدة قبل أن تلحقها نادين وتحتضنها لتنفجر روجيدا بُكاءًا لتهمس بـ نشيج

-أنا عملت إيه!..هو أنا اللي روحت وإتجوزت !..حرام عليكوا أنا تعبانة حاسة إني بموت إرحموني بقى

-بكت نادين وقالت:خلاص يا حبيبتي متزعليش نفسك..أنتي مغلطتيش أبدًا..تمام؟...

أبعدتها عنها ثم قالت بـ حنو وقالت

-روحي أنتي دلوقتي وإرتاحي..وأنا هطمنك يا حبيبتي

-عاوزة أطمن بس

-ربتت على وجنتها ثم قالت بـ إبتسامة:روحي وأنا هطمنك لما يصحى..أنتي سمعتي الدكتور قال إنه كويس..روحي أنتي و مكليش دعوة...

أومأت بـ رأسها و رحلت بـ خزي وإنكسار..بالرغم ما فعله بها الجميع يلومها..هو من كسرها ولكن هى من تتحمل..هو من يُعاتب وهى من تصمت..هو من يجرح وهى من تتألم..ويبقى جاسر لعنة عاجزة عن التخلص منها

**************************************

أربعة عشر يومًا مروا مُنذ ذلك اليوم..أربعة عشر يومًا إنتظرته أن يأتي ويشرح ولكنه دائمًا يخذلها.

عندما أشرق صباح يوم ذلك الحادث وقفت بعيدًا تُشاهده..تنتظره لتجده يخرج من المشفى وكأن شيئًا لم يكن وكأنه لم يُصاب بـ "جلطة" اليوم ومُسبقًا..بكت مُجددًا فلا تجد ما تفعله سوى البُكاء

رحل ورحل معه طيفه لترحل هى الأخرى لم تحاول الحديث بعدها..عادت إلى القاهرة وإنعزلت عن الجميع..لا تدلف خارج الغُرفة ولا تتحدث..حتى ظن الجميع أنها ماتت ولكن صوت أنفاسها البطيئة تُخبرهم أنها لا تزال حية تُرزق

أما هو أقل ما يُقال عنه..أنه يرى الجحيم..عيناه لا تذُق النوم..غضب وحطم ولكنه لا يتحدث..يعمل ويصمت كل من حاول الحديث معه لم يسلم من غضبه..تجنبه الجميع تلك الفترة..لم يبحث عنها ولم يسألها لما فعلت ذلك..لم يجرؤ على مواجهتها..فهو يحصد ما زرع..كل هذا ما جنته يداه على عشق تم وأده من قسوة الحياة وتخاذل عاشق ظن أن الفراق هو المفر

وها هو اليوم يدلف ذاك المخزن الذي مر عليه السنون..مُنذ حادثة جلال ولم يخطُ إلى هنا أبدًا..كانت عيناه ونظرته سوداوية تحمل علامات رعب مُميتة تُذيب العظام من قسوتها..حدق بـ ذلك المُقيد على مقعد حديدي مُهترئ..اليوم غضبه لا يُقدر بـ ثمن حين دلفت السكرتيرة بـ يدٍ مُرتجفة تُسلمه دعوة زفاف لترحل ما أن أخذها منها

وكأن صاعقة من السماء أصابته وهو يقرأ بطاقة الدعوة..صرخ وحطم وفر الموظفين هربًا من براثن الذئب الجامح ثم أتاه أتصال منها أجاب بـ غضب أحرق الأخضر واليابس لتقول بـ صوتٍ ميت

-وصلتك الدعوة مش كدا!..إنتقام الست قاسي يا جاسر..سبتني وبعدت وحملتني الذنب..بس مش أنا اللي أنكسر..أنا بس حبيت أعرفك أنا حسيت بـ إيه وأنت بتقولي أنك هتتجوز...

صوت أنفاسه الهادرة وهسيس كـ فحيح الأفعى خرج من بين شفتيه هامسًا

-هقتلك قبل ما تعمليها

-إبتسمت بـ سخرية وقالت:كل اللي كان بيربطنا إتقطع..الشريان إتقطع خلاص يا جاسر و روجيدا اللي تعرفها ماتت معاها..كان نفسي متطلعش جبان وتحكيلي بس أنت بتختار غلط...

