رواية عشقتك وحسم الامر بقلم نهال مصطفي
الفصل الاول والثاني
بقلم نهال مصطفي
1- حاله مفعمة بالحزن
ساحة قصر واسعه يحتشد فيها جمهور من اهل القريه والقري المجاوره , تغمرهم حاله من الحزن الشديد , في ذلك اليوم المشئوم الذي غابت فيه شمس عائله الابراهيمى , صعدت روح (منصور الابراهيمي) للسماء .
تجلس فتاه مرتديه ثوبها الاسود المكون من بنطال وتيشيرت وشعرها منسدل خلفها الذي يغطى جُزئها العلوى .. انفردت بنفسها بعيدا عن ضجيجهم .. وثرثراتهم المُزعجه .. لانها تري ماكان بداخلها من بكاء وعويل لم يستطع ان يصف مايحترق بداخلها .
نفس الشعور الذي عاشته منذ 10 سنوات سابقه .. وهي طفله لم تدرك شئ غير انها باتت في احضان امها واستيقظت على نفس ضجة العويل اللعينه المُفزعه .. يوم وفاة ابيها وامها واخيها الوحيد في حادث .. لم تتذكر منه طفلتنا غير اختفائها في خزانه حٌجرتها واضعه كفيها على آذانها بجسد مرتعش وعينين حمراوتين .. رافض هراء عالم يتفنن في كيف يؤلمها .. وهذا اليوم يتكرر فيه نفس الوجع بوفاة جدها .. الذي احتضنها وكان اقرب شخص لقلبها .. بعدما فارقت عائلتها عالمنا .. ادركت للتو ان الحياة ماهى الا حُلم يوقظنا منه الموت .
تجلس وعد تراقب الجميع بصمتٍ , مندهشه لدموعهم الكاذبه .. ومشاعرهم البلاستيكيه .. وتصنعهم للحزن على فراق جدهم .. وهم انفسهم اول من تمنوا الموت له مرارا .. وراء ستار الورث والممتلكات الثروه ، وراء غل النفس البشريه التى ظنت انها خُلقت لتمتلك وتملك فقط ..
جذب انتباها جميع السيدات الجالسين بالمجلس وقفوا مرحبين بمجموعه سيدات اخريات اتوا للعزاء .. تجهل هويتهم تماما .. ولكن ما خطف انظارها وثار دهشتها اهتمام عمتها وزوجة عمها بهما ، يبدو عليهم انهم يحظون بمكانه مرموقه افرضت الجميع على احترامهم وتبجيلهم .
اقبلت ( نجوي ) زوجت عمها نحو الباب المنفتح علي مصرعيه لترحب بهما
" اتفضلوا اتفضلوا .. مكنش ليه لزوم تتعبوا نفسكم .. "
جلست سيده يبدو عليها ملامح الوقار والفخر مرتدية سترتها السوداء التى تكسوها من راسها لقدمها بجوار وعد وهي ترتسم معالم الحزن والضيق
"منصور بيه كان غالي علينا كلنا .. الله يرحمه ويبشـبش الطوبه اللي تحت راسه . "
نجوي وهي تصطنع الحزن والهم قاضبه حاجبيها بأسف وهي تضرب كف فوق الاخر
"الله يرحمه .. الف رحمه ونور عليه .. فراقه قطع بينا .. كان بركة البيت والله ياام حمزه "
ثم وجهت كلامها لوعد بصيغه آمره
"سلمي ياوعد علي عمتك (الهام) هانم .. مراة (عاصم بيه الخياط) "
وعد ابتلعت ريقها وابتسمت بهدوء وبصوت خافت
"ازي حضرتك ياطنط !! "
نظرت لها الهام بإعجاب فرمقت نجوي بنظره لا يفهمها سواهم , ثم وجهت كلامها لوعد
"بخير ياحبيبتي .. البقية في حياتك ياغاليه"
وعد بحزن : سبحان من له الدوام .. بعد اذنكم .
شعرت بقبضه قويه تنطبق علي عنقها .. وتيرة نظراتهم المتبادله التى تعجز عن ترجمتها , تسللت من امامهم بخفة متجهه نحو غرفتها بمجرد ما فتحت بابها القت بجسدها في منتصف مخدعها متأوهه .. امسكت بهاتفها لتجري مكالمه مع (الدكتور طارق) حبيبها الذي تعرفت عليه منذ 3 سنوات في امريكا .
تنهيدت بحزن واضعه معصمها فـوق جبهتها
" ايوة ياطارق .. عامل ايه؟ "
رد طارق بصوت المُجبر
_"في المعمل ياوعد هكون فين يعني! .. وانا ورايا غير الماستر والدكتوراه !! ."
- "ربنا يقويك ياطارق .. شد حيلك "
قالت وعد جملتها وهي مندهشة علي الطريقه التي يحدثها بها .. فلم يلتفت الي صوتها المبحوح الممزوج بتنهيده ألم .
طارق باهتمام : المهم قوليلي جاايه هنا امتي؟وعملتى ايه في الورث ..
صمتت لبرهه ثم اردفت قائله
-"انا لسه راجعه امبارح ياطارق .. يعني اكيد معرفش هرجع امتي .. احتمال علي بدايه الدراسه عشان الماستر .."
رد عليها بحماس :
"اول ماتخلصي حوار الورث دا تيجي على طول .. عشان انتي وحشتيني اوي على فكرة يعنى "
تنحنحت بخفوت ثم قالت بيأس
"ربنا يعديها على خير ياطارق .. انا هـقفل دلوقتـي وانزل تحـت .. متتخيلش البيت بشع ازاى من غير جدو .."
طارق بلا اهتمام : خير ياحبيبتي ربنا يرحمه بقي متعمليش فى نفسك كده .
مسحت وجنتها بأناملها : اللهم امين ..
انهت المكالمه معه ثم نهضت بتكاسل شديد مغادرة غرفتها , دلفت مجددا الي اسفل تجلس على اقرب اريكه في ساحه قصرهم المتسعه ..
-"وعد .. ياوعد .. تعالي وصلي الهام هانم واللي معاها للبوابه "
قالت نجوي جملتها بصوت مرتفع بمجرد ان رأتها , وثبت قائمه لتنفذ ما امرتها به باستسلام فقبضت علي هاتفها بتلقائيه وتقدمت صوبهم
-"اتفضلوا من هنا "
تقدمت وعد صفوفهم وسبقتهم الخُطي ..ولم تنج من نظرات الهام التى افترستها بهما فهى تتفتنها بدقة وبين الحين والاخر تلقي عليها نظرات اعجاب وانبهار وانتصار لشيء ما انتوت فعله .
اثار فضول الهام شعر وعد الذي ينسدل وراء ظهرها الي اخر الي فقراته المرفوع على هيئه ذيل حصان وو وقوامها الممشوق الجذابه والخفه التى تتحرك بها من امام عيونها .. وصلوا على اعتاب بوابه القصر ،، مدت الهام كفه وتشبثت بشعرها وجذبته بقوه لاسفل متصطنعه اختلال توازنها وسقوطها المُفـاجئ .
وعد بتلقائيه اصدرت صرخه مرتفعه متأوهه وهى تستدير برأسها للخلف .. اذن للتفاجئ بأنها اصطدمت بجسد صخري امامها .
انتفض جسدها عندما وجدت نفسها محاصره بين ذراعين مجهول واضعه كفيها الرقيقين علي صدره ممسكه بلياقة جلبابه ، تلاقت العيون للحظات وكلا منهما ينظر للاخر مستفهمًا ..
قطع حبال نظراتهما المتبادله وصمتهم صوت الهام قائله بخبث وبلهجه صعيديه
"متأخذنيش يابنتي .. كنت هتجحرت .. مقصدكيش .. هو انا وجعتك ولا حاجه؟"
ظهر عليها علامات الارتباك والقلق والرجفه , فابتعدت سريعًا عن الشخص الذي اصطدمت به
ثم قالت بتلقائيه موجهه كلامها للشخص الواقف امامها
" i am so sorry"
الشخص خفق قلبه ..و مازال محدق النظر اليها بعيون لامعه .. وبلهجه صعيديه وصوت اجش :
- "حصل خير "
الهام بفرحه وفخر وهي تقترب منه وتربت علي كتفه
"ولدي حمزه زينه الرجال وكبير النجع .. ودي ياولدي وعد يبقي جدها منصور بيه الله يرحمه .."
