رواية هوس عاشق
الفصل الثالث والعشرون والرابع والعشرون
وصل للمكان المنشود ونزل من سيارته، وقف قليلًا قبل الصعود، يتذكر حديث لينا له،
أراد البُكاء ولكن دموعه تمردت عليه ولم تُجيب نداء أعينه، حسم أمره وصعد لوجهته..
طرق الباب عدة طرقات حتى وجد سيلين تفتح لهُ بابها.
سيلين : زين اتفضل..
دلف زين للداخل ولا زال على صمته، جلس على الأريكة بينما أردفت سيلين : عثمان ظهر؟
- اتحبس
سيلين بدهشة : اتحبس!!
- أه، كان شكله واقع مع حد وحبسه، بس مضى على كل الي خده من أمي، وكمان اتهم ف قتل بابا
سيلين بفرحة : كويس يا زين، حقهم رجع تاني، مبروك.
وقف زين أمامها وأردف : روحت لـلينا، رفضت حبي ليها، أنا تعبان أوي يا سيلين
إبتعد سيلين فور اقترابه منها وأردفت : آ..زين، أنا آسفة، بس أنا..
صمتت لثواني ثم أكملت : أنا دعيت ربنا كتير يا زين، أنا مكنتش قابلة ولا راضية عن نفسي ولا عن حياتي، دعيت كتير ربنا يديني فرصة تانية ف الحياه، وفعلًا ربنا ادهاني، أه الفُرصة دي كانت منك إني أساعدك، بس الي حطك ف طريقي ربنا، واداني فرصة وطريق أسكله عشان أتوب منه، وأنا استغليت كده، أنا آسفة..
نظر لها زين لبضع الوقت ثم سار متجهًا نحو الباب بينما استوقفه حديث سيلين : عاوز نصيحة يا زين..
وقف زين مرة أخرى وتطلع لها بينما أكملت سيلين وهي تقترب حتى وقفت أمامه : إنت محبتش لينا، إنت بس مبتقبلش الخسارة، مقررتش إنك تاخد خطوة إنك تقول ليها بحبك غير لما حسيت إنك هتخسرها من حياتك، من كلامك الدايم معايا، لينا إنت كنت شايفها على طول معاك، وجيت لقيت نفسك هتخسرها، متقبلتش إنك تخسرها وإن غيرك هو الي يربحها مكانك ف قولت إنك بتحبها برغم إنك مبتحبهاش يا زين، بس قولت كده عشان متخسرش..
لأن ببساطة زين باشا الفيومي مبيقبلش الخسارة ف حياته مهما كانت، ميحبش إنه يكون الطرف المهزوم وده دفعك لتمثيلية حبك لـلينا.
إبتسم زين بسخرية وأردف : دماغك حلوة يا سيلين.
أردفت سيلين بألم وهي تشعر بمرارة حلقها : من الي شوفته يا زين، واجهت كتير أوي، أنا كنت عايشة ف الشارع يعتبر، واجهت كتير واتعلمت كتير أوي ف حياتي، سهل ليا إني أفهم الي قدامي بسرعة.
إبتسم لها زين وأردف : ربنا يوفقك يا سيلين ويعوضك خير، وكمان الشقة دي الورق الي أنا خليتك تمضيه ده ورق نقل ملكية الشقة ليكِ، وحاليًا هو بيتوثق والشقة دلوقت بإسمك، مبروك عليكِ حياتك الجديدة.
سيلين : الله يبارك فيك يا زين، عقبالك
زين بعدم فهم : على إيه؟
سيلين : تبدأ من جديد إنت كمان، أنسى الي فات، باباك مامتك خلاص ماتوا، الي راح راح مفيش حاجة بترجع تاني..
صمتت لثواني وأكملت بحزن والدموع إجتمعت بأعينها : لو العيش مع الماضي ووجعه بيرجع الي غاب وبيداوي الجروح يا زين كنا كلنا فضلنا عايشين فيه بذكرياته المُرة قبل الحلوة، لكن للأسف..مفيش حاجة بترجع إلي فات، مش قدامك غير إنك تتعيش حاضرك وتستعد إنك تواجه وتتعايش مع الي هيواجهك مهما كان.
إبتسم لها زين بآلم، لم يعرف ما يجيبها بِه، إكتفى فقط بِتلك البسمة الباهتة الحزينة وأدار وجهه لها مُغادرًا للمكان بأكمله.
نزل للأسفل وركب سيارته، رحل بِها لمكانٍ لا يعلم وجهته، فقط كان يسير بها، هدفه الذهاب بِمكانٍ خالٍ من البشر، مكان يكون بِه وحده بعيدًا عن الجميع..
"أحيانًا يحتاج المرء لِهُدنةٍ مع نفسه، يُلملم بِها شتات نفسه الضائعة.."
"جميعنا نشعر بالضياع، ولكن ما يُفرقنا عن بعضنا الآخر، هو وجود أحدًا كالنور لنا يُخرجنا من ظُلمات انفُسنا.."
بينما على الجانب الآخر في منزل سيلين..
نزل زين وجلست هي على الأرض بمكانها، تبكي عليه وعلى حاله..
تلوم نفسها على حُبها لهُ، لن يراها..كالحلم زين بالنسبةٍ لها، تبكي بحزن على نفسها وقلبها الذي يُدفن دائمًا قبل أن يرى النور بِشئ..
"تِلك هي طبيعة حياتُنا الدائمة، ليست عادلة يا عزيزي، تأخُذ مِنا شيئًا ثمينًا يُطفئ روحنا ويُبهِت ملامحنا، وتتركنا وحدنا بِمنتصف الطريق ضائعون.."
على الجانب الآخر بإحدى المطاعم..
يجلس الإثنان معًا، يُطعمها بِسعادة، أعينهم تعكس فرحة قلوبهم، إبتسامتهم ناتجة عن تحليق ذاك القلب بِسماء الحُب..
