رواية #حذاء_قدرى
الفصل الاول والثاني
بقلم اية العربي
فى احدى محلات الملابس والاحذية وتحديدا الساعة العاشرة
صباحا تستعد زهرة لفتح المحل التى تعمل به منذ ثلاث
سنوات هى وصديقتها وصال وتقوى .
تتتاوب زهرة بنعاس وهى تدفع الباب لتدلف قائلة _ انا هموت
وانام ... امبارح لا خليل ولا بنته سابونى انام ... منهم لله
قالت وصال بغيظ وغضب _ انا بجد بحسدك على برود
اعصابك يا زهرة ... انتى متحملة الاتنين دول ازاي ... ولسة
عايشين معاكى ليه اصلا ...لاء وكمان سيباهم يتحكموا فيكي .
تكلمت تقوى وهى تستعد لبدأ يومها العملى ترد عليها بدلا عن زهرة قائلة _ بس يا وصال ...متزوديش همها .. هتعمل ايه يعنى ... هتعيش لوحدها ازاي وسط الحارة اللى هي فيها دي ... اهى متحملة قرفهم علشان خاطر محدش يتكلم عنها ولا يجيب سيرتها ولعلمك زهرة مش ضعيفة .... بس انا فاهمة دماغها كويس .
قالت وصال بتأكيد وهى تعرض بعض المانيكانات المعلقة عليها بعض قطع الملابس _ لاء ضعيفة ... البيت بيتها وهما يا حيالله جوز امها وبنته ... وغير كدة اصلا انا مبطقهمش .
كانت زهرة تعمل صامتة وتترك الحديث ببينهما لانها تعلم ان كلامهما الاثنتين صحيح ... فزوج امها وابنته تمادوا كثيرا بعد وفاة والدتها واصبحوا يتحكمون بها ...وما يجعلها تحتمل هذا التحكم هو احساس الوحدة الذي تكره ... هى تريد عائلة ... تريد محبة وحنان .. . صحيح ان زوج امها همه الاول والخير هو المال وابنته همها الاول والاخير هى الشهرة والجمال ولكنها تتحملهما فقط لكى لا تشعر بالوحدة خصوصا ان والدها متوفي منذ زمن ولا تعلم عن عائلتها شيئا منذ صغرها ...
ووالدتها توفت منذ عام وليس لها اقارب او ايضا لا تعلم عنهم شيئا .
تكلمت تقوى حينما رأت زهرة صامت متسائلة بقلق _زهرة ؟ ... مالك مش بتتكلمى ليه .
تثاوبت زهرة قائلة بارهاق - ابدا يا تقوى ... سيباكوا تتكلموا زى كل يوم وف نفس الموضوع ... وايه الجديد يعنى ... وهعمل ايه فيهم ... لو مشتهم وعشت لوحدى اهالى الحي مش هيرحمونى ...
مضطرة اتحملهم لحد ما الاقي ابن الحلال اللى اطمن على نفسي معاه وساعتها يروحوا لحالهم .
ضحكت وصال بشدة حتى ادمعت عيناها كانها تخفي قهرها وراء هذا الضحك المبالغ به قائلة - ههههههههههه ابن ايه يا حبيبتى ؟ ابن الحلال ؟
دول كلهم اولاد حرام ... ؟ كلهم صنف زبالة ... انا لو عندى امكانيات كنت لبست حزام ناسف وفجرت نفسى فى اكبر كمية منهم .
نظرت زهرة لتقوى بحزن على حال رفيقتها ... لقد وصل بها الامر الى طريق مسدود ... لقد اختارت بقلبها من دمره وحطمه وجعله اشلاء لم تتلملم بعد .
قالت زهرة بأمل لعلها تخفف عنها وتجدد فيها امل الحياة مجددا - يا وصال ... مش معنى انك اتعرفتى ع الشخص الغلط يبقى كله كدة ... فيه رجالة كتير عارفين قيمة الست اللى معاهم وفي
......
