CMP: AIE: رواية خفايا القدر الفصل الخامس والعشرون25بقلم روان عرفات
أخر الاخبار

رواية خفايا القدر الفصل الخامس والعشرون25بقلم روان عرفات


 

#خفايا_القدر 

#الحلقة_الخامس_والعشرون..

#بقلم روان_عرفات.

.


نظر للطبيب الذي خرج توًا من غرفته بعدما تلقى منه التعليمات وكيفية العلاج في هذا الوقت بالتحديد.. زفر بحنق مما حدث ولم يكن يخطر على البال، الذي حدث جعله يتيقن كون كريم علم به وبأنه يبحث خلفه. 


وضع رأسه على الوسادة بوهن وهو يئن وجعًا من الرصاصة التي يحمد ربه مرارًا وتكرارًا كونه بعيدة عن القلب بمسافة ليست بكبيرة لكنه بخير .. كان سيغمض عينيه من شدة التعب ولكن أجفلته الممرضة وهي تدلف للغرفة ببطء، مُمسكة بيدها بوكية ورد كبير .. اقتربت منه ووضعته جانبًا قائلة بابتسامة:

- بوكية الورد ده لحضرتك .


اماء لها بهدوء دون أن ينبس ببنت شفة.. رمقته الممرضة بغموض وخرجت من الغرفة تاركة خلفها شخصًا لا يقوى على تحريك كتفه لكنه تحامل على نفسه وأمسك البوكية بِكلتا يديه، أخذ الورقة الموضوعة بمنتصف البوكية ليقرأ محتواها بعينان تقدحان شرارًا. 



الورقة كانت تحوي على عدة كلمات لكن أثارت حفيظة ذاك الذي لا يعلم ماذا عليه فعله بالتحديد، قرأ المدون عليها مُجَدَّدًا:

- يوم ليك ويوم عليك .. و الايام اللي ليك خلصت يابن سوسن .. خد بالك ده ولا حاجة من اللي ممكن اعمله .. خد بالك كويس لأن احبابك كتير..


شعر بالعجز وانقباضة قلبه ازدادت بمجرد تذكره لتوأمه ووالدته وجميع عائلته .. قبض على الورقة بكل ما يحمله من



 غيظ وكره له، يتمنى فقط الامساك به وحبسه مدى الحياة، لا يرى انتقامًا أكثر من ذلك لشخص مثل فصيلته .. أرخى جسده ونظر لسقف الغرفة بإنهاك يفكر في كيفية القبض عليه دون ضرر لأيًا من عائلته.


اقتحمت الغرفة من قِبل ورد التي ركضت إليه بسرعة وهي تبكي لترتمي بداخل أحضانه ببكاء مرير، متذكرة انقباضة قلبها حينما اتاها حديث المتصل عما حدث معه وكلما تذكرت زادت في البكاء.


نظر سراج لأمير الواقف بجانب الباب بصدمة، إلى الآن لم يعتد على وجودها الحقيقي في حياته، رفع يده وربت على ظهرها



 بابتسامة تتسع تدريجيًا من احساسه بالأمان بوجودها .. من اهتمامها به رغم كونهما البارحة فقط تحدثا ولكنها تهتم به وكأنه ابنها .. رفعت عينيها الحمراء إليه وقالت بدموع:

- أنت كويس؟ الدكتور طمني بس أنا عايزة اطمن منك أنت. 


رمقها بصمت وابتسامته ما زالت ترتسم على وجهه، هذا الشعور الذي تمناه يومًا منها الآن يحدث بالفعل! وجودها حقيقة وخوفها حقيقة .. أغمض عينيه لثوانٍ ثُمَّ اجابها بمرح: 

- أنتِ بس ابعدي شوية وأنا هبقى كويس . 


شهقت ورد بغيظ وهي تضربه بيده على كتفه جعلته يتأوه .. قالت سريعًا بخوف ظهر جليًا بعينيها:

- أنا آسفة .. والله آسفة .. حقك عليا، أنت بخير؟


تنهد بعمق وحزن أدمىًّ قلبه لخوفها، قال بهدوء بعدما أمسك يديها وطبع عليهما قبلة طويلة:

- والله بخير يا حبيبة قلبي .. ما بقتش بخير غير بعد شوفتك وخوفك عليا.  


صمت لبعض الوقت ثُمَّ تابع بحزن:

- أول حد خطر في بالي هو أنتِ .. خفت اخسرك وأنا لسه ما شبعتش منك.