ابتسم اليها حمزه قائلا بصوت هادي : البقاء لله ..
اومأت براسها واغمضت عينيها لبرهه بحزن
"سبحان من له الدوام .. طيب هستأذنكم انا .. تأمري بحاجه ياطنط ؟ "
الهام وهي تحدق النظر بها من راسها لصابع قدمها وتحسس علي كتفها
"لا شالله تعيشي ياروح طنط ياقمرة انتي .. "
وعد ابتسمت : بعد اذنكم ..
كالفراشه تسللتت من امامهم بثبات وخفه وجاذبيه وشعرها الذي يتحرك خلفها يمينًا ويسارًا .. ظل يراقبها حتى اختفت من امامه بعيون عاشق للتو التقى بحبيبته بعد غياب .
الهام نكزت حمزه بخبث مما جعلته يستفيق من شروده
-" ايه رايك ف عروستك ياولدي؟؟"
حمزه رفع حاجبه متبسمًا : هي دي بنت سامي .. صوح ؟
الهام بهمس من خلف ثوبها الاسود بهمس
" ايوه هي .. والبت تعليم خوجات وحاجه اخر اوبهه .. ربنا يجعلها من نصيبك ياولدي "
تنحنـح حمزه وسرعان ما ارتسم الجديه وامسك بطرف جلبابه
"يلا ياامــا اتفضلي مش وقته الحديت دلوق . "
الهام وجهت حديثها للبناتها وخدمها اللاتي خلفها
"يلا يابت منك ليها .. عاوزين نوصلو البلد قبل ما الشمس تُغرب "
■■■
2_ اول فخ
مر شهر منذ ان توفى جدها.. وفي خلال هذه المدة لم تُفارق وعد حجرتها الا في مواعيد تناول الطعام وتعود لغرفتها ولعالمها الخاص الذي ينحصر في كتبها الاجنبيه التي تحولهم الي العربيه ، وهاتفها وطارق حبها التى تعتقد انه الاول والاخير .. والخادمة ( انعام) ام وعد الثانيه .
في المساء .. استجمعت وعد كل قوتها ورتبت ما ستقوله من جُمل القت اخر نظراتها علي المرآه وهى تقفـل وتفتح في جفون عينيها وتلتقط عدة انفاس متتاليـه , استدارت بجسدها نحو الباب وفتحته بعد تردد سارت بخطواتٍ متأرجحةٍ وهي تحاول استجماع كل قوتها كالجندى الذي يعد اسحلته قبل نزوله ساحة الحرب .
تقدمت نحوغرفة المكتب التى يجلس بها عمها ( جمال ) بهدوء ثم طرقت الباب طالبة الاذن بالدخول ..
تـرك جمال الاوراق من يده رافعا نظارته الطبيه : تعالي ياوعد .. مالك؟
تفرك فى كفيها ويبدو عليها علامات الارتباك والقلق اقتربت رويدًا رويدًا وبخطوات متباطئه وهي تبلل في حلقها باستمرار .. حتي اردفت قائله
"بصراحه ياعمو كنت عاوزه حضرتك ف موضوع كده "
نصب جمال عوده من فوق المكسو بالجلد الاسود وبنبره حمااس ثم اردف قائلا بلهجة صعيديـه :
- "بت حلال لسه كنت هبعتلك .. وانا كمان عاوزك .. تعالي نقعد اهنيه .. بلاها قُعاد مكاتب عتكسر الضهر . "
جلست فوق حافه الاريكه الموضوعه مقابل المكتب
"اتفضل حضرتك ياعمو عاوز تقول ايه ؟"
ابتسم جمال ابتسامة خافته ثم اردف قائلا باهتمام
" سيبك مني وقوليلي الاول انتي عاوزه ايه ؟ "
بللت ريقها وتنتهدت ببطء محاولة استجماع الحروف المبعثره من فمها
"بـ بـصراحه كــنت عـاوزه اخـد نصيـبي مـن ورث جـدو واسافر عشان دراستي وكده .. اللي هتبدا كمان اسبوع، ماحضرتك عارف !!"
قذائف ملتهبه صوبتها نحوه جعلته يرتعد من مكانه .. والدم يغلى بعروقه تغيرت ملامح وجهه .. وازداد احمراره وكأن الدخان يتدفق من اذانه لينهرها بقوه
" انتي عتقووولي ايييه!!! .. ورث اي اللي انت عتطالبي بيه .. اتهوستي ياك .. من ميتى احنا عنورثوا بنات ؟؟ "
ارعبتها الطريقة التى ثار بها كما يبدو انها طلبت عضو من اعضاء جسده جعلته ينهض كالملـدوغ ، علمت للـتو انها حقا في مواجهه الاسد ولابد ان تعد اسلحتها للمقاومه ،، وقفت امامه ثم اردفت بهدوء
"بس انا ياعمو مش بطلب حاجه مش من حقي .. انا عاوزه نصيبي وخلاص وهمشي .. دا مستقبلى . "
جمال بانفعال وهو يضرب كف فوق الاخر
"والله عال !!.. عاوزه تسافري تاني وتعيشي مع الخوجات لوحدك!!! .. انسي الكلام ده مايمشيش معااى . "
هزت رأسها بعدم تصديق ونظرت له بعيون ضيقه توحى بالسخريه
" منا طول عمري عايشه لوحدي هناك يا عمو .. اي الجديد؟"
جمال بحده وبنبره تحذيريه :
" الكلام دا لما جدك كان عايش وعيصرف عليكي .. دلوق مين هيصرف عليكي يابت اخوي .. العين بصيرة واليد قصيره خلاص .. "
وعد قضبت حاجبيها وعقدت ساعديها امام صدرها قائله
"افهم اي من كلام حضرتك ؟ .. انك مش هتديني حقي.. ؟"
ارتفعت نبرة صووته وانفعاله
"حق مين يابت انتي .. اقولك ايه من النهارده انسي السفر دا خلاص .. ومش هتطلعي من البيت دا غير على بيت جوزك .. وحظك حلو .. عريسك متقدملك من زمان ومستنيكي .. ومستني اشاره منينا .. وانا هبلغه بموافقتنا "
اصابته نوبة من الضحك الساخر
-عريس !!! عريس مين ؟؟ وكلام فارغ اي اللي حضرتك بتقوله .. وبعدين ازاي حضرتك بتكلمني كده اصلا .. اي الرجعيه دي والاسلوب القيادي دا!!!
جمال بنبرة صوت قويه وانفعال وهو يلوح بكفيه
"لا عليِ .. علي صوتك كمان وكمان يابت سامي .. اقولك ايه انا مش عـشاورك ودي مصالح متوقفة على الجوازه دي واعتبريها تمت خلاص .. وورث بح .. مافيش ورث .. واعلي ما خيلك اركبيه "
رمقته بنظرة سخط ثم اردفت قائله بتحدٍ
"يبقي مابينا المحاكم ياابو رامي .. عن اذنك "
قالت وعد جملتها الاخيره وهي تهم بالذهاب .. وتركته وغادرت بعدما اصدرت ضجيجا قويا نتيجه قفلها للباب خلفها بقوه وعصبيه .
جذب الصوت العالى انتباه نجوي الواقفه بجانب السُلم مناديه عليها
-وعد .. بت ياوعد حوصل ايه ... شووف البت !!
لاحت لها بظهر كفها بلا اهتمام وركضت صوب غرفتها .. تحركت نجوى سريعًا غرفة زوجها
"مالها البت دي .. اي اللي قلبها اكده !!!"
قالت نجوي جملتها بنبره فضوليه وهي تغلق باب المكتب خلفها .
جمال بعصبيه وهو يشعل سيجارته :" الهانم قال ايه عاوزه ورثها .. عاوزه تقلب البلد حريقه .. !!!!"
نجوي ربتت فوق كتفه بحنو
"هدي حالك ياابو رامي .. تعملشش ف نفسك اكده .. من ميتى عناخدو على حديت البنات احنا !"
جمال بصوت منخفض وقلق
"المصيبه مش اهنه .. المصيبه لو متجوزتش ولد الخيااط .. هتفتح بيبان كتير في وشنا احنا مش قديها وانتِ فهمانى يانجوى "
نجوي بخبث : تقلقش هتتجوزه ورجلها فوق رقبتها .. وهتشووف...
