رواية لعنة العشق
الفصل الثالث عشر والربع عشر
الفصل الثالث عشر
طرق أدهم باب حجرة كارمن بتردد ليسمع صوت كارمن الرقيق يسمح له بالدخول..
ابتلع ريقه ودلف الى الحجرة ليجد والدته تجلس بجوار كارمن فى شرفة الحجرة..
يبدو علي عينيها آثار الدموع لينظر الى كارمن بنظرة متسائلة..لترد عليه
بنظرة من عينيها أن يدع الأمر وشأنه الآن..ولكنه أدهم..رغم قسوته الظاهرة الا أنه
رقيق القلب لا يتحمل دموع أحبابه ليقترب بسرعة من والدته وينحنى ليجلس أمامها رابتا على يدها بحنان قائلا:
خير ياماما..كنتى بتعيطى ليه؟
ربتت على شعره بحنان قائلة:
مفيش حاجة ياحبيبى متشغلش بالك بية
نظر الى عينيها قائلا:
لو مشغلتش بالى بيكى هشغله بس بمين ياماما؟انا عارف انك لسة زعلانة بسبب المشكلة اللى حصلت بين بابا وأيهم..بس اوعدك انى احلها..وارجع أيهم البيت تانى..أوعدك أرجعه لحضنك ياست الكل..بس سيبيهم يهدوا شوية بس
ابتسمت وجد وقد ترقرقت الدموع بعينيها قائلة:
ربنا يخليك لية ياحبيبى
قبل أدهم يدها قائلا:
ويخليكى لينا ياحبيبتى
نظرت كارمن الى أدهم.. ترى ذلك الوجه الحان منه والذى لا يظهر الا مع والدته وطفليه..لتقع فى حبه من جديد..كانت شاردة تتأمل ملامحه الوسيمة عندما سمعت وجد تقول وهى تنهض:
انا هقوم أرتاح فى أوضتى..وانتوا قوموا اتمشوا شوية فى الجنينة..شكلك عايز كارمن فى موضوع مهم ياأدهم
أومأ أدهم برأسه..لتنظر اليه كارمن بحيرة..وطالت نظرتهم..لتفيق كارمن على صوت وجد قائلة:
أشوفكم بعدين ياولاد
أومأت كارمن برأسها وهى تبتسم بحب لينظر اليها أدهم يتأمل ملامحها الجميلة لتنظر اليه كارمن وتتفاجأ بتحديقه بها..لتقول بخجل:
خير ياأستاذ ادهم؟
قال أدهم :
ممكن نتكلم شوية بس فى الجنينة زى ماما اقترحت علينا؟
أومأت برأسها ليغادر الحجرة وهى تتبعه..حتى أصبحا فى الحديقة يتمشيان جنبا الى جنب ليقول ادهم بهدوء:
الحقيقة انا مش عارف ابتدى الكلام ازاى
قالت بابتسامة:
اتكلم براحتك وانا سامعاك
قال بتردد:
أنا..أنا عندى ليكى عرض..أتمنى توافقى عليه
عقدت كارمن حاجبيها بحيرة قائلة:
عرض؟؟
قال أدهم بحزم :
عرض جواز ياكارمن
كاد قلب كارمن ان تتوقف دقاته من السعادة..كادت ان تضمه معلنة موافقتها الفورية..ولكنها توقفت عند كلمة عرض..ونبرات صوته الباردة عندما قالها لتقول:
عرض جواز؟
قال بهدوء يخالف دهشته من تلك السعادة التى مرت بملامحها للحظة قبل أن تعود للحيرة مرة أخرى:
الحقيقة انا فكرت كتير فى الموضوع..لقيت ان ولادى محتاجين لأم يحسوا معاها بالأمان والحنان اللى افتقدوه بموت أمهم ..والام دى لقوها فيكى ياكارمن..انتى بالنسبة لهم دلوقتى حد مش ممكن يستغنوا عنه..والأكيد ان دى حاجة مش مضمونة ..والضمان الوحيد لوجودك الدايم فى حياتهم هيكون جوازنا اللى طبعا هيكون على الورق..يعنى متقلقيش خالص..انا عارف ان انتى مرتبطة بيهم أد ايه.. واحساسى بيقولى ان انتى كمان نفسك تفضلى معاهم علطول..يعنى هتكونى ام لأولادى فى مقابل حياة كريمة ومستقبل هخليهولك أكيد مضمون..قلتى ايه؟
نظرت اليه فى جمود لا يعكس أبدا حالة قلبها الذى تمزق الى أشلاء من هذا العرض البارد والمهين لأنوثتها وكبريائها..جزت على أسنانها وهى تمنع دموعها بصعوبة من النزول قائلة بهدوء:
وتفتكر ده عرض مناسب بالنسبة لية؟
كاد أدهم أن يقول شيئا لتشير اليه كارمن بالصمت قائلة:
من فضلك متجاوبش لأن اجابتك مش هتكون فى صالحك..عموما انت قلت انك فكرت كتير فى الموضوع..سيبنى انا كمان أفكر شوية.
