CMP: AIE: رواية ولعشقها ضريبة الفصل الثالث والعشرون23بقلم اسراء علي
أخر الاخبار

رواية ولعشقها ضريبة الفصل الثالث والعشرون23بقلم اسراء علي


 

رواية ولعشقها ضريبة

الفصل_الثالث_والعشرون



ومازالت الشمس وبعد كل هذا الزمان ، لم تقل للأرض "أني ملكك"

أنظر ماذا يحدث مع مثل هذا الحب!...

إنه يملأ السماءٍ نورًا...

لأول مرة كان يضع لُفافة التبغ بين شفتاه..يُدخن بـ شرود وبداخله يشعر بـ عدم الرضا..أليس هذا ما كان يسعى إليه!..إذًا لمَ يشعر بـ فراغ وكأنه هُناك حلقة مفقودة بل حلقات!!..أطفأ اللُفافة وتوجه إلى الشُرفة وبقى حديث "كرة الشعر" يدور بـ رأسه

"عودة إلى وقتٍ سابق"

بعد يومان..يومان فقط وهو يشعر بـ أن الأمر بـ رمته غير صحيح..أراد الحصول عليها بـ أي ثمن وكان الثمن كرامته وكبرياؤه     كـ رجل..دهسته في سبيل إنتقامها الأنثوي..أُنثى حُرج كبرياؤها فـ كات هو الوسيلة للإنتقام..هذا كل ما دار بـ رأسه أسفل تلك الشجرة القريبة من القناه حتى قطع خلوته صوت أُنثوي يعرفه

-قوم دا مكاني...

تطلع إلى تلك القزمة التي تأمره بـ كل عجرفة أن ينهض وكأنه العرش الملكي..بـ الرغم من الظلام و ضوء من القمر يُنير المكان..إستطاع     إستبيان ملامحها الهادئة..و خُصلاتها السوداء التي تمردت عن حجابها الأسود لتخرج من جميع الإتجاهات..ذلك الوشاح المُنتفخ أسفله يجزم أنه فراء وليست خُصلات

عندما لم تجد رد تنهدت وجلست بـ جانبه ثم مدت يدها بـ فطائر منزلية الصُنع وقالت بـ إبتسامة مرحة

-مد إيدك متتكسفش...

مر الوقت دون سماع رد وهى تمد يدها بـ تلك الفطيرة حتى ظنت أنه لن يرد ولكنه أخذ الفطيرة وقال بـ جمود

-شكرًا

-ضحكت وقالت:يا ساتر..ومالك بتقولها وكأنك مجبور عليها...

أعاد إليها الفطيرة دون أن يأخذ منها شئ..لتعود وتضعها فوق قدمه وتقول بـ تأفف

-متخلكش إتِم كدا..خليك روييييح

-رد عليها بـ ضجر:بقولك إيه!..أنا جاي أريح دماغي متجيش أنتي وتوجعيها

-خلاص خلاص..مش هعمل صوت...

ثم شرعت في إلتهام فطيرتها وهى تُخرج همهمات تُعبر عن روعة ما تلتهم لتقول بـ إبتسامة فخر

-تسلم إيدك يا بت يا مروة..والله وهتكون أم جوزي دعياله

-رد عليها شريف بـ سخرية:قصدك داعية عليه

-ردت بـ عدم إهتمام:مش مهم..أهم حاجة إن فيه دعوة خرجت...

حرك رأسه بـ يأس وعقله يأبى الصموت..ذلك الزواج وما حدق يكاد يُصيبه بـ الجنون

و بـ جانبه كانت مروة تأكل فطيرتها وهى تُتابع ملامحه المُقتضبة..هُناك ما يشغل باله لتتساءل بـ فضول

-اللي واخد عقلك!

-رد دون أن ينظر إليها:مفيش...

بـ عفوية تامة أدارات رأسه إليها لينظر هو إليها بـ صدمة ولكنها لم تأبه..بل ضيقت عيناها وقالت بـ إندفاع

-ياراجل..طب عيني فـ عينك كدا!