لينا بإبتسامة وأعيُن لامعة من كثر فرحتها : شبعت جامد يا محمد حقيقي بطني هتنفجر من كتر الأكل..
هز محمد كتفيه ببراءة : قولتلك هتفضلي تاكلي إنتِ لحد ما أشبع أنا، وإنتِ وافقتي يبقى اتحملي بقى..
لينا بصدمة : نعم!! اتفقنا على أساس إن أنت تاكل وأنا أكون باكل معاك، لكن إنت بتأكلني أنا وإنت مبتاكلش ف حضرتكم كده هتشبع إزاي!!
محمد : خلاص هاكل أهو..
لينا بإبتسامة : لأ أنا الي هأكلك..
إبتسم محمد لها بِعشقٍ والفرحة تشع من أعينه، بينما شرعت لينا بإطعامه في سعادة..
"ألم اقُل أنها ليست عادلة يا عزيزي؟ انظُر لها الآن؛
كم عانت تِلك الفتاة بِحياتها، وكم عانى ذاك الفتى، إجتمع إثنان وتفرقا إثنان، ليست عادلة عزيزي، الحياة ليست عادلة معنا، دائمًا تأخذ مِنا عِدة أشياء تُطفئ روحنا، نعيش بِها أيامًا تقتل أنفُسنا وتأتي بالأخير بالضحِك علينا تُعطينا شيئًا واحدًا، شيئًا ننسى بِه ما نزعته مِنا عنوة وقوة، أين العدل بِذلك عزيزي؟ تِلك الحياةُ تضحك علينا تحت بندًا يُسمى العوض، ف نبتسم نحن لهُ بِبلاهه بينما تضحك هي على سذاجتنا، كم نحنُ ساذجون يا عزيزي.."
في ڤيلا الفيومي..
يجلس كلًا من شيري وشاهندا بالاسفل يتحدث الإثنان مع بعضهما البعض، أردفت شيري : شاهندا هو إنتِ مش ناوية تتجوزي.
- لأ يا شيري، مش ناوية
شيري بتساؤل : ليه؟ جوزك ربنا يرحمه ولو كان حصل العكس بعد الشر عنك يعني كان هتيجوز عادي.
تنهدت شاهندا وأردفت بحزن : تعرفي أنا دلوقت عندي 35 سنة، اتجوزت جمال وأنا عمري 22 سنة، عيشنا مع بعض 13 سنة يا شيري، 13 سنة شوفت منه كل حاجة حلوة، 13 سنة كل الناس كانت بتحسدني على حب جمال ليا، 13 سنة لغايت أختي الله يرحمها كانت بتغير من حب جمال ليا، 13 سنة أستحمل فيهم إني مبخلفش وكان دايمًا رده لما أقوله نتبنى طفل أو تتجوز عليا يقولي أنا كان نفسي أخلف بس منك أنتِ، طفل يكون منك، حتة مني ومنك لكن ربنا مأرادش إنه يديني طفل منك، هل معنى كده إني اتمرد على قدره وأقول أتجوز غيرك؟ إنتِ عندي طفلتي قبل ما تكوني مراتي ومش عاوز غيرك وبحمد ربنا إنه رزقني بيكِ"
عمره ما جه ف يوم يا شيري وحسسني بنقص إني مبخلفش، ولما كان يشوفني حزينة أو زعلانه بسبب كده، كان يقعد يتكلم عن قد إيه هو مبسوط إننا مع بعض وقد إيه هو بيحبني، وإني بنته قبل ما أكون مراته، وقد إيه هو لو فضل يحمد ربنا طول عمره على أنه رزقه بيا ده بردوا مش هيوفي حاجة، بعد كل ده يا شيري تقوليلي أتجوز بعده؟
مفيش حد هيفضل بعده، وعارفة كمان.. أنا مش حزينة يا شيري، بالعكس جمال لسة معايا، جمال طول عمره مبيحبش الحزن ولا الزعل، لما كان يلاقيني زعلانة كان ممكن يتشقلب عشان يخليني أضحك، لينا ذكريات كتير أوي مع بعض يا شيري تكفي إني أعيش عليها عمري كلوا.
شيري بتأثر : ياه كل ده حب؟
ثم أردفت بمرح حينما رأت دموع شاهندا : دا أنا الي هحسدك والله..
شاهندا بحزن : هو راح خلاص يا شيري هتحسديني على إيه؟
إقتربت منها شيري وأردفت وهي تربت عليها بحنو : حبيبتي هو ف مكان أحسن من هنا، متبكيش، هو أكيد شايفك دلوقت ومبسوط صدقيني.
شاهندا وهي تمسح دموعها وتردف بإبتسامة : أنا حبيتك أوي والله يا شيري.
شيري : تعرفي من يوم ما دخلت هنا، وأنا حسيتكوا عيلتي، ف البداية كنت بحقد على نورسين إن ربنا رازقها بيكوا، بعدين فكرت إني أحكي لمالِك وأبعد عن بابا وأعماله وأعيش أنا كمان معاكوا، حبيتكوا كلكوا، ربنا عوضني بيكوا، أنا ممكن أعيش ف شقة لوحدي، بس أنا حابة أعيش وسطكوا وأحس بجو العيلة الي افتقدته طول حياتي، أحيانًا بقول ممكن تكونوا مش حابين وجودي وفكرت إني أمشي بس مش قادرة اسيبكوا..
شاهندا بعتاب : مش حابين!! برغم فرق السن الي بينا بس والله يا شيري إنتِ مالية عليا حياتي أوي بجد، من يوم ما جيتي وأنا مش حاسة بفراغ نهائي والله.
احتضنتها شيري وأردفت بسعادة : بحبك جدًا والله، ربنا يخليكوا ليا..
- يا لهوي خيااااااااانة
فرح وهي تنظر لنورسين التي صرخت : بيخنونا يا بنتي.
