روايةلعنة العشق
الفصل التاسع والعاشر
الفصل التاسع
دلفت مايا الى المنزل تنهمر دموعها على وجهها ..حمدت ربها لعدم وجود أمها فى المنزل حتى لا تراها بتلك الحالة..أزالت زينتها بسرعة وخلعت ملابسها ونزلت تحت الدش..تزيل آثار دموعها وحزنها مع المياه الجارية..أنهت حمامها ولفت نفسها فى المنشفة ووقفت أمام المرآه..تنظر الى نفسها بمرارة..فاليوم الذى بدأ سعيدا انتهى حزينا..تماما كقصة حياتها..لمست شفاهها فى حنين..تتذكر كيف قبلها مهيب وكيف ذابت بين ذراعيه..ثم ادراكها بأنه مازال رجلا متزوجا بغيرها..لتشعر بيد تعتصر قلبها بلا رحمة..لبست أول قميص وصلت اليه يدها وجلست على سريرها تسترجع كل ما حدث طوال اليوم..لتشعر بضربات قوية برأسها..أمسكت هاتفها لتستمع الى اغنيتها المفضلة والتى تعبر عن حالتها (على بالى لشرين)
حبيتو بينى وبين نفسى
وماقولتلوش على اللى فى نفسى
ماعرفش ايه بيحصللى لما بشوف عنيه
مابقتش عارفة اقولو ايه..ماعرفش ليه خبيت عليه
بضعف اوى وانا جنبه..وبسلم عليه
كل حب الدنيا ديا فى قلبى ليك
ده انت اغلى الناس عليا وروحى فيك
ده انت لو قدام عنيا اشتاق اليك
على بالى ولا انت دارى باللى جرالى
والليالى سنين طويلة سيبتهالى
يا انشغالى بكل كلمة قولتهالى
الكلام لو كان يعبر على الحنان..كنت قولت انى بحبك من زمان..كل يوم الشوق بيكبر عليا بان....على بالى .....
لتغلق الهاتف..وتمسح دموعها وهى تقول بهمس حزين:
انسى بقى يامايا وحاولى تنامى شوية
دلفت والدتها الى الحجرة فى نفس اللحظة وهى تلقى نظرة واحدة عليها لتقول بحدة:
مالك يابنت سعد..ايه اللى حصل خلاكى معيطة بالشكل ده؟
قالت مايا بضيق:
محصلش حاجة ياماما..انا تعبانة ومحتاجة أنام
قالت والدتها فى غضب:
بقى محصلش حاجة ..ع العموم..بكرة هعرف ايه اللى حصل بطريقتى
قالت مايا بملل:
اعملى اللى يريحك ياماما بس ابوس ايدك سيبينى انام
قالت علية بسخرية:
نامى يااختى نامى..اهو ده اللى انتى فالحة فيه
كادت ان تغادر الغرفة عندما استوقفها صوت مايا يقول بهدوء:
هو انتى كنتى فين ياماما؟؟؟مشفتكيش فى الحفلة..والكل كان بيسأل عليكى
قالت علية بارتباك لاحظته مايا على الفور:
واحدة صاحبتى تعبت فجأة واضطريت اروحلها
قالت مايا:
صاحبتك مين؟
قالت علية بارتباك:
صاحبتى..صاحبتى..سناء
ثم قالت بحدة:
وبعدين يعنى..هو تحقيق ولا ايه؟
قالت مايا بيأس:
ولا تحقيق ولا حاجة..كنت بطمن عليكى بس
قالت علية بسخرية:
لأ فيكى الخير
ثم غادرت الحجرة لتقول مايا بقلق:
ياترى مخبية عنى ايه ياماما؟
**************
فتحت نوال الباب لتفاجأ بابنتها جورى تقف على الباب تبتسم فى حب وهى تقول بسعادة:
مساء الخير على أحلى أم بالدنيا
ابتسمت نوال قائلة:
مساء السكر على أحلى بنوتة فى الدنيا
قبلتها جورى فى وجنتها ثم دلفت الى المنزل..قالت نوال:
شكلها كانت حفلة حلوة ومزاجك رايق ع الآخر
ابتسمت جورى قائلة:
كانت حلوة اوى ياماما..وكنت عاملة زى سندريلا بالظبط لغاية.....
