رواية لمن القرار
الفصل الحادي والاربعون
**************
بقلم سهام صادق
استندت بجسدها خلف الباب الذي أسرعت في إغلاقه للتو، تنظر نحو ملامح صديقتها بأنفاس لاهثة وبجسد يرتجف من الخوف.
- لو اتطردت من المستشفى هيكون بسببك..، هتعملي إيه يا حورية في المصيبة ديه
ندبت "حورية" سوء حظها، فضحكت الأخرى وهي تلتقط ذراعها؛ تدور بجسدها أمامها صائحة بسعادة وكأنها حصلت على اليانصيب.
- ده هيكون سبق صحفي في المجلة محصلش
وتنهدت حالمة وقد عادت تستقر بجسدها تنظر نحو ملامح صديقتها القاتمة
- حورية متخافيش الراجل ملحقش ياخد باله من شكلي
وابتسمت وهي تسرد لها مغامرتها التي ترها حظًا قد اتي إليها قبل أن تُطرد من المجلة
- هو يدوب لقطني لما لقطت المشهد بينهم وهوب أختفيت من قدام عينيه
- يا فرحتي بيكِ هوب اختفيتي، أنتِ عارفه ده مين ده
ارتفع حاجبيها متسائلة فاردفت حورية وهي تنفث أنفاسها بضيق
- رجل أعمال، يعني راجل معاه فلوس يقدر يوصل ليكِ وليا واتطرد من شغلي
عادت حورية تندب حظها تنظر نحو الهاتف القابع بين يدين
" عزة " صديقتها، وأسرعت نحوها تلتقطه منها لترى المشهد الذي سجلته صديقتها.
- الفيديو ميعديش الدقيقتين بس في نجاح صاحبتك ياحورية
واستطردت برجاء تحاول كالعادة نيل دعمها
- صاحبتك قدامها فرصه واحده بس في المجلة وحلمي يضيع
تابعت حورية المقطع المسجل وصوت صراخ المرأة المكلولة على حالها، تترجى الواقف أمامها أن لا يتركها ويطلقها وكم هي تحبه.
توقف المقطع، فهتفت عزة تُحاول إستدراج عاطفتها كأنثي
- راجل طاووس متغطرس زي باقية الرجالة..، زي مكرم خطيبك اللي سابك قبل فرحكم بأسبوع
احتدت ملامح حورية وهي تتذكر ما حدث لها ممن كانت تطير به هيامًا، و " عزة" كصحفية مبتدئه سيكون لها مستقبل كانت تدوس وتضغط حتى تحصل على ما تُريد.
صرخت حورية بها تدفع الهاتف إليها، وابتعدت عنها تقضم أظافرها
- ضغطي على أوجاعي؛ عشان تظهر روح المرأة الداعمه عندي مش كده؟
طالعتها " عزة " بعينين سعيدتين؛ فقد نجح الأمر، ثم دلكت عزة رأسها وانفرجت شفتيها في ضحكة قصيرة خافتة
- شايفة مستقبل صاحبتك المشرق فمتضيعهوش بقي
رمقتها حورية حانقة واقتربت منها تدفعها فوق صدرها
- مستغلة وهتوديني في داهية
ولكن كالعادة كانوا يتعانقان في حب، يتواعدان أنهما دومًا سيكونوا بجانب بعضهم مهما عصفت بهم الحياة
- مكرم ده كان نص راجل ده لو اعتبرناه راجل يعني، ده أنا رقصت يوم ما عرفت إن الجوازة اتفركشت
وحورية تعود لدفعها فوق كتفها هاتفة
- أه قاعدت جانبك وبقينا زي الخيار المخلل جانب بعض
فابتعدت عنها "عزة" تهندم من ثيابها وانحنت تربط رباط حذائها
- فشر إحنا مخللناش، إحنا بس في عصر السرعة
وبعدما كانت "حورية" تستعد لما هو قادم، كانت تنسى ما حدث وأصبح الأمر وكأنه لم يكن
- تعالي أما اشوفلك الطريق وأخرجك من المستشفى
...............
