رواية الشيطان شاهين الفصل الثاني والثلاثون والثالث والثلاثون بقلم ياسمين عزيز


 رواية الشيطان شاهين 

الفصل الثاني والثلاثون والثالث والثلاثون

بقلم ياسمين عزيز 


› الشيطان شاهين › الفصل الثاني و الثلاثون

الفصل الثاني و الثلاثون


يقف عمر أمام المرآة لينشف شعره الندي توقف

فجأة عندما لمح جسدها الصغير اللذي كان

يغوص داخل الاغطية لايظهر منها سوي شعرها

الحريري المفرود بنعومة على الوسادة....

رمي المنشفة من يده بلا مبالاة ثم توجه نحوها

ليستلقي بجانبها إقترب منها حد الالتصاق

ليتأمل قليلا ملامح وجهها الفاتنة التي

أسرته في شباكها منذ أول نظرة....

إبتسم بخفة قبل أن يمد يده ليزيح بعض

الخصلات الشاردة التي كانت تغطي وجهها

إنكمشت ملامح وجهها بانزعاج لتتسع

إبتسامته الخبيثة و هو ينزل بأصابعه

الباردة نحو رقبتها و عظمة ترقوتها منحدرا

نحو صدرها...

همهمت بانزعاج ثم تحركت قليلا لتبعد يده

قليلا قبل أن تسكن حركتها من جديد... ليضحك

عمر بخفوت عليها قبل أن يعود للعبث معها

من جديد....

امسكت هبة بالغطاء لتضعه فوق راسها

و هي تمتم بانزعاج :"عمر بطل..  حركات الاطفال

دي عاوزة انام....

جذب عمر الغطاء قليلا عنها ليظهر

ظهرها العاري و ذراعيها  مما جعله يبتلع ريقه بصعوبة..  إنحنى ليطبع عدة قبلات خفيفة

على عنقها و طول ظهرها متمتما بصوت

متثاقل :" حبيبتي يلا كفاية نوم بقى...وحشتيني....

همهت دون أن تفتح عينيها ليزفر عمر بغيض متابعا. :" طب انا موحشتكيش...

نفت برأسها ليشهق هو بحركة درامية قبل أن

يقول بلوم :"مممم بقى كده يا بيبة طيب

مفيش لندن و حنبقى هنا في إيطاليا....

قفزت هبة من مكانها وهي تلف الغطاء حولها

بقوة قائلة برجاء:"لالا حرام عليك متعملش

معايا كده إنت عارف إن انا أمنيتي اروح لندن

في الشتاء....

ضحك عمر قليلا قبل أن يجيبها بنبرة

خبيثة :"طيب خليها المرة الجاية عشان إحنا

حنكمل شهر العسل كله  هنا قبل ما نرجع مصر".

رمقته هبة بدهشة قبل أن تمط شفتيها بعبوس

قائلة :" إنت ظالم على فكرة كل داه عشان نمت

ساعتين زيادة...

إستلقى عمر على السرير ثم رفع إصبعه

ليحركه بنفي أمامها و هو يهتف :" أربع ساعات

يا روحي دي الساعة بقت حداشر...

تأففت بصوت عال و هي تضربه بالوسادة

قائلة :"عشان حضرتك حرمتني من النوم طول

الليل...فطبيعي أصحى متأخر ".

شهقت عندما وعت على نفسها لتكتم بقية

شهقتها بوضعها ليدها على فمها متحاشية

النظر إلى عمر الذي إنفجر ضاحكا

على ملامح وجهها الخجولة....

مد ذراعه ليسحبها نحو أحضانه وهو يواصل

ضحكه لتلكمه هبة بخفة على صدره هامسة

بخجل :" بس بقى يا قليل الادب.....

أجابها  هو من بين ضحكاته بنبرة لعوبة:" و هو

في أحلى من قلة الأدب يا قلبي...تعالي بس

حقلك حاجة سر.. إنما إيه عسل زيك....

أنهى كلامه وهو يبعدها عنه قليلا مقبلا

شفتيها بنهم قبل أن يسمع إعتراضها عما يفعله....

في كافتيريا الجامعة.....

ترشفت كاميليا كوب المياه بتمهل غير

مهتمة بعيون الجميع  التي كانت تتابعها أينما

ذهبت...

منذ أن وطئت قدمها أرضية الجامعة هذا الصباح

و الجميع ينظر لها  يراقبها و كأنها كائن فضائي

قادم من كوكب آخر...لوحت بيدها لتراها صديقتها

شيماء التي أتت نحوها بخطوات مترددة و هي تنظر لكاميليا بحذر  لتعقد الأخرى  حاحبيها بتعجب

قائلة :"مالك بتبصيلي كده يا شيماء...كأنك شايفة

عفريت قدامك يا بت انا كاميليا، كاميليا محمود ....

إقتربت منها شيماء لتسلم عليها و تبارك لها على

الزواج قائلة بتوتر :" ما أنا عارفة بس بصراحة انا  كنت فاكرةإنك بعد ما إتجوزتي حتنسيني و مش

حترجعي تتكلمي معايا زي زمان...

ضحكت كاميليا بخفة قبل أن تجيبها :" إنت

غبية يا بنتي...إيه الكلام الفارغ اللي بتقوليه

داه..

إنشغلت شيماء بوضع حقيبته على الكرسي الاخر

قليلا قبل أن تجيبها :" يعني... بقيتي متجوزة

حد زي شاهين الألفي.. فحقك بصراحة تعملي

إللي إنت عاوزاه....

لوت كاميليا ثغرها باستهزاء قائلة :"لا مفيش

عندي الكلام داه.. انا زاي ما انا مفيش حاجة

تغيرت غير الاسم و بس....

تفحصتها شيماء قليلا قبل أن ترفع حاحبيها

كعلامة شك لتجيبها :" إسم إيه اللي تغير يا بنتي

داه إنت كلك على بعضك بقيتي واحدة ثانية

داه لبسك لوحده حكاية ثانية... و إلا الخاتم

الألماس إللي بملايين داه.. إوعدنا يا رب....

أنهت حديثها و هي ترفع يديها نحو الأعلى

لتضحك كاميليا عليها قائلة بمرح :" يا بكاشة

ما إنت لحد دلوقتي متقدملك يجي مية عريس

و كل واحد فيهم احسن من الثاني...إختاري

واحد منهم و بلاش نقك داه...

حركت شيماء رأسها بنفي قبل أن تهتف بلا مبالاة

:" مش قبل ما اخلص دراستي و اشتغل...انا لسه

صغيرة إيه اللي حيجبرني اتجوز و اتحمل مسؤولية

زوج و اولاد...و اصلا بابا مستحيل يوافق داه

بيستنى إمتى أخلص جامعة عشان أساعده

في المكتب.....و متزعليش مني يا كوكي  بصراحة

مفيش حد من اللي تقدمولي زي شاهين الالفي

أنا لو كان تقدملي كنت سبت بابا و ماما و الدنيا

كلها..

أكملت حديثها بضحكة صغيرة  لتشرد كاميليا

قليلا في كلامها لتتذكر ان والد  شيماء يمتلك

شركة صغيرة للدراسات الهندسية

تنهدت و هي تخفي حزنها مقرة في نفسها

كم إن صديقتها محظوظة فهي سوف تحقق

حلمها و لن تضطر للتنازل أو الحياد عن

حلمها بسبب فقرها و عدم قدرتها على دفع

مصاريف دراستها....

إنتبهت لصوت شيماء المرتبك و هي تستأذن منها للذهاب ظنا منها انها قد  غضبت من كلامها المازح  ....

بعد دقائق قليلة شعرت بالملل لتبتسم بخفة

عندما تذكرت صديقتها هبة و جلوسهما الدائم

في هذا المكان و ثرثرتهما معا لعدة ساعات

دون كلل او ملل.

فتحت هاتفها لتجد عدة إتصالات من شاهين

نفخت الهواء من فمها قبل أن تلملم حاجياتها

مقررة العودة إلى الفيلا..

مشت عدة خطوات مبتعدة عن الكافتيريا

لتمر من جانبها مجموعة من  الفتيات... لم تهتم بهن كاميليا في بادئ الأمر لتكمل سيرها قبل أن تضطر

للتوقف عندما سمعت همس إحداهن و هي تقول

لزميلتها :"مش دي كاميليا محمود اللي إتجوزت

الألفي...ا صحيح هو  كان إسمه إيه. ممممم ايوا شاهين الألفي ؟؟

لكزتها الأخرى قبل أن تجيبها بهمس مماثل :" وطي

صوتك يا بنتي احسن تسمعنا.. ايو هي دي كاميليا

محمود....

مصمصت الأولي شفتيها قبل أن تضيف بسخرية

:"سبحان مغير الاحوال....دي تغيرت 180 درجة

على الاقل غيرت البنطلون و القميص الطويل

الأزرق بتاعها اللي كانت لازقة فيهم طول

السنة....

أنهت كلامها بضحكة خافتة قبل أن تكمل :" مكذبش

اللي قال الفلوس بتغير..دي بقت شبه الممثلين".

