CMP: AIE: رواية ولعشقها ضريبة الفصل العشرون20بقلم اسراء علي
أخر الاخبار

رواية ولعشقها ضريبة الفصل العشرون20بقلم اسراء علي


 

رواية ولعشقها ضريبة

الفصل_العشرون



لماذا أراك على كل شيءٍ

كأنكِ في الأرضِ كل البشر

كأنك دربٌ بغير انتهاءٍ

وأني خلقت لهذا السفر..

إذا كنت أهرب منكِ .. إليكِ

فقولي بربكِ.. أين المفر؟!

مجددًا وكأنما يراها لأول مرة..تلك الشعلة من الثقة وهالة القوة التي  لا يستطيع أحدًا مقاومتها تمامًا كأول لقاء..لم تكن تلك الهالة من القوة وتلك الشعلة من الثقة موجودة مُنذ دقائق..ولكن حديثه     جعلها تعود كما تمنى..لا يستطيع أن يلوم جاسر عن عشقه المجنون بل المهووس بها..وبالرغم من وجهها المُقتضب إلا أن بريق عيناها قد لمع من جديد وكأنها شمسٌا في سماء حالكة السواد

لاحظ تدقيقه بها ليُخفض رأسه سريعًا يلعن شيطانه ونفسه الأمارة بـ سوء..سمع صوتها القوي يهتف ولم يخفَ عليه تبدل لهجتها معه

-مفتحتش القميص ليه!

-رفع حاجباه وقال:أسف..سرحت شوية...

أومأت بـ رأسها لتجلس أمامه وإنتظرته أن يفتح أزارا قميصه..لتقوم بعدها بـ خياطة الجرح بـ هدوء وحنكة..ليسمح لنفسه بـ الحرية     لمراقبة ملامحها..كانت مُجهدة ولكنها فاتنة..دائمًا تجذبه إليها بـ طُرق مُختلفة..ربما جرح صدره قد أثر عليه ليجعل نبضاته تتعالى بـ هذا الشكل المُقلق لترفع رأسها سريعًا إليه وهى تستشعر مضخة أسفل يدها ثم سألته بـ إهتمام

-الخياطة بتوجعك!

-أومأ بـ رأسه سلبًا ثم قال:لا أبدًا..بس حاسس بـ حرقان فـ الجرح

-ضحكت وقالت:ودا غير اللي أنا قولته؟!...

ضحك هو الأخر ورفع منكباه بـ خفة دليلًا على أنه لا يعلم ماذا يقول..هزت رأسها بـ يأس وأكملت عملها ليسألها بغتةً

-هو أنتي مش ناوية تتجوزي تاني يا روجيدا!!...

أجفلت عند سماعه لسؤاله الغريب..لتقوم بـ غرس الإبرة عن طريق الخطأ بـ حرجه ليتأوه بـ ألم فـ إنتفضت وإبتعدت هاتفة بـ تلعثم

-أسفة..مكنش قصدي..بس أنت قولت إيه!

-مسد على جرحه وتساءل:سألتك مش ناوية تتجوزي تاني!...

نظرت إليه بـ عدم تصديق أهو حقًا يتساءل عن إمكانية زواجها مرةً أخرى..ولكنها    رأت خلف ستار السؤال العفوي رغبة جامحة بـ عيناه لإمتلاكها لذلك وبـ دون مواربة وقوة أصابته فـ الصميم

-خالص..من بعد جاسر مبفكرش ولا هفكر..ببساطة لأني لسه بحبه ومش ناوية أتخلص من الحب دا...

لمحة من الألم مرت بـ عيناه جعلتها تشعر بـ الأسف عليه..تعلم أنه يُحبها وقررت إستغلاله ولكنها أوضحت أنهم أصدقاء..هذا خطؤه..هكذا أقنعت نفسها

إنحنت مرة أخرى وأكملت عملها لتهتف دون النظر إليه بـ نبرة ذات مغزى

-ساعات بنفكر إن الشخص اللي جنبنا هو دا الشخص المنشود..لكن فجأة ومن غير مقدمات بتكتشف عشق مكنش على بالك

-إبتسم بـ سخرية عندما وصله مغزى حديثها ثم قال:بس لما تكون متأكد من مشاعرك دي مبيكونش زي ما قولتي..لما تفضل تحلم إنك تشوف حد شوفته مرة واحد من كان سنة وتشوفه وتلاقي نفسك حاسس إنك ملكت الدنيا مبيكونش كدا...