طرق طاولة مكتبه بطرقات متتالية، يُحاول جاهداً أن يخرج طاقة غضبه بشئ ولكن غضبه لم يقل وهو يستمع لحديث محاميه ومديرة التسويق التي تخبره كم تراجعت أسهم شركة مستحضرات التجميل خاصته
- جسار بيه حضرتك لازم تطلع توضح صحة الفيديو بأي طريقه
اغمض جسار عينيه يحاول استجماع شتات نفسه متسائلًا
- مين البنت ديه
ومحاميه كان يعطيه الإجابة قبل أن ينسحب من أمامه
- كل المعلومات هتكون عندك يا فندم خلال ساعة
ترك المحامي الغرفة مسرعاً، فتنهدت الواقفة وقبل أن تفتح فمها للحديث، كان هاتفه يدق.. وأصبح يومه إتصال وراء اخر والكل يحاول أن يستفهم الأمر ويُصلح الأمور بينه وبين زوجته.
..........
والأمر كان مختلفاً لدي جيهان التي أخذت السعادة ترقص في عينيها، لا تستوعب أن الحظ لم يخونها وقد جاءت الفرصه دون أن تسعي وتخطط.
زفرت أنفاسها براحة ومتعة وهي تستمع لمقطع الفيديو عبر وسائل التواصل الإجتماعي والجميع متعاطف معها، والمنشط الصحفي أصبح تريند يتداوله الجميع خاصة النساء داعمين لها.
تعالا رنين هاتفها فالتقطته تنظر نحو الرقم الغير مدون في سجل هاتفها
- مدام جيهان إحنا مجلة " INW" محتاجين نعمل مع حضرتك ريبورتاج صحفي
............
تركت ما تحمله من بين يديها واقتربت من جنات القادمة نحوها تحمل لها بعض من كتبها
- لقيتك عمرك ما هتفكري تيجي عندي تاخديهم قولت أجيبهم أنا
التقطت فتون منها الكتب تشيح عنها عينيها، فسقطت دموع جنات وهي ترى علاقتهما كيف أصبحت
- مكنتش عايزة أتأمر عليكِ معاه، كنت عايزة اديلك فرصه
احتدت عينين فتون وهي تسمع تبريرها، وسؤال أرادت سؤاله لها منذ وقت
- عشاني ولا عشانك يا جنات؟
و جنات ولم تكن إلا إنسانة صريحة
- عشانا إحنا الأتنين... أنتِ عشان تعرفي حكايتك مع سليم النجار هتكون نهايتها إيه؟.. وأنا عشان أخد حقي من الدنيا، أخد حقي من ناس إستعرت تعرفني ويمدوا أيديهم يسلموا عليا
ارتخت ملامح فتون وهي تسمعها، وجنات كانت تصرح لها بدواخلها
- لما شوفت " كاظم النعماني" في الشركة انبهرت بي، فضولي اخدني إني اعرف مين الراجل اللي هالة الوقار بتحاوطه
واطرقت عينيها تتذكر تلك اللقطات التي مرت
- مصدقتش نفسي إنهم اهلي، نفسي بقت تصعب عليا أوي يا فتون، مافيش أهل تسندي ضهرك عليهم ولا حتى شريك حياة يشتريكِ بالغالي
ومسحت دموعها تلتقط أنفاسها تنظر نحو فتون التي علقت عينيها بها بحزن
- استنيت يوم الأجتماع اللي هيتحط في بنود الشراكة و "جودة النعماني" هيكون موجود، ابن عم أبويا يعني عمي يا فتون.. روحتله اسلم عليه قدام عربيته..عارفه قالي إيه
وعادت دموعها تنحدر فوق خديها
- عمل نفسه إنه مش عارفني ولا حتى عارف أبويا
وارتسم الحقد فوق ملامحها وقد عاد حقدها نحوه
- حلفت إني هاخد حقي منه، سامحيني يا فتون بس سليم النجار بيحبك ده اللي بقيت متأكده منه خلاص ومطمنه عليكِ معاه
