رواية لعنة العشق الفصل الخامس والسادس بقلم شاهندة


 روايةلعنة العشق

الفصل الخامس والسادس

بقلم شاهنده

الفصل الخامس

نادى الدكتور عاصم على جورى فور مغادرتها المحاضرة قائلا:


آنسة جورى !


توقفت كل من جورى وسوسن اثر سماعهما لندائه..اقترب منهما الدكتور عاصم موجها حديثه الى جورى قائلا:


ممكن نتكلم شوية؟


نظرت سوسن اليهما ثم تنحنحت قائلة:


احم..هستناكى فى الكافتيريا ياجورى


لم تبالى سوسن بنظرات الاعتراض من جورى لتتركهما بمفردهما..التفتت جورى بعد مغادرة صديقتها الى الدكتور عاصم قائلة بهدوء:


خير يادكتور؟


قال عاصم بتوتر:


أنا.. أنا كنت عايز آخد ميعاد من والدتك..الحقيقة ومن غير لف ودوران..أنا معجب بيكى من فترة ولما فكرت ارتبط ملقتش أنسب منك تشاركنى حياتى..فيا ترى..يعنى رأيك ايه ؟موافقة ترتبطى بية ياجورى؟


ألجمتها الصدمة فصمتت لا تدرى بما تجيبه ليقول بمزاح متوتر:


هى كلمة آه أو لأ..بتهيألى هيكونوا رد مناسب أوى لسؤالى على فكرة


تمالكت نفسها قائلة :


الحقيقة يادكتور أنا مبفكرش فى الارتباط الفترة دى ..انا كل تركيزى فى دراستى وبس


قال عاصم فى حرج:


بس ده ما يمنعش انك ترتبطى وفى نفس الوقت تركزى فى دراستك وتأكدى انى مش هقف فى طريقك .بالعكس هشجعك وأساعدك..إلا لو كان اعتراضك علية أنا


قالت بارتباك:


الحقيقة يادكتور حضرتك شخصية محترمة جدا وبقدرها ..واكيد اى واحدة فى الدنيا تتمناك بس..


لم تدرى كيف تجمل جملتها ليقول عاصم بحزن:


أى بنت إلا أنتى..صح؟


صمتت جورى ليستطرد بحزن:


فيه حد فى حياتك..مش كدة؟


ظلت صامتة ليدرك الاجابة ليقول بهدوء:


اتأخرت كتير وده من سوء حظى..بتمنالك السعادة من كل قلبى


ثم تركها وابتعد لتنظر إثره فى حزن..تعلم أن الدكتور عاصم هو حلم كل فتاة فى الجامعة وتعلم أنها برفضه أضاعت منها رجلا رائعا من أجل أوهام احتلت قلبها ولكنها لا تستطيع أن ترتبط بأحد قبل أن ترى أيهم ولو لمرة واحدة وتتأكد أن مشاعرها تجاهه هى مجرد.. أوهام


************


قال أدهم فى ثبات:


أفندم يابابا..حضرتك كنت عايزنى


قال راجى فى حدة:


ايه اللى بينك وبين اللى اسمها كارمن دى ياأدهم؟


قال ادهم فى دهشة:


تقصد ايه يابابا؟


قال راجى بسخرية:


اقصد المشهد العاطفى اللى شفته من شوية


قال ادهم بهدوء يحاول أن يهدئ به غضبه من تدخل والده بأموره الشخصية:


ده مكنش مشهد عاطفى ولا حاجة..دى واحدة دخل فى عنيها تراب وشلتهولها لأنها كانت بتتألم ..بابا.. ياريت تعرف ان كارمن انسانة محترمة جدا ..من يوم ما اشتغلت عندنا واحنا مشفناش منها غير كل خير مش زى ليلى خالص وتقدر تتأكد من ماما وانت عارف ان نظرتها وحكمها على حد دايما بيكونوا صح..أهم حاجة بقى انك عارفنى وعارف ان لو فيه بينى وبين كارمن حاجة فدبلتى كانت هتبقى فى ايدها دلوقت..انا طول عمرى دوغرى ومليش فى الغلط