جمال بقلق وارتباك : حمزه ايدو طايله وماعــيرحمش يانجوي .
فكرت نجوي لبرهه ثم اردفت قائله
-" يبقي خلاص اتحلت .. هو عينو ع وعد من زمان واتقدملها كذا مره بس ابوك كان عيصبروا منا ما تخلص علام واهى خلصت .. ياخدها ويريحنا منها وكفانا من شره .."
جمال سحب نفسا طويلا من سيجارته
-" اعملي حسابك انهم جاايين اخر الاسبوع يتقدموا رسمي .. لساته قافل معاي ."
نجوي ضربت عظام قفصها الصدري بكفها ما يوحي بصدمتها
"يادي العيبه .. ابوك لسه مبردش ف تربته ولا ربعن .. وهما جايين يطلبوا البت!! "
جمال بضجر : مخابرش انا هما مستعجلين على ايه!!
نجوي زفرت بضيق ثم قالت
" لازمن نخلص من الموضوع ده في اقرب وقت .. وعد لو عرفت ان ليك علاقه بموت وابوها وامها واخوها .. وكمان لو عرفت جدها اللي كاتب باسمها نص تركته .. هتولع الدنيا ومش هتسكت.. دي بت متنوره ومتعلمه وهتلفنا كلنا في حديت .. منه لله ابوك علمها لحد ما ركبت ودلدلت رجليها .. فاحنا لازمن نفكر بعقلنا "
جمال بحذر : وطي حسك ياولية هتودينا ف داهيه .. تعالي نتكلموا فوق احسن من اهنه .
■■■
3_حيره
" فى الغرفه"
حملت فوق ظهرها اصفار الغضب والضيق ، اسرعت لتختبىء بحُجرها ، بمجرد ما فتحت باب غرفتها ارتمت بجسدها فوق الفراش ، فاض الدمع من عينيها بدون تفكير اعتدلت في جلستها و قررت ان تُهاتف طارق لتشكو له حُزنها .
" ورحمة جدي ماهسيبلهم حقى يا طارق "
قالت جملتها وهى تجوب غرفتها ذهابا وايابًا كالمجونه .
طارق يقلب في اوراق الماستر التي امامه : اهدي بس ياوعد .. بطلي جنان .. كله هيتحل بالعقل .
فجاة اردفت لتقول
_ طارق .. انت لازم تيجي بكره وتكون هنا تتقدملي ونتجوز وتقف معايا قصادهم .. انا مش هقدر اواجههم لوحدى .
طارق بصدمه حاول ان يهرب من ذلك المأزق : انتي بتقولي ايه!! .. انتي عارفه مش فاضي اروح الشقه حتي اخد شاور .
وعد بحزن وتوسل : طارق انا بضيع منك اعمل حاجه لو كنت بتحبنى ...
طارق بانفعال وتأفف:-
" اعملك اي يعني ياوعد .. انتي عارفه ظروفي .. وعارفه اني مطحوون هنا .. ومش بايدى "
وعد بنفاذ صبر وهي تطلق زفيرا قويا
" طيب ياطارق .. خليك فاكر انت اللي بعت .."
انهت المكالمه بدون ماتنتـظر منه رد وهى تلقي هاتفها بعيدا شاعرة بقبضه قوية تعصر قلبها ، حاصرت راسها بكفيها الاثنين متألمه وبعيون انسكب الدمع منهما ، قطع حبال حالتها اليأسه صوت طرق الباب
استدارت نحو الباب بجسدها وهي تمرر اناملها فوق وجنتيها كى تجفف دموعها ثم اردفت بصوت باكى
" اتفضل "
الخادمه انعام بابتسامة تفائل
"الجميل نام ولا لسه ؟! "
وعد بنتهيده يأس ثم تحركت بتثاقل لتجلس فوق طرف فراشها : تعالى يادادا .
قفلت انعام الباب خلفها وجلست بجوارها .. وهى تعبث باناملها برفق في خصيلات شعر وعد.
"عارفه انك موجوعه قوي يانور عيني .. بس ربنا عارف انك قدها وهتتحملى .. والا مكنش ابتلاكى ياوعد "
ارتمت بين ذراعيها بجسد مرتجف هذيل وهى تقول
"انكسرت يادادا ومابقتش مستحمله .. كلهم مشيوا وسابوني .. وعمي بيبع ويشتري فيا كإني جاريه عنده .. انا مش عارفع ولا قادره اتحمل الوضع دا "
انعام ربتت على كتفها
"وهو دا الموضوع اللي جتلك عشانه"
ابتعدت عنها وقضبت حاجبيها وهى ترمقها بعيون ضيقة
"مش فاهمه يادادا قصدك ايه "
انعام بصوت منخفض يحمل وتيره من الحذر
"عمك جمال مفتري ..وماعيرحمش اللي يقف ف طريقه "
احتلها الياس وملأتها قلة الحيله
" اعمل بس يادادا تعبت اووي"
انعام بتحذير واهتمام وهى تقترب منها
" اسمعي كلامي للاخر .. اهنه غابه البقاء فيها للاقوي .. وانتي مش هتقدري عليهم لوحدك .. عشان القوي ليه الاقوي منه .. وحقك مش هيرجع غير بجوازك من ولد الخياط ,, انا كنت عارفه من فترة ان عينه منك ووو"
فزعت كالملدغه بعدم تصديق
" دا جنان رسمي .. مستحيل اتجوز حد بالطريقه دي .. حتي ولو هخسر كل حاجه .. وبعدين البلد فيها قانون يادادا "
انعام تضرب كف فوق الاخر بحسره :
"حليني عاد لما القانون يجيبلك حقك .. يوم المحاكم بسنه "
شعرت بحبل اليأس والحزن يلتف فوق عنقها ففضلت الهروب من ساحه الحرب التى تحارب فيها بمفردها بدون اسلحه وبدون ما تتعلم فن ومهارة الحروب
" يبقي خلاص مش عاوزه حاجه .. هسيب البلد وامشي ولا انى اتجوز بالطريقة دى .."
انعام بتحذير ضغطت علي كف وعد قم همس في اذنها
"تبقي غبيه وعبيطه .. بتاع اي انتي تسيبي نصيبك ونصيب ابوكي واخوكي لجمال!! .. دخلتي فى حرب ياوعد وعشان تكسبيها لازمن تتجوزي من ولد الخياط .. اللي هيسندك ياوعد "
القت انعام قذيفة كلماتها عليها ثم غادرت وتركتها فى حيرتها وصدمتها .. ضغطت فوق راسها من شدة الوجع بذهول وهي تشعر بان الدنيا كلها تدور بها محدثه نفسها
"يعني عشان اخد حقي اتجوز واحد معرفهوش .. وكمان طارق حب عمري يبيعني بسهوله كده .. انا اكيد بحلم ! ... اي اللي بيحصل دا بس ياربى "
■■■
4_خبر طال انتظاره
" حمزه الخياط"
شباب في منتصف الثلاثنيات.. متوسط الطول .. عريض المنكبين .. مفتول العضلات .. اشبه بالخضامه .. رجلٌ صارم وحازم بداخل عيونه لغز وحيره والف سر .. كبير عائلة الخياط .. ذو هيبة ووقار .. لديه من حب التملك والسيطره ما يملا بر وبحر الكوكب ويفيض ..
جالسا ف الظلام الدامس فوق ضفة النيل يعزف بعوده الموسيقى كما يقل ان الموسيقى غذاء الحب شرد في عالمه الذي لم يسكنه غيرها سحبته الاله الموسيقيه من قفا قلبه اليها .. عندما يعجز قلبه عن وصف شوقه لها ترك العنان للموسيقي تنزف ما بداخله .. دائمايفضل ان يخلو بنفسه ليفكر بها وكأن طيف روحها ذو نفس عزيزه لا ياتى الا اذا ابتعد عن ضجيج العالم ..
صمت لبرهه وتذكرها .. عندما ارتطما الاثنين معا وانحصرت بين احضانه لثوان معدوده ثم تنهد ثم تردد في اذنه صدى صوت طفولى الجمه
ثم تنهد بابتسامه متسعه
"هانت ياوعد .. هانت يابت الابراهيمي"
رن هاتفه بمجرد ما قرا اسم المتصل بادر بالرد
"جمال الابراهيمي بجلالة قدره .. يامرحب يامرحب "
جمال تبسم : عندي ليك خبر طال انتظاره
*خير ..