نورسين بحزن مصطنع : متخيلتش إنها تيجي منكوا انتوا بالذات، بقى كده يا شيري، بتخوني أختك؟
شيري بمرح : معلش بقى تعالي معانا..
نورسين بمرح : لأ أنا لا يمكن أخون جوزي أبدًا..
فرح وهي تنظر لبطن نورسين وتردف بتساؤل : آلا قوليلي يا نورسين هي بطنك ليه مبقتش زي الناس الحوامل وبيبقى فيه كرة كده طالعة من بطنهم..؟
شيري مؤيدة لحديثها : أه ونقولك البطيخة راحت والبطيخة جت، ليه بقى؟
نورسين : يعني إنتوا عاوزينها عشان تقولوا البطيخة راحت والبطيخة جت!!
شيري : آمال عشان نتشاهد ف جمالها يا نور.
نورسين بإبتسامة سامجة : هه خفة إنتِ وهي.
شاهندا : سيبك منهم هما الإتنين، إنتِ ف الكام دلوقت؟
نورسين : نص الرابع.
شاهندا :, لسة معرفتوش نوع الجنين؟
نورسين : الدكتورة قالت المرة الي جاية هتقولنا، بس مالِك رافض وعاوز يخليها مفاجئة لينا، وأنا عندي فضول أعرف..
شاهندا بإبتسامة : رأيي من رأي مالِك، خليها مفاجئة أحسن يا نورسين.
فرح : طب وحاجة البيبي هنجيبها لايه؟ بنوتة ولا ولد؟
شيري : عادي يعني نجيب لبس مؤقت كده، فيه لبس كتير بيبقى يمشي لبنت و ولد، وبعد ما تولد نبقى نجيب بقى..
نورسين : يعني أنا قولت اشتكي ليكوا عشان تقفوا معايا، تقوموا حالين ومتحايذين لمالِك؟
مالِك وهو يدلف لداخل الغرفة التي يجلسون بها : يا نوري صدقيني هتبقى أحلى.
نورسين ببكاء : لأ أنا عاوزة أعرف هجيب إيه ف الآخر
شيري : هتجيبي إيه يعني؟ قرد مثلًا ما هو يا إما واد يا إما بنت يا نورسين!!
شهقت نورسين ببكاء بينما إقترب مالِك وأحاط كتفيها بحنو وأردف : خلاص يا نوري لو حابة تعرفي نعرف..
نورسين وهي تشهق ببكاء : إنت بتهاودني يا مالِك!!
مالِك : خلاص مش هنعرف دا ولد ولا بنت..
شهقت ببكاء أكثر وهي تردف : بس أنا عاوزة أعرف..
مالِك : يبقى نعرف..
نورسين ببكاء : متهاودنيش لو سمحت!!
مالِك : يبقى منعرفش..
نورسين وهي تضرب صدره ببكاء : بطل مهاودة فيا أنا مش بشد ف شعري ولا مجنونة عشان تهاودني كده!!
شيري وهي تقوم وتذهب لخارج الغرفة : لأ دا إنت ربنا يعينك والله على هرمونات الحمل دي..
فرح وهي تذهب خلفها : أه والله يا خالو.
نهضت شاهندا وأردفت هي الأخرى بمرح : ربنا يعينك ع المهلبية الي إنت فيها دي..
مالِك وهو ينظر لهم ويردف : بتحطوني ف وش المدفع وتهربوا!!!
خرج ثلاثتهم وكلًا منهم أتجه لغرفته بينما أبعد مالِك نورسين التي لا زالت تبكي داخل أحضانه : نوري، أنا مش بهاودك والله، بس مش عاوزك تعيطي، وعاوز أعملك الي إنتِ عاوزاه!
نورسين وهي تفرك أعينها ببكاء : لأ أنا عاوزة أعرف نوع البيبي إيه وكمان حابة اخليها مفاجئة
مالِك بحيرة : طب المطلوب مني إيه دلوقت!!
نورسين ببكاء : إنت كمان مش عارف!!
مالِك بتسرع : لأ لأ عارف بس بطلي عياط ممكن؟
نورسين : طيب
مالِك بإبتسامة حانية وهو يمسح دموعها : نوري دلوقت هتبطل عياط، عشان هنروح أنا وهي نتعشى برة ف جو رومانسي حلو، وكمان نوع البيبي هنخليه مفاجئة، إتفقنا؟
نورسين بفرحة وهي تصفق بيدها وكأنها ليست هي من كانت تبكي منذ ثوان : اتفقنا..
مالِك بهمس : لأ ربنا يعيني فعلًا يا شيري إنتِ وشاهندا إنتوا مبتكدبوش!!
في الأعلى في غرفة شاهندا..
دلفت للداخل و وجدت هاتفها يهتز على الفراش، تذكرت إنها نسته بالغرفة ونزلت للأسفل، أمسكت بالهاتف وجدت عدة مكالمات فائتة من ميرا..
أعادت الإتصال بها مرة أخرى وأردفت حينما لاقت الرد من ميرا : ميرا حبيبتي، عاملة إيه؟ معلش الفون كان ف الاوضة
ميرا : ولا يهمك، أنا كنت بس عاوزاكِ
شاهندا بتركيز : خير يا حبيبتي؟
ميرا : أحم أنا أصل
إنتِ عارفة إني خلاص هتجوز والفرح فاضل عليه أسبوعين، ومش عارفة اشتري حاجة، وكمان ك.. كنت عاوزاكِ تيجي معايا اشتري لبس وهدوم وحاجات كتير، أنا ناقصني حاجات كتير أوي ومش عارفة أشتري منهم حاجة..
شاهندا بإبتسامة : حبيبتي هجيلك دلوقت طبعًا بس كده؟ وأنا عندي كام ميرا، هلبس على طول واقابلك نروح نشتري كل الي ناقصك، اتفقنا؟
ميرا بفرحة : هستناكِ، أنا جاهزة ولابسة
شاهندا بإبتسامة: وأنا هلبس وهعدي عليكِ نروح سوى.