احتوت وجهه بيديها مما جعل زوجها يُناظرهما بغيظ قائلًا بعصبية وصوت عالي وهو يقترب منهما مع كل كلمة تخرج منه: 

- لااا بقـاااا .. حضن وقلت ماشي وعادي .. كلام حُب وقلت يلا عادي يا واد يا أمير ده اخوها .. قلق وخوف متبادل تمام عديتها .. لكن توصل لكده؟ ده بقا اللي لا يمكن أبدًاا اسمح بيه .. أبـدًااا .


انفجر سراج بالضحك عليه وعلى ملامحه.. طبع قبلة على وجنتي ورد وقال ببرود لكي يغيظه:

- اختي وأنا حر يا عم. 


أنهى جملته تزامُنًا مع دخول العائلة بأكملها لغرفته لكي يطمئنوا عليه، تحت صدمته بوجودهم وخوفهم الذي ظهر عليهم جميعًا، ابتسم بفرحة احتلته بالكامل وهو يوزع نظراته عليهم بابتسامة ودعوة بالقلب لوالدته التي لا تذهب عن باله ثانية. 


❤ اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ❤


خرجت من غرفتها بعدما تحدثت مع والدتها تخبرها كونها بحاجة للجلوس مع جدتها لبعض الوقت .. دخلت المطبخ لتصنع كوب شاي بالنعناع كما تحب وتقرأ في إحدى الروايات التي ابتاعتها حديثًا هي وأوركيد .. صُعقت من هول صدمتها بما رأته.. كانت جدتها تقوم بتنضيف الفراخ بكل مهارة، نظرت لملامحها لعلها تجد أي اعتراض أو شفقة لكنها لم ترى ..




 وضعت يدها اليمنى على فمها وهي تشهق بصدمة ثُمَّ رفعت يدها الأُخرى على قلبها وهي تُتمتم بدموع مصطنعة:

- جالك قلب ازاي تعملي فيها كده؟ يعني هيا عشان مش بتقدر عليكِ تروحي تعملي فيها كده؟ 


دارت رقية بوجهها إليها وضحكت بخفه وقالت:

- تعالي ساعديني طيب . 


أنهت حديثها مع قطعها لقدم الفرخة بابتسامة واسعة ارتسمت على شفتيها جعلت تلك المسكينة تصرخ بفزع مردفة بصراخ:

- أنتِ قلبك قاسي أووي! 


انفجرت رقية بالضحك وجلست على كرسي بالمطبخ وهي تضحك بقوة لصراخ ندى ما لبثت أن تتحدث معها لتساعدها إلا وأعلن هاتفها عن اتصال من أوركيد .. ضغطت على زر الاجابة ليأتيها صوتها الغاضب:

- بصي أنا عايزة اهزأك بس مش عارفة اهزأك ازاي والله .


ابتسمت ندى بهدوء وتساءلت:

- يا صباح الناس الرايقة .. طمنيني عنك .


أتاها صوت أنفاسها المتسارعة لتضحك بقوة عليها .. قالت أروكيد بهدوء:

- احنا حاليًا في المستشفى .. سراج اخو ورد عمل حادثة والعيلة كلها هناك .. رحت مع سجدة عشان نفضل مع ورد .. يلا أنا هقفل لأننا وصلنا وأنتِ لو قدرتي تيجي تعالي يلا .


أنهت حديثها وأغلقت بسرعة، نظرت ندى لشاشة الهاتف بحزن لتتساءل رقية:

- مالك يا نودي؟ 


اجابتها بقلق:

- سراج اخو ورد اللي قلت لك عليه .. بيقولوا انه عمل حادثة والبنات هيروحوا عشان ورد .


❤ اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ❤


كانت الساعة تشير إلى الثالثة عصرًا .. كان يقف بمقدمة الحديقة، واضعًا يده في جيب بنطاله .. بتنهيدة متعبه خرجت منه وهو يُلقي نظرة أخيرة على التجهيزات التي فعلها



 بمساعدة فارس .. ابتسم بحنو على هذا الفارس الذي لا يتركه لحظة واحدة، دائمًا معه، يسانده ويخرجه من هموم الدنيا، صديقة منذ نعومة أظافرهما .. أخذ يدعو ربه ان يديم صداقتهما تلك. 