لم ترد قررت التجاهل بكل الطُرق..هذا الحديث لن يجلب لكلاهما سوى     الألم وهى لا تُريد إيلامه..تنهدت وهى تُنهي عملها لتقوم بـ تطهير الجرح مرةً أخرى ثم ضمدته

نهضت ثم توجهت إلى غُرفتها تجلب له أحد الكنزات القُطنية التي إشترتها من أجل جاسر ثم عادت ومدت يدها إليه قائلة

-خد التيشيرت دا وهات القميص أغسله بسرعة وأجبهولك...

أومأ دون حديث لتقول وهى تدلف إلىغُرفة إبنتها

-هبعتلك جُلنار لما تخلص..إبعتلي معاها القميص

-طيب...

قالها لترحل روجيدا لينزع القميص عنه بـ عنف وهو يلعن ذلك القلب الأحمق على عشق لن يُكتب له النجاح

ثوان وسمع صوتًا طفولي يهتف بـ سعادة

-أنكل شريف!..أخيرًا جيت

-حملها شريف مع إبتسامة ثم هتف:عشان الأميرة جُلنار وحشتني وقولت أشوفها...

ختم حديثه مع قَبلة عميقة على وجنتها لتبتسم بـ خجل..بقى ينظر إليها مُطولًا فـ هتفت وهى تنظر إلى جُرح صدره بـ حزن

-مين عورك!

-ربت على خُصلاتها وقال:دا وأنا بلعب

-وضعت يدها على فاها قائلة:هو أنت صغير عشان تلعب!

-ضحك ثم قرص وجنتها قائلًا:أيوة يا لمضة كلنا بنلعب..مش مامي بتلعب معاكي!...

أومأت بـ طفولة وإبتسامة مُتسعة ليهتف هو

-طيب يبقى ألعب ولا ملعبش!

-لأ إلعب...

قالتها ثم ضحكت ليُنزلها هو أرضًا وينزع عنه قميصه ويرتدي الكنزة التي جلبتها إليه روجيدا..ثم أعطى قميصه إلى جُلنار قائلًا

-يلا ودي دي لماما...

أخذته ثم ركضت إلى الداخل..ليُقرر النهوض والرحيل دون حتى أن ينتظر رؤياها مرةً أخرى

*************************************

دائمًا كانت الوحدة رفيقة العاشق..المنزوي..البائس..الكتوم..الفاقد لذة الحياة..أما في حالته فـ كان هم جميعًا..يشتاقها حد الجنون..بعدما تذوق جنة اللقاء وحلاوة التلامس..عليه أن يتذوق جحيم الفُرق. تساءل بـ غرابة كيف تحمل ثلاث سنوات قبلًا دون أن يتلمس يدها!

ضحك بـ تهكم أنه لم يبتعد..لم يفقد هوسه بها عندما طلبت الإنتقال والعيش بـ مكانًا أخر تطوع هو بـ البحث الذي لم يدم ساعات حتى     وجد تلك الشقة القريبة من شركته..كان يُراقبها ليلًا ونهارًا..ينتظرها تخرج من البناية تودع الصغيرة بـ الحافلة الخاصة بـ روضتها..عناق ثم قُبلة وإبتسامة..لترحل جُلنار وتبقى هى تتأمل المارة قليلًا دون أن تنتبه لذلك العاشق المجنون الذي يُراقبها بـ لذة وإشتياق مُهلك

يرحل ويصعد إلى شركته لتبدأ جولة أخرى من المُراقبة..عينان فيورزيتان شادرتان تتأملان النيل..بين يديها كوبٍ من الشاي قريب من شفاه     دائما "فراولة"..يتفوه بها كلما قربت الكوب من شفتيها..حياه أخرى كان يحيها وهو يُراقبها..يعلم أن تتذكر حياتهم معًا..فـ ذلك الشرود يبدأ بـ إبتسامة يتبعها دمعة تسير على وجنتها بـ ضلال

ضحك وهو يضع يده على عيناه عندما تذكر طلبه الصغير من فتاته

"صوريلي ماما وهى نايمة"..وكانت الصغيرة أكثر كرمًا..بل كرمًا بـ سخاء..حققت مطلب عاشق ومطلب زوح يشتاق إلى زوجته..ليترك     لعيناه حُرية النظر إليها كاملةً..جسدها الذي يعتصره بـ عناق كـ إعصار ساحق عند عودته من العمل..عُنق رقيق يدفن به أنفه ويشتم بـ عمق يتبعه "فراولة"..كلها تُشبه ثمرة ناضجة من الفراولة

وضع يده على صدره يتذكر يوم الوشم..كان أكثر الأيام سعادةً..ذهب إلى ذلك المكان..بـ الرغم من كونه يكره ذلك..إلا أنه أراد الشعور بها على جسده..فـ وشمٍ رائع على جسده بـ اسمها يكفيه

نهض ونزع قميصه وحدق بـ وشمها على صدره..نفس الحروف ونفس الزخرفة جعلت عيناه تطوف بـ ذكرى رائعة

"عودة إلى وقتٍ سابق"

فوق سطح هذا المنزل الريفي..تمدد كِلاهما بـ شكل مُتعاكس..ولكنه يضع أنفه عند وجنتها فـ يُقبل فاهه فكها..لتضحك وتهمس بـ خجل

-بس بقى

-بس إيه!!...