شاركتها الأخرى الضحك قائلة بصوت ضنته خافت :"

بصراحة هي كانت حلوة بس دلوقتي بقت احلى

بمليون مرة انا لو منها مكنتش فلت واحد ملياردير

زي شاهين الألفي.... داه حلم يا بنتي معجزة  و هي محظوظة جدا بصراحة عشان قدرت توصله...

أيدتها الأخرى قائلة :"طبعا يا بنتي داه.. داه

مجموعة بنوك متنقلة....لالا بنوك إيه؟؟ داه

عامل زي مصباح علاء الدين السحري اهي

دي اللي  بيسموها جوازة لقطة مال و جمال و كاريزما ااااخ دا انا  امنيتي الوحيدة إني اشوفه قدامي بس.....

ضحكت الأخرى قليلا قبل أن تقاطع كلامها :" متنسيش إن الراجل داه  كان متجوز و تقريبا عنده اولاد يعني اكيد مش حتقبلي على نفسك تكوني

زوجة ثانية.... انا عن نفسي مستحيل اقبل

بكده حتى لو كان معاه فلوس الدنيا

كلها داه غير فرق السن اللي بينا داه عمره يجي خمسة و ثلاثين سنة أو يمكن اكبر ... يعني مش حرمي نفسي في حضن واحد عجوز عشان

الفلوس يااااع دي الفكرة بحد ذاتها مقرفة.....

بس هو عرف يختار كويس البنت حلوة و فقيرة

يعني داه يعتبر إشتراها بفلوسه.. هو يتمتع

بجمالها و شبابها و هي تتمتع بفلوسه و تخرج

نفسها من الفقر اللي كانت عايشة فيه....تقدري

تقولي منفعة متبادلة...

نظرت لها صديقتها و على وجهها علامات الدهشة

لتدفعها لتكملا سيرهما قائلة :"إمشي قدامي بلاش

كذب داه لو شاورلك باصبعه بس  حتروحيله

جري....

تأوهت الأخرى بزيف قائلة بصوت عال نسبيا:" طب  ما كل الجامعة بتتكلم عليها مش انا لوحدي يعني و بعدين سيادتك تكونيش بقيتي المحامي الخاص بتاعها وانا مش عارفة....

كممت صديقتها فمها و هي تهمس باذنها :" أسكتي

يا مجنونة لسانك داه حيودينا في داهية متنسيش جوزها يبقى مين... داه بإشارة منه حيودينا ورا الشمس......

أكملتا سيرهما دون الالتفات ورائهما و رؤية

ملامح كاميليا التي كانت حرفيا و كأنها إنتقلت

إلى عالم آخر... تحاملت على نفسها لتتابع

سيرها نحو المكان الذي تقف السيارة المخصصة

لنقلها للجامعة....

فتح لها السائق الباب و هو ينحني باحترام

أمامها لتصعد بصعوبة و تجلس على الكرسي

الخلفي....

أغلقت عينيها بقوة عندما أغلق السائق

الباب ورائها لتسمح لدموعها المحبوسة بالانهمار و هي تتذكر حوار الفتاتين و كلامهما الذي مازال

يرن في اذنها...

في المقر الرئيسي لمجموعة الألفي...

مر وقت طويل و شاهين مازال جالس وراء مكتبه

يكمل اعماله المكتبية التي لا تكاد تنتهي...

زفر بملل قبل أن تتوجه عيناه نحو صورتها

الموضوعة امامه لترتسم إبتسامة لا إرادية

فوق شفتيه....

امسك إطار الصورة بين يديه و هو يتراجع

بجسده إلى الخلف... تأمل ملامح وجهها الضاحكة

التي زادتها فتنة و جمالا ليشرد قليلا ويتذكر

ما حدث منذ ساعات قليلة عندما أخذها للمستشفى للاطمئنان عليها  على الصغير  ...

إبتسم بسعادة و هو يرخي ربطة عنقه المزعجة

قليلا قبل أن يعيد الصورة إلى مكانها..ثم

أمسك بهاتفه ليعيد الاتصال بها دون جدوى

:"يمكن عندها محاضرة دلوقتي....و مشفتش التليفون".

قاطعه رنين هاتف المكتب لتذكره السكرتيرة

بموعد الاجتماع لينشغل مجددا بالعمل و يأجل

التفكير بزوجته الصغيرة إلى حين آخر.

في إيطاليا...

نائمة من جديد على صدره و هو يحتضن جسدها

بحب و يده الأخرى تسير صعودا و نزولا على





كتفها العاري و هو لا ينفك يقبل جبينها و مقدمة

رأسهامن حين  إلى آخر مطالعا إياها بنظرات

تفيض عشقا...

همهت هبة بصوت خافت قبل أن تهمس : عمر....

أغلق الاخر عينيه باستمتاع بنبرة صوتها الرقيقة

و هي تناديه باسمه ليجيبها دون أن يفتح عينيه

:"روح و قلب عمر من جوا...

:" إنت بتحبني؟؟؟ سألته

توقف عمر عن مداعبتها ليركز نظره على

وجهها ذو الملامح الناعمة التي يعشقها

قبل أن يهتف بصدق :" أنا عديت المرحلة

دي من سنين.. و كلمة بحبك دي قليلة جدا

إنها توصف مشاعري ليكي... إنت باختصار

بقيتي روحي و قلبي و كل دنيتي و مش

قادر اوصف حياتي من غيرك كانت حتبقى

إزاي....بس للاسف انا لحد دلوقتي مش متأكد من

حبك ليا....

حركت هبة حاحبيها بشك و هي ترفع نظرها نحوه

لتلاحظ إبتسامته المرتسمة على شفتيه

لتمط شفتيها بسخرية قبل أن تجيبه :" طيب

حضرتك عاوز تتأكد إزاي يا عمر بيه؟؟

قرص انفها بخفة قبل أن يتكلم :" ما إنت عارفة؟

شهقت هبة بقوة و قد إتسعت عيناها بتوتر قبل

إن تصرخ في عمر الذي لم يتمالك نفسه طويلا

بعد أن إصابته نوبة هستيرية من الضحك

:"آه يا قليل الادب يا سافل....يعني مفيش

غير الطريقة دي عشان أثبتلك بيها  إني

بحبك...طب خلاص مفيش لا حب و لاغيره

بطلت...

أحكمت شد  الغطاء على جسدها ثم جلست

على السرير و أمسكت الوسادة لتضربه

بها ليتلقفها عمر و يرميها جانبا هاتفا من بين

ضحكاته :" خلاص يا مجنونة بتعملي إيه؟؟

كل داه عشان قلتلك نستحمى مع بعض؟".

هبة بحنق و هي تحاول الوقوف لمغادرة السرير

:"و بتقولها مين غير كسوف... داه إيه داه؟؟ إنت

مش طبيعي على فكرة".

أمسك عمر  طرف الغطاء و هو يرمقها بنظرات

متسلية لترفع هبة سبابتها بوجهه قائلة بتهديد :" عمر سيب الغطاء...مش وقت لعب ".

سحب الغطاء قليلا بتهديد و هو يراقبها بتسلية

هازا كتفيه برفض لتصرخ هبة من جديد من

بين أسنانها :" عمر بقلك... سيب... الغطاء".


عمر بتلاعب:"و إلا؟؟؟؟

هبة ببكاء مزيف معلنة إستسلامها أمامه :" عشان

خاطري سيبه.....

إتسعت إبتسامته الخبيثة ليجذب الغطاء

بقوة اكبر بطريقة لم تتوقعها هبة حتى إنفلت

من بين يديها لتصرخ بقوة و تنحني بسرعة

لتلملم أجزاء الغطاء الأخرى لتخفي ما ظهر

من جسدها و هي تتمتم بكلمات غاضبة :" هزارك

ثقيل على فكرة و انا زعلت بجد.. سيب الزفت

من إيدك عشان حدخل آخذ شاور و اطلع اوظب

شنطتي...أنا حرجع مصر ومش حقعد معاك دقيقة

واحدة بعد كده..

توقف عمر عن ممازحتها ليتجلس في مكانه

متأملا ملامح وجهها الحانقة ليسألها بتردد:" هبة

إنت زعلتي؟؟؟؟

لم تلتفت نحوهه بل تابعت سيرها بتعثر نحو 

الحمام لتفتح الباب و تغلقه وراءها بقوة.

مسح عمر وجهه بعنف متمتما :" دي زعلت بجد...

حصالحها إزاي انا دلوقتي؟؟

أمام فيلا الألفي.....

توقفت السيارة الفاخرة لتنزل كاميليا بخطوات

مسرعة متجهة نحو باب الفيلا....

أسقطت حقيبتها و أوراقها من بين يديها على

الأرض ثم واصلت سيرها إلي الداخل  دون

إكتراث...

تجاهلت نداء ثريا لها لتصعد الدرج مهرولة

نحو غرفتها لتعود ثريا أدراجها مقررة التحدث

إليها لاحقا.. إعترضتها زينب التي كانت

تحمل الحقيبة و الكتب لتسألها و هي تنظر

إلى الأغراض التي بين يديها :" إيه اللي

في إيدك داه يا زينب؟؟؟؟

أجابتها الأخرى على الفور :" دول بتوع كاميليا

هانم انا لقيتهم مرميين على الأرض... السواق قلي

إنها نزلت من العربية بسرعة و تقريبا وقعوا

من إيديها قدام الفيلا ".

