رواية علي ذمة ذئب الفصل العشرون والحادي والعشرون والثاني والعشرون بقلم اميرة مدحت


 

روايةعلى ذمة ذئب

الفصل العشرون والحادي والعشرون والثاني والعشرون



(( الفصل العشرون ))


كان عز الدين يشعر باختناق جلي وهو يقود السياره مسرعاً نحو منزله ، اخذ يتذكر بعض كلمات قالتها عندما كانت تصرخ به ..





( انت اللى عاوز منى ايه ؟ انا عمرى اذيتك ولا عملتلك حاجه ، انا مشوفتكش غير مره واحده ) ( انا منكرش انى حاسه






 الاحساس ده ، بس والله ماعرف هو ليه بيعاملنى كده ) ( حرام عليك بجد ، ليه بتعمل فيا كده ؟! )





ظل عقله متقداً طوال ما تبقى له من طريق حتى وصل إلى بنايته ، وصف السياره امام المدخل واتجه سريعاً نحو المصعد





 ولم تمر ثوانى معدوده حتى توقف المصعد فخرج منه راكضاً فى اتجاه منزله واضعاً المفتاح فى قفله الخاص ، وما ان فتح





 الباب حتى استمعوإلى صوت تهشم زجاج المرآه محدثاً دوياً مفزعاً وسمعها تصرخ ، ليشعر بخوف ، فتحرك مسرعاً نحو




 غرفتها لتتسع حدقتاه عندما رأها تصرخ وتبكى بصوره هيسيتريه وهو تكسر اى شئ يقابلها فى تلك الحاله ، ارتسمت





 علامات الذعر على وجهه حينما رأها فى تلك الحاله المقلقه ، هتف بها بصراخٍ مرتفع :

_ياسميــــــن





نظرت له باعين حمراء وهتفت بصراخ : 




_ابعد عنى ، اوعى تقرب ، لان اقسم بالله لو انت قربت منى لاهموت نفسى !!





عز مبتلعاً ريقه بصعوبه :

_اهدى ، اهدى يا ياسمين ، وصدقينى انا مش هعملك حاجه !


ياسمين صارخه باهتياج : 





_ متقربش وسبنى، سبنى فى حالى بقاا

جحظت عينى عز الدين عندما وجد يداها ملطخه بالدماء




 فاقترب منها مسرعاً وامسك برسغها ليرى انه قد بدأةينزف الدماء بسبب قوه الكسر والتهشم التى فعلتها ، فهتف بفزع وهو ينظر إليها :





_ايه اللى انتى عملتيه ده يا مجنونه !!





ياسمين بصراخ : مخنوقه ، مخنوقه فقولت اكسر كل اللى قدامى ، مخنوقه منك ومن قرفك ، سبنى بقا، ايه ده انت هتعمل ايه !! لألألأ اوعى !!





لم يدعها تكمل حديثها فلقد انحنى فجأه بجذعه قليلاً ليضع ذراعه اسفل ركبتيها ليحملها عنوه فأخذت تصيح فيه غضباً وقد احمر وجهها من شده البكاء والغضب :





_نزلنى ، نزلنى بقاا ، ايه مبتسمعش ؟!





لم يستمع إليها فقد كمم فمها والصق رأسها بصدره فانتفضت بجسدها راكله بساقيها فى الهواء ، اكمل طريقه مسرعاً وخرج من المنزل وتوجه نحو المصعد وفتحه بصعوبه ودخل ليضغط على زره 






بعد فتره كان عز الدين يركب السياره بعد ان ادخل ياسمين بقوه ، وضغط على دواسه البنزين بقوه لتنطلق السياره نحو احدى المستشفيات !!







********************

كان إيهاب واقفاٌ خارج الغرفه التى ترقد فيها منى ويبدوا عليه انه ينتظر احد ، وما هى إلا دقائق معدوده حتى سمع صوت باب الغرفه ينفتح فرأها تخرج وقد ابدلت ثياب المشفى بثياب اخرى كان قد احضرها إيهاب لها !!