أخذ يتخيل ردة فعل أوركيد حينما ترى ما فعله لأجلها، يتوق لرؤية ابتسامتها وهي ترى جميع الرسومات التي قامت برسمها بدفتر كما صورتها وهي تقوم برسم الرسمة ذاتها .. يتوق لرؤية صدمتها بكونه يراقبها دومًا، كل رسمة قامت برسمها كان يلتقط لها العديد من الصور .. تنهيدة قوية خرجت منه داعيًا ربه بتيسير أموره.


أخرجه من دوامة أفكاره وتخيلاته يد فارس التي ربتت على كتفه بخفه وهو يصيح به بغيظ:

- يـااااا عم الحبيب .. ركز معايا هنا الله يبارك فيك .


رماه بنظرة مغتاظة وقال:

- أنت صوتك عالي ليه؟ 


اجابه بسخرية:

- معلش أصل ليا نص ساعة بنادي على الاستاذ وهو ولا سامعني! 


ابتسم بخفه ليتابع الآخر بهدوء:

- هو أنت قلت لها على اللي هتعمله ولا لسه؟ ادتلها معاد وكده .. يعني مش خايف ترفض مثًلا؟ 


كان يتحدث ببعض التوتر الذي ظهر جليًا بنبرته، اجابه كرم بذات الهدوء:

- هخليها مفاجأة .. هروح لها بكرة وهخليها تتحضر وأنا عندهم .. مش هديها فرصة تعتذر اصلا .


اماء الآخر بتفهم وران عليهما صمت قطعه فارس بسؤاله:

- إيه رأيك تجيلي النهار ده ونسهر سوا؟ وبما إن حضرتك أكيد يعني هتبطل تسهر معايا فـ خليه آخر يوم ونسهر سوا .


صمت لبعض ثُمَّ أردف بابتسامة:

- خلاص تمام يا صاحبي .. هروح بس أغير هدومي وهجيلك جري .


أنهى حديثه وتحرك تجاه سيارته لكي يذهب للمنزل .. تتبعته نظرات فارس ببعض من الحزن من ذاته، أحيانًا تأتيه لحظات تجعله يتراجع عما يفعله ويبغض نفسه لِما تفكر به في الأذى فقط، ولحظات أُخرى يعطي لنفسه أحقية فعل ما يُريد فعله دون أن يرمش له جفن!  


❤ اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ❤


جالسة بحديقة منزلها، مُمسكة بيدها هاتفها وتقوم بمشاهدة فيلم كارتوني مما تُحب مشاهدته، أجفلتها روجينا من خلفها مُتمتمة بمرح:

- والله أنا ما شفت حد رايق قدك يا دودو .


دارت وعد بجسدها تجاهها وقالت بضحكة خفيفة:

- حياة الطفولة مافيش أجمل منها .. وحقيقي مش مستعدة أخرج منها .


ابتسمت لها وجلست إلى جوارها .. قالت بخجل وتوتر:

- أأ .. أنا دخلت يعني بعد ما جوز حضرتك سمحلي بكده .


لكزتها وعد بخفه وأردفت بغيظ:

- بطلي بقا كلامك ده وماتحسسينيش اننا لسه اغراب عن بعض . 


أمسكت يدها وطبعت قبلة طويلة عليها ورفعت وجهها مُجَدَّدًا .. قالت بابتسامة حزينة:

- ربنا يعلم إني بعتبرك قد والدتي وأكتر .. والدتي ما قدمتليش ربع اللي أنتِ قدمتيه في الوقت القليل من بعد تعارفنا . 


ربتت وعد على فروة رأسها وهي تردد الأدعية لها تحت نظرات روجينا الحزينة، ماذا إن علمت بما فعلته بأبنها؟ كيف لها الجلوس معها بعدما كانت هي الدمار الاساسي لكرم؟ هي من خططت مع فارس لجلبه للعالم الذي ما إن دخلت فيه لا تخرج



 إلا بصعوبة .. هي من أصبحت تصاحبه كظلهُ إلى أن اوقعته فيما دمر حياته بالكامل، هي من أحبته سهوًا لتدفع ثمن ما فعلته عزابًا تحيياه إلى يوم مماتها بِحُبها لشخص ليس لها ! 


أخرجتها من دوامة أحزانها سؤال وعد العفوي:

- جوجو صح هو أنتِ خريجة إيه؟ 


استنشقت شهيقًا عميقًا أخرجته ببطء وكأنها تُريد اخراج كل ما بداخلها لكي تستطيع اكمال حياتها .. قالت بهدوء:

- رياض اطفال .