ميرا : أوك باي.
أغلقت شاهندا الهاتف ونظرت له بحزن..
كم تمنت لو كان رزقها الله بطفلًا، وكم تمنت ميرا لو كان الله لم يأخُذ منها أمها وكانت معها حتى الآن.."
تِلك طبيعة دُنيانا، لا تعطينا كُل شئ، جميعُنا ينقصنا شيئًا ونُكمله بقربنا من شخصًا يُكمل ذاك النقص بِنا، جميعُنا نعوض بعضنا البعض وجميعُنا الكمال لبعضنا البعض ولكن فقط، إذا اعترفنا نحن بما ينقصنا وتقبلنا إكماله بأحدًا وتخلينا عن تعلقنا بِماضٍ يقتل روحنا كلما فكرنا بِه ونظرنا لِما هو أمامنا الآن وحاولنا تعويض ما فقدناه بِه.."
بعد وقت خرجت شاهندا من غرفتها وجدت شيري وفرح متجهان للأسفل..
شاهندا بتساؤل : رايحين فين؟
شيري : رايحين مع سيليا هتشتري شوية حاجات وقولنا نروح معاها.
شاهندا : طب كويس وأنا رايحة مع ميرا تعالوا نروح سوى.
فرح بسعادة : دا كده حلو أوي ييس..
شيري : بتموتي إنتِ ف أي خروجة.
فرح : طبعًا حد يلاقي خروج وميخرجش؟
هزت شيري كتفيها وأردفت : أكيد لأ.
فرح : يبقى يلا بينا بقى..
مرت الأيام والجميع مُنشغل بتحضيرات الفرح، الجميع سعيد، مُبتسم، رغم كُل ما مر عليهم، يفكرون بلحظة الآن وليس بلحظة الماضي، يعيشون ما يحدث معهم الآن وهي السعادة لِما سيقبل عليهم
طبيعة الدنيا هي الاستمرارية وقبول أي شئ بِها، برغم أذيتها لنا ولكن لا يحدُث بِها شيئًا أكبر من طاقة تحمُلنا، نظن نحن أننا غير قادرون وأن ذلك شيئًا فوق طاقتنا وطاقة تحملنا ولكن يرى الله شيئًا آخر، لا يُكلف الله نفسًا إلا وسعها، وتِلك الآية تنطبق على كل شئ نمُر به، لو كان أكثر من طاقتنا ولو أننا لن نقدر على الصمود والمواجهة لكان الله لن يُكلفه لنا، ولكن يا عزيزي إنها مسألة إيمان بالله لا أكثر، كُلما آمنت بِه وبِما يضعهُ لك، كُلما تقبلت كل شئ يحدث معك، تعايشت منه وعوضك هو خيرًا منه؛
تِلك طبيعة دُنيانا عزيزي.."
💞 هوس عاشق 💞
الفصل الرابع والعشرون.
.....................
في بداية يومٍ جديد..
في ڤيلا الفيومي، بإحدى الغُرف تجلس الفتيات معًا، يتجهزون جميعهن..
ميرا بتوتر : بقولكوا إيه
فرح : قولي.
ميرا : أنا مش هتجوز، قولوا لعامر يلغي الفرح، أنا غيرت رأيي خلاص..
شيري : هو أوردر يا بنتي عشان تقولي غيرت رأيي!! فهميني بس هل هو أوردر!!
سيليا مؤيدة لحديث ميرا : أيوة عندك حق، وأنا على إيه أربط حياتي بواحد إيه يضمنلي ميتغيرش بعد الجواز!!
ميرا : أه وممكن بعدها نخلف ويرميني أنا والعيال وهو يتجوز ويشوف حياته!!
سيليا : أيوة، إحنا نلغي الفرح.
ميرا : تفتكري يوافقوا؟
سيليا : خلاص نهرب مفيش حل غير كده.
ميرا بتفكير : أيوة إحنا نهرب وهما يدوروا على بنتين تانيين هُبل يضحكوا عليهم، إنما إحنا لأ، مش إحنا الي يضحك علينا..
كانوا يتحدثون بجدية تامة بينما باقي الفتيات ينظرون لهم بفاهٍ مفتوح ودهشة من حديثهم ممزوجة بالضحك.
نورسين : طب وإنتِ يا ميرا شايفة عامر ممكن يرميكِ بعد كده؟ وإنتِ يا سيليا؟
شيري بصوتٍ شبه عالٍ : إنتِ بتقوليلهم إيه يا ماما!! دي الكوافيرة جاية يا حبيبتي!! إنتوا جايين تتناقشوا دلوقت هتتجوزوا ولا لأ!! ده على أساس مثلا إنهم بيتقدموا دلوقت!! النهاردة الفرح يا حبيبتي إنتِ وهي، ويلا كل واحدة فيكوا تظبط مسكاتها وتتنيل تاكل عشان هتحطوا الميك أب وتلبسوا فساتينكوا ومفيش أكل تاني غير لما تروحوا بيتكوا..
سيليا : ما تطرودينا أحسن!!
شيري : وعلى إيه اطردكوا دلوقت، كلها شوية وقت وكل واحدة فيكوا هتروح بيت جوزها أساسًا، واتفضلوا خلصونا عشان أنا جعانة والأكل هيبرد..
ميرا : أه يلا لأحسن تاكلنا..
أردفت شيري والطعام بفمها : سمعاكِ ها..
مر الوقت عليهم وسط ضحكاتهم معًا ومرحهم، وانتهى الجميع و وقفوا أمام بعضهم..
سيليا : أنا حلوة صح؟؟
شيري بنبرة حانية : قمر يا حبيبتي، إنتِ قمر و والله إنتوا خسارة ف العيال دي.
ميرا : بجد؟
شيري : عندك شك ف جمالك يعني؟
نورسين : قمرات والله يا حبايبي..