_ايه القمر ده ، انا طلع زوقى حلو اوى !

منى بمكر : زوق ! وقصدك ايه فى الكلمه دى ؟!





إيهاب بخبث : اللبس !

منى وكأنها قرأت خبثه : امم طب كويس !

إيهاب : طب يالا علشان نخرج من المستشفى ! 





منى : انا عموماً جاهزه !

إيهاب : طب يالا بينا 




منى : يالا !

وبالفعل خرج إيهاب ومنى من المشفى ، وتوجهوا نحو السياره ليركب إيهاب ومنى فتنطلق السياره بعد ان اضغط صاحبها دواسه البنزين بقوه !!






منى : إيهاب ، فى سؤال شاغلنى ! ليه مودتنيش المستشفى اللى بشتغل فيها وودتنى مستشفى تانيه؟!






إيهاب بجديه بعد ان اخذ نفساً عميق :




_لانى مكنتش عايز حد ياخد باله من علاقتى معاكى ، يقولوا ده مين ده وهو ليه قاعد معاها ، يعنى باختصار كلام الناس هناك مش هيخلص وزى ما انتى عندك صحاب هناك فاكيد عندك عندك اعداء بردو ولا ايه ؟!






منى باعجاب : عندك حق ، انت كبرت اوى فنظرى على فكره !

إيهاب بابتسامه : يارب دايماً





منى : احنا رايحين فين دلوقتى !؟

إيهاب : رايحين شركه بدران السيوفى !





بعد دقائق .. وصل إيهاب ومنى إلى الشركه بدران السيوفى ! وخرجوا من السياره متجهين نحو داخل مقر الشركه !

_إيهاب




هتفت بها من بعد ان توقفت فجأه فنظر إليها متسائلاً : 

_فى ايه ؟

منى وهى تضع يداها على صدرها :





_مش عارفه ليه قلبى مقبوض !

إيهاب بقلق : منى ، ارجوكى انا مش ناقص قلق ، تعالى يالا عشان نروح بدران بيه ونبلغه ونعرف هو هيعمل ايه ؟؛

منى بقلق : م ..ماشى !






وبالفعل تحركوا مجدداً حتى وصلوا اخيراً إلى مكتب السكرتيره ، فهتف إيهاب بجديه :

_بدران بيه جوه ؟!





_لأ يا فندم ، بدران بيه سافر !

إيهاب بصدمه : ايــــــه!!

منى بصدمه: مش ممكن، مش ممكن اللى بيحصل ده !

إيهاب : هو بدران بيه سافر من امتى !؟

_النهارده من ساعه ونص كده !





إيهاب بخيبه امل : ماشى ، شكراً !






بعد انتهاء من كلمته تحركوا نحو خارج الشركه وهم يشعرون بخيبه أمل وبعد ان خرجوا من الشركه توجهوا نحو السياره ليركبوا ، ثم ...

منى : هنعمل ايه يا إيهاب دلوقتى ؟!








إيهاب : مش عارف ، مش عارف يا منى !






*******************

انطلق عز الدين بسيارنه نحو احدى المستشفيلت مسرعاً ، امّا ياسمين فبرغم من انها تشعر بالالام قويه فى يديها إلا ان نفسيتها اصبحت تحت الصفر ، ولكن اخذت تفكر كيف تهرب منه ومن عالمه القاسى !







بعد دقائق توقفت السياره فجأه ، فرفعت رأسها عفوياً لترى انه توقع عند إشاره ما مترقباً تحول إضاءتها باللون الاخضر ، فنظرت ياسمين للطريق العكسى فوجدت ان الإشاره بلون الاخضر ، فبدون تفكير خرجت من السياره مسرعه لتركض نحو الطريق العكسى !!