انتظرت جنات أي ردة فعل منها ولكنها ظلت ساكنه مكانها متعاطفة
- اسعد ابن عمتي رجع يظهر في حياتي من تاني، عايز يفضحني وسط الناس وبيبتزني عشان ياخد مني فلوس
وتعالت شهقاتها بقهر
- عايز يفضحني في شرفي يا فتون
تحولت ملامح فتون للصدمة وسرعان ما اقتربت منها تضمها إليها بقوة
- اهدي يا جنات مش هيقدر يعملك حاجه
- كاظم النعماني حطني في دماغه... هو اللي ورا ظهور أسعد من تاني في حياتي
واردفت بخوف
- اسعد ده إنسان حقير ممكن يعمل اي حاجة عشان ياخد فلوس
ابتعدت عنها فتون تنظر إليها تسألها بتوجس
- مش كان اتفاقك مع سليم إنه هيساعدك مقابل ما هتساعديه
صمتت جنات، فحدقت فتون بها تنتظر جوابها
- جوزك بقى بعيد عن مجال المحاماه دلوقتي، مؤسسته بيديرها صديقه
وعادت لصمتها تتذكر حديث سليم معها
" مافيش أوراق تثبت ملكية والدك الله يرحمه للأرض، كل أوراق الطرف التاني صحيحة... الجواب اللي معاكي ميثبتش حاجة قدام المحكمة، والقضية هتطول في المحاكم"
وتعلقت عينيها بزجاجة المياة الموضوعة فوق الطاولة، فاقتربت من الطاولة والتقطتها ترتشف منها تستطرد بحديثها
- جوزك بيزنس مان دلوقتى، مش هيخسر صفقته عشاني
وهمست تتبع حديثها بحرقة
- بيقولي عرض الاتنين مليون جنية قيمة نصيبي في الأرض؛ لأن القضية هتطول في المحاكم عشان مملكش أثبات تعترف به المحكمة.. بس أنا مش عايزة الفلوس أنا عايزة أرضى يا فتون.
طالت نظرات فتون إليها.. فاقتربت منها جنات تمسك يديها برجاء متمتمة
- فتون أرجوكِ متخليهوش يتخلى عني زي ما وعدني
وفتون صامتة تستمع إليها وقلبها يزداد غضبً نحو سليم
.........
وضعت الخادمة الطعام أمامهم، كان ينظر لها من حيناً إلى أخر وهو يطعم طفلته، والصغيرة كانت سعيدة بدلال والدها لها.
نهضت عن الطاولة بعدما مسحت فمها متمتمة وهي تنظر نحو الصغيرة التي علقت عينيها بها
- تصبحي على خير يا ديدا
ابتسمت الصغيرة وقد رفعت لها خدها كي تقبله، فانحنت فتون نحوها تلثم خدها
- بكرة هنعمل الكيكة اللي قولتيلي عليها وهتحكيلي حدوته
تسألت الصغيرة، فابتسمت وانحنت مجدداً تلثم خديها
- أنا وعدتك يا ديدا، بس بكرة عندي أمتحان مهم ولازم اقوم أذاكر
رمقها سليم وقد ترك معلقته، فهو وكأنه غير مرئي أمامها
- عندك أمتحان، وراجعه متأخر من المطعم
وبكلمات مقتضبة كانت تجيبه دون أن تطالعه
- المطعم كان في زباين، وأنا بعرف أنظم وقتي كويس.. متوعدة زي ما بتقول يا سليم بيه
غادرت المكان فعلقت عينين صغيره به، وبصوت حاول أن لا يكون جهوري كان يهتف باسم السيدة ألفت
- مدام ألفت خليكي جانب خديجة لحد ما تخلص أكلها
أماءت السيدة ألفت له برأسها وجلست جوار الصغيرة تُلقي بنظرة خاطفة نحوه وهو يصعد الدرج بخطوات سريعة
.............