قاطعتها وصال بغضب وتعنيف كأن زهرة هدمت حصن قلعتها التى شيدته بعذاب واحاطت نفسها بسد منيع كي لا يخترقه اي مذكر قائلة - مافيش يا زهرة ... مافيش اي ذكر كويس يا زهرة ... كان فيه وماتوا ...الكلام ده كان ايام الرسول صلى الله عليه وسلم وبس ... الايام دى الذكر امه بتجوزه بنت ناس علشان يخليها بنت كلب وشوارع وبس ... سمعانى يا زهرة ونصيحة منى متفتحيش السيرة دى قدامى تانى
اتجهت تقوى وزهرة اليها يهدآنها هما تعلمان جيداا ما عاشته وبسبب هذا تعطى هكذا رد الفعل المبالغ فيه ..
قاطع حديثهن دخول صاحب المحل الاستاذ رؤوف الذي يحبهن ويقدرهن قائلا وهو يرى حالتهن - صباح الخير يابنات ... مالكو ع الصبح ... فطرتوا ولا لسة قبل ما تتجادلوا سوا .
تكلمت تقوى بادب قائلة - صباح الخير يا استاذ رؤوف ... احنا جايبين معانا فطار اتفضل حضرتك افطر معانا .
اشار رؤوف بيده قائلا- لا انا فطرت مع مراتى ... وجاي علشان افكركوا بفرح نور بنتى ... اكيد مش ناسيين صح .
قالت زهرة بايجاب - طبعا يا ريس فاكرين ... وان شاء الله هنكون اول الحضور .
ابتسم رؤوف بود ولكنه تكلم بحذر قائلا - تمام يا بنات ... بس خلوا بالكوا ... الفرح فى قاعة ضخمة والمعازيم كلهم مرفهين ... انا مقصدش ابدا بكلامى انى اقلل منكم بس بلفت نظركم منعا للاحراج ... كل واحدة تختار من المحل اللى يناسبها واعتبروه هدية منى ليكم بمناسبة الفرح .
تكلمت وصال بعد صمت طويل قائلة بعتذار - الف مبروك لنور يا استاذ رؤوف بس انا اسفة مش هقدر احضر ... حضرتك ليك مكانة خاصة عندى بس مش هقدر اكون فى الوسط ده ...
اومأ رؤوف لها ...هو يعلم جيدا ظروفها واسباب رفضها هي ليست معرفة يوم او يومين لاااا ف وصال تعمل عنده حتى قبل ان تتزوج من ذلك الخائن ... وان كانت تكره الجميع بما فيهم والدها ولكنها تكن لهذا الرجل الاحترام .
قال رؤوف اخيرا - تمام يا بنات ... انا هسيب المحل فى امانتكم اليومين دول لحد ما الفرح يخلص ... معلش بقى انا مشغول مع العروسة .
اومأت تقوى قائلة - اطمن يا استاذ رؤوف وان شاء الله نيجي نشرفك ونبارك لبنت حضرتك .
شكرهم رؤوف وغادر بينما انشغلن البنات فى عملهن بعدما تناولا وجبة الافطار المكونة من سندوتشات الفول والطعمية التى ابتاعتها تقوى اثناء مجيئها من احدى العربات .
______________
فى قاعة المحكمة يقف هذا الظالم بشموخ يمثل ظالم آخر مثله يريد اذلال ام اطفاله وانتشال حقوقها لذلك استعان به ومن غيره طارق الازهرى المعروف ... حتى ان هذه الام المسكينة حينما علمت بتوليه القضية فوضت امرها لمحامى المظلومين والضعفاء محامى الارض والسماء لرب العزة والملكوت .
كان يرافع بكل قوة وجبروت مستعملا ادلة تثبت ادانتها فى قضية شرف قائلا - حضرة القاضى الاوراق اللى قدام سعادتك والصور بتثبت انها كانت بتتردد على الشقة دى ولما سألنا عرفنا انها شقة واحد عازب ... وهل يجوز يا سيدى ان تذهب امرأة متزوجة ولديها ابناء لشقة رجلا اجبنى عنها ؟ ... اترك الحكم لكم ولكنى اخشى على هؤلاء الاطفال من هذه المرأة الخاطئة ..
نظر القاضى الى الاوراق والصور ثم رفع نظره الى تلك الباكية الضعيفة متسائلا - عندك اعتراض على كلامه .