قالها وبدأ يُداعب خُصلاتها الكستنائية..لتبتسم بـ إتساع..إختفت تلك الإبتسامة عندما أحست بـ يداه تتجرأ و تُزيح حمالة كنزتها لتتنفض صارخة بـ جزع

-أنت واخد بالك إحنا فين!!...

نهض يجلس وبقى على حاله المُتعاكس ليضع جبهته على مكنبها العاري هاتفًا بـ عبث


-يعني أنتي كل اللي مضايقك إننا ع السطح!...

أبعدت وجهه عنها لترفع الحمالة ثم همست بـ تلعثم

-لأ..المو..ضوع كـ كل يعني

-ضرب منكبه بـ خاصتها هاتفًا بـ مزاح:يا بت؟!

-جاسر الله!!...

قالتها بـ إعتراض واه وهو يرتفع بـ رأسه يُقبل خلف أُذنها..ثم إبتعدت أكثر عن مجال يداه التي بدأت تُدغدغها بـ خصرها لتقفز فزعة بـ صراخ جعله يصرخ بها بـ حدة

-صوتك يا هانم

-زمت شفتيها بعدما إنتفضت ثم قالت:الله!!..ما أنت اللي مش محترم نفسك

-نهض ونفض ثيابه ثم قال بـ خبث:إذًا جاسر الصياد محتاجله حملة تربية...

إبتلعت ريقها بـ توتر وهو يقترب ثم همس وهو يقبض على خصرها وراحت شفتاه تُداعب عنقها بـ همسه

-والحملة دي برعاية روجيدا الصياد...

ليجذبها إلى أسفل وبـ عالمٍ خاص سبحا سويًا

فتح عيناه على مُداعبة صغيرة من إصبع نحيل على وجهه..تبدأ من    جبهته حتى فكه..إبتسم وقبض على كفها وراح يوّدع باطنها عدة قَبلات رقيقة وجُملته الصباحية المُعتادة

-يا صباح الفراولة

-قُبلة رقيقة وهمسة أكثر رقة:يا صباح بيحلى بجاسر الصياد...

إبتسم ويده تلتف حول عُنقها جاذبًا إياها إليه مع ضريبة صباحية على شفاه وردية..والأُخرى تضع خُصلاتها خلف أُذنها

إبتسمت وإبتعدت تقول بـ شقاوة

-أنا كنت بفكر فـ حاجة وأنت نايم

-تساءل ويداه تهبط إلى ظهرها:إيه هى؟...

إلتفت تجذب قلم لتفتحه تحت نظراته المُتعجبة..لتكتب على صدره تحديدًا فوق قلبه حروف اسمها بـ زخرفة رائعة..إبتسامة عذبة رجولية إرتسمت على وجهه عندما سمعها تهتف بـ حب

-عشان أفضل فـ قلبك ديمًا

-إبتسم وهمس:مش محتاجة تكتبي اسمك..أصلًا أنا كلي مدموغ بيكي..

وغمزة وقحة بـ أخر حديثه جعلها تصرخ وتختبئ أسفل الغطاء..ليضحك جاسر بـ صخب

"عودة إلى الوقت الحالي"

إنتهت الذكرى مع وضع يده على صدره يتنهد بـ عذاب..قد تكوز قد نست تلك الذكرى الرائعة ولكنه لم ينساها..فـ هى السبب في وشمهِ الحالي

إتجه إلى حقيبته ثم أخرج منه ذلك الثوب الأحمر..ذلك الثوب التي إرتده وكان    السبب في لقب الفراولة..إشمته بـ عمق فلا تزال رائحتها به..لم يسمح لها بـ إرتداره مرةً أخرى وأوهمها أنه قد قام بـ تمزيقه ولكن العكس..كان رفيق وحدته كلما إبتعد عنها

توجه إلى فراشه ثم إحتضنه هامسًا بـ إبتسامة تحمل من الحزن الكثير

-تصبحي على خير يا فراولتي...

***************************************

في صباح اليوم الموالي كان سامح يقف أمام المرآه يُعدل رابطة عنقه بـ صعوبة بالغة وكأنه يُنازع فـ تأفف تاركًا إياها ثم هتف بـ نزق

-جرى إيه يا نادين!..أنتي بتخترعي الذرة جوه...