اومأ أدهم برأسه وهو يقول:
تمام ..ياريت اول ما توصلى لقرار تبلغينى بيه..عن اذنك
ابتعد أدهم تتابعه عينا كارمن التى لم تستطع ان تمنع دموعها أكثر لتتساقط دموعها وهى تشعر بقلبها يتحطم بقوة
**************
اقترب عادل من أيهم الذى يقف فى شرفة منزل الأول..يبدو شاردا حزينا..حتى أنه لم يشعر باقتراب صديقه عادل منه..ليضع عادل يده على كتف أيهم الذى أفاق من شروده على صوت صديقه يقول فى حزن:
لحد امتى هتفضل بالشكل ده ياأيهم؟
اغمض ايهم عينيه بألم ثم فتحهما قائلا:
مش عارف ياعادل..مش قادر أنسى اللى بابا عمله فية..وازاى صغرنى وكسر قلبى بالشكل ده..ولا قادر أفكر فى حالة جورى دلوقتى بعد ما عرفت باللى بابا عمله مع مامتها..مش عارف هوريها وشى ازاى؟حاسس بإيدين حوالين رقبتى بتخنقنى ياعادل ومش قادر أشيل الايدين دى ولا اخفف ألم خنقتهم
ربت عادل على يده قائلا:
حاسس بيك ياصاحبى..بس انت بالشكل ده مش هتعرف تفكر فى حل
قال أيهم بمرارة:
أفكر فى ايه؟مفيش حل أدامى..الانسانة اللى حبيتها خلاص خسرتها..أنا عارف جورى كويس كرامتها هى ومامتها خط أحمر..وبابا داس عليهم اوى..خلاص حياتى معتش هيبقالها طعم فى بعدها عنى..والسبب فى كل اللى انا فيه يبقى بابا..بابا ياعادل
قال عادل بحزن:
مفيش حاجة ملهاش حل..اهدى بس شوية وهنفكر فى حل
هز أيهم رأسه بمرارة قائلا:
قلتلك ملهاش حل ..ملهاش حل
صمت فجأة..تدور فى رأسه فكرة ..ليرفع وجهه وقد لمعت عيناه..ليقول عادل بقلق:
بتفكر فى ايه ياأيهم؟
قال أيهم :
لقيت الحل
قال عادل بحيرة:
اللى هو ايه؟
أمسك أيهم مفاتيح سيارته وهاتفه وهو يسرع مغادرا وهو يقول:
لما ارجع هقولك
امسك عادل هاتفه ومفاتيحه بدوره وهو يلحقه قائلا:
وانا لسة هستنى اما ترجع..انت شكلك رايح تعمل مصيبة..انا جاى معاك..استنانى
**************
هستناكى..لو عمرى كله هستناكى يامايا
ظلت تلك الجملة تتردد فى ذهن مايا مرارا وتكرارا..تشعر بالسعادة فقط عندما تتذكر تلك الجملة..لكنها تشعر بغصة فى قلبها..انقباضة غريبة فى صدرها أيضا..لا تدرى لماذا؟ربما من رد فعل ديالا عندما يخبرها مهيب برغبته فى طلاقها..حاولت ابعاد أفكارها المتشائمة وتفكر فقط فى خيارين..اما أن تستسلم لذلك الحب الذى يغمر كيانها وتتسبب بخراب بيت وايذاء امرأة أخرى حتى وان كانت ديالا التى تعلم مايا أنها تكرهها دون سبب..أو تستسلم لمخاوفها التى تخبرها ان تبتعد فقط عن كل شئ..ولكن هل هى تستطيع الابتعاد؟
