CMP: AIE: رواية خفايا القدر الفصل الثانى والعشرون22بقلم روان عرفات
أخر الاخبار

رواية خفايا القدر الفصل الثانى والعشرون22بقلم روان عرفات


 

#خفايا_القدر 

#الحلقة_الثانية_والعشرون..

#روان_عرفات.


ابعدته عنها بكل قوتها، وظلت تبكِ بخفوتٍ، تعلم كون بكائها الآن خطأ ولكنها لا تُريد شيئًا سوى البكاء .. قالت بعصبية مُماثلة لعصبيته، خرجت كلمتها وخرج معها كل ألم يعتلي روحها:

- طلقني .


تفاجئ بطلبها وجحظت عيناه من صراخها.. رغم كون كلمتها أدمت قلبه حُزنًا لكنه لم يظهر أيًا من تلك المشاعر، اخفاها بداخله لكنها كانت واضحة وضوح الشمس على ملامحه الحزينة .. وغروره كرجل حتى وإن كان يُحبها جعله يصرخ بوجهها بكل ما يحمله قلبه من غضب، دون وعي لكلماته، دون ان يحسب لها حسابًا حتى:

- أنتِ طالق يا ورد .. اطلعـي بـــرااا .


نظرت إليه بصدمة حقيقية، هل ما قاله حقيقة؟! أم إنها مجرد تهيؤات! 

بكت بحرقة وهي تنظر إليه بعدم تصديق، تود فقط أن ينفي ما حدث وما قاله لكي تتنهد بإرتياح.. لكنه أغمض عينيه وانسالت دموعه وجعًا.. مما جعل بكائها يزداد عندما تأكدت أن ما قاله حقيقة لا بخيال!


أما عليه فقط تحول غضبه إلى صدمة لا تقل عنها، بل أنها أكثر منها، وكأنه كان مغيب تمامًا عما يحدث وجاءت كلمته وجعلته يفيق على صدمته بنفسه… نظر إليها بحزن وندم، ولكن ما فائدة الندم بعد نطقه لهذه الكلمة !


أنهى حديثه تزامُنًا مع اقتحام الغرفة من قِبل يوسف الذي هرول سريعًا الى ورد وانتشلها الى أحضانه ونظر الى ابنه وقال بعصبية:

-أنت اتجننت يا أمير؟


تنهد أمير بوجع وأغمض عينيه تعبًا وقال بخنقه:

- لو سمحت يا بابا دي حاجه بيني وبين مراتي، ده غير إنك متعرفش اللي عملته!


ترك يوسف ورد التي لا تكف عن البكاء المرير وتوجه إلى ابنه وقام بصفعه بقوة، انتفض جسد ورد على آثارها ووضعت يدها على فمها بدومع تتساقط بغزارة على خديها .. قال يوسف بحزن:

- مافيش حاجه في الدنيا تخليك تنطق كلمة زي دي يا أمير، كنت فاكرك أكبر من كده .. بس ما فيش مشكله، ابقى وريني هتعمل ايه عشان ترجعها تاني .


أنهى حديثه وهو يشدد من قبضة يده على ورد، ثم رماه بنظره نارية وخرج من الغرفة صافعًا الباب خلفه بقــوة...


تحرك "يوسف" لخارج المنزل بوجه لا يبشر بالخير أَبدًا، توقف عن السير وأرخى قبضة يده من يدها وجلس إلى إحدى المقاعد الموجودة بحديقة المنزل بصمتٍ تام .. قاطعته ورد وهي تجلس إلى جانبه وهي تسرد الذي حدث معها ببكاء جعل قلبه يعتصر أَلمًا عليها:

- طفل من اللي بحفظهم قرآن في النادي جالي النهارده هو ووالده .. كان بيقول لي حبيت اسلم عليكِ قبل ما اسافر، ولقيت والده بيقول لي انا معجب بشخصيتك ونشاطك، وتعبك مع خالد .. من قبل ما أرد ببص ورايا فجأة لقيت أمير .. كان



 بيبصلي بقرف وكأنه شافني بعمل حاجه غلط، أنا والله يا عمي ما قبلتهوش لوحدي، ماما وعد كانت معايا بس سابتني وراحت تعمل قهوة بعد ما قدمت لينا مشروب .. وكانت هتبقى تقيله مني لو ما قعدتش



 معاه، ده حتى أمير متكلمش نص كلمة، وكان ناقص يتخانق معاه .. انـ…


قاطعها يوسف بحدة :

- متكمليش .. اركبي نامي عند وعد، ومش عايز اعتراض نهائي .. لحد ما أشوف حل للمصيبة دي .


      💛 استغفر الله العظيم وأتوب إليه 💛


خرجت ميار من الكلية بملامح عابثة كونها لم ترى أوركيد وندى، اعتادت على وجودهما بجانبها، كانت تمشي قاصدة منزلهما لكي يطمئن قلبها .. الغريب كونهما لم يخبراها ولا حتى برسالة نصية وهذا ما جعل خوفها يزداد.


بذات الوقت... كان يمشي بالشوارع بذات الملامح العابثة، واضعًا يديه بجيب بنطالة وهو يتصبب عرقًا أثر ركضه لفترة طويلة كما يفعل بيوم اجازته، استوقفته عينيه حينما وقعت على فتاة خرجت لِتوها



 من محل حلوى، مُمسكة بيدها العديد من الحلوى والشوكولاه وهي تُناظرهم بنهم .. انفجر ضاحكًا عليها بعدما تناولت شوكولاه وعلامات الفرحة ظهرت جليًا على ملامحها .. تحركت من أمام المحل وتتبعها هو



 بعينيه وكلما ابتعدت عن ناظريه يقترب منها بشيء خفي يجعله يتبعها .. ابتسم باتساع كونها كلما رأت طفلًا صغيرًا تُعطيه واحدة مما تحمل ليصرخ الطفل فرحًا وتزداد ابتسامتها اتساعًا لفرحته . 