وصمتت تتذكر كلمات أيهم لتقول والدتها:
لغاية ايه؟
ابتسمت تنفض أفكارها قائلة:
أبدا ياستى..لغاية الساعة ماجت ١٢..وساعتها جريت من الحفلة وجيت لك علطول
ابتسمت نوال قائلة:
كان نفسى اشوفك وانتى منورة الحفلة بس لولا تعب خالتك و كتر خيرها ست وجد سمحتلى آخد أجازة عشان اروحلها ..رجعت من عندها بس عشان أشوفك وانتى رايحة الحفلة..ورجعتلها علطول ولسة جاية من عندها من شوية..بعد ما بنتها عايدة جتلها
لم تسمع جورى اى كلمة بعد كلمة ست وجد التى ظلت ترن فى أذنها مرارا وتكرارا..لتتذكر مجددا الفارق الكبير بينهما..حاولت أن تنسى الأمر فاليوم هى سعيدة للغاية ولا تريد لأى شئ أن يعكر صفو سعادتها لذا قالت :
ألف سلامة عليها ياماما..هبقى افوت عليهم بكرة اطمن على خالتى واشوف عايدة بقالى زمان مشوفتهاش
ثم تثائبت قائلة:
أنا داخلة انام ياماما عشان ورايا محاضرة مهمة الصبح..تصبحى على خير
قالت نوال :
تلاقى الخير ياقلب ماما
لتدخل حجرتها ووالدتها تدعوا لها أن يديم سعادتها الواضحة على ملامحها
**************
كانت كارمن تجلس الى جوار وجد بالحديقة..تضع بعض اللمسات الأخيرة على رسمتها بينما يلعب التوأمين بالكرة..تأملتهم لثوان وهى ترى جود يوبخ أخته لرميها الكرة بعيدا لتترقرق الدموع فى عينى جودى..كادت ان تتدخل لتجد جود وقد اقترب من اخته ليضمها بحنان ويهمس فى أذنها بكلمات هدأتها على الفور.. لترتسم على شفتى كارمن ابتسامة حانية..لتنظر وجد الى ابتسامة كارمن وتنظر الى سبب ابتسامتها فتبتسم بدورها ثم تعود بنظراتها الى كارمن لتتسع ابتسامتهاوهى ترى حنان الأم يغمر نظراتها..حانت منها التفاتة الى رسمة كارمن لتقول فى دهشة:
مش ده أدهم ابنى؟
نظرت كارمن الى وجد بارتباك قائلة:
آه..أيوة..أصل يعنى..شفته وهو راكب على حصانه وحسيت انى لازم أرسمهم
أمسكت وجد بتلك الرسمة وهى تبتسم قائلة:
ده حصانه رعد..بصراحة ياكارمن انتى موهوبة أوى..الصورة كأنها حية وهتنطق..كأنى شايفاهم أدامى
ابتسمت كارمن قائلة:
دى شهادة كبيرة ..بجد فرحتينى
قالت وجد فى حنان:
انتى فرحتينى اكتر من يوم ما جيتى البيت هنا،لقيت حد بجد برتاح فى الكلام معاه..ورغم فرق السن ما بينا بس انتى مش محسسانى بده،مع الأولاد طفلة ومدرسة وأم،ومعايا صديقتى وبنتى،انتى نعمة من ربنا انعم علية بيها ياكارمن
اغروقت عينا كارمن بالدموع وأسرعت تضمها قائلة:
الكلام ده كتير علية..ربنا يخليكى لية
ضمتها وجد بحنان واغروقت عينيها بالدموع لتبتعد قائلة:
بس بقى يابنتى..قلبتيها نكد كدة ليه..مبحبش النكد عل الصبح كدة خلى شوية لبليل
تراجعت كارمن وهى تضحك بشدة..ولكن مالبثت أن توقفت ضحكتها لتختفى وهى تصرخ قائلة:
ماتخرجش م البوابة ياجود..جوووود
