أخر الاخبار

رواية اكثر تملكا الفصل الخامس والعشرون25بقلم فاطمة احمد

رواية اكثر تملكا الجزء الثاني2 من ملك للقاسي الفصل الخامس والعشرون25بقلم فاطمة احمد
 


أمسك يدها يسحبها لكن يارا أفلتتها و صرخت بحدة :

- قولتلك انا مش هجي معاك لمكان و بكره هتصل بجدي يجي يشوف حل معاك لأنك بقيت لا تطاق يا ادم ومحدش قادر يستحملك !!


اندهش من هجومها العنيف و تسارعت أنفاسه الغاضبة لكنه حاول قدر الإمكان السيطرة على نفسه و عدم الإنفعال على هذه الصغيرة الغبية الآن ، بلل شفتيه و غمغم بصلابة :

- بما اني لا أطاق ومحدش قادر يستحملني هقولك لآخر مرة تعالي معايا و بطلي تصرفات العيال ديه و الا هحققلك كلامك و اعمل حاجات تخليكي متقدريش تبصي في وشي.


انتبهت لكلماته الغامضة و حاولت تفسيرها لكنها لم تستطع فرفعت حاجبيها معا و هزت كتفها تردف بثقة :

- انا قررت انزل البلد بكره و اقعد اسبوع اريح نفسي لحد ما ترجع انت في قرارك يا ادم ... و لحد ما يجي اليوم ده مش هنام معاك في نفس الاوضة ولا هسمحلك تشوف وشي !!


لحظات صغيرة مرت لتجد يارا نفسها مستلقية على الفراش و ادم يجثم فوقها إثر دفعه لها بقوة و إنحنائه عليها يكبل يديها بقوة و يمنعها عن التحرك ، شهقت بهلع و طالعت تشنجات وجهه و فكه المحتد بغضب قبل ان يغمغم بغضب مكبوت :

- جتلك الجرأة منين عشان تكلميني كده ها اسبوع ايه اللي ناوية تتنيلي تغيبيه و متسيبنيش اشوف وشك انتي فاكرة نفسك مين فهميني ! شكلك نسيتي ادم بتاع زمان و حنيتي معاكي خلتك تفتكري اني اتغيرت وتقدري تسيطري عليا لا يا يارا فوقي و اعرفي انتي بتتعاملي مع مين دماغك الناشفة ديه انا كفيل اكسرها متخلنيش اتغابى عليكي لأنك الوحيدة اللي هتندمي.


كانت عيناه تنضحان بالقسوة و الجفاء اللذان عانت منهما كثيرا في بداية علاقتهما و الآن بعدما تعودت على حنانه و رقته معها هاهو يعود الى طبيعته ، قاسي القلب و بليد المشاعر و صعب المراس يتحكم في مصائر الناس و يقرر عنهم دون اهتمام لحريتهم ، ها هو ينظر لها بذلك الغضب و يقبض على معصميها بشدة آلمتها و يزجرها بكلماته المهددة إن ادم لم يتغير مثلما اعتقدت ما زال ذو طبيعة عنيفة متسلطة تجعله غيره يذعر و ينفر منه.


التمعت عينا يارا بالدموع فأشاحت وجهها للجهة المعاكسة بعيدا عن تطليعاته و رفضت ان تتكلم فتظهر غصة البكاء في نبرتها بوضوح ، إنحنى عليها ادم اكثر و همس بالقرب من أذنها :

- انتي كلمتي حد من البلد ؟ انا بسألك ردي عليا !


هزت رأسها ببطئ نافية فتنهد بخشونة و نهض عنها بعدما لاحظ انه يضغط على يديها بقوة لان بعض الشي وهو يرى دموعها المحتجزة داخل مقلتيها وجهها المحمر من كثرة كتم البكاء فحمحم بهدوء :

- معلش مخدتش بالي اني شديت على ايديكي جامد بس .... انا بتنرفز لما تحسسيني انك هتمشي و تسيبيني مبحبش اسمع منك الكلام ده و مبحبش انام من غيرك قومي خلينا نرجع لأوضتنا.


اعتدلت يارا جالسة و أردفت بحزم :

- وانا عايزة افضل لوحدي شويا مادام انت مش ناوي تحكيلي ع اللي في دماغك يبقى مفيش داعي لوجودك هنا. 