تحرك من مكانه وذهب لمحل ورد وقعت عينيه عليه بغتة، ذهب إليه دون وعيٍ منه.. بداخله انجذاب لأي ورد يراه، وكيف لا والاسم ليس بغريبٍ عليه .. الاسم



 يحمل طمأنينة الحياة بأكملها، خرج من المحل بعد وقت لا بأس به واقترب منها وهي تقف مع أحد الاطفال بعدما قدمت له الحلوى ورأت ابتسامته، مدّ يده بوردة عباد الشمس ليرى علامات الصدمة على



 ملامحها مع وضعها ليدها على فمها .. ابتسم مازن بمكر وقال بنبرة هو بذاته لا يعلم ما تحمله خلفها:

- ينفع تقبليها مني؟ 


صرخت بصوتها بخوف احتل جميع أوصالها من نظراته:

- حـرااااااامـيي .


ظنت كون صوتها العالي سيجعله يتراجع أو يخشاها حتى .. لكنه لم يبتعد وظل مكانه وكأنها لم تصرخ... قال مازن ببرود:

- وهو أنا لو حرامي هجيب لك وردة ليه؟ ولا ماكنش حرامي رومانسي! 


قهقه بسخرية وهي لا إراديًا ابتسمت من مزاحه .. مدّ يده مجددا إليها، ترددت في أخذها لكنها مدّت يدها تجاهه وأمسكتها وقربتها من انفها ببطء، مستنشقة


 عَبقها بفرحة احتلتها .. لولا خجلها منه لقفزت فرحًا لكونها تعشق المفاجآت التي تجعلها عاجزة عن الحديث، قال بابتسامة:

- طلع احساس حلو أوي .


ضيقت عينيها بتعجب، ناظرته وتساءلت بخفوت:

- احساس إيه ده؟


حك ذقنه بخفه وقوس شفتيه، عينيه مازالت مصوبه عليها، قال بتوتر لا يعلم سببه:

- إنك تكون سبب في فرحة حد أو حتى ابتسامته .


ضحكت بخفه وسرعان ما لعنت غبائها الذي دفعها لفعل شيئًا هكذا، كيف لها الوقوف مع شاب لا تعرفه، وتقبل هدية منه وهي لا تعرفه من الأساس، ولماذا هو اعطاها الوردة، وما هذه النظرات التي يُناظرها



 بها... شعرت كونها بحاجة للبكاء من تصرفها الغير مدروس .. دارت كل هذه الاسئلة في أقل من ثواني، رمت بوجهه الوردة مع قولها بعصبية غريبة:

- وأنت غريب وشاب وأنا بنت وماينفعش أقبل حاجة من حد ماعرفهوش.. ولو سمحت ابعد عني. 


أنهت حديثها وتحركت من أمامه بخطوات أشبه بالركض. ضحك بعلو صوته بابتسامة واسعة وماكرة احتلت ثغره، نظر للوردة وضحك مُجَدَّدًا وتحرك هو الآخر لكي يذهب لمنزله بتفكير جديد واحساس غريب احتل قلبه وعقله بمجرد لقاء!


       💛 استغفر الله العظيم وأتوب إليه 💛


بحديقة المنزل، كانت عقارب الساعة تُشِير إلى الثامنة مساءا .. تجلس ورد الى جانب وعد وعلى الجانب الآخر يجلس أمير ببعض من الحزن ظهر على ملامحه .. القي نظرة سريعة عليها وهي تجلس


 بجانب والدته، محاوطه إياها بذراعيها، تبكي بصمت وتجاهد في منع عبراتها من النزول، جففت دموعها بحدة وبادلته النظرة بغضب وهي ترفع إحدى


 حاجبيها، بحركة لا إرادية منها جعلت قلبه يبتسم لكنه اخفى أي معالم على وجهه تدل على الابتسام! 

حتى وان ظهرت معالم القسوة على ملامحه، قلبه بِحُبِّهَا يليـن… 

خفض رأسه بغيرة حينما تذكر مغازلة والد الطفل ونظراته الجريئة عليها .


تنهد يوسف بحزن من مظهرهم .. جلس مُقَابِلًا لهم قَائِلًا بنظرة حزينة لأمير :

- تمنيه وعشرين سنة متجوز والدتك وماجتش في يوم زعلتها أو قولت لها الكلمة اللي أنت قولتها دي، وممرش على جوازكم شهرين! أنت مستوعب المصيبة اللي أنت عملتها واستهتارك بالمواضيع، وطيشك؟  



كلمة زي دي قبل ما تفكر تنطقها تفكر وتسأل نفسك مية سؤال، وهل هيا بعد كل اللي عملته معايا أطلع كلمة زي دي مني! هل هيا تستاهل انها تسمع الكلمة دي! 

حتى يا ابني لو عملت ايه وكان الغلط ماينفعش فيه التساهل والسكوت .. في الوضع ده تهدي نفسك كده وبعدها تتكلم معاها بالتفاهم، عشان الجواز ما هو إلا تفاهم بين الزوجين، وخليني اقول لك ليه خصصت التفاهم دونًا عن أي حاجة تانيه. 