تنفست بـ عمق وهى تشعر بـ حرارة أنفاسه على أذنها لتهمس بـ جمود

-أتمنى إنك تشرفني فرحي أنت والمدام...

قالت الأخيرة بـ سخرية لاذعة ثم أغلقت الهاتف لتتركه مُحطم الفؤاد ولما لا وكل ما يحدث بسبب ما أقترفته يداه

وها هو يقف أمام ذلك الجرذ المذعور..ليبتسم جاسر بـ شيطانية وهو يضع قدمه على طرف المقعد..هيئته كانت تبعث الذعر بـ النفوس..لم تقفده الأيام الماضية رونقه ولا جاذبيته فقط لحيته قد إستطالت ولكنها أعطته مظهرًا مُخيفًا أكثر..إنحنى بـ جذعه وهمس بـ نبرة قاتلة

-أهلًا بـ الخاين..اللي دخلته بيتي وأكلته من بيتي وعض الإيد اللي إتمدتله

-حاول الآخر الحديث:آآ

-هدر جاسر بـ نبرة مُخيفة أفزعت الرجل:أنت هتأوأ..حرمة بيتي يا *** دي إستبحتها..خيانة وخنت..لعبت مع أسيادك وأنت عارف إنك مش أدي..شغال معاهم من أمتى؟!...

إبتلع الرجل ريقه بـ صعوبة وأخفض رأسه..ليضحك جاسر و يومئ بـ رأسه عدة مرات ومن ثم أطاح بـ المقعد وبقى يضربه بـ قسوة..هدر مرةً أخرى وهو يجذبه من فروة رأسه والرجل يتألم إلى أعلى ثم صرخ بـ حدة أفزعته

-رد عليا أحسنلك

-مقدرش

-إبتسم جاسر وهمس:بص أنا بصراحة مضايق ومحتاج أطلع غلبي فـ حد..إبتسم أنت اللي هتنول الشرف دا...

ليبتعد عنه ويحضر دلو ملئ بـ سائل..ليقوم بـ سكبه على الرجل المذعور ثم قذفه بعيدًا وقام بـ نفض يده..أخرج من جيب سترته عُلبة مليئة بـ أعواد الثقاب..وتلك الإبتسامة التي تُذيب العظام مُرتسمة ليقول بـ هدوء

-بالرغ من إن البنزين غلى وهو بصراحة خسارة فـ أمثالك..بس أهو يولع أسرع..هدعيلك بالرحمة متخافش...

إتسعت عيناه بـ خوفٍ وهو يرى جاسر يُخرج عود ثقاب ويُشعله ليصرخ الرجل بـ ذعر

-خلاص..خلاص هقول

-إبتسم جاسر وقال:أهو كدا تعجبني...

ليُطفي عود الثقاب ويتنهد الأخر بـ إرتياح..ليبتلع ريقه بـ صعوبة ويقول

-مش من زمان يا باشا تقريبًا من تلات شهور جالي واحد معرفوش وقالي إنه من أمن الدولة..طلب مني أراقب كل حركة بتحصل فالقصر عشان أنت لامؤاخذة مش ماشي فالسليم..بس وعزة جلال الله ما اعرف أي حاجة غير كدا

-حك جاسر ذقنه وقال بعدم تصديق:وأنا المفروض أصدق!

-بالله يا باشا دا اللي حصل...

أقترب جاسر منه وإنحنى ليتكئ بـ يده على مسند المقعد ثم همس بـ فحيح

-عارف لو طلعت بتكدب؟!

-رد الأخر بسرعة:مقدرش أكدب عليك يا باشا

-سأله جاسر بـ جمود:متعرفش مين الراجل دا؟!

-هز رأسه نافيًا وقال:لا يا باشا..كل دا حصل وأنا لوحدي فـ أوضة..كان بيكلمني من سماعة من برة ولما طلعوني مشوفتش وش حد فيهم...

