روايةلعنة العشق
الفصل الثالث والعشرون والربع والعشرون
الفصل الثالث والعشرون
جلست مايا فى تلك الكافيتريا التى أخذها اليها مهيب..تتأمل ملامحه الغاضبة..تعلم أنه يحاول كبح انفعاله وعصبيته بشكل كبير..لتقول بتوتر:
ياريت تهدى نفسك وتقول كدة بسرعة كنت عايز تقولى ايه يامهيب لأنى بصراحة مش فاضية و.....
قاطعها مهيب قائلا دون مقدمات:
أنا طلقت ديالا
نظرت اليه مايا قائلة فى صدمة:
بتقول ايه؟
تنهد قائلا:
بقولك طلقتها يامايا..طلقتها
أحست مايا بقلبها يتوقف من السعادة لتنطفئ فرحتها وهى تتذكر طفله الذى تحمله ديالا..وتتساءل عن ذنبه فى كل ما يحدث..لتقول بحزن:
وابنك او بنتك يامهيب..هترضى يتربوا بعيد عنك؟
قال مهيب بمرارة:
مفيش بيبى يا مايا
قالت مايا بخوف:
البيبى جراله حاجة..ديالا أجهضته؟
ابتسم بسخرية مريرة وهو يقول:
مكنش فيه بيبى أصلا يامايا..الهانم كانت بتضحك علية..بتخدعنى..كانت حاسة بحبى ليكى واخترعت حكاية البيبى عشان عارفة انى مش هقدر أتخلى عنه وعنها..تعرفى المصيبة الأكبر ..انها أصلا مبتخلفش وكانت بتدفع للدكتورة عشان تخدعنى هى كمان
خلعت مايا نظارتها وهى تمسك ذلك الجسر بين عينيها بألم..تشعر بالصدمات تضربها بقوة..صدمة تلو الأخرى..تتساءل فى دهشة عن امكانية وجود امرأة بمثل هذا المكر والخداع..لتلبس نظارتها مرة أخرى وهى تقول:
طب ازاى كانت هتكمل فى كدبتها..ما هى أكيد كانت هتتكشف؟
قال بنبرة حزينة:
كانت هتتصرف..هتسافر مثلا بأى حجة وترجع بطفل..تتبناه بقى..تسرقه..مستبعدش أى حاجة ..بعد اللى سمعته منها وهى بتكلم صاحبتها ومامتها أقدر أقولك انها ممكن تعمل اى حاجة عشان توصل لهدفها
عقدت مايا حاجبيها بحيرة قائلة:
اللى هو؟؟
نظر الى عينيها قائلا:
الفلوس..ديالا تعمل اى حاجة عشان الفلوس..وفى نفس الوقت تنتقم منك لأنها دايما كانت بتغير وبتحقد عليكى لأن فيكى كل حاجة مش موجودة فيها..ده غير ان حبيبها اللى حبيته هى زمان ..حبك انتى ..فقررت انها تاخد منك حبك وتفرقنى عنك
أومأت مايا برأسها بتفهم ورجعت بظهرها الى الوراء لتقول بأسف:
كانت صدمة كبيرة ليك يامهيب..انا بجد مش عارفة أقولك ايه
قال مهيب:
أكيد فى الاول اتصدمت..بس بعد كدة حسيت بالراحة..ديالا بعمايلها السودا خلتنى أسيبها وأنا مش حاسس ناحيتها بالذنب أو تأنيب الضمير
ثم أمسك يدها لتنظر اليه بحيرة وهو يقول:
أنا اول ما سيبتها جيتلك علطول يامايا..جيت نبتدى مع بعض صفحة جديدة وكفاية بقى اللى ضاع من عمرنا
أغمضت مايا عينيها لتبتعد عن تأثير عينيه التى تجبرها على الاستسلام له ولمشاعرها نحوه..فقد جرحها مهيب مرارا وتكرارا..حتى أنها تحس بتشوه عشقها له من كثرة تلك الجراح..لتفتح عينيها وهى تبعد يديها عند يديه قائلة فى ألم:
مع الأسف متأخر دايما زى عوايدك يامهيب..احنا حكايتنا خلصت من زمان
عقد مهيب حاجبيه قائلا:
تقصدى ايه؟
قالت مايا كاذبة بحزن:
أنا خلاص بدأت حياتى مع حد تانى غيرك يامهيب..ومش مستعدة اتخلى عنه لأنك فجأة بقيت مش مرتبط وقررت ترتبط بية..لو بس بطلت تفكر فى نفسك شوية وبصيت حواليك..هتلاحظ انى اتعذبت كتير على ايدك لحد ما خلاص اكتفيت..انا كنت مغمضة عيونى عن أنانيتك يامهيب بس خلاص فتحتها ومش مستعدة أغمضها تانى
قال مهيب بصدمة:
انتى بتعملى معايا كدة ليه ..أبعد تقربى..أقرب تبعدى ..أنا مش قادر اصدق انك مايا اللى.....