أطبق جفنيه يعتصرهما بقوة و يلعن تحت أنفاسه محاولا قدر الإمكان أن يهدأ ولا يكسر هذه الغرفة بما فيها ، بالتأكيد هو لا يريد إخافتها و إثارة رعبها منه سيعود الى نقطة الصفر اذا استسلم لغضبه الآن يجب عليه ان يهدأ و يتفهمها ليس من السهل إخبار أحدهم بضرورة تخليه عن دراسته لفترة من الزمن و دون سبب وجيه ادم يدرك كم أن يارا طالبة مجتهدة تعشق الدراسة بالطبع لن تتقبل ؤفضه لذهابها الى الجامعة ، هل عليه إخبارها ان هناك من يهدد حياتها و حياة طفلتهما ؟ هل يخبرها انه يتعرض لمؤامرات عديدة و اعداؤه يسعون لأذيته في عمله و عائلته و يخاف عليها من تعرضها للأذى ؟


افاق من شروده على همساتها الخافتة :

- انت خايف من حاجة صح ؟ خايف لو طلعت برا البيت اتعرض للأذى و متقدرش تحميني ؟


وضعت يدها على بطنها و شعرت بإحتباس أنفاسها وهي تكمل بخوف :

- الناس اللي ... اللي خلتني مدمنة لسه بتحاول تأذيك ومش هتوقف غير لما ..... ادم حياتي و حياة بنتي في خطر وانت عايز تحمينا عشان كده رفضت اخرج ؟؟


راقب ملامحها تنكمش بذعر حقيقي و أناملها تتحسس بطنها ليهمهم بتريث :

- مفيش حاجة من الكلام ده لا حياتك ولا حياة بنتنا في خطر محدش بيقدر يقرب منكو طول مانا عايش .... خلينا نقفل السيرة ديه و نروح ننام.


فقدت هدوءها المزعوم لتنهض و تصرخ :

- انا قولت مش هجي معاك ايه انت مبتفهمش ؟!


- ياااارااا !!

صاح وهو يرفع يده ليمسك ذراعها لكنها تراجعت للخلف تغطي وجهها بحركة تلقائية ليتسمر ادم مكانه متيقنا انها حسبته سيضربها ، و حقا لو لم يعد نفسه بأن لا يرفع يده عليها مجددا لكان فعلها منذ دخوله لهذه الغرفة !


ازاحت يارا كفيها ببطئ تتطلع فيه بمقلتين دامعتين فأطلق سباب لاذع و لكم الحائط بجانبه مزمجرا :

- لو فاكرة اني هقضي طول الليل اترجاكي تبقي غلطانة ان شاء الله عنك ما جيتي معايا ولو عايزة الصراحة انا اللي برفضك دلوقتي ومش عايزك تنامي معايا في اوضة واحدة.


شهقت بصدمة من كلماته و انهمرت دموعها الصامتة وهي تتألم لكرامتها المهانة لكنها رفضت الإنصياع لذله ف أبعدت وجهها عنه قائلة :

- تمام احنا كده خالصين.


جز ادم على اسنانه و ركل الطاولة الخشبية الصغيرة متمتما بكلمات ساخطة لم تستطع يارا تبينها رغم وضوح ماهيتها جيدا ، غادر الأخير غرفتها بعدما أخذ هاتفها و تركها تطالع أثره في دهشة لتهمس أخيرا :

- تلفوني خده ليه دلوقتي مش كفاية عزلني عن العالم الخارجي عايزني مكلمش حد كمان ! ماشي يا ادم انا هسيب الليلة ديه تعدي و بكره اوريك ان ما وريتك نجوم الظهر مش هيبقى اسمي يارا.


________________________

في الداخلية.


كان جالسا يدرس آخر مستجدات القضية التي يعمل عليها حتى سمع طرق الباب ليدخل بعدها الضابط مروان متحدثا بعملية :

- ضابط ادهم انت طلبتني اجي مكتبك ضروري في جديد ؟


هز رأسه مشيرا له بالجلوس و أردف وهو يضع امامه الملف :

- احنا اتواصلنا مع مديرية الأمن في الصعيد و هنتعاون مع بعض عشان نوقعهم و من شويا بعتولنا صور و وثائق تخص القضية ، العميل اللي دخلناه وسط المنظمة قال ان عمر الشافعي خرج عن طور أبوه و بيجهز لإنقلاب كبير عليه و على زعيمهم و سرق مستندات مهمة و باعها لمنافسينهم.


تفحص مروان الأوراق ليعقد حاجبيه مهمهما :

- يعني خطتنا نجحت و العميل قدر يسيطر على دماغ عمر و يخليه يقف ضد ابوه و زعيمهم ممتاز كل حاجة بتمشي زي ما رتبنا وعن قريب هنفكك الخلية الإجرامية و نقبض على الراس الكبيرة.


