رواية لعنة العشق الفصل السابع والثامن بقلم شاهندة


 روايةلعنة العشق

الفصل السابع والثامن

بقلم شاهنده

الفصل السابع

كانت كارمن تسرح لجودى شعرها فى حنان ثم مالبثت أن تركت الفرشاة من يدها قائلة:


بسم الله ما شاء الله..طالعة حلوة اوى ياجوجو فى الفستان اللى بابا جابهولك


قبلتها جودى قائلة:


انتى كمان حلوة اوى يامس كارمن


ضمتها كارمن بحنان وهى تنظر الى جود الذى كان يسترق النظر اليهم تعلم أنه يود الانضمام لحضنهم..ابتسمت قائلة:


تعالى هربطلك البيبيون


قال جود بعند:


شكرا أنا هربطها


نظرت كارمن الى محاولاته الفاشلة لعقد ربطة العنق الخاصة به..ليزفر بيأس ويتركها..اقتربت منه بهدوء وأمسكت ربطة عنقه..حاول فى البداية المقاومة الا أنه فى النهاية استسلم وتركها تعقدها له لتربت على وجنته قائلة:


وسيم أوى ياجود ..وكأنك نسخة صغيرة من باباك


نظر اليها بنظرة أدمت قلبها..وترقرقت عينيها بالدموع..هى نظرة بها مزيج من الشوق الى الحنان الى جانب لمحة من السعادة لتشبيهها اياه بأبيه ..وخوف..خوف من التعلق بأمل وجود أحد دائم بحياته يهتم به غير والده..ليفوز الخوف ويبتعد بحدة عن مرمى يدها قائلا:


أنا نازل تحت


وابتعد مغادرا تتبعه عينا كارمن وجودى ليفاجأ الجميع بوجود أدهم على باب الغرفة..يبدو واقفا منذ برهة تتأمل عيناه أطفاله بحزن وألم..دخل الغرفة ووقف أمام طفليه ليركع كعادته على ركبتيه متجاهلا بذلته غالية الثمن وأناقته التى تخطف الأبصار ومتذكرا فقط أنه أب لتوأمين يتيمين..ليفتح ذراعيه لهما دون كلمة لينطلق الطفلين الى محيط ذراعيه ليضمهما بحنان..تجتاح ملامحه مشاعر عديدة..نزلت دموع كارمن فى صمت وهى تنظر اليهم..لتلتقى عينيها بعينى أدهم فى تلك اللحظة بنظرة طويلة..أرسل فيها اليها شكره على اعتنائها بطفليه ومنحهما الحنان الذى حرما منه..وأرسلت هى اليه وعدها بأنهما سيظلان تحت رعايتها واهتمامها حتى يخبرها بأنه لم يعد بحاجة اليها..أحست بغصة فى حلقها وهى تتذكر أن هذا اليوم سيأتى آجلا ام عاجلا..ربما سيكون هذا اليوم هو يوم زواجه بأخرى..لتعترف أنها تشعر بالحزن..بالغيرة..وبالحب..لقد أحبت هذا الرجل..هذا الأب..أحبت أدهم بجنون..نهض أدهم وهو يربت على رأس ولديه قائلا بحنان:


اسبقونى على تحت..وخليكم جنب جدتكم


أسرع الطفلان بالركض خارج الحجرة..لينظر أدهم باتجاه كارمن يتأملها بنظرة متفحصة..كان جمالها اليوم ينير عتمة الليل ..تلبس فستانا ذو حمالات عريضة يكشف ذراعيها الجميلتين..نصفه العلوى باللون السكرى الذى أبرز لون بشرتها الخمرى ذو ياقة سباعية بينما النصف الأسفل باللون الأسود يصل الى الركبتنين ويظلل خصره بعض الفراشات سكرية اللون والتى منحته رقة وجمالا..تضع حول عنقها عقدا بسيطا هو مزيج من اللونين..كانت بسيطة..أنيقة ورائعة الجمال..ابتسم برضا قائلا:


مستنيكى تحت


أومأت برأسها ليغادر بهدوء لتأخذ كارمن نفسا طويلا..فقد كانت تحبس أنفاسها وهى تراه يتأملها على هذا النحو..لتقول بهمس:


لسة ناوى تعمل فية ايه ياأدهم..أنا قلبى خلاص هيقف بس من نظراتك..أنا لازم أبعد عنك..انت بقيت خطر على قلبى..بس ياترى هقدر أبعد عن الأولاد؟..والسؤال الأهم..ياترى هقدر أبعد عنك؟..ليجيبها قلبها بألف لااااا


***********


كان مهيب يقف مع زوجته ديالا وصديقه ايهاب عندما وقع بصره على مايا ليتجمد جسده كله من الصدمة ..كانت مايا اليوم رائعة الجمال تتهادى فى فستان كحلى اللون عارى الزراعين يضيق عند الخصر لينزل بتنورة واسعة حتى ركبتيها من الأمام ليطول قليلا من الخلف ليبرز ساقيها الجميلتين..


يتهادى شعرها الأسود حول وجهها فى نعومة ورقة..وعند اقترابها لاحظ مهيب اختفاء نظارتها لتظهر عينيها الجميلتين ذات الرموش الكثيفة ..صفر ايهاب عند وصولها بخفة ليجز مهيب على أسنانه غيظا بينما تأملتها ديالا بضيق وغيرة..ألقت مايا التحية برقة..ليردوا التحية اليها ويقول ايهاب باعجاب:


ايه يامايا الجمال ده ؟


ابتسمت مايا بخجل بينما قبض مهيب على يده حتى لا يلكم صديقه ايهاب فى وجهه فلا يحق لأحد ان يقول كلمة اطراء لمايا سواه..تعجب من شعوره القوى بالغيرة..وهو الذى لم يشعر بتلك المشاعر من قبل ولا حتى مع زوجته ديالا..أيعقل أن تكون مايا هى حبه الاول والاخير وان ديالا كانت مجرد افتتان


أفاق من أفكاره على صوت ديالا يقول فى سخرية:


بس تصدقى يامايا الفستان اللى انتى لابساه مبين كل ديفوهاتك بتهيألى لو كنتى غيرتى التصميم كنتى بقيتى أحلى


نظر ايهاب اليها باستنكار بينما نظر مهيب على الفور الى عينى مايا التى ترقرقت بالدموع ليتألم لألمها ويشتعل الغيظ فى قلبه ويسحب زوجته من ذراعها قائلا بغضب:


عن اذنكم


ثم ابتعد يجرها خلفه لتتوقف بعصبية قائلة:


فيه ايه يامهيب بتشدنى كدة ليه؟


اقترب منها مهيب قائلا بحدة:


ممكن افهم اللى قولتيه من شوية ده كان ايه؟


هزت كتفيها بلا مبالاة قائلة:


حصل ايه يعنى ؟قلت اللى انا شايفاه ولا انت كنت عايزنى أجاملها مثلا؟


جز مهيب على أسنانه قائلا فى حدة:


ديالا..مايا دى خط أحمر واللى يقرب منها يبقى قرب من عيلة الفيومى كلها..انتى فاهمة ولا لأ؟


قالت ديالا بغضب:


وانا يعنى كنت عملت ايه؟مكبر الموضوع ليه يامهيب..على فكرة مراتك دى تبقى أنا..مش مايا ياأستاذ ولا شكلك نسيت


تراجع مهيب خطوة الى الوراء قائلا فى صدمة:


انتى بتقولى ايه؟


قالت بغضب:


بقول زعلك ده كله المفروض يكون على مراتك حبيبتك مش واحدة علاقتك بيها انها يادوب بنت خالك


قال مهيب ببرود:


مايا مش بنت خالى وبس وانتى عارفة ده كويس..مايا اختى اللى ربيتها على ايدى


قالت ديالا بسخرية:


أختك..طيب يامهيب..عدينى بقى عشان أروح أجيبلى عصير أهدى بيه أعصابى لأنى بجد بدأت اتخنق فى المكان ده