سيليا : طيب أنا عاوزة اقولكوا على حاجة..
لينا : قولي
سيليا بدموع : أنا بحبكوا أوي، ومبسوطة بصحوبيتنا دي، طول عمري كنت عايشة لوحدي مليش صحاب ولا قرايب ولا جيران ولا أي حد خالص، كنت دايمًا وحيدة، و حياتي اتحولت من إني دايمًا لوحدي وعايشة لوحدي ومفيش أي صاحبة ف حياتي، لبقى عندي شلة بنات بيحبوني كلهم وعلى طول معايا ومحسسني إنهم أخواتي مش مجرد قرابة بعيدة وخلاص، بحبكوا أوي...ميرا..فرح..لينا..نورسين..شيري، أنا مبسوطة أوي بصحوبيتنا دي، وبتمنى نفضل كده سوى العمر كلوا، نفضل صحاب ومع بعض ودايمًا واقفين ف ضهر بعض وبنساعد بعض وبنشجع بعض، بحبكوا أوي أوي بجد..
ثم نظرت لشاهندا وأكملت : وشاهي، حقيقي أنا بحبك أوي
ميرا : وأنا كمان، كنت مغتربة على طول ف أمريكا ومعرفتش أصاحب فيها وأكون شلة برغم إن طول عمري كان نفسي ف صحاب جدًا بس معرفتش أطلع بصاحبة، ودلوقت بقى عندي إنتوا، ومش صحاب لأ بقينا كلنا عيلة مع بعض.
لينا : وأنا كنت دايمًا منعزلة وبعيدة عن الكل ودلوقت مبقاش فيه يوم واحد أقدر اعديه من غيركوا..
إحتضنت الفتيات بعضهن البعض وهم يردفون بصوتٍ واحد : ربنا يخلينا لبعض ويديم وجودنا لبعض..
إبتعد شيري وهي تردف : إيه يا بنات مش كده الميك أب هيبوظ والله، تعالوا يلا اظبطلكوا الميك أب ونعمل آخر لمسات كده عشان ننزل بقى..
لينا : أه يلا، أنا عندي كبت كبير أوي وعاوزة أرقص يا جماعة..
شيري : دا كلنا هنرقص يا بنتي إنتِ بتقولي إيه بس!
بينما على الجانب الآخر..
زياد بتوتر وهو يعدل بدلته : البدلة مظبوطة؟ شكلي حلو؟
زين وهو يحتضنه بفرحة : كلك حلو يا زياد.
زياد : بجد يا زين؟
زين : بجد يا قلب زين، تعرف يا زياد أنا حاسس بإيه دلوقتي؟
زياد بتساؤل : إيه؟
زين : شوفت شعور الأب لي هو كان عايش حياته يربي ويعلم ف عياله و جه اليوم الي بقى أصلع فيه وكبر خلاص وشايف عياله قدام عنيه كبروا، وكمان بيتجوزوا؟ متخيل فرحة قلبه؟ أهو أنا فرحتي بيك كده دلوقت، فرحة أب بفرح إبنه وهو شايفه عريس بعد ما تعب عمره كلوا يكبر ويربي فيه و ف الآخر شايفه قدامه بالبدلة.
إحتضن زياد أخيه وأردف ببكاء : ربنا يخليك ليا، وأنا يا زين بعتبرك أبويا دايمًا، عمري ما حسيت إنك أخ وبس، من يوم موت بابا وأنا شايفك مكانه، نفس خوفه عليا و وقوفه جمبي، ربنا ميحرمنيش منك.
زين بحنو وهو يربت على كتفه : ولا يحرمني منك يا قلب أخوك.
مالِك من خلفهم : خلاص بقى هنقضيها عياط ولا إيه؟
إبتعد الإثنان عن بعضهم بينما أكمل مالِك وهو يضع يديه على كتفيهم : إنتوا عارفين غلاوتكوا عندي عاملة إزاي؟ إنتوا عيالي، بحسكوا ضلع من ضلوعي، لو ضلع مني مال إنتوا بتكونوا مكانه، مش هقولكوا أنا أبوكوا والكلام ده؛
بس إنتوا ضلعي الثابت الي مقدرش استغنى عنه، وفرحتي بيك يا زياد دلوقت متتوصفش، زي ما زين وصفلك فرحته بيك كده بس أنا على أكبر..
زين بمرح : فرحة الجد بأحفاده بقى..
ضربه مالِك وأردف : هه خفيف يا زين، وإنت عاوز أفرح بيك إنت كمان بقى.
إبتسم زين بحزن وأردف : لأ شيلني من دماغك دلوقت، موضوع الجواز ده مش سكتي..
مالِك : أه عشان تقضيها عط براحتك..
هز زين كتفيه ببراءة : أنا يا مالِك؟
مالِك : آمال أنا!!
زين : معرفش إنت أدرى بنفسك والله..
مالِك وهو يشمر ساعديه : لأ دا إنت شكلك وحشتك العلقات بتاعتي..
زين بصراخ وهو يقف فوق الأريكة خلفه : البدلة هتتكسر وحياة إبنك الي مشافش دنيا..
مالِك وهو يهندم بدلته : تعرف، لولا بس إنك حلفتني لكنت قطعت البدلة كتى ولا يهمني..
زين وهو يمسك ببدلته وباليد الأخرى يمدها للامام كأنه يوقف مالِك ويردف بصراخ كوميدي : لااااااااا كلوا إلا الشرف!!
ضحك الجميع معًا بينما استدار مالِك نحو عامر الواقف بصمت، ينظر لهم فقط، تخيل لو أبيه كان معه، ينظر لهُ بإبتسامة وعيناه تلمع لفرحته لفرحة إبنه، كلمات زين عن فرحة الأب بإبنه أيقظت حنينه بداخله لأبيه، يتخيل لو كان موجود معه الآن لحقًا كان أسعد إنسان الآن..