شخصت انظار عز الدين مصدوماً وهو يحاول الاستيعاب الامر ، ففتح باب سيارته وترك محركها دائراً ، وركض مسرعاً خلفها ،وفجأه وجد هناك سياره وعلى وشك ان تصطدمها ، فهتف بذعر :





_ياسمين خلى بالك !!


لم تستمع إليه بل كان شاغلها هو ان تهرب، ولكن لم تنتبه انها عبرت الرصيف الذى يقع فى المنتصف ما بين الطريقين فبتالى اصبحت لان اصبحت فى الطريق العكسي ! فلم تنتبه من تلك السياره القادمه حيث اصطدم سائقها بدون قصد بحده بها ، فطرحتها ارضاً كرد فعل طبيعى للارتطام !!


ارتطم جسد ياسمين على الارض بعنف وبدأت تنزف الدماء من جميع جسدها !


حاول استيعاب الامر ولكن لم يستطع ، توسعت عيناه ولاول مره يشعر وبخوف والذعر فى آن واحد ليهتف بصوت جهورى ممزوج بالذعر والهلع :

_ياسميــــــــن !! لأااااااا

♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️

(( الفصل الحادى والعشرون ))


قفز قلبه فى قدميه ، وتوقفت عقارب الساعه لوهله ، حاول استيعاب الموقف وهو ارتطام جسدها بعنف ، حاول ان يرفض تلك الحقيقه القاسيه ، ولكن لم يتسطع بسبب عينيه الى تؤكد ذلك !!!


حاله جنون سيطرت عليه، فركض مسرعاً نحوها وجثى على ركبتيه ووضع ذراعه خلف ظهرها ليرفعها قليلاً واخذ يهزها بذراعه لعلها تستجب ولكن لا حياه فيها ، فارتسمت علامات الذعر على وجهه وصرخ مفزوعاً :

_لأ يا ياسمين ، متعمليش كده !!


تجهمر عدد من المواطنين ولكن عز الدين قرر ان يلحقها ويذهب بها احدى المستشفيات ، لهذا امسك بياسمين من خصرها، ووضع ذراعه الاخر اسفل ركبتيها ليحملها بين ذراعيه وركض به مسرعاً نحو سيارته !!


فتح عز الدين الباب بصعوبه ثم اجلس ياسمين على المقعد الامامى بحذر واسند رأسها للجانب واحكم ربط حزام الامام وركب هو الاخر وضغط على دواسه البنزين بقوه لينطلق نحو احدى المستشفيات !!


بعد فتره وجيزه ، صف سيارته امام مدخل المشفى ، وخرج من السياره وتوجه نحو باب الامامى الاخر وفتحه ، ووضع عز الدين يده خلف ظهرها بعد ان امالها قليلاً للامام ، ثم وضع يده الاخرى اسفل ركبتيها وبكل حذر وخفه حملها بين ذراعيه خارج السياره ثم يار بها نحو البوابه وهتف بصوت جهورى : 

_حد يجيلى بسرعه !!


هرع بعض العاملين ناحيه عز الدين ، ثم وضع ياسمين على تروللى ولكن لم يترك يدها حتى وصولوا إلى غرفه العمليات فاضطر ان يترك يدها ولكن لم تدخل هى غرفه العمليات لوحدها بل اخذت معها قلبه وعقله !!!


بعد دقائق ليست بقليله ، خرج احد الجراحين من داخل غرفه العمليات وهتف بجديه :

_عز باشا 


وقف قابلته عز الدين وكانت نظراته توحى بالقلق !!

_هاا اخبارها ايه دلوقتى ؟؛

هتف بها عز الدين بجديه ممزوج بالقلق ، فرد الاخير عليه بهدوء :

_الحاله مش مستقره وهنعرف ان هل فى خطوره حصلت ولا لأ فى المخ بعد 24 ساعه ، بس احنا حالياً محتاحين نقل دم !!


