رواية هوس عاشق الفصل الاول1والثاني2والثالث3 بقلم فرح طارق
يجلس بشرود علي مقعده الوثير خلف مكتبه ويرجع رأسه للخلف وهو يتنهد بحزن ويخرج زفيرًا حارًا من داخله يحمل كل معاني الألم، تنهد بحزن وهو يشعر بأن كل خلية بجسده تأبى نسيانها، قام من مقعده ووقف خلف الحائط الزجاجي بِمكتبه وقف رغم حُزنه و رغم غوصه بِتلك الذكريات التي تأبى ترك عقله يقف بشموخ وهو يضع يداه بِداخل جيوب بِنطاله وهو يتذكر أول لقاء لهم
FLASH BACK
في إحدى الليالي الشتوية شديدة البرودة بِمدينة الإسكندرية
توقفت سيارته ف إحدى إشارات المرور وفتح زجاج سيارته وهو ينفس دخان تِلك السيجارة التي يحملها بيده
"ورد يا بيه.."
نظر تِجاه ذات الصوت الأنثوي رآي أمامه فتاة تمسك بيدها بعض الورود ترتدي فُشتانًا مِن اللون الأسود وبِه بعض الرسومات البيضاء وشعرها المبلل بمتء المطر ومنسدل خلف ظهرها بإهمال.
نورسين : ورد يا بيه
قالتها نورسين مرة أخري وهي تنظر لهُ بِبعضٍ من الدهشة تُحاول فهم نظرتهُ تِلك
إنتبه لها مالِك وحمحم وهو يُشير لِتلك الوردة الحمراء التي تحملها، وفرحت نورسين أنها واخيرًا سيشتري منها أحد ف هي تقف منذ الصباح الباكر ولم تبيع شيئًا حتي الآن
نورسين بفرحة : إتفضل يا بيه
اخذها مالِك واعطاها الكثير من المال نظرت نورسين بصدمة كبيرة للمال الذي بيدها ف هي وإن باعت كل تِلك الورود التي معها لن تُجمع تِلك الأموال
نظر لها مالِك بإبتسامة ومن ثم وضع تِلك الوردة الحمراء بجانب أذنها وهو يقول
مالِك : دي مني ليكي
ثم أخذ ورد أخري وهو يردف قائلًا : ودي ليا أنا
كادت أن تتحدث ولكن سمحت الإشارة بالمرور وتحرك السائق
BACK
قطع ذاك الشرود صوت طرقات حمحم مالِك وسمح للطارق بالدخول ف هو حقًا كان كالغريق والآن جاء أحدهم لإنقاذه من غرقانه بِتلك الأفكار
حمحم عامر سكرتير مالِك الخاص وهو يقول
"مالِك باشا أستاذ زين برة"
مالِك بنبرة صارمة : ومدخلش ليه أنا مش قولتلك أول ما يجي تدخله أنت ناسي ده مين
عامر بخوف من نبرته : والله يا فندم هو اللي رفض يدخل من غير ما أبلغ حضرتك بوجوده
مالِك وقد هدأ قليلًا ف هو يعلم إبن أخته لن يدخل حتي يأذن مالِك بذلك ف منذ ما بدر من أمه وهو علي يقين تام بأنه ليس لديه حق بِتلك الشركات : تمام دخله..
قالها مالِك بهدوء وهو بسند برأسه للخلف..
خرج عامر وهو في حيرة من أمره من تغير مالِك الدائم ف هو هكذا دائمًا تارة يقول كلمة بكل غضب وتارة أخري يقولها بِكل الهدوء الذي يحمله العالم
عامر وهو يجلس خاف مكتبه : إدخل
زين بجدية مزيفة : أدخل!! أنا إبن أخت مديرك على فكره تتكلم بأسلوب احسن من كده.
عامر : أمشي يا زين.
زين : أنا غلطان، دا أنا الي كنت جايلك بسهرة النهاردة.
عامر بمرح : أي يا زينو إنت بتاخد الأمور جد ليه كده.
زين : زينو!! طب م
عامر مقاطعًا له: زين قصدي زين.
زين بغرور وهو يعدل من ياقة قميصه : أيوة كده.
عامر : يلا هوينا بقى وأدخله.
زين : بتقول أي.؟
عامر : بقولك أدخل مالِك مستنيك.
دلف زين لمكتب مالِك
مالِك بحده : اهلا ب اللي سايب شغله وهربان زيه زي الستات تواجهم مشكلة يقوم يهربوا ف مكان يعيطوا فيه شويتين.
زين بحرج : خالو أنا
مالِك بصرامه : إنت أي، حصلك مشكلة هربت زي زيك الستات وجاي تظهر دلوقت.
زين : حط نفسك مكاني أبويا مات بسكتة قلبية وبعدها ب 6 شهور ألاقي أمي إتجوزت، ولا ده مش أي حد ده إتجوزت الشخص الي هو السبب ف موت بابا.
مالِك : تقوم تهرب وتسيب كل حاجه وراك يا زين، ده الي أبوك رباك عليه.؟ وأخواتك الي أنت المفروض أكبرهم، سيبتهم لوحدهم وهربت، شغلك ركنته وراك وهربت، أبوك كان مربيك على كده.؟ أنا يا زين ربيتك إنك تهرب من أي مشكلة وتواجه ولا تهرب.؟
زين بحرج : عندك حق يا خالو أنا آسف، بس الشركة
مالِك بحدة مقاطعًا له وبنبرة لا تقبل النقاش : مبسش يا زين دي شركتك ليك أسهم فيها من حقك أنك تيجي وتشرف علي أسهمك وتحط ايدك ف أيدي ونشتغل فيها سوي ونكبر ف السوق أكتر سوي وبعدين يلا عشان تلحق تظبط شغلك ومواعيدك لأن فيه صفقة مهمة هتنقل معانا نقلة تانيه فالسوق ومكنتش هثق ف أي حد بصراحه إني أعرفه علي صفقة مهمة زي دي ويكون معايا فيها وكويس أنك رجعت لعقلك ونزلت شغلك تاني
حمحم زين بحرج من كلامه : تمام يا مالِك أنا هروح لعامر دلوقت واخد معاه جولة ف الشركة وأشوف الموظفين الجداد يعني واتعرف عليهم واظبط الدنيا كده وبعدين هروح المصنع
مالِك وهو يسند رأسه بالخلف مرة أخري : تمام، وبلغ زياد وشاهندا وجمال إن بكره فيه إجتماع لرؤساء كل الأقسام.
هز زين رأسه بمعنى نعم.
في مكان أخر تحديدًا أميركا
"بابي بليز مش عاوزة أنزل Egypt" صاحت بإنفعال
جلال الدين : ميرا خلاص قولت كلمة ومش هتنيها هننزل مصر أنا مش هفضل متغرب هنا أمريكا
ميرا بتوسل : يا بابي مالها أميركا وبعدين إنت جاي بعد السنين دي كلها تقول إنك متغرب هنا!