وابتعدت تاركة اياه يغلى من الغضب نظر مجددا باتجاه مايا وايهاب ليلاحظ حزن مايا وايهاب يحدثها بكلمات تبدوا مواسية لها ليفاجأ بأيهم يحملها من الخلف ويدور بها قائلا:


مايا..مش معقول..ايه الجمال ده كله؟


اقترب مهيب منهم وعروقه تنتفض من الغيرة خاصة وهو يسمع ضحكات مايا وهى تقول:


نزلنى ياأيهم وبطل جنان..الناس بتبصلنا..انت امتى هتعقل؟


أنزلها أيهم قائلا:


مستحيل هعقل..وحشتينى بجد ..الواحد معرفش انه غاب فعلا غير لما شفتك وشفت ولاد أدهم


ابتسمت قائلة فى ود :


حمد الله على سلامتك..وحشتنا خفة دمك ..أخبارك ايه؟


ابتسم بمزاح قائلا:


أحسن منك على فكرة..يعنى يااختى لا شايف دبلة فى ايدك دى ولا ايدك دى..افضلى كدة اتأمرى على خلق الله على رأى عمتى لما هتعنسى..بالمناسبة عمتى فين؟


أخفت مايا حزنها وهى تقول:


المفروض ان هى سبقتنى على هنا بس انا زيى زيك معرفش راحت فين وفونها كمان مقفول


أومأ أيهم براسه ليلتفت موجها حديثه لايهاب قائلا:


اذيك ياايهاب معلش مخدتش بالى ..بس البت دى كانت واحشانى اوى


قال ايهاب:


حمد الله على سلامتك ياأيهم..انت كمان وحشتنا


قال أيهم بمرح:


إلا قولى ..انت كمان مرتبطش زي بنت عمتى دى؟


وصل اليهم مهيب فى تلك اللحظة ليستمع الى كلمات ايهاب التى أشعلت قلبه من الغيرة وهو يقول:


والله ياأيهم بقالى فترة بحاول أقنع بنت عمتك ترتبط بية..بس هى مش راضية ومش عاطيانى أى أمل


كاد أيهم أن يتحدث لولا ان رن هاتف ايهاب فى نفس اللحظة ليستأذن فى الرد عليه ويبتعد قليلا ليقول مهيب فى حدة:


يعنى اول مرة نسمع عن الموضوع ده يامايا..ياترى مخبية عننا ليه؟


نظرت اليه نظرة تحمل عتابا وألما ونظر اليها نظرة تحمل شوقا وغضبا وغيرة لينقل أيهم بصره بينهم ويدرك أن أخويه قد أصابتهم لعنة العشق.. يعيش كل منهما قصة حب يخفيها داخل قلبه..ليدرك أنه ابتعد عنهم كثيرا يطارد أحلامه ويدرك أيضا أن عائلته هى أهم من تلك الأحلام..أفاق على صوت مايا يقول بهدوء:


قريب هتسمع خبر حلو يامهيب..اوعدك


ظهر الغضب فى تلك العينين العسليتين وكاد أن يجرحها بالكلمات كما لاحظ أيهم فى عينيه ليسرع قائلا بمرح موجها حديثه لمايا:


ممكن قمر حفلتنا ترقص معايا شوية


نظرت مايا الى أيهم لتدرك انها لابد وان تبتعد عن مهيب فى تلك اللحظة..لتومئ برأسها ايجابا..أمسك أيهم يدها وتوجه بها الى حلبة الرقص تتبعهم عيون عسلية تنطق بالغضب..الغيرة..والعشق


****************


كان أدهم يسترق النظرات إلى كارمن وهى تضحك مع ولديه ..ابتسم وهو يرى تلك الغمازتين تظهران مع ضحكاتها وتختفيان عندما تركز مع كلمات الصغيرين..أفاق من شروده على صوت والدته الهامس وهو تقول:


جوهرة محتاجة اللى يحافظ عليها ويحميها..