قالت وعد بفرحة:

- زي ورد مرات ابني .. لا بقا انتو لازم تستغلوا الموضوع ده .


اعتدلت روجينا في جلستها وقالت بفرحة ظهرت على نبرة صوتها وحماسها بحديث وعد:

- أنا ناوية بجد أخد كورسات واتعلم ازاي اتعامل مع الاطفال ده غير إني نفسي أوي اعمل نادي لحاجة زي كده . 


وعد:

- طب والله فكرة .. لا بقا أنا لازم اعرفك بورد وتشوفوا حاجة وتعملوها سوا .. استني بقا اما اقوم اعمل لنا أي حاجة تسلينا .


أنهت حديثها وغادرت المكان، تاركة خلفها تلك التي ما إن بقيت بمفردها في المكان ناظرت صورته بشوق، وهي من تمنع نفسها كل ليلة بعدم الاقتراب من حسابه الشخصي بالفيس بوك لكونها تعلم تمام العلم كونه يقوم بمشاركة صوره عليها...

ليالي تمضي على وعودٍ وضعها القلب بالنسيان وعدم الاقتراب بأي شيء يجعله يشتاق، لتأتي لحظة ضعف على القلب تهدم كل خطة وضعها لنفسه بيوم من الايام! 

يتناسى ويتغاضى فقط لكونه اشتاق! 


فاقت من شرودها حينما وضعت وعد صينية مليئة بالتسالي مع مشروب بارد .. ابتسمت لها روجينا بتكلف وارتشفت القليل منه ثُمَّ وضعته مُجَدَّدًا بهدوء تام... قائلة بتساؤل:

- هيا أوركيد تبقى مرات كرم صح؟ 


اماءت وعد بخفه وقالت بحب:

- ربنا ما رزقنيش بخلفة بنات لكن عوضني بيها وبـ ورد وأنتِ .. باذن الله هعرفكوا على بعض قريب. 


دق قلبها بعنف وجاهدت في تهدئة نفسها وأخذت تتحدث مع وعد بخصوص أوركيد وكرم والعائلة بأكملها ولكن تجاهد في الحديث عنه وعن زوجته لكي تقنع نفسها بأنه ليس لها، أي غباء هذا؟ تتوهم بأنها ستمحيه من ذاكرتها والقلب يُجيبها بضحكة ساخرة لكونه ساكن بين وريده. 


❤ اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ❤


- يا ورد الوقت اتأخر .. والله هنيجي بكرة ونطمن عليه .


قالها أمير ببعض العصبية من ورد التي تحتضن سراج وترفض رفض تام بالذهاب وتركه بحالته تلك.


قالت برفض وهي تحتضنه بقوة:

- قلت لك مش همشي .. هفضل معاه لحد ما يخف ونمشي سوا .


ناظرها بغيظ وخرج من الغرفة لكي يهدأ من عصبيته منها. 


زفر سراج بهدوء وقال وهو يربت على رأسها بحنان:

- أنا بخير يا حبيبة قلبي بجد والله .. اسمعي كلام جوزك وخليكِ معاه لأنه أكيد محتاجك.


جاءت لتتحدث لكنه قاطعها:

- بلاش كلام كتير يا ورد .. وبلاش تعلي صوتك معاه .. الراجل محتاج من مراته انها تكون محترماه قدام الناس معاه ويبقاله احترامه في كل مكان .. اطلعي له يلا وقولي له ماتزعلش وروحي بيتك وخلي بالك من نفسك .. وابقي تعالي بكرة يا ستي. 


أخفضت رأسها بخجل منه وما لبثت أن تتحدث إلا واستمعت لطرقات الباب، سمحت للطارق بالدخول لتتبين غادة من خلفه بابتسامتها وهي تقترب من سراج الذي يرمقها بنظرات مصدومة أو منتظرًا منها أي ردة فعل. 


قالت بابتسامة ناظرة له بقلق على حالته:

- طمني عليك يا حبيبي.. عامل إيه دلوقتي؟ 


اجابها بسخرية:

- زي ما حضرتك شايفة! 


لم تتعجب لنبرة صوته لأنها طبيعية لشخص مثله،أو لأي شخص يرى امراة أُخرى تجلس محل والدته .. قالت بذات الابتسامة بعدما أخذت تدعو له:

- المهم بقا جيبالك أكل .. أنا ماعرفش أنت بتحب إيه .. بس اللي بتحبه ورد جبتهولك ويا رب يعجبك. 