جلال الدين : ميرا إقفلي ع الموضوع هننزل مصر يعني هننزل مصر أنا صفيت كل حاجه هنا والشركة هديرها من مصر ولو حصل حاجه مالِك شريكي هيبعت زين
صمتت ميرا ف هي تعلم والدها إن قرر شئ لن يتراجع عنه
صاحت ميرا بتأفف : اوك بابي هنمشي إمتي
جلال الدين : الطيارة هتمشي بعد ٣ ساعات
ميرا بصدمة : what هلحق أنا ف ٣ ساعات أجهز كل حاجاتي وكمان لازم نمشي قبل بحاولي ساعة ونص يعني قدامي ساعة بس
بكت ميرا بغضب وهي تقول : ط طب ليه مقولتش
نظر جلال بدهشة الي إبنته التي تبكي من أقل شئ يحدث
صعدت ميرا لغرفتها بتأفف حتى تقوم بتجميع أشيائها بينما تحدث جلال لمالِك
جلال : اهلًا يا مالِك
مالِك بإبتسامة : أهلًا جلال باشا
جلال : ازيك يا إبني، أنا هنزل مصر خلاص وهمسك الشركة الي ف أمريكا من مصر ولو حصل حاجه هسفر زين بدالي وأهو بالمرة يبعد شوية عن مصر
مالِك : تمام يا جلال باشا تنور مصر
جلال بإبتسامة : بنورك يا مالِك مصر منورة بناسها
مالِك : متحرمش منك، هتوصل إمتي..؟
جلال : على بكره إن شاء الله
مالِك : تيجي بالسلامة إن شاء الله
جلال : و زين والي ف البيت أخبارهم اي
مالِك : كلهم بخير الحمدلله و واحشهم كلهم
جلال : ربنا يباركلك يا أبني ع العموم الطيارة هتمشي بعد ٣ ساعات ف يادوب ألحق أظبط باقي الأمور هنا لأحسن ميرا عمالة تعيط أصلًا لأني لسة معرفها دلوقت وهي كده مش هتلحق تجهز حاجتها كلها
إبتسم مالِك بإقتضاب : في إنتظارك يا جلال باشا
جلال : المهم يا مالِك عرفت أي أخبار عنه
تنهد مالِك وأردف قائلًا : لاء
جلال بنبرة حادة : تمام ع العموم أنا نازل أصلًا عشانه وكفاية لحد كده هجيبه مهما كان مختفي فين وهدور عليه بنفسي وطبعًا بمساعدتك يا مالِك أنا عارف طبعًا إنت عملت إي ودورت عليه ازاي بس أكيد وانا معاك هتختلف هندور سوي ف كل حِتة
مالِك : ان شاء الله يا جلال باشا مع السلامة
أغلق مالِك معه ووقف خلف الحائط الزجاجي بِمكتبه بشرود
في ڤيلا مالِك الفيومي
داليدا بتقزز : وإحنا إزاي هيجيلنا نفس نتغدي دلوقت
شاهندا : داليدا في أي ما انتِ بتاكلي أهو
داليدا وهي تنظر لذاك الذي يجلس بجانب شاهندا بحزن : باكل فين بعد ما الواحد نفسه بتتسد علي الأكل كده
قام زياد من مقعده بحزن وإتجه لخارج الغرفة التي يتناولوا الطعام بها
نظرت شاهندا لداليدا بغضب وهي تردف بتقزز من أختها : عمرك ما هتتغيري يا داليدا هتفضلي طول عمرك أنانية وبتضيعي كل حاجه حتي إبنك بتضيعيه وبعدين يسد نفسك ف إي هو أختار يكون كده ولا دي إرادة ربنا وخلقته..؟
داليدا بملل : بقولك إي يا شاهندا بجد مزاجي كان حلو النهاردة أصلًا وكفاية إتعكر لما شوفت خلقته دي
شاهندا بغضب : خلقته..؟ دا إبنك يا داليدا
قامت داليدا بغضب وصوتٍ عالِ حتى يسمعه زياد : مش إبني الخلقة الزفت دي مش مني انا معنديش غير زين وفرح غير كده لاء ده مش إبني فاهمة عشان يا شاهندا وإياك أسمع حد بيقول كلمة إبنك دي
شاهندا بسخرية : ولادك فرح زين وهما فين ولادك دول..؟
زين الي دخل ف حالة إكتئاب بسببك وبسبب عمايلك ولا فرح الي دايمًا منطوية وف حالها وبسببك بردوا تقدري تقولي إنتِ تعرفي إي عن ولادك الي عمالة تقولي مليش غيرهم دول يا داليدا..؟
صاحت داليدا بغضب : شاهندا إفتكري إني أختك الكبيرة وتكلميني بإحترام وولادي ملكيش دعوة بيهم أكلمهم زي ما انا عاوزة وأعاملهم زي ما انا عاوزة لإنهم ف النهاية ولادي أنا فاهمة لما تبقي تخلفي إبقي إتحكمي فيهم ثم أضافت بسخرية ولا إنتِ عمالة تدخلي فيهم لإنك مبتخلفيش اه صح سوري يا شاهي نسيت إنك يا عيني مبتخلفيش بس ده بردوا ميدكيش الحق إنك تدخلي ف ولادي يا شاهندا مفهوم
نظرت لها شاهندا بحزن والدموع تجتمع بِمقليتاها ف أختها لمست أعمق شئ بقلبها وأكثر شئ يُسبب أذيةً لها
تركتها شاهندا وذهبت خارج الغرفة وإتجهت لغرفة زياد
كان يحزم أشيائه بِداخل حقيبته وهو يبكي واوقفه عن البكاء صوت طرقات علي باب غرفته
زياد وهو يمسح دموعه : لو سمحتي يا شاهي سبيني دلوقت
شاهندا بحزن علي حاله : لا يا زياد إفتحلي عشان خاطري
زياد : شاهي قولتلك سبيني
شاهندا بإصرار : لا يا زياد وإتفضل إفتحلي الباب
ذهب لها زياد وهو يزفر ف حقًا هو لا يقدر علي أية مناهدة معها
دلفت شاهندا للغرفة ونظرت لحقيبته بصدمة ونظرت له مره أخري
شاهندا : إنت رايح فين يا زياد
زياد : شقتي، كفاية أوي كده وهروح أعيش لوحدي لا أسد نفس حد ولا أسمع من حد كل شوية كلام يدمرني
شعر زياد بأن حلقه مليئ بالكلمات وقلبه سينفجر حقًا من كثرة ما يكتمه بداخله
إنفجر زياد وكأنه قُنبلة فُجرت للتو علي يد أحد ما
حرام والله زهقت محسساني اني اختارت يكون ده شكلي دي خلقة ربنا ليه معاملتها معايا كده ودايمًا كل ما تشوفني تفضل تسمعني كلام زي السم، أ انا عملت إي بابا من يوم ما سابني وأنا تعبان اوي يا شاهي محدش حاسس باللي ف قلبي صدقيني لو مشيت هرتاح لوحدي أحسن من إني كل شوية أسمع كلام يدمرني أكتر كل شوية خلقتك خلقتك مالها خلقتي..؟
ربنا خلقني وشي مشوه شوية مش زي باقي البشر أعمل إي أنتحر..؟
مش كفاية إن محدش سايبني ف حالي ف الجامعه كل الناس بتخسر مني حتي الدكاترة لما بدخل محاضرة فالجامعه بيبصولي بصة بقرأ الكلام ف عنيهم بيبقي عبارة عن إنت إزاي دخلت طب إزاي ده هيبقي دكتور ده دا مشوه
كل الي ف الجامعه بيقولوا نفس الجملة دي
حتى الي خلفتني بتفضل تقولها وإني علي طول بسد نفسها طب أنا إي ذنبي ليه محدش جه ف مرة وحضني ولا حتي طبطب عليا وقالي إنت حاسس ب إي وأنا شايف كل الناس عادية إلا أنا
الحمدلله بس حسسوني إني بشر زيكوا واحد منكوا مش شخص جاي من كوكب تاني ميستاهلش إنه يعيش
تعرفي يا شاهي والله نفسي أنزل الشركة أوي مع خالو وأحس فعلًا إني صاحبها ويبقي ليا مكانة فيها بس بس خالو هيبقي منظروا إي إن إبن اختوا يكون مشوه كده لو فيه إجتماع زي العادة مع ناس مهمة هو أكيد مش هيحب إني أكون فيه هتعرض لسخرية أكبر
إنفجر زياد بالبكاء ودقات قلبه تتزايد ولكنه شعر أنه بحاجه حقًا للكلام. فحلقه بات يجف من كثرة ما يحمله من كلام
إقتربت منه شاهندا وإحتضنته وربتت علي كتفه وهي تردف بحنان : زياد حبيبي إنت إبني والله ربنا يعلم بحبك إزاي ربنا مكرمنيش بولاد بس كرمين بيك إنت وزين وفرح
داليدا ده طبعها وإنت عارف أيوة كلامها بيوجعك بس هتفضل تهرب منه هتفضل دايما بتهرب كل ما يحصل حاجه تروح تقعد لوحدك ف شقتك، ده شكلك خلقة ربنا لازم تواجه بيه كل الناس وتتحدي كل الي قالوا إزاي هتبقي دكتور، زياد إنت ربنا محبب فيك ناس كتير أوي، بص للإيجابيات بس لطيبة قلبك بص للأطفال الي بتحبك بص للجانب الحلو وسيبك من الوحش يا زياد، بص إني بحبك ومالِك بيحبك وزين يا ربي علي زين ده بيعشقك يا زياد ولا كأن الي بينكوا سنتين بس بيعاملك كإنك إبنه أبوك لو كان عايش مكنش هيحبك وي ما زين بيحبك والله، وعندك مالِك مالِك ده بيعشقك يا زياد مش بيعتبرك إبن أخت وخلاص لا بيعتبر إنك إبن ليه هو حوار الشركة ده عمره ما يجي ف بال مالِك خالص ده أمنية حياته تشتغل معاه إنت وزين يا زياد وتبقوا إنتوا الإتنين دراعه اليمين بس إنت الي أخترت طب مرديش يفرض حاجه عليك وسابك إنت تختار حياتك
تنهد زياد وكلام شاهندا يدور بعقله
أمسكت شاهندا بِـوجنتاه قوم يا زياد وواجه وإتحدي كل الناس إنجح وإستمر ف نجاحك دايمًا وأنا أول الناس الي هتشجعك وتحفزك دايمًا ومالِك وزين علي طول ف ضهرك يا زياد كلنا معاك
نظر لها زياد بفخر حقًا مكسبه من تلك الحياه هو اخوته وخالته وخاله لم يشعر يومًا بأنه غريب أو غير لائق وهو معهم ف أخته دائمًا تفتخر وتسعد حينما يصلها الي جامعتها وزين دائمًا يأخذه معه للنادي وإن تعرف علي شخصًا جديدًا ف فورًا يُعرف زياد عليه ومالِك دائمًا يشعره بأنه إبنه وليس إبنة أخته حقًا وتلك الملاك التي تجلس أمامه وتضمه بحنان وتربت علي كتفه حقًا هي عوض عن تِلك الأن القاسية التي تجرحه دائمًا.