نظر له ادهم و هتف بجدية :

- و على مايجي الوقت ده مهمتنا نحمي العيلة سواء اللي في الصعيد او أهل ادم اللي هنا عشان وصلتلنا معلومات تأكد ان في ناس بتراقب تحركات كل فرد من عيلة الشافعي ادم كان ملاحظ ده من فترة و شكه زاد لما كنا قاعدين انا وهو فمكان معزول شويا وسمعنا صوت حركة قريب و طلب مني إتحرى ....


صمت يسترجع أنفاسه المسلوبة بسبب الإنفعال ليتابع مروان بحسابية :

- و اكتشفت انكو متراقبين يعني عايز تقول ان عيلة الشافعي في خطر وكل خطوة بتعملها ممكن تتأذى فيها .... حتى انت و أهلك يا ضابط ادهم !!


زفر بخنق و عاد بظهره للخلف هاتفا في سخط :

- علي طمعه خلاه ينسى ان عنده عيلة عرضهم للخطر و قتل اخوه و حاول يقتل ادم دلوقتي حتى ابنه عمر معرض لأنه يتقتل في اي لحظة ، ياريت مصممتش استلم القضية و انسحبت اول ما الجهات العليا رفضت دخولي على الاقل مكنتش هضطر استحمل وجود اتنين زي دول في حياتي.


- القضية مش فاضلها كتير عشان تتحل احنا قربنا اوي من هدفنا و عن قريب هيطلع قرار ب إلقاء القبض ع عمر و علي الشافعي ، احم انا شغلي خلص ولازم امشي يلا عن اذنك.

نهض مروان و أخذ الملف معه تاركا ادهم يطالع السقف بشرود ، أخرج هاتفه و طلب إحدى الأرقام منتظرا الرد.


بعد ثوان وصله صوت ابن عمه الغاضب :

- ايوة يا ادهم ؟


عقد حاجباه بغرابة :

- باين من صوتك انك مدايق في حاجة ؟


دلك ادم جبينه بإصبعيه السبابة و الإبهام قائلا بجفاء :

- لا مفيش انت بتتصل ليه عرفت معلومة جديدة ؟


هز ادهم رأسه بإيجاب كأنه يراه و رد :

- في ناس بتراقب خطواتك انت و كل فرد من عيلتك لازم تنتبه اكتر عشان ممكن يأذوك احنا حطينا حراسة بس مع ذلك خلي بالك ، الوضع بقى سيء حتى على عمر و أبوه دول متعاونين مع خلية إجرامية خطيرة وممكن في اي لحظة يقتلوهم.


همهم ادم بحدة :

- انا المهم عيلتي متتأذاش غير كده  محدش بيهمني سواء عاشو ولا ماتو مبيخصنيش !!


- رد عليا مالك انت مش طايق نفسك كده ليه متخانق مع مراتك ؟

سأله ادهم بجدية ليتأفف الآخر و يجيب :

- الدراسة قربت تبدا و يارا عايزة تسجل.


همهم بدهاء وهو يبتسم :

- وطبعا انت رفضت و قولتلها لأ انا مش عايزك تدرسي و هلغيلك السنة ديه وهي رفضت و اتخانقتو عشان كده صح ؟ هو بجد انت مستني منها تقبل ب الوضع ده و تقولك حاضر يا حبيبي مش هرجع ع الكلية المهم انت ترضى عني.


إستشعر ادم لهجته الساخرة فجز على أسنانه بغضب :

- اعمل ايه يعني حياة الكل في خطر و يارا اكتر واحدة اتأذت منه ايه عايزني اعمل من بنها و اقولها اخرجي و ادخلي براحتك الدنيا أمان عليكي ! وبعدين مش انت دخلت لارا بيتك و منعت عليها الخروج عشان تحميها مستغرب من تصرفي ليه دلوقتي ؟؟


كتم ضحكته بصعوبة ولولا خوفه من سماع شتائم على لسان ابن عمه لكان قهقه بأعلى صوته ، تنحنح و هتف بنبرة هادئة :

- اولا لارا كانت المستهدفة الوحيدة ولو خرجت ربع دقيقة كانو هيقتلوها فورا و اتوقع انت عارف اللي حصلها لما جربت تهرب مني ، ثانيا هي كانت فاهمة الوضع كويس يعني انا مخبيتش عليها بس انت مراتك مش مستهدفة محدش عايز يقتلها لا يارا متراقبة زي ما انتو كلكم متراقبين محدش عايز يأذيها هي شخصيا تقدر نضمن سلامتها لو حطينا ليها حراسة ، و تاني حاجة هي مش فاهمة اللي بيحصل ولا عارفة السبب الحقيقي ورا رفضك خروجها من البيت مبتقدرش تقنعها بحجج غريبة وطبعا مينفعش تحكيلها الحقيقة عشان كده ....