عقدت ثريا حاحبيها بشك و هي تتمتم :" غريبة

.. اكيد في حاجة حصلت معاها نظرت إلى زينب

التي كانت تقف أمامها منتظرة اوامرها حتى تنفذها لتقول لها :"حطي الحاجات دي في الصالون

و روحي على شغلك.. بلاش تزعجيها دلوقتي".

أومأت لها زينب برأسها قبل أن تغادر تاركة

ثريا تصارع أفكارها.....

في الأعلى...

إرتمت كاميليا على السرير تبكي بقوة

متذكرة بوضوح جميع ما حصل معها

منذ أول يوم وطئت فيه ساقيها هذا المنزل 

ظلت تبكي وتشهق لوقت طويل حتى

أخرجت كل المشاعر السلبية التي احاطت بها فجأة

....

شعرت بالغثيان لتدلف الحمام بسرعة و تتقيأ

ما في جوفها حتى شعرت بآلام شديدة

في حنجرتها و معدتها....





تحاملت على نفسها لتخرج ممسكة ببطنها

و تكتم تأوهاتها المتألمة...إلتفتت نحو الباب

الذي فتح فجأة ليطل من ورائه شاهين

بجسده الضخم و عينيه التي كانت ترمقانها

بحدة جعلتها ترتجف بخوف شديد حتى انها

نسيت آلام بطنها المبرحة....

تأمل شاهين ملامح وجهها الباكية ثم

سقط نظره نحو يديها الممسكة بمعدتها

لتلين نظراته و يندفع بسرعة نحوها قائلا :"

بقالي ساعتين بكلمك مش بتردي على التلفون

ليه.... كنتي بتبكي صح تعالي....

أنهى كلامه و هو يساعدها على الجلوس على حافة

السرير و هو مازال يتفحصها....

ابعدت كاميليا يديه عنها و هي تجيبه بصوت ضعيف :" أنا كويسة مفيش حاجة....صدرت منها

آه خافته لتقوس ظهرها قليلا و هي تتنفس بقوة

جعلت من شاهين يصرخ بلهفة :" كاميليا مش وقت

جنان دلوقتي مالك....حاسة بإيه و ليه بتعيطي....

دفعت يده التي كانت تمسك بكتفيها قائلة:"قلتلك

مفيش حاجة....لو سمحت عاوزة أقعد لوحدي شوية

تأفف شاهين على عنادها الغير مبرر لينحني فجاة

نحوها و يشدها من ذراعيها ليوقفها من مكانها

و تصبح واقفة أمامه....

أمسكها بيد واحدة

و بيده الأخرى رفع ذقنها ليصبح وجهها

مقابلا لوجهه طالعها بنظرات حادة لتنكمش

كاميليا على نفسها...

لانت ملامحه عندما شعر بخوفها و ألمها

الذي كان يظهر جليا على تفاصيل وجهها

الشاحب ليحدثها بصوت مهتم :"مالك....في حاجة

واجعاكي؟؟

أومأت له بإيجاب و هي تتحاشى النظر إليه

قبل أن تتحدث بنبرة باكية :" كلهم بيتكلموا عني في الجامعة...بيقولوا عني كلام وحش اوي.....

اعاد شاهين سؤالها مرة أخرى :"في حاجة واجعاكي؟؟؟

أومأت له بإيجاب مجددا قبل أن تهمس:" بطني

كانت واجعاني شوية بس خفت..

قاطعها :" حطلبلك الدكتورة و إلا أقلك يلا

بينا حنروح المستشفى عشان نطمن أكثر....

كاميليا بنفي :" أنا شوية و حبقى كويسة مفيش داعي للدكتور ما إحنا رحنا الصبح و إطمنا على البيبي....

شاهين بصرامة:" بطلي عند بقى وشك تعبان اوي

و إنت مش قادرة تقفي على حيلك و لسة بتكابري

مش حنخسر حاجة لو رحنا المستشفى....

قاطعته بصراخ :"إنت ليه بتخوفني منك انا

معتش قادرة أستحملك أكثر من كده قلتلك مش عاوزة اروح هو بالعافيه؟؟

زفر شاهين الهواء عدة مرات قبل أن يتمتم

بدون صوت :" أستغفر الله العظيم صبرني يا رب...



جلس إلى جانبها ثم جذبها نحوه ليحتضنها

بقوة رغم ممانعتها وهو يهمس في أذنها بعبارات

الأسف والعشق لتبدأ كاميليا في الهدوء تدريجيا


قبل رأسها عدة قبلات خفيفة قبل أن يسألها :" إحكيلي إيه اللي حصل معاكي بالتفصيل؟؟؟

مدت كاميليا كفها لتمسح دموعها قبل أن تستأنف

حديثها بمرارة:" كلهم كانوا بيبصولوا بغرابة الطلبة و

حتى الدكاترة كمان .... البنات اللي كنت بتكلم

معاهم زمان مي و سهيلة  دي حتى شيماء دي كانت

أكثر واحدة بقعد معاها رغم إن ابوها غني و عنده

شركة صغيرة بس هي متواضعة و دايما بتتكلم

معانا انا وهبة النهاردة كانت خايفة تقعد معايا

و مجاتش تسلم عليا إلا لما ناديتها قعدت معايا

عشر دقائق وهربت..  كلهم خايفين مني

عشان تجوزتك.... انا كنت طالعة من الكافيتيريا

بس سمعت بنتين بيتكلموا عني قالوا إني

تجوزتك عشان طمعانة في فلوسك وعشان أخرج

عيليتي من الفقر و إنت قبلت تتجوزيني عشان

أنا حلوة بس حييجي يوم وتزهق مني ...و

تطلقني...

شعرت بتصلب جسده و يديه التي بدأت بالضغط اكثر حول جسدها و صوت انفاسه الذي أصبح

مسموعا لشدة غضبه لتتوقف عن الحديث

قليلا وترفع عينيها نحوهه ليبتسم شاهين لها

رغم غضبه الحارق الذي يشعر به بداخله

أبعدها عنه قليلا ليحاوط وجهها بيديه

و هو يمرر إبهاميه على خديها المحمرين

قائلا بجدية :"عينيكي الحلوة دي مش

عاوزها تبكي بسبب حد طول ما انا عايش

بكرة حروح معاكي بنفسي للجامعة و خلي

حد يتجرأ يبصلك بصة مش مضبوطة و حياتك

عندي  لكون دافنه مطرحه و البنات دي انا

حتصرف معاهم حخيليهم ييجوا لعندك و يعتذرولك

و يبوسوا رجليكي كمان... إنت بس متفكريش

في حاجة غيري و خلي الباقي عليا...

إتسعت عينياها برعب من تهديده لتنفي برأسها

قائلةباندفاع :"لالالا انا مش عايزة حاجة انا اصلا

مبقتش عاوزة اروح الكلية وهبة مش معايا... حبقى

اروح لما هي تيجي...انا. انا كويسة صدقني

بس تعبانة شوية و داه شيئ طبيعي في حالتي....

همهم شاهين باستمتاع على كلامها قبل أن

يهتف بتعمد :" مالها حالتك...تقصدي إيه؟؟

إبتلعت ريقها بصعوبة و هي تجيبه بتردد:" عشان.. الحمل و كده...

تحدثت بصوت خافت و هي تنظر للأسفل

ليقهقه هو بصخب وهو يداعب ارنبة انفها

قبل أن يتحدث بصعوبة :"و مالك....بتقوليها

بتردد كده...





توقف عالضحك قبل أن يضمها فجأة إليه بقوة

متنهدا بصوت مسموع ليتحسس جسدها بين

يديه بخوف من فقدانها خاصة بعد ما حدث

معه تلك الليلة الكئيبة و ردة فعلها بعد

إكتشافها لخبر حملها...

أغمض عينيه ليتكلم بصوت دافئ

حنون :" من أحلى الحاجات اللي حصلتلي في

حياتي... ولادة فادي و جوازي منك و البيبي

الجديد اللي جاي في السكة...مهما قلت

و تكلمت مش حقدر أوصفلك

فرحتي مش قادر اتخيل حياتي من غيرك

عاوزك معايا في كل لحظة و كل دقيقة...كل

حاجة في حياتي بقى ليها معنى و روح

انا بيكي ببقى إنسان ثاني لدرجة إني رافض

أسيبك و انا عارف و متأكد إنك بتكرهيني

و مش عاوزاني بس أنا قريب جدا

حخليكي تغيري رأيك و حتبقي تحبيني و

تعشقيني كمان....وعلى فكرة و انا في المكتب

النهاردة فكرت في كذا حاجة لازم نعملهم

مع بعض و أول حاجة شهر عسل طويل جدا ".

بسطت كاميليا يديها على صدره قبل أن

تتكلم بنبرة متسائلة :" شهر عسل؟؟؟؟

شاهين بابتسامة :"طبعا و مش حنرجع قبل

شهرين ثلاثة.... حخليكي تلفي العالم كله".

كاميليا بهمهمة :"طب و فادي...