قاطعه مالِك من شروده متسائلًا : مالك يا عامر؟
عامر وهو ينتبه له : ها لأ أبدًا، إيه مش هنروح نجيبهم؟
مالِك : كلمت نورسين قالت لسة قدامهم ربع ساعة ويخلصوا، ومقولتش مالك بردوا واقف مسهم ليه؟
عامر : أبدًا مفيش، افتكرت حاجة كده، المهم بس إيه الحلاوة دي؟ أنا حاسك إنت العريس مش أنا وزياد!!
مالِك بإبتسامة وقد فهم ما يحزن عامر وجعله شاردًا : طبعًا إنت عارف إنت عندي إيه يا عامر..
صمت لثوانٍ وأكمل بمرح : واحد خانقني بقاله خمس سنين وما صدقت أتجوز عشان يحل عن دماغي شوية بجفافه العاطفي الي بيكون عنده يوميًا ف الشغل.
عامر بدهشة مُصطنعة : أنا يا باشا!!
مالِك : آمال أنا!!..
ثم استرد حديثه بجدية : عامر، أنا بعتبرك أخويا الصغير، وعاوزك تعتبرني كده إنت كمان، تعتبرني أخ كبير، تعرف أنه دايمًا وراك و فضهرك، أخ لو حس إنك هتميل لو هيقع عشان يسندك هيقع من غير تردد لثواني، الي بينا مش قليل، إنت مريت معايا بكُل مراحل حياتي وبدايتي للشركة، دخلت الشغل معايا وبعدين لقيتك شخص شهم وجدع و واحدة واحدة أدخلت ف عيلتي كلها، عرفتك على أهل بيتي كلهم يا عامر، يوم ما جلال كلمني وقالي عليك لميرا أنا حقيقي كنت بتمنى إنك تتجوز ميرا لأني عارف عامر ده يبقى إيه، أخ صغير ليا وأنا أخوه الكبير واحفظ دي كويس أوي، يوم ما تحس أنك محتاج لسند أو محتاج لأي حاجة يا عامر ف أنا معاك و وراك و ضهري ف ضهرك زيك زي زين وزياد بالظبط، وإن هما ضلع مقدرش استغنى عنه ف إنت زيهم بالظبط يا عامر، مقدرش استغنى عنك لا ف شغل ولا فحياة
احتضنه عامر والدموع تنهمر من عينيه : وأنا ربنا يعلم والله بحبك إزاي يا مالِك وبعتبرك أخ وصاحب فعلًا، من يوم ما بقيت بشتغل معاك وأنا مش حاسس إنك مديري ف الشغل لأ إنت صاحبي وكنت بتعلمني كل حاجة ف الشركة واحدة واحدة وخبرتي مكنتش قليلة لأ ده أنا مكنش عندي أي خبرة أساسًا وبرغم كده وقفت معايا وساعدتني لحد ما بقيت الشخص الي أنا عليه دلوقت.
ربت مالِك على كتفيه بحنو وأردف : وأنا معاك دايمًا يا عامر، ويلا بقى عشان تاخد عروستك وكمان زياد هيقتلنا دلوقت..
ضحك عامر ونزل جميعهم من الغرفة متجهين لغرفة الفتيات..
صعد عامر أولًا و وقف بالخارج وخرجت لهُ سيليا، وقفت أمامه وأردف بإبتسامة ونبرة حانية : زي القمر يا قلب اخوكِ، مبروك يا نُص قلبي الي كان ناقص ويوم ما لقيتك من تاني إكتمل.
احتضنته والدموع إجتمعت بأعينها وأردفت : تعرف يا عامر إني لحد دلوقت مش مصدقة والله إننا خلاص بقينا مع بعض، أنا مكنتش عاوزة أتجوز وكنت عاوزة أفضل معاك وقت أطول، أعيش معاك ف بيت واحد واشبع منك واعوض السنين الي اتحرمناها من بعض..
أبعدها عن أحضانه وأردف وهو يحتضن وجهها بين يداه : ومين قالك يا قلب اخوكِ إننا هنبعد عن بعض؟ هنكون سوى يا سيليا واعوضك إنتِ وماما عن كل يوم كنتوا بُعاد عني فيه..
سيليا : بحبك اوي يا عامر..
عامر وهو يقبل رأسها : ربنا يحفظك ليا إنتِ وماما يا قلب اخوكِ
وضعت يدها بيده ونزلت معه للأسفل..
بينما كان يقف زياد بغضب وأردف بغيرة لزين الواقف بجانبه : يصبر عليا على حضنه ليها ده، والله لاقتله..
زين بضحك : أهدى بس كده ده اخوها يا ابني..
زياد بغضب : والله!! يعني بدل ما ينزل بيها يديهاني قعد فوق يحضن فيها ويغظني!! وبعدين لو مين ميحضنهاش بردوا!!
قطع حديثه نزول عامر و وقوفه أمامه وهو يعيطه يد سيليا ويردف : أنا بديك قطعة من قلبي يا زياد..
زياد بإبتسامة عاشقة : والقطعة دي أنا هحطها جوة قلبي.
إبتسم لهُ عامر واستدار بجسده بعدما أعطى أخته لزياد وخرج الاثنان من الفيلا يركبا السيارة المخصصة لهم، وفي الداخل ينزل جلال مُمسكًا بيد ميرا ليعطيها لعامر..
وقف جلال بميرا أمام عامر وأردف بتحذير : لو أبوك وحشك ف يوم يا عامر وحسيت إنك عاوز تشوفه، ابقى زعل بنتي.
عامر : يعني الناس تقول مبروك، خلي بالك منها، متزعلهاش، حطها ف قلبك، حافظ عليها، مش الي إنت بتقوله ده!!
جلال بسخرية : أهو دا الي عندي يا حيلتها، وإلا مفيش جواز بقى..
عامر وهو يأخذ بيد ميرا سريعًا : لأ مفيش جواز إيه، تعالي.