قاطعته وهى تشير له بالصمت قائلة:
لأ صدق..مايا اللى تعرفها ماتت خلاص..أنا خلاص مش عايزة عذاب ولا جرح تانى فى حياتى..وده آخر كلام عندى
لتنهض وينهض مهيب بدوره ليمسك بيدها مانعا اياها من الرحيل
رأتها فى تلك اللحظة والدتها علية التى كانت تجلس مع صديق فى نفس الكافيتريا لتقول بصدمة:
مايا ومهيب؟؟
التفت صديق ليرى مايا بدوره لتنتابه الصدمة وهو يرى مدى جمالها ورقتها ليقول بتعجب:
دى بنتك ياعلية؟
قالت علية بارتباك:
لأ..آه.بنتى مايا..بس ايه اللى لمها على مهيب من تانى؟
نهض صديق قائلا:
تعالى نسلم عليهم جايز نعرف
قالت علية بصدمة:
لأ طبعا....
ليقاطعها قائلا وهو ينهضها ويسحبها باتجاههم قائلا:
دى فرصة بنتك تشوفنى وتتعود علية
قالت علية بصوت هامس يكمن فيه خوف وقلق:
ما هو ده اللى أنا خايفة منه
وصلا الى مايا ومهيب فى نفس اللحظة التى نزعت فيها مايا يد مهيب عن يدها..لتلتفت وتكاد تغادر لتتوقف من الصدمة وهى ترى والدتها تقف بجانب رجل كبير السن ولكنه يبدو وسيما وبكامل لياقته يتأملها بنظرة اقشعر لها جسدها..لتعود بعينيها الى والدتها قائلة بحيرة:
ايه اللى جابك هنا ياماما ومين حضرته؟
قالت عبارتها الأخيرة وهى تشير الى صديق الذى اشتعلت عيناه رغبة واشتعلت عينا مهيب غيرة وغضبا لتقول والدتها بتوتر:
انا كنت بعمل شوبينج فى المول اللى قريب من هنا وقابلت صديق..زميل قديم لية من أيام الجامعة..و....والكلام يعنى خدنا..بس انتى كمان ايه اللى جابك هنا ؟
ثم نظرت الى مهيب قائلة فى حدة:
وانت مش كنت مسافر يامهيب؟
جز مهيب على أسنانه بغيظ من عمته وذلك الرجل الذى ينظر الى حبيبته بنظرة لا تعجبه على الاطلاق ليقول بنبرة حادة:
رجعت ياعمتى..واحنا هنا عشان شغل..فيه عندك اعتراض
لوت عمته شفتيها بسخرية ليمد صديق يده الى مايا فى سماجة وهو يقول:
تشرفنا يامايا
أمسك مهيب بيد صديق قبل أن تمد مايا يدها اليه ليقول بنبرة باردة:
مايا مبتسلمش على رجالة
أبعد صديق يده وهو يقول بنبرة ساخرة:
وحضرتك بتتكلم عنها بصفتك ايه؟
كاد مهيب أن يقول:
خطيبها
لتسرع مايا وتقول:
مهيب ابن خالى
نظر اليها مهيب باستنكار لتتجاهل نظراته وهى تقول:
معلش مضطرة أستأذن عشان اتأخرت على ميعاد مهم
ثم نظرت الى والدتها قائلة:
ماما ..هشوفك فى البيت
أومأت علية برأسها وهى تشعر بأنها ستفقد وعيها بين اللحظة والأخرى..لتبتعد مغادرة..ويمشى مهيب بدوره دون كلمة و هو يغلى من الغيظ..يتمتم بكلمات حانقة:
بقى انا ابن خالك وبس ..ماشى يامايا..ان ما وريتك
تابع صديق مغادرتهم بعينين متوعدتين..يقسم أن تكون تلك الجميلة له فى خلال الأيام القادمة فلقد جذبته اليها بشدة بطريقة لم تجذبه اليها غيرها..حتى أنه يراها منذ الآن فى بيته..فى حجرة نومه...وفى سريره
***************
قالت وجد بحزن:
مش عارفة ياراجى حال ولادك مش عاجبنى..أدهم وسفره اللى جه فجأة بعد موت رعد ..وأيهم اللى مختفى وبيطمنا عليه بس بالتليفون..ولا مهيب اللى طلق ديالا وحالته النفسية مش عاجبانى
