أخر الاخبار

رواية عنيدة فى قلبي الفصل الثامن والتاسع عشر


 

رواية عنيدة فى قلبي 

"الفصل الثامن والتاسع عشر"



دلفت إلى مكتبه بعد أن استدعاها منذ قليل ، وبداخلها شئ ينذرها بأن هناك أمر ما ... لا تعرف لم تشعر بشئ من الرهبة والقلق .... حاولت شحذ نفسها بعبارات وتفسيرات مطمئنة


 وأنها لم تفعل ماقد تقلق بشأنه .... تقدمت من باب مكتبه ثم أخذت شهيقا وزفرته لتطرق الباب عدة طرقات هادئة حتى سمعت صوته الذى يأذن لها بالدخول ...

فتحت الباب وخطت عدة خطوات بحذائها ذو الكعب القصير ، لتجده منكبا على شاشة الحاسوب أمامه يطالعها ولكن توجهت أنظاره إليها فورا:

  - حضرتك طلبتنى ..فى حاجة ؟

 

ترك كريم حاسوبه واستقام بعيدا عن مكتبه ليطالعها بوجوم ...

  -أكيد فى ...

أنا فعلا مش فاهم انتى ازاى اتصرفتى كده !!!

تصرف فى منتهى الجرأة أنا عدى عليا سكرتيرات كتير قبلك لكن ولا واحده منهم قدرت تعمل اللى عملتيه ده ...



ثم لوى فمه ساخرا .... لتنزعج سارة من قوله وتهكمه الواضح مما فعلت رغم أنها لا ترى أى أمر غريب فيما فعلت !!

فتحت فمها تستعد للدفاع عن نفسها ، بينما لم يمهلها الفرصة ليقول :

  -اللى حصل ده مايتكررش يا آنسة سارة ... بسببك وبسبب جرأتك وتصرفك كنا على وشك تضييع عميل مهم لينا لولا أن ربنا ستر .



همست بشجاعة زائفة :

  -أنا مش شايفه انى عملت او اتصرفت تصرف غلط ... بس عموما بعتذر لو سببت المشاكل!!

تعجب كريم من جدالها وتشبتها الغير مبرر برأيها فى وجهة نظره !

غريبة جدا تلك البنت !

لم أر مثلها من قبل !

  -بعد كده ترجعيلى فى أى قرار وأى حاجة الأول ... وممنوع التصرف بتهور أو بدون إذنى مفهوم !!



ده تحذير مبدأى يا آنسة وانا مش بحذر مرتين ...

كان يتطلع فيها بعينين حادتين.... بينما كانت سارة تطرق برأسها تارة وتشيح بوجهها تارة أخرى ... حتى بدا له بأنها غير مقتنعة بما يقول وهذا ما أزعجه وأرفع من حدة صوته ....

  -اتفضلى لمكانك.

تحركت من أمامه غاضبة الملامح وغادرت بسرعة ... ظل ينظر إليها حتى خرجت وأغلقت الباب خلفها ..



فى الخارج جلست سارة فى مكتبها الصغير تضع يديها على جانبى رأسها والدموع متجمعة فى عينيها ....

ماذا لو غادرت هذه الوظيفة هى الأخرى؟!!!

كيف ستخبر والدتها بذلك ؟!

بدأ الشك يساورها بأنها لن تتأقلم فى أى مكان تذهب إليه !

اللعنة على هذا الشعور وهذا الحظ ألف مرة !

.....

جالساً فى فراشه يخاصم النوم عينيه .... متضايق من شعور يراوده كشبح ثقيل وهو جفاءها من ناحيته.... لا تبادر بالاتصال أبداً منذ أن تبادلا أرقام هواتفهما ، وإن بادر هو فلابد



 أن يقود زمام الحديث ويمطه لكى لا ينهى المكالمة بسرعة وهذا يضايقه.... كان يسمع أن أحاديث المخطوبين تمتد لساعات وليال طويلة ولكن معه الأمر مختلف فقط عشر دقائق على الأكثر!!

هو دائما يرغبها ويعلم أنه لا يطلب المستحيل ...فقط مزيد من الوقت يريده منها أن تمنحه إياه .... والآن هاتفها مغلق ولا يستطيع حتى الاطمئنان عليها !!



يقوده تفكيره إلى طرق تشعره بالحنق .... ويحاول دفعه عن ذلك .... شئ من قبيل ماذا لو استمرت سارة فى جفاءها وبخلها عليه ؟!!