لأن لو متفاهمين يبقى هتعدوا من أي أزمة وأي رياح وأنتو ماسكين إيد بعض ومتبتين في بعض .. قبل ما تعمل أي حاجة هتعمل حساب ليها ولزعلها وهتشتري خاطرها في كل خطوة تعملها، للأسف كنت مفكركم أذكى من كده بكتير، وكنت بقول انهم بجد هينجحوا


 في علاقتهم وحياتهم الجديدة .. كنت شايف حبكم بيكبر قدام عيني وكنت كل ما مالي بتفائل بالحب ده، لكن للأسف ماكنش فيه عقل يحكم ويفكر قبل أي شيء .. ربنا بيقول إيه في كتابه الكريم؟ 

{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم:21)


للأسف خليتوا الشيطان يلعب بعقلكم، نسيتوا إن الشيطان عدو لينا، زي ما ربنا قال في كتابه الكريم : إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا {فاطر:6} 

نسيتوا إن قرة عين الشيطان التفريق بين الراجل ومراته… 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -: «إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه يفتنون الناس، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا، وكذا فيقول: ما صنعت



 شيئا. قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته. قال: فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت» 

يعني الطلاق عند إبليس أكبر وأعظم من أي حاجة ممكن تحصل .. وأنتو بكل سهولة عملتوا اللي يفرحه ويغضب ربكم!


الجواز مسؤولية كبيرة أغلبنا مش بيحسبلها حساب .. الجواز بيتبني على الاحترام، والتقدير، والتسامح، والغفران، وانك تصون العهد، والود، واللين، على المودة والرحمة .. لو الحاجات دي موجوده يبقى الحب موجود بينهم .. وابقى افتكر كلامي يوم فرحك كويس، وركز فيه كده .. 

هيا طلعت من بيت ابوها وسابت كل حاجة بتحبها عشانك، ابوها وثق فيك وسلمك بنته لأنه كان واثق انك هتصونها ومش هتزعلها في يوم، لأنه حس إنك بتحبها، طلعها من حضنه وحطها في حضنك بكل ثقه، وإنك هتعوضها عن حضنه وحنانه وهتكون ليها الأب التاني… 


تنهد بعمق ونظر إلى ورد التي أخفضت رأسها حزنا وأكملت سيل بكائها بخفوت، اقترب منها وأعطاها منديل ورقي وأكمل حديثه بعدما جلس الى مقعده مُجَدَّدًا: 

- لو الدموع هيا الحل الوحيد في حل مشاكلنا .. كان كل اللي معاه مشكلة ومش قادر يخرج منها ماكنش بطل عياط يا ورد! 

كان من السهل عليكِ تفكري في العقوبات اللي هتحصل بسبب قبولك بإنك تستقبلي راجل في بيتك من غير ما يكون جوزك موجود، أنا لحد دلوقتي مش مصدق إنك فِعلًا قبلتي تستقبليه ولوحدكم؟ فين الحرام والدين في كده يا ورد؟ حتى لو هتقولي ماما وعد معايا، أنتو ولاتنين ستات من غير راجل! 


هنا الدين والعقل هو اللي بيتحكم مش الزوج، الزوج ده بيبقى ليه احترامه وتقديره بين نفسك وبعدها بين الناس .. أنا واثق فيكِ يا ورد لكني مش واثق في



 غيرك .. غيرك ده في ثواني ارتكب ذنب وربنا يسامحه، وهرجع وأقول محدش ليه سلطه على قلبه ومشاعره، وهديله العذر وهقول لأنك كنتِ واخده بالك من ابنه .. تصرف بسيط وبدون وعي أدى





 للطلاق لأن مفيش تفكير والعقل اتلغى عشان غلطه! 

كان بإمكانك تتصلي بجوزك وتفهميه الوضع، وهل هيقدر يجي عشان تستقبلوه مع بعض ولا تعتذري بذوق؟! 


في اللحظة دي هتكبري في نظره فوق ما تتخيلي، كفاية انك احترمتيه واحترمتي وجوده في حياتك كزوج وكل شيء في حياتك.. 



رسولنا الكريم قال ايه ؟ "فإني لو أَمرتُ شيئًا أن يسجدَ لشيءٍ؛ لأمَرتُ المرأةَ أن تسجُدَ لزوجِها، والذي نفسي بيدِه، لا تُؤدِّي المرأةُ حقَّ ربِّها حتى تُؤَدِّيَ حقَّ زوجِها" 


نظر إلى زوجته بنظرة عاتبـة جعلتها تخفض رأسها خَجلًا وتابع بذات الهدوء:

- وأنتِ يا وعد .. هو احنا دورنا ايه في حياتهم؟ 


جاءت وعد لتجيبه لكنه قاطعها بحركة من يده وتابع:

- دورنا يا وعد أكبر من إننا نبقى مجرد أب وأم في حياتهم .. دورنا في حياتهم من المفترض يشمل "الأم الناصحة اللي بتنصحه وبتوجهه للحاجة الكويسه، والصاحب اللي بيسحبه للطريق الصح، والأخ اللي



 بيفضل معاه في كل حاجة بيعملها في حياته، والأخت الرخمة اللي بتبقى حنينة عليه أكتر من أي حد، والكتف اللي بيميل عليه وقت ميله وكسرته ووحدته"… 

دورنا يا وعد بيشمل كل حاجه .. هما من غيرنا ولا حاجث، واحنا لازم نخليهم مش محتاجين أي حاجه من برا .. لازم يبقوا شبعاين مننا واللي هيجي من برا ده يبقى زياده .. يبقوا متشبعين حنية، وطبطبه، وحضن .. مانبقاش في حياتهم مجرد اب وام بس! 