_هى فصيلتها ايه ؟

_ A

عز بشك : ايه !! انا اعتقد ان فصيلتها هى نفس فصيلتى !

الطبيب بجديه : 

_لو حضرتك يا باشا عاوز تتبرع جزء من دمك ليها، يبقى لازم نتأكد ان فصيلتك نفس فصيلتها ، خاصهٍ ان حضرتك مش متأكد !!


عز : ماشى ، لو طلع انها نفس فصيلتى ، يبقى تاخد كل اللى انت عاوزه من دمى !!


الطبيب : طب اتفضل معايا يا باشا !!


توجه عز الدين مع الطبيب وتم اجراء التحليل وبعدما تأكد ان الفصيله متطابقه توجه معه إلى حيث ياسمين تركض فى غيبوبتها لا تشعر بأى شئ من حولها !

جلس عز الدين على الفراش المواجه لياسمين وحدث لنفسه قائلاً :

_ضيعتك ، ضيعتك من غير ما احس ، كلمه سمحينى عمرها ما هتجيب نتيجه ، بس اكيد هيجى يوم تسامحينى فيه !


بعد فتره عادت الممرضه إلى عز وقبل ان تنزع الإبره ، اردف هو بجديه :

_لحظه ، انتوا اخدتوا كل الدم اللى محتاجينوا !!


طبيب : لا يا عز باشا ، هى لسه محتاجه وحضرتك كفايه عليك ، لانها نزفت كتيير !

_لأ خدوا اللى انتوا عاوزينوا ، المهم انها تبقى كويسه !

طبيب : يا عز باشا ، صحه حضرتك مش كويسه !! 

عز بغضب : ملكش دعوه ، اتفضل شوف شغلك !

طبيب : طب سؤال عشان اطمن على حضرتك وانا بسحب الدم هو حضرتك اتعشيت امبارح كويس وفطرت النهارده الصبح ؟


عز : لأ

الطبيب بصدمه : لا يا باشا مش هقدر اسحب ااا

قاطعه عز بشراسه : 

_انا قولت خد الدم اللى انت عاوزه ، انا عاوز دمى يكون بيجرى فى جسمها مش دم حد التانى !


الطبيب : امرى لله !

ثم وجه حديثه للممرضه : كملى انتى وخدى الدم اللى مريضه محتاجه !

الممرضه : حاضر


وبالفعل بدأت تكمل مهنتها ولكن عز الدين كان يشعر بالفعل بعض من التعب ولكن قاوم ذلك الشعور واخفض بصره ناحيه ياسمين متأملاً سكونها وبعد دقيقتين نزعت الممرضه الابره النى كانت تسحب بها الدم واعطته كوباً من العصير البرتقال الطبيعى !!


الممرضه : اتفضل حضرتك عشان تعوض الدم اللى خدناه من حضرتك !!

عز باقتضاب : مش عاوز !

الممرضه : لازم يا باشا مينفعش حضرتك كده هتدوخ !

عز بانفعال : لأ مش هدوخ وياريت تمشى من قدامى !


بعد ذلك خرجت من الغرفه فتنهد عز الدين تنهيده حاره ، ووجه نظره ناحيتها ياسمين فوجدها مازالت فى غيبوبتها !!


اخرج عز الدين هاتفه من جيب بنطاله ولمسه بعض لمسات ثم وضعه على اذنه منتظراً الرد ، وبدأ يشعر بتعب يغمر جسده ، ولكن نفض ذلك الشعور وانتظر الرد بفارغ الصبر حتى رد عليه اخيراً :

_ألو .. ايوه يا إيهاب !

_ايوه يا عز ، خير !!

_ياسمين عملت حادثه بالعربيه ونقلتها المشفى ، ياريت تيجى واسم المشفى ***اللى دايماً بنتعامل معاها!!

إيهاب بصدمه : ينهار اسود ! طب انا جاى حالاً !!