قالت السيدة وهى تبكي بشدة - ايوة طبعا يا باشا ... دى شقة واحدة ست كبيرة كنت بروح اخدمها علشان اصرف على عيالي لان جوزى مكنش بيلعتلنا اي فلوس برغم انه مهندس بترول وربنا كارمه ... وكان ليها ابن مشفتش منه غير كل خير واحترام ... الكلام اللى بيقوله ده مش صحيح ابداا ولا عمرى اغضب ربي حتى لو كنت بكره الهوا اللى بيتنفسه جوزى
سألها القاضى السؤال المعتاد قائلا - عندك دليل على الكلام ده .
اجابته بحزن واسف - للاسف الست اتوفت من اسبوعين وابنها سافر ومحدش كان عارف بشغلى ده غيرهم .... حاولت اتواصل معاه ييجي يشهد بس موصلتش لحاجة .... وكلت امرى لله .
اطلع القاضى على الاوراق التى امامه مجددا وللاسف الشديد هو ان القانون لا يأخذ الا بالاوراق فتم الحكم لصالح الزوج وحرمت من اطفالها وهى تبكى قهرا ولكنها اتجهت الى تلك المحامى الذي يستمد جبروته من اذلالهن... بعدما رفعت الجلسة وهى تنظر داخل
عيناه بغل وطاقة لو تجسدت لكانت نارا تحرق جسمه حيا - حسبي الله ونعم الوكيل فيك ... ربنا يحرق قلبك على ضناك زى ما حرمتنى منهم ... افتكر دعوتى كويس ... ربنا يبعد عنك حبايبك وتعيش وحدانى وتموت وحدانى .... حسبي الله ونعم الوكيل فيك .
غادرت هي وابتسم لها بتشفى دون نطق حرف ... لا نقول ان دعوتها لم تأثر فيه ... ولكن حتى شعور الذنب قتله منذ زمن ...
خرج من المحكمة بعدما هاتف الزوج اخبره بأن القضية حكمت لصالحه وطلب منه تحويل باقى اتعابه على حسابه البنكى .
_________
عودة الى الفتيات بعد الظهر يجلسن يتسامرن ويضحكن بشدة على بعض المواقف الممتعة التى عاشتها كل واحدة منهن .
قالت زهرة بتفكير - طيب يابنات هنلبس ايه ... انا عيني كانت هتطلع ع الفستان التايجر ده ... واهو فرصتى جت وهاخده البسه .
قالت تقوى بهدوء - بس يا زهرة ده قصير اوى حرام .
قالت زهرة بعدم اقتناع ومرح- بصي يا تقوى ... انتى البسي زى ما تحبي ... وسبيني البس زى ما احب ... ده فرح ناس كبيرة واكيد لازم احضر بابهى صورة ليا ... وكدة كدة بعدها ناوية اتحجب بس سبيني اشقط عريس حلو كدة .
قالت تقوى بقبول - تمام يا زهرة اعملى اللى يريحك .... بس واجبي انصحك ... الوسط ده اغلبهم ناس متعرفش يعنى ايه اخلاق ... ناس بيشتروا كل حاجة بفلوسهم .
غضبت زهرة قائلة بدفاع - قصدك ايه يا تقوى ... ومالك بقيتي زى وصال كدة ... انا اقدر احافظ على نفسى كويس اوى .... وزى ما قلتلك البسي زي ما تحبي وسبيني البس زي ما احب وبعد كدة ياستي هسمع كلامك ... بس ده اليوم اللى بستناه .
نظرت لها وصال دون نطق حرف وتتمنى بداخلها ان لا تندم زهرة على ما تريده ..
____________
فى الليل عادت وصال الى بيتها التى تقطن به مع والدتها واختها الصغيرة فدوى .
كانت سماح والدة وصال نائمة محتضنة ابنتها فقد غلبها النوم وهى تشاهد احد المسلسلات على التلفاز .
اطفأت وصال التلفاز ونادت على والدتها قائلة - ماما ... قومى يا حبيبتى نامى جوة .
تململت سماح بنعاس قائلة بحنان - وصال ... جيتي يا عمرى .. هقوم اعملك تتعشي .
اوقفتها وصال قائلة بهدوء - لاء يا ماما خليكي يا حبيبتى ... انا اكلت مع البنات قومى انتى نامى جوة على سريرك وصحى فدوى كمان ... يالا تصبحي على خير انا هموت وانام .
قالت سماح بحب - بعد الشر عنك يا حبيبتى ... ربنا يريح قلبك ويفرحك يا وصال يااارب .