فُتح الباب ما أن أنتهى من عبارته..لتقول وهى تُعدل ذلك الحزام على خصرها

-بتزعق ليه يا سامح؟

-تأفف مرةً أخرة وتشدق بـ غيظ:إعمليلي الزفتة دي مش عارف أعملها

-ضحكت وقالت:بس كدا!..عنيا يا سيدي...

ثم تقدمت منه وبدأ عيناه في إلتهامها..تتهادى في خطواتها وجسدها أصبح فتّاك..زادها الحمل بضعة كيلو جرامات جعلها صارخة الأنوثة..خاصةً في هذا الثوب الأسود الذي يصل إلى مُنتصف ساقها.    .يضيق على جزعها العلوي ويبدأ بـ الإتساع الطفيف فيما بعد ذلك..ليُظهر مقوامتها التي لا تُقاوم

أفاق من تأمله على أنفاسها التي لفحت عنقه وهى تُعدل تلك الرابطة..ليُحيط خصرها ويسألها بـ صوتٍ مبحوح مُتأثرًا بـ طلتها

-أنتي ناوية تخرجي كدا!

-عقدت حاجبيها لتقول وهى تستند على صدره:كدا إزاي يعني؟...

قرص خصرها بـ خفة لتضحك بـ عفوية ثم هتف وهو يُقربها أكثر

-أنتي مش شايفة نفسك إحلويتي إزاي بعد الحمل؟!

-همهمت:امممم..بجد!!

-وضع أنفه عند عنقها ورد:جد الجد..فكريني كدا اللي هتابعي معاه دكتور ولا دكتورة؟

-ضحكت وهى تميل على وجنته:دكتورة يا حبيبي..متقلقش

-حتى لو ست..مش كفاية هترفع الفستان وهتكشف بطنك

-ضحكت بعدم تصديق قائلة:بتغير من واحدة ست!..مش ممكن

-رد عليها بـ لهجته الصعيدية:حريمنا لا بتنكشف على حرمة زييها ولا رچال يا مرتي المصون...

ضحكت بـ صوتٍ أعلى وهى تُقبل وجنته قائلة بـ حب

-واللي يحبها صعيدي يبقى يا بختها..وفعلًا يا بختي بيك...

أمسك كِلا كفيها ثم رفعها وقبلهما عدة قُبلات ليجذبها خلفه مُتشدقًا بـ إبتسامة

-يلا عشان لا فيه دكتورة ولا فيه شغل...

إبتسمت وتبعته..ليحضتن خصرها وهو يُحادث والدته التي وصتهما بـ العناية بـ بعضهما..ليومئ كِلاهما ثم يرحلان

صعدا إلى السيارة وإنطلق السائق بهما وتبعتهما سيارتان لحراستهما..سألته نادين وهى تُمسك يده

-لسه ضلوعك بتوجعك

-هو ضلع واحد..ولأ الحمد لله..لما بضغط بس عليه بيوجعني

-يارب تتقطع إيد اللي عمل كدا

-ضحك سامح ثم قال:لأ دا روحه هى اللي إتقطعت...

حركت رأسها بـ إستفهام ليقول موضحًا

-جاسر برضو عمل اللي فـ دماغه..وقرر يعلمهم الصح

-هتفت بـ دهشة:هو مش راحم نفسه! إفرض كان جراله حاجة لقدر الله!..هيسيب بنته ومراته لمين!

-ربت على خُصلاتها قائلًا:جاسر بيحسب خطواته يا نادو متاخفيش..هى ماشية معاه بستر ربنا

-ربنا يهديه..ويرجعوا لبعض عشان المرار الطافح اللي هما معيشينوا لينا دا

-قولي يارب...

وصلا بعد مدة طويلة إلى عيادة الطبيبة التي كانت خالية تقريبًا من المرضى     في هذا الوقت من الصباح..دلفا إلى الغُرفة ورحبت بهما الطبيبة ثم طلبت من نادين الإستلقاء على الفراش

فعلت نادين ذلك ثم عاونها على الإستلقاء..لتبدأ الطبيبة بـ فحصها وعلى وجهها علامات راضية..أغلقت الجهاز ثم قالت بـ إبتسامة

-ما شاء الله..واضح إن مدام نادين مشت على التعليمات مظبوط

-رد عليها سامح بـ إبتهاج:يعني كل حاجة تمام!..صحتها هى والبيبي كويسة!

-ردت عليه بـ نفس الإبتسامة:أحسن مني ومنك كمان..أنا عوزاكي يا مدام نادين تمشي على نفس الفيتامينات والأدوية اللي أنا كتبتهالك المرة اللي فاتت

-أومأت بـ موافقة ثم همست بـ إبتسامة سعيدة:حاضر يا دكتورة...