قال راجى بحدة:


من غير ما تاخد رأيى ياأدهم؟


زفر ادهم بقوة قائلا:


يابابا..أنا بقول لو..وبرد على اتهامك لية بس..ولو فى يوم من الأيام حسيت انى عايز أرتبط..أكيد انت أول واحد هتعرف..وآسف لو للحظة حسيت انى اتجاوزت حدودى فى الكلام معاك


نظر اليه راجى بتفكير ليقول بعد ثوان:


خلاص يا أدهم..محصلش حاجة..قولى بقى عملت ايه فى مرجانة؟


تنهد أدهم بارتياح لتغيير أباه الموضوع وهو يقول:


خلاص اتفقنا مع المنشاوى على كل حاجة حضرتك عايزها..ومعتش غير انكوا تمضوا العقد..هو بس كان مستنيك لما ترجع..يعنى اعتبرها بقت بتاعتنا


ابتسم راجى قائلا بفخر:


برافو عليك ..كنت عارف انك انت اللى هتقدر تقنعه


قال ادهم وهو يهز كتفه قائلا:


والله يابابا..انا معملتش حاجة هو بس بتهيأله انى ممكن اكون عريس مناسب لبنته سحر وده اللى خلاه يتساهل معانا شوية فى بيع فرسته


نظر اليه راجى وقد التمعت عيناه قائلا:


طب وليه لأ ياأدهم ..سحر بنت جميلة ومن عيلة وألف من يتمناها


قال أدهم فى شرود وقد حضر الى ذهنه فى تلك اللحظة صورة كارمن:


مش هى اللى هقدر أتجوزها وأكمل عمرى معاها ولا هى اللى أقدر ائتمنها على ولادى..سحر زيها زى ديالا..الاتنين فاكرين ان الجواز فسح وحفلات مش مسئولية وتكوين عيلة ..انا اتجوزت مرة جواز مصلحة يابابا ومش مستعد أكررها تانى..خصوصا وانا معايا طفلين لازم أفكر فيهم


أومأ راجى برأسه فى تفهم فزيجة ولده الأوسط لم تعجبه أبدا..وزوجة ابنه ديالا ليست هى من يريدها اما لأحفاده..فهو يريد لأولاده من هى مثل أمهم تماما..رقيقة ..جميلة وقوية..رقت عينيه وهو يتذكر حبيبة قلبه وجد..لقد أوحشته كثيرا..ترى أين هى؟


ليخرجه أدهم من أفكاره قائلا:


فى الجمعية الخيرية..بتظبط شوية حاجات قبل رجوع أيهم..أكيد متعرفش انك جاى انهاردة


نظر اليه راجى بدهشة ليستطرد أدهم قائلا بابتسامة:


عرفت من عنيك..لما بتفكر فى ماما بيبقى فيهم نظرة عمرى ما شفتها غير ليها


ابتسم راجى قائلا:


طب يلا ياحدق على المزرعة خلص كل اللى وراك..أخوك جاى بكرة وكل شئ لازم يبقى تمام..وإلا مش هنخلص من وجد هانم الفيومى


ابتسم أدهم وهو يومئ برأسه ويخرج من الحجرة تاركا راجى ينظر من النافذة الى السماء يرى صورة محبوبته التى رغم مرور السنوات على زواجهم إلا أن حبهم لم يقل يوما بل يزداد كل يوم..يشعر بشوقه اليها الآن كشوقه لها منذ أول يوم رآها فيه..انها هى من تنير حياته وتروى ظمأه..هى حبيبته وجد


*************


كان مهيب يجلس فى الحديقة يفكر فى مايا وشعوره تجاهها..يفكر فى كيفية التعامل مع مشاعره..دون أن يخرب بيته..فهو لايريد أن يظلم ديالا..ليفاجأ بيد توضع على عينيه وصوت ديالا يقول فى دلال:


أنا مين؟


ابتسم ابتسامة مصطنعة وهو يفتح يدها الموضوعة على عينيه قائلا وهو يجلسها على رجليه يحاول ان يبعد عنه ذلك الاحساس بالذنب:


مفيش حد ليه الحق فى انه يحط ايده على وشى بالشكل ده غيرك ياديالا


ابتسمت ديالا قائلة:


حبيبى شكله رايق انهاردة


ابتسم قائلا:


احتمال..ها..عايزة ايه ياديالا..قولى


اتسعت ابتسامتها وهى تقرصه فى وجنته قائلة:


ليه بس بتفهمنى غلط؟


قال مهيب:


يعنى انتى عايزة تفهمينى ان الدلع ده كله لله فى لله وانك مش عايزة حاجة منى؟


مطت شفتيها بحزن مصطنع قائلة:


هو انا مبدلعش عليك يامهيب غير لما بكون عايزة حاجة منك؟


قال مهيب بسخرية:


تصدقى..آااه


وقفت غاضبة لتقول:


خلاص يامهيب..أنا هقوم وامشى أحسن


ليمسكها من ذراعها ويجلسها بجواره قائلا:


اهدى كدة وتعالى اقعدى وقولى طلباتك من غير نرفزة


عادت اليها ابتسامتها وكأن حزنها وغضبها لم يكونوا موجودين..ليبتسم مهيب بداخله بسخرية وهو يتأكد انه بات يفهم ديالا..تبا لقد انزاح الغطاء من على عينيه..وأصبح يرى دواخلها ..يراها كما هى تماما..لتقول هى بحماس:


اخوك بكرة راجع من السفر ..وانا عايزة اخرج أجيب فستان يليق بمرات مهيب الفيومى..عايزة ابقى احلى واحدة فى الحفلة اللى أهلك عاملينها والكل هناك يتكلموا عنى


قال مهيب ببرود وقد أشعلته كلماتها:


انا قلتلك مفيش فساتين جديدة لآخر السنة..و ناس مين اللى تبصلك وتتكلم عنك..أكيد تعرفينى كويس وتعرفى انى مش ممكن أسمح بكدة..ومش كل مرة هقولك فستانك يبقى محترم ويليق بزوجة محترمة..وبعدين مصاريفك كترت اوى ياديالا..كل يوم والتانى طالعالى بطلب شكل


زفرت ديالا بملل قائلة:


يوووه يامهيب..هو انا كل ما هطلب منك طلب..هتسمعنى الكلمتين دول..اومال لو مكنتش من عيلة الفيومى..أغنى ناس فى البلد


ثم نهضت قائلة بعصبية:


خلاص ياسيدى انسى انى طلبت منك حاجة


قال مهيب بنفاذ صبر:


خلاص ياديالا..عايزة تشترى فستان..اخرجى واشتريه..أنا مبقتش حمل مناهدة معاكى


ابتسمت وهى تعود لتجلس بجواره قائلة:


ربنا يخليك لية ياحبيبى


نظر الى عينيها للحظة يتأملها..يبحث عن الصدق داخلهما..ليتنهد قائلا:


بتمنى بجد أكون حبيبك؟؟


ابتسمت قائلة:


طبعا حبيبى..اوعى يكون عندك شك يامهيب


تأملها بتردد ليحسم أمره قائلا:


طب ايه رأيك نجيب ولاد ياديالا؟


انتفضت قائلة بعصبية:


احنا اتفقنا مفيش خلفة قبل خمس سنين..انت رجعت فى كلامك ولا ايه؟


تأمل عصبيتها ليقول بخيبة أمل:


يعنى انتى لسة مصممة على رأيك؟


قالت بحزم قاطع:


طبعا مصممة ..انا مش مستعدة خالص انى أجيب عيال وأبوظ جسمى و أسهر وأرضع وأدادى وأعمل كل الحاجات الغريبة دى واللى بتعملها الأمهات


قال مرددا كلماتها فى صدمة:


حاجات غريبة بتعملها الأمهات


ثم استطرد بيأس من تغييرها:


لأ معاكى حق..قومى روحى ياديالا هاتى الفستان عشان متتأخريش


قالت ديالا:


مش هتيجى معايا؟


هز رأسه نفيا وهو يقول:


لأ ياستى مش هاجى.. عم سيد اللى هيوصلك ..اصلى رايح أعمل حاجات غريبة من اللى بيعملها الرجالة وأشتغل


شعرت به يسخر من كلماتها ولكنها لم تعقب وهى تبتعد مغادرة لينظر مهيب الى السماء قائلا:


مفيش فايدة


***************


قالت سوسن بفضول:


دكتور عاصم كان عايزك فى ايه ياجورى؟


زفرت جورى بضيق قائلة:


كان عايز يخطبنى


اتسعت عينا سوسن بدهشة مالبثت أن انقلبت إلى سعادة قائلة :


يابختك ياجورى..طب ردك عليه كان ايه؟


قالت جورى:


أكيد رفضت


قالت سوسن باستنكار:


نعم يااختى..عملتى ايه؟


قالت جورى وهى تتلفت حولها:


وطى صوتك شوية..بقولك رفضت..فيها ايه دى؟


قالت سوسن:


طب ليه بس..ده بنات الجامعة كلهم يتمنوا يبقوا فى مكانك


جلست جورى تشعر بثقل قلبها قائلة:


ما هو مينفعش ياسوسن


قالت سوسن بحيرة:


ايه هو بس اللى مينفعش؟


تنهدت جورى قائلة:


مينفعش اوافق على حاجة قلبى رافضها ومش مقتنع بيها..قلبى مش ملكى ولحد ما اتأكد انه ملكى ومعتش متعلق بحد مقدرش ارتبط..مينفعش اظلم حد معايا وخصوصا لو دكتور محترم زى الدكتور عاصم


نظرت اليها سوسن قائلة:


وامتى بقى هتتأكدى ان شاء الله؟


قالت جورى بتصميم:


بكرة..بكرة هشوفه وهتأكد اذا كان قلبى لسة مشغول بيه وفيه أمل ولا خلاص أرمى كل حاجة ورا ضهرى وانسى


قالت سوسن:


هو راجع بكرة؟


أومأت جورى برأسها قائلة:


أيوة..وعاملين حفلة كبيرة بكرة بمناسبة رجوعه..هروح الحفلة واشوفه ولو من بعيد


قالت سوسن:


من بعيد ايه ياست جورى..ادخلى الحفلة وقابليه


قالت جورى بصدمة:


اقابل مين ياسوسن..انتى اتجننتى..دى حفلة عيلة الفيومى..سيبك من انى مش معزومة اصلا لأنها محلولة عشان طنط وجد بتحبنى واكيد مش هتمانع احضر الحفلة..بس انا اصلا معنديش حاجة احضر بيها مناسبة كبيرة زى دى


قالت سوسن بحماس:


دى محلولة بردو وسيبيها علية..عندى ليكى فستان يجنن ملبستوش غير مرة واحدة واحنا الاتنين تقريبا مقاس واحد..ده غير انه هيليق عليكى اوى عشان لون عنيكى..ولوازمه كلها موجودة ..وانا اللى هعملك الميكب وشعرك ياستى..ايه رأيك بقى؟


قالت جورى بقلق:


مش عارفة ياسوسن..خايفة اقابله فى الحفلة..خايفة مشاعرى تبان فى عينية


ابتسمت سوسن قائلة:


لو حسيتى للحظة ان مشاعرك هتبان..اعملى زى سندريلا واهربى من الحفلة بس اوعى تنسى جزمتك..عشان الساحرة الطيبة اللى هى أنا متعلقكيش من رجليكى ياحبيبتى


ابتسمت جورى وهى تضم سوسن فى سعادة قائلة:


ربنا يخليكى لية ياسوسن ..مش عارفة من غيرك كنت هعمل ايه؟


ضمتها سوسن بحنان قائلة:


انتى اختى يابنتى..اختى


ثم ابتعدت عنها قائلة :