دخلت وصال غرفتها بعدما اغتسلت وتوضأت لكى تؤدى فرضها ..
بعدما انتهت تمددت على الفراش وفتحت احد ادراج الكومود المجاور لها واخرجت منه صورة
لاحب مخلوق لديها ... صورة طفلها الذي انتشله منها القدر ... نظرت لها وهى تتلمس هيئته باصابعها كأنه امامها ..
. تتحرك اصابعها هدوء وقلب ممزق على معالم وجه ... هل مازال يحمل نفس الوجه ام تغير قليلا ... كيف اصبحت ملامحه الان ... اسئلة تراودها يوميا وهى تموت قهرا فى اليوم مئة مرة ...
تتمنى رؤيته صدفة ... ولكن كيف ذلك وهى فى الجهة الاخرى من العالم ... لقد اصبح عمره الان اربع سنوات وثلاث شهور ويومين .
تحسبه بالساعة وتحتفل بعيد ميلاده كل عام ... رفعت يدها الى السماء وبكت داعية الله بقلب منفطر مشتاااق قائلة - ياااارب ...ياااارب رضيت بقضائك ولا اسألك رده ولكنه فوق تحملى يارب فأسألك اللطف فيه ... يارب انت تعلم ان قلبي يشتااق له وحضنى يريده يارب ف لا تحرمنى من رؤيته ... يارب انت القادر على مالا يقدر عليه عبد اكرمنى لقاؤه يارب .
خلعت حجابها واستلقت فى وضع النوم وهى محتضنة صورة طفلها ككل يوم ..
اما عند تقوى التى دخلت بيتها بارهاق وجدت والدتها الحاجة عليه تجلس على الاريكة بجوار زوجها المتقاعد على كرسى متحرك تطعمه الطعام الموصى به لحالته وهو يبتسم لتقوى عند دخولها كانه ردت اليه روحه ..
اتجهت تقوى اليه مبتسمة قائلة وهى تأخذ يده تقبلها - عامل ايه يا بابا النهاردة ؟ ..
اومأ لها محمد دليل على انه بخير وما زال على وجه نفس الابتسامة فقالت علية -
حمدالله على السلامة يا تقوى ... طول النهار كان مكشر وزعلان واول ما شافك ضحك اهه ...
ضحكت تقوى وهى تجلس بجواره وتأخد من والدتها طبق الطعام قائلة - معلش يا ماما بقى ... حضرتك عارفة ان احنا مبنقدرش نبعد كتير عن بعض ... وبعدين بابا ليه حق عليا بس سمحونى انا مضغوطة فى الشغل اليومين دول لان زى مانتو عارفين بنت استاذ رؤوف فرحها بعد يومين .... بس بعدها بقى يا عم محمد هتلاقينى هنا كتير وهنعد مع بعض اكتر زى الاول ...
وقفت علية مغادرة تقول - طيب يا تقوى خليكي معاه لحد ما اصلى العشا واكلم اختك رحاب اطمن عليها وعلى عيالها .
اومأت تقوى وجلست تطعم والدها طبق المهلبية الشهى بينما خرجت عليه تفعل ما قالته .
اما عند زهرة التى عادت مرهقة وعندما دخلت البيت وجدته
معبأا بالدخان وزوج والدتها يجلس متربعا فى منتصف الصالة
يدخن بشراهة ويستمتع برؤية التلفاز ...
اغتاظت وغضبت قائلة - ايه اللى انت عامله فى البيت ده هو
غرزة ... ما تروح تعد على اى قهوة برا .
اشار بيده وهو يحمل السيجارة قائلا بلا مبالاه - ابعدى شوية بس من هنا مش شايف الفيلم ..
. ومش كل شوية تقولى نفس الكلام واخرج ... انا اعد
فى الحتة اللى تعجبنى ... انتى سامعة ... انا عندى بنت مينفعش اسيبها لوحدها وانزل اعد ع القهوة ..
بالرغم من غضبها الا انها ضحكت بشدة قائلة - لاء جدع والله ... اب فعلا وبتتحمل
المسئولية بصحيح ... طب بما انه كدة مبتخرجش ليه تشوفلك شغلانة وتقعدنا احنا الاتنين سوا ؟ ..