-أبعد رأسه بـ غضب وقال:أنتي عبيطة يا بت أنتي

-أشارت بـ سبابتها وهتفت:متغيرش الموضوع...

تنهدت وهى ترى ملامحع تزداد قسوة لتعتدل بـ جلستها ثم قالت بـ فتور

-براحتك بس كان ممكن أساعدك...

لم يُكلف نفسه عناء الرد عليها بل صمت وصمتت هى تُشاهد السماء..وبقى هو ينظر إلى فطيرة السكر التي بـ يده ثم شرع في تناولها بل إلتهامها..لتنظر هى إليه وتضحك فـ كم كان مشهد لطيف وهى تراه يلتهم ما بـ يده وكأنه طفلٍ صغير

إنتهى من تناولها ونظر إليها وكأنه يطلب المزيد..لتُخرج من خلفها عُلبة    مُستطيلة الشكل وتُعطيها إياه..ليأخذه ويتناول أخرى وأخرى حتى إنتهت الفطائر وإمتلأت معدته..سمع صوتها الرقيق يهتف

-لو كنت أعرف إني هشوفك..كنت عملت أكتر من كدا

-مسح فمه بـ يده ثم قال:حقيقي كان طعمهم تحفة..تسلم إيديك

-إبتسمت وتشدقت:تعالا كل يوم وأنا أأكلك منها...

لأول مرة تراه يبتسم لها..كانت تشعر بـ فراشات تطير أسفل معدتها وقلبها يتراقص بين ضلوعها..لتزداد إبتسامتها إتساعًا ثم همست

-أنا مش عاوزة أعرف مالك..بس إضحك وإبتسم عشان أنت تستاهل كدا..أنا هروح وأسيبك تصفي ذهنك...

ثم نهضت ونفضت ثيابها وكادت أن تخطو خطوة قبل أن تشعر به يُمسك كفها وكأنه يستنجد بها ثم همسة ضعيفة أنبأتها بـ حجم ألمه

-خليكي...

لم تحتج التفكير مرتان..جلست دون أن تسأله..فـ الصدمة ألجمتها وإحمرار وجنتيها كانا أكثر من كافيين أن يُثبتا مدى تذبذبها..ساد الصما عدة دقائق قبل أن يسرد ما حدث دون النظر إليها

-من زمان حبيت واحدة من أول مرة شوفتها..أول مرة كانت من خمس سنين تقريبًا..مش قادر أنسى أد إيه إنبهرت بـ هالة الثقة اللي كانت حواليها..شوفتها ست قوية دافعت عن جوزها بكل حاجة تملكها..نظرة عنيها ولونها دوبوني فيها...

أخذ نفسًا عميق ثم زفره على مهل وأكمل بـ إبتسامة باهتة

-حلمت إني أشوفها تاني..كنت هموت وأشوف عنيها..يشاء القدر إني أشوفها      مرة من فترة قريبة بس فـ حالة عكس..كانت ضعيفة..متشتتة..وقتها عرفت إن جوزها اللي دافعت عنه جرحها..حاولت أتقرب مرة وأتنين لحد ما نجحت بس...

ضحك بـ سخرية وهى تستمع لما يقول بـ إهتمام وقد بدا التأثر يغزو ملامحها..ليقول هو بـ سخرية

-بس لما قربت قالتلي إحنا صُحاب..إتعاملت مع الموضوع بـ الرغم أنه وجعني بس أهم حاجة تكون جنبي..عدت فترة وكنا بنقرب أكتر لحد     من أربع أيام كدا إستنجدت بيا وقالتلي إنها تعبانة..مفكرتش مرتين و روحتلها..جبتها بيتي وكان نفسي أضمها بس ولو ضمة واحدة..بس كل حاجة مبتكملش...

إبتلع غصته وقد توقف لتحثه هى على الحديث ليُكمل

-بعدها بـ يوم جات وطلبت مني إتجوزها..كنت عارف إني وسيلة للإنتقام بس مش أكتر..كنت شايف الكره لشخص فـ عنيها وكل ما تبصلي أحس إنها بتشوفه فيا..بس وافقت قولت أهو تكون جنبي و وقتها هعلمها إزاي تحبني

-تساءلت بـ خفوت:وحاسس إنك مبسوط!