° ° °
حل المساء وهو يجلس بِمكتبه، تعب كثيرًا من كثرة مُحاولاته لإجادها، بين يوم وليلة إختفت من أمامه ولم يقدر حتى الآن على العثور عليها.
قام من على مقعده بإنهاك ف هو يُنهك نفسه كثيرًا بعمله عله يتوقف عن التفكير بِها ولو لقليلٍ من الوقت.
إرتدى جاكيت بدلته وأمسك بِمفاتيح سيارته وهاتفه وخرج من مكتبه.
بينما في مكانٍ آخر ..
مر اليوم عليها ك باقي الأيام وكالعادة في نهاية كل يوم تجلس كما هي الآن تضُم ساقيها لِصدرها، تُفكر بِها وبِحالها، تِلك الصغيرة ذات التسعة عشر عامًا، تشعُر وكأنهم خمسون عامًا لِما مرت بِه وهي وحدها.
سنه واحدة مرت عليها منذ أن تركت ذاك الملجأ، سنه واحده تحملت بِها وتعرضت لِما لا يتحمله أحد.
أخذ جسدها ينتفض بِخوف من تذكر ما حدث معها وتفكيرها بِما يُمكن أن يحدُث معها.
إنتفضت من مكانها وهي تمسح دموعها بِخوف بعدما سمعت طرقات على باب الغرفة التي تمكُث بها أعلى سطوح إحدى منازل القاهرة
نورسين بخوف :م..مين؟
علي : دا أنا يا نورسين علي
أغمضت عينيها بخوفٍ منه ف هي لم ترتاح له يومًا مُنذ أتت إلي هنا، ذاك المُسمى بِعلي إبن تِلك المرأه التي ساعدتها حينما رأتها بِقطار مُتجه للقاهرة
نورسين : نعم يا علي
علي بخبث : أمي بعتالك أكل
نورسين بخوف : شكرًا يا علي أنا شبعانه وهنام
علي : إزاي هتنامي من غير أكل يا نورسين
نورسين : معلش قول لخالت أم علي إني نمت
علي بخيبة أمل من أن تفتح له الباب : ماشي يا نورسين، لو إحتاجتي حاجه اندهي بس وأنا هطلعلك
نورسين : شكرًا يا علي.
سمعت صوت قدماه ومن ثم إنعدم الصوت، تنهدت براحة وهي تذهب لِتلقي بِجسدها على ذاك الفراش القديم المتهالك، أغمضت عينيها عسى أن تهرب من أفكارها وتخلد للنوم.
في إحدى الملاهي الليلية.
عامر : كفاية شُرب يا زين.
زين حزن : عاوزة أنسى يا عامر، عاوز أنسى منظر أمي وهي داخلة أيديها ف أيد قاتل أبويا وبتقول إنها اتجوزته، عاوز أنسى وقعت أبويا بسكتة قلبية بسبب خيانة الكلب ده ليه ولبسه ف قضية مؤبد.
ثم أكمل حديثه مُردفًا بحزن : بس عارف رغم إني شربت كتير مبنساش يا عامر، مش عارف أنسى، عاوز أهرب، مالِك عنده حق أنا.. أنا عاوز أهرب يا عامر.
أحمد صديقهم الثالث : زين مينفعش لازم تواجه يا زين، تاخد بحق أبوك.
عامر مؤيدًا لحديث أحمد : أه يا زين مينفعش تسيب عثمان الكلب ده معاه فلوس وشقى أبوك عايش نايم واكل شارب بيهم وإنت هنا عاوز تهرب وابوك مات بسببه.
كان حديثهم بدلوف زياد للإنضمام لهم.
زياد وهو يجلس بجانب أحمد : وأنا معاكوا وبأيد عامر وأحمد وكنت بفكر ف الموضوع ده يا زين، حق بابا وتعبه طول السنين دي كلها لازم يرجع.
زين بإنتباه لحديثهم : وهنعمل أي.
"عندي أنا دي."
نظروا جميعًا ناحية الصوت بصدمة....
الفصل الثاني.
..............
في ڤيلا مالِك الفيومي"
عاد مالِك للمنزل ووجد الكل نائمًا ف صعد متوجهًا لغرفته
ولكن أوقفه صوت تِلك الشهقات
كانت تبكي بالداخل علي حب عمرها الذي عشقته منذ صغرها عشقته منذ كانت تلعب معه تبكي وتشهق من شدة بكائها ف هو لم يلحظ أنها حتى معجبة به ولم يرها اكثر من أخت له لا أكثر جلست تضم ساقيها لصدرها وهي تحتضنها وتبكي ثم قامت من مجلسها وهي تسمع تِلك الطرقات علي باب غرفتها
قامت بتجفيف دموعها سريعًا وفتحت الباب وفوجئت بِـمالِك أمامها
لينا بإرتباك : نعم يا خالو
مالِك بهدوء : بتعيطي ليه يا عيون خالو
لم تصمد لينا أكثر من ذلك وذهبت سريعًا داخل أحضانه وهي تطلق العنان لدموعها لتتهاوي وبشدة
تركها مالِك حتي تخرج كل ما بداخلها ف للبكاء راحة خاصًة وإن كان بكاءًا يحمل كل تِلك الآلام
لا تدري كم مر عليها الوقت وهي تبكي بحضن خالها
شعر مالِك بأنها هدئت قليلًا وتوقف بكائها ف رفعها من بين أحضانه وهو يقول بحنان ويرجع خصلات شعرها خلف أذنها : أحسن دلوقت..؟
لينا : أيوة
مالِك : ليه كل ده..؟
إرتبكت لينا وهي لا تدري ما تقوله
لينا : م مفيش بابا وماما وحشوني
حزن مالِك لتلك الصغيرة هو يأخذها بين أحضانه مرة أخري
مالِك بهدوء : يعني ده السبب يا لينا..؟
لينا : أيوة
مالِك : وأنا مش مصدق
لينا : ليه..؟
مالِك : بتحبيه يا لينا
نظرت له لينا والتوتر بادي علي ملامحها : ه هو مين
مالِك بهدوء : زين
لينا : ل لا طبعًا هو إبن خالته واخويا
مالِك بسخرية : عليا أنا يا لينا
عادت لينا بين أحضانه مرة أخري ودموعها تهوي بغزارة
مالِك : ششششش كفاية اهدي هو ميستاهلش يا لينا، ميستاهلش دموعك، الشخص الي يخليكي تبكي عشانه يبقى ميستاهلش البكا ده، لو انا شايف نظرة واحده منه تدل حتى على أنه معجب بيكي كنت خليته يتقدملك، بس صدقيني ميستاهلش مش زين الي هأمن ليكي معاه أختي الله يرحمها وصتني عليكي هي وابوكي ومن يوم وفاتهم يا لينا وانا بعتبرك بنتي ومن واجبي ك أب إني ارشدك للصح وانصحك، متتكسفيش مني اتكلمي معايا قوليلي مشاعرك إيه قوليلي الي جواكي وانا من دوري ك أب إني أنصحك، ولو علي حبك لزين ف هو ميستاهلش وبقولها ليكي تاني الشخص الي يخلي دموعك تنزل بسببه وهو مش حاسس يبقي ميستاهلش الدموع دي
نظرت لينا لمالِك وهي تبكي ضمها مالِك بحنان
لينا : خليك جمبي أنا بابا وماما وحشوني أوي محدش معايا يا خالو هما ليه سابوني طيب ليه مخدونيش معاهم أو كان حد فيهم فضل معايا
مالِك : انا معاكي يا حبيبتي هو انتِ مش بتعتبريني ابوكي يا لينا..؟
لينا بتسرع : طبعًا يا خالو بعتبرك بابا، أنا بحس أن محدش بيحبني غيرك أنت
مالِك : لا طبعًا كلهم بيحبوكي وشاهي
لينا : لا خالتو شاهي بتحب ولاد خالتو داليدا أكتر علي طول معاهم هما وأنا لاء لما بفضل ف أوضتي مبخرجش منها مش بتسأل عليا لكن لما حد منهم يغيب بتفضل قلقانة عليه وكل شوية تسأل عليه، أما أنا لاء
اردف مالِك وهو يحاول إخراجها من تلك الحالة التي هي بها : طب إي رأيك تشتغلي
لينا بفرحة : بجد
مالِك : أيوة بجد تنزلي تشتغلي معايا ف الشركة
لينا : موافقة جدا يا أحلى خالو
مالِك بإبتسامة : طيب جهزي نفسك بكره هنفطر ونمشي سوي
لينا بفرحه : حاضر
كاد مالِك ان يرحل إلي أن استوقفته لينا قائلة بحزن : اي دا مش هتنام معايا
مالِك : حاضر
مدد مالِك بجسده علي الفراش ونامت لينا بأحضانه
ضم مالِك تِلك الصغيرة وهو يشعُر بالحزن من أجلها وهو يتذكر يوم وفاة والديها منذ سنتان..