أمسك عامر بيد ميرا وخرج الإثنان من الفيلا وركبا السيارة المخصصة لهم..
وركب الجميع بباقي السيارات متجهين لإحدى الفنادق المقام بِه حفل الزفاف.
مالِك ولازال هو ونورسين بالڤيلا..
- هوو الي بيحمل بيحلو كده؟ ولا إنتِ حالة استثنائية؟
نورسين بخجل : م..معرفش
ضحك مالِك على خجلها وأمسك بيدها وخرج بِها وركبا السيارة متجهين للفندق..
في الفندق، بعد عقد قرآن زياد، ويتم عقد قرآن عامر؛
يقف مالِك وزين ومحمد بجانبهم.
نظر زين لسيلين التي دعاها للحضور، وجدها تدلف للقاعة، شرد بِها لثوان، حقًا جميلة، بِها شئ خاص كان يجذبهُ لها منذ البداية، شيئًا لم يلحظه سوى آخر لقاء لهم معًا، يجد متاهته معها هي، دائمًا يشعر بضياع نفسه، ومتاهة مشاعره، ولكن بكلامها معهُ ترتب كل ذلك بداخله، تعيد ترتيبه من جديد بحديثه معها الذي يدخل لثنايا أضلعه؛
يُقال بالحُب شخصًا يجيد فهمك جيدًا، أفضل من شخصًا يُحبك ولا يفهمك، غير قادرًا على احتواءك، لا يستطع تقبل حالاتك.."
ونظر لمالِك مرة أخرى وأردف : مش كنت عاوزني أتجوز؟ أنا هكتب كتابي دلوقت معاهم.
نظر له مالِك بدهشة بينما رحل زين من جانبه مُتجهًا لسيلين.
وقف زين أمامها وأردف بإبتسامة : نورتي يا سيلين.
نظرت لهُ ولإبتسامته التي أسرت قلبها، تِلك الإبتسامة التي تضيف لحيته لها سحرًا خاصًا تجذب انتباه قلبها لهُ قبل عيناها وتجعله يشرد بِها.
إقترب زين وهمس بجانب أذنها بخبث : أنا حلو كده يا سيلين؟
انتفضت سيلين وأردفت بتوتر : ها.. لأ مين قال إنك حلو؟
زين وهو يرفع حاجباه : يعني أنا وحش.
سيلين بتسرع : لأ قمر..
زين بضحك : طيب إحنا نشوف الموضوع ده بعدين عشان دلوقت فيه شئ أهم هنعمله..
سيلين : إيه هو؟
زين بإبتسامة : هنتجوز يا سيلين، أنا وإنتِ هنتجوز
نظرت له سيلين بدهشة وأردفت : بطل هزار يا زين.
زين وهو يهز كتفيه: وأبطل ليه يا سيلين؟؟
تنهدت سيلين وأردفت : بس أنا مش موافقة.
زين : لأ يا سيلين هتوافقي، وبعدين آ..اعتبريها يصلح غلطتي معاكِ وهتجوزك.
سيلين : اعتبرها!!
زين : أها..
سيلين : وهي ف الحقيقة إيه؟
إقترب منها زين وأردف بهمس : ف الحقيقة إن بعيدًا عن أي حاجة الي اكتشتفه إني عاوزك إنتِ يا سيلين، عاوز اتجوزك ونعيش سوى طول العمر ف بيت واحد، عاوز عيال منك إنتِ، عاوزك إنتِ أم لعيالي، قولتي إيه؟
أحقًا يسأل ما رأيها بعد كلامته تِلك؟ اللعنة عليك زين وعلى ما تفعله بِتلك الفتاة..
تركها زين واقفة مكانها بدهشتها وحيرتها من كلامه لها، تخشى أن توافق وتندم فيما بعد ولا تكون سوى بديلًا لشخصًا ما، وتخشى أن ترفض وتخسر قلبها معهُ..
فاقت من شرودها على صوت زين العال، نظرت أمامها وجدته يقف وهو مُمسكًا بالميكروفون ويتحدث بِه : تقبلي يا سيلين تتجوزيني وتشاركيني حياتي؟ تقبلي تكوني نصي التاني ونكمل مشوارنا سوى؟ تقبلي نكون أسرة مع بعض أنا وإنتِ وعيالنا ف المُستقبل؟ تقبلي تكوني مراتي وام عيالي وحبيبتي وكل ما ليا؟ تقبلي تتجوزيني بس توعديني متتغيريش معايا وتفضلي نفس سيلين بنفس قلبها وحبها ليا واحتوائها الدايم ليا، وفهمها ليا من غير ما أتكلم، توعديني تفضلي نفس سيلين الي بلاقي الجزء الي ضايع مني فيها هي، تقبلي يا سيلين وتوعديني؟؟
تبكي من كلماته لها، صدمة، بكاء، حزن، فرحة، لا تعرف حقًا ما شعورها الآن تحديدًا، كل ما تعرفه فقط إنها عليها الموافقة الآن، حتى وإن كانت شكوكها تِلك صحية فهي ستكون قادرة على تضميد جروحه وإحياء قلبه من جديد وجعله لها فقط..
سيلين وهي تُحرك رأسها بمعنى نعم وتبكي : موافقة و أوعدك..
إقترب منها زين يإبتسامة وأمسك بيدها وقبلها ولا زالت عيناه تنظر لها بإبتسامة، وأخذ بيدها وذهب ناحية المأذون حتى يعقد قرآنهم، والجميع يُصفق لهم بحرارة وفرحةٍ لهم.
بعد وقت وقف محمد ولينا أمامهم بإبتسامة وأردف محمد بسعادة بادية على ملامحه وجهه : مبروك يا زين.
زين بإبتسامة : الله يبارك فيك يا محمد.
لينا بإبتسامة : مبروك يا زين، مبروك يا سيلين.