نهضت الطبيبة ثم قالت وهى تجلس على مكتبها

-البيبي عمره شهرين..كمان شهرين زيهم ونص ونقدرنتعرف على نوع الجنين...


رد عليها سامح وهو يعاون نادين على إرتداء ثيابها

-كل اللي يجيبه ربنا كويسة يا دكتورة

-إن شاء الله ربنا يكرمكوا بكل حاجة كويسة...

صافح سامح الطبيبة ثم رحلا إلى الشركة تحت إصرار نادين على الحضور معه..ليدلف إلى الشركة وهى بـ جانبه تتطلع إلى كل إمرأة من     العاملات هُنا تُحي زوجها بـ نظرة وكأنها قطة شرسة تستعد للإنقضاض على من يتجرأ ويمس أطفالها بـ سوء

ما أن دلفا إلى المكتب حتى إنفجرت نادين بـ وجهه تحت نظراته المشدوهه

-هو أنت كل واحدة تقابلها تسلم عليها!

-ردد بـ عدم فهم:أسلم عليها!!..مش فاهم

-لكزته بـ كتفه هاتفة:أه بتسلم عليها ومش ناقص غير تبوس وتحضن كمان

-كبت ضحكته بـ صعوبة وقال بـ مزاح:ااااه هى دي هرمونات حمل بقى ولا إيه!!...

ضربته بـ صدره عدة مرات قبل أن يجذب يدها إليه يُمسك يدها مانعًا إياها من ضربه لتهتف بـ عنف

-يا بارد يا مستفز يا...

قطع وصلة سبابها اللاذع عندما وضع شفتيه على خاصتها يُسكتها عن أي سبة أخرى..ضم جسدها إليه ليضع واحدة على ظهرها والأخرى     على وجنتها..حتى قاطعهم صوت طرقات ليبتعد كِلاهما عن بعض يتنفسان بعدم إنتظام

كانت نادين تضع وجهها أرضًا ليبتسم سامح ثم هتف بعدما إستعاد أنفاسه

-أدخل...

دلفت السكرتيرة الخاصة بـ سامح..وليتها لم تدخل..فـ كانت حسناء لدرجة جعلت نادين تشهق بـ غضب ناظرة إليه بـ إتهام..حتى ثيابها اليوم مُنمقة عن العادة

زفر سامح بـ يأس فما كان عليه أن يجلبها إلى هُنا..فهي لن تقوم سوى بـ إفتعال المصائب ليسأل السكرتيرة سريعًا يتجنب ثورة من الغضب

-في حاجة؟!

-أه يا فندم..في واحدة مصرة تقابلك برة

-أتاهم صوت نادين الغاضب:واحدة؟!...

نظرت إلى سامح ثم أشارت بـ سبابتها وهتفت بـ عنف

-وأنت بيجيلك وحدات هنا كتير!

-همس بـ أُذنها:إهدي يا نادين..أنا والله ما أعرف مين...

ثم عاد ينظر إلى سكرتيرته مُتجاهلًا تلك التي تتأفف بـ ضيق وتساءل بـ إهتمام

-مقالتش مين!

-حركت رأسها نفيًا ثم قالت:لا يا فندم..بس هي مُصرة جدًا

-طب خليها تدخل...

أومأت ثم أنصرفت..لتُمسك نادين يد سامح وتشد عليها..ليجذبها من خصرها إليه هامسًا وهو يغمز بـ عبث

-غيرة ها!!

-ردت عليه بـ غضب:بس يا سامح عشان أنا مش طيقاك...

ضحك بـ قلة حيلة..ليسمعا صوت كعب أُنثوي يطرق الأرض بـ رتابة ليلتفت كِلاهما إلى مصدر الصوت..لتنفلت شهقة من نادين مع إتساع    عيناها من الصدمة عندما رأتها..وكذلك سامح لم يقل عنها دهشة عندما تمتم بـ عدم تصديق

-مايسة!!!...

**************************************

كان يُتابع العمل على أرض الواقع..العمال يتحركون جئية وذهابًا..الجميع يعمل بـ نشاط وعزيمة..إبتسم بـ شرود قبل أن تأتيه داليدا تسأله

-كيف شايف الشِغل؟

-مط شفتيه ثم قال بـ رضا:كويس..العمال والمهندسين شغالين بهمة

-حركت رأسها بـ إيماءة بسيطة وقالت:ماشي..راح روح أنا..إذا بدك شي حاكيني...