انفلتت منها شهقتها وهي تراه يدلف الغرفة يغلق الباب
خلفه بقوة، ضمت كُتبها إليها تتحاشي النظر إليه، مما جعل حنقه يزداد
- ممكن أفهم سبب تصرفاتك ديه؟
تسألت بخفوت وهي ترى اقترابه منها
- تصرفات إيه؟
- هحاول أصدق إن تصرفاتك من غير قصد يا فتون
ومع اقتراب خطواته منها كانت أنفاسها تتسارع
- أسألك اخبار يومك في المطعم إيه مترديش، احط أقدامك الطبق تبعديه عنك ، وفي الأخر ردك عليا بمنتهى الاستفزاز.. مش معقول تكوني في عمر خديجة يا فتون
ازداد صوته حدة، فنهضت من فوق الفراش تقف أمامه
- وعدت جنات تساعدها للآخر، أتخليت عنها في بداية الطريق، طبعا بعد ما وصلت للي عايزه خلاص المهم صفقاتك
ارتسمت ابتسامة واسعة فوق شفتيه وهو يراها تتحدث معه هكذا، وسرعان ما تلاشت ابتسامته يطرح سؤاله بمكر
- وصلت لأية يا فتون بالظبط، أنا مش شايف إني وصلت لحاجة
وبخبرة يجيدها كان يعبث ويتلاعب معها، امتدت يديه نحوها يجذبها إليه في سرعة خاطفة جعلتها تشهق من فعلته
- فتون، جنات واخده الموضوع تحدي وعناد، أنا متخلتش عنها.. جنات مكنتش هتاخد حاجة من عيلة النعماني لا فلوس ولا أرض
حاولت دفع ذراعيه عنها ولكنه احكم حصارها حولها
- جنات أه بتحبك بس بتدور على مصلحتها يا فتون، القضية خسرانه وأنتِ بتدرسي دلوقتى القانون وعارفه ده كويس
- مدام القضية خسرانه وعدتها ليه من الأول؟
وبسلاسة كان يجذب ذراعها يُجلسها فوق الفراش ويجلس جوارها
- كانت قايلالي عندها الأوراق اللي تثبت ده، والأوراق مكنتش غير مجرد جواب مكتوب من "جودة النعماني" لوالدها، حتى تاريخه قبل تاريخ المبايعة لو زي ما بتقول جنات إن المبايعة تمت عن طريق التوكيل..
توقف عن حديثه ثم طالع نظرتها إليه، فمسح فوق خدها بعدما اتخذت وضع الأنصات كطفلة صغيرة
- جودة النعماني مكنش بقى رجل أعمال وليه اسم لو مكنش ذكي في كل خطوة بيعملها
- يعني مش هتقف مع جنات عشان متخسرش شريكك
- أنتِ عايزة إيه يا فتون؟
ومال نحوها وهو يسألها، فابتعدت بجسدها عنه ولسوء حظها كانت تميل فوق الفراش فتُعطيه فرصه لمحاصرتها
- جنات ساعدتني كتير زمان، جنات ملهاش حد.. هما المفروض أهلها يدوها حقها مش ياكلوه
- هتفاهم مع كاظم النعماني في الموضوع
واقترب منها اكثر وهو يعطيها جوابه، ابتلعت لعابها وهي ترى اقترابه يزداد
- كاظم النعماني راجل خسيس، دفع فلوس لابن عمتها عشان يفضحها لو مقبلتش بعرضه واخدت الفلوس وبعدت عن عيلته
- مش هخلي حد يأذيها يافتون، مدام تحت حمايتي
وعند اخر كلماته كان ينال منها ما طمح وأراده قلبه ، قاومته بضعف ولكن مع خبرته كان يجعلها مرحبة بين ذراعيه مستسلمة.