قال راجى بحنان:
سيبيهم يعيشوا حياتهم زى ما هم عايزين..يغلطوا ويتعلموا من غلطهم..يفرحوا ..يحزنوا..سيبيهم زى ما انا كمان سيبتهم ..انا خلاص حرمت أتدخل فى حياتهم..هراقبهم من بعيد لبعيد ولو احتاج الأمر أتدخل.. بردو هتدخل من بعيد لبعيد..ولادك معدوش صغيرين ياوجد..ويقدروا يمشوا حياتهم بايديهم ياحبيبتى
نظرت اليه فى حيرة قائلة:
تفتكر؟
ربت على يدها وهو يقول بحنان:
أنا متأكد
ثم ضمها بحنان يود لو ينزع عنها حيرتها وحزنها ويبعدهم عنها الى الأبد..فتلك هى وجد حبيبته..ورفيقة عمره
***************
كان أيهم يقف على بعد صغير من حبيبته..يراقبها وهى متمددة على كرسى أمام البحر تنظر الى موجاته بشرود..كانت صورة مجسمة للجمال..ياالله كم اشتاق اليها..تلفت حوله ليرى ان كان أحدا غيره يرى ذلك الجمال..فحمد ربه على خروجها دائما فى هذا الوقت المبكر حيث لا أحد على الشاطئ..رآها ترفع يدها وتزيل نظارتها الشمسية لتظهر عينيها الرائعتين...رآها تمسح شيئا من على وجهها ..فأدرك أنها تبكى....فأصابته دموعها فى مقتل..فهو السبب فى تلك الدموع..هو وتسرعه الأحمق..هو من ظلمها دون أن يمنحها فرصة للكلام ليطلقها دون ذنب..كاد أن يقترب منها ليأخذها بين أحضانه يمسح دموعها بشفتيه..ولكنه تمالك نفسه..فهى مازالت مجروحة منه..وعليه أن يسعى لصفحها عنه بهدوء محافظا على حالتها النفسية كى لا تتأثر وتسوء..رآها تغمض عينيها ويظهر عليها النعاس حتى غلبها بالفعل ليتقدم منها بهدوء وحذر..وقف للحظة يتأملها بعشق ليترك وردة جورية تشبهها على الكرسى بجوارها ثم يلقى عليها نظرة أخيرة عاشقة راغبة فى نيل قبلة منها تروى ظمأه لعشقها..ولكنه تراجع وهو يبتعد فى حزن
تسللت رائحة تعرفها جورى جيدا الى أنفها ..لتفتح عينيها بقوة وتنظر حولها باحثة عن صاحب تلك الرائحة التى تعشقها فقط لأنها رائحته..فلم تجد أحدا..لتقع عينيها على تلك الوردة بجوارها لتأخذها بيدها برقة..تتلمس أوراقها بنعومة
...لترفعها الى أنفها وتتنشق رائحتها العطرة والتى مازالت تحمل رائحته أيضا..لتقبلها وتضمها الى صدرها بحنان غافلة عن تلك العيون التى تابعتها بعشق وأمل..يزداد ذلك الأمل مع كل لمسة منها لتلك الوردة..فربما فى يوم من الأيام..تمنحه حبيبته الغفران
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
👇24👇
كانت كارمن تجلس ساهمة تفكر فى أدهم..ذلك الحبيب الذى استيقظت بعد ليلة رائعة بل هى أروع ليلة فى حياتها كلها.. لتجده قد غادر المنزل ...بل غادر المدينة بأكملها وسافر..دون أن تراه ليعلنها صريحة ودون كلمة واحدة..لقد ندمت..وانتهى الأمر
أفاقت من شرودها على صوت وجد وهى تقول بحنان:
القمر سرحان فى ايه؟
ابتسمت كارمن ابتسامة لم تصل لعينيها وهى تقول :
أبدا ياماما..مش سرحانة ولا حاجة
قالت وجد:
لأ سرحانة وفى حاجة مضايقاكى كمان..من يوم ما أدهم سافر وانتى حالك مقلوب..مبقيتيش تاكلى ولا تشربى ولا حتى تضحكى زى الأول..حتى الاولاد لاحظوا ده..وقلقانين عليكى زيى بالظبط ياكارمن..حبيبتى انتى مش معتبرانى زى مامتك ولا ايه؟
قالت كارمن بحب:
انتى الأم اللى ربنا عوضنى بيها عن حرمانى من أمى الحقيقية..ربنا يعلم بحبك أد ايه
ابتسمت وجد قائلة بحنان:
يبقى تفضفضى..فضفضى يابنتى جايز ترتاحى وتلاقى عندى الحل للى مضايقك
قالت كارمن بحزن:
أدهم ياماما..أدهم مبيحبنيش..بدأت أحس انه اعتبر جوازنا غلطة..وعشان كدة بعد وسافر..ساب ولاده اللى روحه فيهم واللى مكنش بيقدر يبعد عنهم ولو يوم واحد..كل ده عشان ميبقاش معايا..عشان ميشوفنيش ولا افكره بغلطته اللى اكيد ندمان عليها.. وده واجعنى اوى ياماما..ده غير انه واحشنى وكمان الأولاد مفتقدينه ..متعودوش يعدى يومهم من غير ما يشوفوه..وأدهم بقاله ٣ أيام مسافر ..نفسى أشوفه..أسمع صوته ..اطمن انه بخير..ده مكلمنيش ولو حتى مكالمة واحدة يطمنى عليه
ربتت وجد على يد كارمن قائلة:
أدهم بيحبك أد ما بتحبيه ياكارمن..متشكيش أبدا فى حبه ليكى زى ما انا متأكدة من حبك ليه..كلنا شايفين عشقكم لبعض الا انتوا..كل واحد فيكم شايف عشقه بس ومش شايف عشق التانى ليه
نظرت كارمن الى وجد بدهشة لتبتسم وجد قائلة:
تحبى أثبتلك؟
لمعت عينا كارمن لتظهر لهفتها على وجهها وهى تومئ برأسها ايجابا ..لتحمل وجد الهاتف وتتصل بأدهم وهى تفتح مكبر الصوت لتسمع كارمن صوت أدهم الذى اشتاقت اليه ينساب عبر الهاتف تظهر ابتسامته فى صوته وهو يقول:
ست الكل بنفسها بتتصل بية
قالت وجد بقلق مصطنع:
أدهم
لينتقل قلقها اليه على الفور ويقول فى خوف:
مال صوتك ياماما..حد من الاولاد جراله حاجة؟
أسرعت تقول فى نفى:
لا ياحبيبى هما كويسين..بس كارمن هى.....
لتصمت فيقول هو فى وجل:
مالها كارمن ياماما؟طمنينى عليها بسرعة
لتبتسم كارمن بحنان وتبادلها وجد الابتسامة وهى تشير الى الهاتف باشارة **أهو...بيحبك وبيخاف عليكى ..افرحى بقى وبطلى عكننة ..قلتلك مبحبهاش😉**
أخفت وجد ابتسامتها لتقول بحزن مفتعل:
هى بس تعبانة شوية ومقدرتش انهاردة تقوم م السرير
زفر أدهم بقوة وهو يقول بقلق:
والدكتور قال ايه؟
قالت وجد :
مرضيتش نجيبلها دكتور ياحبيبى
قال أدهم بحدة:
طب ده اسمه كلام ياماما؟
قالت وجد:
هنعمل ايه ياابنى بس..هى اللى صممت
قال أدهم:
خلاص ياماما..أنا جاى على أول طيارة مسافة السكة..سلام
أغلقت وجد الهاتف وهى تنظر الى كارمن المصدومة من رد فعل أدهم..هل هو حقا يحبها ويخاف عليها؟ هل فعلا سيعود من أجلها؟..لتقول وجد بحنان:
أديكى سمعتى بودانك..وعرفتى بيخاف عليكى ازاى..قومى بقى ظبطى نفسك ونامى فى السرير واعملى عيانة..وابقى ادعيلى بقى
ابتسمت كارمن فى حب وقبلتها فى وجنتها وهى تضمها اليها قائلة:
ربنا يخليكى لية يااحلى ماما
ضمتها وجد بحنان قائلة:
ويخليكى لية يااحلى بنوتة..يلا بقى.جوزك فى السكة