كان لازم تنصحيها وتقولي لها لا يا ورد ماينفعش راجل غريب يدخل البيت واحنا لوحدنا، هيا نسيت كده أنتِ تفكريها، والعقل يشتغل في اللحظه دي، نفكر في عقوبات اللي هيحصل .


صمت لبعض الوقت ثم أخذ نفسًا عَمِيقًا أخرجه بتهدج وقال مُوَجِّهًا حديثه لثلاثتهم:

- الحياة مش مستاهله .. لا مستاهله إني ازعل حد مني ولا إني أزعل من حد .. مش مستاهله إني أقسى على أكتر شخص بحبه، لأني أنا مش عارف بكره مخبي لنا ايه .. مش مستاهله اخليه زعلان مني، أو أضيع ليلة من عمرنا في الخصام! 

لو كان عندي شك واحد في المية في علاقتكوا أو نضجكوا، أنا مكنتش عجلت في الجواز وقولت لا هما هيبقوا أد المسؤولية وهيفتحوا بيت .. كنت كل ما




 أبص لك يا أمير بحس إنك هتبقى أحسن مني بمراحل، في عقلك وطريقة تفكيرك، ودينك، وحبك لمراتك اللي كان واضح، واللي كمان كان مخليني واثق في نجاح العلاقة بينكم .. تناسيت إن نجاح أي علاقة مبني على التفاهم.




مشكلتكم إن كل واحد فيكم بيعمل اللي في دماغه من غير ما يرجع للتاني، من غير ما يعمل احترام لرأي اللي معاه .. فين الاحترام؟! فين إني قبل ما أعمل أي حاجة أرجع للي معايا، وأعمله احترام وتقدير .. التقدير ده بيجي بالحب… 

لا أنت عرفت تفهمها ولا هيا عرفت تفهمك بردو…


بس هرجع وأقول أنا لسه عندي ثقة فيكم وانكم هتقدروا تتصافوا وتعاتبوا بعض وترجعوا أحسن من الأول كمان…


قالت وعد بحزن بعدما جففت دموعها بأناملها: 

- طيب دلوقتي هنعمل ايه يا يوسف، هيردها ازاي؟


زفر يوسف بضيق وأردف بهدوء: 

- لازم نروح لدار الإفتاء، ونشوف إيه المطلوب.. مهما كانت الحاجات دي مش سهلة، وهنشوف لو كده يرجعها.


قالت بعدم فهم: 

- هيرجعها عند مأذون يعني ولا إيه؟


أمسك يدها وقال بذات الهدوء: 

- اللي أعرفه إن دار الإفتاء هتسئله شوية أسئلة بخصوص هو قالها بدون وعي وإنه ماكنش عايز ينطقها، ولا هو نطقها وهو عايز يحصل كده ولا إيه بالظبط .. والحمدلله من كلام أمير فهمت إنه ماكنش عايز كده.. يبقى الرجعه ساهلة إن شاء الله.. هيقول لها رجعتك لعصمتي وخلصنا كده.


صمت بعض الوقت ثم نظر الى أمير وقال بخبث:

- خد مراتك يلا واطلعوا برا البيت، كل واحد يشوف له حتة ينام فيها وتفضلوا كده لحد ما اقول لكم تعالوا عشان نروح دار الإفتاء .. لأني مش عايز نفس في البيت غير نفسي أنا ودودي حبيب قلبي. 


صدم كل من أمير وورد من نبرة صوته التي تغيرت في ثوانٍ .. مما جعل وعد تنفجر ضاحكة مجففه عبراتها بخجل من نظرات يوسف عليها…


      💛 استغفر الله العظيم وأتوب إليه 💛 


دخلت غرفتها وهي تتسحب على اطراف قدميها، لتراه يقرأ القرآن بصوت خافت، جالسًا أمام البلكون الخاص بالغرفة.. أغمضت عينيها براحة وابتسامة خفيفه احتلت ثغرها، ظلت مكانها تستمع لترتيله للآيات إلى أن استمعته وهو يقول فجأة:

- تعالي يا روز .. قاعدة عندك ليه؟ 


اتسعت عيناها بزعر، ووضعت يدها على قلبها وهي تستغفر ربها مرارًا وتكرارًا .. وقالت بتلعثم:

- عرفت ازاي إني هنا؟ ده أنا عملت كل اللي اقدر عليه عشان ماتكشفنيش زي كل مرة! 


ضحك آدم بخفه ودار بجسده تجاهها، رمقها بمكر من هيئتها، مرتدية كنزة بيتية اشتراها لها منذ أيام فقط .. وضع يده على قلبه وقال بهمس:

- بيقول لي إنك هنا ومعايا . 


اقتربت منه بخجل، مُمسكة بيدها المصحف.. جلست إلى جواره وأعطته المصحف مع فتحها للربع الذي قامت بحفظه اليوم تزامُنًا مع بدأها  للتسميع تحت ابتسامة آدم التي تزداد اتساعًا مما فعلته. 