سيكون هذا قاسيا عليه جدا !!

سيذهب فى الغد إلى منزلها ويقابلها وجهاً لوجه وسيأخذ معه هدية تليق بها أيضاً .... لعل وعسى أن تبرد ناره وتسحق أفكاره اللامحمودة تلك .

 

.....

بينما حالها ليس بأفضل من حاله .... فبعدما ظنت أن أمورها فى العمل تسير بكل سلاسة ولا شئ يوقفها يأتى هذا الموقف ويخيب ظنونها !!



خاصة علاقتها بمديرها التى كانت لا بأس بها بل ومؤخراً أصبح يعتمد عليها بصورة أكبر وهذا أكسبها ثقة كبيرة بنفسها .... ربما تلك الثقة كانت سبباً فى افتعال تلك الأزمة مع رجل



 الأعمال ذا .... تنهدت بإحباط .... لم تخبر أمها بما حدث ولم تجعلها تشاركها أفكارها للرحيل أو البقاء فى الشركة فلا تريد أن تجعلها تبتأس وينشغل بالها .... ستترك الأمور تأتى كما كتبها الله فقط ..... تمددت على ظهرها وذهبت فى سبات عميق .

.....

على مائدة الإفطار

  -عامل ايه مع مى ؟

انتبه كريم لسؤال والدته الذى أجفله تلقائيا ليرد بثبات وهو يستعد لإنهاء طعامه والمغادرة  :

  - احنا كويسين.

لم يمهلها الفرصة لتستفسر أكثر فهو فى الأساس مشغول البال بشئ آخر وعليه أن يذهب الآن.

....

وصل إلى الشركة قبل معاده بقليل ولكن هذه المرة كان يقصد مكتبها .... يريد أن يذهب هو إليها هذه المرة فلديه فضول لمعرفة ورؤية الكثير ....طرق الباب ليسمع صوتها الناعم :

  -إدخل .

كانت سارة جالسة تحتسى كوبا من مشروب ساخن وهى تطالع بعض الأوراق بوجوم.... لتتفاجأ بكريم يطل من خلف الباب ويدخل مغلقاً الباب من خلفه ...



تفاجأت بل وصدمت .... لم تتوقع أبداً أن يأتى إلى مكتبها .... هذا ليس معاد وصوله إلى الشركة اصلاً .... تركت الكوب من يدها ونهضت تواجهه.....كان بعيدا حتى اقترب منها ... توجست وبداخلها استفهامات عديدة...

  -صباح الخير .

قالها كريم بنبرة عادية سهلة ...

  -صباح النور .

استطرد بثبات :

  -عامله أيه النهاردة ؟

كادت أن ترفع حاجبيها استغرابا لسؤاله الغير معتاد أبدا والغريب ... همست تقول :

 

  -الحمدلله تمام  .

لاحت ابتسامة ساخرة على وجهه ... تلك الابتسامة التى تمنحه جاذبيةً أضعاف جاذبيته وصدقاً هى تأخذ قلبها .... يقول :

  -طبعا انتى مستغربة أنا جيتلك هنا ليه وان دى أول مرة.... بس انا كنت جاى عشان اقولك  ماتزعليش لو كنت شديت فى كلامى شوية امبارح ..... ده طبعى فى الشغل وانتى عارفه انى أغلب الوقت مضغوط جدا .... أتمنى ماتكونيش اتضايقتى.



تشعر أنها لا تقوى على الوقوف أكثر من ذلك ... ارتجافة خفيفة تسللت إلى أطراف قدمها وتنتشر فى جسدها تخفيها هى بمجهود جبار عنه .... تريد إنهاء الحديث وأن يرحل فى أسرع وقت فلا تدرى ماذا أصابها!!

تنحنحت تصرف عنها ارتباكها :

  -احم.... عادى محصلش حاجة .... وانا كان لازم اعترف بغلطى من الأول وللأسف ماعترفتش أنا إللى بعتذر لو تصرفت بتهور .



كل شئ كان يسير بسلام ..... حتى لمح ذلك الشئ الذى كدّره وجعل غصة مريرة تعرف الطريق لحلقه.... ذاك المحبس المشئوم  ...لينهى الحوار بعد ذلك مضطرا ويغادر...

- حصل خير ..... أنا لازم أمشى .

رمقها بنظرة شمولية أخيرة وغادر .... لم تلاحظ تغيره .... فقط تنفست الصعداء وجلست تفرك جبينها وتحلل ما دار فى الخمس دقائق الماضية .