أومأ بـ رأسه وإبتعد..الآن علِم الخائن..تذكر عند عودته إلى القاهرة وقبل أن يذهب إلى روجيدا ليُخبرها بـ كل شئ..إتصل به يُسري ليأتيه على وجه السرعة

"عودة إلى وقتٍ سابق"

حينما دلف ذلك المبنى المهجور تقدم منه يُسري يُخبره بـ جديه وهو يتقدم إلى إحدى الغُرف

-إحنا قبضنا على چوناثان إمبارح فـ صقفة الأسلحة اللي أنت بلغت عنها

-وقف جاسر أمام الغُرفة وتساءل:وبعدين!

-وضع يُسري يديه في جيبي بنطاله وقال:أنا بصراحة كنت هقتله على طول بس قلت لازم نستفيد منه..عشان سيادتك قتلت خيط كان ممكن يوصلنا

-إبتسم جاسر بـ سخرية وقال:فكرك إنه كان هيعترف!..دا كان بيكسب وقت عشان اللي المفروض جايين يحموه يلحقوه..بس طلع على فشوش وعرفوا إني عاملهم كامين فقالوا يخلصوا منه بدل أما يحصل شوشرة

-ما علينا..چوناثان قالي إنهم زارعين جواسيس معاك فـ كل مكان..القصر..الشركة..بيتك اللي فـ القاهرة..ببساطة أنت مش هتعرف مين اللي بيخونك من مين اللي مبيخونش

-توحشت عينا جاسر وهو يتساءل:وأنت صدقته!

-رد عليه بـ تأكيد:طبعًا..الصورة اللي إتبعتت يا جاسر لروجيدا وجُلنار كانت    من قصرك..من حتة محدش يعرف خبايا غير حد عايش هناك..حد بيدخل وبيتحرك فالقصر براحته..ولو كانت

 المُنظمة محدش هيوصل من البقعة دي من غير أما يتشاف..واللي وصل المكان دا شخص محدش يقدر يشك فيه..يعني فعلًا في جواسيس فـ بيتك...

أغمض جاسر عيناه بـ غضب ليربت يُسري على منكبه قائلًا بـ مؤازرة

-أنا عارف إن الحمل عليك تقيل أوي

-رد جاسر وهو يفرك جبينه:أنا ملفوف حولين رقبتي طوق كل مدى بيضيق وأي    حركة غلط مش بس رقبتي هطير..دا أي حد له علاقة بيا..خيانة من برة ومن جوة..خلاص حاسس إني نهايتي قربت..أنا بتعامل مع ناس مُحترفة...


وإنهارات أماله في إستعادة روجيدا..كان سيُخبرها وليتحرق العالم..لكنه لن    يثق..لن يستطيع المُجازفة وإخبارها لربما وصلت داناءتهم لوضع مراقبة داخل المنزل..تنهد ودلف الغُرفة لتتسع عيناهما بـ دهشة

چوناثان مُعلق بـ سقف الغُرفة رصاصتان تخترق رقبته ورأسه..وخلفه على الحائط كُتب "لستُ بذلك الذكاء أيُها الصياد"

ليزداد الحمل فوق كتفاه حتى تحطما وتحطم هو معها

"عودة إلى الوقت الحالي"

كان هذا أول خائنًا تقدم منه وهدر جاسر بـ تهديد أسود..أذاب عظام الجالس بـ ذعر

-دلوقتي ولا كأني عرفت حاجة..هتفضل تبعتلهم المعلومات اللي أنا هوصلهالك..ويا ويلك وسواد ليلك لو لعبت بديلك

-نفى الأخر قائلًا بـ ذعر:أنا رقبتي تحت جزمتك يا باشا..اللي تؤمرني بيه هنفذه

-حلو..قولي بقى باقي الخونة اللي فـ بيتي وحياتي...

**********************************

تقف أمام تلك المرآه الطويلة بـ غرفة ذلك النُزل الذي يُقام به حفل زفافها.     .زفافها التي لا تعلم متى وأين حدث..كل ما تتذكره أنها ذهبت إلى مكتب شريف بعد خروج جاسر من المشفى وقدأ سيطر عليها جنون جعلها تفقد 

عقلها

"عودة إلى وقتٍ سابق"

دلفت كـ الإعصار فـ إنتفض شريف واقفًا..وقال بـ إبتسامة

-روجيدا!..أهلًا إتفضلي إقعدي

-حركت رأسها نافية وقالت:هو سؤال وترد يا أه يا لأ

-رفع حاجبيه بـ تعجب ولكنه قال:طب بس إقعدي

-ولكنها سألت بـ جمود:موافق تتجوزني!!...