-نظر إليها بـ عمق وقال:المشكلة إني مش حاسس بكدا..مش حاسس غير بـ إهانة وكسر لرجولتي..كنت عاوزها معايا بـ أي طريقة مش مهم      إزاي..ولما جاتلي على طبق من دهب حسيت فجأة إني بهين نفسي وبس..وبـ الرغم من كدا مش قادر أبعد أو أرفض..خايف أقول لأ وملاقيهاش بعدها...

أحس وكأن حِملًا كبير قد أُزيل عن كتفاه..ليرفعهما ويتساءل بـ تنهيدة

-أنتي شايفة إيه!

-عايز الحقيقة؟...

أومأ بـ رأسه لتقول هى بـ إبتسامة


-أنت غلطان أنك خليت نفسك وسيلة مش غاية..أنت مش لازم تكون وسيلة عشان تفضل جنبها..أنت ممكن تفضل غاية وبرضو تكون جنبها...

نظرت إلى معالم وجهه التي تحولت إلى ظلام وغضب لتُكمل مروة حديثها

-أنت أذيت رجولتك بحب من غير كرامة..والحب من غير كرامة ميبقاش حب دا يبقى تضيع وقت..لو فضلت كدا هتحس بنار     بـ تحرق كل ذرة فيك..مش بقولك إبعد..بس فكر عشان متندمش بعدين..وبعدين دي وقتها مش هينفع الندم...

أغمض عيناه وهو يؤكد على حديثها لتنهض وتقول بـ إبتسامة

-أنا إتأخرت ولازم أمشي..متنساش كلامي وفكر..صدقني يا باشا الندم بيوجع أوي لما الوقت يفوت...

ثم رحلت تاركًا أياه يُصارع أفكاره..كرة الشعر تمتلك حكمة لم يكن يعلم بـ وجودها

"عودة إلى الوقت الحالي"

وها هو يقف في نزل زفافه بين جدران غُرفته لا يستطيع الخروج..كلما حاول لا يستطيع..هُناك شيئًا ما يُجبره على التراجع..تلك     الخرقاء الصغيرة قادرة على إختراق عقله والتلاعب به ولكنها لم تقُل سوى ما إحتاج سماعه..ويبقى قراره هو الفيصل إما الخروج والندم طوال حياته..أو البقاء هنا والإحتفاظ بـ ذرات كرامته المُتبقية تاركًا إياها في مواجهة المدفع

***************************************

تجمدت في مكانها وهى تستشعر أنفاسه الغاضبة على عنقها..فيروزها المُرتعب في مواجهة عسليتاه المُظلمتان بـ غضب ناري

إنتفضت وهى تستشعر أنامله تدور على خصرها حتى تقابلتا..ليسحبها     إلى صدره حتى إلتصق ظهرها به..وضع شفتاه على عنقها وهمس بـ هدوء أسرى الرعب بـ جسدها

-مبروك يا فروالاية..إتبسط لما وصلتني دعوة فرحك..حقيقي كنت مبسوط...

رفع رأسه بغتةً وإبتسم..مُجرد إبتسامة ولكنها كانت كفيلة بـ قطع أنفاسها ثم تجهم فجأة وهدر بـ نبرةٍ مُميتة

-وكان لازم أهنيكي بنفسي يا حبيبتي...

أدارها فجأة لتُصبح في مواجهته..الجنون كل ما رأته بـ عيناه الجنون..وهذا     ما أرادته من البداية..منعت إبتسامة ماكرة كادت أن تظهر وقلبها يرتجف..ذلك التناقض كاد أن يُصيبها بـ حالة جنون مُشابه لتقول وهى تتلاعب بـ أزرار قميصه الأسود

-إيه غيرت!!..حسيت بـ ناري اللي حسيتها يا جاسر!..حسيت بـ وجعي وحرقة قلبي وأنا بشوفك مع واحدة غيري؟

-نظر إلى يدها ثم نظر إليها وهمس بـ حدة:حسيت..بس حسيت بالموت يا روجيدا...