نظر لها واقترب منها قائلا وهى ينفس دخان السيجارة امام وجهها - دى بنتى ..
. لكن انتى مش بنتى ... ولو مش عاجبك نمشي ... انا متحملش مسئولية حد مش من دمايتى ... عجبك على كدة ماشي مش
عجبك يا حلوة يبقى خليكي قاعدة هنا لوحدك وانا اخد بنتى وامشى .
اثار الدخان الصادر منه صدرها مما جعلها تسعل بضيق منه ومن كلاماته ...هذا القاسي
ذو القلب المتحجر .
نظرت له بقلة حيلة وقهر تعجز عن تفسيره .... تخلى عنها الجميع حتى
والدتها فارقتها للابد ... هى مجبرة على تحمله معها حتى تلقى فارس
احلامها الذي سيأخدها الى عالمه الوردى .. لكم تمنت ان تذهب بعيدا عن هذه الحياااه ... كم تنتظر لحظة بعدها عن
هذا الرجل ودنياه ... حسننا فات الكثير ولم يعد هناك سوا القليل من الزمن ... نعم هكذا تعتقد ولكنها لم تكن تعلم ان القادم لم يكن
فى الحسباان ابدا فما تراه الان من عجز وقهر لم يكن شيئا بجانب ما ستراه مع هذا عدو المرأة ...
الفصل الثاني
بقلم اية العربي
يوم جديد وامل جديد تشيده زهرة .... اليوم هو عرس ابنه صاحب المحل الاستاذ رؤوف ..
تململت زهرة وهى تستيقظ من نومها وتنظر لسماء غرفتها بتفكير ... تفكر فى كلام زوج والدتها امس ... وتفكر فى حياتها الان والحياة التى تخطط لها مستقبلا ...
قامت من تختها والتفتت الى دولاب الملابس تخرج منه شيئا بسيطا يناسب نهارها ...ثم اتجهت الى المرحاض تقضى حاجتها ومن ثم توضأت وصلت وارتدت الملابس وكادت ان تخرج فاستوقفتها دلال قائلة وهى تميل على احدى جانباها باعوجاج _ هه انتى مفكرة يعنى لما تلبسي كدة هتعرفي تشقطى عريس الغفلة .
اخذت زهرة نفسا عميقا كى لا تتشاجر معها فوقتها لا يسمح بذلك ... اكملت طريقها ولكن استوقفتها ثانية قائلة باستفزاز _ طول مانتى ماشية كدة ومحدش عارف عنك حاجة مش هتلاقي حد يبصلك ولا حتى كلب من اللى فى الشارع .
حسننا هى من نبشت عشها بنفسها ... فلتتحمل نتيجة افعالها ...
اتجهت زهرة ناحيتها وعيناها لا تبشران بخير مطلقا حتى ان دلال ارتعبت من هيئتها وتراجعت للخلف حتى التصقت بالحائط المجاور وزهرة لم تتوقف بل ظلت تتقدم الى ان اقتربت حد الالتصاق منها قائلة بهدوء يسبق عاصفته _ هى مين دى اللى محدش يعرف عنها حاجة ؟ ... ومين دى يا فرس الترعة انتى اللى مش هيعبرها كلب ... انتى مفكرة كل الناس زيك يا زبالة انتى ...ولا علشان انا سكتلك هتسوقى فيها ... غورى يات بصي لنفسك فى مرايتك واسأليها ايه حكايتك وبلاش انا علشان انا عارفة عنك اللى انتى متعرفهوش ..
كانت عينا دلال جاحظتان من كلام زهرة ... لم تتخيل ابدا ان يخرج كل هذا الكلام من جوفها ... دايما تحاول استفزازها ولكن زهرة لم تظهر اي ردة فعل ....ماذا حدث ... ولكن مؤكد ان ذلك فى مصلحتها ...
اتقنت دور المظلومة جيدا وقالت بنحيب وصل الى مسامع والدها النائم _ انااااا ...
. انا يا زهرة تقولى عنى كدة .... الغلط مش منك فعلا ... الغلط من ابويا اللى سكتلك لحد دلوقتى ....
استكملت تنادى والدها بصوت عالي نسبيا قائلة _يابااااا ... قوم شوف بنتك بيتقال عليها ايه ومن مين .... قوم يابا .