اغمضت عينيها تتذكر همساته..لمساته..لتدرك أنها لن تختار البعد فمرارة قربه أهون من عذاب بعده..ستختار القرب أيا كانت النتائج
ابتسمت فى تصميم لتغادر بسرعة الى مكتب مهيب..حبيبها..تخبره بقرارها..ابتسمت الى نجوى سكرتيرة مهيب قائلة:
مستر مهيب جوة؟
أومات نجوى برأسها باابتسامة هادئة لتطرق مايا الباب وتفتحه وهى تقف قائلة باابتسامة مرحة:
ينفع أدخل؟
التفت اليها مهيب يتطلع اليها والى ملامحها الجميلة يتمزق قلبه بين رغبته فى ان يذهب اليها الآن ويغمرها بين ذراعيه ليزرعها داخل قلبه الى الأبد وبين واجبه تجاه طفله والذى يحتم عليه التضحية بحبه فى سبيل الحفاظ عليه..جمدت الابتسامة على وجه مايا وهى تلاحظ ظهور الألم على وجه مهيب لتدخل وتغلق الباب وهى تتقدم باتجاهه دون أن تزيح بصرها عنه قائلة فى قلق:
مهيب انت كويس؟
وقفت امامه تماما وأمسكت يده مستطردة:
طمنى يامهيب
نظر الى عينيها القلقة ونبرات صوتها الملهوفة وشعر بلمسة يدها التى أذابته ليضم يدها بيده ويرفعها الى شفتيه مقبلا اياها بحنان ودون ارادة منه وهو يقول:
انا بخير ياحبيبتى ..اطمنى..أخبارك انتى ايه؟
نظرت الى عينيه بعشق قائلة:
انا بخير طول ما انت بخير..خلاص يامهيب..قررت أرمى كل حاجة ورا ضهرى..قررت أستسلم لقلبى..واختار حبك وقربك
أغمض عينيه حتى لا ترى ألمه..كيف سيستطيع أن يطفئ تلك السعادة فى مقلتيها..كيف سيخبرها بتخليه عن حبهما..عشقهما ..وتلك السعادة التى يعيشها بقربها..عن كل ما جعله حيا فى تلك الآونة الأخيرة؟كيف؟
شعر بيدها تضم وجهه بحنان ليفتح عينيه ويواجه عينيها الجميلتين..تأمل ملامحها بعشق..وتوقف عند شفتيها فلم يستطع ان يمنع نفسه ليقبلها بشوق..بلهفة ..بلوعة..لتبادله قبلته وهى تشعر بكل مشاعره التى عبرت عنها قبلته..حتى أحست بقطرة مياه على خدها لتفتح عينيها وتبتعد عن مهيب لتتسع عينيها صدمة وهى ترى تلك الدموع فى عينى حبيبها ..لأول مرة فى حياتها ترى عينيه الجميلتين مغروقتين بالدموع..تشعر به يبذل مجهودا خرافيا كى لا تخونه وتسقط مثل تلك الدمعة الخائنة والتى نزلت رغما عنه..لتقول مايا بخوف:
ليه الدموع يامهيب؟
أغمض عينيه يخفيهم عنها ثم فتحهم وقد تمالك نفسه ليقول فى الم:
أنا..أنا...
اقتربت منه تلمس خده بيدها قائلة فى قلق:
انت ايه ياحبيبى؟
قال فى حزن:
انا عايز اقولك حاجة...