_منتظرينك بعد بكره تيجي تقابل عروستك .
*ايوه اكده ياراجل فرحت قلبي ..هي دي الاخبار ولا بلاش.
ابعد جمال عن نافذة غرفته قائلا بصوت منخفض
_انا نفذت وعدي ليك .. الدور عليك ياول الخياط ..
فهم حمزة مغزي كلماته وعلي الفور اردف قائلا
*وولد الخياط ماعيرجعش ف كلامه واصل .. ولا انت لساتك هتعرفه ؟؟
_ده عشمي بردك ياحمزه بيه .
انتهت مكالمتهم التليفونيه التى احتلها علامات الاستفهام, عاود حمزه العزف مجددا ودقت طبول بيبان قلبه .. واخيرا .. حان الوقت الذي يأسر فيه قطته داخل عرينه .. اميرته داخل مملكته .. عشيقته داخل زنزانة قلبه .. اليوم نال ما صبر له
■■■
5_صباح جديد
تُحرك جفونها بتردد يبدو كأنها رافضه هراء وفوضي العالم من حولهـا , مسحت وجهها بكفيها الاثنين ثم نهضت بتكاسل شديد , اول شيء فعلته فتحت شاشه هاتفه تبحث عن رساله من شخص بعينه "طارق" .. اصابها الضجر والضيق عندما وجدته لم يرسل لها رساله نصيه كعادته منذ امس .
قطعت شرودها دخول انعام حامله فوق كفيها صينية مستديره بها فطار
"لازمن تاكلي ياعرووسه .. ولا عاوزه الهام تاكل وشنا وتقول بنتكم ماعتكلش !! "
ضحكت ساخره وهى تشد اجزاء جسمها بصورة بهيئه رياضيه
- واي الثقه اللي حضرتك بتتكلمي بيها دي؟؟
انعام بتحدي وهي تضع الطعام فوق سطح المكتب :
"عشان متاكده انك هتوافقي بنت سامي وفريال ماعتسبش حقها لحد واصل "
اخذتها كلمات انعام لبعيدٍ شارده ثم اردفت قائله بيأس
"بنت سامي وفريال الدنيا جات عليها بزياده اووي !!"
انعام بحماس وهي تزيح الغطاء من فوقها
- يلا قومي اكده .. وكلي وانبسطي .. وفكري زين بعقلك .. وبلاش حديت ممنهوش لازمه .
استدارا اثنتيهما نحو الباب لدخول نجوي الغير مُتوقع لانها لا تطأ اقدامها غرفة تلك الغرفه الا حامله معها بوادر كارثه جديده
"وعد جهزي نفسك بكره عريسك جاي يشوفك .. اديني قولتلك اها"
نظرت لها بعيون متسعه توحي بمحاوله استعابها لما اردفت ثم قالت بضحك ساخر
"انتو جايبين الثقه دي منين ياجماعه .. مش هتجوز حد انا واللي مش عاجبه يتجوز هو .. الله !! اي الجنان دا !!"
نجوي بنبره تحذيريه : اعقلي وبلاش شغل عيال ... بموافقتك او بغيرها الجوازه دي هتم .. فاهمه ياوعد .
القت قذيفه كلماتها قبل ان تنصرف رمقتها وعد بعدم استيعاب
"انتو متاكدين انكم طبيعيين .. ههه اي بيت المجانين اللي وقعت فيه انا دا .. الله يرحمك ياجدي .. كانو عشان يصبحوا عليا لازم يستأذنوك الاول .. دلوقتي بيبيعوا ويشتروا فيا كأنى جاريه عندهم "
انعام ربتت على كتفها بشفقه : كلي وفكري زين فى كلامي .. ربنا يهديكي يابتي .
وعد بتلقائيه ركضت صوب هاتفها وعاودت الاتصال بطارق مرارا وتكرارا دون فائده
"اوووف حتي انت كمان .. طيب ياطارق صبرك عليا "
قالت جملتها بنبره توعديه ووهي تلقي بهاتفها نحو الاريكه التي بجوارها وتصفف شعرها باناملها بغل كأنها ترد ان تبعثر شتات افكارها التى تقرضها من الداخل .
" طلعلى منين موضوع العريس دا كمان بس ياربي !! "
■■■
" فى قصر الخياط "
استيقظ حمزه من نومه بنشاط وهمه بداخله حماس يدفعه لتحطيم جبل , اتجه نحو ركنه الرياضى المفضل ( كيس الملاكمه ) بدا في ممارسة تمرينه الصباحى .. واثناء انشغاله بالتمرين توقف فجاة قافلا جفونه ليتخذ انفاسه بحريه , اقترب من الباب وفتحه بغضب مرديًا بنطالا واسعًا فقط
"من ميتى حد عيتجرأ ويهوب ناحية اوضتي!! "
(ضحي) الخادمه العاشقه له .. بمجرد ما رأته امامها يتصبب عرقًا من مسام جسده الرياضى ، تنهدت بشوق وق ثغرها ابتسامه فرحه , جز على اسنانه محاولا السيطره علي غضبه فضرب بقبضة يده علي الباب بقوة
"انتِ سمعتنيش قولت ايه؟؟؟ "
انتفضضت من مكانها واهتز كوب اللبن الذي تحمله
"اصل اصل .. حـ حضرتك اتاخرت .. قولت اما اجـ اجيبلك كوباية اللبن لعندك "
زفر بضيـق وامسك بالكوب وارتشفه رشفة واحد ثم وضعه فارغًا فوق الصنيه .. وقفل الباب ف وجهها ..
ارتعد جسدها قليلا ثم هامت فيه عشقا وولها
"لو تعرف عحبك قد ايه ياحمزه !!"
فزعت من احلامها الزائفه علي صوت باب غرفته وهو يفتحه مجددا .. موجها اليها اسهم اوامره
"قولي لامي .. تجهز زياره زينه بكره لبيت الابراهيمي .. عشان رايح اخطب بتهم "
ثم قفل الباب مره اخري ، وقع كلام حمزه على قلبها كجمرات من نار ، محاولة استيعاب ما القاه علي اذانها ، قادتها قدميها لتطرق علي بابه مرة اخرى لتتاكد مما اردفه ، ولكنها تجمدت حركتها ، اٌصيبت بشلل كلى ، كل ما بها من عضو ثبت إلا دموعها كانت تركض سريعا فوق وجنتها
■■■
6_عريس الغفله
"في قصر الابراهيمي" ..
كان مقلوبا راسا على عقب تجهيزا وتحضيرا واحتفالا بعائله الخياط التي تعتبر من اكبر واغني عائلات الصعيد .
سمر بحقد : والله ياما ماعارفه حمزه اي حبه فى وعد دي .. دي حتي بنت ملزقه كده وملهاش ولا لون ولا ريحه .
نجوي متأففه وهى تجهز الاطعمه المختلفه
- اسكتي يابت خليه ياخدها ويريحنا منها ومن همها .
سمر وهي تقطم ثمرة الخيار الموجودة بيدها
"انا مش عارفه انتي وابوى هاممكم ف اي موضوع وعد من اصلو .. ماخلوها تعمل اللي هي عاوزاه وتسافر "
نجوي بنبره قهره :
-اسكتي انتي فهماااش حاجه واصل .. مش فالحه غير فى الوكل والزفت المخروب اللي ف يدك دا .
سمر بغمز
- طيب مترسيني على الفوله يانوجا ياعسل انتي واعتبري سرك ف بير ..
نجوي بنفاذ صبر وهى تحمل اناء الطعام بين راحتا كفيها: امشي من وشي بس وبطلي حشريه ..
ركضت ابنتها من امامها ضاحكه بسخريه
- الله! يعني اكبر دماغي ابقي مستهتره .. اسال واستفسر .. ابقي حشريه .. اعملكم اي طيب عشان يعجبكم !!