FLASH BACK..
كانوا يجلسون جميعهم يتناولوا الغداء
لينا بحزن : خالو هو بابي مقالش هيرجع أمتي هو ومامي..؟
مالِك بهدوء : لأ يا لينا، كلمته امبارح ومقاليش بس حاسس أنه قرب يجي وعاملها مفاجئة
لينا بفرحة : بجد
هز مالِك كتفه وهو يردف قائلًا : أنا قولت حاسس مش متأكد
شاهيندا : يا ريت يرجعوا بقي، صوفيا وحشتني اوي
زين بمرح : صوفي وحشتنا كلنا والله
قطع حديثهم رنين هاتف مالِك..
مالِك بصدمة : بتقول أي
.........
مالِك : طيب أنا جاي سلام
زين : في أي يا خالو
مالِك بحزن وهو ينظر لـ لينا : الطيارة الي جاية من دبي وقعت ومعتز وصوفيا كانوا فيها
لم تنتظر لينا لسماع أكثر من ذلِك وسقطت مغشية عليها
BACK
فاق مالِك من شروده وأخذ يتذكر مرة أخري وصية أخته علي إبنتها حينما حادثها للمرة الأخيرة وكأنها كانت تشعر ما سيحدث...
إنتظمت أنفاس مالِك وغاص الإثنين في نومٍ هادئ ولربما عميق...
° ° °
في صـباح يومٍ جديد.
يجلس الجميع علي مائدة الطعام التي يترأسها مالِك الفيومي...
داليدا : عاوزة أتكلم معاك يا مالِك
مالِك بهدوء : مش فاضي النهاردة، بليل نتكلم
داليدا بغضب : لأمتى هتفضل تأجل ف كلامنا، أظن ده حقي يا مالِك بيه وزي ما أنت مالِك الفيومي ف أنا بردوا داليدا الفيومي.
شاهيندا بغضب مما تتفوه بِه داليدا : لا يا داليدا متنسيش حاجه أهم أنك داليدا الفيومي بس الأم تبقي مين مجرد واحده كانت خدامة هنا لعبت علي بابا واتجوزها بعد ما ماما ماتت الله يرحمها بحجة أنها تربيني أنا ومالِك وصوفيا وكان هدفها يكون ليها ف عيلة الفيومي زي ما ده الي انتِ عاوزاه دلوقت وأملاك الفيومي الي انتِ عاوزة تنسبي نصيبك منها للنصاب الي عاوزة تتجوزيه ف ده مش هيحصل يا داليدا، و إحنا ولاد الفيومي والأم تبقي إلهام الفيومي مش واحده من الشارع لا ليها أصل ولا فصل متنسيش ده كويس، ومتفكريش أننا هنفضل ساكتين عشان ولادك الي هما اصلًا انتِ مش عاملة ليهم أي إعتبار و آل تلاتة المفروض يتجوزوا وتفرحي بيهم مش تتجوزي أنتِ وياريتك إتجوزتي حد عدل..
أكملت كلامها بسخرية : دا انتِ إتجوزتي اللي خسر جوزك كل فلوسه الي وراه والي قدامه، يعني انتِ ملكيش أي حاجه عندنا وجوزك خسر فلوسه وشركاتنا دي كبرت بفلوسنا إحنا
داليدا بغضب : وفلوسي أنا كمان متنسيش أن بابا ذكر أن ليا حق ف كل حاجه سابها، ومظنش أنه قال مالِك بيه يكوش علي كل حاجه
أردف زين بغضب من حديث أمه : ماما لو سمحتي، أظن خالو مقالش حاجه ولا كل حقك حتى بالعكس هو بيشغل فلوسك دي، وكل الي قاله أن مستحيل أي حاجه بتملكها عيلة الفيومي تكون مِلك لحد تاني
صاحت داليدا بغضب : والأملاك الي بتقول عليها مستحيل تبقي مِلك لحد غير عيلة الفيومي، أظن أنها هتكون مِلكي وبإسمي داليدا الفيومي وأنا مش غريبة زي ما هو ليه حق يكتب الي يخصه بإسمه ويتصرف فيه ف أنا كمان ليا الحق ده...
أردفت جملتها الأخيرة بتحدي وهي تنظر لمالِك الجالس بهدوء تام يتطلع لهم فقط ولا يبدي علي ملامحه أية ردة فعل لكلٍ مِما يحدث
قام مالِك بهدوء وهو يردف قائلًا : خلصتوا كلكوا...
قال كلمته تِلك وهو ينظر لهم جميعًا ومن ثم نظر لداليدا الواقفة بتحدي وأردف مُشيرًا لها : وأنا موافق يا داليدا، نصيبك هتاخديه وهيكون بإسمك وليكي حرية التصرف فيه
تحدث زين بمقاطعة : خالو أنت بتقول أي..؟
تحدث مالِك مُنهيًا لِذلك الحديث : الكلام خلص، وكل واحد ليه الي يخصه وده حقكوا إنتوا كمان أن كل واحد فيكوا نصيبه يكون بإسمه هو..
أردفت شاهيندا بهدوء وهي تنظُر لِمالِك: لأ طبعًا يا مالِك، فلوسنا الي كبرت بسببك أنت، إحنا مأمنين ليك عليها ومحدش فينا هيجي ف يوم يطلبها منك لأن ده كان طلبنا من الأول وهدفنا أن كلنا نبقي أيد واحدة عيلة الفيومي كلها تكون أيد واحده ومنسمحش لأي حد فينا يحط دخيل ف وسطنا ف طبيعي لما يكون حد وسطنا دخيل أصلًا يحصل كده ف فعلًا معاك حق أنت تديها الي ليها لأن هي ملهاش حق ف أن فلوسها تكون من ضمن فلوس عيلة الفيومي..بنت الخدامة
نظرت لها داليدا ومن ثم صعدت لغرفتها حسنًا ف ما أرادته قد حدث ولا تُريد شيئًا أخر، ولن تُجادل معهم مرة أخري بِما يقولون..
بينما يتحدث الجميع كانت تجلس هي تتناول طعامها بِـهدوء حتي تذهب إلي جامعتها فقد إعتادت علي تِلك المشاجرات حتى أصبح الأمر لا يُبالي بالنسبةٍ لها...
فرح وهي تنظُر لأخيها زياد : هتوصلني الجامعة قبل ما تروح جامعتك النهاردة..؟
زياد بإبتسامة : أه يا حبيبتي
أردفت فرح وهي تُغادر مقعدها : طيب يلا بينا لأحسن الجو بقى مشحون ولا يُطاق خالص
زياد بضحك : عندك حق والله يلا بينا
فرح بإبتسامة : سلام يا خالو، سلام يا شاهي
زياد بإبتسامة : سلام يا جماعه
شاهيندا بإبتسامة : سلام يا حبايبي ف رعاية الله
زين : يلا يا مالِك مش هتروح الشركة
مالِك بهدوء : مستني لينا
زين بعدم فهم : ومستنيها ليه..؟
مالِك : لينا هتشتغل معانا ف الشركة والنهاردة أول يوم ليها
زين بتفهم : أه تمام...ثم أردف بإهتمام : وهتكون تحت أيد مين..؟
مالِك : محمد
زين بتهكم : واشمعنا محمد!!
هز مالِك كتفه بهدوء : هي الي حابة تدرب تحت أيد محمد
زين : وهي تعرفه منين
مالِك : متنساش أن محمد كان الدكتور بتاعها ف الجامعه
زين بتذكر : أه افتكرت، بس اشمعنا بردوا طلبت تدرب معاه ما كان ممكن تدرب معايا أنا
مالِك ببراءة وقد أدرك أنه وصل لِما أراده : عادي يا زين دي رغبتها هي وأنا أكيد مش هقول لأ وبعدين محمد شخص محترم جدًا وبيعز لينا كمان وأنا هكون مطمن وهي معاه سواء ف موقع أو غيره
زين بتهكم : وأنت مش هتأمن لو هي معايا يعني!!
مالِك :زين أنا قولت إلي عندي وأظن إني قولت أن دي رغبتها وانا مش هقول لأ وخصوصًا إني عارف محمد وعارف أنه شخص محترم وبعدين ده بيشتغل ف شركتي وأنت عارف إني مش أي حد بيشتغل معايا يا زين وكمان محمد ليه معزة خاصة عندي
زين بغضب مكتوم : ماشي يا خالو عن أذنك
مالِك بهدوء : إتفضل
نزلت لينا واتجهت لغرفة مكتب مالِك حيث أخبرتها شاهيندا أنه ينتظرها بِها..
ذهب مالِك بسيارته ولينا معه
في السيارة..
لينا بتساؤل : أيوة يا خالو بس إنت ليه قولتله كده..؟
مالِك بغموض : عادي يا لينا أنا حابب تدريبك يكون مع محمد مش زين، ولو زين كلمك عرفيه أن دي رغبتك
لينا : بس..
