💥رواية إختلاس مشروع💥
الفصل الثامن
بقلم ،نعمه حسن،،
"تيم.. أنا مش عارفه أشكرك إزاي علي كل الحاجات اللي قدمتهالي من ساعة ما عرفنا بعض.. إنت ساعدتني كتير جدا و محدش عمل معايا ربع اللي إنت عملته.. بس أنا مش هقدر أخرج من اللي أنا فيه.. أنا مفيش مني أمل..إدعيلي دايماً"
قرأ رسالتها بإستغراب يحاول فهم ما تنوي فعله.. قام بالإتصال بها في الحال فوجد هاتفها مغلقاً.. أعاد الإتصال مرات عديده دون جدوي.. تآكله القلق و إنتابته الحيره.. يشعر بأنها ستحاول إيذاء نفسها و لكن كيف سيصل إليها في ذلك الوقت!
لاحظ "ماهر" إنشغاله فقال متسائلاً: في إيه يا تيم؟! بتكلم مين؟!
لم يجبه بل علي الأغلب لم يستمع إلي ما قاله.. نهض آخذاً مفاتيح سيارته ثم خرج متجاهلاً نداء صديقه.
إتخذ طريقه نحو بيت جدتها يبتلع الطريق محاولاً الإتصال بها المرة تلو الأخري..نزل من سيارته أمام بيتها علي أمل أن يستطيع الوصول إليها.. إنتظر قرابة النصف ساعه دون جدوي.
💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥
ليس من طبيعة الإنسان السوي أن يُحِب الموْت..كل إنسان خلقهُ الله خلق معهُ فِطرة حبهُ للحياه..فعندما يحيد ذلك الإنسان عن طبيعته يكون قد وصل به الأمر إلي الإستسلام و إنه أمرٌ لو تعلمون عظيم.
قرّرت أن تتسلق بعض السلالم وترتفع فوق سطح المنزل و تقفز من أعلاه ظناً منها بأن ذلك هو الخلاص.
وقفت تعاتب نفسها.. تسرد لشخصها الهش الضعيف كم عانت و تحملت.. حَرِيٌ بها أن تمنح نفسها و لو دقائق أخيره قبل النهايه.
قالت ببكاء: أنا عايشه ليه!
أمي ماتت.. ملحقتش أحفظ ريحة حضنها حتي.. ماتت بسبب أبويا اللي كان كل يوم بيخونها مع واحده شكل.. ماتت و سابتني ليه يربيني علي النقص و العقد و الكره اللي جواه لحد ما طلعني إنسانه زباله.
ضحكت بهيستيريا ثم أكملت: معاكي حق يا ماريا إنتي إنسانه زباله فعلاً.. يعني يا زباله مش قادرة تمسكي نفسك تقومي تسرقي موبايل صاحبتك!.. إنتي رايحه عيد ميلاد ولا رايحه تسرقي؟!
أديكي كنتي هتتفضحي لولا "تيم".
تيم.. أعادت نطقها بنياط قلبٍ متمزقه و صوتٌ قد أنهكه البكاء.
💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥
ظل يحاول الإتصال به علّها تجيب و أرسل لها العديد من الرسائل متمتماً في نفسه: طب أعمل ايه دلوقتي؟! هطلع أخبط علي شقه شقه و أسألهم "ماريا"موجوده؟! ما هي لو ترد......
بتر كلمته بأعين متسعه مصدومه عندما لمحها تقف بأعلي سطح المنزل فهرول مسرعاً للأعلي.. تسلّق السلم راكضاً يدعو الله أن يتمكن من إنقاذها.
وصل إلي سطح المنزل فوجدها تقف بخنوع و إستسلام تهمهم بداخلها و كأنها تعزف لحن الموت.. إقترب منها بتمهل و حرص يكاد يمشي علي أطراف أصابعه حتي لا تنتبه لوجوده.
إقترب منها ثم جذبها للخلف بغتةً ثم إحتضنها بخوف..أغمض عينيه و هو ما زال يضمها إليه ماسحاً علي شعرها بيده.
توقفت بها اللحظات.. لم تعد تعي أو تسمع أو تستشعر شيئاً آخر.. شددت من ضمها إليه ثم إنفجرت في البكاء.
ظل يربت علي ظهرها و يمسح علي شعرها في حنان صادق.. يهدهدها كالأطفال كي تتوقف عن البكاء.
إبتعدت من حضنه و هي ما زالت ممسكه به ثم نظرت إلي عينيه بضعف و قالت: إنت كل مره بتلحقني.. بس أنا المرادي تعبت يا تيم.. سيبني أرتاح.
لم يجبها بل ضمها لصدره يكاد يعتصرها بداخله فزادت من ضمها إليه تلتمس دفء قلبه حتي هدأت تماماً.. أبعدها عن حضنه ببطء ثم سألها: أحسن؟!