شاهين بمزاح :" ماهو حيبقى مع ماما و كمان

حخلي عمر ييجي كفاية عليه اسبوع....

كاميليا :" أنا مش عاوزة أسافر.. خلينا هنا

انا حبقى مبسوطة اكثر انا أصلا مش بحب

السفر و البعد.... بالعكس انا برتاح لما اكون

مع الناس اللي بحبهم و كمان فادي و طنط ثريا

حيزعلوا لو إحنا سبناهم لوحدهم.... هما

ملهمش غيرك و انا مش عاوزة ابعدك عنهم

و لو يوم واحد ....

طبع قبلة عميقة على فروة رأسها قبل أن يجيبها بفخر :"حاضر يا قلبي حعمل كل اللي إنت

عاوزاه...و انا إن شاء الله  حعوضك عن شهر

العسل عشان من حقك.... يلا دلوقتي قومي

عشان تغسلي وشك و تغيري هدومك و

انا حخلي زينب تحضرلنا الغدا المتأخر

داه اصلي حموت من الجوع و مش بعيد

آكلك دلوقتي....

خرجت هبة من الحمام تنشف شعرها

بمنشفة بيضاء صغيرة متجاهلة نظرات

عمر المتفحصة لها.... رمت المنشفة على الأرض

بإهمال قبل أن تتجه نحو ركن الغرفة

لتحضر إحدى الحقائب و تضعها على السرير.

فتحتها ثم بدأت بوضع ملابسها فيها دون  تنظيم

جعد عمر حاجبيه بعدم رضا قبل أن يقول

بسخرية مخفية :"بتعملي إيه... يا بيبة".

أجابته دون أن تتوقف عما تفعله :" زي ما إنت

شايف بلم شنطتي عشان راجعة مصر".

ضحكة صغيرة فلتت من شفتيه قبل

ان يقف من مكانه و يسير مقتربا منها

ليغلق الحقيبة و يرميها جانبا لتصرخ هبة :"

سيب الشنطة و ملكش دعوة بيا انا مش

حقعد هنا دقيقة واحدة و إنت مش

حتجبرني".

هز عمر يديه باستسلام قبل أن يقول :" طيب

ممكن أفهم السبب و انا أوعدك إني مش

حمنعك عن حاجة".

نظرت نحوه بغضب قبل أن تجيبه :" مزاجي

كده.... عاوزة أرجع مصر مين غير سبب....

شهقت بقوة عندما شعرت بنفسها

مكبلة بين ذراعي عمر الذي حاصرها

بينه و بين الخزانة....تلوت بعنف محاولة

التخلص منه لكنها لم تستطع لتهتف بحنق

:"إنت تجننت بتعمل إيه؟؟ سيبني".

قيد عمر يديها بيد واحدة بينما إمتدت يده

الأخرى لتداعب خصلات شعرها الندية

التي غطت وجهها بسبب حركتها العنيفة

قائلا ببرود :" كل الدراما دي عشان شوية

هزار.... انا لو كنت عارف إنك حتتضايقي

كده مكنتش هزرت معاكي و لو إني متأكد

إن مش داه سبب زعلك...

وجهت هبة رأسها للجهة الأخرى ليرفع

عمر اصابعه عنها قليلا قبل ان يمسك

بذقنها و يعيد وجهها نحوه قائلا :" إتكلمي و

قوليلي مالك بقالك ساعة و إنت بتقولي

كلام غريب مش لايق على عروسة في

شهر عسلها...

تنحنحت هبة قليلا قبل أن تجيبه بصوت هادئ :" ماما وحشتني اوي...حاسة إن في حاجة

ناقصاني و منغصة عليا فرحتي.... مش قادرة

أفرح و عيلتي زعلانة مني..

توقفت عن الحديث بسبب إختناقها ببكائها

و دموعها التي بدأت تنهمر على خديها

ليحرر عمر يدها و يجذبها نحوه و يضمها

برفق محاولا تهدئتها قائلا :" بلاش تبكي

عشان خاطري مش بستحمل أشوفك

كده....اوعدك اول ما نرجع حاخذك عندهم

و نصالحهم...

هبة من بين بكائها :" بابا مش حيسامحني

داه بقى بيكرهني اوي و مانع ماما إنها

تكلمني.... انا عاوزة ماما ارجوك يا عمر....دي

واحشاني اوي....

عمر بحنان و هو يسير بها نحو السرير :" حاضر

يا قلبي.. حاضر  إهدي و كل حاجة حتتصلح

بإذن الله... 


في مشفى البحيري......

إبتسم أيهم بخبث و هو يطالع الأوراق

أمامه متمتما بوعيد :" تستاهل...انا حخليها

عبرة للجميع بقى واحدة زي دي

تتحداني انا ...

شرد قليلا و هو يتذكر مظهر هند المثير

للشفقة أمام جميع العاملين بالمستشفى


الشيطان شاهين › الفصل الثالث و الثلاثون

الفصل الثالث و الثلاثون


هز الاخر حاجبيه بعدم إعجاب وهو يمسح

يديه  بالمنديل قبل أن يضعه على

الطاولة قائلا :" خلصتي شغلك بالنهار بس

لسه شغلك بالليل.....

اجابته و هي تكرمش وجهها بتقزز:"نعم.. قصدك

إيه ؟؟؟

إستند على ظهر الكرسي :"اللي فهمتيه

يا لولو....ثالث أوضة على إيدك اليمين دي

اوضتي حتلاقي فيها هدوم نص ساعة و

حجيلك".

نهض بهدوء مغادرا المطبخ لتبقى ليليان

مكانها وهي تغلي بداخلها من شدة الغضب

لتمتم. هي تنهض بدورها :" لا داه إتجنن

رسمي.... انا لازم اتصرف لازم الاقي حل

صعدت نحو الغرفة لتفتح الخزانة لتتفاجئ

بملابس نسائية  اقل ما يقال عنها أنها

لا تخفي شيئا...تاففت بداخلها و هي تغمض

عينيها من شدة القهر الذي تشعر به...

تفرست التصاميم الغريبة بتقزز علها

تجد ما يصلح للارتداء من بينها... هذا قصير

هذا عاري.. هذا شفاف.. زفرت بملل قبل

إن تتجه للجهة الأخرى من الخزانة لتخرج

منها احد قمصان أيهم الطويلة

قائلة:"فاكرني بنت شوارع من اللي بيقابلهم

دلفت الحمام لتنعم بشاور دافئ يريح






جسدها المتعب من الجهد الذي بذلته

طوال  النهار...

خرجت بعد مدة و هي تنشف شعرها

البني الطويل لتتفاجئ بأيهم يجلس

على طرف السرير.... اطلق صفيرا

يعبر عن إعجابه و هو يتفحص جسدها

بطريقة وقحة تجاهلته ليليان متجهة

نحو التسريحة لتأخذ المشط و تبدأ

في تسريح شعرها وهي تمنع نفسها من

شتمه بكل شتائم العالم التي تعلمها....

شعرت به ورائها لتنكمش على نفسها

تشعر بالتقزز الشديد من قربه و من لمسه

لها...حاوط خصرها بذراعه ليجذبها نحوه

ليشتم رائحة شعرها بعمق ثم يدفن وجهه

في تجويف عنقها ليقبله قبلات رقيقة

ناعمة قبل أن يهمس :"زي القمر و إنت

لابسة هدومي...حتكوني ليا الليلة دي...

ملكي ليا لوحدي، ليليان بتاعتي انا وبس و

مش حسمح لأي حد ياخذك مني ......


ظل يهمس في أذنها بنبرة تملكية مخيفة

و قبضته تزداد رويدا رويدا عليها

لتتأوه ليليان بألم وتحاول دفعه عنها

ليزمجر أيهم بغضب و يديرها نحوهه

بملامح متجهمة تنذر الخطر....

وقع قلبها بين يديها عندما إصطدمت

بعينيه الجائعتين....

تراجعت للوراء حتى إصطدمت بالحائط

ورائها لترفع يديها تشد بها مقدمة القميص

ليبتسم لها أيهم باستهزاء ثم يخفض بصره

نحو ساقيها العاريتين ثم شعرها الندي الذي

تساقطت بعض القطرات منه لتبلل الأرضية

تقدم نحوها و قد بدأت عروق رقبته و ذراعيه

بالبروز و بياض عينيه تحولت للإحمرار من

شدة الغضب... نفس الرفض، نفس نظرتها

المتقززة و النافرة منه...

حرك رقبته يمينا و يسارا لتصدر صوت

تمدد عضلاته قبل أن يهتف بصوت

هادئ يخفي ورائه بركانا ثائرا:"تعالي بمزاجك

أحسن.... عشان في طرق ثانية كثير و انا

مش عاوز أجربها معاكي......

رمقته بنظرات ضعف و رجاء قبل أن تتحدث

بنبرة متحشرجة :" أرجوك يا أيهم عشان

خاطري تعبانة خليها لبكرة ".

توقف أمامها ليهمس أمام شفتيها و هو

يجذب يدها التي كانت تضعها على مقدمة

القميص :"تؤ.... عاوزك دلوقتي....