صمت حلّ على المكان وكأن على رأسه الطير..فغر فاهه من الدهشة ولم    يستطع أن يرد..كان يحاول إستيعاب ما قالته مُنذ قليل ولكن عقله لم يُسعفه..وجدها تقول بـ سخرية

-خلاص وصلني ردك...

ثم تحركت في إتجاه الباب وقبل أن تدلف إلى الخارج جاء رد الجاف

-موافق...

إتسعت إبتسامتها المُنتصرة..كان يعلم أنها تُريده إنتقام ليس إلا..يعلم ذلك الغضب ونشوة الإنتصار التي تلمع بـ عيني أُنثى دُهست كرامتها..    يعلم أنها ما أن تستيقظ من ثُباتها ستندم وتكرهه..تتهمه بـ الإستغلال ولكنه حقًا تعب ومل..وها هى

 تعرض عليه الزواج..سيتنظر أن تستفيق وبعدها يُعلمها كيف تُحبه..ربما الطريق صعب ولكنه ليس مُستحيلًا

سبعة أيام مرت والإستعدادات على قدمًا وساق..كل يوم يمر كان يخشى إستيقاظها..ولكنها لم تفعل..تم حجز المكان الذي سيُقام به الزفاف..وثوب الزفاف تم إحضاره بسرعة مُخيفة وها هو اليوم الموعود

"عودة إلى الوقت الحالي"

دلف الجميع إلى الخارج وها هى تنتظر مدحت ليأخذها..مرةً أخرى يكون هو وكيلها..من سيُسلمها لزوجها الجديد..زفاف جديد وعروس     قديمة..كان أيضًا يُقنعها هو الأخر بـ التخلي عن هذه الفكرة ربما السفر والنسيان..ولكن الزواج..حسنًا جاسر لن يُمرر هذا مرور الكرام

وعند ذكر جاسر وتذكر نبرة صوته..لم تشعر وقتها بـ لذة الإنتقام..بل      شعور صدئ  عالق بـ حلقها فقط..ذهب كل غضبها أدراج الرياح وبقت هى وحيدة في مواجهة إعصار سيُدمرها قبل أن يُدمر الجميع

كانت شقيقتها الوحيدة التي ساندتها في قرارها تقول "أنها تستحق الأفضل"..وهل الأفضل هو شريف!..الهروب من النيران إلى الجحيم!..لم تعد تعلم ما هو الصواب من الخطأ..لقد أختلط الأمر

عدلت من ثوب زفافها والذي كان يضيق على صدرها المُزين بـ اللؤلؤ الأصطناعي حتى الخصر..ثم تنورة من عدة طبقات رُصع أيضًا اللؤلؤ بـ طريقة عشوائية أضافت عليه جاذيبه رائعة..أكمام شفافة حتى المعصم كانت كحال التنورة مُرصعة بـ اللؤلؤ


خُصلاتها قامت بـ تثبيتها على منكبها الأيسر بـ مشابك ألماسية وتجعدت خُصلاتها الكستنائية في صورة فاتنة..وجه رقيق لم تُبالغ خبيرة التجميل     بـ وضع المستحضرات..عينان فيروزيتان مُحاطة بـ كحل أسود عربي أظهرت لوحة فاتنة ولكن عيناها ميتتان لا سعادة ولا نشوة الإنتصار..فقط الألم..لتهمس وهى تمنع عبراتها من الهطول

-جاسر...

ما كادت أن تنطق شفتيها الحمراء بـ حُمرة قانية حتى شعرت بـ أنفاس هادرة     ..ساخنة وغاضبة تضرب عُنقها من الخلف..وهمس جمد الدماء بـ عروقها بـ جانب أُذنها جعل عيناها تتسع وهى تُقابل عيناه المُظلمة بـ رعبٍ تام

-ألف مبروك يا عروسة...


               الفصل الثالث والعشرون من هنا

لقراة باقي الفصول من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-