مالِك بخبث : هتطلعيني كداب قدامه ولا أي..؟
لينا بتسرع : لأ طبعًا يا خالو
مالِك بإبتسامة : طيب يا حبيبت خالو
في الشركة
يجلس بِتلك الغرفة الخاصة بالاجتماعات داخل الشركة.
شاهندا : الموارد الي إستردناها كلها مضروبة يا مالِك، برغم إن مسحوب أكتر من الفلوس الي المفروض تتاخد عشان الموارد دي، وأحنا معندناش وقت نهائي لأنه من المفروض إن ف قسم التصميمات هنسلم كل التصميمات خلال شهر لأن العرض هيتم بعد شهر وأيام يا مالِك.
جمال : و قِسم التصميمات يا مالِك، فيه خامات لازمة ناقصة كتيرة منه وبرغم كده مفيش نقص ف العُملة المدفوعه نهائي.
مالِك موجهًا حديثه لزياد : المسئول عن قسم التصميمات زياد باشا، ممكن أعرف حضرتك فين من الي بيقوله جمال ده.؟
زياد بحرج : أحم مالِك بيه.
مالِك بغضب : بلا مالِك بلا زفت، أما النقص يكون من صحاب الشركة أمال العُمال الي فيها يعملوا أي..؟
ثم أشار لِزين : والأستاذ التاني ده، الي المفروض مسئول قدامي عن الموارد المضروبة الي شاهندا بتقول عليها دي.
اسمعوا إنتوا الإتنين أنا قصادي إنتوا واحد مسئول عن التصميمات والتاني عن الموارد.
عارف إن فيه كلب ف النص هو الي عامل كده، وأنا عارف مين الكلب ده وهيتعاقب قريب أوي بس سايبه يلعب بمزاجي حبتين.
لكن سيادتكوا كان المفروض إن زياد يبقى متابع كل الحاجه الخاصة بالتصميمات ويبلغني بِكل حاجه أول بأول وأي نقص يتصرف فيه هو ف وقتها.
وحضرتك يا زين كان المفروض إن الموارد تستلمها بنفسك ومن قبل ما تمضي ع الاستلام تعمل كشف ع الموارد دي.
لكن حضراتكوا سهلتوا للكلب ده كل الي بيعملوا وفتحتوا ليه الطريق قدامه.
زياد بحرج : أنا بعتذر جدًا يا مالِك
مالِك : مش عاوز أي نقصير منكوا نهائي والمرة الجاية مش هكتفي بالكلام بس، وإنتوا الإتنين مخصوم مرتب الشهر ده، زيكوا زي غيركوا ماشي
زين : ماشي يا مالِك.
ظل يتحدث الجميع بِعدة أشياء خاصة بأعمالهم الخاصة بالشركة حتى إنتهى الإجتماع بعد ساعات وذهب كل شخصًا منهم لِعمله وقام مالِك من مكانه وهو ينظُر لِساعته وجدها الثانية ظهرًا.
ف ذهب مُتجهًا للمطار ف وصول جلال بعد ساعتين من الآن.
° ° °
هبطت الطائرة بأرض الوطن ونزل جلال وميرا إبنته من الطائرة وكان مالِك بإستقباله ولأول مرة يري إبنة جلال مد جلال يده لِمالِك وسلم عليه بحرارة ف جلال يعتبر مالِك إبنه وأخذه بين أحضانه وأردف قائلًا وهو يربط علي كتفه
جلال بإبتسامة وسلام حار : بقيت أطول مني يا مالِك إتغيرت أوي ثم أكمل كلامه وهو يغمز "لا وإحلويت كمان"
مالِك بإبتسامة ثقة : طول عمري يا جلال باشا طالعلك
جلال بثقة : طبعًا يا مالِك إبني وتربيتي
مالِك : يلا بينا العربية مستنية برة
جلال : تمام يلا
تجاهل مالِك ميرا تمامًا بينما هي كانت تنظر له بخوف
جلال لميرا : ميرا حبيبتي يلا.
ميرا بتوتر : حاضر يا بابي.
أمسك جلال يد إبنته وهو يُربت عليها بِحنو ويحاول أن يبُث الطمأنينة بِداخلها وذهب خلف مالِك بإتجاه السيارة التي تنتظرهم خارج المطار وصعد مالِك الي سيارته بعد أن ركب جلال وميرا بالسيارة التي خصصها مالِك لهم
ذهب مالِك بسيارته وخلفه سيارة جلال ومر وقت ليس بقليل الي ان وقفت السياراتان أمام إحدي الڤلل
نزل مالِك من سيارته بثقته المعهودة وشموخه المعتاد وأغلق باب السيارة واخذ ينظر لجلال القادم إليه
جلال بإبتسامة : إتفضل معانا يا مالِك هو إنت محتاج أقولك إدخل؟
مالِك بإبتسامة مقتضبة : مرة تانية أن شاء الله
واخذ ينظر لساعته : لإني ورايا مشوار دلوقت
جلال : أجله طيب
مالِك : مش هينفع تأجيل للأسف يوم تاني وإن شاء الله هستناك بكره ف الشركة نتقابل هناك
جلال بتفهم : تمام يا مالِك مع السلامة
إكتفي مالِك بالإماءة وصعد لسيارته مرة أخري بينما دلف جلال وميرا لداخل الڤيلا الخاصة بجلال وإحدي الخادمين بالڤيلا يحملون حقائبهم
داخل الڤيلا
جلال موجهًا حديثه لميرا : إطلعي اوضتك إرتاحي ولما الدليفري يجي هبعتلك حد من الخدم
ميرا وهو تتأب : لا يا بابي أنا مش هاكل أنا هطلع أنام
جلال : ماشي يا ميرا
ميرا وهي تقبله من وجنتاه : تصبح علي خير يا بابي
جلال بإبتسامة : وإنتِ من أهل الخير يا اميرتي
صعدت ميرا للأعلي وذهب جلال بإتجاه غرفة مكتبه
في غرفة ميرا..
أخذت شاورًا دفيئًا وألقت بِجسدها على الفراش وأمسكت بِصورة والدتها وأختها وأخذتهم بأحضانها بأعيُن دامعه.
في الأسفل بِمكتب جلال.."
جلس جلال بعدما أمر الخدم بإحضار حاسوبه الخاص من إحدي الحقائب وأخذ يبحث بِه عن شيئًا ما من ثم قام بعمل مكالمة علي هاتفه
جلال : عرفت حاجة عنه
أحمد وهو من رجال جلال ومالِك : لا يا باشا
جلال : تقلبلي الدنيا عليه يا أحمد متسبش مكان ف مصر غير لما تدور عليه
أحمد بتهكم من كلامه ف كيف له أن يبحث عن شخص ب ثماني وعشرون محافظة : هحاول يا باشا
جلال : صدقني يا أحمد مهم عندي إني ألاقيه وليك مكافئة كبيرة مني ومن مالِك لو لقيت الشخص ده
أحمد : حاضر يا باشا
جلال : أي جديد توصله تبلغني بيه فورًا مهما كانت الحاجه حتي لو معلومة صغيرة ملهاش لازمة بالنسبالك
أحمد : حاضر يا باشا أي أوامر تاني
تنهد جلال وهو يقول : لا يا أحمد مع السلامة
أحمد : مع السلامة يا باشا
أغلق حسين معه وجلس جلال بشرود وأرخي جسده علي مقعده وأخذ يتطلع إلي سقف مكتبه بشرود تام
FLASH BACK
جلس جلال بشموخ يترأس تِلك الطاولة المستديرة وحوله مجموعه من الأشخاص والواضح من زيهم بأنهم رجال شرطة
جلال بجدية : عاوز تركيز كويس أوي منكوا المهمة دي مهمة جدا يا شباب
مالِك وباقي المجموعه : تمام يا فندم
جلال : كل واحد فيكم فهم دوره
المجموعه في صوت واحد : أيوة يا فندم
قام جلال من جلسه في شموخ وهيبة : تمام يا رجالة بالتوفيق
خرج جلال من غرفة الإجتماعات وخلفه مالِك وباقي الفريق
جلال وهو يشير لمالِك : مالِك تعالي مكتبي عايزك
أما له مالِك بالموافقة وذهب خلفه
جلال : مش هثق ف غيرك يا مالِك إنه يجيبلي الجهاز ده
مالِك : قصدك أن أنا الي هسافر
جلال : أيوة يا مالِك هنسافر أنا وأنت
مالِك : بس يا فندم
جلال : مالِك إنت عارف كويس أهمية الجهاز ده وهيوصلنا لإيه وعارف مدى خطورته على الشخص الي هيكون شايل الجهاز ده ولازم الشخص ده يكوم حد موثوق منه ١٠٠٪ وأنا مستحيل يا مالِك أثق ف حد غيرك وف نفس الوقت مستحيل تروح لوحدك ف أنا الي هاجي معاك بنفسي هنسافر سوي
مالِك بإمائه : تمام يا فندم
جلال : جهز نفسك هنسافر بعد أسبوعين من دلوقت
مالِك وهو يؤدي تحيته : تمام يا فندم عن إذنك
BACK
تنهد جلال وهو يتذكر عندما قابل مالِك لأول مرة حينها كان مالِك بِالجيش وطلب جلال بنقله الي القوات الاستخبارية وذلك لشدة كفائته وقوة بنيانه وشدة قوته بِرغم سنه وإختبره جلال بعدة اشياء حتي يتأكد من أمانته ومن ثم طلب بنقله وإنتقل مالِك وأصبح يعمل بالمخابرات المصرية
شرد جلال مرة أخري وهو يتذكر حينما عاد من تِلك المهمة وشدة فرحته هو ومالِك بحضور ذاك الجهاز معه ولكن حدث ما لم يخمد عقباه
° ° °
في سيارة مالِك.."