جذبها نحو السرير لتسير ليليان بخطوات

متعثرة و هي تنظر للفراش برعب كنظرات

مسجون لكرسي إعدامه...شهقت بصوت عال

قبل أن تنفجر بالبكاء...ضعف، عجز، قلة حيلة

هذا ماشعرت به ليليان و هي تراقب

ايهم الذي كان يفتح ازرار قميصه باستمتاع

لا تستطيع مقاومته حتى لا يؤذي جنينها

و تشعر بالتقزز بمجرد وقوفه أمامها فقط

فكيف و هو ينوي.....

رمى قميصه جانبا ليظهر صدره العاري ثم

أجلسها على ساقيه و أمسك بيدها

ليضعها فوق وشمه قائلا بصوت جاف

قاس غير مهتم بدموعها التي اغرقت

وجهها و لا بجسدها الذي يرتعش





بين يديه كورقة في مهب الريح :"شوفي

إسمك لسه في مكانه...ليليان أيهم البحيري....

نطق إسمها بتلذذ و هو يميلها بخفة لتمدد

فوق السرير و يعتليها ليحتضن جسدها

بين ذراعيه....

جالت يديه لتتلمس جسدها بأريحية و يبدأ

في فتح ازرار قميصها الذي كانت ترتديه

قبل أن يبدأ في تقبيلها بجنون...شفتيها

وجنتيها.... رقبتها.. كل ما تصل إليه شفتيه.

مرر شفتيه على بشرة عنقها البيضاء

الرقيقة لترفع ليليان يدها نحو فمها لتعض

جلدها لتتحمل قربه منها...

توقف أيهم عما يفعله عندما لاحظ سكون

حركتها ليرفع نفسه بذراعيه لينظر نحوها

هاله مظهرها الذي قتل آخر ذرة تعقل بداخله

مسح وجهه بغضب و هو يحاول التحكم في

أنفاسه اللاهثة بسبب فرط مشاعره ليصرخ

فيها بصوت عال:" مش حسيبك يا ليليان

مش حسيبك حتى لو متي قدامي.... إنت

فاهمة و  دلوقتي إطلعي برا... برا مش... عاوزك ،قرفان منك....

أسندت ليليان نفسها بصعوبة و هي تلملم

شتات نفسها قبل أن تغادر الغرفة و هي

تحمد الله بداخلها على نجاتها هذه المرة....

ثار أيهم كأسد مقهور ليبدأ في تكسير

كل ما تطاله يديه من أثاث الغرفة و قد

إنحفرت صورتها في تلك الهيئة داخل عقله.


أدمعت عيناها من شدة الخجل و هي

ترفض إبعاد وجهها عن أحضانه ليقهقه

شاهين بشدة عليها بعد أن فشل في

إبعادها و لو قليلا....

ليهتف من بين ضحكاته قائلا :"خلاص

بقى إنت  مكسوفة ليه.... طب يا ستي انا

حسحب كلامي....بس بردو دي تعتبر أول

ليلة جوازنا...ممم شفتي قربنا ننسى

البيبي اللي جوا..... حبيب بابي...

قبل رأسها في آخر كلامه قبل أن يضيف

بنبرة جدية بعد أن يئس من مشاركتها

في حديثه المازح :" على فكرة انا كنت عاوز

اكلمك على موضوع مهم يخص نور....

رفعت كاميليا رأسها عندما سمعت

إسم أختها لتضيق ما بين حاحبيها

منتظرة بقية حديثه....

إستغل شاهين الفرصة ليخطف قبلة

سريعة من شفتيها اللتين إنتفختا

بإغراء قبل أن يقول :"  فاكرة محمد

البحيري الشاب اللي قعد معانا على

الطاولة في فرح عمر...

أومأت له كاميليا بإيجاب.... ليستند

شاهين على ذراعه ليصبح مقابلا لها

يلاعب خصلات شعرها المبعثرة ليكمل

حديثه و عينيه تلمعان بفرح :" كلمني

إمبارح الصبح و قلي إنه معجب بنور

و عاوز يتقدملها رسمي اول ما تخلص ثانوية

عامة..و قبل ما تسألي على اي حاجة

الشاب كويس جدا و محترم و عنده شغل

خاصو من عيلة كبيرة و غنية جدا و عنده

شقة في نفس العمارة اللي ساكنه فيها عيلتك

و هو شافها هناك كذا مرة.....





اجابته و ملامحها مازالت تحت تأثير الصدمة

:"بس معتقدش إن نور حتقبل دي مخصصة

كل وقتها للدراسة و بس دي عاوزة تبقى دكتورة".

تنهد شاهين و هو يتابع ملامحها الفاتنة

قبل أن يقول بلامبالاة:"يعني اقله يشيل

الموضوع من دماغه؟؟

كاميليا برفض:" لا طبعا دي حاجة تخص

نور لوحدها انا حقلها و هي حرة...".

شاهين بخبث و هو يميل عليها :"طب

خلينا دلوقتي فينا إحنا.. انا لسه في

كلام كثير عاوز اقولهولك "

 

 مر أسبوع على أبطالنا.....

عمر رجع غصب عنه من شهر العسل بعد

ما قعد شاهين يزن عليه و يزعجه عشان

يلغي رحلته و يرجع يكمل أجازته في مصر.

شاهين بقى بيعيش أجمل أيام حياته

بعد ما إكتشف عشقه لكاميليا اللي بقى

بيعاملها و كأنها ملكة و كل طلباتها

بقى بينفذها مين غير إعتراض... كل داه

عشان يعوضها على معاملته القاسية

اول ما عرفها...

عيلة أيهم كلهم بيدوروا على ليليان

بعد ما إختفت فجاة بس بعد ما رحمة

الشغالة قالتلهم إن أيهم طلبها من تليفونها

و خلاها تطلع عشان تقابله راحوا عند أيهم

اللي رفض يقلهم على مكانها بحجة إنها






مراته و إن هما خلاص رجعوا لبعض و مش

لازم حد يتدخل بينهم....

كاريمان طردت أيهم من الفيلا بعد خناقة كبيرة

حصلت بينهم.

ليليان بقت عايشة زي الخدامة بتشتغل كل

شغل الفيلا عشان تتجنب غضب أيهم اللي

مش بيسيب فرصة عشان يذلها و يهينها...

و رغم التعب و الألم اللي كانت بتحس

بيه إلا إنها كانت بتتحامل على نفسها و مش

بتبينله حاجة عشان ميشكش في حملها.

في احدي الليالي.....

كانت ليليان كعادتها تحضر طعام العشاء

منتظرة عودة أيهم الذي لم يتأخر وعاد

لكن هذه المرة بصحبة فتاة.

أطلت من باب المطبخ عندما سمعت

ضجيجهما لينظر لها بنظرات لم

تفهمها قبل أن يشير للفتاة لتصعد

إلى الأعلى نحو الغرفة و يتقدم بخطواته

نحو ليليان....

تفرس ملامحها الجميلة رغم ذبولها ثم مد يديه

نحو خصلات شعرها التي تمردت من تحت حجابها

ليقول بجمود:"مش إنت قرفانة من لمستي و رافضة

قربي ليكي.. أهو قلت أريحك و أشوف في حتة

ثانية ما أنا أكيد مش حبقى أستنى

حضرتك عشان ترضي عني...إلتفت ليهم بالسير

لكنه عاد و هو يقطب جبينه وكأنه تذكر شيئا

ما ليستأنف حديثه من جديد :" مفيش

داعي تحضري العشاء...بس لو نانا جاعت

حبقى أندهلك...مممم اقصد البنت اللي

فوق....




سار مبتعدا عنها نحو وجهته وهو يخفي

ببراعة ملامح التوتر و القلق التي كانت

تعتريه كلما رآها هذه الأيام فهو لم يخفى

عنه ذبولها و إنهاكها و نظرتها المنكسرة

التي كانت تحاول إخفاءها عنه كلما تواجها

كذلك نحول جسدها و ضعفها خاصة

في الأسبوع الاخير....صمتها و قبولها

لكل كلامه القاسي و المهين دون رد منها

و هذا ليس من عادتها فهم كما يعلمها

لسانها سليط و شخصيتها قوية و دائما

ما كانت تجادله و ترد إهاناته بكل قوة

و جرأة...

لا تبدو بخير و هذا ما كان متأكد منه

و لكن ليس لديه دليل على ذلك....

بقى يفكر و هو يصعد درجات السلم

المؤدي نحو الطابق الثاني.... فتح الغرفة

ليجد تلك الفتاة المدعوة نانا قد غيرت ملابسها

و إرتدت ثيابا مغرية تظهر جميع مفاتها دون

حياء او خجل....

إقتربت منه حالما لمحته يدلف إلى

داخل الغرفة لتضع يدها على صدره بدلال

و تنظر نحو بنظرات مغرية محاولة

إثارة شهوته....

بادلها أيهم نظرات مشمئزة و كأنه

ينظر نحو شيئ مقزز ليدفع يدها عنه

مبعدا إياها و هو يقول بحدة:"بقلك

إيه مين غير لف و دوران... انا جايبك

هنا عشان تقعدي ساعتين بهدوء

و بعدها تغوري.... يعني القرف اللي

إنت متعودة عليه إنسيه و انا لو عزت

اعمل حاجة فأكيد مش مع واحدة زيك

جايبها من كباريه...