تنفست بـ حدة وهى تهدر بـ غضب

-أنت اللي وصلتنا لهنا..هتفضل طول عمرك أناني يا جاسر..هتفضل مفكر إني ضعيفة وغبية مش فاهمة حاجة..ليه عملت فينا كدا!...

قالت عبارتها الأخيرة وهى تضرب صدره بـ ضعف..لتضع جبهتها على منكبه الأيسر وهمست بـ نشيج باكي

-أنا كنت بموت يا جاسر..كنت حاسة بروحي بتتسحب مني..كنت حاسة بفراغ..مكنتش هستحمل..صدقني...

نظرت إلى تعابيره الجامدة لتُكمل حديثها وهى تنظر إلى عسليتاه المُظلمة

-كنت بحاول أنقذ روحي أو اللي أتبقى منها..مكنتش عاوزة أموت بروح فاضية..صدقني مكنش قدامي غير كدا

-أغمض عيناه وقال:كان قدامك تقفي فـ وشي وتضربيني..كنت مستنيكي تثوري وتعاتبيني

-ضحكت بـ سخرية وقالت:أنا معملتش فـ حياتنا غير إني بعاتبك يا جاسر..حياتي كلها ضاعت فـ عتابك...

ضحك هو الأخر وهو يضع جبهته على جبهتها لتقول وهى تُغمض عيناها

-لازم تمشي يا جاسر..زمان شريف جاي...

وليتها لم تفعل..مع إنفتاح عيناه كانت الجحيم..نيران وأعاصير عصفت به..يده إشتدت على خصرها حتى كاد أن يشطره إلى نصفين..ثم همس بـفحيح أفعى

-هقتله لو دخل

-هتفت بـ حدة:جاسر بطّل جنون..القتل مش لعبة

-ليبتسم بـ شيطانية:يبقى الصحافة هتكتب عن إختفاء عروس ليلة دخلتها في ظروف غامضة...

وقبل أن تستوعب حديثه كانت رأسها تتدلى عند خصره وهو يتحرك خارج     الغُرفة  ويمشي بها  وسط النزلاء الذين يُحدقون بـ العروس المخطوفة والخاطف ذو ملامح إجرامية على وجهه..صرخت بـ حدة

-جاسرنزلني ..جاسر فرحي ياجاسر

-ضربها أسفل ظهرها وهدر:طب بس عشان متبقاش دفنتك

-ضربت ظهره وصرخت:أنت إستحليت الضرب هنا ولا إيه!

-رد عليها بـ خبث:الضرب و القرص والعض كمان

-هتفت بـ خجل وغضب:يا قليل الأدب يا منحط يا سافل...

رفعت رأسها وصرخت بـ إستنجاد وهى ترى الماريين بـ وضع مُعاكس

-يا ناس حد يلحقني الراجل دا خاطفني...

ضحك جاسى وهو يتحرك وسط الماريين به ثم قال بـ خبث

-الراجل دا جوزها والست هانم كانت بتهرب من فرحنا وأنا جيت ألحقها

-شهقت وقالت: يا كداااااب...

مر عجوزان بـ جانبهما وهما يبتسمان..ليبتسم لهم جاسر ويتخطاهم حتى    وصل إلى سيارته..ليضع روجيدا أرضًا والتي أخذت تتلوى من قبضته بـ عنف ولكنه لم يسمح لها الهروب

حاوط خصرها بـ يد والأخرى تُقيد يداها الإثنيتن..ليهتف إلى تلك التي تقف بـ جانب السيارة

-من فضلك الباب سيدة سالفاتور...

سارعت سوزان بـ فتح الباب لتشهق روجيدا بـ صدمة وهى ترى جدتها ثم هتفت بـ عدم تصديق

-لمَ أنتِ جدتي!

-ردت سوزان بـ عدم إهتمام:ماذا؟..لم يروق لي الآخر...

وضعها جاسر بـ السيارة ثم إنحنى وقبّل يد سوزان هاتفًا بـ غمزة من عيناه اليُسرى

-أنا مُمتنًا لكِ

-إبتسمت وقالت:هيا خُذ عروسك وأهرب...