صمت ولم يكمل جملته بينما ادم يدور حول نفسه و يشد خصلات شعره بإنفعال يفكر في كلامه بجدية حتى قال :

- انا تعبان و لازم اقفل دلوقتي يلا سلام.

- سلام.


اغلق الخط و رمى الهاتف على السرير بإهمال مرددا :

- مبقدرش اخاطر بحياتها مبقدرش حتى لو عيطت و صوتت و زعقت يومين وبتسكت المهم عندي سلامتها.


* في الصعيد.

داخل سرايا الشافعي.

كانت العائلة متجمعة في الصالون يتكلمون حول العمل تارة و أحاديث جانبية تارة أخرى حتى نطق سليم بخشونة :

- ولدي علي إني عايز تقرير المشروع اللي بتستثمروه ياريت بكره تبعتهولي.


استغرب من سؤاله حول مشروع قدمه له بنفسه لكنه لم يرد مجادلته فأومأ مجيبا :

- أمرك يا بوي ده حجك بكره اول ما الشمس تطلع هتلاجيه عنديك.


ههم بإستحسان و نظر الى عمر الجالس بإستكانة و قال :

- وانت يا حفيدي مش لازم تتجوز و تجيب عيال يملو علينا البيت مرايدناش نفرح بيك ولا ايه.


رفع رأسه مهمهما ببرود :

- و هو في حد مبيعوزش يتجوز و يعمل عيلة يا جدي.


ابتسم سليم بإستحسان :

- طب انت رايد بنت معينة شاورلنا علينا ولو لجيتها مناسبة هنطلبهالك ع الطول.


- إني مش رايد غير بنت عمي يارا يا حج.


شهقت زهرة بصدمة بينما نهض سليم صارخا :

- انت بتجول ايه اتجننت اياك يارا مين اللي عايز تتجوزها نسيت انها مرت ابن عمك و حبله ببنته انت بتخرف !!


وقف عمر أمامه و اشتعلت عيناه بحقد مردفا :

- بس إني اللي حبيتها الاول و نويت اتجوزها و ادم خطفها مني ولو متجوزتهاش مهتجوزش غيرها ا....


لم يكمل كلامه بسبب الصفعة العنيفة التي تلقاها من جده يتبعها صراخه :

- انت واعي لكلامك يا عرة الرجالة حاطط عينك على حرم أخوك و بكل عين وجحة بتجولها في وشي ايه محدش جادر عليك ولا ايه.


قبض على يده بشدة و احمرت عيناه بشكل مريب جعل والده يتيقن ان إبنه ليس بوعيه ومن الممكن ان يكون ثملا او مستهلكا مادة مخدرة خاصة عندما صاح بأعلى صوته :

- ادم ادم ادم إني زهجت من تفضيله عليا هو مش اخويا إني بكرهه يا جدي لأنه خد مني كل اللي بحلم بيه و عمري مهعتبره واحد من عيلتي بالعكس إني شايفه عدوي و يارا البنت الوحيدة اللي نويت اتجوزها برضايا بس كيه العادة انت سلمتها ليه و نسيت إني طلبتها من ابوها و منيك جبل منه ! 


تلقى صفعة أخرى من سليم المنصدم من وقاحته و حلمه بالزواج من إمرأة إبن عمه ثم أمسكه من تلابيب ثوبه و زمجر بخشونة :

- إني هعمل نفسي مسمعتش كلامك ده واصل شيل الهبل ده من دماغك يا ولد علي و إلا جسما بالله هنسى انك حفيدي و اجتلك بنفسي سامعني كفاياك عاد تخبيص و جلة جيمة ! امشي من وشي و متخلنيش اشوفك لحد ما تحط عجلك في راسك امشي !!


كتم صراخه داخله و طالع الموجودين دون إستثناء بغل و توعد ثم صعد الى غرفته و أخرج زجاجة الخمر من خزانته يتجرعها بشراهة ، ألقاها على الأرض و جلس على سريره هامسا :

- جسما بالله هنتجم منكو و خلص عليكم واحد واحد يا عيلة الشافعي و اولهم انت يا ادم بس محتاج شوية وجت مشان اوصل للجمة ساعتها مهرحمش حد فيكو واصل ..... استنو عليا بس !! 