وضعت بجانبه شنطة طعام وخرجت من الغرفة بهدوء تام.. تتبعتها ورد بعدما ودعته وهي نخبره كونها ستأتي له غدًا. 


نظر للباب بغيظ من تعامله الفظ.. لا يعلم لماذا فعل ذلك؟ هل لكونها تحل محل والدته؟ أم أن نبرتها وخوفها جعلوه يتذكر من فارقت حياته؟ استشعر خوفها الصادق، شعر كونه اطمأن



 لها ويُريدها بجانبه، شعر أنها مثل والدته في قلقها عليه... انسالت دموعه عند تلك اللحظة متذكرًا إياها وتوصيتها التي كانت لا تنتهي، أرخى جسده وترك العنان لعينيه تخوص في نوم عميق.


بينما هي ترجلت من السيارة ودلفت إلى منزلها دون ان تنبس ببنت شفة مما جعل ورد تناظرها بتنهيدة متعبه مما فعله اخيها لتترجل هي الأُخرى ومعها زوجها إلى منزلهما عازمة على محادثتها والاعتذار منها. 


دخلت المنزل لترى جاسر يركض تجاهها متسائلًا بقلق:

- اخباره إيه؟ هو كويس؟ حصل له حاجة طيب؟ طمنيني يا غادة الله يرضى عنك. 


احتوت وجهه بيديها وطبعت قبلة حانية على وجنتيه وقالت: 

- اطمن .. والله بخير والحمد لله الدكتور طمن ورد على حالته وهو دلوقتي كويس .. اطمن بجد. 


تنهد بارتياح وجلس على أقرب مقعد بالصالة حامدًا ربه على سلامته، جلست إلى جواره وارتمت بداخل احضانه بدموع لا تعلم سبب لها او تعلم لكنها لا تُريد التفكير بالموضوع من الاساس.


❤ اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ❤


وضع المصلى جانبًا وتسطح على فراشه، ناظرًا لسقف الغرفة بشرود .. متذكرًا حديث اخته حينما كانت معه ليلة أمس وهي تخبره بعد حديث دام لوقت طويل على ندى بالتحديد.


قالت ميار بضحكة عالية:

- المشكلة انها كانت خايفة منه أوي .. وبتقول ماشلش عينه من عليا .. وقالت عليه رخم ومستفز وبارد ومغرور .. خلاها تتكلم وتقول كلام عمرها ما قالته .. تعرف للحظة حسيتها بتتكلم عنك. 


ضحكت بقوة ليبتسم هو بهدوء وأردف:

- مش عارف اجبهالك ازاي .. بس احساسك صح.


جحظت عيناها وقالت بعدم تصديق ومرح لكي تصلح ما افسدته:

- أنا والله كنت بهزر .. ده أنت بلسم وكيوته في نفسك .


مالك بذات الهدوء:

- بس أنا بتكلم جد .. أنا فعلًا اللي كنت معاها وهيا نفسها البنت اللي كان لي معاها قصة وصور اتاخدت لينا في الجامعة .. وهيا بردو اللي مش بتروح عن بالي لحظة وعمري ما بطلت تفكير فيها .. خطفتني ببساطتها وطيبتها اللي كانت واضحة




 جدًا مع تعاملاتها .. تحسيها طفلة بريئة في نفسها كده، نقابها وطريقة لبسها ومشيتها يخطفوا أي حد .. تعرفي بقيت خايف حد يشوفها ويعجب بيها زي ما أنا أعجبت بيها .. بس أنا حاسس إني وصلت لمرحلة اكتر من الاعجاب مع إني ماشفتش ملامحها لكن راسمها في خيالي ملاك نازل من السما .


كان اعتراف صريح منه وبذات الوقت كأنه كان مغيب عن الدنيا، كان يشعر بحاجة جامحة في الحديث مع أي شخص بما يكنه قلبه كان يتوق لتلك اللحظة التي يعترف بها امام نفسه وشخصًا يستأمنه على سره لكي يثبت أنه يُحبها لتأتي تلك



 اللحظة وذاك الشخص من نصيب اخته التي كانت تُناظره بصدمة حقيقية... مجرد فقط انتهاؤه من الحديث استوعب ما قاله مما جعله يشعر بالخجل لكونه يتحدث على صديقة اخته مع اخته .. جاء ليتحدث لكنها قطعته ميار بسؤالها: 

- هتتقدم امته؟ 


توتر بعض الشيء وأجابها بخفوت:

- اتقدم؟ لا الموضوع مش كده .. أنـ...