مصمصت نانا شفتيها بعدم رضا ثم تراجعت

إلى الخلف بطاعة دون أن تنبس بكلمة

خوفا منه.....




بينما دلف أيهم إلى الحمام لينعم

بشاور هادئ و يغير ملابسه.

في الأسفل... جرت ليليان قدميها لتجلس

على أقرب كرسي قابلها و هي تضع يدها

على بطنها لتمسد عليها برفق محاولة

تحمل الألم الذي تشعر به.....

نزلت دموعها بحرقة على وجنتيها

و هي تشعر بانقطاع آخر خيط أمل

بينها و بين من يدعو نفسه بزوجها.....

صفعة قاسية تلقتها للتو أقسى

من أي شيئ مضى من أفعاله المشينة

في حقها... صفعة من شدة قساوتها

جعلت آخر ذرة من صبرها المزيف

تنفذ...لقد أثبت لها بفعلته هذه صدق كلامه

لن يعتبرها أبدا كزوجة.. ليست سوى مجرد

خادمة لديه و لن ترتقي ابدا لمستواه رغم

حملهما لنفس الإسم و الدم و العائلة....

أخذت انفاسا عميقة و هي تكفكف

عبراتها التي كانت تأبى الإنقطاع

لتصمم في داخلها على إنقاذ

ما تبقى من كرامتها مهما كلفها الأمر.....

تمتمت بداخلها بحقد قبل أن تستقيم

من كرسيها :"أقسم بالله لخليك تندم

بقية حياتك على اللي بتعمله فيا...

دلفت كاميليا غرفة النوم بخطى غاضبة

و هي لا تستجيب لنداءات شاهين

المتكررة والتي يأمرها فيها بالتوقف...

جذبها من ذراعها برفق ليوقفها عن السير

ثم أدارها نحوه لتصطدم بصدره العريض

ليبتسم شاهين رغم غضبه منها و شجاره

معها منذ قليل....




وضعت يديها على صدره لتدفعه لكنه

أبى التحرك من مكانه و لو إنشا واحدا

لمحت إبتسامته لتلوي شفتيها بحنق

قائلة :"على فكرة مفيش حاجة بتضحك.....

إستجمع شاهين شتات نفسه و هو يحاول

رسم ملامح الجدية على ملامحه ليهتف

بصوت جاد :" عارف بس انا بقالي

ساعين و انا بسألك نفس السؤال و إنت

اللي عمالة بتلفي تدوري و مش عاوزة

تجاوبيني.... كاميليا لعاشر مرة بسألك

الخاتم بتاعك فين؟؟ و إزاي تسمحي

لنفسك تقلعيه من إيدك؟؟انا منبه عليكي

قبل كده و حذرتك إنك لو شلتيه حعاقبك.....

هزت كاميليا حاجبيها بعدم رضا قبل أن

تجيبه و هي تداعب أزرار قميصه باصابعها

:"وحتعاقبني إزاي بقى المرة دي؟؟ حتجبرني

اقعد في البلكونة برا للبرد و إلا.. حتخليني

أقعد تحت رجليك و اقلعك جزمتك..... مممم

لا حتغتصبني طول الليل زي ما كنت...

صرخ شاهين مقاطعا كلامها :" كاميليا.... مفيش

داعي للكلام داه إنت عارفة إني مستحيل

أذيكي....


ونرشح لكم








رفع ذقنها باصبعه ليطبع قبلة رقيقة

بجانب شفتيها الطريتين قبل أن يبتعد

عنها لينظر لداخل عينيها الزرقاوتين

اللتين كانتا تلمعان بسبب دموعها

المنحسرة داخلهما.....

تحدث بصوت هادئ حنون هذه المرة :"حبيبي

مش إحنا إتفقنا ننسى اللي فات.... و نبتدي

صفحة جديدة انا كنت بقصد عقاب

من نوع ثاني...و مش بعيد يعجبك... بس

إنت لازم تجاوبيني الأول... إنت ليه قلعتي

خاتم جوازنا إنت مش عارفة داه معناته

إيه بالنسبالي... انا كل ماشوف دبلتي في إيدك

بكون بعلن للعالم كله إن إنت ملكي انا.... حبيبتي

أنا حياتي انا روحي و قلبي أنا.


كاميليا بعدم تركيز وهي تشعر بأن

الأرض قد بدأت تدور حولها :"ها...انا.... انا....

سيطر على رغبته العارمة في الضحك

ليسألها مرة أخرى بتأكيد :" فين الخاتم؟ لو

مش عاوزاه قوليلي و انا حجيبلك غيره

المهم إنه يفضل في إيدك....

إستأنف حديثه مرة أخرى عندما رآها

تحرك رأسها بنفي :"أمال ليه عملتي كده؟؟

إقتربت منه أكثر لتخفي نفسها بداخل

أحضانه وهي تتمتم بصوت منخفض

غير مفهوم :"عشان بقت ضيقة عليا....

حاول إبعادها لكنها إلتصقت به

أكثر ليهتف هو بصوت عال :"مش سامع

حاجة عيدي ثاني".

كاميليا بسرعة :"عشان بقت ضيقة على

صباعي...فقلعتها و خبيتها في الدولاب.....

شد شاهين أنفه باصبعيه ليمنع نفسه

من الضحك و يقول بصوت جاهد لأن

يكون عاديا :" طيب مقلتيليش ليه؟؟

عاجبك خناقتنا تحت قدام ماما و فادي. "

كاميليا بصوت منخفض :"مكنتش عايزة

أضايقك بموضوع زي داه...

شاهين بخبث:" بس انا مستغرب إزاي

بقى ضيق عليكي بعد ما كان مقاسك

بالضبط".

هزت كاميليا كتفيها دون أن تجيبه ليهمهم

شاهين مدعيا التفكير بصوت عال :"مش يمكن

عشان وزنك زاد شوية من.....

صرخت كاميليا و هي تدفعه بكل قوتها

ليتراجع شاهين قليلا :" قصدك وزني زاد عشان بقيت باكل كثير مش كده ... كمل إنت

وقفت ليه؟؟؟

مد شاهين يديه ليجذبها إليه من جديد

لتبتعد عنه رامقة إياه بتحذير من

أن يقربها ليزفر شاهين بنفاذ صبر من جنونها

الذي زاد منذ إكتشاف حملها :" حبيبي و الله

مكانش قصدي كده... انا اقصد إنك حامل

و طبيعي إن وزنك حيزيد... بالرغم من

إنه مش باين عليكي عشان كده أنا كنت

مستغرب...... حبيبي إستهدي بالله كده دي

حاجة عادية و إنت مش اول و لا آخر

ست وزنها بيزيد بسبب الحمل و إنشاء الله

بعد الولادة حترجعي زي ما كنتي...و لو

على الدبلة فبكرة حجيبلك كتالوج كامل

و إنت إختاري براحتك كل اللي عاوزاه..

بلاش تزعلي نفسك عشان البيبي حيزعل..داه طفل

صغير ملوش ذنب يهون عليكي يتأذي....

ضيقت كاميليا عينيها قليلا بتفكير و كأنها

تقلب كلامه بداخل عقلها قبل أن

تومئ له بإيجاب ليتقدم نحوها شاهين و

يحتضنها ويقبل رأسها عدة مرات مستشعرا

دفئ جسدها الذي إنتقل مباشرة لجسده

ليبث بداخله راحة غريبة...قبل أن يتذكر

حكاية الخاتم ليبتسم بإتساع و يمنع بصعوبة

ضحكه أمام حتى لا تقيم الدنيا و تقعدها

هذه المجنونة التي بين يديه....

تنهدت كاميليا بصوت مسموع قبل أن

تتحدث بصوت هادئ :" متكتمش ضحكتك

أكثر من كده... بس ارجوك بلاش تحكي

لطنط و فادي.. داه حيستلمني و مش حيبطل

تريقة عليا... داه بقى شرير اوي وعامل نفسه

الأخ الكبير....

أجابها بعد أن ضحك ضحكة خفيفة:" مش حقول لحد..

و كمان مش عاوزك تكوني حساسة تجاه

الموضوع داه عشان دي حاجة طبيعية

يا قلبي و بعدين محدش له دعوة بينا

إنت عاجباني كده بطبوطة......

أبعدت رأسها قليلا لتلتقي اعينها الزرقاء

بخاصته الخضراء في تواصل بصري

لعدة ثوان قبل أن تستدرك كاميليا قائلة

بهمس :"يعني حتفضل تحبني حتى

لو بقيت شبه الفيل....

شاهين بابتسامة :" حتفضلي في نظري

زي القمر مهما تغيرني عشان إنت شايلة

جواكي حتة مني...و منك بتكبر كل يوم

و بيكبر معاها حبي و عشقي ليكي... انا

أصلا دايما بفكر هو انا ححبك أكثر من

كده إزاي؟؟

كاميليا و هي تمسد بيديها أعلى صدره :" مممم

طيب انا كنت عاوزة أطلب طلب...