أسرعت تجرى خلف جود الذى لم يستمع لكلماتها وخرج من البوابة ركضا وراء الكرة ليخرج ادهم على صراخها ويرى ما ذلك المشهد ليركض هو الآخر ورائهما.. يلعن الحارس لعدم وجوده على البوابة ويتوعد له..كانت كارمن خلف جود تماما عندما رأت سيارة تأتى مسرعة باتجاه جود لتصرخ بهلع باسمه قبل ان تأخذ بيده وتدفعه بعيدا لتصطدم هى بالسيارة بدلا منه وتقع مضرجة بدمائها ليصرخ أدهم باسمها فى لوعة
****************
كان أدهم يمشى أمام ممر حجرة نوم كارمن بعصبية..يكاد يجن..ليخرج الطبيب مع والدته فيسرع اليه أدهم قائلا:
خير ياساهر..طمنى
قال ساهر يطمئنه:
اطمن ياأدهم ..هى نايمة دلوقتى بعد ما اديتها الحقنة المنومة..وبعدين انت قلقان كدة ليه..احنا مش وديناها المستشفى واتأكدنا بنفسنا ان مفيش نزيف داخلى ..كل الموضوع شرخ بسيط فى ايدها الشمال يعنى اقل من شهر وهتفك الجبس وتبقى كويسة اوى..اهم حاجة بس ترتاح وتاخد العلاج وهتبقى تمام
قال أدهم بارتياح:
الحمد لله
نظر اليه كل من وجد وساهر ليمرر يده فى شعره بارتباك قائلا:
الحمد لله يعنى ان احنا اطمنا عليها..دى فدت ابنى بحياتها
قالت وجد بحب:
بنت حلال والله..ربنا يحميها
قال ساهر:
والله انا مش قادر أنسى اللى حصل لغاية دلوقت..لما اتفاجأت بجود أدامى وحاولت أتفاداه وأفرمل بسرعة بس للأسف مش بسرعة كافية ..مش عارف لولا كارمن
لينظر اليه أدهم بحدة..ليستطرد ساهر بتوتر:
قصدى لولا الآنسة كارمن اتصرفت ربنا العالم كان ايه اللى هيحصل
لييتطرد بفضول قائلا:
إلا قولى ياأدهم هى الآنسة كارمن تبقالكم ايه؟
قال أدهم بضيق..وهو يلاحظ اعجاب ساهر بكارمن:
مربية الأولاد
أومأ ساهر براسه ليقول باعجاب:
شكلها حنينة اوى عشان الولاد مبطلوش عييط من الخوف عليها..عموما ..انا همشى دلوقتى عشان عندى مستشفى وهعدى بالليل اطمن عليها
قبض ادهم على يده بقوة وهو يقول بحدة رغما عنه:
بتهيألى هى هتنام للصبح فمفيش داعى تتعب نفسك
قال ساهر دون أن يلاحظ غيرته:
تمام..أشوفكم بكرة
وذهب تاركا أدهم يغلى من الغيرة..لتقترب منه وجد وتحدجه بنظرة فاحصة وهى تقول:
مالك ياأدهم؟
تجنب ادهم النظر الى عينيها وهو يقول:
مالى ياماما؟أنا كويس أهو
قالت وجد بحنان:
لأ مش كويس..ومش هتبقى كويس غير لما كارمن تبقى كويسة
نظر اليها بدهشة قائلا:
بتقولى ايه ياماما؟
اقتربت منه وجد قائلة:
بقول اللى انت مش قادر تقوله بلسانك بس عنيك وكل حتة فيك بتقوله ياأدهم
أخفض أدهم عينيه قائلا:
بس ياماما...
قاطعته قائلة:
من غير بس..كارمن دى جوهرة نادرة..مش كل واحد بيعرف قيمتها..بس هى خلاص لقت اللى هيقدرها ويحميها ويحافظ عليها وعمره مايفكر يبيعها..لكن لو فرط فيها فيه غيره هيحبها ويحافظ عليها..فوق ياأدهم..فوق قبل فوات الأوان
نظر اليها ادهم نظرة طويلة ليقول بعدها بهدوء:
أنا هروح أطمن ع الأولاد
ثم قال بتردد:
هو..هو مين اللى هيبات معاها ياماما؟