أنتهت من تسميعها للقرآن وقالت بفرحة ظهرت بصوتها:

- فين بقا المكافأة بتاعتي؟ 


نهض من مكانه وذهب لخزانته الخاصة وأخرج صندوقًا متوسط الحجم .. اقترب منها وأعطاه إياها تحت صدمتها .. فتحت الصندوق لتشهق بقوة مما رأته من ذكرياتٍ ظنت كونها قد نُسيت لمرور الأعوام .. جلس آدم إلى جوارها لتناظره هي بدموع ومن ثُمَّ انتشلته لأحضانها تحت ضحكاته التي خرجت منه رغمًا عنه لفرحتها، ابتعدت عنه بعد وقت لا بأس به وأخذت تخرج كل ما بداخل الصندوق.. أخرجت دفتر صغير بداخله العديد من الرسومات التي كانت بينهما قبل اعترافه بحبه بمدة طويلة كما بعض الصور لها ولأوركيد التي اتضح لها أنه ملتقطًا إياها بدون علم أحدًا منهم ولا حتى رؤيتهم لها طوال هذه السنوات .. رفعت إحدى حاجبيها عندما رأت هاتف قديم، نظرت إليه ليغمض عينيه بابتسامة واسعة لتفتحه.. قامت بفتحه لتتفاجئ بكمية كبيرة من الفيديوهات التي سُجلت قبل زواجهم وقبل حتى رجوع جاسر، فيديوهات تحمل من الحُب والضحك ما يكفي العالم كله، وغيرها من الذكريات التي جعلتها تبكِ فرحًا لكونه يحتفظ بكل شيء يخصها والغريب كونه ولا مرة حدثها عن تلك الأشياء.. 


وضعت يدها على فمها وبكت وهي تنظر للصندوق وللأشياء التي اخرجتها بعدم تصديق .. قالت ببكاء:

- وهيا الست محتاجة إيه في حياتها غير راجل يصون كل حلو ما بينهم؟ 

راجل يكون لي ضهر في عز ضعفي الاقيه سندي .. بحبك حُب مالهوش حدود يا نور عيني.  


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


تقف بالمطبخ بهدوء على عكس عادتها، تصنع وجبة العشاء بصمت مُريب، بجانبها هاتفها الذي تنبعث منه آيات سورة البقرة، التي قامت بتشغيلها كي تهدأ وتكف عن التفكير فيما لا يحق لها التفكير به.


عقلها شارد بتفاصيل ملامحه التي حفظتها عن ظهر قلب، وقلبها مُتلهف للقاء أطول مما حدث .. تبتسم حينما تتذكر ابتسامته وتعبث ملامحها عندما تنظر لحالتها الغريبة، تتذكر حديثه ونبرة صوته الرجولية الجذابة، ما فعله عفويًا وهذا ما ظهر عليه عندما صرخت بوجهه، كان يُريد اسعادها كما تُسعد هي الاطفال، نظراته وابتسامته لفرحتها وجرأته بالحديث جعلتها مغيبه عن الدنيا وما فيها بلحظتها .. تعلم أن كل هذا حدث بعفوية لكنه لا يعلم كونه أصاب شيئًا بالقلب دون أن يدري، لقاء واحد فعل بها كل ذلك ماذا إذ اجتمعا مُجَدَّدًا؟ 

ترددت جملته بشكل مفاجئ على مسامعها حينما قال:

"إنك تكون سبب في فرحة حد أو حتى ابتسامته."


تنهيدة عميقة خرجت منها من تفكيرها الذي لا يكف عنه وذاكرتها التي تُذكرُها بأصغرها تفاصيل حدثت في هذا اللقاء..

عجيب أمر هذا الحب.. يتغلغلُ بالقلب من مجرد نظرة عابرة لم تكن تدري كونها ستكون سببًا في العشق، من كلمة تُقال بعفوية لتُصيب سهمًا  بشرايين القلب، تُطيبه وتُكَفْكف ما بداخله من أحزانٍ بفعل أُناسٍ بالحياة .. من أفعالًا لم تكن تقصد الحُب بتاتًا... من تفكيرٍ يستغرق لساعاتٍ طويلة بذات الشخص وبذات الموقف الذي لا يتعدى الثوانٍ، لتصل لمرحلة انك لا تُريد شيئًا سوى أقراص دواء بها صوته، كُلما اشتقت إليه أخذُتها لتروي قلبك الصائم عن الحُب قبل رؤيته...


كانت تبتسم بشرود حتى أنها لم تنتبه لذاك الذي دلف توًا المطبخ، مُحدثًا إياها لكنها بعالم آخر.. رفع حاجبيه بتعجب من شرودها، اقترب منها بنظرات ماكرة، وسرعان ما استعاذ بالله من الشيطان الرجيم مما كان سيفعله بها، قالت ميار بتعجب بعدما انتبهت لوجوده:

- فيه إيه يا مالك؟ 


اجابها بخفوت:

- بصراحة! 


اماءت بهدوء متعجبه نبرة صوته، تابع حديثه بخجل:

- كنت هخضك .. بس افتكرت إن الحاجة دي حرام رحت اتراجعت. 


ضحكت بقوة عليه من خجله.. ابتسم مالك بذات الخجل ووضع يده على فروة شعرها وما لبث أن يتحدث إلا وأجفله صوتها الغاضب والعالي بذات اللحظة:

- طب اوعى ايدك لتوحشك . 


ناظرها بصدمة من حالتها التي تغيرت من الفتاة البريئة إلى فتاة لا يعرفها من الأساس، ابتعد عنها بضحكة عالية وجلس على الطاولة منتظرًا إياها لتنتهي من تحضير الطعام.