التفت الى والدته قائلا فى حيرة:


بتقولى حاجة يا ماما؟


هزت وجد رأسها غيظا وهى تقول:


لأ ياقلب ماما..مبقولش حاجة خالص


لتنظر الى مهيب قليلا ثم تقول بابتسامة:


أخوك جايب آخره


نظر أدهم باتجاه مهيب ليراه ينظر الى مايا وأيهم بغضب وغيرة ليبتسم بدوره قائلا:


لسة بيبتدى يكتشف مشاعره


تنهدت وجد قائلة:


مشاعره دى هتخرب بيته


قال أدهم:


وهو فين بيته ده؟


هزت وجد رأسها قائلة:


معاك حق..ياما حذرته وعارضت جوازه من اللى اسمها ديالا وقلتله طمعانة فيك و متستهلكش..خصوصا وانا حاسة بمشاعر مايا ناحيته ومشاعره ناحيتها واللى كان مفسرها غلط..بس هو نشف راسه..غلطتى بقى انى منبهتهوش للمشاعر دى..ورضيت انه يعمل اللى فى دماغه


قال أدهم:


كل شئ قسمة ونصيب ياماما وصدقينى لو مايا قسمته مفيش حاجة فى الدنيا هتمنع ارتباطهم وساعتها صدقينى هيرتاح


التفتت اليه وجد قائلة:


وانا امتى هشوفك مرتاح ياأدهم؟


عقد أدهم حاجبيه قائلا:


انا مرتاح ياماما..ليه بس بتقولى كدة؟


قالت وجد بحنان:


عشان انا امك واكتر واحدة بتحس بيك ياأدهم..حاسة بوحدتك ووجعك..واللى بتخبيهم فى شغلك..مش هقولك حب تانى ياأدهم لأن جوازك من المرحومة نوران كان جواز مفيهوش حب ولا مشاعر..بس هقولك افتح قلبك وحب لأول مرة ياحبيبى..انت قفلت قلبك على ولادك وشغلك..و محتاج حب يحسسك بالسعادة..حب يشيلك من وحدتك وشغلك اللى دفنت نفسك فيهم..وولادك كمان محتاجين أم تاخد بالها منهم وتديهم الحنان اللى اتحرموا منه


قال أدهم:


ماهى كارمن آخدة بالها منهم ياماما.. ليه بقى لازم اتجوز؟


ابتسمت وجد قائلة:


كارمن مش هتقعد كتير ياأدهم..بنت بالحلاوة والصفات دى أكيد هتتجوز ..مش بعيد حد من الموجودين فى الحفلة يسأل عليها ويطلبها دلوقتى واحنا بنتكلم


اشتعلت النيران بقلب أدهم ليقول بعصبية وغيرة:


خلاص ياماما ..ياريت الكلام يقف فى الموضوع ده لحد كدة..أنا..أنا رايح لبابا..بعد اذنك


ليبتعد وعينا وجد تتابعه قائلة برجاء:


ريح قلب ولادى يااارب


***************


كان أيهم ومايا يرقصان..ليميل أيهم على أذن مايا ويهمس ببعض الكلمات لتضحك هى برقة..ويقبض مهيب على يده بقوة كى لايتهور ويذهب لينتزعها من بين يد أخيه انتزاعا أمام الجميع


قال أيهم ضاحكا:


على فكرة انتى مشكلة كبيرة يابنتى..تعرفى لو مكنتيش مشغولة وقلبك مع حد غيرى كنت حبيتك علطول..أعمل ايه فى اخواتى بس..اللى عجبونى فى الحفلة..أخدوهم منى


قالت مايا بتوتر:


وأنا مالى ومال اخواتك بس؟وكمان مين قالك ان قلبى مشغول أو بيحب؟


نظر الى عينيها مباشرة وهو يقول:


على أيهم بردو يامايا؟ده على وشك يبان يانداغ اللبان


نظرت اليه مايا باستنكار قائلة:


على ايه يااخويا؟؟اللى يسمعك ميقولش انك لسة جاى انهاردة من امريكا


ضحك أيهم قائلا:


احنا جامدين اوى على فكرة


ضحكت مايا لتجد أيهم يتوقف فجأة عن الرقص ويقف متجمدا وهو ينظر باتجاه البوابة التفتت مايا لتجد جورى وهى تدلف الى الحديقة..تتهادى كالأميرات وعيون الكثيرين عليها ولكن عينيها هى قد تعلقت بذلك الواقف متسمرا يطالعها بنظرة اعجاب خلبت لبها..وأوقفت أنفاسها داخل حلقها..علمت جورى فى تلك اللحظة من تسارع دقات قلبها وتلك الاحاسيس التى اجتاحتها انها مازالت مصابة بلعنة عشقه..أشاحت بنظرها عنه بصعوبة وهى تتجه الى والدته التى ابتسمت لها بحب وضمتها بحنان تتابعهم عينا ايهم لتميل مايا على أذنه قائلة بهمس:


جورى بنت طنط نوال


التفت اليها بدهشة لتومئ هى برأسها باابتسامة ليعود بنظراته الى تلك الفاتنة ويمر به شريط ذكرياتهم معا..ليقسم فى تلك اللحظة أن تكون جورى له ..هو فقط ولا أحد غيره

❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤

الفصل الثامن

كان مهيب يتابع مايا وأيهم بعينيه حتى رأى ضحكتها وميلها على أذن أخيه تهمس له ببعض الكلمات.. ليعلم وقتها أنه قد فاض به الكيل ولن يتحمل مشاهدتهما سويا على هذا الحال ولو للحظة أخرى..لينطلق باتجاههم حتى اذا ما وقف أمامهم حتى أمسك بيد مايا بقوة ليسحبها خلفه مبتعدا غير عابئا بشئ لينظر أيهم إثرهم فى دهشة ثم تعلوا وجهه ابتسامة وهو يقول:


اخويا طلع أجن منى


ليهز رأسه وهو يتجه الى والدته ..حيث تجلس أميرته الفاتنة


......


ابتعد كل من مهيب ومايا عن الحفل حتى قالت مايا بعصبية :


ايدى يا مهيب..وجعتنى ياأخى


ليتوقف مهيب على الفور ويلتفت اليها ليمسك يدها ويلمس مكان قبضته بحنان قائلا:


آسف والله..مكنش قصدى


اغمضت عينيها تأثرا من لمسته الحانية وشوقا اليه..لتفتح عينيها وهى ترجع خطوة الى الوراء ليترك يدها قائلة بهدوء مفتعل:


خلاص يامهيب محصلش حاجة


اقترب منها يضع وجهها بين يديه لتحبس هى أنفاسها فى صدمة وهو يقول:


لأ حصل..حصل انى معنتش قادر أكتم مشاعرى أكتر من كدة..معنتش قادر اشوفك ومعملش كدة


ليختتم جملته بقبلة اودع بها كل مشاعره..كانت قبلة رقيقة مشتاقة..أيقظت أحاسيسها وهزت كيانها وفاجأتها بقوة..جعلتها عاجزة عن التفكير..وعاجزة عن المقاومة بل انها رفعت يدها لتضم راسه اليها ليشعر بتجاوبها ويعمق قبلته ..ينزل بيده على ذراعيها العاريتين لتنتفض مايا وهى تفيق من تلك الأحاسيس وتبتعد عنه بقوة..لا تدرى من أين جاءتها تلك القوة وهى فى قمة لحظات ضعفها تتذوق قبلة لطالما حلمت بها..نظر اليها بعشق..يلاحظ تورد خدها وأنفاسها المتلاحقة تماما كأنفاسه..ادرك الآن فقط أنها تبادله مشاعره ليقول فى سعادة:


انتى كمان بتحبينى..صح يامايا؟؟؟قوليها بقى وريحى قلبى


اغروقت عيناها بالدموع وهى تتراجع الى الوراء.. مد يده اليها..ودت لو أمسكتها وارتمت بحضنه لتعترف بمشاعرها التى أخفتها كثيرا ولكن ذلك المحبس الذهبى فى يده اليسرى أفاقها من أحلامها بقسوة لتسرع بالهرب من امامه..كاد أن يسرع خلفها لولا تذكره لتلك النظرة الأليمة فى عينيها عندما رات محبسه ليدرك واقعه المرير..ويشعر بالتمزق فهو امام خيارين كليهما مر إما أن يخرب بيته بيده أو يضيع منه مايا ..شعر بأن فراق مايا هو الخيار القاتل..لتلمع عينيه بتصميم وهو يذهب خلفها غافلا عن تلك العينين اللتين كانتا تنظران الى ما يحدث بغضب وحقد ......ووعييد