ابتسمت وجد تدرك قلقه لتقول:
انا ياقلب ماما..باباك مسافر وانا هسهر جنبها متقلقش
قال بارتباك:
انا ..انا مش قلقان..بعد اذنك
وغادر تتابعه وجد قائلة بهمس حنون:
مش قلقان..ده انت الود ودك تسهر انت جنبها وتاخد بالك منها..عندك وكبريائك واقفين فى طريق حبك ياأدهم..نفسى أعرف خايف من ايه بس؟..ربنا يريح قلبك ياابنى يارب
**************
كان أيهم يدور فى حجرته كالأسد الحبيس..يتسائل فى حيرة عن سر اختفاء جوريته..وعدم ذهابها الى الجامعة اليوم..هل هى بخير؟هل أصابها مكروه؟إنه فقط لا يدرى..لا يدرى..زفر بقوة..كم اشتاق اليها ولم يمضى على فراقهما سوى يوم واحد..كيف استطاعت ان تتغلغل فى كيانه بتلك الصورة؟هل اصابته هو الآخر لعنة العشق؟..ترى ما السر فيها كى يعشقها بتلك الصورة..ألأنها فاتنة؟كلا فقد قابل العديد من الفاتنات بالخارج ولم يؤثروا فيه مثلما أثرت به تلك الجورى..فكل ما فيها يجذبه
كل ما فيها مميز..جمالها..نظراتها..خطواتها..عطرها..كلماتها وحتى صمتها..ففى طريقهم الى منزلها التزمت الصمت المطبق..وكلما حاول استدراكها للكلام معه..أخرسته بنظرة واحدة من عينيها الرائعتين ليصمت تماما ويتعبد فى محرابهما..حتى اوصلها الى منزلها لتنزل بكل رقة ولا تقول سوى كلمة واحدة..شكرا..ليدق قلبه وجعا لفراقها ولكن بوعد أن يراها فى الصباح ليرجع من جامعتها خالى الوفاض..ولكنه لن ييأس سيذهب اليها مجددا..وان لم يجدها سيذهب الى منزلها..سيحاصرها ويحاصرها حتى تستسلم لعشقه..فقد بات أسيرا لها وهو سعيدا بأسرها
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
👇10👇
دلف أدهم الى حجرة أطفاله ليجد جودى نائمة كالملائكة..قبلها بحنان ثم دثرها بالغطاء جيدا..التفت الى جود الذى يعطيه ظهره ويبدو نائما لولا هزة جسده الضعيفة والتى أنبأت أدهم أن جود مازال مستيقظا..اقترب وجلس الى جواره ليديره اليه ويفاجأ بدموعه على وجهه..تلك الدموع التى اوجعت قلب أدهم ليقول بقلق:
مالك ياجود؟فيه حاجة واجعاك ياحبيبى؟
اعتدل جود جالسا وهو يهز رأسه نفيا قائلا بحزن:
انا كويس يابابا..متقلقش
قال ادهم فى حيرة:
أمال بتعيط ليه ياحبيبى؟
قال جود:
عشان خايف على مس كارمن..هى هتبقى كويسة يابابا؟صح؟
ابتسم ادهم بحنان قائلا:
هتبقى كويسة ياحبيبى..شرخ بس فى ايدها.. وبالعلاج هتبقى كويسة
قال جود بلهفة:
بجد يابابا؟يعنى مش هتسيبنا وتروح لربنا زى ماما؟
نظر أدهم الى طفله بهدوء يخالف مشاعره الحزينة على خوف ابنه من فقدان حنان الام مجددا..فجود قد يظهر عنيدا قويا ولكن ادهم يدرك أنه الأكثر حساسية بين التوأمين وان عنده وقوته ما هما الا غلافا يحمى به نفسه من الأذى..تماما مثله..ليقول بحنان:
الله يرحم ماما ياحبيبى..متقلقش ياجود..مس كارمن هتبقى كويسة ومش هتسيبنا أبدا..إلا إذا...