.....

يراقبها كلما تسنت له الفرصة.... تجلس خلف الزجاج واجمة تفكر .... ليست فى مزاجها المعتاد المرح منذ بضعة أيام.... هل تفكر به ؟

هل يكون هو محور تفكيرها ووجومها؟

هل يهملها ولذلك هى عابسة كفطرة الأنثى تذبل عند الإهمال ؟!

ليته يستطع تقاسم تفكيرها معها والتهوين عليها .... أى شئ!!

بينما مى كانت تنطفئ تدريجيا .... باتت لا تشعر بأنها مخطوبة مثل أى فتاة عادية وأصبح لديها رجل الآن يفترض أن تشاركه



 تفاصيل يومه على الأقل بعض منها .... تتألم لإهمال كريم وجموده القاتل والحارق للأعصاب .... لا الأحاديث العذبة العاطفية تستهويه ولا الحديث عن العمل يدع لها مجال 



 للخوض فيه .... هذا أكثر ما يضايقها ... تريد أن تشعره أنها جديرة بمعرفة عمله والنقاش معه فى ذلك وأنها ليست مى الجذابة الجميلة التى تعيش حياة مرفهة أو ابنة وحيدة مدللة فقط !

هى فقط تريد فرصة!!

تحبه...؟

بل تعشقه حد الجنون ..... منذ أول يوم رأته وهو فتاها وبطلها الأوحد ..... ولكن !!

تخشى أن يستمر الحال هكذا .... بل ويزداد الوضع سوءا !!!

....

طرقت الباب ودخلت .... أرادها أن تأتى إليه لأمر ما .... هو يعلم جيداً أن تصرفاته مؤخرا تبدو غريبة وغير عادية أبدا ..... يتمنى أن لا يلاحظ ذلك أحد .... بات يخاطر كثيراً ويسعى وراء مشاعره التى تقوده ولا يعلم إلى أى برٍ سيرسى معها ....



 فها هو منذ ساعتين كان فى مكتبها وغادره حانقاً بعد رؤيته لخاتم خطبتها والآن يستدعيها ويطلب حضورها .... لا يشبع من لحظاته المعدودة معها .... ولا ينكر ذلك !



تأمل هيئتها أولا لثوانٍ .... حجاب باللون الأزرق القاتم يبرز بياض بشرتها الناعمة وزى تقليدى ولكنه مميز .... أو هكذا جعلته .

  -عايزك معايا فى جولة سريعة كده بس مش هاخد كتير من وقتك .

.....

اشتياقها له يكاد يفتك بها .... ترغبه بشدة .... بين الحين والآخر لا تمل من تفحص هاتفها أملاً فى اتصال منه .... ولكن لا شئ

غلبها اشتياقها لتنهض وتقرر الذهاب إليه بنفسها إلى مكان عمله .... تتمنى أنها ستفعل الصواب حقاً وسيسعد برؤيتها .

......

اصطحب كريم سارة بسيارته بعد أن أبدت دهشتها وسألت العديد من الأسئلة ..... بدت مترددة ولكن ترددها لم يصل لقول لا

ضغط عليها بحجة أنها زيارة أو فسحة سريعة ستهمها كثيرا فى العمل ولكن يستغرقا وقتا طويلا .....

كانت تستقل السيارة بجانبه وهى قلقة تشعر بشعور غريب ..... لوهلة نهرت نفسها بأنها قد أقدمت على تصرف متهور قليلا ولكنها شجعتها بأنه رئيس عملها وعليها أن تثق به فليس له مصلحة من خطفها !!!



قادها كريم أولا إلى أحد الأماكن السياحية التراثية جدا بالعاصمة و التى بالطبع لم تكن زارتها من قبل .... حتى لم


 تسمع بها .... هناك التقيا بمجموعة من الأفراد مصنفين بين أشخاص يبدو أن كريم يعرفهم بشكل شخصى فصافحهم وتحدث إليهم.... والبقية خمّنت من هيئتهم أنهم سياح .



حرصت على التقاط الصور من هاتفها للمكان ....للحظة كانت ممنونة له على تلك الزيارة التى أسعدتها.... وهذا ما كان بادياً على ملامحها المرتاحة وانسجامها ولاحظه كريم فاطمئن بسعادة.

.....

دلفت شابة أنيقة وجذابة إلى مقر الشركة .... جذبت الأنظار إليها بقوامها الطويل وشعرها الذهبى .... خمّن بعض العاملين فى الشركة أنها خطيبة السينيور.