خرجت كارمن من حضنها وهى لا تدرى من أين تبدأ لتسرع باتجاه حجرتها ليوقفها صوت وجد قائلة:
إلبسى القميص الأسود اللى جبتهولك آخر مرة..أكيد هينطق عليكى
ابتسمت كارمن بخجل وهى تومئ برأسها ثم ترسل لها قبلة طائرة وتسرع الى حجرتها لتبتسم وجد قائلة:
معلش ياابنى قلقتك وجبتك على ملا وشك..بس أعمل ايه..أصل دماغك ناشفة وأنا عارفة دماغك دى كويس ومكنش ينفع معاك غير كدة..بس ياريت تكون مستعد للمفاجأة عشان كارمن انهاردة هتبهرك
**************
كان أيهم يميل ليضع الوردة بجوار جورى كعادته كل يوم ولكنه توقف ليبدل رأيه وهو يجلس على الكرسى بجوارها متأملا اياها لثوان وهو يبتسم بحنان ملاحظا ارتفاع دقات قلبها من خلال ذلك العرق النابض فى عنقها وأنفاسها المتسارعة..ليدرك أنها مستيقظة وتتظاهر بالنوم..مال على أذنها قائلا:
على فكرة أنا عارف انك بتبقى صاحية وبتحسى بية بس مش عايزة تشوفينى عشان يمكن تضعفى..بس انهاردة انا مصمم تفتحى عيونك ياجورى وتبصيلى
كانت جورى تستمع الى كلماته بشوق أثار قلبها..أوحشتها نبرات صوته الرجولية الحانية..هى فعلا منذ ذلك اليوم الاول والذى أحست بوجوده تتظاهر بالنوم لتشعر به وهو يقف ليتأملها لثانية ثم يميل فيضع الوردة بجوارها لتتنشق هى عطره شوقا..وتشعر بقربه الذى يملأها عشقا..تخشى أن تفتح عينيها فتتواجه مع عينيه ويضيع سحر اللحظة..فتتألم من جديد..تفاجأت اليوم من ادراكه باستيقاظها وتظاهرها بالنوم..ترى كيف أدرك ذلك؟حقا لا تدرى..طال صمتها وكاد أيهم أن ييأس ولكنه قال فى رجاء:
وحياة أغلى حاجة عندك..لو لسة فى قلبك ذكرى واحدة حلوة لية..افتحى عيونك ولو ثوانى
فتحت جورى عينيها ببطئ فوجدت عينيها متقابلتين مع عينى أيهم العاشقتين..أحست بنار الشوق تلفحها..تصرخ بها أن تنسى كل ما فات وتلقى بنفسها بين أحضانه لتشعر مجددا بالاكتمال..فهى دونه تشعر بأنها غير مكتملة ينقصها شعورها بالحياة..تأمل عينيها الجميلتين بشوق أضناه وهو يقول هامسا:
ياه..أد ايه عنيكى دول وحشونى..كنت بحلم باليوم اللى هشوفهم فيه من تانى
نظرت اليه بعتاب وعيونها تترقرق بالدموع ..ليستطرد بحزن :
عارف انى غلط وغلطتى كبيرة أوى..بس طمعان حبنا يشفعلى عندك..ويخليكى تسامحينى
نزلت دموعها ليمسحها بيده برقة وهو يقول بحزن:
عشان خاطرى بلاش دموع..أنا مستهلش أى دمعة منهم..ياريتنى مت قبل ما أكون السبب فيهم
وضعت يدها على فمه بسرعة قائلة بخوف:
بعد الشر عنك
استمع الى نبراتها الملهوفة والتى حملت حبا وقلقا ليذوب قلبه حبا وتشعل لمستها لشفتيه جسده عشقا..قبل يدها الساكنة على شفتيه فأنزلتها بخجل من اظهار مشاعرها تجاهه بتلك الصورة الواضحة..ليبتسم بحنان قائلا:
لسة بتخافى علية..لسة بتحبينى ياجورى..قلبى مكدبش علية..صح؟
قالت بهمس مرير:
أيوة لسة بحبك..بحبك رغم شكك فية..ورغم جرحك واهانتك لية..قلبى فعلا خاين زى ما قلتلى بس بيخونى أنا..مش قادر يسمع كلامى لما قلتله لازم ننساه ونكمل حياتنا من غيره..مش راضى يرحمنى..أنا تعبانة أوى ياأيهم ..نفسى أدوس على قلبى واختار أبعد بكرامتى اللى اتهانت معاك بس مش قادرة..والله ما قادرة
غلف الحزن عينيه ..ليمسك يدها وهو يقول:
سامحينى ياجورى..عشان خاطرى سامحينى..تعرفى قلبك مش راضى ينسانى ليه..لأنه عارف من جواه انى بعشقك وانك حياتى كلها ويمكن ده السبب فى انه مش قادر يطاوعك ويبعد عنى ..لأنى من غيرك أموت والله
نظرت اليه فى عتاب ليقول باابتسامة:
خلاص ..آسف..مش هجيب سيرة الموت تانى .بس والله العظيم انتى النفس اللى أنا عايش بيه..متحرمنيش منك ياجورى
قالت جورى بمرارة:
مش قادرة أنسى انك شكيت فية وقلتلى كلام كل ما افتكره بنهار ولا قادرة أنسى انك بسهولة كدة طلقتنى ورميت الدبلة فى وشى
قال أيهم بلوعة وهو يتذكر أفعاله المخزية:
والله كان غصب عنى ..غيرتى عميتنى وانا شايف غيرى بيلمسك..أنا لو أبويا أو أخويا قالوا عنك كلمة حلوة بتجنن من الغيرة..ما بالك بقى أدخل ألاقيكى فى حضن واحد غريب..لأ وكمان بيحبك وكان طالب يتجوزك..مقدرتش أفكر ساعتها غير فى وجعى..وازاى أوجعك زى ما وجعتينى..متفتكريش كان سهل علية أجرحك بكلمة او أطلقك..أنا دبحت قلبى بسكينة تلمة قبل ما أدبحك..حسيت بروحى بتنسحب منى مع كل كلمة قلتهالك..احساس رهيب متمناش لحد يدوقه ولا يحس بيه..ومن ساعتها لا قادر آكل ولا أشرب ولا أنام ولا ارتاح.لحد ما فتحتى عيونك وبصتيلى..حسيت انى لقيت خلاص راحتى اللى غابت عنى بغيابك..انا عارف انك مش هتسامحينى بسهولة بس أوعدك..لو اديتينى فرصة واحدة..واحدة بس ياجورى..هنسيكى كل وجعك منى..ياترى هتقبلى تديهالى؟
نظرت اليه تمزقها الحيرة..أتسامحه وتمنحه تلك الفرصة أم تكمل حياتها بدونه..تأملت حياتها فى الأيام الماضية..لتدرك أنها كانت بلا حياة ..تتنفس فقط..لتدرك أنها أيضا لا تستطيع العيش دونه ..انها تتنفسه عشقا..لتنظر اليه قائلة بثبات:
هديك الفرصة دى ياأيهم بس...
قاطعها وقد أشرقت ملامحه وهو يقول:
مفيش بس..والله العظيم حرمت..ومستحيل هجرحك أو أزعلك تانى..من انهاردة هعيشك فى سعادة ..هكون لك فرحة عمرك زى ما انتى فرحة عمرى وده وعد منى ليكى
ابتسمت فى حنان ليضمها اليه وهو يغمض عينيه وهو يحس لأول مرة منذ أيام بالراحة...والسعادة
************
قال مهيب بغضب:
هتجننى ياماما..مش عارف أعمل معاها ايه عشان تسامحنى وترضى تتجوزنى
قالت وجد بهدوء:
اهدى كدة وتعالى اقعد جنبى
زفر مهيب وهو يفعل ما طلبته منه والدته لتربت على قدمه بحنان قائلة:
انا عايزاك تسمعنى من غير عصبيتك دى اللى بتضيع كل حاجة حلوة منك..ها هتسمعنى..ولا أريح دماغى
تنهد مهيب قائلا :
هسمعك
قالت وجد :
انت صحيح بتحب مايا وهى كمان بتحبك..بس انت جرحتها كتير..هى استحملت منك اللى نفيش واحدة فى الدنيا تستحمله..كفاية انك محستش بيها وروحت اتجوزت واحدة غيرها و...