قاطعته ميار ببعض الحدة: 

- امال الموضوع إيه؟ تسلية مثلًا؟ ولا بنت عجبتك وهتفضل تفكر فيها؟ طيب آخرة التفكير ده إيه؟ هتروح تتكلم معاها مثلًا؟ ولا هتخليها تقع في حُبك لحد ما تيجي بنفسها وتكلمك؟



 فهمني يا مالك .. لو الموضوع مش موضوع انك تتقدم وتدخل البيت من بابه يبقى اسمه إيه؟ أنت لو مفكر إن ندى من النوعية دي تبقى غلطان وأوي كمان يا مالك. 


زفرت بقوة وتابعت حديثها بهدوء:

- بص يا مالك وقبل ما اتكلم أنا عارفة كويس إن تفكيرك مش كده أبدًا بس مادام عجبتك يبقى تدخل البيت من بابه .. ماتتخيلش مثلًا إنك لما تعمل كده بتعلي من شأن والدها أو البيت اللي أنت داخله، لا ده أنت بتعلي من شأنك ومقامك أنت




 .. أنت حسيت بالميل ناحيتها يبقى تاخد خطوة تجاهها في نفس اللحظة .. اقعد معاها واتكلم واسألها واعرف طريقة كلامها عن قرب وفي الحلال .. فيه فترة خطوبة بتعرفك هتقدر تكمل معاها ولا لا .. فيه قعدات بتقعدوها سوا بتعرفكوا جزء من شخصيات بعض .. هتعرفك حقيقة مشاعرك لكن شغل إنك تفضل تفكر فيها وتسرح في شكلها ومش عارفة إيه ده مش حلو في حقك بجد .


نهضت من مكانها وطبعت قبلة حانية على يده وقالت قبل مغادرتها المكان:

- لو حبيت شخص خد خطوة جد في حقه .. صلي صلاة استخارة وباذن الله خير وهنكلم والدها. 


فاق من شروده على حديثها الخافت بدموع تنسال على وجنتيها:

- مالك .. ماتزعلش مني، انا آسفة بجد والله ما كان قصدي اكلمك بالطريقة دي .. أنا بس الفكرة نفسها خلتني ادايقت .. ماتزعلش مني. 


داعب أنفها بمرح وقال بابتسامة:

- أنتِ هبلة يابنتي؟ مش بقدر ازعل منك والله.


ارتمت داخل احضانه بعدما طبعت العديد من القبلات على وجنتيه .. قالت بعد وقت لا بأس به:

- ها نقول مبروك؟ 


تساءل بتعجب مصطنع: 

- مبروك على إيه؟ 


لكزته بغيظ وقالت بتذمر:

- يا مالك بقا .


ضحك بقوة وقال بتنهيدة:

- مش عارف .. بس انا صليت وحسيت براحة كبيرة .. مش عارف بجد .. متوتر وخايف ولا كأني هتجوز! 


انفجرت بالضحك على حديثه وشاركها هو الضحك مع اخباره لها بأنه سيتحدث مع والدها في أقرب وقت يصادفه لتعتدل في جلستها سريعًا وتطالبه بالاتصال به في الحال .. تردد



 لبعض الوقت لكنها لم تتركه إلا عندما اغلق الهاتف بعدما تحدث مع أحمد الذي استقبله بالترحاب الشديد، تحت نظرات ميار المصدومة بأن ندى ستبقى زوجة أخيها. 


وضع الهاتف جانبًا وقال: 

- اديني كلمته يا ستي .. ارتحتي؟ 


قفزت بفرحة وأخذت تقبله في كل أنش بوجهه تحت ضحكاته العالية... قائلة بفرحة:

- مبسوطـة أووي وبعدين أنت محسسني إنك مش هتطير من الفرحة يعني؟ 


تنهيدة ارتياح خرجت منه في هذه الخطوة التي كان يشعر كم هي بعيدة لكي تتحقق، قال بهدوء:



- بس بصي مش عايزها تعرف .. عايزها تتفاجئ لما نكون عندها هناك ده لو رضيت نروح يعني وأنا هقول للدكتور احمد بأني محتاج كده وباذن الله يتفهم وضعي. 


نهضت من مكانها وهي تركض لغرفتها قائلة بصوت عالي: 

- طيب سلااام بقا .. اروح اشوف هلبس إيه وهعمل إيه مع مرات اخويا.