اقتربت مى من مكتب كريم حتى وجدت وجهاً مألوفاً لها رأته فى الخطبة ..... كان علاء الذى استقبلها بترحاب ....

 

  -نورتى الشركة.

ابتسمت بودٍ له

  -ميرسى

كريم موجود ؟

  - بصراحة هو خرج مع سارة من حوالى ساعة ونص كده .

لم تفهم جملته سوى كلمة "سارة"

  - سارة مين ؟

صحح علاء موضحاً :

  - سارة دى السكرتيرة الجديدة .

وتابع :

  -هو كريم ماكلمكيش عنها قبل كده ؟

ابتسمت ساخرة تحدث نفسها "بل لا يخبرنى عن شئ أبداً " !!

قالت باحتقان داخلى

-طيب معاهم وقت كتير ؟

  -أتصلك بيه كده ؟

  - لا مالوش داعى متشكرة أنا هستنى .

ابتسم لها قائلا :

  -عموما هما مش هيطولوا يعنى هو كان قايلى انها زيارة سريعة .

أومأت بصمت وجلست تنتظر .

ثلاثون دقيقة تقريباً ورأت كريم قادماً وبصحبته فتاة بيضاء بوشاح أزرق متوسطة القامة تميل للطول .... تمشى بجوار خطيبها وبديا فى غاية الانسجام .... لاشعوريا كانت تنتفض


 من الداخل وظلت تراقبهم بوجوم بدا على ملامحها حتى أصبحا على مقربة منها .... ما أزعجها حقاً هو رؤيتها لخطيبها بتلك الحالة الانسيابية المرتاحة والملامح المرتخية وهو يحدّث



 الفتاة التى عرفت بالطبع أنها مساعدته....أثار ارتياح وجهه ضيقها بشدة ....وبمقارنة سريعة بين هيئته مع تلك البنت وهيئته معها ...رباه إن الأمر مزعج ومُحزن بحق !!!



"الفصل التاسع عشر"

إنفرد كريم بخطيبته فى المكتب بعد أن غادرت سارة .... كانت مظاهر الجمود والاستياء تسود وجه مى وهذا ما لاحظه كريم وأدرك أنها على غير عادتها ....حاول تليين الموقف خاصة وأنه يعلم جيدا أنه أهملها بعض الشئ فى الأيام الماضية .."تشربى حاجة؟



هزت مى رأسها بالنفى قائلة "لا"

"بس أيه سبب الزيارة المفاجئة دى ... أول مرة تعمليها يعنى ؟

تسائل كريم بلطف لترد وهى مازالت على حالتها الجامدة وكأنها فقدت شغفها "كان المفروض انها مفاجأة بس ...مالقيتكش فى المكتب اصلا"

قال بنبرة مهتمة "أنا فعلا خرجت لمدة ساعة أنا وسارة حبيت اعرفها على أماكن أكتر بحكم انها جديدة هنا"



رغم تلقائية كريم فى السرد ....كان احتقان مى يتصاعد ....

"مين سارة "

"سارة .... السكرتيرة الجديدة عندى .... أنا ماقولتلكيش؟

قالها بعفوية....ولكنها تهكمت عليه حقا .... إذا كان هو نفسه مستغرب من عدم إخبارها !!

ابتسمت بسخرية لتردف :

"عادى .... مش أول ماتقوليش على حاجة .... واضح ان لسه فى حاجات كتييير جدا معرفهاش"



انزعج كريم من حديثها ليهتف مُدافعاً:

"مى انا عارف انى انشغلت عنك اليومين اللى فاتوا خصوصا بعد رجوعى من السفر ....بس ده كان غصب عنى انتى عارفه كويس ضغط الشغل .... آسف "



إعتذاره لها داعب مشاعرها ناحيته فحبها له وهيامها به يطغى على غضبها منه ولكن يبقى السؤال المزعج المكدر .....أين المقابل ؟

عاد الحنق لملامحها مرة أخرى لتنهض مغادرة "أنا لازم أمشى لإنى تعبانة"

نهض كريم بدوره هو الآخر يقول لها "هوصلك معايا انا اصلا خارج لإنى هتغدا فى البيت .... أيه رأيك تتغدى معانا على فكرة ماما هتفرح أوى "

صمتت لبرهة تفكر ثم قالت "مفيش داعى ...لإنى محتاجة ارتاح "

"خلاص يبقى هوصلك"

وأشار لها لتتقدم أمامه وبالفعل استقلّا السيارة سويا.... وطوال الطريق لمنزلها لم تنبس مى ببنت شفة .... فقط كان مشهد قدوم كريم برفقة سارة ونظراته لها هو المشهد الراسخ أمامها .