كان يقود سيارته وتوقف بِذلك المكان الذي رآي بِه نوره لأول مرة وأخذ يتذكر كيف كان يجلس بسيارته كالمُراهق وهو يراقب تِلك الفتاة التي أسرته منذ المرة الأولى التي رأها بها، كان ينظر لها وهي تبيع تِلك الورود، ينظر من خلف زجاج سيارته الي فتاته ف كانت ترتدي ثيابًا وما هي سوي عبارة عن فستانًا الذي من البادى عليه أنه هالك وبِشدة تجلس وشعرها الكستنائي ترفعه بعشوائية وتِلك الخصلات المتمردة التي تضايقها بسبب انها تتطاير بفعل الهواء وتلامس بشرتها البيضاء
يتذكر كيف كان يتردد بالذهاب لها ويضحك بسخريه على حاله وعلى ما كان يفعله، تحولت سُخريته وهو يقوم بإخراج هاتفه ويقوم بفتحه على صورتها التي إلتقطها لها هي وبعض الصور الأخرى وظل ينظُر لهاتفه بتأمُل وعيناه تشع عِشقًا بِها..
كنت أتعايش لسنواتٍ مع حُزني و وِحدتي لدرجة أنني إن ضحكةُ يومًا كُنت أفتقد دمعتي، عِشتُ حياه وتِلك الوحده كانت رفيقت دربي بِتلك الحياه، حينما رأيتك لأول مرة أمِلُ من ذاك الحزن، لأول مرة أتخيل نفسي وأنا معك أضحك وأبتسم، لأول مرة أتمنى أن تمُر أيامي وبِجانبي أحد غير تِلك الوحده، لأول مرة أتمنى، لأول مرة يكُن لدي أمل بِتلك الحياة، لأول مرة أُريد العيش.. لأول مرة أحيا.. "
فاق مالِك من شروده ونظر لساعة هاتفه ف وجد أن الوقت سرقه وأصبح الوقت متأخرًا وتنهد وغير وجهة سيارته وسار عائدًا للمنزل ....
الفصل الثالث
يجلس بِمكتبه بِشرود، يُفكر بِعائلته وبِأخته تِلك التي تسير خلف زوجها المدعو بِعثمان كالعمياء، أرجع برأسه للخلف وهو شارد الذهن حتى قطع شروده صوت رنين هاتفه.
عرفت مكانها "
أردف بِها مالِك بلهفة وهو لازال لا يُصدق أذناه أحقًا عثر عليها..ولوهلة شعر بأن قلبه عاد ينبُض من جديد
رحل مالِك وهو على عجلة من أمره..ولم يعبأ لكلٍ من بشركته يتطلع لهُ بنظرات متعجبة من عجرفة خطواته تِلك وسُرعتها..
إتجه مالِك ناحية سيارته وهو يخبر السائق الخاص بِه بلهفة : إطلع على القاهرة يا حسين
-بالحراس..؟
-- أيوة بالحراس
جلس مالِك بالسيارة وهو ينظر لِساعته ولأول مرة بِحياته يشعُر بأن الثواني تمُر وكأنها دهرًا، أيُعقل أن ذلك الشعور بسبب أنه وأخيرًا ستُعاد له حياته بعد ساعات فقط، أم تِلك هي طبيعة الثواني وهو لا يشعُر، فهو وأخيرًا سيُقابل معشوقته التي منذ حينما رآها لأول مرة وهي أسرته بِبرائتها وأوقعت قلبهُ أسيرًا لأعيُنها الرمادية..وكُل ذلِك حدث من مقابلة واحدة، نظرة واحدة، كلمة واحده نطقت بِها هي "ورد يا بيه.." ومُنذ حينها وهي تربعت فوق عرش قلبهُ..
....................
كان يسير بجامعته بلا هوادة حتى توقف وهو يستمع لِتلك الهمهمات التي من البادى واضحًا أنها عليه هو..
بنت : نفسي أعرف ده ازاي هيكون دكتور، إزاي دخل طِب أصلًا.؟
ولد : يبنتي ده من عيلة الفيومي أكيد دخل بسبب إسم عيلته، بس إزاي بقى هيكشف على الناس بواسطة بردوا؟
تدخلت بنت أخرى بضحك : لا ودكتور أطفال يعني يجيله طفل عنده سخونيه يمشي عنده سخونية وصرع من شكل الدكتور
ضحكوا جميعم ولم يُبالي أحدًا منهم مِن ذاك الواقف الذي كلامهم كان بالنسبةٍ له كالسكين يطعن قلبه..
ذهب زياد سريعًا والدموع تتركز بمقليتاه ولم يلحظ تِلك العيون التي تبكي لأجله
جلس أسفل تِلك الشجرة وأطلق العنان لدموعه..
وقفت هي تنظر له بِشفقة على حاله لا تعلم لِم هي حزينة هكذا عليه
تقدمت منه وجلست جواره..أخذت تُحادثه بهدوء : معلش اللى زي دول ربنا بيكون واخد منهم أهم حاجه بيديها لأي إنسان واخد منهم حاجه ناس تانيه بيتكتب ليها الجنة بسببها وهي لين القلب...
نظر لِـذاك الصوت الأنثوي الذي يحادثه ونظر لها كالصنم، أتُحادثه هو تِلك لم ف هي جميلة حقًا بل جميلة جدًا لِم تُحادث ذاك المشوه كما يلقبه الجميع..
بينما حاولت هي أن تعرف ما يدور بعقله ف أردفت مُبتسمة وهي تمُد يدها لُمصافحته : سيليا
أجابها زياد ببلاهة وهو يمد يده لمصافحتها : زياد
سيليا : ف سنة كام..؟
زياد : آخر سنة
سيليا بمرح : يا بختك أنا لسة ف أولى...
أردف زياد بإبتسامة مجاملة لها : لا دا أنتِ معاكي ربنا بقى
سيليا : أه والله دا أنا كنت فاكرة الجامعة حاجه تانيه خالص، دي طلعت مملة أوي يا زياد
لا يعلم لِمَ خفق قلبه وبِشدة من نُطقها لإسمه وأردف قائلًا : مملة من أول سنة!!
سيليا : أسكت أسكت متفكرنيش أنها لسة فاضل ٣ سنين تاني
زياد : ليه إنتِ بتدرسي أي
سيليا بغرور مصطنع : فنون جميلة
زياد : وأي الي جابك هنا
سيليا : أشوف صاحبتي
صاحبتي دي بقي كانت دحيحة الدفعة وأنا كنت زيها بس أنا كان حلمي فنون جميلة لأن حاطة ف بالي هدف معين عاوزة أحققه
زياد : وأي بقى هدفك
أردفت سيليا وهي تشير بيدها لرسمة لوحه أمامها : أكون المصممة سيليا مهدي.
وأكملت بأمل : ويقولوا المصممة راحت المصممة جت وأقابل مصممين كبار بقى وأروح باريس ف عروض أزياء ويبقى عندي ناس كتييير بتشتغل معايا وناس أكتر بتتمنى تشتغل معايا، وافرح ماما بيا وتتشهر بسببي ويكون عندي ڤيلا بتاعتي أنا وبإسمي وحساب خاص بيا ف البنك لوحدي وماما متشتغلش وتتبهدل عشان تخليني أتعلم وتقعد ف البيت معايا نقعد أنا وهي بليل نتفرج على فيلم سوى واطلع أوضتي الي عشان اوصل ليها اطلع سلم لأن الڤيلا هتكون دورين..
نظر لها زياد بإبتسامة أخذ يتطلع لها ولبرائتها وبساطتها ف الحديث...
شهقت سيليا بخضة : يالهوي
زياد : في أي
سيليا وهي تقوم بلهفة من مجلسها : دا أنا عندي محاضرة، يلهوي سلام
ذهبت سيليا بعجلة وابتعدت عن زياد الذي يتطلع لها بصدمة وإبتسامة ترتسم على وجهه وانتبه لها وهي تُشير له بصوت عالٍ : هنتقابل تاني صح
أمأ لها زياد مُبتسمًا بمعنى نعم..
ظل يتطلع لها حتى إختفت من أمامه وسار هو مُبتسمًا ولأول مرة طوالت سنوات دراسته يرحل مُبتسمًا من تِلك الجامعة التي وكانت تُمثل بِنسبة خمسون بالمائة مِن تعاسته..