وأسفل المياة الرطبة كانت ترثي حالها، لقد عادت شخصية
" سليم النجار" تسيطر عليها، لقد عادت الخادمة لجحر سيدها مرحبة.
خرجت إليه بعدما استجمعت شتاتها وكفت عن البكاء، ولكن الصدمة كانت من نصيبها
طبق به بضعة أرغفة مُعدة وكوبان من القهوة والكتاب الذي
لا بد أن تُذاكر صفحاته الليلة موضوع فوق الطاوله وهو ينتظرها وقد استرخي فوق الأريكة.
- اعملي حسابك مش هتنامي غير لما نخلص كل اللي متذكرش، اومال مين هيمسك بعد كدة مكاني في المؤسسة
ظلت على وقفتها، فنهض من مكانه واقترب منها يجذب يدها
- فتون نصحصح كده عشان المذاكرة،. عايز أشوفك محامية كبيرة.
فطال صمتها إليه ولكنه كان يعلم السبب
- فتون اللي حصل بينا شئ عادي، مش ديه بنود العقد برضوه وأنتِ بتنفذيه
أسرعت في اماءت رأسها له، فابتسم وهو يفتح لها أول صفحات الكتاب
- نسيب بنود العقد بتاعنا على جانب دلوقتى ونبدء في المذاكرة
ولقد كان بارع حقًا في بنود القانون، غفت فوق كتفه بعدما نال التعب منها، فتعالت ابتسامته وهو يمسح خدها ثم حملها متنهداً بإرهاق وإصراره يزداد نحو حضورها جلسة العلاج النفسي حتى لا تخسر حياتها وهي لا تعرف أي درب ستسير فيه دون أن تنظر لحالها أنها مجبرة وأنها ليست إلا لعبة يتلاعبون بها.
..........
هل حقًا هي تستمتع بكل ما يحدث ولكن تأبى الإعتراف؟
سؤال يسأله البعض ولا يجد له إجابة يُقنع بها حاله ولكن الإجابة تحتاج للاعتراف والعقل لا يُقر أحيانًا حتى لا يصير أبلها.
كانت مستمتعه بجلسة "الجاكوزي" تغمض عينيها تشعر بعضلات جسدها تأن من الأرهاق ، ورغما عنها كانت تبتسم و تتذكر جميع المواقف التي تمر بينها وبين رسلان و الجدال الذي لم يكن من شيمتها يومًا
- عروستنا سرحانه في إيه؟
تسألت ميادة التي أتت ليلة أمس، رغم إنها اخبرتها إنها ستأتي قبل ليلة الزفاف بيوم بسبب ضغط الدراسه عليها واقترب مناقشتها لرسالة الدكتوراه.