أمسك يدها يسحبها لكن يارا أفلتتها و صرخت بحدة :

- قولتلك انا مش هجي معاك لمكان و بكره هتصل بجدي يجي يشوف حل معاك لأنك بقيت لا تطاق يا ادم ومحدش قادر يستحملك !!


اندهش من هجومها العنيف و تسارعت أنفاسه الغاضبة لكنه حاول قدر الإمكان السيطرة على نفسه و عدم الإنفعال على هذه الصغيرة الغبية الآن ، بلل شفتيه و غمغم بصلابة :


- بما اني لا أطاق ومحدش قادر يستحملني هقولك لآخر مرة تعالي معايا و بطلي تصرفات العيال ديه و الا هحققلك كلامك و اعمل حاجات تخليكي متقدريش تبصي في وشي.


انتبهت لكلماته الغامضة و حاولت تفسيرها لكنها لم تستطع فرفعت حاجبيها معا و هزت كتفها تردف بثقة :



- انا قررت انزل البلد بكره و اقعد اسبوع اريح نفسي لحد ما ترجع انت في قرارك يا ادم ... و لحد ما يجي اليوم ده مش هنام معاك في نفس الاوضة ولا هسمحلك تشوف وشي !!


لحظات صغيرة مرت لتجد يارا نفسها مستلقية على الفراش و ادم يجثم فوقها إثر دفعه لها بقوة و إنحنائه عليها يكبل يديها


 بقوة و يمنعها عن التحرك ، شهقت بهلع و طالعت تشنجات وجهه و فكه المحتد بغضب قبل ان يغمغم بغضب مكبوت :


- جتلك الجرأة منين عشان تكلميني كده ها اسبوع ايه اللي ناوية تتنيلي تغيبيه و متسيبنيش اشوف وشك انتي فاكرة


 نفسك مين فهميني ! شكلك نسيتي ادم بتاع زمان و حنيتي معاكي خلتك تفتكري اني اتغيرت وتقدري تسيطري عليا لا يا


 يارا فوقي و اعرفي انتي بتتعاملي مع مين دماغك الناشفة ديه انا كفيل اكسرها متخلنيش اتغابى عليكي لأنك الوحيدة اللي هتندمي.


كانت عيناه تنضحان بالقسوة و الجفاء اللذان عانت منهما كثيرا في بداية علاقتهما و الآن بعدما تعودت على حنانه و رقته معها هاهو يعود الى طبيعته ، قاسي القلب و بليد المشاعر و


 صعب المراس يتحكم في مصائر الناس و يقرر عنهم دون اهتمام لحريتهم ، ها هو ينظر لها بذلك الغضب و يقبض على


 معصميها بشدة آلمتها و يزجرها بكلماته المهددة إن ادم لم يتغير مثلما اعتقدت ما زال ذو طبيعة عنيفة متسلطة تجعله غيره يذعر و ينفر منه.


التمعت عينا يارا بالدموع فأشاحت وجهها للجهة المعاكسة بعيدا عن تطليعاته و رفضت ان تتكلم فتظهر غصة البكاء في نبرتها بوضوح ، إنحنى عليها ادم اكثر و همس بالقرب من أذنها :

- انتي كلمتي حد من البلد ؟ انا بسألك ردي عليا !


هزت رأسها ببطئ نافية فتنهد بخشونة و نهض عنها بعدما لاحظ انه يضغط على يديها بقوة لان بعض الشي وهو يرى


 دموعها المحتجزة داخل مقلتيها وجهها المحمر من كثرة كتم البكاء فحمحم بهدوء :



- معلش مخدتش بالي اني شديت على ايديكي جامد بس .... انا بتنرفز لما تحسسيني انك هتمشي و تسيبيني مبحبش اسمع منك الكلام ده و مبحبش انام من غيرك قومي خلينا نرجع لأوضتنا.


اعتدلت يارا جالسة و أردفت بحزم :

- وانا عايزة افضل لوحدي شويا مادام انت مش ناوي تحكيلي ع اللي في دماغك يبقى مفيش داعي لوجودك هنا. 