نجوي
الفصل الثانى
بقلم نهال مصطفي
1- اكتشاف المجهول
"ومين فيكم عريس الغفله بقا!! "
كانت اخر قُنبله اُلقيت من بين شفتيها فوق اذان الجالسين , كافيه بأن تُشعل نيران ليس لها نهايه ,
صمت تام ، طافت العيون مُنبعثة منها مئات العلامات الاستفهاميه ممزوجه بنظرات السخط والكُره , اصاب عمها بالخجل الشديد والارتباك الذي جعله يخرج كلماته بتردد وانفعال , اردف قائلا وهو يقترب منه
"انت اتهوستي يااااك يــ ..!!!!"
تدخل حمزة المفاجئ وقف زمجره رياح صوته القويه .. مشيرا بكفه ليضع حدا لثورة انفعاله المُتدفقـه , طأطأ جمال رأسه في خزى وهو يرمقها بنظرات تهديدية تطوى بين ثناياها لهيب التوعد
اقترب حمزه منها بخطوات سلحفيه عاقدا ذراعيه خلفه ظهره حتى وقف امامها متفتنا اياها بعيون لامعه وبنبره مختلطه مابين الهدوء والثقه
"كنتي بتقولي مين فيكم عريس الغفله .. هاا وانا اهو قدامك .. ايه رايك .. انفع عريس غفله !!"
دهشت لرد فعله الصادم وبروده اللامتناهى ، التوت شفتها جنبا بنبره ساخره
"وكمان عريس بعمة وجلابيه .. أووول الله ههه .. it is so funny !!"
مط حمزه شفته لاسفل ودار حولها نصف دوره ..
"ومالها العمة والجلابيه يابت الابراهيمي؟! "
هدوئه اثار دهشتها اكثر فاكثر ، فحسمت امرها علي ان تصهر كتلة الجليد المتجمده امامها .. فاردفت قائله
"انا مش هرد عليك .. عشان لو رديت عليك هاابقي بعملك قيمه .. "
اندفع جمال بجسده نحوها رافعا كفه لكي يصفعها
وفي لمح البصر كانت وعد خلف ظهره لتتحامي بهذا صاحب _العمه والجلابيه_ .. شل حركه كفه قبضة حمزه القويه علي معصم جمال ثم اردف قائلا بنبره تحذيريه
"انت كمان هتضرب مراتي قدامي ولا ايه ياجمال بيه!! "
صرخت بنفاذ صبر في وجهه وهي تلوح بكفها
"مراة مين يامجنون انت!! "
جمال بضجر وهو يدفع حمزه من امامه
" عقولك سيبني عليها دي بت قليلة الحيا .. ولازمن تتربي "
حمزه بهدوء وحكمه
- اششش .. ملكش صالح انت .. اطلع منيها ...
وبتلقائيه دار بجسده وقبض علي كفها بقوه .. وسحبها خلفه رغم عنها ، للحظات اصبحت خلفه عاجزه عن فك يده من قبضته الحديديه .. همَ بالمغادره مُردفًا
"هستاذنكم بس عاوز اتكلم معاها على انفراد .. الظاهر كده في سوء تفاهم عند العروسـه"
يراقب الجميع الحدث بصمت وذهول وغمغمه ، ثاروا اعمامه غضبا ونفورا من تصرفاتها المتهوره الساذجه التى كانت اشبه بعود كبريت الثي في حقل غاز قابل للاشتعال .. الفت جمال نحوهم بضيق
- احنا اسفين علي الشوشره اللي حصلت دي .. اجعدوا استريحوا ..
تركض خلفه متأوهه محاوله افلات قبضته الحديديه .. انها تدرك جيدا مدي تضال وصغر حجمها امامه وبرغم ذلك عزمت علي التحدي اردفت بتأوه :
"بقولك سيب ايدي.. انت اتجننت!!!"
رد عليها بهمس خلف صفي اسنانه المنطبقين علي بعضهما بقوة:
" امشي معاي بسكات احسنلك"
اكمل حمزه خُطاه وهو يحسبها خلفه بخطوات واسعه.. مازالت تتوجع من قبضته القوية عليها .. اصبحت خطواته مقارنه بخطواتها ككسيح يقاوم في سباق مارثون مُتحديًا ومُعاندًا الا يظهر عجزه
تقف انعام في منتصف السلم تراقب الموقف بارتباك وخوف مردفه بقلق
"يادي النيله !! استرها عليها يارب دي وليه وغلبانه "
صوت صراخ وضجيج وعد لفت ثار فضول الجميع وجعلهم يتلفتون ليجدوا مصدر الصوت
نعيمه ( بفضوول) : هو فيه اي هناك !!
نجوي ارتبكت محاوله تلطيف الجو
" دول العرسان بس .. نسبوهم يتفاهموا على راحتهم .. كُلى حضرتك كُلى "
رمقت نعيمه إلهام بسخط وحيره مما جعل الباقيه يتسائلون فيما بينهم ..
وصل حمزه حديقه قصرهم ودارها من معصمها لكى تقف امامه قائلا بصوت ممزوج بنبره الحب والعتاب واللوم
" في واحده عاقلة تعمل اللى انتِ عملتيه جوه !!"
وضعت كفيها علي خصرها واجابته بعناد طفولى
- وفي حد عاقل يتجوز بالطريقه دى !!
رفع حاجبه متعجبًا:
- ومالها الطريقه !! داخل البيت من بابه وبكل اصول واحترام .... _فاقترب منه خطوة قائلا_
"وبعدين .. انا قدامك اهو .. اي اللي مش عاجبك في؟ "
وعد بانفعال مشيره له بسببابتها بحركه دائريه
" كلك على بعضك جاي غلطه اصلا !!"
نظر اليها بمكر لينتقى اي وتر يستغله للعزف عليه ..
- كنت واثق ان دمك خفيف !!
جزت على اسنانها بنفاذ صبر .. وهي تلوح له بكفيها الاثنين
"يابني ادم انت مابتفهمش !!.. ولا دماغك دي فيها اي .. انا مابحبكش ومش عاوزاك .. هو بالعافيه!!! "
اومئ راسه ايجابًا ليثير استفزازها اكثر
" لما تعرفيني زين هتحبيني .. بس انا عاوزك .. وايوه هي عاافيه .. جاوبت كل اسئلتك على اكده !!.. يلا وافقي ؟؟ "
اطلقت صرخت غل واغتياظ ، احست كأنها امام جبل جليد كل شيء بداخله متجمدٍ فاردفت بنفاذ صبر
"انت التفاهم معاك مستحيل ووجع دماغ عالفاضي "
حمزه بلا مبالاة وهو ينظر لاعلي
- عشان تتعودي بعد اكده تقولي حاضر ونعم وبس .. مش عاوز مناهده كتيره ...
نفذت جيوش صبرها من اسلوبه المُستفز
"لا انت فعلا مش طبيعي .. انت دماغك متركبه غلط.. او مش متركبه اصلا .. روح اكشف ياجدع انت "
جز على اسنانه محاولا تهدية روعه واطلق نظرة ناريه ارعبتها، ارتجف جسدها فأثرت الاختفاء من امامه ولكنه اصدر صوتًا قويا عاق خُطاها
"استني اهنه .. لسه مخلصتش كلامي ..ولا سمحتلك تمشي ..عشان تهمليني اكده وتروحي طوالي !! "
رمقته بنظرة سخط ثم اردفت قائله بعناد :
"انا امشي وقت مااحب .. مش وعد الابراهيمي اللي تاخد الاذن من حد "
شيعها بنظره ناريه ثم نصب عوده اكثر بثبات ممزوجا بالقوة
- ومش حمزه الخياط اللي مراه ولا حتي راجل يرفع حسه عليه ..
عقدت ساعديها امام صدرها
" وحمزه الخياط هيقبل على نفسه يتجوز واحده مابتحوبش!!"
قرب منها خطوتين حتى اصبح ما بينهم مسافه لا تُذكر ثم اردف قائلا
"اقولك ايه .. ماتيجي نتراهن؟"
اطلقت زفيرا قويا .. ونظرت له بعيون ضيقه ساخرة .. اكمل حمزه كلامه بثقه
"نتراهن اذا كنتي هتحبيني ولا لا "
وعد بسخريه : اي الهبل دا !! انا بقول انك مجنون مش مصدقنى ..عموما مابراهنش حد خسران روح شوفلك اي بهيمه تقبل بالجوازه دي لكن مش انا .