شاهين بمقاطعة:" اطلبي اي حاجة

غير إنك تباتي عند أهلك... إحنا تكلمنا

في الموضوع داه و إتفقنا...

كاميليا بنفي :"لالا أنا مش بتكلم على

الموضوع داه... انا اصلي نفسي في حاجة

بس مش عارفة أفسرلك.. أصلي بسبب الحمل

بقيت عاوزة أعمل حاجات غريبة غصب

عني ما إنت عارف الوحم يعني مش بإيدي....

مش أنا اللي عاوزة يعني داه البيبي هو....

شاهين :" كوكي حبيبيتي تعالي نقعد

الأول و بعدين إحكيلي بهدوء... إنت

عاوزة إيه المرة دي عشان أنا عارف و متأكد

إنك حتفاجئيني زي كل مرة...

أجلسها برفق على الكنبة ثم جلس

بجانبها محتفضا بيديها داخل يديه

و يمسد عليهما بحنان و هو يرمقها

بنظرات يحثها على أن تتكلم بعد أن

لاحظ تلعثمها و تأتأتها و هي تتكلم ضانا

أنها لازالت تخاف التكلم بحرية معه.....

أعادت كاميليا خصلات شعرها وراء

اذنها قبل أن تهمس في اذنه فجأة بعدة

كلمات جعلت شاهين يتصنم مكانه

بصدمة.....

وقف من مكانه و هو يصرخ :"نعم...

سمعيني ثاني كده عشان الظاهر إني سمعت غلط....


إنكمشت على نفسها بخوف و حرج

لتهمس :" داه وحم انا مليش دعوة...

شاهين و هو يضرب كفيه بغيظ :"يعني

كل مرة سيادتك بتتوحمي على حاجة

أغرب من اللي قبلها و تقولي مليش

دعوة...يعني الوحم مجاش غير على

السجاير يا كاميليا... عاوزة تشربي

سجاير.... و إيه كمان طب مش عاوزة

شمبانيا و إلا.... لا إلاه إلا الله...داه

إنت حرمتيها عليا جوا الفيلا عشان

فادي و البيبي اللي في بطنك ".

ضحك بعدم تصديق و هو يعود ليجلس

بجانبها مثبتا نظره عليها...مسح وجهه

بقلة حيلة و يأس من تصرفاتها المجنونة

قبل أن يهتف :"طيب مفييش أوبشن ثاني

حاولي كده...عشان موضوع السجاير داه

حاجة مستحيلة الله".

فركت يديها يتوتر و هي تمط شفتيها

بعدم رضا على كلامه قبل أن تهتف بنبرة

مستعطفة و هي تنظر له بوداعة كجرو لطيف

:"طب حتة صغنونة بس....واحده او نصها

يكفي عشان خاطري....

شاهين بهدوء :" ربنا يهديكي يا حبيبتي

عقبال ما تولدي.... حكون انا خلاص تجننت بإذن

الله...بلا ننام عشان بكرة لازم اروح الشركة

بدري عندي أوراق مهمة لازم أراجعها

مع عمر ....

لوت كاميليا شفتيها تعبيرا عن عدم

قبولها لكلامه...و تراقبه و هو ياخذ

مكانه في السرير لتنفخ خديها قبل

إن تقول :" عاوزة اروح لماما واحشاني.. و

بقالي كثير....

زفر شاهين بنفاذ صبر قبل أن يرمي الغطاء

فوق جسده هاتفا بصوت جاد :" كاميليا

بلاش دلع مش كل مرة تطلعيلي بحكاية

قتلك ورايا شغل بكرة يعني لازم انام

بدري و لما ارجع حبقى آخذك لأي

مكان إنت عاوزاه....يلا تعالي عشان

ننام....

كاميليا برفض :" مش عاوزة انام.. قلتلك

عاوزة....

صمتت عندما ربت شاهين على الوسادة

التي بجانبه ثم أشار لها بإصبعه حتى

تقترب... تقدمت بخطوات غير راضية

و هي ترسم على ملامحها الجميلة

علامات الحزن لتبدو أمامه كطفلة صغيرة غاضبة ترفض طاعة والدتها ...ليخفي شاهين رغبته

الملحة في إلتهامها...

إستلقت على السرير ثم إلتفتت للجهة

الأخرى متجاهلة إياه...إقترب منها ليتكئ

على ذراعه و يهمس قرب اذنها :"مش

حيجيلي نوم و إنت مش في حضني....

ممكن نأجل الزعل لبكرة....

هزت كتفيها برفض ثم حركت يدها

لتحاول نزع يده التي حاوطت خصرها

.. تنهد بصوت مسموع قبل أن يهتف

بصوت حان :" طب عاوزاني اعمل إيه؟

طب ينفع بنوتة رقيقة زيك تمسك

سيجارة و..

صمت دون أن يكمل كلامه عندما شعر

بها تلتفت لتخفي وجهها داخل صدره

كعادتها كلما شعرت بالخجل ليشدها

نحوه بتملك قائلا بارتياح :" طيب

نامي دلوقتي وبكرة إن شاء الله حنكمل كلامنا

تمام.....

أومأت له لينحني إليها مقبلا وجهها

قبلات رقيقة قبل أن يرجع رأسه

إلى وسادته و يغمض عينيه و شعور

السعادة يغمر قلبه و روحه...هذه الصغيرة

التي تسكن أحضانه الان تزداد تمردا و شغبا

يوما بعد يوما يجزم ان فادي أصبح اعقل منها

بتصرفاتها الطفولية التي صارت تفاجئه في كل مرة

تحاول إثارة غضبه و كأنها تنتقم منه بطريقتها

لكنها لاتعلم بأنه سيظل يهيم بها عشقا مهما

فعلت...

نظرت نانا بملل نحو باب الحمام قبل

أن تقرر الخروج من الغرفة و التجول قليلا

في الفيلا إلى أن ينهي أيهم حمامه....

تمتمت بضيق و هي تنزل درجات السلم

المؤدي إلى الطابق السفلي :" إيه

قصر الأشباح داه...المكان كله معتم

و يخوف أما أروح أدور يمكن ألاقي

حاجة آكلها....و أخيرا لقيت المطبخ....

تحدثت و هي تدلف إلى داخل المطبخ

لتتسع عينيها من جماله و ضخامته

فهي في الاخير ليست إلا فتاة بسيطة و فقيرة

جلبها أيهم من إحدى الشوارع حتى

تنفذ خطته بإغاظة ليليان....

تسمرت عينيها على الطاولة الكبيرة

عندما لاحظت وجود فتاة في سنها

اقل ما يقال عليها آيه في الجمال

و الروعة رغم ثيابها البسيطة

التي كانت ترتديها و خلو وجهها

من مساحيق التجميل عكس خاصتها...

هتفت دون وعي منها و هي تتفرسها بذهول :" يا نهار اسود..لما تكون دي خدامة انا ابقى إيه... دي لو توافق تشتغل معايا

حتكسب ذهب.. ذهب إيه قولي الماس...انا

مش فاهمة البيه جايبني هنا ليه... ماكان أخذها

مكاني و خلص نفسه من وجع الدماغ داه كله....

سمعتها ليليان لكنها تعمدت عدم الانتباه

لها و تجاهلها لتتقدم نحوها نانا و هي

ترسم على وجهها إبتسامة خافتة

نانا :" سلام عليكم يا قمر.. هو إنت

بتشتغلي هنا؟؟؟؟

ليليان و هي تخفي إبتسامتها الخبيثة :" أيوا انا بشتغل هنا بقالي حوالي ثلاث سنين و نص....

جلست نانا على الكرسي بجانبها

و بدأت تتفحصها دون خجل قائلة :"طيب

على كده بتقبضي كويس".

ليليان و هي تتظاهر بالحزن :"لا و الله دي

شوية ملاليم.. البيه بيرميهالي آخر كل شهر

مش مكفياني حق الدواء بتاع والدتي...

أنا لو اقدر الاقي شغل ثاني مكنتش

قعدت هنا دقيقة.

نانا بتأسف مزيف :" قلبي معاكي يا حبيبتي

بس بصراحة واحدة زيك خسارة تشتغل

خدامة و بشوية ملاليم زي ما قلتي...

إنت مش شايفة نفسك في المراية و

إلا إيه... عارفة انا مستعدة اساعدك و حوفرلك

شغلانة معايا حتاكلي من وراها الشهد".


ليليان بحماس :"بجد... داه انا حكون ممنونالك

عمري كله...بس إزاي داه البيه اللي انا

بشتغل عنده زي ما يكون مستعبدني

تصوري مش بيسمحلي أخرج من هنا غير

مرة كل شهرين اروح أزور أمي في المستشفى

و أرجع هنا على طول ...

همست ليليان بصوت منخفض و هي

توجه بصرها نحو الباب مخافة ان

يأتي أيهم و يفسد عليها خطتها و هي تكمل

:"داه حتى مانع عليا التلفون... انا بقالي اكثر

من شهر و نص مسمعتش صوتها و لا

إطمنت عليها...

مسحت دموعها المزيفة ثم إستأنفت

حديثها من جديد و هي تتوعد بداخلها

لايهم :" هو حضرتك ممكن تساعديني...