أطبق جفنيه يعتصرهما بقوة و يلعن تحت أنفاسه محاولا قدر الإمكان أن يهدأ ولا يكسر هذه الغرفة بما فيها ، بالتأكيد هو لا


 يريد إخافتها و إثارة رعبها منه سيعود الى نقطة الصفر اذا استسلم لغضبه الآن يجب عليه ان يهدأ و يتفهمها ليس من



 السهل إخبار أحدهم بضرورة تخليه عن دراسته لفترة من الزمن و دون سبب وجيه ادم يدرك كم أن يارا طالبة مجتهدة تعشق الدراسة بالطبع لن تتقبل ؤفضه لذهابها الى الجامعة ، هل عليه



 إخبارها ان هناك من يهدد حياتها و حياة طفلتهما ؟ هل يخبرها انه يتعرض لمؤامرات عديدة و اعداؤه يسعون لأذيته في عمله و عائلته و يخاف عليها من تعرضها للأذى ؟


افاق من شروده على همساتها الخافتة :

- انت خايف من حاجة صح ؟ خايف لو طلعت برا البيت اتعرض للأذى و متقدرش تحميني ؟







وضعت يدها على بطنها و شعرت بإحتباس أنفاسها وهي تكمل بخوف :

- الناس اللي ... اللي خلتني مدمنة لسه بتحاول تأذيك ومش هتوقف غير لما ..... ادم حياتي و حياة بنتي في خطر وانت عايز تحمينا عشان كده رفضت اخرج ؟؟


راقب ملامحها تنكمش بذعر حقيقي و أناملها تتحسس بطنها ليهمهم بتريث :

- مفيش حاجة من الكلام ده لا حياتك ولا حياة بنتنا في خطر محدش بيقدر يقرب منكو طول مانا عايش .... خلينا نقفل السيرة ديه و نروح ننام.


فقدت هدوءها المزعوم لتنهض و تصرخ :

- انا قولت مش هجي معاك ايه انت مبتفهمش ؟!


- ياااارااا !!

صاح وهو يرفع يده ليمسك ذراعها لكنها تراجعت للخلف تغطي وجهها بحركة تلقائية ليتسمر ادم مكانه متيقنا انها حسبته


 سيضربها ، و حقا لو لم يعد نفسه بأن لا يرفع يده عليها مجددا لكان فعلها منذ دخوله لهذه الغرفة !


ازاحت يارا كفيها ببطئ تتطلع فيه بمقلتين دامعتين فأطلق سباب لاذع و لكم الحائط بجانبه مزمجرا :


- لو فاكرة اني هقضي طول الليل اترجاكي تبقي غلطانة ان شاء الله عنك ما جيتي معايا ولو عايزة الصراحة انا اللي برفضك دلوقتي ومش عايزك تنامي معايا في اوضة واحدة.


شهقت بصدمة من كلماته و انهمرت دموعها الصامتة وهي تتألم لكرامتها المهانة لكنها رفضت الإنصياع لذله ف أبعدت وجهها عنه قائلة :

- تمام احنا كده خالصين.


جز ادم على اسنانه و ركل الطاولة الخشبية الصغيرة متمتما بكلمات ساخطة لم تستطع يارا تبينها رغم وضوح ماهيتها جيدا ، غادر الأخير غرفتها بعدما أخذ هاتفها و تركها تطالع أثره في دهشة لتهمس أخيرا :



- تلفوني خده ليه دلوقتي مش كفاية عزلني عن العالم الخارجي عايزني مكلمش حد كمان ! ماشي يا ادم انا هسيب الليلة ديه تعدي و بكره اوريك ان ما وريتك نجوم الظهر مش هيبقى اسمي يارا.


________________________

في الداخلية.


كان جالسا يدرس آخر مستجدات القضية التي يعمل عليها حتى سمع طرق الباب ليدخل بعدها الضابط مروان متحدثا بعملية :

- ضابط ادهم انت طلبتني اجي مكتبك ضروري في جديد ؟








هز رأسه مشيرا له بالجلوس و أردف وهو يضع امامه الملف :

- احنا اتواصلنا مع مديرية الأمن في الصعيد و هنتعاون مع بعض عشان نوقعهم و من شويا بعتولنا صور و وثائق تخص


 القضية ، العميل اللي دخلناه وسط المنظمة قال ان عمر الشافعي خرج عن طور أبوه و بيجهز لإنقلاب كبير عليه و على زعيمهم و سرق مستندات مهمة و باعها لمنافسينهم.


تفحص مروان الأوراق ليعقد حاجبيه مهمهما :

- يعني خطتنا نجحت و العميل قدر يسيطر على دماغ عمر و يخليه يقف ضد ابوه و زعيمهم ممتاز كل حاجة بتمشي زي ما رتبنا وعن قريب هنفكك الخلية الإجرامية و نقبض على الراس الكبيرة.