حمزه رفع حاجبه بعاند : استنى بس ,ماتجربي مش هتخسري حاجه..
جن جنونها من اسلوبه المثلج الذي يتحدث به
"انت هتفاصل معايا !!! متأكد انك طبيعي يابني ادم انت .. يعني لو فتحت دماغك دي دلوقتي هلقي جواها مخ زينا عادى؟ "
حمزه بثبات ادخل كفه فى فتحة سترته العليا فوق صدره
"ممكن تسبيني اكمل؟ "
وعد بنفاذ صبر : كمل لما نشوف اخرتك .
اكمل قائلا خلف جدار ضحكته المكتومه كانه مستلذ بإثاره غضبها
- لو كسبتي الرهان هطلقك واديكي اللي يكفيكي باقي عمرك وهبعد عن سكتك .
اصابتها حاله من الضحك الساخر وهي تضرب كف فوق الاخر
"لا دانت كمان اتجوزتني وطلقتني وانا واقفه .. طيب والله دماغك دي لاسعه "
اكمل حمزه كلامه
" من غير مقلده .. ااه اما ولو خسرتي .."
وعد مقاطعه وهي تعقد ساعديها امام صدرها وتنظر له بااهتمام
"هاا بقي قول لو خسرت هتعمل ايه !!"
حمزه بغمز : لا دي سيبهالي انا اوريهالك فعليا .
اطبقت ابهامها علي سبابتها وهي تشير نحوه مردفة بنبره ساخره
" هو انت مابتعرفش تُرج دماغك لدقيقه واحده قبل ما تنطق !! طب هقولك انا انت عارف في كام راجل على الكوكب .. هسيب كل دا .. واحبك انت !!.. "
حمزه بحزم وثقه : بلاش نسبق الاحداث ..
اطلقت في وجهه صرخه غل واغتياظ ثم تأهبت للمغادرة , زفر حمزه بضيق منادينا بصوت اجش شل حركه ساقيها قائلا
"انتي ماعتسمعيش الكلام ليه .. انا قولتلك امشي !"
ابتسمت ابتسامه ساخرة
"ليه عندك حاجه تاني عاوز تقولها !!"
حمزه زاح خصيلة شعرها خلف اذنها كأنه قاصد استفزازها ثم اردف قائلا ببسمه تحتل شفتيه
- اه كتب كتابنا وفرحنا الخميس الجاي .. عاوزكي بدر منور .. انتي هتكوني مراة حمزه الخياط على سن ورمح ..
شعرت بنيران تكاثر في رأسها حتي اصبحت علي وشك الانفجار من برودة كلماته المصوبة نحوها كقذائف ناريه ، ضغطت علي راسها وهى تطلق زفيرا قويا
"انت طلعت لى منين ؟ قول انك قاصد تجننى ؟"
اجابها بصوت خافت وعيون يتوهج منها شعاع الحب وهو ينحنى صوب اذانها قائلا
- طب مانتى كمان جننتينى واللي كان كان .. كده نبقوا خالصين !
ثم اعتدل متنحنا وهو يرسل لها غمزه بطرف عينه مردفًا
"تدخلي دلوق تقعدي مع الحريم .. وتتعرفي عليهم .. وتفردي بووزك دا احسن مفردهولك .. فاهمه ؟!"
ثم ضغط على كفها قليلا قائلا
"فاهمه قولت ايه؟؟؟ "
حالة ذهول اصابتها .. صدمه .. ضعف .. استغراب .. عجز لسانها عن النطق ..رمقته بنظرة حاده قبل ان ترحل لانها لم تجد اي جدوى للحديث معه ، ظل يتأملها بعيون محب حتى فاق من غيبوبته الطويله التى كانت سببها امرأه ، سار خلفها ضاحكا
- طيب ياوعد .......
وصلا الاثنين عند مجلس السيدات المجتمعين وهما يتسامرون ويتبادلون الاحاديث بينهما
نعيمه بفخرتخفى خلفه نيران حاقده : والنبي بتى رحمة زينه بنات النجع كله .. ادب واخلاق ولهلوبه شغل .. بس نقول ايه عرق الخياط زي القرع يحب يمد لبر .
تنحنح حمزه بقوة وهو يخترق مجلسهم وتعمد ان يمسك كفها ليقفها امام والدته بعدم ما ارسل نحو نعيمه نظره توحي بغضبه
"ايه رايك ف مراتي يااما !"
الهام بفرحه وبلهجتها الصعيديه : زين ماخترت ياولدي .. جمرة .. تقول للبدر قوم وانا اقعد مُطرحك..
حمزه ابتسم بخبث : طيب ههملكم انا اروح اقعد مع الرجاله ..
ثم رمقها بنظرة خاطفه موجهًا حديثه لها بصوت اشبه بالهمس
"نبقوا حلوين ونتصرف تصرفات ناس عاقله .. ومش عاوز دلع بنات مرق .."
ثم تركها وترك بداخلها مليون سؤال
"هو دا ماله ؟؟ انا ازاي سيباه يبيع ويشتري فيا كده .. حصلك اي ياوعد دا واحد فلاح جاهل .. هو ازاي كده !!..وبأي حق يكلمني بالطريقه دي .. وازاي يفرض نفسه عليا كده .. وانا ازاي سمحت لنفسي اني اسمع لكائن رجعي ومتخلف زي دا"
قطع حبال اسئلتها نداء نجوي عليها
"ماتيجي يا وعد تقعدي .. واقفه عندك ليه "
سمر ممازحه بسخريه : ممممممم تلاقيها سرحانه ف العريس .. مشي من هنا ع فكرة ..
الهام : تعالي يابتي اقعدي جاري اهنه ياحبيبتى ..
تقدمت ببطء وجلست بجوارها رغم عنها محاول رسم اي بسمه تنقذها من نظراتهم المُريبه لها
لقاء اخت حمزه : وانت بتدرسي اي في امريكا ياوعد ؟
ابتسمت لها قائله بهدوء : لغات وترجمه ..
لعمت عيون لقاء بالفرحه : ماشاء الله .. والله يابخت حمزه بيكى ويابختك بيه ..
التوت شفتها بسخريه ثم التفت نحو نعيمه التى تتحدث بخبث ستات
" وهيفيد بأيه العلام ..! وهى الواحده مننا مهما اتعلمت مسيرها اي غير بيتها وجوزها وعيالها !"
ربتت الهام علي كتفها بقوه
"ربنا يحرسك ياغاليه "
لم تنج وعد من تصرفات الهام المرعبه .. وهي تتحسس معالم جسدها وتتاكد من شعرها اذا كان حقيقيا ام لا وثغرها المُتبسم دائما .. فمن اين يأتى كل التفائل المتدفق بداخل سيده اخر العالم بالنسبه لها حديقه منزلها !!
وعد بتأفف لحركاتها الغريبه : هو ف حاجه ياطنط !
الهام ربتت على فخذها بشده :لا حلوة جسمك جابس ونعمان .. ورقبتك طويله ومناخيرك مسمسمه .. يعني اول خلفتك هتجيبيلي الواد حلو كده يشيل اسم ابوه وجده
اغمضت عينيها لتُترجم ما سقط علي مسامع اذانها محاوله تركيب الكلمات فوق بعضها لتُخرج بجُمله مفيده ولكن بدون جدوى , وعد بذهول واستغراب قائله
"مش فاهمه ياطنط .. تقصدي ايه !!"
- مش مهم ياحبيبتي .. مش مهم يامراة الغالي .
واخيرا تنهدت وعد بارتياح لجملة انعام التي انقذتها من تصرفات الهام
"الاكل جااهز اتفضلووا .. اتفضلوا "
هَم الجميع بالنهوض صوب غرفة المعيشه تفاجئت بجمال عمها وحمزه مُقبلين عليهم
جمال متحمحما وهو ينظر لها بعيون واسعه وبنظرات مغلوله
" العريس لازمن ياكل مع عروسته .. بدل قعدته مع الرجاله برا "
الهام تحرك ذراعيها قاصده اظهار صف الاساور الذهيبه بيدها
" عين العقل .. تعالي ياحمزه يابني اقعد جمبي وانتي كمان ياوعد اقعد جمب جوزك يابتى "
"جوزك!!" نامت واستيقظت وجدت نفسها امام شخصًا يُدعى زوجها ,, اي عقل واي شرع يسمح بتلك الفوضي , لم تكن تلك الاحلام التى شابت من كثرة انتظارها , تحول الشخص الذي تمنته طويلا لشخص عكس احلامها وامنياتها .. هل اصابت احلامها بالشيخوخه ففقدت عقلها وصوابها ام نضجت ولمست اقدامها ارض الواقع الذي لم تلتفت اليه طوال عمرها !!