أومأت بموافقه فأمسك بيدها ثم جلس أرضاً و أجلسها بجانبه.
تحدث متسائلاً: ليه يا ماريا؟!
نظرت له ببكاء صامت فمدّ أنامله الحانيه و مسح عَبراتها التي مسّت قلبه و قال:مينفعش من أول محاوله تسلّمي و تقولي
خلاص مش عارفه أكمل.. إنتي جواكي نضيف جداً و نقي جداً.. بس لازم تحاولي.. تعالي علي نفسك مره و اتنين و تلاته و مع الوقت كل حاجه هتتعدل.
_بس أنا مش عارفه أكمل فعلاً و مش عايزه أكمل.. هكمل ليه ولا عشان مين؟!
=عشان نفسك مش عشان حد.
_نفسي؟! هي فين نفسي؟! أنا مش لاقيه نفسي يا تيم.. أنا ضايعه.
=مسألة وقت.. دوري عليها و هتلاقيها.. دوري علي ماريا البنت الجميله البريئه.. دوري علي ماريا الطفله.
_ماريا الطفله ماتت هنا من 19سنه.. يوم ما شافت أمها و هي بترمي نفسها من نفس المكان ده.
نظر لها بإندهاش و صدمه فأكملت بحسره: كنت هموت بنفس الطريقه اللي ماتت بيها زي ما عشت بنفس القهره اللي عاشت بيها.
تسائل مشدوهاً: هي إنتحرت ولا حد عمل كده؟!
أجابت بـ تِيـه: تيته قالتلي إنها إكتئبت من اللي كان بابا بيعمله فيها.. كان كل يوم مع واحده و ييجي آخر اليوم يعيط و يقولها سامحيني يا ملاك أنا بحبك.
=كان إسمها "ملاك" ؟!
_و كانت ملاك فعلاً.. تيته بتحكيلي إنها كانت جميله جداً و هاديه و قلبها أبيض زي الملايكه فعلاً.. و كانت بتحب بابا
جداً.. كانت بتسامحه دايماً لدرجة إنها دخلت في حاله نفسيه من كتر ما بتضغط علي نفسها و بتتحمل فوق طاقتها.
أسندت رأسها إلي رأسه ثم قالت: كان المفروض هو يقدر ده و يحتويها و يخفف عنها لكن محصلش.. فضل يكبت فيها و يقلل من شأنها و يهز ثقتها في نفسها ووصلها لأنها كرهت نفسها و
رمت نفسها من هنا.. ثم أدارت وجهه بيديها و قالت بحاله من اللاوعي: شوف.. شوف يا تيم.. أنا كنت هعمل زيها.. كنت هموت زيها زي ما طول عمري عايشه زيها.
أجهشت بالبكاء فأمسك بيدها بين يديه ثم قال: إنتي هتعيشي يا ماريا.. هتعيشي حياه أحسن من اللي مامتك عاشتها و هتعملي بيت و عيله و يكون عندك ولاد و زوج بيحبك كمان.
ضحكت بسخريه ثم قالت: هه.. هتجوز إزاي يا تيم؟! أتجوز عشان أسرق جوزي وولادي؟!
_بطلي سلبيه.. ده مش مرض مزمن متبقيش عبيطه.. انتي محتاجه إراده بس و شوية ثقه و هتبقي زي الفل.. و إعملي حسابك بكره هنروح للدكتور.
نظرت له دون أن تنطق فضربها علي جبهتها بمزاح و قال: ايه مش عاجبك؟!
تبسمت بخفه ثم قالت: لا عاجبني.. آااه صحيح مقولتليش إيه اللي حصل إمبارح؟!
تنهد بقوة ثم قال: اللي حصل يا ستي إني خليت حد بيفهم في الموبايلات و الهكر و كده بعتله لينك هكر بصورة مش كويسه.. ف طبعاً أول ما شاف الصوره فتحها زي الأهبل و تليفونه كله اتمسح.
تسائلت بقلق: يعني كده الفيديو مش هيعرف يرجعه تاني؟!
_لو علي التليفون بس يستحيل يعرف يرجعه.
=يعني ممكن يكون نقل الفيديو علي لاب أو فلاشه.
_إحتمال ضعيف.. بس عالعموم ماهر قاللي إنهم فتشوا الشقه كويس جداً و ملقوش فيها حاجه زي كده لأن لو كان موجود حاجات من دي بناخدها و بيجيلها خبير بقا و حوار.
=و قبضوا عليه إزاي؟!
نظر لها ثم ضحك بسخريه و قال: بأمر ضبط و إحضار باطل.
_باطل إزاي مش فاهمه؟!