***********


وقفت جورى تتحدث مع كارمن التى تعرفت عليها من خلال وجد..لقد شعرا سويا بالارتياح لبعضهما البعض على الفور..شاركتهم وجد الحديث قائلة:


وناوية تتخصصى فى ايه بعد ما تخلصى كليتك ياجورى؟


ابتسمت جورى قائلة:


نسا وتوليد


عقدت كارمن حاجبيها قائلة:


اشمعنى التخصص ده يا جورى؟


ابتسمت جورى قائلة بمزاح:


يمكن عشان التعامل مع الستات أسهل


لتبتسم كلا من وجد وكارمن..بينما استطردت جورى بجدية قائلة:


الحقيقة ..إنى أساعد حد يجيب طفل للدنيا يسعد اهله..ده فى حد ذاته حاجة بتسعدنى أنا شخصيا


قالت كارمن :


فعلا حاجة تفرح القلب..وامتى بقى هتخلصى وتتخصصى ؟


نظرت إليها جورى قائلة:


يااه..لسة بدرى ياكارمن..انا لسة يادوب فى سنة رابعة والسنة دى اول سنة يسمحولنا نختلط مع المرضى فى المستشفيات على فكرة..لسة بقى سنة خامسة وسادسة واللى هندرس فيها باقى المواد وندرب فى المستشفيات تدريب كامل..وبعدين سنة الامتياز ودى احلى حاجة فيها ان مفيهاش امتحانات..ساعتها بقى ابقى اختار تخصصى


قالت كارمن فى صدمة:


على كدة هتكونى بيت وأسرة امتى؟


كادت جورى ان تجيب عندما قاطعهم صوت أيهم يقول بهدوء:


وفيها ايه لو اتجوزت و كملت دراستها فى بيتها؟


اغمضت جورى عينيها للحظة وهى تستمع الى صوت أيهم الرجولى الجذاب لتقول وجد فى حنان:


تعالى ياايهم..شوف جورى كبرت ازاى وبقت عروسة زى القمر


احمر وجه جورى خجلا فى حين تأملها أيهم قائلا:


هى فعلا كبرت وبقت زى القمر..بس عروسة أشك ..أنا مش شايف فى ايديها دبلة مثلا


نظرت اليه بحدة تشتعل عينيها الفيروزيتين لتلتقى بعينيه الزرقاوتين وتشتعل الشرارة بينهما..لتبتعد بعينيها على الفور ويشعر هو بالتسلية وتشعر ايضا وجد باهتمام صغيرها لتقول بخبث:


ياسيدى بيتقدملها كتير بس هى بترفض..ومامتها بتشتكيلى..آخرهم كان دكتور عندها فى الجامعة


لا يعلم أيهم لماذا شعر بالغيرة من كل من أراد هذه الفاتنة عروسا له..هل أثرت فيه بتلك السرعة حتى تحتل قلبه تلك المشاعر؟


حتما لقد أصابه الجنون..لحظة..انه بالفعل مجنون كما يطلقون عليه فى عائلته..استأذنت كارمن لتطمئن على الأطفال فى حجرة نومهم..ليقترب رجلا منهم يحييهم بهدوء ثم يلتفت الى جورى قائلا:


ممكن الآنسة تسمحلى بالرقصة دى؟


كادت أن ترفض لولا تدخل أيهم الذى قال بحدة:


الآنسة مش هترقص غير معايا انا


لتنظر اليه جورى بدهشة.. ووجد بابتسامة ليعتذر الرجل بينما أمسك أيهم بيد جورى قائلا:


تعالى معايا


سارت معه دون اعتراض ودون وعى من تصرفاته المجنونة..ليقف بها فى منتصف حلبة الرقص ويضع يدها الممسكة بيده على كتفه بينما وضع يده الحرة على خصرها لتشتعل نيران الخجل بها ويتورد خدها ..أمسك بيدها يتأمل وجهها الجميل والذى أخفضت نظراتها منه خجلا..يشعر بها بين ذراعيه ..يستنشق عبيرها بتلذذ..يود لو يخطفها الآن ويعقد عليها ولا يتركها إلا وهى له قلبا وقالبا..يتعجب من جنون مشاعره ليدرك ان الجنون فى الحب هو من سمة عائلة الفيومى..عندما يعشق أحدهم..يعشق بقوة وبجنووووون..اقترب من أذنها هامسا:


بصيلى ياجورى


نظرت الى عينيه دون ارادة منها..فبادلها نظراتها ..مد يده ليلمس شعرها الناعم قائلا:


الضفيرتين اختفوا


ثم نظر الى فمها الكرزى قائلا:


وتقويم الأسنان كمان..بس لسة براءة الدنيا فى ملامحك


أحست جورى نفسها أسيرة لهمساته لتقول بهمس:


انت لسة فاكر؟


ابتسم قائلا:


ازاى أقدر أنسى..انتى دايما كنتى فى بالى..عنيكى دى اللى لونهم كان دايما بيشدنى واللى كانوا بيبصولى بنظرة فضلت تطاردنى فى أحلامى كتير..واللى كنت دايما بقاومهم لأنى كنت بحس فيهم بانبهار طفلة بمراهق شايفة فيه أحلامها..اول ما شفتك انهاردة وشفت فى عنيكى نفس النظرة عرفت ان مشاعرك مكنتش مشاعر طفلة..قلبى ساعتها دق لأول مرة فى حياتى واتمنيت تكونى بين ايدية زى دلوقتى..اتمنيت تكونى لية انا وبس زى ما شفت فى عنيكى نفس الأمنية..ياترى انا احساسى صح؟أصدق قلبك اللى حاسس بدقاته وأصدق عنيكى اللى بتحاول تخبى بس مش عارفة


ثم لمس العرق النابض فى عنقها مستطردا:


أصدق كل حتة فى جسمك..كل رعشة بتقول ان عندك نفس احساسى


لم تدرى بماذا تجيبه..فكلماته قد جعلتها مغيبة عن العالم بأكمله..حانت منها نظرة الى يده التى تلمس عنقها لترى ساعته


أفاقت من سحره لتمسك يده بعفوية أذابته وتعدل وضعها لترى الوقت ..عندما رات الساعة التى تشير الى قرب منتصف الليل ..لتقول بتوتر:


أنا لازم أمشى


أمسك يدها قائلا:


مردتيش علية


قالت بتوتر:


أيهم ..بجد لازم أمشى


كم بدا اسمه وكأنه خلق لتنطقه شفتيها فقط..قال بلهفة:


خليكى شوية


أسرعت بالمغادرة قائلة:


اتأخرت..سلام


تابعتها عيناه يشعر بروحه تغادره مع ابتعادها عنه..أسرع خلفها لا ينوى أن يختتم اليوم دون حصوله على جواب منها..أتبادله مشاعره المجنونة وتقبل بالارتباط به أم يعتبر تلك الليلة حلما جميلا سيفيق منه صباحا..يعلم أنه لا يريدها فى حياته حلما بل يريدها واقعا ملموسا..ملموسا جدا


**************


كانت كارمن تقف مع وجد وأدهم تستمع الى حديثهم بصمت..تسترق بعض النظرات الى أدهم لتلاحظ أدق تفاصيله..لتلتقى عيناه بعينيها..وتشيح بوجهها خجلا لضبطها متلبسة بالنظر اليه..بينما سمعته يقول لوالدته:


مش عارف ولادك راحوا فين..حتى بابا كمان..فجأة اختفوا وتليفوناتهم مقفولة


قالت وجد بهدوء:


بابا قالى ان واحد صاحبه تعب وراحله المستشفى يطمن عليه واخواتك سيبك منهم وبما ان ولادك ناموا وكارمن رفضت ترقص انهاردة مع اى حد بسببهم..خدها وارقصوا شوية وبلاش توترنى ياأدهم