قاطعه صوت طرقات على الباب وصوت نجوى يستأذنه بالدخول ليبتعد عنها قائلا بتوتر:
ادخلى يانجوى
دخلت نجوى بهدوئها المعتاد قائلة:
مستر محمود برة يافندم
اومأ مهيب برأسه لتقول مايا:
طيب أنا همشى دلوقتى .. واجيلك بعد شوية يامهيب
اوما مهيب براسه دون ان ينطق بكلمة لتبتسم له تلك الابتسامة التى يعشقها..قبل ان تغادر تتبعها سكرتيرته..ليمسك راسه بألم..يشعر بذلك الألم يسرى داخل جسده بأكمله
**************
قالت جورى بالم:
انا بموت ياسوسن..مش قادرة اتحمل فكرة ان ماما اتهانت بسببى..وفى نفس الوقت مش قادرة انساه ولا أتحمل فكرة انه مش لية
ربتت سوسن على يدها بحنان قائلة:
حاسة بيكى ياحبيبتى..بس مش قادرة اقولك حاجة تخفف عنك غير انك تسيبى كل حاجة على ربنا..هو اللى قادر يخفف عنك ألمك..ويقدر لك اللى فيه الخير ياجورى
نزلت دموع جورى قائلة:
ونعم بالله..يارب خفف عنى..واجمعنى بيه انا من غيره اموت
قالت سوسن بحنان:
للدرجة دى بتحبيه؟
قالت جورى بحزن:
كلمة بحبه قليلة اوى على احساسى بيه..الحب ده لما كنا صغيرين..لكن بعد ما شفته تانى وشفت حبه وحنانه بقيت بعشقه..عشق ملك كيانى كله ياسوسن..مش قادرة أفكر للحظة واحدة انى ممكن أبعد عنه أو أنساه
تناهى الى مسامعها صوت رجولى جذاب تعرفه جيدا يقول بحنان:
وحبيبك لا يمكن يبعد عنك أو ينساكى ياجورى
التفتت جورى فى صدمة لتجد أيهم..حبيبها يقف فى ثبات ينظر اليها بعشق..يقسم لها بعينيه أنها له ولن تكون لسواه
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
👇14👇
شعرت جورى بتوقف دقات قلبها لتعيد تلك الدقات الى الحياة ابتسامة حبيبها الحانية وهو يتقدم منها دون أن تحيد نظراته عنها وهو يقول:
عايز أتكلم معاكى شوية لوحدنا ياجورى
نظرت جورى اليه بتردد ثم ما لبثت ان حسمت أمرها لتأخذ نفسا عميقا ثم تمشى بجوار أيهم تتابعهم أربعة أعين حتى غابا عن النظر لتقول ألسنتهم فى وقت واحد:
ربنا يسعدهم
التفتت سوسن الى عادل تلاحظه لأول مرة بينما كان بدوره يتأمل ملامحها فى فضول أصابها بالخجل ..ابتسم وهو يمد يده اليها قائلا:
عادل
صافحته برقة قائلة:
سوسن
نظر اليها متسائلا:
ممكن نقعد؟
أومات برأسها ليجلسا وهو يقول بفضول:
انتى صاحبة جورى من زمان؟
هزت رأسها نفيا قائلة:
مش من زمان ..اتعرفت عليها فى اول يوم جامعة..بس ارتحنا لبعض علطول وبقينا اكتر من الاخوات..جورى طيبة اوى وتستاهل كل خير
قال عادل فى نفسه:
انتى كمان باين عليكى طيبة وتستاهلى كل خير..لأ وحلوة اوى كمان..يابخته اللى هتكونى من نصيبه
ليعقد حاجبيه وهو يفكر:
ويابخته ليه..طب انا موجود أهو ولا يمكن مرتبطة.. بتهيألى لأ..مفيش فى ايديها دبلة..بس مش شرط..ماهى واحدة بالحلاوة والرقة دى وباين عليها بنت ناس..معقولة مش هترتبط لغاية دلوقتى؟
طال الصمت وعادل غارق فى افكاره لتتنحنح سوسن قاطعة الصمت وهى تقول:
وانت ياعادل صاحب أيهم من زمان؟
قال عادل فى مرح:
من واحنا لسة فى اللفة
ابتسمت فقال عادل فى نفسه:
يالهوى على ابتسامتك..شكلى هحبك ياسوسن
أحس بنفسه يقول دون وعى:
هو انتى مرتبطة ياسوسن؟
ليتمنى فى نفسه:
أبوس ايدك..قولى لأ
لتبتسم هى بخجل قائلة:
لأ
اعتدل قائلا:
طب احب اعرفك بنفسى..عادل فايز عندى 22سنة ..وحدانى وبشتغل محاسب فى شركة الفيومى..نفسى اكمل نص دينى..ها..ايه رأيك؟
لم تستطع سوسن ان تمنع ضحكة خرجت منها ليقول عادل بمرح:
كدة نقول الف مبروك عليكى
قالت سوسن ضاحكة:
حيلك حيلك..الف مبروك على ايه؟..هو سلق بيض..احنا لسة متعرفين من دقايق..انت أكيد مجنون
نظر عادل الى عينيها مباشرة وهو يقول:
لو قلتلك انى لغاية ساعة فاتت كنت أعقل حد ممكن تقابليه فى حياتك ..بس من ساعة ما شفتك وانا حاسس بحاجات كتيرة مش قادر اوصفها..مش هقول حب بس هقول انى متخيل حياتى معاكى ومش شايفها مع حد غيرك ولا متخيل حياتك مع حد غيرى..وده حصلى اول عينى ماجت فى عنيكى..هتصدقينى؟
نظرت سوسن لعينيه بحيرة وهى تقول:
هصدقك لأنى حاساك بتوصفنى بالظبط..ومش عارفة أسمى اللى احنا فيه ده ايه؟
ابتسم قائلا:
سميه قدر..قدر جمعنا مع بعض وباذن الله ميفرقناش
ابتسمت سوسن قائلة:
ومتنساش جورى وأيهم
اومأ برأسه قائلا:
فعلا ربنا يحل مشاكلهم ويجمعهم تانى ببعض
نظرت الى السماء قائلة:
يااارب
*************
طرقت مايا الباب لتسمع صوت مهيب يسمح للطارق بالدخول..لتبتسم قائلة وهى تقف على الباب:
خلصت الاجتماع؟
قال لها بهدوء:
آه خلصت..تعالى ادخلى
دخلت مايا الحجرة وهى تغلق الباب خلفها واقتربت منه قائلة:
وحشتنى
شعر بكلمتها تخترق كيانه وتستقر بقلبه ليقول دون ارادة منه:
انتى وحشتينى أكتر
اقتربت منه ومدت يدها تعقد له ربطة عنقه فى نعومة..أغمض عينيه ينعم بقربها ورقتها..يستنشق عبيرها الهادئ فى عشق..لقد أيقن أن لعنة العشق قد أصابته وأنه لن يستطيع التخلص منها..أفاق على صوتها الرقيق وهى تقول:
طول عمرك مبتعرفش تربطها يامهيب
قال بصوت متهدج النبرات من تأثره بها:
وطول عمرك بتربطيهالى يامايا
نظرت اليه بعشق قائلة:
كنت كل مرة ببقى عايزة أصرخ وأقولك حس بية وخدنى فى حضنك..انا بحبك ومحتاجالك..بس كان لسانى بيقف عاجز أدامك وأنا حاسة انك مبتحبنيش ومش حاسس بية
ضمها اليه يتنفس عطرها وهو يقول بالم:
ياريتك قلتيلى على اللى فى قلبك يامايا..ياريتك فوقتينى من بدرى قبل.....