صمت أدهم وهو يشعر بغصة فى قلبه من أفكاره التى تجتاحه الان..قال جود بتساؤل:
إلا اذا ايه يابابا؟
قال أدهم بصعوبة:
الا اذا اتجوزت ياحبيبى..ساعتها بس هتسيبنا
قال جود وقد بدأت دموعه تترقرق بعينيه مجددا:
بس انا مش عايزها تبعد عننا يابابا..عشان خاطرى..لو بتحبنى متخليهاش تسيبنا
نظر اليه أدهم قائلا فى حنان:
أد كدة بتحبها ياجود؟
قال جود:
بحبها اوى يابابا..كنت بشوف اصحابى بيتكلموا عن مامتهم بس مكنتش بقدر افهم كلامهم
..ولما كنت بشوف أمهاتهم معاهم كنت بتمنى يكون لية انا وجودى أم تبقى معانا بالشكل ده
..احنا حوالينا كتير يابابا بيحبونا بس انا محستش باللى اصحابى كلمونى عنه غير لما شفت مس كارمن
..لقيت معاها معنى ان يكون لية أم تحبنى وتخاف علية وتهتم بية..انا يمكن زعلان
انى مقلتلهاش قبل كدة انى بحبها وكنت دايما ابينلها ان أى حاجة بتعملهالنا
متهمنيش بس انا اول ما اشوفها هقولها..هقولها انى بحبها اوى يابابا
أحس ادهم بقلبه يتمزق من الألم على ولديه ..لأول مرة يشعر بأنهما يفتقدان أما بحياتهما..ولأول مرة يدرك كم كبرا صغيريه..ولأول مرة أيضا يدرك مدى تعلق توأمه بكارمن..ليدرك خطر اليوم الذى ستغادره فيهم كارمن على مشاعر توأميه..بل على مشاعره قبلهما..لتصدمه كلمات طفله وهو يقول:
ليه يابابا متجوزش انت مس كارمن ويبقالنا ام زى اصحابى..وأهى كدة متبعدش عننا؟صح؟
لم يدرى أدهم بم يجيب طفله..ولا يدرى لماذا رغم معرفته بمشاعره تجاه كارمن الا انه لم يفكر بالزواج منها مطلقا..ربما يخشى أن يظلم فتاة مثلها مع زوج وطفلين..لذا قال بهدوء مفتعل:
الموضوع مش سهل زى ما انت فاكر ياجود..نام دلوقتى وسيب بابا يحلها بطريقته
أومأ جود برأسه قائلا:
حاضر يابابا..تصبح على خير
ابتسم ادهم قائلا :
تلاقى الخير ياحبيبى
تمدد جود ليدثره ادهم بحنان مقبلا اياه قبل أن يغادر الحجرة مغلقا الباب خلفه ومتجها الى حجرة كارمن
*************
أفاقت وجد على صوت ولدها أدهم يقول بحنان:
قومى ياماما ارتاحى فى أوضتك وأنا هفضل جنبها
نظرت وجد الى كارمن النائمة فى براءة ثم نظرت الى عينى ابنها التى تحمل مشاعر كثيرة لتستسلم قائلة:
طيب ياأدهم هروح أرتاح فى أوضتى بس صحينى كمان ساعتين عشان انت كمان محتاج تنام وترتاح ياحبيبى
أومأ ادهم براسه قائلا:
حاضر ياماما..تصبحى على خير
ربتت على وجنته قائلة:
تلاقى الخير
غادرت وجد الغرفة مغلقة الباب خلفها ليقترب أدهم من سرير كارمن ويجلس على الكرسى بجوارها
..حاول أن لا ينظر اليها ولكنه وجد عينيه رغما عنه تذهب اليها تستقر فوق وجهها الجميل
..تأملها بشغف..تذكر ابتسامتها وعينيها اللامعتين وغمازتيها
..ابتسم بحنان لتختفى ابتسامته وهو يتذكر كلمات ولده..تساءل فى صمت
..هل آن الأوان ليتزوج من جديد..هل يجازف بقلبه تلك المرة ويبدأ حياة جديدة
..وهل يستسلم للعنة العشق التى أصابته؟كان فى زيجته الأولى راضيا بنصيبه
وبحياته الهادئة لا يريد عشقا فقد سمع من أقرانه عن عذاب العشق ليخبره عقله
أن السلامة فى الابتعاد عنه..ولكنه الآن امام خيارين كليهما مر..اما أن يبتعد عن
العشق ويعيش حياة مملة رتيبة ولكن هادئة او يستسلم لعشقه فيجلب له
مزيجا من السعادة والشقاء.
.أفاق من أفكاره على صوت كارمن الهامس باسمه..ليقترب منها وهو يظن انها أفاقت
ليدرك انها مازالت نائمة وأنها تنطق باسمه فى نومها ليعقد حاجبيه وهو يرى وجهها الأحمر
..ليلمس جبهتها بقلق ويشعر بحرارتها المرتفعة ويدرك أنها تهذى من السخوني
..نهض يحضر بعض المياه وقطعة قماش وجلس بجوارها يسوى لها بعض الكمادات..
فتحت عينيها لتراه أمامها..ابتسمت بحب ثم أغمضت عيناها مرة أخرى ليبتسم هو بحنان..أحس بحرارتها تعود طبيعية.