° ° °
دلفت إلى مكتبه بتردد ولكن حسمت أمرها بأن تدلف وتُحادثه ف هي بالأيام القادمة لا بُد لها من التعامل معهُ، أستظل تختبئ دائمًا..؟ لا ف لم يتفق معها مالِك على ذلك..
لينا بتوتر حاولت إخفائه : أستاذ زين
رفع زين أنظاره لها متعجبًا : أستاذ..
نطقها بِحُنق وكان ضيقه أكبر ف هي لم ترِد أن تدلُف إلا عِندما أخبرت سكرتيرته واخذت الإذن مِنه أولًا والآن تقول لهُ أستاذ..!
لينا ببراءة : أيوة إحنا هنا ف شغل مش ف البيت..ولا إي يا أستاذ زين
- تمام يا لينا فيه حاجه.."هتف بِها زين بِهدوء.."
- الملف ده محمد قالى لازم خالو يمضيه بس هو مش ف مكبته ف هدهولك أنت لأنك بتشوفه أكتر حد وأحنا محتاجين إمضته ضروري
لم يعبأ لكلٍ مما نطقت بِه وأردف لها متهكمًا : وإشمعنا محمد بتقوليها كده بدون ألقاب..!
رفعت لينا حاجبيها ببراءة وهي تُردف قائلة : هو إلي طلب كده..ع العموم الملف أهو إديه لخالو لأني لازم أمشي دلوقت عن إذنك..
كادت أن ترحل ولكن أوقفها صوت زين
- ليه لازم تمشي..؟
- قالها ثم نظر لِساعته وأكمل مُردفًا : على حد عِلمي ده وقت غ.ا
- - أه أصل محمد مستنيني نتغدى سوى
وقف زين سريعًا وأخذ يُلملم أشيائه وهو يخبرها : آه صح فكرتيني كنت لسة هجيلك أصلًا نتغدى سوى يلا بينا..
- بس محم
قاطعها زين بحدة قبل أن تُكمل كِلمتها : لينا قولت يلا
- حاضر
وقفت بِجانبه أمام المصعد وإبتسامة تظهر على شفتيها تحاول كبتها..
- بتضحكي على إي..
- أردف بِها زين بحنق
- لا ولا حاجه افتكرت موقف كده حصل معايا..
- ماشي إتفضلي إدخلي..
° ° °
وأخيرًا بعد ساعات شعر بِها مالِك وكأنها سنوات مرت وصل ألى المكان الذي أخبره بِه مُساعده الشخصي أن أسيرته متواجدة بِه تبيع تِلك الورود..
أشار لها مالِك بأن تأتي من خلف باب سيارته الذي لا يزال مُغلقًا.
بينما هي نظرت بِصدمة له ولهيئته التي اربكتها، لِما لما هو لما يقف أمامها أيعقل ان يبتاع منها بعض الورود..؟
كيف لشخص مثله ان يوقف ذاك الجيش من السيارات التي دائمًا تسير خلفه حتى يبتاع منها بعض الورود
مالِك بهدوء غامض : اركبي
نظرت له بخوف من تِلك النظرة التي لم تجد لها أي تفسير لماذا لما يقول إركبي!
نورسين بخوف : ليه
اندفع مالِك خارج سيارته بشموخ ووقف أمام تِلك الفتاة التي بدا واضحًا فرق الطول بينهم بينما تراجعت نورسين للخلف بخوف
مالِك ولازال يتحدث بذاك الهدوء وينظر لها تِلك النظرة الغامضة : "إركبي"
قالها وهو يشير إلى باب السيارة
نورسين بخوف : ل ليه ححضرتك
مالِك بتهكم : هخطفك مثلًا..؟
أكمل حديثه مُردفًا "إركبي وإنتِ تعرفي، بعدين مش هفضل واقف كده كتير" قال كلمته الأخيرة بسخرية وتهكم
نورسين : م مينفعش أركب
نظر مالِك لِتلك الفتاة التي ودائمًا بدون أدنى مجهود منها تقعه فِ شِباكها أكثر وتوقعه اسيرًا لِتلك البراءة
مالِك بهدوء مطمئن : نورسين، مش هخطفك أكيد ومش معقول هقول الي عاوزه وأنا واقف كده ف الشارع أظن شكلي هيبقي مش حلو وإنتِ متهيألي عارفة أنا مين
نظرت له نورسين حسنًا معه حق ف هي دائمًا تُشاهد صوره بالجرائد ف تعرفه حق المعرفة وكلامه علي حق
شعر مالِك بأنها أقتنعت بحديثه ف أمأ لها بهدوء وأشار لها لتركب بسيارته
ركبت نورسين السيارة وتفاجئت بمالِك يجلس بِجانبها ف وضعت باقة الورود التي تحملها فاصلًا بينهما بينما حاول مالِك كبت إبتسامته من تلك البريئة التي لو كانت أخري مكانها لقفزت فرحًا وركبت دون تردد معه
نورسين بإرتباك : ممكن حضرتك تقولي في إيه..؟
مالِك بغموض : لما نوصل هتعرفي
نظرت له نورسين وخوفها يزداد واخذت تفرك بكلتا يداها والخوف يتسرب لقلبها رويدًا رويدًا
لم يمر وقت بقليل حتي توقفت السيارة ونظرت نورسين الي السائق الذي فتح لها باب السيارة ومن ثم لمالِك الذي أمأ لها بهدوء
نظرت أمامها ف كانت أمام إحدى الڤلل التي لم ولن تتوقع أن تراها بحياتها
مالِك بهدوء : أدخلي يا نورسين
سار مالِك بخطوات ثابته ونورسين خلفه بخطوات مرتبكة خائفة
دلف مالِك ونورسين خلفه وتوجه لغرفة مكتبه
جلس مالِك علي ذلك المقعد المخصص له وأشار لنورسين بالجلوس أمامه
مالِك بهدوء : نورسين عبدالهادي عمرك ٢٠ سنة بنت يتيمة أهلك ماتوا ف حادثة وعمرك ٨ سنين واتربيتي ف ملجأ وحاليًا عايشة ف شقة إيجار ف القاهرة لوحدك بعد ما مشيتي من الشقة الي كنتِ فيها ف إسكندرية لما الإيجار اتكون عليكي وصاحب البيت رفع عليكي قضية ويا أما الحبس أو الدفع وانتِ مكنش معاكي وهربتي جيتي القاهرة وبتبيعي ورد صح ولا فيه معلومة ناقصة
نورسين بخوف : صح ب بس
مالِك وقد عرِف ما تنوي أن تقوله : أظن واحد زيي يوم ما أعرف حاجه عن حد سهل أوي إني أعرفها، بس مش ده موضوعنا يا نورسين
نورسين : وايه هو موضوعنا..؟
رجع مالِك للوراء وتنهد ثم عاد لوضعه مرة أخري : أكيد ملكيش أي مكان تروحيه وصاحب البيت رفع عليكي قضية والي هي يا الحبس يا الدفع
نورسين بحزن : أيوة
مالِك : وكنتِ هتعملي أي لو كان لقاكي هنا أو أي ظابط عرف أسمك..؟
نورسين بحزن : مش عارفه
مالِك بغموض : ولو قولتلك إني هديكي المبلغ ده وقصاده هجبلك شقة بإسمك ف أرقى مكان توافقي..؟
نورسين بإرتباك : إزاي يعني وليه..؟
مالِك بغموض : ليه أكيد هيبقى فيه مقابل يا نورسين
نورسين بخوف : وأي المقابل
مالِك بهدوء ونظرة اربكتها : تتجوزيني
نورسين بصدمة : أنا!!
مالِك : هو فيه غيرك هنا..؟
نورسين : ب بس وحضرتك هتتجوزني ليه!
مالِك بهدوء : عاوز وريث ليا، هتجوزك تجبيلي الوريث ده وهنطلق
نظرت له نورسين بصدمة مما يقول بينما أكمل مالِك حديثه : السنة هتعدي تكوني جبتيلي الوريث وهطلقك وتنسي إنك اتجوزتيني اصلًا وطبعًا هتنسي الطفل ده والمقابل هأمن حياتك كلها هجبلك شقة ف أرقي مكان أو ڤيلا لو تحبي كمان تفضلي ف الڤيلا دي ومستقبلك هيتأمن مدي الحياه، قولتي إيه..؟
صمتت نورسين ف هي لا تعرف ماذا تفعل ستسجن إن لم توافق علي ما يقوله حسنًا لِما لا توافق، هي دائمًا خاسرة، فلتربح شئ الآن
نورسين : موافقة
مالِك بهدوء : تمام جهزي نفسك كتب الكتاب هيكون النهاردة
نورسين : ماشي
° ° °
داليدا : وحشتني أوي
عثمان : وإنتِ كمان يا روحي، بس خلاص أنا هنزل مصر الأسبوع الي جاي
داليدا : نفسي أعرف ليه مخدتنيش معاك
عثمان : يا حبيبتي كنت حابب تصلحي علاقتك بولادك ف قولت أسافر لوحدي وانتِ تفضلي معاهم لوحدك يمكن علاقتكوا تتحسن شوية
أردفت داليدا بحنق : ولادي..ولادي اللي ماشيين ورا مالِك زي ضله
عثمان : معلش يا روحي إنتِ عارفة هما بيكرهوني إزاي وكلهم معتقدين إني السبب ف قتل المرحوم أبوهم، ف عشان كده كلهم ورا مالِك وسايبينك إنتِ
داليدا : خلاص يا عثمان هما اختاروا مالِك وأنا اختارت أكون معاك أنت وكل واحد فيهم دور على مصلحته وأنا كمان أشوف مصلحتي وأنا بحبك ومصلحتي إني أكون معاك لأني بحبك يا عثمان وأنت عارف
عثمان : وأنا كمان بحبك يا روحي..