أومأ لها لتتركه وترحل..بقى ينظر في إثرها مُطولًا قبل أن يأتيه صوتًا بغيض من خلفه

-مساء الخير يا جاسر...

أظلمت عيناه حتى وجه إستحالت ملامحه إلى كُتلة مُميتة..إلتفت بـ تلك التعابير إليها لتتجمد مكانها ولكنها أجبرت نفسها على الصمود و قول ما ودت قوله

-قبل ما تتكلم..أنا جاية أعتذر عن كل حاجة حصلت...

خرج صوته هادئًا ولكنه يحمل بحة مُرعبة ومُخيفة كملامحه جعلت الدماء تتجمد بـ عروقها

-إختفي من قدامي حالًا..خلقتك الـ**** دي تغور دلوقتي...

لم يحتج أن يُكررها مرتين..ثوان وكانت دينا تاركة المُحيط ولكنها هتفت بـ صوتٍ عال وبـ الرغم من علوه لم يجذب الأنظار

-لازم تسامح يا جاسر..الدنيا مبتقفش على حد..زي ما هي نوقفتش عندك وعشقت من جديد...

ثم تركته ورحلت..ملامحه لم تهتز ولم ترتخي..بقى يُحدق بـ العمال بـ جمود

حلّ الغروب وبقى هو جالسًا أمام نهر العاصي بـ لبنان..تحديدًا عن منبعه سهل البقاع الذي ينبسط بين سلسلتي الجبال الشرقية والغربية.. تلك البُقعة المُميزة لبناء مُجمع سكني ونُزل كبير بـ الإضافة     إلى مول تجاري في المُنتصف..تمامًا شارد الذهن يُفكر..بـ الآونة الأخيرة يُفكر كثيرًا..تلك الآونة التي لم يمر بها سوى ساعات حتى إشتاق..تركيزه منصب جامًا عليها

يقوم بـ تدخين لُفافة تبغ بـ شراهة..حتى قطع عليه ذلك الهدوء يد سحبت لُفافة    التبغ ينفث منها هو الأخر ثم جلس بـ جانب جاسر الذي نظر إليه شذرًا ولم يتحدث..ضحك مراد وقال

-مش عيب لما مراتي تيجي تعتذرلك وترعبها كدا!...

لم يرد عليه جاسر أو بـ الأحرى تجاهله..لينظر أمامه مرةً ثانية إلى النهر الجاري أمامه..ليقول مراد دون أن يعبأ إن كان يستمع أو لا

-تعرف سموه نهر العاصي ليه!...

لم يهتم جاسر..لم يكن يومًا من مُحبين سماع تلك الأساطير المزعومة ولكن مراد لم يهتم وأكمل

-عشان مخالف الطبيعة..ديمًا الأنهار بيبقى منبعها الشمال ومصبها الجنوب..بس نهر العاصي منبعه الجنوب وبيصب فـ الشمال..زيك بـ الظبط

-رد عليه بـ إستهجان:لا والنبي...

سحب مراد أنفاسًا من لُفافة التبغ ثم دهسها بـ قدمه وأكمل

-يا عم اسمع..أنا عارف أنك مبطقنيش والكلام الفاضي دا..كنا صحاب يا جاسر    أنا وأنت وصابر..بس كنت أقربلي من صابر..أنا عارف إني خسرتك بحركتي دي

-ربت على صدره بـ قوة:طب متقلبش المواجع عشان أنا عاوز أقتل حد دلوقتي..فـ بلاش تنول الشرف دا

-ضحك مراد ثم قال:يا سيدي..أهي القعدة دي مش هتتكرر تاني..فـ أهي فرصة نتكلم...

زفر جاسر بـ ضيق فـ هو لا طاقة له للحديث أو الإستماع..ليأتيه صوت مراد ويضع يده على رُكبته التي رفعها إلى صدره

-مش هتكلم عن اللي فات..بس كل الحكاية لو الوقت رجع كان الماضي هيتعاد تاني بأي حال من الأحوال..ثم لو مكنش دا حصل..مكنتش هنا دلوقتي

-تأفف جاسر وتساءل:أنت عاوز إيه!

-يمكن أنا معرفش إيه الحكاية..بس كل اللي شايفه واحد مهزوم فاقد الحياه..هربان من الدنيا ومفكرش يواجه اللي مقلق راحته...

مال إليه ثم قال بـ نبرة ذات مغزى


-مش دا جاسر اللي أعرفه..التاني كان ماشي بمبدأ صباعي اللي يوجعني أقطعه معالجهوش..ودا اللي عملته معايا..بصراحة أول مرة أقولها بس أنت هزمتني وقتها..أه صحيح كسبت حاجة بس أنا خسرت حاجات كتير...