نظروا اليها بدهشة لتقول بحزم مصطنع:


يلا امشوا


نظرت كارمن الى أدهم الذى هز كتفيه بقلة حيلة لتبتلع كارمن ريقها بصعوبة ..مد يده اليها لتتردد للحظة قبل ان تمنحه اياها..لتتلاقى الأيدى وتتلاقى القلوب..قاومت كارمن رعشة سرت بجسدها عندما أحاط أدهم بيده خصرها لتضع هى يديها على كتفيه تتجنب النظر اليه..بينما تشتعل النيران بقلب أدهم يقاوم رغبته الحارقة فى أن يضمها بين ذراعيه..استرقت كارمن النظر اليه ليتوقف الزمن عندما تلاقت أعينهم ليتأمل وجهها البرئ بشغف وتشعر هى بالحيرة..تخشى ان تصدق نظراته لتتجمد بين يديه فجأة ثم تبتعد بحيرة..بينما هو يخشى ان مشاعره باتت واضحة ولن يستطيع كتمانها أكثر من ذلك


اقترب راجى من زوجته ليقبلها من خدها بحب..التفتت اليه قائلة بحنان:


حمد الله ع السلامة


قال بحنان:


الله يسلمك


سألته قائلة:


أخبار توفيق ايه ياراجى؟


ابتسم قائلا :


بقى أحسن الحمد لله


قالت بابتسامة:


الحمد لله


قال فى حيرة:


الحفلة خلصت اوام كدة؟


قالت فى سعادة:


انهاردة بس اطمنت على ولادنا ياراجى


عقد حاجبيه فى حيرة قائلا:


تقصدى ايه ياحبيبتى؟


ابتسمت وهى تربت على وجنته بحنان قائلة:


متشغلش بالك ..انت بس ادعيلهم


ابتسم فى حنان قائلا:


بدعيلهم فى كل صلاة وبشكر ربنا انه رزقنى حبك ياوجدى


بادلته نظرة العشق الذى مازال مشتعلا رغم مرور الزمن


**********


قال أيهم وهو يلهث:


انتى يابنتى استنى بس ..دوختينى


توقفت تنظر اليه بدهشة قائلة:


انت مشيت ورايا كل ده ...طب ليه بس؟


قال بابتسامة:


كنت عايز أوصلك ياسندريلا


نظرت اليه فى دهشة لاطلاقه عليها ذلك اللقب الذى أحست به اليوم..ليستطرد بمرح:


تصدقى انك انهاردة عملتى كل حاجة هى عملتها..ظهورك زى الأميرة فى حفلتى..ورقصك معايا وجريك الساعة ١٢ ..واللى خلانى اجرى وراكى كل المسافة دى زى المجنون


قالت بهدوء يخالف سعادة قلبها بكلماته:


بس انا مش سندريلا ولا انت أميرى ياأيهم


اقترب منها قائلا :


انتى مصدقة كلامك ده؟


قالت بثبات:


لازم أصدق ..بعد اللى شفته انهاردة لازم أصدق ياايهم..احنا مش فى قصة خيالية..حتى لو كنت أمير أحلامى فبعد حفلة انهاردة ..شفت الواقع والفرق الكبير ما بينا..وقررت أفوق ياأيهم..لازم أفوق


مد يده يود ان يمسك يدها لتبتعد قائلة بحزم:


أنا لازم امشى..بجد اتأخرت


قال فى حزم اشد:


هوصلك ..الوقت اتأخر ودى مفيهاش كلام..ورغم رفضى للى قلتيه شكلا وموضوعا بس انا هعديه مؤقتا وهيبقى لينا كلام كتير بعدين..تعالى بقى ناخد تاكسى عشان بعدنا كتير عن العربية


كادت ان ترفض ولكنها رأت التصميم بعينيه لتستسلم وتمشى بجواره ..تشعر بنداء قلبها الذى يطالبها برمى كل العوائق التى تمنع امساكها الآن بيده وعدم تركها أبدا

   

                     الفصل التاسع من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>