أنا مضطر أقفل دلوقت وشوية وهكلمك
داليدا : ماشي يا حبيبي مع السلامه
أغلق معها وهو ينظر لِتلك المستلقية بأحضانه..
عثمان : أي يا روحي
- أي يا بيبي..
أقترب منها عثمان وأخذوا يفعلون ما حرمه الله...
° ° °
حل المساء وكانت تجلس في إنتظار أن ينتهي المأذون مما يقوله وهي تُحادث نفسها أيمكن أن يحدث وتكون زوجته لطالما كانت ترى صورته دائمًا بالجرائد وتذكرت تِلك المرة الوحيدة التي رأته بِها حينما إبتاع منها بعض الورود حينما كانت تقف سيارته بإحدى شارات المرور..
فاقت من شرودها على صوت المأذون وهو يُخبرها بأن تمضى تِلك الورقة التي يحملها بين يديه..
نظرت لِمالِك ولا تعرف لِما شعرت بِتلك الرجفة التي تسري بِـداخلها ونظرت لِتلك الورقة بتردد وصوتًا واحدًا بِداخلها "هل أنا على حق أم على خطأ..هل ما أفعله هو الصواب أم لا.."
نظر لها مالِك بِخوف داخله من ذاك التردد الذي بدا واضحً بجميع معالِم وجهها وأردف بهدوء عكس ما بِداخله : إمضي يا نورسين
فاقت نورسين مِما كان يدور بِداخلها وأمسكت بالقلم بِيد مُرتجفة ومضت سريعًا لا تعلم أتُعاند ذاك الصوت الذي يخبرها بِداخلها أن ترحل أم خوفًا من مالِك.؟
نعم تخاف منه ويزداد خوفها من تِلك النظرات التي لا تجد لها أي تفسير و هو دائمًا يُحدقها بِها..
زفر مالِك بإرتياح حينما مضت..
ورحل المأذون وسائق مالِك الخاص وإحدى رجاله اللذان تواجدوا ك شاهدان على زواجه...
وقفت مكانها بِتلك الغرفة التي أخبرها بأن تمكُث بِها وأخذت تفرُك بِكلتا يداها ف هو أخبرها بأنه سيأتي بعد وقت قليل..
دلف مالِك للغرفة وهو يتطلع لها بهدوء شديد ونظرات أخذت تتفصحها من رأسها لأسفل قدميها..وكانت نظرته تِلك تُربكها أكثر وأكثر...
أخذ يقترب منها بِبُطئ شديد وأمام كل خطوةٍ منه رجعت هي للوراء خطوتان حتى إصطدمت بِتلك الحائط التي لعنتها بِداخلها..
حاوطها مالِك بِكلتا يداه..
مالِك بهمس شديد وأنفاس لاهثة أربكتها : إنتِ عارفة سبب جوازنا صح..؟
هزت نورسين رأسها بتوتر
إنحنى مالِك برأسه وهو يختطف قبلته الاولى بشغف وعشق جارفان لطالما حلم بِتلك اللحظة دائمًا معها هي فقط مُنذ أن وقعت عيناه عليها..
كانت يده تلتف حول خصرها بتملك واليد الآخرى خلف رأسها يُقربها منه أكثر...
شعر بِها مالِك وهي تدفعه
إبتعد لثواني فقط تلتقط أنفاسها..وأخذها مرة أخرى بقبلة جديدة...وهو يأخُذها معه عالمه ويُغرقها بِبحور عِشقه...
بينما هي كانت بحالة ل يُرثى لها غير قادرة على الصمود أمام دوامة تِلك المشاعر وهي تشعر بأنه حقًا يُحطم كُل كيانها ويجعله تخضع لهُ..لم تجد أمامها سوى الإستسلام له ولعالمه الذي يأخذها معه بِه رويدًا رويدًا...
شهقت بخوف عِندما شعرت بيده التي أخذت تتلمسها واخذت تدفعه بعيدًا عنها بيدان مرتعشتان...
إبتعد عنها مالِك وهو يحاول السيطرة على مشاعره وتِلك الرغبة التى أصبحت تجتاحه..
نظر لها وهو يراها ترتجف بخوف أمامه..
حسنًا لعن نفسه وبِشدة مما فعله ف آخر ما كان يتوقعه أن تخاف منه.. أخذ يلعن نفسه ويحاول الإقتراب بهدوء لتهدئتها
- نورسين ممكن تهدي..أنا آسف حقك عليا بس م..مش عارف أنا..
- لا يعلم ما يتفوه بِه شعر بأن الكلمات جفت بِحلقه..
- طيب أنا همشي من الأوضة دي انا قولت أنها هتكون بتاعتك وأنا هبات ف أوضة تانية ماشي ولو تحبي إقفلي الباب عليكي..
قال تِلك الكلمات بِمحاولة مِنه لتهدئتها بينما هزت نورسين رأسها بِخوف وتركها مالِك وذهب خارج الغرفة..
وقف بجانبها يريد أن يرى إن كانت ستغلق الباب أم لا، صدم حينما فعلت ذلِك حسنًا هو من قال لها ولكن كانت محاولةً لِتهدئتها لا اكثر من ذلك..
تمنى لو كان هدأ من روعها بِداخل أحضانه، لو كان هو أمانًا لها تحتمي بِه وليس مِنه..
حسنًا ولكن لن يدوم ذلك الحال طويلًا ستُحبني مِثلما أحبها سأجعلها تدرك حقًا ما فعلته بي حينما رأيتها للمرةِ الأولى
ذهب لِغُرفته وأمسك بِهاتفه وأخذ يُحادث صديقه المُقرب له.
مالِك: أنا إتجوزت
كيان بصدمة: نعم!!
تنهد مالِك وهو يخبره: لقيت نورسين يا كيان واتجوزنا
كيان بلهفة وفرحه لصديق عمره: بجد يا أبن اللعيبة اخيرًا يا عم، عملت أي بقى وبعدين بتكلمني المفروض تكون معاها، يلا أقفل
مالِك: أي أنت بلعت راديو! استنى أكمل
كيان : في أي؟
قص له مالِك عن إتفاقه معها بزواجه منها.
كيان : طب ليه عملت كده يا مالِك ما كنت تقولها سبب الجواز وبعدين أنت كده ظلمتها يا مالِك واستغليت نقطة أن هي محتاجه فعلًا مساعدتك وهي بنت مهما كانت ظروفها أكيد ليها أحلام وأنت حطمت كل ده.
مالِك: عارف يا كيان بس مينفعش، مينفعش إني أقولها إني بحبها حتى مينفعش إني اظهرها للكل، عشان كده مرجعناش إسكندرية وهسيبها ف القاهرة
كيان : وهتفضل دايمًا مخبيها كده!! وأنت قولت اتفقت معاها على سنة أفرض بعدها طلبت الطلاق
مالِك: لسة سنة هخليها تحبني
كيان : هتفرض عليها ولا أي أفرض هي بتحب حد أصلا أو عنيها كانت على حد
مالِك بغضب من تخيله لما قاله كيان : مستحيل ولو فعلًا هتفضل غصب عنها.
كيان : طب يا مالِك قولها إنك بتحبها
تنهد مالِك وهو يفكر بحديثه أحقًا معه حق كان عليه أن يخبرها من بادئ الأمر ويترك لها حرية الاختيار..ولكن حسنًا ماذا كان سيحدث أن لم تختار بأن تتزوجه..سيجعلها تحبه وأن لم يحدث يكفي أنها معه وأمامه وبين يداه.
بِقانون مالِك: رجُلًا مُحب غير رجُل عاشِقًا مهووسًا متيمًا، فإن أحبك رجُلًا عزيزتي سيفعل المُستحيل حتى تُحبينه وأن لم يحدُث سيدفن ذاك الحُب بِداخله، أما إن عشِقك رجُل سيفعل المستحيل حتى تكوني معه وله ومِلكه لن يهمه الأمر إن أحببتيه أم لا ف يكفي هوسه بِكي ووجودك معه وبين يداه، فإن أصبح وصار رجُل مهووسًا بِكي ف حِتمًا ستقعي له أسيرة بإرادة مِنكِ أو غصبًا عنكِ.