"هتفضلي واقفة كتير!!"
اخترق اذانها صوته الذي ستسمعه كثيرا بعد ذلك .. زفرت بضيق ثم استدارت بجسدها لتجلس فوق مقعد الطاوله الخشبيه .. شرع الجميع فى تناول طعامهم الا وعد تعبث بالطبق امامها بحيره واشمئزازتراقب حمزه وطريقة اكله الغير حضاريه
فوجئت به يهمس باذنها
"خبر ايه اومال !!.. متسمميش علينا اللقمه وكلي "
ابتلعت ريقها بصعوبه على طريقة تناوله للدجاج واستخدام اصابعه بحريه , ضاقت حركه عينيها وضغطت فوق اسنانها قائله
"انت اي اللي بتعمله دا !!.. فى حد طبيعي ياكل كده"
حمزه بلا مبالاة : ماهو لو كل واحد يركز ف وكله هيرتاح ويريحني ..
مسكت معدتها وركضت على المرحاض لما اصابها من اشمئزاز ونفور
حمزه لم يبال للامر بشئ واكمل طعامه دون ان يرمش له جفن قائلا لنفسه
" بدانا في دلع البنات .. ياغُلبك ياحمزه "
انتهي اليوم وحدد حمزه ميعاد كتب الكتاب والفرح وانصرف الجميع الي منازلهم .. استفرد جمال ببنت اخيه بمجرد خروج ضيوفه مُنادًيا
- ياوعد .. انت يابت !!
نجوي بفضول : خير ياجمال عاوزها في ايه ؟؟
زمجرت رياح صوت جمال القويه بصوت اهتزت له الجدران
_ الهانم خلت رقبتى كد السمسمه قدامهم .. والله ياوعد ما حد هيربيكى غير ..
واقفه في منتصف السُلم ودموعها تسيل علي وجنتيها
- انا مش عارفه ليه حضرتك مصمم تعمل فيا كده .. هو دا اكرامك لجدى واخوك .. ربنا قال تعاملنى كده !!
اجابها ساخرا
- وكمان واقفه تدينى حكم ومواعظ .. يامين يلايمنى عليكى عشان اكسر ضلوعك اللي فرداهم دول ومحدش هامك ..
نجوي بتوسل : اهدى اهدي ياخوي سوقت عليك النبي .. وانت ياوعد يلا علي اوضتك شهلى يلا .. خلي الليله دي تعدى علي خير .
2_ حيره ؟؟
جالسه ف غرفتها كالقرفصاء منهاره من البكاء تنسكب دموع حسرتها من طرف عينيها .. عاودت الاتصال بطارق مرارا وتكرارا حتى نفذ صبرها .. متأملها ان يخرجها من مأزقها , اليس ذلك من حقها وواجب عليه مقابل حبها له ..
**لازلت مؤمنه بمقوله :
( قطار الحُب لا يسع الا من مهد الطريق له بجهده وبنفسه , وهيأ القُطبان ودفع ثمن تكلفة الرحله , فمن يريد ان يقطع الرحله بدون عناء يمتطى دابة اخري ..)
دخلت عليها انعام الغرفه
"بقي في عروسه فرحها الاسبوع الجاي تبكي اكده !!"
القت بجسدها في حضنها :مش قادره يادادا .. ومش طايقاه .. ومش طايقه نفسي .. انا اصلا مش مصدقه كل اللي بيحصل دا .
انعام بنصح : لو لفيتي الدنيا كلها .. مش هتلاقي زي حمزه ياوعد .. مش انتي بتثقي ف كلامي !!
وعد : دا شخص جاهل .. عارفه يعني اي جاهل .. مايفهمش اي حاجه ف اي حاجه غير اني الجاريه اللي جابتهالوه امه
- ومين قالك انك اختيار امه .. يابتى دا اتقدملك بدل المرة عشره في حياة جدك .. يعني عاوزك ورايدك ياعبيطه ..
ثم رتبت على كتفها بحب
" وبعدين .. هو مين دا الجاهل !! اهدي بس وخليكي واعيه ... واتجوزيه .. لحد ماتوصلي لنصيبك وحقك .. جمال لو وقف قصاد الدنيا كلها عمره ماهيقدر يقف قصاد ولِد الخياط"
ووعد بضيق : اتجوز ازاي انا الكائن دا ... دا حيوان وهمجي متخلف وتربية زرايب .
انعام ابتسمت : انا قاعده وانتي قاعده لو ماجيتي وقولتيلي بعد جوازك منه انك حبتيه لا وكمان عشقتيه .. انا واثقه من اكده .
وعد بسخريه : دا يعرف اي عن الحب!! ..اخره ياكل ويشرب وينام ، زي البهيمة بالظبط .
ضحكت انعام بصوت مرتفع وبخبث : اه منكم يابنات اليومين دول!!
وعد بغتياظ : بتضحكي يادادا!!
انعام بغمز : كله وشطارتك ..
قطع حديثهم صوت رنين هاتفها
نظرت لشاشته باستغراب : الله!! .. مين دا؟طارق!! معقوله
انعام : طيب ماتردي وتشووفي
وعد بتردد : الوو
اتاها صوت خشن وغليظ ارعبها
"انتِ كيف عتردي على ارقام غريبه .. ولا قلبك حس انه انا اللي عتكلم!! "
وعد شعرت برجفه خفيفه فأغمضت عينيها بعد ما علمت بصاحب الصوت المرعب اكمل حمزه بنفس نبرته القويه
" هو انا مش عتحدت!! .. ماعتدرديش ليه . "
وعد بنفاذ صبر : تقدر تقولي انت اصلا عاوز مني اي .. ولا جبت رقمي منين؟؟!!
حمزه بقوه : انا حمزه الخياط .. اعمل كيف مااعوز وقت ماحب ..
وعد بتأفف : اووووووف .. يادي حمزه الخياط اللي طلعلي ف حظي المنيل ... وحمزه الخياط عاوز مني ايه الساعه دي؟!
حمزه ابتسم : عاوز اطمن عليكي .. واشوفك اتعشيتي ولا لا .. عارفك مكلتيش زين
وعد وضعت كفها فوق رأسها وشدت شعرها ثم قالت بنفاذ صبر
" طيب ياسيدي شكرا .. حاجه تاني ؟"
حمزه وهو متجه صوب غرفته الموجوده بالطابق الارضي : اه استني ..
وعد : اووف .. فى ايه تاني ؟؟!!
ابتسم بمكر ثم اردف قائلا
- اتغطي زين انتي ونايمه .. يلا اهي فتره مؤقته وبعدها مش هتدفي غير فى حضني .
وعد ارتفع صوت شهقتها واتسعت عنينها من جراءته .. جزت على اسنانها
- حاااضر.. ف حاجه تاني ؟
حمزه بتفكير : ممم دلوق مافيش بس لو فيه اكيد هتصل واقولك .
وعد بعناد : ومش هرد ....
انهت المكالمه بدون سابق انذار
حمزه لنفسه بثقه : براحتك ياوعد .. لو مدلعتيش عليا هتدلعي على مين يعني .