اغلق إيهاب وضغط على دواسه البنزين بقوه ، لتهتف منى بذعر :

_فى ايه يا إيهاب ؟!

_عز كلمنى وقالى ان ياسمين عملت حادثه بالعربيه وفى المستشفى دلوقتى !!

منى وهو تضع يداها على صدرها وانسابت عبارتها : 

_ايــــه !! ياسمين حصلها كده !! 


بعد دقائق وصل إيهاب المشفى وصف سيارته امام المدخل وترجل مسرعاً وبرفقته منى ودخلوا المشفى !


ظل عز الدين جالساً مكانه، قرر النهوض ولكن شعر بدوار يهاجمه فجلس مره اخرى ولكن حاول الصمود ونجح فى ذلك ونهض من مكانه وخرج من الغرفه!!ليرى إيهاب يتجه نحوه وبرفقته فتاه ، شعر انه رأها من قبل وسرعان ما تذكر فإنها صديقه ياسمين ، تنهد عز الدين باختناق ووجه نظره لإيهاب الذى وقف قابلته وهتف بحده :

_ايه اللى حصل لياسمين !!


عز وهو يشيح وجهه : الدكتور دلوقتى هيقولى عندها ايه بالظبط !!

منى بانفعال : ليه عملت كده يابنى ادم ، ازاى تعمل كده ، دا انا هموتك !!


وحاولت ان تقترب لولا يد إيهاب التى منعتها من فعل هذا ، فنظرت لعز شرزاً وهتفت : 

_انا رايحه اشوف ياسمين واطمن عليها !


وبالفعل غادرت من امامهم لينظر لعز الدين بضيق ولكن تبدلت ملامحه إلى قلق عندما وجده يغمض عينيه بقوه وقد وضع يده على رأسه فهتف بقلق :

_فى ايه يا عز ، مالك ؟ شكلك مش عاجبنى !

_مش عارف يا إيهاب ، دماغى ، دماغى وجعانى اووى ، انا عمرى ما حسبت بالوجع ده !!


إيهاب مبتلعاً ريقه بصعوبه : 

_عز ؟ متخلنيش اقلق عليك !!


رأى إيهاب احد الاطباء يخرج من الغرفه فتوجه إيهاب نحوه هو وعز الدين ليهتف إيهاب بقلق :

_ها يا دكتور ، طمنى ؟!


الطبيب: انتوا قرايب البنت اللى لسه جايه عمله حادثه ؟!

عز بلهفه ولاول مره : ايوه !!

اطرق الطبيب رأسه بأسف وهتف :

_ البقاء لله ، شدوا حيلكم !!


نزل الخبر عليهم كالصاعقه وخاصهٍ عز لم يستطع ان يتحمل الصدمه ، فبدأ يشعر بدوار قوى يهاجمه، فبدون قصد اسند على ذراع إيهاب ، فامسكه إيهاب مسرعاً وهتف بقلق بالغ :

_مالك يا صاحبى ؟؟ فى ايه ؟!


عز بدون وعى : لأ ياسمين لأ ، مش قادر ، مش قادر ، آآآآآآآه !!

صرخ عز الدين وهو يضع يديه على رأسه ويشعر ان الدوار يزداد وهناك صداع قوى يهاجمه ايضاً 


لم يستطع ان يتحمل الصدمات التى تلقاها اليوم وفكره خسارتها للابد جعله فى حاله غير طبيعيه ، فاستسلم لمصيره واغمض عينيه ليسقط مغشياً عليه امام إيهاب الذى هتف بصراخ :

_عـــــــز !

♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️


(( الفصل الثانى والعشرون ))


_ فى احدى المستشفيات الراقيه !!!!


سقط عز الدين فاقداً الوعى ، واستسلم لمصيره المؤقت ، صدم إيهاب وشعر بالفزع والذعر على رفيقه ، فهدر بصراخٍ وقد ارتسمت على وجهه علامات الذعر :

_عــــــــــز !!!!!