.....

فى منزل سارة

 

كان عبدالرحمن قد قرر المجئ وقضاء وقت مع خطيبته وقبل أن ينفرد بها كانت والدة سارة جالسة معهم بعد أن ضايفته....

قال عبد الرحمن وهو يوزع بصره بين سارة ووالدتها :




"أنا كنت عايز نقدم الفرح بعد تخرج سارة على طول بس أنا اديتها وقت تفكر معرفش قرارها أيه"

تفاجئت ساميه بما قاله عبدالرحمن فلم تخبرها سارة بذلك الأمر...

" نقدم الفرح !!! بصراحة مش عارفه....الكلمة ليها فى النهاية طبعا "

هنا هتفت سارة :

"أنا مش موافقة "

نظر لها عبدالرحمن بترقب لتستطرد "أنا محتاجة وقت أطول "

لم يعقب عبدالرحمن ، بينما قالت سامية بابتسامة فى محاولة لتبسيط الأمر " خلاص هو عموما خمس شهور مش هتفرق دى حتى فرصة كويسة انكوا تعرفوا بعض أكتر "




بعد قليل استأذنت سامية لتتركهم سويا .... التفت عبدالرحمن لسارة "سارة ... عايز أسألك سؤال بس تجاوبينى بصراحة وانا متقبل أى إجابة منك "

قالت بتوجس داخلها "سؤال ايه"

"إنتى عايزانا نكمل ؟.... بصراحة ؟"

اتسعت حدقتاها تلقائيا لتسأله "ليه بتقول كده؟"

مط كريم شفتيه قليلا للأمام ليقول بنبرة  عادية:

"بصراحة مش حاسس انك متحمسة للخطوبة... دايما حاسك زهقانة أو فى حاجة انا مش فاهمها"



ولأنها لا تجيد تخبئة ما تشعر بها قالت له "ده بس لإن الموضوع جديد وكمان إنت شخص جديد فى حياتى وزى ماقولتلك محتاجة وقت أطول عشان اتعود عليك "



كان هذا ردّها ....بداخله كان يشعر بشئ مناقض .... هناك فتور ملحوظ فى علاقتهما ....يشعر ببرود من ناحيتها ويسأل نفسه هل سيتحمل ذلك لوقت طويل ؟!

....

مضت ثلاثة أسابيع والوضع بينهما لم يتغير ....ما هى إلا مكالمة هاتفية جافة لا يتخللها دلال المخطوبين أو خروجة أو



 سهرة فى أحد المطاعم فقط ..... ليست هناك مشاعر حقيقية أو حرارة من حب تذيب هذا الجليد الذى تستشعره بينهما .... حتى ابتسامته لها تشعر بأنها تكلفه الكثير !!



ولأنها ليست ممن يؤمنون بالأقاويل والمعتقدات التى ترى أن الحب الحقيقى يأتى بعد الزواج ....فهى ابنة أم علمتها أن لا تطلب الشئ مرتين قررت مى قرارها ....



طلبت من كريم الحضور من أجل تناول مشروب سويا فى أحد الأماكن العامة .... ورغم استغرابه لطلبها هذه المرة إلى أنه رضخ له فى النهاية ...



جلس كريم فى مقابلها يقول "دى دعوة ولا عشان حاجة مهمة ؟"

ردت مى بنبرة جادة تلائم الحزن البادى على وجهها على غير عادتها "بص يا كريم .... لازم تسمعنى كويس وتفهم اللى هقوله ده "

استشعر القلق من حديثها ليسألها "فى أيه يا مى؟"

أخذت نفسا عميقا وزفرته تخفف عما فى صدرها :

" كريم احنا مش هينفع نكمل مع بعض "

صُعق مما قالته وانتابه شئ من الشفقة على حالتها ليقول "أيه الكلام ده يا مى ليه بتقولى كده ؟"



تنهدت تقول "دى الحقيقة يا كريم انا اكتشفت واتأكدت فعلا اننا مش مناسبين لبعض وحاولت ادى فرصة لنفسى وليك لكن للأسف مانفعش"



كلامها صحيح.... بماذا سيعقب؟!!