تنهدت ملك وهي تفتح عينيها وقد علقت عينيها نحو بسمة التي كانت هي الأخرى مغمضة العينين تستمتع بتلك الرفاهية التي لا تظن أن جسدها سينالها مرة أخرى
- تفتكري يا بسمة، العروسه بتفكر في إية؟
فتحت بسمة عينيها، وقد فاقت من أحلامها تنظر نحو ميادة التي نظرت إليها بنظرة أدركتها، فلوت بسمة شفتيها تنظر نحوها
- اكيد في حاجات فيها اخوكِ وبس يا بشمهندسة
تجلجلت ضحكات ميادة فاطرقت ملك بيديها فوق الماء حانقة
- بلاش تعملوا معايا كدة، كل واحده فيكم ليها يوم
التمعت عينين ميادة وقد استرخت بجسدها حالمة بذلك اليوم
- آه يا ملك امتى يجي اليوم ده، تفتكري بابا وماما هيتقبلوا "رايدن"
تأهبت جميع حواس بسمة بالفضول تستمع لذلك الاسم الغريب على أذنيها
- أنتِ بتحبي راجل أجنبي يا بشمهندسه
وشهقت وهي تضع بيدها فوق فمها
- بس أنتِ مسلمه وهو اسمه رايدن إزاي
طالعتها ميادة وقد صدحت ضحكتها في المكان و ملك لم يكن حالها مختلف وهما يستمعان لحديث بسمة
- الحب خلاه يغير ديانته عشانك.. يا على الحب بيعمل معجزات
وتنهدت بحالمية تنظر إليهما وعلى شفتيها إبتسامة واسعة
- بسمه "رايدن" مسلم من عيلة يابانية أسلمت
ولحالمية بسمة تحمست ميادة تقص لها حكايتها مع البروفيسور "رايدن"، إزداد حماس بسمة ومن شدة حماسها كانت تتخيل لها حكاية مثلها
- يعني أنا ممكن الاقي حد يرضي بشكلي وظروفي
وتنهدت متحسرة وهي تتذكر فتحي شقيقها، فشعرت ملك بها ثم اردفت بعدما التقطت مئزرها ونهضت من جلست إسترخائها
- بسمة مش كل حكايات الحب جميلة، عندك أنا أكبر مثال
ونظرت نحو ميادة الحالمة بمحاضرها
- و رايدن هيثبت لينا الأيام الجاية إن كان صادق ولا لاء في حكايته
بهتت ملامح ميادة وهي تتذكر تلك اللحظات التي تمت بينهم.. وللأسف كان ضعفها يقودها ، لم تتم علاقة كاملة ولكنها كانت تسمح ببعض الأفعال " قبلات، لمسات، همسات" حتى كاد الامر يصبح كاملا
"والضعف في الحب يسحبنا نحو الهاوية في بعض الحكايات "
..........
نظر رسلان نحو مقطع الفيديو الذي تريه له شقيقته، فانتظرت تعليقه ولكن ظلت ملامحه جامدة
- كويس إن ملك مش بتفتح حساباتها على مواقع التواصل
- جيهان مش هتسيب جسار، للأسف أنا السبب
تجمدت عينين ميادة تنتظر منه أن تستمع للمزيد، فزفر أنفاسه وهو يُلقى بسترته فوق فراشه
- حاولت ابعدها عنه، لكنه دور عليها وأتجوزها
- رسلان أنت عرفت جيهان إزاي؟
- بعد موت مها، قبلتها في نادي ليلى.. جيهان بتعرف كويس تدخل لأي راجل لحد ما تخليه فعلا مهوس بيها
وابتسم وهو يتذكر ما فعله والده حتى يُخلصه منها، وقبل أن تتسأل ميادة بالمزيد، كان يسألها وقلبه تزداد دقاته خوفاً مما سيسمعه
- ميادة، ملك جواها مشاعر ناحية جسار
وجواب ميادة لم يكن إلا في ضحكة طويلة صاخبة، ثم القت عبارتها وانصرفت
- أنتم الاتنين مغفلين يا دكتور
............
تعالت شهقات بسمة من الصدمة وهي تطالع فتحي الذي دلف للتو غرفتها، ينظر نحو فستانها البسيط المنمق الذي اهدته لها ملك حتى ترتديه اليوم في عرسها
- أغيب الفترة ديه، أرجع الاقيكي احلويتي كده
استرخت ملامح بسمة من الفزع.. للذهول تستمع لحديثه ؛ فمنذ متى يخبرها فتحي بعبارات لطيفة هكذا
- كبرتي واحلويتي يا بت يا بسمة
"هو الحبس المرادي عمل فيك إيه يا فتحي"
همست عبارتها وهي لا تصدق أن الذي أمامها هذه اللحظة هو فتحي شقيقها
- هو صحيح يا بت يا بسمة أهل الحارة كلهم رايحين الفرح
وجلس فوق فراشها يستطرد بحديثه
- أصل أنا وداخل الحارة الكل عمال يتكلم على الفرح، أنا معزوم مش كدة
سرعان ما انسحبت الدماء من وجهها وهي تستمع إليه، فعن أي عرس سيحضرة فتحي، ولماذا خرج اليوم من المخفر؟
- هما مكنوش استنوا لحد بكرة وخرجوك من الحبس
- بتقولي إيه يا بت؟
تنفست الصعداء، تحمد الله إنه لم ينتبه على حديثها
- اقلعي اللي أنتِ لبساه وروحي حضريلي الحمام، ولقمة أكلها.. إحنا لسا الضهر مش هتتمختري باللبس ده في البيت
- بس ملك عايزانى معاها في الفندق
امتقعت ملامحه وهو يستمع لأعتراضها
- لو عايزانى أحلف إنك متروحيش خالص، متنفذيش الكلام.. فاهمه!