صوته كان كافياً ليهز اركان المكان ، جثى على ركبتيه بعد ان وقع عز الدين وامسك رأسه براحتى يده ليهزه وهو يشعر بذعر وقد خانته دمعه ساخنه وهتف :

_عز !! فوووق يا صاحبى !! فوق بقااا !!


تحولت عينيه من قلق والذعر إلى جمرتين من النار وهو يحول نظره إلى ذلك الطبيب الذى ظل واقفاً مكانه وقد حلت الدهشه والذهول على وجهه والذى فغر ثغره مصدوماً مما رأه ، شعر إيهاب بأنه سينقض عليه بسبب وقوفه هكذا كلأبله ، فهدر به بصوته الجهورى :

_ انت غبى ولا ايه ؟؟ واقف بتعمل ايه ؟! اتصرف بسرعه ؟!


الطبيب بنبره مرتجفه :

_ اسف يا باشا ، ثانيه واحده !


وفى عده ثوانى تجهمر عدد لا بأس به من الاطباء ذو كفأه ومهاره ، وحاله ذهول سيطرت عليهم عندما رأوه فى تلك الحاله ، ولكن نفضوا تلك الحاله ، فلا وقت لهذا الذهول !! وسرعان ما احضر احدهم وهو يركض مسرعاً ويجر (( سريراً معدنياً نقالاً )) ناحيه إيهاب وهتف بجديه :

_شيلوا الباشا وحطوا على التروللى بسرعه !!


اتى بعض من الاطباء وبدأوا بمحاوله ان يحملوا جسد عز الدين وساعدهم إيهاب على ذلك !!


ادخلوا عز الدين غرفه الطوارئ وانتظر إيهاب فى الخارج ، وفى نفس الوقت .. جاءت منى مسرعه عندما استمعت إلى تلك الضجه وعندما رأت عز الدين يدخلونه غرفه الطوارئ ، فاتجهت مسرعه نحو إيهاب وهتفت :

_فى ايه يا إيهاب ؟!


إيهاب مغمضاً عينيه : 

_عز فقد الوعى !

_ايــــــه !! معقول الكلام ده !! الهضبه يحصلوا كده !!


إيهاب بسخريه من كلمتها :

_اه !! الهضبه حصله كده ...


منى بحرج :

_انا مقصدش !!

_عارف !!


منى براحه : 

_الحمدالله ، اطمنت على ياسمين !!

_نعــــــم !!! اطمنتى ؟؟

_اه اطمنت !! فى ايه ؟!

_هى ياسمين مامتتش !!


منى وقد اشتعلت وجنتيها من الغضب :

_بعد الشر ، ايه اللى انت بتقوله ده ؟؟ ومين المتخلف اللى قالك كده ؟؟

_فى دكتور قالنا كده !! ان الحاله اللى عملت حادثه بالعربيه ولسه واصله حالاً توفت !!!


منى بغضب :

_لأ ياسمين كويسه ، ممكن يكون قصده على حاله تانيه !!


إيهاب بابتسامه واسعه :

_يعنى ياسمين عايشه !! مامتتش ؟!!


منى بغضب : 

_قولتلك بعد الشر ، لانها لو جرالها حاجه كنت هحصلها !!


إيهاب بخبث :

_بعد الشر عليك يا جميل !! ما انت لو جرالك حاجه انا كمان هيجرالى ، ولو جرالى حاجه يبقى عز بردو هيجراله ، ويبقى كده كلنا موتنا علشان خاطر ياسمين !!


ابتسمت منى بسبب تلك المزحه ، فهتف الاخير بجديه :

_بس عارفه يا منى انى مبسوط جداً ، انا حاسس انى كنت فكابوس بس انتى طلعتينى منه !!


منى بسخريه : 

_وياترا حصل ايه للهضبه خلاه يفقد الوعى !!