أومأ وصعد إلى سيارته وقادها بسرعة..وهى تجلس بـ جانبه وشفاها مزمومة بـ غضب وسعادة خفية

***************************************


هنا يجلس بـ جانب زوجته غاضبًا لم يرد الحضور أبدًا..ولكن كيف السبيل لتركها وحدها هنا..تأفف سامح ثم قال وهو ينظر إلى الحاضرين حوله

-هو فيه فرح ولا جايبين معازيم بس؟!

-ضحكت نادين قائلة:ما تفكها يا سامح الله!

-هدر بـ عصبية:أفك إيه؟..أنتي عجبك اللي بيحصل!

-نفت بـ رأسها وقالت:لأ طبعًا..بس مش بعد اللي حصلها واللي جاسر عمله تفضل هى تعيط وتستناه

-رد عليها بـ أسف وهو يتنهد:مش فاهم إزاي تقبل تتجوزه بعد اللي حكيته ليها...

شرد إلى ذكرى ذلك اليوم عندما طلب منها اللقاء وقد أصابه الشك فيما قاله شريف..وعندما إلتقى بها لم تكن تلك الشعلة المُتقدة حب     وحماس..تغيرت وتبدلت..كانت شبه أُنثى قفدت الحياة..يرى على وجهها علامات الخذلان الخزي..وعبارة واحدة قرأها بـ صمت "جاسر خذلني"

طلب منها الجلوس لتجلس دون معالم ولا حياة..ليسألها مُباشرةً فـ الوضع لا يحتمل التأخير

-أنتي فعلًا طلبتي من شريف إنك تتجوزيه!

-بـ نبرة جامدة أجابت:أيوة..مش من حقي ولا إيه!...

تمالك سامح نفسه..وأجبرها على الصبر..يحتاج لأن يتأكد أكثر هكذا تعلم بعد     تجربته المريرة مع نادين..وبـ خاصةٍ أنه يعلم مدى عشقها لجاسر..ليعود ويتساءل مرةً أخرى

-روجيدا ركزي معايا..اليوم اللي تعب فيه جاسر هو اليوم اللي طلبتي من شريف إنه يتجوزك؟!...

رأى تعابير الصدمة ترتسم على وجهها ..علمت أن هذا هو السبب وراء مرضه..تبدلت ملامحها إلى الغضب وهى تتساءل

-هو اللي جه وقال كدا!

-أومأ ورد بـ عصبية وهو الأخر:كنت شاكك فيه..الحيوان بيستغل المواقف

-عاد الجمود يرتسم عليها ثم هتفت:عمومًا مش فارقة كتير يا سامح..كدا كدا كنت هطلب منه الجواز..سواء يومها أو بعدين وأهو حصل...

فغر فاهه من الدهشة لينهض عن مقعده ثم قال بـ غضب

-أنتي أكيد إتجننتي!

-إبتسمت بـ سخرية وهى تنظر إليه من أسفل:البركة فـ أخوك..ما شاء الله مدرسة فـ كل حاجة

-عاد يهتف وقد لانت ملامحه:بلاش عشان خاطركوا..عشان خاطر نفسك..بلاش تأذيها

-نهضت ثم قالت بـ جفاء:متقلقش مش هأذي نفسي...

هكذا ورحلت..وهكذا هو عاد من ذكرى ذلك اليوم..الغضب يملأ كل ذرة بـ كيانه..ولكنه إلتفت إلى زوجته التي تضحك ليسألها بـ تعجب

-أنتي بتضحكي على إيه؟!

-وضعت يدها على خصره وقالت:عليك يا حبيبي..عليك

-عقد حاجبيه وردد بـ عدم تصديق:أنا!!...

إقتربت منه و إلتفت بـ يدها حول خصره ثم إستندت بـ ذقنها على صدره وقالت بـ إبتسامة

-أها يا حبي..أصل مفيش فرح هيحصل

-إيه!