نهض مراد وربت على منكبه ثم تشدق بـ جدية

-اللي بينا ملوش علاقة بـ النصيحة ولا القعدة دي..دي قعدة راجل لراجل بينصحوا بعض..أحمي ولو شعلة أمل بسيطة تخرجك من اللي أنت فيه..لأنك لو معملتش كدا..واحدة واحدة هتلاقي نفسك     بتتحسب لسواد ملوش أول من أخر..صحيح محتاج فترة نقاهه بس أهي خلصت بكلمتين دول...

رحل وترك جاسر يُصارع عقله بما أخبره به صباحًا..إما البقاء هاربًا أو المحاربة مع بعض الخسائر

***************************************

صباح جديد وجدال مُعتاد بين جُلنار و والدتها على نوع الإفطار..لينتهي هذا اليوم بـ ربح روجيدا مع مُساعدة خفيفة من سوزان تُخبرها    بـ أنهما سيمرحان معًا كثيرًا بـ الخارج..رغم إعتراض روجيدا ولكن جدتها أخبرتها بـ حزم

-أستطيع حماية حفيدتي جيدًا..لا تقلقي...

نظرت إلى جُلنار ثم حدثتها بـ لطف

-إذا إنتهيتِ من طعامك فـ لتذهبي إلى الغُرفة وجلب أغراضك...

لم يبدُ على الصغيرة الفهم..لتقول لها روجيدا بـ إبتسامة

-لو خلصتي فطارك يا حبيبتي روحي جهزي نفسك...

أومأت بـ رأسها لتهبط عن المقعد..لتجلس مكانها روجيدا وتهمس

-أنا خائفة بـ شدة..أشعر وكأن شيئًا ما سيئًا سيحدث

-ربتت على ظهر يدها بـ حنو:لا تقلقي عزيزتي..إنكِ فقط تتوهمين

-حركت رأسها نافية وقالت:كلا..أشعر أن هذا الصباح لم يمر مرور الكرام...

ثوان وسمعا صوت جرس الباب وصوت ركض الصغيرة ثم صرخة سعيدة جعلت قلب روجيدا ينتفض من بين أضلعها

-بابي!!!...

قدميها لم تحملاها على النهوض لتبقى جالسة تنظر أمامها بـ صدمة وأعين مُتسعة في حين خرجت سوزان تُرحب به..ليسألها بـ خفوت

-أين روجيدا؟

-تُعاني من صدمة بـ الداخل

-ماذا؟

-دع الصغيرة لي وأذهب إليها

-تشدق نافيًا:كلا..من فضلك أحضريها..لقد أشتقت إلى فتاتي...

قالها ثم قبض على وجنتها بين شفتيه لتُقهقه الصغيرة بـ مرح..أومأت سوزان وتولت مُهمة إقافة الجالسة بـ الداخل

أخذ جاسر الصغيرة وجلس بها على الأريكة ثم تساءل

-الأنسة جُلنار لابسة ورايحة فين!

-آنا سوزان هتاخدني ونلعب سوا

-قبّل وجنتها وقال بـ حب:طيب يا قلبي متعذبيش جدتك...

أومأت بـ رأسها بـ طاعة..لينظر إلى أنحاء الشقة يتفحصها قبل أن يقع عيناه على ذلك القميص المطوي بـ عناية وموضوع على الأريكة بـ جانبه..    أخذه يتفحصه ليجد أنه ليس ملكًا له..لم يحتج أن يعلم لمن فـ هو لذلك الحقير علا صوت تنفسه ليسأل طفلته

-بتاع مين القميص دا يا جوجو؟

-نظرت إلى القميص وقالت بـ براءة:بتاع أنكل شريف

-ضيق عيناه وهمس:وبتاع أنكل زفت بيعمل إيه هنا؟!...

تذكرت الطفلة جرحه وهتفت بـ أسف وبراءة كادت أن تُصيبه بـ جلطة

-يا بابي أنا شوفته كان عنده عوارة كبيرة هنا...

أشارت إلى صدره..ليعض جاسر على شفتيه غيظًا وغضب يُهدد بـ الإنفجار لتعود وتقول

-أنا شوفته يا بابي..وزعلت أوي...

وقبل أن يتفوه بحرف..وجدها تبتسم و رفعت يدها بـ حماس ثم أشارت إلى صدره البارز من كنزته القطنية الضيقة

-وعنده حاجات زي بتاعتك دي يا بابي...

عقد جاسر ما بين حاجبيه بـ توجس ثم تساءل بـ خفوت خطير

-عنده إيه يا عين أمك!