جلست إلى جواره بعض وقت لا بأس به وهي تضع آخر صحن بالوجبة، أخذت تأكل بصمتٍ تام وعقلها لا يرحمها عن التفكير به، لتتساءل دون وعي منها لمالك الذي صُعق من سؤالها:

- مالك .. هو أنت حبيت قبل كده؟ 


ترك ما بيده سريعًا وتسارعت دقات قلبه بشكل ملحوظ على ملامحه المتوترة .. تذكرها.. تذكر ذات النقاب والعينان الواسعة بعض الشيء، والملابس الفضفاضة التي تجذبه دون مجهود منها .. تذكر نظراتها له، لا يعلم سر تلك الابتسامة التي احتلت ثغره.. لا ينكر كونها أشغلت حيزًا كبيرًا من يومه بالتفكير بها رغم بُعدها.


تنهد وقال بهدوء:

- ما قدرش اقول لك إني حبيت ولا لا غير لما اعيش حياة كاملة مع شريك حياة .. حياة يبقى فيها الحلو والوحش .. السهل والصعب .. الشدة والرخاء .. القسوة واللين .. أعيش حياة كاملة مابترحمش حد لكن مع الشخص ده كل شيء هلاقيه بيهون عشان نظرة منه .. حضن يزيح عني اعباء الدنيا اللي ما بتخلصش.


الحُب ما بيدومش من شوية خروجات وكلام! الحُب بيواجه صراعات احتمال كبير تؤدي للبُعد بس الحُب الحقيقي اللي بيكمل والاتنين بيفضلوا شاريين بعض وماحدش فيهم بينسى فضل التاني عليه زي ما ربنا سبحانة وتعالى قال "ولا تنسوا الفضل بينكم" 


الحُب بيبتدي بالاعجاب .. اعجابك بالشخص من برا، هدومه، طريقة كلامه، شغله، شكله وملامحه، بتعجبي بيه من برا .. الشخصية اللي بتظهر للناس بتلاقيها شدتك.. بعدها بتحسي بالميل تجاه الشخص ده أو الراحة .. بتكوني عايزة تتكلمي معاه بأي حاجة جواكِ .. بعدها طبعًا بتبدأ مرحلة التفاهم بين الاتنين، الاتنين بيكونوا في مرحلة صعبة مش سهلة، اللي هو أنا بشوف هل الشخص اللي قدامي ده هينفع لي ولا لا؟ هتبدأ كل العيوب والمميزات تظهر .. فيه عيوب ممكن التعايش معاها.. وفيه عيوب لا يمكن التهاون فيها .. فأنا من حقي اختار اللي اقدر اعدي معاه أي عيب فيه.. اعدي وأنا أصلا مش شايف العيب ده يعيبه، لأنه اكتمل بعين قلبي وده المهم بالنسبة ليا ولقلبي. 


كل العيوب بتتمحي لما الاتنين يبقوا شاريين بعض، خايفين يخسروا بعض .. من رأيي ما فيش حُب من غير تضحية! الحُب يعني تضحية بس كمان بالعقل ومع اللي يستاهل التضحية دي.. ما ينفعش أبقى معجب بحد وأقول عليه حُب! لأن الأعجاب أبعد ما يكون عن الحُب.


تنهدت ميار بقوة وهي تزفر بشرود بعدما وضعت يدها على خدها بِهُيام .. قالت بتنهيدة:

- غريب الحُب مين فاهمهُ!  


كتم مالك ضحكته وقال بسخرية:

- قال يعني أنتِ اللي فهماه! 


كزت أسنانها بغيظ وقالت:

- طيب على فكرة أنت بردو مش قلت لي أنت حبيت ولا لا؟ 


اجابها بحنان:

- قلبي ما حبش غيرك يا نور يعني .. مش شايف غيرك بنتي وحبيبتي.


صمت لبعض الوقت ثُمَّ قال بخبث ليُغيظها:

- الكلام ده دلوقتي لكن بعدين الله وأعلم بقا .


جحظت عيناها وناظرته بصدمة .. وضعت يدها على قلبها بألم مصطنع وقالت بحزن: 

- يعني أنت ناوي تحب يا مالك؟ هتخوني؟ 


كتم ضحكته بأعجوبه وقال:

- أنتِ محسساني إني جوزك وأنا ماعرفش .. مالك يا ميار؟ 


نهضت من مكانها بملامح عابثة وهي تُجيبه:

- بس يا مالك خلاص .. روح للي هتخوني عشانها .


انفجر ضاحكًا واقترب منها وحاوطها بيديه لتبتسم هي باتساع، لفت يدها حول خصره براحة.. لطالما كان السند وكل ما لها في هذه الحياة بعد وفات والديها في حادث سير .. دعت ربها سرًا ليحفظه لها ولا يُبعده عنها طوال حياتها.


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


تجلس في إحدى السيارات -التي لا تعلم من الذي يقودها- لا ترى أمامها بسبب قطعة الشاش الموضوعة فوق عينيها… أرخت رأسها تَعَبًا من كثرة صراخها ومناجاتها للمارة كي ينقذوها من مَصيرٍ مجهول، ولا يوجد من يسمعها!


تذكرت بعدما إنتهى حديثهما مع عمها يوسف بنصف ساعة، وذهابهما إلى دار الإفتاء والتي لحسن حظهما كان نطقه لهذه الكلمة بدون وعي، وندم بعدما قالها قام بردها إليه في ذات اللحظة ومن ثم أخبرته كونها تود الذهاب الى منزل والدها كي تجلس معه لبعض الوقت، وقد وافقها دون جدال منه، بعدما تواعدت معه ألا تخبر أحد بالذي حدث معهما وعندما خطت خطوة واحدة خارج المنزل توقفت إحدى السيارات المارة -وكأنها كانت تنتظر موعد خروجها- وقامت بتلسيمها وأدخلتها السيارة في أقل من ثوانٍ….