نظر له ادهم و هتف بجدية :

- و على مايجي الوقت ده مهمتنا نحمي العيلة سواء اللي في الصعيد او أهل ادم اللي هنا عشان وصلتلنا معلومات تأكد ان في ناس بتراقب تحركات كل فرد من عيلة الشافعي ادم كان


 ملاحظ ده من فترة و شكه زاد لما كنا قاعدين انا وهو فمكان معزول شويا وسمعنا صوت حركة قريب و طلب مني إتحرى ....


صمت يسترجع أنفاسه المسلوبة بسبب الإنفعال ليتابع مروان بحسابية :


- و اكتشفت انكو متراقبين يعني عايز تقول ان عيلة الشافعي في خطر وكل خطوة بتعملها ممكن تتأذى فيها .... حتى انت و أهلك يا ضابط ادهم !!


زفر بخنق و عاد بظهره للخلف هاتفا في سخط :

- علي طمعه خلاه ينسى ان عنده عيلة عرضهم للخطر و قتل اخوه و حاول يقتل ادم دلوقتي حتى ابنه عمر معرض لأنه يتقتل في اي لحظة ، ياريت مصممتش استلم القضية و


 انسحبت اول ما الجهات العليا رفضت دخولي على الاقل مكنتش هضطر استحمل وجود اتنين زي دول في حياتي.


- القضية مش فاضلها كتير عشان تتحل احنا قربنا اوي من هدفنا و عن قريب هيطلع قرار ب إلقاء القبض ع عمر و علي الشافعي ، احم انا شغلي خلص ولازم امشي يلا عن اذنك.


نهض مروان و أخذ الملف معه تاركا ادهم يطالع السقف بشرود ، أخرج هاتفه و طلب إحدى الأرقام منتظرا الرد.


بعد ثوان وصله صوت ابن عمه الغاضب :

- ايوة يا ادهم ؟


عقد حاجباه بغرابة :

- باين من صوتك انك مدايق في حاجة ؟


دلك ادم جبينه بإصبعيه السبابة و الإبهام قائلا بجفاء :

- لا مفيش انت بتتصل ليه عرفت معلومة جديدة ؟


هز ادهم رأسه بإيجاب كأنه يراه و رد :

- في ناس بتراقب خطواتك انت و كل فرد من عيلتك لازم تنتبه اكتر عشان ممكن يأذوك احنا حطينا حراسة بس مع ذلك


 خلي بالك ، الوضع بقى سيء حتى على عمر و أبوه دول متعاونين مع خلية إجرامية خطيرة وممكن في اي لحظة يقتلوهم.


همهم ادم بحدة :

- انا المهم عيلتي متتأذاش غير كده  محدش بيهمني سواء عاشو ولا ماتو مبيخصنيش !!


- رد عليا مالك انت مش طايق نفسك كده ليه متخانق مع مراتك ؟

سأله ادهم بجدية ليتأفف الآخر و يجيب :

- الدراسة قربت تبدا و يارا عايزة تسجل.


همهم بدهاء وهو يبتسم :

- وطبعا انت رفضت و قولتلها لأ انا مش عايزك تدرسي و هلغيلك السنة ديه وهي رفضت و اتخانقتو عشان كده صح ؟


 هو بجد انت مستني منها تقبل ب الوضع ده و تقولك حاضر يا حبيبي مش هرجع ع الكلية المهم انت ترضى عني.


إستشعر ادم لهجته الساخرة فجز على أسنانه بغضب :

- اعمل ايه يعني حياة الكل في خطر و يارا اكتر واحدة اتأذت منه ايه عايزني اعمل من بنها و اقولها اخرجي و ادخلي


 براحتك الدنيا أمان عليكي ! وبعدين مش انت دخلت لارا بيتك و منعت عليها الخروج عشان تحميها مستغرب من تصرفي ليه دلوقتي ؟؟


كتم ضحكته بصعوبة ولولا خوفه من سماع شتائم على لسان ابن عمه لكان قهقه بأعلى صوته ، تنحنح و هتف بنبرة هادئة :



- اولا لارا كانت المستهدفة الوحيدة ولو خرجت ربع دقيقة كانو هيقتلوها فورا و اتوقع انت عارف اللي حصلها لما جربت تهرب مني ، ثانيا هي كانت فاهمة الوضع كويس يعني انا


 مخبيتش عليها بس انت مراتك مش مستهدفة محدش عايز يقتلها لا يارا متراقبة زي ما انتو كلكم متراقبين محدش عايز


 يأذيها هي شخصيا تقدر نضمن سلامتها لو حطينا ليها حراسة ، و تاني حاجة هي مش فاهمة اللي بيحصل ولا عارفة السبب


 الحقيقي ورا رفضك خروجها من البيت مبتقدرش تقنعها بحجج غريبة وطبعا مينفعش تحكيلها الحقيقة عشان كده ....