_بردو بتقول الهضبه ، على العموم انا هقولك الإجابه وهما كلمتين بس !!


منى : يا ترا ايه ؟!

إيهاب باستفزاز :

_ملكيش دعوه !


استندت منى على الحائط واردفت بنبره تحمل الغيظ :

_ رخم !!!


بعد دقائق .. خرج الطبيب من الغرفه التى يرقد فيها عز الدين ، فتحرك إيهاب نحوخ وخلفه منى وهتف بقلق :

_خير يا دكتور !!


_متقلقش يا إيهاب بيه ، عز باشا واضح جداً انه اتعرض لصدمات هو مش قدها ، فاعصابه مقدرتش تستحمل ، وغير كده لما اتبرع بالدم بكميه كبيره النهارده مشربش عصير وكمان عرفت من الدكتور اللى كان بيسحب الدم انه مفطرش ولا اتعشى امبارح ، فجاله هبوط ، والصداع القوى اللى حسه كان بسبب الحالتين دول ، ومتنساش يا إيهاب بيه ان عز باشا راجل رياضى ، والرياضى بيحتاج ان الغذاء !!!! 


إيهاب : طب هو فى سؤال ! هو اتبرع بالدم ده لمين ؟!

الطبيب : للانسه اللى كانت معاه !!


منى وهى ترفع حواجبها :

_نعـــــــم !!


إيهاب بجديه :

_دى مش انسه يا دكتور ، دى مدام ، مدام عز باشا السيوفى !


الطبيب بصدمه وتوتر :

_ هااا ، ااا على العموم انا مكنتش اعرف ، والف مبروك !


_ طب واخبار المدام ايه ؟!

_لأ متقلقش ، المدام كويسه ، هى كان حصلها نزيف بس واقفنا الحمدالله وعوضنا الدم ، بس المهم انها متتحركش وحصلها كسر فى رجليها الشمال !!


_شكراً يا دكتور ، هو انا اقدر ادخل لعز !

_اه طبعاً اتفضلوا ..


غادر الطبيب من امامهم ليتحرك إيهاب ومنى نحو الداخل وسحبوا مقعدين ليجلسوا ، ولكن جلس إيهاب بجانب عز وهو يشعر ببعض من الشفقه عليه ، فعلى رغم من تدهور علاقتهم إلا انه الوحيد الذى يشعر ما بداخل رفيقه ، فهو عانى كثيراً فى حياته القديمه !! ولا احد يعلم ذلك إلا هو !!!


منى :

_ انت غريب اوى يا إيهاب ، باين عليك انك خايف عليه ومشفق فنفس الوقت !!


_ بصى يا منى ، عز صديق عمرى ، وانا وهو اتربينا مع بعض ، وانا حاسس بيه وفهمه وهو طول الوقت بيقاسي على نفسه وبيعاند لحد ما بقى كدا ،اوعى تفتكرى انى لما بلغت عنه علشان مبحبوش ، لأ خالص ، انا عملت كده عشان افوقه من الصدمات الماضى اللى لسه عايش فيه !! واهو فاق والغشاوه اللى كانت فى عينيه راحت !!


_انا منكرش انى اشفقت عليه ، بس ده بردو ميمنعش انى مش طايقه ابص فخلقته بعد اللى عمله مع ياسمين !!


_منى ! كفايه كلام عن الموضوع ده !!


منى وهى تنهض وقد تحركت نحو الخارج :

_انا اصلاً همشى علشان اروح لياسمين واطمن !!


إيهاب : اوك !!


خرجت منى من الغرفه ولكن ظل إيهاب جالساً بجانب عز الدين !!


على رغم من غيبوبته المؤقته إلا ان عقله وذاكرته كانت تعملان ، مقطتفات كثيره رأها فى غيبوبته !! 