قاطعها قائلا بعصبية:
كنت أعمى ومخدتش بالى ..مش قاصد يعنى ياماما
نظرت اليه بعتاب قائلة:
قلتلك من غير عصبية..ومتقاطعنيش تانى
أومأ برأسه فى خجل لتستطرد قائلة:
مشاعر مايا كانت واضحة وأكيد خدت بالك منها بس انت فسرتها بطريقتك واتعاملت معاها على انها مشاعر اخوة ..ضغط على جرحها وانت بتحكيلها تفاصيل حياتك ومأخدتش بالك من كمية الوجع اللى أكيد كانت بتظهر عليها..وهى كانت بتنسى ألمها وبتنصحك بقلب طيب ميهمهوش غير سعادة حبيبه..ولما حسيت بحبها وحبك ليها..اتخليت عنها من تانى بس المرة دى قتلتها لأنها عرفت انك بتتخلى عنها بارادتك وانت عارف بمشاعركم ومتأكد من حبكم لبعض..حتى ما اعتذرتش ليها وجت منك انت ..لأ سبت ديالا هى اللى تقولها وتشمت فيها..تيجى انت بعد ما اكتشفت كدبة ديالا وخداعها..تقولها خلاص ديالا راحت فى داهية نتجوز احنا بقى..طبعا مش هتوافق..لأنهاحست بأنانيتك..انت مفكرتش انك لازم تداوى جراحها قبل ما تفكر تطلب منها طلب زى ده..مفكرتش ازاى تنسيها اللى شافته منك قبل ما تطلب منها تبدأوا حياة جديدة مع بعض..رغم انها بتحبك بس مش هتقدر تكمل معاك وانت بالشكل الانانى ده وبردو مش هتقدر تبعد عنك
قال مهيب بحيرة:
طب والحل..انا المفروض أعمل ايه؟بجد مش عارف..كل اللى اعرفه انى مستحيل أبعد عنها حتى لو انتى بنفسك اللى طلبتى منى ده
قالت وجد بابتسامة حانية:
وانا مقلتلكش ابعد..انا بقولك اديها وقت تنسى..خليك متابعها من بعيد لبعيد..حسسها انك جنبها وفى ضهرها..بس مش ضاغط عليها ولا موترها..وريها انك اتغيرت وبتفكر فيها قبل ما بتفكر فى نفسك..الحب أفعال يامهيب مش كلام
ابتسم مهيب قائلا:
حاضر ياماما..واوعدك ان انا بجد اتغير..وأحسسها بالتغيير ده
ثم قبلها من وجنتها قائلا:
انا ماشى بقى عشان متأخرش
قالت وجد بحنان:
خليك شوية..أدهم راجع من السفر..أهو تشوفه قبل ما تمشى
ابتسم مهيب قائلا:
أدهم مش هيعوز أول ما ييجى م السفر يشوفنى انا ياماما ..أكيد هيعوز يشوف حبيبته..وانا كمان حبيبتى واحشانى وعايز اروح أشوفها..سلام ياقمر
تابعته وجد وهو يغادر لتبتسم فى حنان ثم تنتفض على صوت راجى يقول بحب:
مش عارف من غيرك كانت حياتى هتبقى عاملة ازاى ياوجدى
التفتت اليه تبتسم بحب قائلة:
انت واقف من امتى؟
اقترب منها ليمسك يدها ويقبلها بحنان قائلا:
من اول ما اتعصبتى على مهيب لما قاطع كلامك..بس ايه العقل ده كله..جمال وعقل ..يابختى بيكى
تركت يده لتضم وجهه بحنان قائلة:
انا بجد لسة جميلة فى عنيك ياراجى؟
وضع يديه على يديها التى تضم وجهه قائلا فى عشق:
انتى فى عينى احلى من عرايس اولادك ياوجدى..انتى اجمل ست بتشوفها عينية..جمالك من برة وجوة..انتى نعمة بحمد ربنا عليها ليل ونهار
قالت وجد لعشق:
طول عمر كلامك حلو ياراجى..بس انهاردة كلامك مش بس حلو..كلامك بيدوخ..ربنا يخليك لية يا عشرة عمرى
اقترب راجى من شفتيها ليقول هامسا أمامهم:
ويخليكى لية ياحبيبتى
ليقبلها بحب..ثم يبتعد ناظرا الى عينيها العاشقتين ..مبتسما وهو يأخذ بيدها ويتجه الى حجرتهما لينالا بعض السعادة ..انها حقا .......سعادة العشق