صمت ولم يكمل جملته بينما ادم يدور حول نفسه و يشد خصلات شعره بإنفعال يفكر في كلامه بجدية حتى قال :

- انا تعبان و لازم اقفل دلوقتي يلا سلام.

- سلام.


اغلق الخط و رمى الهاتف على السرير بإهمال مرددا :

- مبقدرش اخاطر بحياتها مبقدرش حتى لو عيطت و صوتت و زعقت يومين وبتسكت المهم عندي سلامتها.


* في الصعيد.

داخل سرايا الشافعي.

كانت العائلة متجمعة في الصالون يتكلمون حول العمل تارة و أحاديث جانبية تارة أخرى حتى نطق سليم بخشونة :


- ولدي علي إني عايز تقرير المشروع اللي بتستثمروه ياريت بكره تبعتهولي.


استغرب من سؤاله حول مشروع قدمه له بنفسه لكنه لم يرد مجادلته فأومأ مجيبا :

- أمرك يا بوي ده حجك بكره اول ما الشمس تطلع هتلاجيه عنديك.


ههم بإستحسان و نظر الى عمر الجالس بإستكانة و قال :

- وانت يا حفيدي مش لازم تتجوز و تجيب عيال يملو علينا البيت مرايدناش نفرح بيك ولا ايه.


رفع رأسه مهمهما ببرود :

- و هو في حد مبيعوزش يتجوز و يعمل عيلة يا جدي.


ابتسم سليم بإستحسان :

- طب انت رايد بنت معينة شاورلنا علينا ولو لجيتها مناسبة هنطلبهالك ع الطول.


- إني مش رايد غير بنت عمي يارا يا حج.


شهقت زهرة بصدمة بينما نهض سليم صارخا :

- انت بتجول ايه اتجننت اياك يارا مين اللي عايز تتجوزها نسيت انها مرت ابن عمك و حبله ببنته انت بتخرف !!


وقف عمر أمامه و اشتعلت عيناه بحقد مردفا :

- بس إني اللي حبيتها الاول و نويت اتجوزها و ادم خطفها مني ولو متجوزتهاش مهتجوزش غيرها ا....


لم يكمل كلامه بسبب الصفعة العنيفة التي تلقاها من جده يتبعها صراخه :


- انت واعي لكلامك يا عرة الرجالة حاطط عينك على حرم أخوك و بكل عين وجحة بتجولها في وشي ايه محدش جادر عليك ولا ايه.


قبض على يده بشدة و احمرت عيناه بشكل مريب جعل والده يتيقن ان إبنه ليس بوعيه ومن الممكن ان يكون ثملا او مستهلكا مادة مخدرة خاصة عندما صاح بأعلى صوته :


- ادم ادم ادم إني زهجت من تفضيله عليا هو مش اخويا إني بكرهه يا جدي لأنه خد مني كل اللي بحلم بيه و عمري مهعتبره واحد من عيلتي بالعكس إني شايفه عدوي و يارا البنت


 الوحيدة اللي نويت اتجوزها برضايا بس كيه العادة انت سلمتها ليه و نسيت إني طلبتها من ابوها و منيك جبل منه ! 


تلقى صفعة أخرى من سليم المنصدم من وقاحته و حلمه بالزواج من إمرأة إبن عمه ثم أمسكه من تلابيب ثوبه و زمجر بخشونة :


- إني هعمل نفسي مسمعتش كلامك ده واصل شيل الهبل ده من دماغك يا ولد علي و إلا جسما بالله هنسى انك حفيدي و


 اجتلك بنفسي سامعني كفاياك عاد تخبيص و جلة جيمة ! امشي من وشي و متخلنيش اشوفك لحد ما تحط عجلك في راسك امشي !!


كتم صراخه داخله و طالع الموجودين دون إستثناء بغل و توعد ثم صعد الى غرفته و أخرج زجاجة الخمر من خزانته

 يتجرعها بشراهة ، ألقاها على الأرض و جلس على سريره هامسا :


- جسما بالله هنتجم منكو و خلص عليكم واحد واحد يا عيلة الشافعي و اولهم انت يا ادم بس محتاج شوية وجت مشان اوصل للجمة ساعتها مهرحمش حد فيكو واصل ..... استنو عليا بس !! 

              الفصل السادس والعشرون من هنا

لقراة باقي الفصول اضغط هنا

لقراة الجزء الاول كامله جميع الفصول اضغط هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close