مقطتفه عن حياته الطفوليه التى لم يذق منها طعم الحنان على يد والدته ، مقطتفه عاندما كانت تعذبه بالسب والضرب فى وقت غياب والده ، مقتطفه عن الحقيقه القاسيه التى سمعها من والدته وهى تصرخ بوالده ، مقطتفه عن اول حبيبهٍ له وخيانتها له وكشف حقائق لم يتصورها !! مقتطفه عن تعذيبه لياسمين ، مقتطفه ارتطام جسدها بعنف وخبر وفاتها !!!!


لم يستطع ان يتحمل تلك المقطتفات القاسيه ، فاخذ يهز رأسه بقوه وهو يشعر باختناق جلي ، وبدأ يهز رأسه مجدداً ولكن بعنف لكى يخرج من تلك الحقائق المأسويه !! 


نهض إيهاب مسرعاً عندما رأه فى تلك الحاله الغير طبيعيه ، شعر بالذعر مجدداً واخذ يهزه بقوه لعله يفيق ، خاصهٍ عندما رأه علامات وجهه التى توضح ما بداخله ، فعلم انه يعيش فى ذكريات الماضى والحاضر التى لا تريد ان تتركه ، فاخذ يهزه بعنف وهو يهتف برعب جلي :

_ عز ، فووق يا عز ، انت بتحلم صدقنى ، فووق يا صاحبى !!!


بدأت تتراخى معالم وجهه وبعد ثوانى فتح عينيه والتفت برأسه ناحيه إيهاب وهتف بنبره تحمل الضعف ولاول مره :

_إيهاب !


إيهاب بابتسامه بسيطه :

_اهدى يا عز ، انا جمبك متقلقش !


عز بضعف : 

_فى حد هنا فى الاوضه ، انا مش عاوز حد يشوف ضعفى !!

_متقلقش مفيش حد ومش هسمح لاى مخلوق انه يشوف ضعفك !!


عز غير مصدق :

_هو فعلاً حصل اللى سمعته !!


إيهاب جالساً بجانبه :

_لأ ، وهو كان قصده على واحده تانيه !! ياسمبن كويسه ، محلصش غير نزيف وهما وقفوه وحصل كسر فرجليها الشمال !!


وكأن كلماته كانت البلسم ، لا يعلم ما هى القوه التى اتت له ، اعتدل هو فى جلسته وتنفس براحه :

_اااااااااه 

إيهاب :

_حاسس بايه دلوقتى ؟؟

_تعبان ، دماغى مصدعه جامد !!

_طب بص انت لازم تاكل حاجه . انت مش هتعرف تمشى غيى لما تاكل !!

_ مليش نفس !!

_طب علشان خاطرى !!

_يعنى ياسمين كويس !!

_اه والله ، يالا بقا هتاكل ولا لأ ؟!

_انت قولت علشان خاطرى وانا اكيد مش هكسر بخاطرك !! 

_طب ثانيه ورجعالك تانى !!


وبالفعل خرج إيهاب من الغرفه ، ليهتف عز محدثاً نفسه قائلاً :

_لازم اصلح اللى عملته ده ، حتى لو اخر يوم فعمرى !!


دخل إيهاب الغرفه وهو يحمل صنيه من الطعام وهتف :

_ الاكل وصل يا معلم !

_الواحد مش عارف كان هيعمل ايه من غيرك!! 

_ يا بنى انت صىاحب عمرى ، بس انا حاسس انى اتولدت علشان افضل اقولك فووق ، حتى وانت تعبان لردو بقولهالك !!


عز بمكر :

_طب قولى بقا ، ايه حكابتك مع صاحبه ياسمين !!


إيهاب بتوتر :

هاا ،قصدك منى ؟؟


عز بخبث :

وهو فى غيرها !!


إيهاب : لا مفيش زى ما تقول كدا ، كنا عملين فريق البحث عن ياسمين !

                الفصل الثالث والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول اضغط هنا


تعليقات



<>