سيلين : الله يبارك فيكِ يا قمر، عقبالك
لينا بإبتسامة وهي تمد يدها لها : لينا، بنت خالة زين وصديقة طفولته..
مدت يدها وابتسامتها باتت تتلاشى، هذا ما كانت تخشاه وهو مواجهة تلك الفتاة..
لينا : وده محمد خطيبي.
اكتفت سيلين بالإبتسامة لهم، بينما جاءت فرح وتدخلت بالحوار بينهم بسعادة : وإن شاء الله نكون كلنا صحاب، ونعرف سيلين على شلتنا وتنضم لينا.
لينا بإبتسامة : أكيد هتنضم، صح يا سيلين؟
سيلين بإبتسامة مقتضبة : آ.. أكيد.
ابتسمت لها لينا وفرح وتعرفت سيلين على باقي أفراد الأسرة..
بعد وقت انفرد بِها زين بعيدًا عن الضجيج..
سيلين : إنت متأكد إن لينا كانت بتحبك؟
إبتسم لها زين واردف : محبتش لينا يا سيلين، يمكن أو الأكيد إنها ف يوم حبتني لكن أنا لأ، لينا لما جت عرفتك عليها قالتلك إنها بنت خالتو وصديقة طفولتي، لينا أنا وهي كنا صحاب أوي، وكنا لآخر لحظة صحاب، لحد ما أنا عرفت إنها بتحبني وبعدت عنها، حسيت باللي هيحصل واختارت إني ابعد عنها، قربي منها الدايم وان من واحنا صغيرين مع بعض، كل حاجة بنعملها سوى، كنت أنا الي بوديها دروسها وبجيبها، أسراري كلها معاها، لغايت معرفتي للبنات، سهراتي معاهم كانت تعرف كل ده، كانت عارفة الوحش عني قبل الحلو؛
يوم ما أنا عرفت إنها ممكن تضيع مني بسبب تدخل محمد بينا ف أنا قررت أقولها إني بحبها عشان مخسرهاش، من طبعي مبحبش الخساير والهزيمة ف حاجة، ما بالك بقى بخسارة صاحبة طفولتي؟
سيلين بحزن : كل ده وجع قلب قدمته ليها يا زين، تعرف أنا استغربت أوي ابتسامتها ليا ولا كأن كانت بتحبك ف يوم، بس عرفت دلوقت سر ده إيه..
زين بعدم فهم : إيه السر؟
سيلين : وجع مُتراكم خدت عليه منك ف بقى الموضوع عادي بالنسبة ليها.
زين : يمكن، أو يمكن لأ، محمد كويس بيحبها، عمل معاها كتير أوي لو كانت بنت مكانها ومحمد عمل ربعه، كان زمانها دايبة فيه، هي حبيت محمد وده الي باين يا سيلين، ربنا يسعدها معاه.
سيلين بإبتسامة حزينة على لينا : يا رب.
أمسك زين بيدها وقربها منه وحاوط خصرها بيد وباليد الأخرى لا زال مُمسكًا بيدها وأردف : آلا قوليلي، يعني قاعدة تكلميني عن واحدة تانية، وكنتِ عارفة إنها بتحبني، ومفيش أي معالم غيره ظهرت عليكِ؟
سيلين : أغير لو إنت بتحبها، وبعدين أنا مش من نوع البنات الهامش والمتهور ده، أنا نوع عقلاني جدًا وبفكر بعقلي قبل قلبي ف كل شئ يا زين.
رفع زين حاجباه وأردف : يعني مش هتغيري خالص لو عرفت أي واحدة عليكِ؟
حاوطت سيلين ذراعيه وأردفت : تؤتؤ مش هغير يا حبيبي، بس لو حابب إنك تقابل رب كريم ابقى فكر بس مُجرد تفكير إنك تعمل كده..
ضحك زين عليها وأردف : لأ وعلى إيه..
ثم أكمل بمُشاكسة : وبعدين أفكر ف واحدة تانية ليه وإنتِ معايا؟
سيلين : جدع يا روحي.
أبتسم لها زين وضمها لصدره..
مر اليوم بسلامٍ على الجميع، وذهب كلًا منهما على بيته..
في منزل سيليا وزياد..
دلف الإثنان لشقتهما، و وقفت سيليا تطلع حولها بإنبهار وأردفت : واو يا زياد الشقة تحفه بجد.
زياد بإبتسامة : دي عيونك الي تحفه، وبعدين هي حلوة عشان إنتِ الي هتقعدي فيها يا روحي.
ابتسمت لهُ سيليا ودلفت حتى تبدل ثيابها بينما دلف زياد للغرفة الأخرى حتى يترك لها حُريتها قليلًا..
بعد وقت خرج الإثنان وأردفت سيليا : أنا جعانة أوي..
زياد : وأنا كمان، يلا ناكل..
جلس الإثنان لتناول الطعام، وبعد وقت انتهوا، أبتسم اها زياد وأردف : تعالي هنا يا سيليا نتكلم شوية.
سيليا : لأ إنت عاوز تخدش حيائي.
زياد : اخدش حيائك!!
سيليا : أه، ومش هسمحلك بكده يا زياد، لا يمكن تخدش حيائي..
اقترب منها زياد بإبتسامة : هو مش أنا جوزك؟
سيليا بتوتر وهي تبتعد : أه..
زياد : يبقى إيه المشكلة أما اخدش حيائك؟؟
وبعدين أنا كنت هتكلم بس فعلًا ومكنتش هخدش حياء ولا حاجة، بس بعد كلامك والله لأعمل كده..
سيليا وهي تنهض من جانبه سريعًا : لأ والله لانت قايل كنت هتقول إيه..
زياد : والله أبدًا لا يمكن، بعدين يا روحي هقولك..
سيليا وهي تبتعد من حتى اصطدم ظهرها بالحائط وأردفت بتوتر وهمس : لأ دلوقت..
زياد وهو يهمس أمام شفتاها : تؤ تؤ بعدين