توقفت السيارة مع خروج تنهيدة عميقة منها، إرتجف قلبها بشدة حينما شعرت بيده تتحسس جبينها ببطء، تعجبت كونها لم تتعرف عليه منذ البداية وكانت تظنه رجل لا تعرفه، صدق شعورها عندما قام بفك الشاش الأبيض وتبين أمامها، بملامحه التي تعشق النظر إليها.. لكنها ابعدت عينيها من عليه ونظرت من نافذة السيارة بهدوء…


زفر أمير بخنقه واقترب منها وضم يديها بين راحتي يديه، تلك الحركة التي تجعلها بعالم لا يوجد به سواهم.. شدد من قبضة يده على يدها، مما جعلها تنظر إليه بضعف ودموع تهدد بالنزول.. بادلها النظرة بحنو مع تنهيده عميقة ومتعبه خرجت منه قائلًا:

- متعاقبنيش على غيرتي عليكِ! متعاقبنيش على عصبيتي عليكِ لما اشوف راجل غيري بيتغزل فيكِ.. متعاقبنيش على أي تصرف بعمله لأني بكون من غير وعي.. أنتِ عارفه يعني ايه بدون وعي! 

يعني لما حد بيقرب منك عقلي ده بينتهي وكأنه مش موجود .. بحس إن الدنيا كلها خنقاني وإني مش عارف ولا قادر أتنفس .. أنا بحبك وغيرتي عليكِ ده إثبات لحبي ليكِ مش قلة ثقه أبدًا.


صمت لبعض الوقت وتنهد ببعض من الألم ظهر بعينه .. مما جعل دموعها تتحرر من جفنيها بحزن لِمَا آلت إليه الأمور بينهم، ضغطت على يده بخفه جعلته ينظر إليها وتابع حديثه:

- لما سمعته بيقولك كده، حسيت وقتها إني بموت.. مش عارف كان مالي، بس إني الاقي راجل بيقولك كده وأسكت مقدرش.. لكني سكت يا ورد .. عارفه أنتِ إنك تكوني موجوعه بس لازم تسكتي! 

سكت لأني مش عايز احرجك قدام حد، لأنك فوق الكل .. حسيت وقتها بإحساس صعب .. زي ما يكون حد ماسك قلبي بإيده .. وكل ما ماله بيدوس عليه… غيرتي مش بإيدي صدقيني…متعاقبنيش، لأني والله بحبك .


أجهشت بالبكاء المرير.. شعرت بدقات قلبها تؤلمها وكأنها تعاقبها على حزن النصف الآخر لها.


كلماته وإعترافه بحبه لها في تلك اللحظة جعلتها توبخ نفسها كونها لم تشعر به!! 

نظرت إليه وقالت بصوتها الطفولي وهي تحرك رأسها يَمِينًا ويسارًا... بجملتها المعتادة عندما تفعل شَيْئًا يغضبه:

- أنا آسفه .. والله ما هعمل كده تاني خالص خالص والله… مش هزعلك تاني.


كانت تنظر إليه بعينين جاحظتين مما جعله ينفجر ضَاحِكًا عليها.. بادلها النظرات بصمت تام بينهما، وكأن ألسنتهم إنعقدت عن الحديث، بقيت الأعين تتحدث عما تاه اللسان عن قوله .. كان حديث ممزوج بنكهة العشق، وعتاب يشوبه بعض من الندم من كليهما .. أغمضت عينيها بحزن واقترب منها هو بوجهه ببطء، حتى أصبح لا يفصل بينهما سوى بعض السنتيميترات، همس بجانب أذنها بنبرة أذابتها:

- بحبك يا وردة عمري، وعمر ما هيجي اليوم اللي هزعل منك فيه .. بس ده ميمنعش إني هعاقبك، وأنت عارفه عقاباتي أكيد.


أنهى حديثه بغمزه من عينيه .. نظرت إليه بخجل ومن ثم إرتمت بداخل احضانه خجلا منه .. قال أمير بضحكة خبيثه:

- لا بس أفهم بس .. يعني حضني ده مش من أعضاء جسمي يعني ولا إيه؟ ازاي اقولك كلام حلو ألاقيكي اتكسفتي وحضنتيني .. ده اللي هو ازاي يعني؟ أفهم بس!


أمسكت يده وانقضت عليها بأسنانها مما جعله يصرخ وجعا على أثرها متمتما بحنق:

-يـا مجنونـه.. إييـه اللي عملتيه ده؟


رمقته بنظره مغتاظة وهي تتمتم بغيظ:

- هتبقى طريقتي لما أتكسف منك.. مادام إني اترمي في حضنك حاجه وحشه!


جز على أسنانه بغيظ وقال بابتسامة مغتاظه:

- لا يا حبيبتي بردو.. حضنك أرحم اكيد.


ابتسمت بإتساع ولكن سرعان ما اختفت ابتسامتها مع إقترابه الْمُهْلِك لقلبها، وهو يناظرها بنظرات تعلمها جَيِّدًا .. ابتلعت ريقها بتوتر ودقات قلبها تتواثب من نطراته الجريئة عليها، ناظرته بخجل يستحوذ عليها بالكامل .. بينما أمير بالكاد يحاول التحكم في نوبة الضحك التي اجتاحتت من مظهرها وفهمها الخاطيء له.. ناظرها بخبث وهو يقوم بتعديل خمارها وإدخال خصلات شعرها بداخله.. مُتمتمًا بابتسامة خبيثه بعدما جلس في مقعده:

- الخمار مش متظبط وشعرك كان باين .. كده خلصت ويلا ننزل.