-مدّت يدها أكثر وهتفت بـ براءة:دي..دي الجامدة دي

-ضيق جاسر عيناه وتساءل بـ فحيح:وأنتي شوفتي البتاعات دي فين يا قلب أبوكي!!

-ردت الصغيرة بـ بساطة:لما كان قالع هدومه...

بساطة كادت أن تجعل عقله يصرخ بـ تنفيذ مجزرة بشرية كـ التي تفذها هلتر مُنذ زمن..براكين تشتعل داخله وبدائية رجل الكهف بدأت فـ الظهور..لتأتي روجيدا وتهتف بـ تلعثم

-جـ..جاسر..أنت جيت..أمتى!!...

لم يرد عليها بل ضم شفتيه ليمنع لسانه من التفوه بـ أشياء قد يندم عليها فيما     بعد..وجدها تُشير بـ عيناها إلى جدتها أن تأخذ جُلنار وترحل..وبـ الفعل توجهت سوزان إليه لتأخذ الطفلة وترحل

مع صوت غلق الباب إرتفعت صوت زمجرة وسبة بذيئة إنفلتت من بين شفتاه..تتبعها صرخة منها راكضة ليزعق بـ صوته

-قالع!..راجل فـ بيتك وقالع؟!..بنتي أنا بتشوف رجالة قالعة؟!...

وقفت على الجهة الأخرى من الطاولة التي تقف حائلًا بينه وبينها..ثم هتفت بـ ذعر

-والله النص الفقاني بس

-هدر بـ صوتٍ جهوري:أنتي بتكحليها يعني ولا بتعميها!..دا كدا أنيل يا روح أمك...

وبـ يده أطاح مقعد الطاولة لتصرخ بـ فزع..ليتحرك جاسر ناحيتها لتركض إلى داخل الغُرفة تبعها هو

كادت أن تغلق الباب ولكن قدمه منعت ذلك..ثم وبـ قوة يده دفع الباب لتعود بضع خطوات إلى الخلف لتهتف وهو يتقدم منها بـ خفة فهد بـ نبرة مذعورة

-والله كان حد ضارب عليه نار وأنا خيطله الجرح..وبعدين كان واقف حد من رجالتك وجدتي كانت جوه...

صرخت وهو يجذبها من معصمها إليه ونظر إلى عيناها بـ شراسة لتُغمض عيناها هلعًا ثم هتفت بسرعة

-والله والله ما شوفته..أنا دخلت الأوضة وهو بعدين مشي من غير أما أشوفه

-صر على أسنانه قائلًا:وسمحتيله يدخل ليه من أصله!

-قالت بـ دفاع:كان متبهدل خالص أسيبه يعني؟!...

ظنت أنه سيلين ويخضع إلا أنه فاجأها بـ قوله

-ياكش يولع بـ جاز *** عليكي وعلى نفوخه هو وأهله

-تذمرت قائلة:لم لسانك يا جاسر..وبعدين ملكش حق تتكلم..سبتني ومشيت فجأة ليه ها..وجاي ليه!..جايلي ليه يا جاسر؟

-وحشتيني...

همسة رقيقة نافت كل الإعصار السابق..عسليتاه توهجت بـ إشتياق لم تستطع ألا تقرأه..لتجد نفسها تبتسم بـ رقة قبل أن تتجرأ وترتفع    على أقدامها ثم قُبلة رقيقة بـ جانب الشفاه تُخبره بـ أنها إشتاقته..ولكنها تحمل عتاب رقيق


يده لا تعلم متى تحركت إلى ظهرها يجذبها أكثر

تاركًا ليدها تستند على صدره و وجهه يقترب فـ تتضرجت وجنتيها بـ حُمرة قانية وهمسة لم تكتمل إلا بين شفتين جائعتين تتحرك على خاصتها بـ شغف

عناق ساحق كـ الإعصار ضمها إلى صدره..لتتضارب دقات القلب في تناغم     فيما بينهما..لتنتهي بـ هدوء عكس ما بدأت فـ أستند بـ جبهته على جبهتها ليهتف  بـ أنفاس مُتقطعة

-روجيدا أنا عاوز أقولك على حاجة

-إبتسمت وهى تضع يدها على فكه:وأنا كمان..أنا آآ...

وضع إصبعه على فاها ثم همس بعدما إبتلع ريقه

-أنا اللي هقول الأول...

أومأت بـ رأسها ليضع هو وجهه عند عنقها يشتمها بـ قوة..كذلك يداه تُحيطها بـ نفس القوة..يقربها إليه أكثر وأكثر..ثم همس وشفتاه عند التجويف ما بين منكبه وعنقه

-روجيدا..أنا هتجوز...


              الفصل الواحد والعشرون من هنا

لقراة باقي الفصول من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-