وصمت لا يدرى كيف يخبرها لتشعر مايا بألمه الصامت فتخرج من محيط ذراعيه قائلة فى قلق:
قبل ايه يامهيب؟
كاد ان ينطق ويريح قلبه من عذاب الكتمان ليقاطعه دخول ديالا المفاجئ ورؤيتهما بهذا القرب يبدوان وكأنهما خارجين للتو من عناق عاشق لتجز على أسنانها غيظا وهى تقول ببرود:
انا جيت فى وقت مش مناسب ولا ايه؟
قالت مايا وقد شعرت بغصة فى قلبها وهى تتذكر ان مهيب مازال ملكا لأخرى:
لا ابدا..اتفضلى يامدام ديالا ..انا كنت ماشية ..احنا تقريبا خلصنا شغلنا
نظر اليها مهيب يشعر بها وبألمها..ولكن ليس بيده شيئا يخفف به ذلك الألم..انه القدر الذى يستمر باللعب به يبعده عن كل أحلامه التى رسمها معها..كادت مايا ان تغادر لولا ان استوقفها صوت ديالا يقول بسخرية:
مش هتباركيلنا يامايا
التفتت مايا الى ديالا فى حيرة لتنقل نظراتها الى مهيب الذى اخفض عينيه بألم لتعود بنظراتها الى ديالا وهى تشعر بالرعب من كلمات ديالا التالية..تشعر انها لن تعجبها على الاطلاق لتقول بهدوء:
أباركلكم على ايه؟
أشارت ديالا الى بطنها قائلة:
على البيبى..أصل انا...حامل
أحست مايا بالصدمة تضربها بعنف..ليشحب وجهها وهى تحس بالدوار ليقول مهيب بقلق وهو يتجه اليها بسرعة:
مايا انتى كويسة؟
اشارت له بيدها وهى تنظر اليه بجمود ليتوقف فى مكانه..وهى تقول ببرود:
انا كويسة ..متقلقش يامستر مهيب
شعر مهيب فى تلك اللحظة انه لأول مرة يخسر مايا للأبد ..لتلتفت هى الى ديالا قائلة بصوت خال من المشاعر:
مبروك..عن اذنكم
وخرجت من الغرفة بثبات..لتمشى بسرعة حتى خرجت من الشركة وهى تشعر بالاختناق..احست أنها لن تستطيع القيادة لتسرع بمشيتها..تتخبط فى الكثيرين دون وعى منها ..تنزل دموعها بغزارة..حتى وصلت الى باب شقتها لتطرق الباب بقوة..فتحت لها علية الباب لتفاجئ بمظهرها المنهار لتقول فى قلق:
مالك يامايا؟حصل ايه؟
لم تقوى مايا على التحمل اكثر لتسقط بين يدى والدتها فاقدة الوعى
***********
ما ان غادرت مايا حجرة المكتب حتى التفت مهيب الى ديالا قائلا فى صرامة:
كان قصدك ايه م اللى قولتيه دلوقتى؟
قالت ديالا ببرود:
هيكون قصدى ايه يامهيب؟مش مايا بنت عمتك..قلت افرحها معانا بالخبر الحلو ده
قبض مهيب على ذراعها بقوة قائلا:
ومن امتى بتحبى مايا وعايزة تفرحيها..ها..انتى كنتى قاصدة تجرحيها بكل كلمة قولتيها؟
نزعت ذراعها من يده بغل قائلة:
آه مبحبهاش..وآه كنت قاصدة اقولها عشان أحرق دمها ولا انت فاكر انى مش عارفة انها بتحبك
نظر اليها بصدمة لتستطرد قائلة:
تعرف لولا انى عارفة انك مش بتفكر فيها بالطريقة دى انا كنت وريتها الجربوعة دى..خطافة الرجالة
أفاق مهيب من صدمته وهو يدرك ان كل من حوله شعروا بحب مايا له الا هو ..ليقول بصرامة:
لآخر مرة هسمحلك تتكلمى عن مايا بالشكل ده وخليكى فى حالك أحسنلك ياديالا..والا هتشوفى منى وش عمرك فى حياتك ما شفتيه..فاهمة ولا لأ؟
زاد الحقد فى قلب ديالا تجاه مايا التى تسلب عقل الرجال من حولها لتنتفض على صوت مهيب يقول بحدة:
فاهمة ولا لأ؟
اومات براسها ايجابا ليزفر مهيب قائلا:
كنتى جاية عايزة ايه؟
تلونت ديالا مثل الحرباء لتبتسم قائلة:
كنت عايزة فلوس
قال بجمود:
ليه؟
قالت بدلال:
عايزة اشترى هدوم وشوية لوازم يامهيب..عشان هدومى ضاقت بسبب البيبى
قال بسخرية:
انتى لسة فى الشهر الأول ياديالا..هدوم ايه اللى لحقت تضيق عليكى
قالت ديالا بضيق:
المهم انها ضاقت وخلاص وعايزة غيرها..وبعدين انت بقالك فترة بتدقق معايا فى الفلوس..انت مكنتش كدة ايه اللى غيرك؟
نظر اليها مهيب ولسان حاله يقول:
عينية فتحت ياديالا..وشفتك على حقيقتك
ليغمض عينيه يخفى مشاعره النافرة و الواضحة على وجهه ثم يفتحهما وهو يخرج بطاقة الائتمان الخاصة به من جيبه ويمنحها اياها قائلا:
اتفضلى ياستى..آدى الفلوس اللى انتى عايزاها
أخذتها منه بسعادة وهى تقبله على وجنته وتسرع بالمغادرة ليهز راسه فى مرارة قائلا:
انا ازاى كنت اعمى بالشكل ده..ازاى؟؟
************
نظر أيهم الى جورى بثبات لا يشعر به بداخله وهو يرى عيونها الحزينة ..يود لو يأخذ حزنها ويلقيه بعيدا..يعلم انه السبب به..ولكن ما بيده حيلة..فوالده سد الطريق بوجهه وداس عل قلبه بقوة..تنهد وهو يقول :
قبل ما أقول أى كلمة ..احب أفكرك بوعدك لية
نظرت اليه بحيرة ليمسك يدها قائلا:
يوم ما مسكتى ايدى..قلتلك قبلها انك لو مسكتيها يبقى بتوعدينى انك هتفضلى معايا لآخر يوم فى عمرى..وده كان اول وعد نوعده لبعض ومش مستعد حد فينا يخلف بالوعد ده ياجورى
نزعت جورى يدها من يده وقد امتلأت عينيها بالدموع قائلة:
بس ما اتفقناش ان ماما تتهان كرامتها بسبب الوعد ده ياأيهم..اذا كانت سعادتى هتيجى على حساب أمى ..فآسفة مضطرة أخلف وعدى
قال فى صدمة:
يعنى هتتخلى عن حبنا بالسهولة دى..هتقدرى ببساطة كدة تبعدى عنى؟
قالت فى مرارة:
مين قالك انها بالبساطة دى..ربنا اللى عالم أنا بموت ازاى من جوايا..كل ما أفكر انى هبعد عنك..بحس ان روحى بتتسحب منى..بس غصب عنى مش هقدر اكون معاك وامى بتتهان وتنكسر لتانى مرة بسببى
أمسك وجهها بين يديه قائلا فى لوعة:
يبقى مفيش أدامنا غير انى آخدك انتى ووالدتك ونسافر..انا مستعد أبعد عن الناس كلها بس أكون معاكى
قالت فى حزن:
مش هينفع ..مش هتقدر تبعد عن أهلك وانت روحك فيهم..مش هقدر اكون السبب فى ده..انا عشان بحبك مستحيل أرضى بالحل ده
ترك أيهم وجهها ليمرر يده بشعره بمرارة قائلا:
بس أنا كدة هموت..انا مش هقدر أتخلى عنك..حبك بقى بيجرى فى دمى وعذابى بقى بعدك ياجورى
نزلت دموعها وهى تقول:
حتى لو اتعذبنا..هييجى يوم وننسى..محدش فينا هيقدر يتخلى عن أهله ياأيهم حتى لو قلنا العكس
قال فى حزن:
ده آخر كلام عندك؟
أومأت برأسها قائلة فى مرارة:
انسانى ياايهم واتجوز بنت عمتك ..يمكن تقدر تحبها وتعوضك عنى
ابتسم بمرارة قائلا:
لو مكنتش ليكى مش هبقى لغيرك ياملاكى
وفجأة ابتعد عنها مسرعا وكأنه يخشى أن يضعف لتصاب جورى بالقلق عليه لتذهب مسرعة الى سوسن وترى عادل جالسا بجوارها لتقول بسرعة:
انت صاحب أيهم؟
اومأ برأسه وقد قلق من ملامحها الشاحبة لتقول هى بسرعة:
من فضلك روح وراه بسرعة..أصله مشى وهو متعصب وخايفة عليه من السواقة وهو فى الحالة دى
اومأ برأسه ايجابا وهو يسرع خلف أيهم الذى انطلق بسيارته بسرعة جنونية ليركب
عادل تاكسيا ويأمره بأن يمشى وراء تلك السيارة المسرعة وقلبه يدق قلقا..
فى حين كان أيهم يقود شاردا بكلمات جورى التى أصابته باليأس ليزيد السرعة
دون وعى منه..ليشعر فجأة بضربة قوية ..ويحس بالم شديد فى جسده وصراخ المارة من حوله
..ليكون آخر ما سمعه هو صراخ عادل باسمه قبل أن يسقط فاقدا الوعى