-أومأت بـ رأسها وضحكت ثم هتفت:الحفلة معادها الساعة عشرة..دلوقتي    وصلنا لحداشر ومحدش من العرسان ظهر..كدا يا إما روجيدا هربت..أو جاسر خطفها..وأنا بقول إن جاسر خطفها

-إرتفع حاجبيه وتساءل:وعرفتي منين؟!

-غمزته قائلة:قلب الأم...

ثم وضعت أنفها على صدره لتقول وهى تُشدد يدها حول خصره

-سبني بقى عشان ريحتك حلوة وعاوزة أشمها

-ضحك وهو يُحاوطها:مجنونة والله..وأخويا مجنون وروجيدا مجنونة...

وضع رأسه على خاصتها وأكمل وهو يضحك

-وأنا كمان مجنون..إحنا عيلة كلها مجانين...

***************************************

قاد بـ سيارته وسط سكون حاد أصاب روجيدا بـ الضجر لتهتف بـ نفاذ صبر

-ممكن أفهم إحنا رايحين فين!

-رد عليها جاسر دون أن ينظر إليها:المخطوفين مبيعروفش هما رايحين فين

-عقدت يدها أمام صدرها ثم تأففت قائلة:أوووف..أنا تعبت من الطريق وجعانة

-غمزها بـ وقاحة قائلًا:وأنا كمان جعان...

لم تفهم المعنى الملتوي لما قال لتهتف بـ براءة

-طب ما تقف عشان ناكل

-إبتسم بـ خبث وقال:من عنيا...

صف السيارة بـ مكان مُظلم ونائي..لتنظر إليه روجيدا بـ عدم فهم وتساءلت بـ عقدة حاجب

-إحنا وقفنا هنا ليه!

-همس وعيناه مُسلطتان على شفتيها:عشان أعمل كدا...

وبـ ثوان كانت شفتيه على شفتاها في قُبلة أقل ما يُقال عنها أنها مجنونة..كان يشتاقها بـ قوة وقد إنفجر شوقه ما أن رآها بـ تلك الطلة الملائكية في ثوبها الأبيض..كاد أن ينفجر قلبه من جمالها الذي أذهب عقله وجعل الشياطين تتراقص حوله بـ فعل أكثر مما هو إختطاف برئ


يداه حاوطت ظهرها ليجذبها أكثر إليه وشفتاه لا تزال تعزف مقطوعته الخاصة بها..لم يُبالِ لصدمتها..أو لعينيها المُتسعتان..أو    لأنفاسها التي تذهب بـ بطء قاتل له..حاول الإبتعاد حقًا ولكن ذلك الإشتياق القاتل إليها منعه..بعد ما عايشاه الإثنين من الألم حان وقت التعويض الذي كان بـ النسبة إليه أكثر من عادل


ضربات ضعيفة على صدره علِم أن أنفاسها ستذهب..ليبتعد على مضض.    .كانت عيناها قد إزداد إتساعها وكأنها على وشك الإستدارة..صدرها يصعد ويهبط بـسرعة خارقة..وجسد يرتجف بـ شدة

لعن جاسر لما تسبب له بها..ليضمها إلى صدره ثم ربت على ظهرها وقال بـ همس

-أسف..بس وحشتيني...

لم ترد عليه وكيف السبيل وأنفاسها قد ذهبت..ليُحيطها بـ يد وبـ الأخرى عاود القيادة..ظلت فترة طويلة على هذه الحالة قبل أن تهمس بـ غضب

-كنت هموت يا حيوان

-ضحك وقبّل جبينها وهمس:ما قولنا أسف...

ضربته بـ حقد لتزداد ضحكاته ثم هتف بـ خبث

-بس إيه!..فراولة فراولة يعني تستاهل الأكل مش اللي عملته بس

-صرخت ضد صدره قائلة:وقح..قليل الأدب..سافل

-عض وجنتها وقال بـ مزاح ماكر:ونسيتي مُنحرف...

صرخت مرةً أخرى وقد قررت عدم الحديث معه فـ هو ما يلبث أن يتجه حديثه إلى مُنحنى أخر..لا تعلم لمَ تلاعب ماردها لتسأله

-كنت هتسبني أتجوز!