.ليبعد المياه والقماشة وهو يتلمس جبهتها ليتأكد..زفر بارتياح وظل يتأملها قليلا
ولم يدرى بنفسه وهو يغمض عينيه من الارهاق لينام بجوارها ويذهب فى سبات عميق
*****************
تفاجأت جورى بأيهم وهو يقف امامها فى الجامعة لتقول بدهشة:
أيهم ..ايه اللى جابك هنا؟
تاملها أيهم بشوق صامت أربكها لتقول بتلعثم:
أنا..أنا ماشية
لتسرع من امامه ولكنه أوقفها يمسك بذراعها لتنتزع ذراعها منه بحدة قائلة:
انت اتجننت..ازاى تمسكنى بالشكل ده؟
صمت مجددا لتزفر قائلة:
اوووف..انت هتفضل ساكت كدة؟
قال ايهم بحب:
غصب عنى وحشتينى
قالت بارتباك:
انت عايز منى ايه ياأيهم؟
قال بعشق:
عايزك انتى
اقترب منها لتبتعد قائلة:
متقربش منى..انت مجنون
قال بحزم:
مش جديدة علية كلمة مجنون على فكرة..وبعدين أنا الوحيد اللى من حقه يقرب منك ..حتى انتى مش هتقدرى تمنعينى
تلفتت جورى حولها بقلق قائلة:
أبوس ايدك بطل جنانك ده وامشى
نظر اليها بثبات قائلا:
ماشى بس بشرط
نظرت اليه بتساؤل ليستطرد قائلا:
تقابلينى بعد ما تخلصى محاضراتك فى الكافيتريا اللى جنب الجامعة
قالت بارتباك:
ولو مجتش؟
ابتسم قائلا:
هتلاقينى فى بيتكم بشرب قهوتى مع طنط نوال
قالت بيأس:
خلاص هاجى بس امشى دلوقت
كاد ان يتحدث ليقاطعه صوت عاصم يقول:
أيهم..مش معقول..انت رجعت امتى؟
التفت اليه ايهم قائلا:
مبقاليش يومين ياعاصم..وحشتنى والله
قال عاصم :
مش باين ده لولا ادهم اخوك مكنتش....
ليقطع كلامه وهو ينظر لجورى بدهشة قائلا:
جورى
نظر أيهم بغيرة الى عاصم وهو يلاحظ نطقه اسمها دون ألقاب..قالت جورى بارتباك :
اذيك يادكتور عاصم
ليرتاح ايهم قليلا وهو يرى ان جورى لم ترفع الألقاب مثل عاصم..ليقول ايهم :
انتوا تعرفوا بعض؟
قال عاصم:
انا بدى لجورى مادة العلوم الصحية
ثم تردد للحظة قائلا:
وانتوا تعرفوا بعض منين ياأيهم؟
شعر أيهم بغيرة عاصم ليدرك مشاعره تجاهها ليقترب من جورى وهو يضع يده على كتفها قائلا:
جورى تبقى خطيبتى..هى لسة مش رسمى بس قريب اوى هتكون رسمى
غامت عينا عاصم بالحزن ليقول :
الف مبروك..عن اذنكم عندى محاضرة
ليغادرهم عاصم فتبتعد جورى عن ايهم قائلة بحدة:
انت ازاى تحط ايدك علية بالشكل ده وازاى تقول انى خطيبتك ادام....
قاطعها قائلا فى برود :
عاصم صح؟ يهمك فى ايه عاصم؟
قالت بحزن:
يهمنى مجرحش انسان محترم زيه..انسان لسة متقدملى من يومين ورفضته متحججة بدراستى وفجاة يطلعلى خطيب..طب أنا مقلتلوش ليه..ها ..ليه؟
ارتاح ايهم لرفضها عاصم رغم أنه شاب تتمناه الكثيرات ليترجم سؤاله الحائر الى كلمات قائلا:
طب ليه رفضتيه ياجورى؟
قالت باندفاع:
عشان بحب..
وصمتت وهى تدرك انها كادت تعترف بحبه ليقول أيهم بأمل:
عشان بتحبى مين ياجورى..عشان بتحبينى صح؟
زفرت جورى قائلة:
خلاص ياأيهم لو سمحت..امشى دلوقتى وانا هخلص محاضراتى واحصلك
امسك يدها قائلا بحنان:
انا همشى بس هستناكى..متتأخريش علية
تأملت نظراته التى جعلتها تقول دون وعى:
مش هتأخر
ترك يدها وملس على خدها بحنان قائلا:
خلى بالك من نفسك وياريت لو متحضريش محاضرة عاصم
ثم تركها مغادرا لتتنهد قائلة بهمس:
مجنون بس بتحبيه ياجورى..بس ياريت تفكرى شوية بعقلك وتشوفى حبك ده موديكى على فين؟