ضحك عليها بقوة ودعوة بقلبه أخذت تتردد بتيسير الحال لهما.


❤ اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ❤


انتهت للتو من صلاتها للقيام.. أخذت تستغفر ربها مرارًا وتكرارًا كما اعتادت، أمسكت هاتفها وأرسلت رسالة على جروب جماعي بالواتس آب لها ولباقي الفتيات تخبرهم كونها انتهت من صلاتها، ذاك الذي هو منزلهم الثاني لكونهم يتحدثون عليه كثيرًا.   


أرخت جسدها على الفراش وتركت هاتفها جانبًا، ونظرت للسقف بشرود لم يدم طويلًا واستمعت إلى اهتزاز هاتفها مُعلنًا عن وصول رسالة .. فتحتها بقلب تعالت دقاته بشكل متعب لها، قرأت الرسالة بدموع:

- "كرم محتاجك .. ياريت تيجي على عنوان (..) بسرعة" 


وثبت مذعورة وأخذت تذرع غرفتها جيئة وذهابًا بتوتر .. ترددت في الخروج من المنزل دون اخبار أحد، لكنها أخذت قرارها وقامت بارتداء ملابسها بسرعة كبيرة وخرجت سريعًا من المنزل دون ان ينتبه لها أحد. 


أخذت تركض في الشوارع كالمجنونة، تبكي فقط .. استوقفتها سيارة اجره، ترددت في الصعود لكن لا وقت للتفكير.. صعدت سريعًا وقالت للسائق العنوان ببكاء.


وصلت للمكان بعد ما يقارب العشرون دقيقة، ترجلت السيارة بعدما اعطته اجرته... نظرت للمكان بتعجب حيث أن السائق اوصلها عند حي شعبي تحديدًا في عمارة سكنية .. تنهدت




 بقوة وعزمت في الصعود للأعلى تزامُنًا مع اهتزاز هاتفها مرة أُخرى، اخرجته لترى رسالة تحوي على الدور الذي يوجد به الشقة ومكانها، لم يكن عقلها في وقت يجعله يفكر فيما يحدث فقط لا تشعر بأي شيء سوى كونها تُريد رؤيته.


صعدت للشقة لتتفاجئ كون بابها مفتوح، دخلت للداخل بتوجس ويديها ترتعش خوفًا، استمعت لحديثٍ جعلها تشهق بقوة ثُمَّ رؤيتها لآخر شيء كانت تود رؤيته .. صرخت بفزع ووضعت يدها على فمها تمنع صوت صراخها وركضت للأسفل بدموع تتساقط دون توقف على خديها. 


أما عليه تفاجئ بصراخها للحظة ظن كونه يتوهم بوجودها، دار بجسده ليصعق حينما رأها امام ناظريه، ما لبث ان يتحدث إلا وركضت هي دون حديث.. ركض خلفها سريعًا بعدما ارتدى بنطاله وصرخ بصوته لكي تسمعه: 

- أوركيد استني .. حبيبي اسمعيني بس. 


خرجت من العمارة وركضت بسرعة ولكنه كان أسرع منها عندما أمسك بمعصمها تزامُنًا مع صفعة مدوية على خديه منها وهي تصرخ بوجهه مع ضربها لصدره ببكاء: 

- إياك تقرب مني تاني .. إياك . 


ركضت من أمامه إلى أن اختفت عن ناظريه، نظر في أثرها بعصبية من صديقة.. لم يأتي بباله شيء سوى أنه هو فاعل كل شيء، صعد للأعلى سريعًا وتابع ارتداء ملابسه ومن ثُمَّ خروجه من المكان أكمل وتوجهه لصديقة الذي كان في انتظاره وانتظار ما سيفعله.


اقترب منه وهو يتأجج غيظًا، انهال عليه بالضربات المتتالية دون توقف وهو يصرخ به بعصبية جامحة:

- كنت عارف إنها جاية صح؟ كنت عارف وخلتني اجيلك؟ أنت إيـههه بالظبط لأني حقيقي مابقتش عارف! 


أخذت يضربة بوجهه تارة وفي كتفه تارة أُخرى، لا يشعر بشيء أمامه سوى صراخ أوركيد وخيانة صديقة رغم أنه إلى الآن لا يُريد تصديق ما يفكر به ولكن هو الشخص الوحيد الذي يعلم بجلوسه مع الفتاة .. لم يهدأ سوى وهو يراه جسة هامدة امام عينيه. 