وبمجرد أن حاول التحدث وجدها تقوم بنزع خاتم خطبتهما من يدها برفق وتضعه أمامه وهو يحدق تحت تأثير الصدمة ...."أتمنالك التوفيق بجد وان شاء الله ربنا يعوضك بإنسانة تتفاهم معاها أكتر منى"

ثم نهضت فورا بعد ذلك ليحاول كريم اللحاق بها

"مى"

لم ترد .... أسرعت فى خطواتها المصحوبة بدموع انسابت بغزارة لتتحول فيما بعد إلى شهقات بكاء عالية خففت من



 حدتها إلى أن وصلت إلى المنزل وصعدت إلى غرفتها بسرعة تحت أنظار والدتها المذعورة التى لحقت بها....وجدتها جالسة على سريرها تبكى كما لم تراها من قبل !!



"مى فى أيه ياحبيبتى قلقتينى أوى"

قالت من بين بكائها "أنا سيبته يا ماما.... سيبت كريم"

وأشارت إلى مكان دبلتها الفارغ فى يدها اليمنى .... لتخفض رأسها مرة أخرى وتستمر فى بكائها ....بينما اقتربت هناء من



 ابنتها تحاول تهدئتها والتهوين عليها.... أحاطت وجهها الجميل الباكى بيديها تمسح دموعها ثم همت باحتضانها والربت على ظهرها ....




"مش عارفه انا ازاى عملت كده ياماما انا بحبه "

قالت هناء وقد اكتسى وجهها بالوجوم "إنتى عملتى الصح".

....

"نعم !!! يعنى أيه فسخت الخطوبة !!!

صاحت سمية بغضب مذهولة فى وجه ابنها البكر ليهتف "معرفش يا ماما يعنى فسخت ... هى إللى جات وطلبت كده "

هدرت بغضب متزايد "أنا أصلا كنت عارفه ان فى حاجة مش مظبوطة بينك وبينها وحاجة غريبة بتحصل مع إنى كنت بسألك وكنت بتقول مفيش واحنا كويسين...."



"إهدى بس يا سمية خلينا نفهم كويس" قال رأفت الجالس يراقب المشهد لتصيح زوجته فيه :



"تفهم ايه يا رأفت بيقول فسخ الخطوبة "

ليهتف كريم مدافعا عن موقفه :

"يا ماما هى اللى جات وخلعت الدبلة مش انا "

"انا ماليش دعوة مين إللى قلع الدبلة قبل مين ...أنا عايزاك بس تتأكد من حاجة يا كريم ... البنت دى كانت نعمة فى إيدك وكانت بتحبك وشارياك للنهاية بس انت إللى ضيعتها وهتندم .... ولو حصل وعرفت انك جرحتها أو جيت عليها انا مش هسامحك أبدا "



وتابعت بنبرة أكثر انخفاضا وهى تضرب على فخذيها فى سيرها "هقول ايه لهناء بس"



هنا أشار رأفت لابنه بعد أن غادرت زوجته "اقعد يا كريم "

زفر كريم بحدة وامتثل لطلب والده الذى أردف " ماتزعلش من كلام امك انت عارف انها عايزه تفرح بيك من زمان "




رد كريم بانفعال "على حسابى أنا يا بابا وحساب راحتى وسعادتى ....ماما مش مهتمة انا بحب مى ولا لا .... حاسس بمشاعر ناحيتها ولا لا مش حاطه ده فى دماغها أبدا .... الإسم انى ابقى متجوز وخلاص "



رد رأفت على ابنه قائلا " ماتقولش كده انت عارف مكانك عندها ...كل الانفعال ده عشانك بس وبالنسبالها مى بنت ماتتعوضش ومناسبة ليك .... أنا برضو كنت ملاحظ الجفاف إللى بينكم بس مارضيتش أتدخل أو المح بأى حاجة قولت جايز انا غلطان !"



مسح كريم وجهه باحتقان زائد ليعقب والده "خلاص إللى حصل حصل إنسى ماتحطش فى بالك ان شاء الله ربنا هيعوضك بالأحسن وواحده تحبها وتحبك"



ليقول كريم وهو ينظر لوالده "بابا انا والله ماكان قصدى ازعل مى أبدا .... مى جميلة وإنسانة كويسة جدا بس ماكنتش منسجم معاها ومكانش فى أى مشاعر بيننا.... وبعدين بدليل هى اللى طلبت ننفصل مش انا ..."

أومأ له أبوه متفهماً .


             الفصل العشرون من هنا

لقراة باقي الفصول من هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-