=يعني مش معتمَد من النيابه العامه.
نظرت له بدهشه ثم سألته قائله: إزاي ده؟! طيب إنت كده مش هتتجازي؟!
أجاب بهدوء: أكيد هتجازي و ماهر كمان للأسف بس مكانش قدامي غير الحل ده.
قالت بإستياء: طب ليه تعرض نفسك لكده ما كنتوا تقبضوا عليه وخلاص.
_هنقبض عليه إزاي مهو أكيد مكانش هيتحرك معاهم إلا لما يشوف أمر الضبط و الإحضار.. و انا كان لازم أعطله و أضمن
إنه ميتعرضش ليكي خصوصاً و أنا مش جمبك و مش ضامن هيعمل إيه.... سكت قليلاً ثم أكمل بأسف: أو هيعملوا إيه؟!
هزت رأسها بإستفهام فقال: مكانش لوحده في الشقه.. كان معاه إتنين صحابه.. إنتي ربنا وحده اللي أنقذك من اللي كان هيحصل.. كويس إنك إتصرفتي صح و كلمتيني.
قالت بندم: يا ريتني ما كلمتك لو أعرف إنك هتتأذي في شغلك مكنتش كلمتك.
قال بهدوء و لا مبالاه و هو يعيد خصلة متمرده من شعرها خلف أذنها: كله يهون عشانك يا ست البنات.
أسرتها كلمته.. أصابت سهامه قلبها فنظرت له بتبسم قائله: ست البنات!
أومأ برأسه قائلاً: امممم.. ست البنات وأحلاهم كمان..بس تسمعي الكلام و تعقلي و إياكي تعملي اللي كنتي هتعمليه ده تاني.
قالت بإمتنان: مش عارفه هفضل أقولك شكرا لحد إمتا؟!
_من غير شكرا.. أنا معاكي لحد ما تبقي تمام و مش محتاجه لحد.
=و بعدها؟!
_معاكي بردو.
قال الأخيره بإبتسامه فقابلتها هي بإبتسامه أكبر فقال: أنا هقوم بقا الساعه بقت 7 يدوب أروح أجهز و أنزل عشان أشوف هعمل إيه و هكلم الدكتور و احجز ميعاد لينا و هبقا أكلمك أبلغك.
زمت شفتاها و أومأت برأسها في موافقه فقال: يلا إنزلي نامي و لما تصحي كلميني.. و انا هنزل وراكي.
_ماشي.. باي.
إبتسم ثم اشار مودعاً إياها: باي.
نزل مسرعاً و ركب سيارته عائداً إلي البيت.. دخل و إستعد أبدل ثيابه ثم نزل آخذاً طريقه نحو العقاب المجهول.
💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥
في أسوان...
حاول والد تيم الإتصال به مرات عديده دون جدوي..حاول أن يتواصل مع "ماهر" فوجد هاتفه مغلق..إستمع إلي صخب إبنته فقال: في ايه يبنتي نازله السلم جري كده ليه؟!
_إلحق يا بابا شوف مكتوب إيه علي صفحة "أخبار أسوان"
=في إيه وريني.
''النيابه العامه تقرر إحالة النقيب" تيم محمد داود" و ملازم. أول "ماهر السيد علي "للتحقيق في واقعتي القبض علي مواطن بدون وجه حق و حجز مواطن بدون وجه حق'''
💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥
يقف تيم أمام المحقق بعد أن تم إستدعاؤه للتحقيق في ما هو منسوب إليه.
المحقق:بردو مصمم إن"ماهر السيد علي"ملوش دخل.
تيم بهدوء:أيوة يا فندم.
المحقق:طيب..رأيك إيه في التهم المنسوبه إليك بالتحايل و إصدار أمر ضبط و إحضار بدون آذن النيابه العامه و تنفيذ الأمر.
تيم:حضرتك أنا عملت كده كنت بحاول أنقذ بنت من محاولة إبتزاز رخيصه كان هيترتب عليها حاجات أكبر.
المحقق:تقدر تحكي تفاصيل؟!
تيم:للأسف مش هينفع.
المحقق:بس كده لو ثبتت التهمه و إنك إستخدمت بند التحايل هتعتبر جنايه و هتكون العقوبه مشدده.
تيم:و انا معنديش كلام زياده أقوله.
المحقق:يتم إحالة'تيم محمد داود' إلي محكمة جنايات القاهره للنظر في القضيه و النطق بالحكم.
💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥
داخل قاعة محكمة الجنايات...
القاضي:بعد الإطلاع علي الأوراق و سماع شهادة الشهود..حكمت المحكمه حضوريا علي المتهم"تيم محمد داود" بالسجن المشدد ثلاث سنوات علي أن يحرم نيشانه.