-أظلمت تعابير وجهه بـ نبرة قاتلة هدر:دا أنا كنت أقتلك وأشرب من دمك

-صاحت بـ نفاذ صبر:وإشمعنا أنت كنت هتتجوز!

-صاح هو بـ المُقابل:أنا ليا أسبابي

-إبتعدت عنه وهدرت:وأنا كمان ليا أسبابي

-سألها بـ تهكم:وإيه هى أسباب السفيرة عزيزة!

-رفعت حاجبها وردت بـ عناد:بتتريق!!..براحتك خلي النار تاكلك...

سمعت سبابه اللاذع لها..ضرب المقود عدة مرات قبل أن يهدر بـ غضب

-ما كنا ماشيين كويس..كان لازم تتغابي وتسألي!

-عضت على شفتيها وقالت:ملكش دعوة..مش أنت كان ليك أسبابك!..خليها تنفعك

-روجيدا متجننيش...

تصنعت البرود وأدارت وجهها إلى النافذة لتسمع صوت أنفاسه الغاضبة والتي بدت كـ ريح عاتية لتأمره دون النظر إليه

-هدي نفسك عشان متتعبش

-ملكيش دعوة بيا

-رفعت منكبيها بـ لا مُبالاه:أنت حر...


غضب أكثر لبرودها معه..تثير غضبه وتتركه يتلظى بـ نيران الغيرة..حمقاء لم تعلم كم أُهلكت قواه لكي يرضخ عقله ويبتعد عن فكرة قتل ذلك    الحقير وسط الجموع..لم تعلم كم تألم عند معرفته أنها ستتركه..مجرد تفكيرها بـ أخر جعلت النيران تشتعل بـ أشد قسوة..وكأنها سكين بارد تُمزق روحه..الغبية لم ترَ أنه لم يتخلى عن حلقته الفضية..بل هى أكثر من غبية

فتح أول زرين من قميصه وقد شعر بـ ضيق التنفس..ليشعر بـ يدها الصغيرة عند صدره تسير عليه بـ نعومة وبـ صوتٍ رقيق إهتز بـ القلق

-متجهدش نفسك يا جاسر..مفيش حاجة حصلت..وأنا أهو جنبك..جنبك وبس...

كلماتها هدأته بـ طريقة سحرية وكم كانت فعالة ليشعر أنه يتنفس بـ إرتياح كما لو لم يتنفس من قبل..إبتسم في الخفاء ثم أمسك يدها وهمس بـ مكر

-أيوة خلي إيدك هنا..الوجع تحت إيدك بـ الظبط

-حاضر...

قالتها مُبتسمة وهى تعلم أنه يُرواغ..ألا تستحق هذه اللحظة تلك المُجازفة التي أفتعلتها!..بلى ولو عاد الزمان إلى الوراء لفعلتها مرارًا وتكرارًا حتى تسترده

كانت تستشعر نبضات قلبه ذات اللحن الرتيب والتي تُعلن عن مدى عشق ظنت    لولهة أنه إنتهى..ولكن الآن تشعر بـ تضخم قلبيهما بـ ذلك العشق..بل ويحتاجان لأكثر من قلب للإكتفاء من ذلك العشق وربما لن يحدث مُطلقًا


لم تشعر سوى وأنهما يقفان على إحدى مراسي اليخوت على البحر..البحر!!..تساءلت لما أتى بها إلى هُنا ولكنها لم تبذل جُهدًا أكبر في التفكير    ..إذ حملها و صعد بها على متن يخت من اللون الأبيض..كُتب على مؤخرته "الفيروز"..ظنت أنه لأحد أصدقائه ولكنه قاطع أفكارها وكأنه قرأها

-دا بتاعي..سميته كدا عشان حاجة واحدة...

جذبها أكثر إليه وقال بـ همسٍ ساحر

-عشان فيروز عيونك..اللي زي البحر وأنا فيهم دايب...

قبّلها بـ خفة على شفتيها ثم إتجه إلى مكان القيادة والتي لم تكن سوى على      سطح اليخت في الهواء الطلق تساءلت روجيدا وهى تضم جسدها الذي إرتجف بردًا

-هو إحنا فين!