أغمضت عينيها بغضب، واضعة يدها على وجهها محاوله منها كبت غضبها بداخلها .. كتم ضحكته بإعجوبة وقال بابتسامة واسعة:

- متكتميش جواكِ .. طلعي طلعي يا حبيبتي .. 

- لو متعصبتيش على حبيبك هتتعصبي على مين؟


نظرت إليه بوجه لا يبشر بالخير مما جعله ينفجر ضَاحِكًا قَائِلًا من بين ضحكاته:

- خـلاااااااص .. ضيعنا وقت بما فيه الكفاية في الضحك، دلوقتي هيبدأ وقت العقـااااب .. انزلي يـلااا.


أنهى حديثه بضحكة شريرة جعلتها تبتسم بإتساع رَغْمًا عنها .. بينما اقترب هو منها مُجَدَّدًا وقام بوضع الشريط على عينيها كي لا تتمكن من رؤية ما سيفعله، مما جعل تعجبها يزداد من أفعاله الغريبة تلك… 

هبطت معه وتشبثت بذراعيه خَوْفًا من الوقوع فجأة.. توقفت عن المشي عندما شعرت به وهو يدلف إلى غرفة ما، شعرت بالضيق وهي لا ترى شَيْئًا أمامها وسرعان ما قام أمير بفك الشريط من عينيها برقة .. ابتسمت له بخجل وتراجعت للخلف بإرتباك من نظراته، اقترب هو هاتين الخطوتين بينما هي تراجعت إلى أن إلتصق جسدها بالحائط .. تقدم منها مُجَدَّدًا ووضع يديه على الحائط بجانب وجهها مما جعلها تنظر إليهم بخجل .. اقترب هو بوجهه تجاهها قَائِلًا بهمس:

- هسيبك هنا عشان تحضري نفسك، هتلاقي كل اللي تحتاجيه، بس طلب بسيط منك، متتأخريش عليا لأنك هتوحشيني أكتر ما أنتِ وحشاني.


إبتعد عنها مُرْغَمًا وخرج من الغرفة سَرِيعًا تَارِكًا خلفه تلك المسكينة التي وكأنها سُحرت من كلماته المعسولة، التي على الرغم من إعتيادها عليها إلا وأنها في كل مره تشعر وكأنها المرة الأولى!


تنهدت بقوة وأخذت عينيها تتجول في الغرفة وهي تتفحص أثاثها الراقي التي علمت على الفور كون زوجها من قام بفرشها، فهي تعلم جَيِّدًا ألوانه المفضلة وتأكدت من ظنها حينما وقعت عينيها على إحدى المقاعد التي كانت تريدها منه من قبل وأخبرها هو كونها لا حاجه لها في منزلهما، وها هو جاء بها إلى هنا! 


صرخت بفرحة عندما وقعت عيناها على الفراش الذي يتوسط الغرفة والذي زُيَّن بفستان أزرق لامع، ينزل بإتساع، طبقته العلوية شفافه ويتخللها فصوص لامعه، بدت وكأنها نجوم تلتمع في سماء صافية .. بينما يأتي عند الخصر حزام فضي لامـع جعلها تضع يدها على فمها بصدمة حقيقية من مظهره الجذاب، وبجانبه حذاء من نفس اللون أيضا .. اقتربت منه بدقات قلب عالية وهي تتفحصه بعينان مُتلئلئة.


جلست إلى الفراش ولامست الفستان بأناملها بشرود وإبتسامة واسعة إحتلت ثغرها من زوجها وما يفعله من أشياء تُحبّهَا.


لفت إنتباهها ورده وأسفلها ورقة مطوية بعناية .. موضوعان بجانب الفستان وبجانبهما علبـة متوسطة الحجم تحمل صورتهما في يوم زفافهما .. ابتسمت بخجل وهي تتذكر تفاصيل ذلك اليوم الذي كان هو بدايـة الحياة بقلبها، بل أنه بداية لكل شيء جميل في حياتها. 

نظرت للعلبة وقررت فتحها أَوَّلًا ومن ثُمّ الورقه…


شهقت بقوة وهي ترى محتوى العلبة التي كانت مليئة بالشوكلاه التي تعشقها وعلى كل واحدة ورقة مطوية، ملفوفة بشريط من اللون الوردي كما تُحِبّ تَمَامًا .. كما أيضا الإكسسوارات التي تشبه لون الفستان إلى حد كبير…


أخذت شهيقًا عَمِيقًا أخرجته ببطء ومن ثُمّ أمسكت الورقة وشرعت بقرائتها. 

"أُحِبُّك، بل أني عشقت كُلّ شيء بك .. عَلِمْت كُلّ معاني الحـب على يديكِ، أغـار عليكِ من أحدهم، أن يرى فيكِ ما رأيته، ويُحِبُّك سَهْوًا.

أما زِلْتِ تُظنين أن عاشق أُصيب بالحاله التي أُصبت بها الآن يمكنه الإبتعاد عن معشوقتـه؟!" 

مستنيكِ يا وردتي .. أميـر.


وضعت الورقه بموضعها ونظرت إلى الفستان بفرحة وذهبت سريعًا إلى دورة المياة الملحقية بالغرفة ومن ثم شرعت بتجهيز نفسها لزوجها الذي ينتظرها بالخارج…


       الفصل الثالث والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-