- حاضر يا فتحي
وانصرفت من أمامه حانقة؛ فما عليها اليوم إلا تنفيذ كل شئ دون حديث حتى تذهب للعرس بسلام ، فقد عاد فتحي وانتهت حريتها وجاء وقت الشقاء ثانية.
نفذت له جميع أوامره، تنظر من حينا إلى أخر نحو الساعة المعلقة ونحو هاتفها الذي تصدح نغمته
- بكره مش هتستنضف تعرفك
وجعتها كلماته وبحرقة تمتمت
- ملك صاحبتي وبتحبني، حتى ميادة أخت دكتور رسلان بقت صاحبتي
رمقها فتحي متهكما وهو يلوك الطعام
- ومالك زعلتي ليه كده، أنا بقولك الحقيقة يا بنت عم حسني الأعرج
لم تشعر بحالها وهي تدفع اطباق الطعام نحوه صارخه
- متجيبش سيرة أبويا الله يرحمه، أنت عاق يا فتحي زي ما كان بيقول
اتسعت عينيه ذهولًا وهو يري فعلتها فوق قميصه.. وفي لحظة خاطفة كان يجذب خصلاتها بقبضة يده
- طب أنا هخليكي متروحيش الفرح النهاردة، اظاهر غيبتي الأيام ديه طولت لسانك
صرخت وبكت إلى أن فرغ منها يبصق عليها
- تستاهلي الشغل في الكباريهات
وقبل أن تستوعب عبارته كان يعود إليها ينظر لملامحها التي شوهها وجسدها
- لا أنا كده هضطر أجل مقابلتك مع المعلم " وجدي" ، لأحسن خلقتك بقت تسد النفس.
وشئ فشئ أصبحت تفهم حديثه، وبروح جريحة اغمضت عينيها والحقيقة التي غفلت عنها ذبحتها
" والدها قد مات ولم يعد لديها أحد تتحامي به من بطش شقيقها العاق".
والقرار كانت تأخذه وهي تنهض بصعوبة من رقدتها، تقترب من مرآتها المهشمة تنظر لحالها بحسرة
- لازم تهربي من هنا يا بسمة، بعد فرح ملك لازم تهربي ومترجعيش هنا تاني
يتبع بإذن الله ( قراءة ممتعة)
**************
اقتباس من الفصل القادم بإذن الله
*************
تجمدت عينين جسار في مرآة سيارته نحو الوجة المألوف إليه ، بعدما قذف هاتفه جانبا حانقا
أوقف سيارته دفعة واحدة مما كاد أن يسبب لهم حادث، والتف خلفه ببطء وبملامح جامدة تسأل
- أنتِ بتعملي إية في عربيتي؟
والإجابة كانت تخبره بها ببساطة وهي تعدل من وضيعتها في المقعد الخلفي من السيارة، وقد اصبح جسدها يآن من الوجع
- بهرب في عربيتك..
والقت بنظراتها نحو الخارج ترى ظلمة الليل تحاوطهما
- هو أحنا فضل قد إيه ونوصل..؟
الفصل الثانى والاربعون من هنا