ركل جسده بقدمه وصعد دراجته مُجَدَّدًا وانطلق للمنزل. 


كانت تقف أمام باب منزل والدها ببكاء، لا تُريد الدخول ويرها أي شخص بهذه الحالة، دلفت للحديقة ببطء جلست على الأرض وأخذت تبكي دون ان تنتبه لذاك الذي اقترب منها مع



 انهيارها بالبكاء وهي تشعر بالضعف يحتلها بالكامل مما جعله ينتشلها لِحُضنه بحركة عفوية منه، جعلت ما تبقى من ضعفها بالقرب يتضاعف. بكت وبكى قلبه معها، تشبثت بـه وشددت



 على احتضانه وهي تدفن رأسها بداخل صدره وكأنها تُريد اختراقه والاختفاء مما هي به بداخله، ما كان عليه إلا أن يضمها لقلبه بحنان وهو يُجاهد في احتواء ما تبقى منها بكل قوة...


هدأت قليلًا وانتفضت بذعر عندما استوعبت كونها في احضانه، نهضت سريعًا، قال كرم بتوسل بعدما اعتدل في جلسته هو الآخر:

- أوركيد ينفع تسمعيني؟ 


ضحكت بسخرية وقالت بدموع:

- اسمع إيه؟ أنا تعبت من مبرراتك لأخطاء ماينفعش يتغفر لها .. كرم بالله عليـ. 


قاطعها بدموعه التي كانت الصدمة الكُبرى لها كونه يبكي أمامها: 

- أوركيد والله أنتِ مش فاهمة حاجة .. كل اللي شفتيه متدبر ليه .. والله أنا توبت. 


جففت دموعها بحدة وقالت ببرود: 

- أنت توبت من القرف اللي بتعمله وأنا توبت من حُبك .. حُبك بالنسبالي كان مرض بينهش في روحي بدون رحمة لحالتي، كنت بتغاضى عن افعالك .. اقول لك أنا متغيرة معاك ليه؟ 


صمتت لبعض الوقت ثُمَّ تابعت ببكاء:

- لأني شفتك بعيوني يوم الحادثة مع ست غيري .. أنت متخيل؟ أشوف حبيبي في حضن واحدة غيري ومطلوب مني القوة وإني مابعدش! 


ضحكت بقوة وتابعت:

- لا انسى .. أنا اللي هقرر البُعد مش أنت ولا افعالك .. أنا دلوقتي اللي في ايدي اقرر إذا كان علاقتنا تنفع تكمل ولا لا، تعرف .. أنا كرهتـ.. 


قاطعها وهو يرفع يده تجاهها وقبل أن تنسدل على وجنتها كانت يد يوسف اسرع حينما قبضت عليها وقال بهدوء ودموع تتلألأ بمقلتيه:



- مش هيا اللي تضرب .. اللي بجد عايز يضرب ويتربى من جديد فهو أنت. 


أنهى حديثه وهو يصفعه بقوة تحت صدمة أوركيد بما حدث .. تابع يوسف حديثه بعصبية: 

- خبيت عن الناس كلها، وطلبت من مراتك ماتقولش لحد عشان شكلك وهيبتك ماترحش قدام حد، كدبت عليهم وقولت لهم أن اللي حصل مجرد حادثة، ماحدش يعرف إنك كنت مع


 واحده والله وأعلم دي المرة الكام اللي تعمل كده .. وبعد ده كله بتعمل نفس الغلط من تـاااااني .. وعايزني أسكت، وعايزها هيا ماتزعلش وماتعترضش .. أنت عارف لو أبوها عرف هيعمل إيه؟ 

بيحبك وبيحبني زي أخوه وأكتر، بس هتيجي على بنته مش هيعرف أنت مين…


تناهى إلى مسامعهم صوت آدم الهادئ عكس ما يحمله بداخله من عصبية وحزن على ابنته .. قالها ببردو ولا مبالاة وهو يُنطر ليوسف بنظرات جعلته يخفض رأسه خجلًا مما فعله ابنه ..



 كانت الصدمة من نصيبهم جميعًا، وجوده في تلك اللحظة بالتحديد مصيبة، ألقى نظرة سريعة على أوركيد التي تضع يدها على فمها وتبكي بصمت.... قال:

- واهو ابوها عرف .. هتعملوا إيه؟


         

    الفصل السادس والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-