يلا بقى عشان تقيسى فستانك ياسندريلا


ابتسمت جورى وهى تسير معها تفكر ..هل حقا ستكون كسندريلا وتفوز فى النهاية بأميرها أم تظل حكايتها قصة خيالية نهايتها حزينة تحكيها لأطفالها يوما من الأيام؟


الفصل السادس


كانت كارمن تجلس فى شرفة حجرتها ترسم بصمت لتسمع صوت صهيل جواد قريبا منها

 ..وقفت تستند الى السور لترى من أين يأتى هذا الصوت لترى جوادا أسودا رائعا

 يعتليه فارس عرفته على الفور..انه أدهم..كان يسير به بطريقة رائعة أبهرتها لتظل 

تلك الصورة فى مخيلتها للأبد..مال أدهم على الجواد يربت على عنقه بحنان ليصهل الجواد مرة أخرى

..همس أدهم بأذن الجواد بكلمات لم تصلها ولكنها عرفت أنها من أجل أن يهدأ الجواد وبالفعل 

..هدأ الجواد بعدها تماما..كان لهذا المشهد على كارمن أثرا كبيرا..وتساءلت بصمت عن

 كيفية معاملة أدهم لزوجته المتوفاة اذا كان بذلك الحنان مع جواده وأولاده.

.كم تحسد زوجته الراحلة لامتلاكها مثل هذا الرجل ولو لفترة قصيرة..لتفيق من أفكارها بصدمة.

.أأصبحت تحسد امرأة متوفاة من أجل ذلك الرجل..لقد جنت حقا..رفع أدهم وجهه فى

 تلك اللحظة ليراها واقفة تتأمله..وما ان تقابلت نظراتهما حتى التفتت بهدوء لتدخل الى

 حجرتها ليعقد هو حاجبيه بحيرة..وتمسك هى برسمتها تنظر لها بعدم رضا لتقطعها وتبدأ برسمة أخرى..لذكرى لا تود أن تنساها مطلقا


************


فى الصباح


تململت كارمن على صوت جودى المهلل وهى تقول:


مس كارمن..مس كارمن


فتحت كارمن عينيها لتواجه عينا جورى الضاحكتين..فابتسمت فى حنان قائلة:


صباح الخير ياسكرة


قالت جودى بابتسامة:


صباح الخير ..قومى يلا


نظرت كارمن اليها بدهشة قائلة:


أقوم فين؟؟


قالت جودى بحماس:


عمى أيهم جه..عمى أيهم حلو أوى يامس كارمن


ابتسمت كارمن قائلة:


مش أحلى منك ياقمراية انتى..انزلى تحت وانا هلبس وأحصلك علطول


سمعوا طرقات على الباب وقبل ان تمنع كارمن الطارق من الدخول..سبقتها جودى وهى تقول:


ادخل


ليدلف أدهم الى الداخل ليتفاجئ بكارمن التى شدت الغطاء حتى رقبتها تغطى نفسها وقد صعدت دماء الخجل الى وجنتيها ليقف أدهم متسمرا للحظة قبل ان يشيح بوجهه وقد احمر وجهه ليقول بارتباك :


أنا آسف جدا بس جودى اللى قالتلى أدخل


ابتلعت كارمن ريقها بصعوبة وهى تقول:


محصلش حاجة..بس ياريت لو سمحت تاخد جودى وتنزلوا وانا هغير هدومى واحصلكم علطول


قال أدهم:


آه ..أيوة..انا كنت جاى مخصوص علشان آخدها..دادة نوال قالتلى انها شافتها داخلة عندك.يلا ياجودى ..عمك عايزك


ابتسمت جودى وهى تغادر مع أبيها فى حين غطت كارمن رأسها بالوسادة قائلة بهمس خجول:


وبعدين معاك ياأدهم..ارحم قلبى شوية..مش كل شوية تخليه يدق بالشكل ده


بينما خرج أدهم من غرفة كارمن ليقف خارجها مستندا على الحائط يغمض عينيه على صورة كارمن وهى مازالت بآثار النوم ..كتفيها المرمريتين..بشرتها الوردية وشفتيها المنفرجتين..وشعرها الغير مرتب و الملتف حول وجهها بجاذبية..يود لو يتخلله بأصابعه ويعيد ترتيبه..ليفيق من أفكاره الجنونية على صوت طفلته يقول ببراءة:


انت نمت يابابا؟؟


فتح عينيه وهو ينظر اليها بدهشة ثم مالبث ان ضحك قائلا:


حد بينام وهو واقف يا جودى؟أدامى يابنتى..أدامى


غادرا سويا وعقل أدهم يخبره أن دقات قلبه المتسارعة تلك لا معنى لها سوى أنه أحب ...وبقوة


*************


دلفت كارمن الى الردهة حيث تجتمع عائلة أدهم الفيومى..لترى شابا يحمل الكثير من ملامح والدته يقف بين والدته وأدهم والتوأمين..والذين تعلوا وجوههم البسمة..انتبه ادهم على الفور لوجود كارمن من رائحة عطرها التى تهادت إليه..ليلتفت اليها فينتبه الجميع لها..وتتسلط أبصارهم عليها.لتشعر هى بالخجل..اقتربت منهم..لتقول وجد بحنان:


تعالى يابنتى أعرفك بأصغر ولادى..أيهم


ثم التفتت الى أيهم قائلة:


كارمن..مربية الاولاد..وصاحبتى المقربة رغم فرق السن ما بينا


ابتسم أيهم وهو يرمقها بنظرة اعجاب قائلا:


تشرفنا


ابتسمت لتظهر غمازتيها وتأسر القلوب ببسمتها قائلة فى رقة:


الشرف لية..حمد الله ع السلامة


اقترب منها وهو يمسك يدها ويقبلها قائلا:


الله يسلمك


ابعدت كارمن يدها بخجل..بينما اقتربت جودى من عمها قائلا:


مس كارمن حلوة زى ما قلتلك ..صح ؟


ابتسم أيهم وعينيه لا تفارق وجه كارمن قائلا:


اوى ياجودى


ليزداد خجل كارمن ويتورد خدها ..كان الجميع غافلين عن عينين تكاد نظرتهما تقتل..يشتعل قلب صاحبهما غيرة تكاد تفتك بأخيه الذى لمس يد كارمن بشفتيه وأغرقها بنظرات الاعجاب ليقول بحدة أدهشت الجميع:


مش تطلع بقى ياأيهم ترتاح شوية عشان تقدر تحضر حفلة بالليل؟


نظر اليه أيهم نظرة طويلة فاحصة..ليبتسم قائلا:


معاك حق يا أدهم..انا فعلا محتاج أرتاح شوية..هشوفكم بالليل


قالت والدته:


مش هتاكل ياحبيبى؟


قبل أيهم يدها قائلا:


انا جعان نوم ياماما..لما اقوم هاكل..سلميلى على بابا لغاية ما أشوفه


أومأت برأسها بحنان ليمشى أيهم متجها الى غرفته..ولكنه عند اقترابه من أدهم مال على أذنه قائلا:


اتقل ياكبير ..مش كدة


التفت اليه أدهم بدهشة ليغمز له أيهم ثم تركه ليصعد الى حجرته..يتساءل أدهم فى حيرة..هل باتت مشاعره واضحة الى هذه الدرجة؟وهل يلاحظها الجميع؟انه حقا لا يدرى


***********


وقفت جورى تتأمل نفسها فى المرآه لا تصدق أن من تراه كانعكاس لها هى جورى..تلك الفتاة البسيطة التى تحولت بالفعل الى أميرة تماما كسندريلا..كانت تلبس فستانا أخضر اللون تماما كعينيها..ضيق حتى خصرها ليتسع بعد ذلك بطبقة من التل ..تصل أكمامه الشفافة المطرزة الى كوعيها..بينما تركت شعرها الناعم مسترسلا ووضعت على رأسها تاجا فضيا صغيرا مطعم ببعض الفصوص الخضراء..كما وضعت بعض اللمسات الخفيفة من الماكياج لتتحول إلى فتاة أخرى..دلفت نوال الى الحجرة لتقف مبهورة .تأملتها والدموع بعينيها قائلة:


بسم الله ما شاء الله..ايه الجمال ده يابنتى؟


التفتت اليها جورى قائلة:


بجد حلوة ياماما؟


شهقت نوال قائلة:


حلوة ايه بس..ده انتى قمر..ربنا يحميكى من العين ياضنايا


قبلتها جورى قائلة فى سعادة:


ويخليكى لية يامامتى


كادت أن تغادر عندما استوقفها صوت والدتها وهى تقول:


جورى !