-أجابها وقد بدأ في قيادة اليخت:إسكندرية وهنطلع على مطروح...

إرتفع حاجبيه بـ دهشة..لم تظن أنه بـ مثل هذا الجنون..أو لم يكن من الأولى السفر إلى مطروح مباشرةً..ولكن من يتنبأ بـ أفعال الصياد

سمعت صوته يهتف بـ جدية

-إنزلي فـ الأوضة اللي تحت..عشان متبرديش...

أومأت دون جدال فـ حقًا بدأت أسنانها تصطك من البرودة..هبطت    بـ واسطة درج في مُنتصف اليخت لتجد باب غُرفة وبجانبه مطبخ صغير..لم تجد الوقت لتأمل اليخت فـ هى بـ حاجة إلى الدفء

دلفت الغُرفة وكم كانت واسعة بـ حق..فراش أبيض كبير بـ المُنتصف و خزانة ملابس كبيرة كحال الفراش تتخذ الحائط الأيسر كله..و طاولة صغيرة موضوع عليها بعض التُحف الأثرية

باب أخر تفحصته لتجد أنه المرحاض..مساحته كانت لا بأس بها..أغلقته ودلفت إلى الخارج..لتشعر به خلفها..أنفاسه الساخنة تلفحها     ويده تتجه إلى عُنقها..فتح قفل القلادة الخاصة بها ثم وضع الخاتم وهمس بـ تحذير

-إوعي تفكري تقلعيه تاني..ليه قلعتيه!

-إلتفتت وهمست بـ نبرة خافتة:أنت اللي أجبرتني على كدا

-وضع جبهته على جبهتها وهمس بـ إنكسار:ليه عملتي كدا!..ليه فكرتي تتجوزي وتسبيني!..هونت عليكي؟!

-وضعت يديها على وجنته وهمست:عشان دي كانت الطريقة الوحيدة...

رفعت عيناها إلى عيناه وهمست بـ إبتسامة

-مكنش قدامي حل غير دا عشان أرجعك

-تساءل بـ عقدة حاجب وقد بدا عليه الغضب:قصدك إيه!

-ضحكت وقالت:كان لازم يعني أجازف بالطريقة دي عشان البعيد يتحرك!!

-همس بـ خفوت خطير:يعني كنتي بتُجري رجلي؟!...

أومأت بـ رأسها وهى تُعض على شفاها السُفلية مانعة نفسها من إنفلات ضحكة ماكرة..ليهمس بـ شيطانية

-حسابك تقل أوي يا فرولاية...

لم تشعر سوى بـ يداه تحِل رابطة ثوب زفافها..ليختفي العالم من حولها بـ ثوان

إستيقظت صباح اليوم التالي لتجد نفسها وحيدة الفراش..جذبت الملاءة على جسدها العاري وبدأت تبكي بـ حرقة..كيف     كانت بـ ذلك الضعف لتكون بين يداه هكذا؟..جسدها بدأ يرتجف..ها هى وحيدة الفراش دونه وتبكي

وسط  دوامة البُكاء دلف هو ليقطب حاجبيه بـ قلق ثم إتجه إليها و وضع الطعام جانبًا..حاوط وجهها وتساءل بـ قلبٍ هوى إلى قدميه خوفًا

-مالك يا حبيبتي بتعيطي ليه!

-حركت رأسها بـ هستيرية:إيه اللي إحنا عملناه دا!

-قطب حاجبيه وتساءل:عملنا إيه!...

تطاير الشرر من عيناها وبدأت تضربه بـ صدره بـ هستيرية وتصرخ به..حاول تهدأتها ولكنه فشل..صرخت بـ بكاء

-إستغليت ضعفي..دلوقتي أنا زانـ.....

لم يدعها تُكمل حديثها إذ صرخ بها بـ صوتٍ جهوري غاضب

-روجيدا أنتي لسه مراتي...


               الفصل الرابع والعشرون من هنا

لقراة باقي الفصول من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-