انعام بتساؤل : في ايه .. حمزه بيه اللي كان بيكلمك؟
وعد بغيظ: ايوه يا ستي هو حمزه زفت
انعام : وعاوز ايه؟
وعد بسخرية وهي تُقلد اسلوبه المستفز
" قال ايه .. متصل يقولي اتعشيتي ولا لا .. واتغطي كويس .. ومعرفش ايه .. كائن متطفل بغباء .. مش طيقاه مابرتحلوش ياناس"
ضحكت انعام على اسلوبها الطفولى
"بصي يابنتي انا اللي ربيتك بعد وفاه امك .. وانا عارفاكي كويس وفهماكي ... ادي قلبك فرصه واشتري اللي باع الدنيا كلها عشانك .. انا هقوم انام وانتي كمان نامي وريحي واللي فيه الخير ربنا يقدمه "
وعد باستسلام وبدون اي رد اومأت ايجابا واخدت وضعية النوم ، بسطت انعام فوق جسدها الغطاء ثم تركتها ورحلت بعدما اطفأت الانوار , اتسعت عيون وعدها وهى تنظر للسقف باغتياظ عندما ترددت فى اذانها صوت حمزه وهو يقول
" واتغطي زين انتي ونايمه .. يلا اهي فتره مؤقته وبعدها مش هتدفي غير فى حضني"
وعد بعند زاحت الغطي بعيدا بساقيها
" طب اهوو مش متغطيه .. مين هو علشان يتأمر عليا "
حمزه فى غرفته .. انحني لاسفل ليرفع سجادة الارضيه ، اذن بلوح خشبى يتربع منتصف الغرفة ، امسك به ووضعه جنبا .. ونزل داخل سرداب مظلم ومعتم بدايته درجات سلم منحدر لاسفل .. تسلل حمزه رويدا رويدا بداخله .. بعد ما تأكد من غلقه لباب غرفته بالمفتاح .
■■■
3 _مؤامره
جمال متكئًا علي فوق وسادة مخدعه ثم اردف قائلا بتنهيده ارتياح
" اخيررا الحوار دا هيخلص .. وارتاح من بت اخوي وحمزه يجيبلي الورق اللي ماسكه على "
نجوي تفرد ذراعه وتريح رأسها عليه
" وكده تبقي خطتنا ظبطت ياابو رامى .."
جمال بشماته وهو يزفر دخان سيجارته : ومش اي ظبطه .. ضربنا 10 عصافير بحجر واحد .
جلست على ركبتها مشيره اليه بسبابتها بنبره تحذيره
"عاوزاك تاخد بالك من حمزه دا .. مش مرتاحاله .. واللي اعرفه عنه انه مش سهل واصل"
اعتدل جمال في جلسته متوعدا
"لو فكر يلعب بديله يبقي هو اللي فتح على نفسه بيبان جهنم "
ربتت نجوي على كفته بحنو
"ايوه ياخوي عاوزاك كده مفتح وعينيك مفنقلين وسط راسك "
جمال قرب منها و احتضنها مداعبا
"اقولك اي ماتسيبك م الحديت دهون وتيجي اقولك حاجه اهم "
اطلقت ضحكه وصل صداها لاذان وعد التي نهضت من فراشها واقفه امام شرفة غرفتها تستنشق الهواء ابتسمت ابتسامة حسره
"وانتوا وراكم اي غير تضحكوا !! .. هو انتو بتحسوا اصلا"
جلست على مقعدها الي انها خلدت في نوم عميق .
■■■
4 - العــرسان
اسدلت الشمس اشعتها علي الكون , تسللت الاشعه لجنون عينيها جعلتهما يتراقصون بكلل .. نهضت بانتفاضة جسد وهي تشد ذراعيها امام صدرها
" اوووووف انا ايه اللي نيمني هنا بس ,, اااه !!"
دخلت المرحاض تاركه للمياه مهمه انتعاشها وازاله تراب الهم الذى راكمته الدنيا فوق جسدها , وبعدما انتهت وارتدت ملابسها وصففت شعرها دلفت , فتحت باب غرفتها ودلفت لاسفل لتعد كوب النيكسافيه الصباحى , ثارت دهشتها لفراغ ساحه القصر
"الله !! معقوله هما لسه نايمين .. مممممممم هي دي فرصتك الوحيده ياوعد "
ركضت لغرفتها مجددا واحضرت شنتطها وجمعت ملابسها وتسللت ببطء الي الجراج وصعدت سيارتها التي احضرها لها جدها في عيد ميلادها السابق .. وغادرت ف طريقها للمطار وهي على حرص تام ان لا احد يراها
وصلت بوابة المطار ونزلت بسرعه وقفلت الباب خلفها مردده : يارب القي حجز .
قربت من مؤخره سيارتها لتأخذ حقيبتها فوجئت بنفس القبضه الحديديه اللعينه التي تربكها ضاغطه علي معصمها .
وعد بصدمه : هو انت ؟؟
حمزه رفع حاجبه مستفهما
"على فين العزم "
وعد ارتبكت ثم اردفت قائله : مالكش دعوه .. ابعد عن طريقي .
حمزه جدبها من كفها لتعتدل في وقفتها امامه
" عنادك وغرورك دا لو مبطلتهوش مش هيحصل خير"
وعد سال الدمع من عينيها
" طيب ممكن تسيب دراعي عشان بيوجعني "
دمعه من عينيها اذابت قلبه كما يُذيب الملح فالماء , بعد كفه بلهفه
"فيكي ايه .. مالك !! "
وعد بتوسل : حمزه .. ابعد عن طريقي وسيبني امشي .. ممكن!!
حمزه : تقدري تطلبي نجمه من السما اجيبهالك .. بس انسي موضوع اسيبك دا.
وعد بعياط ونفاذ صبر : ليييه انا لييييه !!
حمزه بحنو : عشان محدش هيقدر يحميكي غيري ياوعد .. انت مش فاهمه حاجه
وعد بعناد: ملكش فيه .. انا هعرف احمي نفسي كويس .
حمزه بدون اي كلام جذبها خلفه بقوه .. وادخلها سيارته علي المقعد الامامى
وعد زحت الدمعه المنسكبه من طرف عينيها : انت رايح فين .. وعربيتي ؟؟
حمزه بصوت اجش :هبعت حد ياخدها .. ورايح فين ؟؟ رايح نفطرو انا متاكد مكلتيش حاجه من امبارح وبعدها هنروح مشوار اكده .
بلعت ريقها واستسلمت واكتفت بدموعها التى تخدش وجنتيها , اصبح جسدها مُلاصقا لنافذه السياره
وقف بسيارته امام احدي المطاعم ما ثم دلف من سيارته وفتح لها الباب
"يلا انزلي مش هفضل مستني كتير "
نزلت بنفاذ صبر وسبقت خطاه كأنها تصارع وتسابق شيء ما بداخلها , جلست على اقرب طاوله
" هتحبي تاكلي ايه! "
قال حمزه جملته وهو يجلس بجوارها متبسمًا , دفنت وجهها بين كفيها وشعرها الذي ينسدل فوقهما ولم تجيبه ..
حمزه ابتسم : هتطلبلك حاجه على ذوقي
لم تبال للامر اي اهميه , تشعر بشيء ما انكسر بداخلها ربما يكن حب كاذب ارادت ان تغسل اكذوبته بصمتها وربما ضعف فلجأت لعكاز الصمت لتتكأ عليه خشية من ان يزيح الحديث ستار ضعفها .
اشار حمزه للنادل
"بص عاوزك تجيبلي فطار ملووكي .. احنا اتنين عرسان ومحتاجين نتغذوا زين"
ضمت كفها بغضب ولكنه كان يشيعها بنظرات لم تفهم بغزاها غير انها تلتهما بدون رحمه , فنظرة الحب لا يُترجمها الي قلب مُحب ..
النادل: اي اوامر تاني حضرتك ؟
حمزه : اه متنساااش هاتلي كوباية لبن كده كبيره
_ "حاضر يافندم "
انصرف النادل , فوجه حمزه حديثه لوعد
"حتفضلي بااصه بعيد كده كتير !!"
وعد بضيق : ممكن اعرف حضرتك عرفت مكاني منين؟!
حمزه بثقه : انا اعرف اي حاجه ف اي وقت .. وعاوزك تحطي فى اعتبارك اني هكون زي ضلك فى كل مكان هتروحيه اتوقعي انك هتلاقيني .. مفهووم !!
وعد تنهدت وبضيقه : هو انت مش وراك غيري ولا ايه !!
حمزه ابتسم : لا كيف .. عندي حاجات كتير غيرك ..
وعد باهتمام وهي تلوح بكفيها : يبقي اتفقنا .. انت خليك ف حاجاتك الكتير .. وانا سيبني ف حالي
حمزه بون تفكير : بس انتي اهمهم يااوعد..
زفرت وعد بنفاذ صبر
"متجننيش .. وبطل اسلوبك دا .. انتي تعرفني منين اصلا عشان تقولي كده "
كاد ان يجيبها ولكن قطع حديثهم قدوم