التفتت اليها جورى لتستطرد نوال قائلة فى حزم:


أنا مش عايزاكى تنسى انك تربيتى..وان لولا مدام وجد قالتلى أعزمك على الحفلة انا مكنتش رضيت ابدا..هم حاجة واحنا حاجة تانية خالص..بس فى نفس الوقت عايزة راسك دايما مرفوعة..انتى الدكتورة جورى..فاهمانى ياضنايا؟


اومأت جورى برأسها لتقول نوال بحنان:


روحى يابنتى ربنا يكفيكى شر العين..ومتتأخريش مفهوم؟


ألقت اليها جورى بقبلة طائرة لأمها الذى يرتجف قلبها حبا....وخوفا


************


نظرت مايا الى نفسها فى المرآه نظرة أخيرة..ثم مالبثت أن أخذت نفسا عميقا قبل أن تخرج من حجرتها متجهة الى الخارج ليوقفها صوت والدتها يقول بصرامة:


مايا


أغمضت مايا عينيها فى ملل ثم فتحتهما وهى تأخذ نفسا عميقا لتلتفت اليها قائلة:


خير ياماما؟


تأملتها علية للحظة قائلة:


فين نضارتك؟


قالت مايا:


قلعتها ولبست لنسيز


قالت علية برضا:


كدة احلى كتير..المهم..لازم تفهمى ان النهاردة يوم مهم بالنسبة لك..وان أيهم ابن خالك هو أملك الأخير فى انك تبقى من عيلة الفيومى..ومش عايزة اوصيكى هتصرفى ازاى انهاردة..انتى ضيعتى قبل كدة أدهم ومهيب ومفتحتش بقى بكلمة..لكن تضيعى أيهم كمان مش هسكتلك أبدا..فاهمة ولا لأ؟


قالت مايا ببرود:


أنا مضيعتش حد من ايدى ياماما..كل شئ قسمة ونصيب..أدهم بالنسبة مش اكتر من أخ ومهيب مكنش ذنبى انه محبنيش ولا حس بية وارتبط بواحدة غيرى..وبالنسبة لأيهم فارتباطنا مستحيل


عقدت علية حاجبيها قائلة:


ليه بقى ان شاء الله؟


نظرت مايا الى عينى علية مباشرة وهى تقول:


لان أيهم بردو بالنسبة لى مش اكتر من أخ..ومستحيل هتجوز واحد وانا لسة بحب أخوه..فياريت تريحى دماغك وتبطلى الكلمتين دول و اللى كل ما تشوفينى تسمعيهملى


امسكتها علية من ذراعها بعنف قائلة:


انتى أكيد اتجننتى..انتى ازاى تكلمينى بالشكل ده؟وبعدين مهيب اتجوز..فاهمة يعنى ايه اتجوز..يعنى لازم تنسيه ومتفكريش فيه..فكرى بس تدخلى عيلة الفيومى ويبقى ليكى مكان وسطهم


قالت مايا بألم:


سيبى ايدى ياماما


تركتها علية وهى تقول بغضب:


لآخر مرة بحذرك يامايا..أيهم هتتجوزيه يااما هتشوفى منى وش عمرك ما تتخيليه


ثم غادرت المنزل تتبعها عينى مايا التى ترقرقت بالدموع وهى تقول بحزن:


مش بايدى ياماما..قلبى اختار خلاص ..هفضل أحب مهيب لآخر يوم فى عمرى ومستحيل أرتبط بغيره ....مستحيل

                       الفصل السابع من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>