لو يعني عندك موبايل ممكن اكلمها

دقيقة بس أسمع صوتها و ارجعهولك

على طول انا فاضلي بس اسبوع و

شوية عبال ما اخرج و ازورها.. بس

المرة دي لو حضرتك ساعدتيني انا مش

حرجع هنا ابدا....

أومأت لها الأخرى و هي تخفي

فرحها بداخلها متخيلة كم ستجني

من مال لو انها نجحت في إقناع ليليان بالعمل

معها...مدت يدها نحو صدرها لتخرج هاتفا

صغيرا و تعطيه لليليان التي

إلتقطته بفرح و هي تهتف لها بعبارات الشكر

و الثناء :" و أخيرا حقدر اخرج من هنا شكرا يا... هو

إنت إسمك إيه...

اجابتها :" أنا إسمي نانا... و إنت...

تجاهلتها ليليان و هي تقف من مكانها متجهة نحو

غرفتها قبل أن تلتفت وراءها قائلة

بتحذير :"إوعي تجيبي سيرة لحد إنك

إديتيني موبايل او حتى تكلمتي معايا

عشان لو البيه عرف حيقتلك و يقتلني...

اصل هو مش بيحب حد يعصي أوامره...

حروح أكلم ماما دقيقة و ارجعلك....".

اومات لها نانا بخوف وهي تتذكر معاملة

أيهم القاسية و المتعجرفة لها منذ أول لحظة

ركبت فيها سيارته

...

دلفت ليليان غرفتها البسيطة ذات الاثاث

المتهالك التي أجبرها أيهم على المكوث بها

طيلة الاسبوع الماضي....جلست على السرير

الصغير ثم ضغطت بأصابع مرتعشة على

الهاتف لتهاتف زوجة عمها و التي تمثل

الأمل الوحيد لإنقاذها.... بعد ثوان قليلة

أجابتها :"الو....

ليليان باندفاع :" أيوا يا طنط انا ليليان..

كاريمان بفزع :"ليليان... ليليان إنت فين

يا بنتي و أيهم عمل فيكي إيه؟؟ إنت كويسة

إنت فين ؟؟؟

ليليان :" طنط ارجوكي سيبيني اتكلم

عشان معنديش وقت كثير....انا تعبانة اوي

و مش كويسة ولو فضلت هنا يومين كمان

يمكن اخسر إبني... أرجوكي يا طنط

خرجيني من هنا أيهم خطفني و حاجزني

في فيلا شاهين الألفي صاحبه...إسألي محمد

هو يعرفها بس متجيش لوحدك... قولي

لشاهين هو الوحيد اللي حيقدر

يخرجني من هنا أرجوكي يا طنط داه

مشغلي خدامة هنا...متتاخريش انا حقفل

دلوقتي و متتصليش بالرقم داه ثاني...

كاريمان بصراخ :"ليليان..... ليليان.

أنهت ليليان المكالمة ثم تسللت

نحو الخارج متجهة نحو المطبخ.....

تنهدت بارتياح عندما وجدت

نانا جالسة في مكانها تاكل و أمامها طبق

من الفواكه المشكلة...

مدت لها الهاتف و هي تقول :خبيه بسرعة

عشان محدش يشوفه...و إبقي حاولي

تخليلي رقمك عشان اتصل بيكي لما اخرج

من هنا...

في نفس الوقت في فيلا البحيري....

حكت كريمان لزوجها ما حدث بالتفصيل

ثم تركته ليغير ملابسه متجهة نحو غرفة

محمد الذي هاتف شاهين ليسأله

على عنوان الفيلا ليقرر هذا الأخير

مرافقتهم فهو أكثر شخص يعلم بعناد

صديقه.

دلف أيهم المطبخ بخطى مستعجلة

و هو يرمق نانا باشمئزاز و غضب

قبل أن يصرخ في وجهها :"بتعملي

إيه هنا مش قلتلك متخرجيش من الأوضة

غير بإذني....

وقفت نانا من الكرسي و هي ترتعش من

الخوف بعد أن شدها أيهم من ذراعها

ليجبرها على الوقوف لتهتف بتلعثم

:" أنا كنت عطشانة فنزلت عشان اشرب..

أيهم بغطرسة و هو يدفعها:"كان لازم تتديني

خبر قبل ما تخطي برا الأوضة.. داه مش

بيتك عشان تتفسحي فيه زي ما إنت

عاوزة...يلا إطلعي فوق فورا و حسك

عينك الاقي رحتي هنا و إلا هناك.... يلا ".

إهتز جسدها لصراخه قبل أن تهرول

مسرعة إلى الخارج و هي تكاد تتعثر

بملابسها الضيقة و القصيرة و كعبها

العالي الذي كانت تتحرك به بصعوبة...

حول أيهم نظره ليليان التي كانت

تراقب مايدور حولها ببرود ...غير

عابئة به ليجن جنونه ليقترب منها

قائلا بنبرة آمرة :" حضريلنا الأكل بسرعة

و طلعيه فوق...

اخذت ليليان نفسا عميقا لتستجمع

بقية قواها قائلة :" أنا حامل.. ".

صمتت قليلا قبل أن تضيف بنبرة منكسرة

حاولت إخفائها لكنها لم تستطع :" أنا تحملت إهاناتك و قسوتك طول الفترة اللي فات

و كنت بنفذ كل اللي بتقولهولي بس عشان

البيبي ميتأذيش لكن لحد كدا و كفاية....

تخدعني و تكذب عليا عشان تخطفني

و تجيبني لمكان زبالة زي داه و تسجني

فيه و قلت ماشي مش جديدة عليك

ما إنت عملتها قبل كده.. و تعاملني

زي الخدامة و حاططني في أوضة

صغيرة و باردة زي الزنزانة مفيهاش

غير سرير صغير قديم لو نطيت فوقه حيقع

و عبايتين مقطعين لما ألبس واحدة لازم

اغسل الثانية عشان مفيش غيرهم....

قلت مش مهم فترة و حتعدي بس وصلت

بيك الدناءة إنك تجيبلي عشيقتك

هنا عشان اخدمها...".

ضربت الطاولة بيديها بقوة لتهتز الأطباق

محدثة ضجيجا عال و تقف ليليان

من مكانها لتقترب من أيهم الذي

كان مصدوما من كلامها.... دفعته بيدها

إلى الوراء ليتراجع قليلا بسبب

عدم إنتباهه و هي تكمل حديثها ببكاء:" قلي

عاوز إيه مني؟ عملتلك إيه أنا عشان

تكرهني في حياتي كده؟؟ دا أنا حتى

مليش حد في الدنيا لا ام تحن عليا لا اب

يراعيني و لا أخ يكون سند ليا ...حتكون

إنت و الزمن عليا....ليه؟؟ قلي ليه؟؟ داه

أنا عمري ما خنتك و لابصيت لراجل غيرك

كنت صاينة إسمك و شرفك من يوم

ما لبست دبلتك في إيدي... من سبع

سنين رغم إنك واحد حقير و متستاهلش

بس عمري ما عملت حاجة غلط

في حقك...بس عارف انا يمكن كنت

زبالة زيك مكانش حيحصل فيا

كل داه....

مسحت دموعها بيدها و باليد الاخرى

كانت تستند بها على طرف الطاولة

لإحساسها بالتعب :"طب قلي

أعمل إيه عشان ارتاح.. و اريحك مني

مش انا عبئ عليك و مش من مستواك....

و ما استاهلش أكون مع واحد زي حضرتك

طيب قلي إنت بس أعمل إيه و انا حعمله

أقتل نفسي...للأسف مقدرش عشان

في روح ثانية جوايا مقدرش أذيها....

سقط أيهم جالسا على الكرسي ينظر أمامه

بصدمة متذكرا كل مامرا به من أحداث

طوال الايام الفارطة....تذكر كيف كان

يعملها بمنتهى التعجرف و القسوة

و رغم ملاحظته لتعبها و إنهاكها

إلا أنه لم يشفق عليها بل كان يتعمد

رمي الطعام على أرضية المطبخ

و تكسير الأواني مدعيا عدم إعجابه

بطهوها او إجبارها على الصعود بالاواني إلى

الطابق العلوي عدة مرات في اليوم بحجة

رغبته في تناول الطعام في غرفته....

تمتم بذهول و هو يصفع نفسه

داخليا كيف لم يمر إحتمال حملها

في باله رغم انه طبيب :"حامل من إمتى؟؟

و ليه مقلتيليش؟؟؟؟

نظرت له ليليان باستهزاء قبل أن

تجيبه:" بقالي شهر و نص و مكنتش

ناوية اقلك بس مجبرة عشان خلاص

ما بقيتش مستحملة اللي بيحصل

بس هانت كلها دقائق و حخلص

منك.....

لم يفهم أيهم ما تقصده و لم يهتم بذلك

فكل ماكان يشغله هو خبر حملها الذي

لم يعلم به إلا الآن...سمعا دقات عنيفة

على باب الفيلا لتبتسم ليليان بارتياح

و هي ترمق أيهم بنظرات ذات معنى

قفز أيهم من مكانه متجها نحو الباب

نظر نحو الشاشة ليجد صديقه


         الفصل الرابع والثلاثون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>