قام من مكانه مسروعا متجها اليهما يقول بغضب _ ايييه فيه ايه .
قالت دلال ببكاء وصوت سمعه الجيران _ بتسبنى فى شرفي يابا ... بتقول عنى زبالة وعارفة عنى ياما ...
جن جنونه من كلام ابنته واتجه الى زهرة ومن ثم نزل عليها بكف يده الغليظ طابعا اصابعه فوق وجهها ولم يتركها تستوعب بعد فكان ممسكا بشعرها يلفه حول يده ويسوقها منه الى الخارج وسط مرأى ومسمع من الجيران منهم الحزين على حالها ومنهم الشامت .
تركها ارضا تصرخ من شدة الالم والصدمة قائلا بقوة _ بنتى انا ... بنت الحسب والنسب يتقالها كدة من واحدة زيك ... انتى ناسية يابت اللى عملتيه مع صاحب المحل ولا مفكرة ان محدش هياخد باله .
بماذا يتفوه هذا المختل ...تحرك وجهها يمينا ويسارا ترفض هذا الكلام فلسانها عاجز عن اارد ... وجسدها يرتعش هى الان تشعر بتخدير اناملها وقلبها ينبض ببطء
اشار عليها ثانيا وباتهام جديد قائلا _ اشتريت منك البيت ووصلتك الفلوس اللى معرفش كنتى بتصرفيها على ايه ... ومن طيبتى اعتبرتك بنتى وسيبتك عايشة معانا .... بس بعد سبك لبنتى ولا ثانية ... غورى فى اي داهية تاخدك يالا ...
ماذا يقول هذا الرجل ... اي بيت واى شراء ... لا انا لم ابيع بيتى لاحد ...ما الذي يحدث معى ...هل ما زلت نائمة ارى كابوس ؟ ....
كان هذا عقل زهرة الذي يتحدث ويعطيها الطاقة لكى تقف وتدافع عن حقها ... استندت على بعض الاشياء وتحدثت بضعف قائلة _ بيت مين اللى اشتريته ... ده بيت امى .... وانت وبنتك اللى قاعدين عندى ..
كان هناك بعض الجيران الشاهدين على حديثها فتحدث قائلا _ ايوة زهرة معاها حق .. ده بيتها ومبعتوش لحد .. انت اللى قاعد عندها وكلنا عارفين كدة ....
دخل وخرج معه بعض الاوراق التى تثبت ان زهرة تنازلت عن بيتها مقابل مبلغ مالى بسيط يناولها للجميع قائلا بانتصار_ ها صدقتونى دلوقتى .... ده بيتي انا وبنتى وانتى ملكيش مكان فيه ... غورى يالا روحى للى كنتى عنده .
ظلت تنظر ببلاهة وعقل مسكور ثم وفجاة استعادت قوتها واتجهت اليه مختطفة منه الاوراق تنظر فيها وتفحصها جيدا ثم قالت بقوة _ الاوراق دى مزورة .... انا مستحيل امضى على بيع بيت امى لحد وخصوصا ليك انت ... انا اتبرع بيه للايتام لكن مستحيل اسيبه لواحد زيك ... اطلع برا بيتي انت وبنتك يالا ..
ابتسم خليل بثقة قائلا _ ههه يبقى اللى بينا المحاكم هي اللى تثبت بقى ... ولحد ما تبان الحقيقة ملكيش قعاد فيها والا متلوميش غير نفسك ... ولو عايزة تجيبي الحكومة اتفضلي انا مستنى اهو وهنشوف ف الاخر مين اللى هيمشى بردو .
كان البعض حزين على حال هذه اليتيمة ...حتى ان بعض الجيران ارادو اصطحابها عندهم ولكنها رفضت وكادت ان تدخل لتأخذ اشياؤها فوجدت الافعى دلال تلقى بحقيبة وسط الشارع تنظر لها بشماتة قائلة _ محبتش اتعبك وحضرتلك هدومك ... ههههه يالا بالسلامة .
حاولت التحلى بالقوة واظهار الشجاعة قدر المستطاع ولاكن قد خارت قواها وظهر ضعفها ... ماذا تفعل واين تذهب ... لن تصمت له ولكنها لا تستطيع فعل شئ الان ... تريد التخطيط والتفكير جيدا فى الامر ... ستلجأ للقضاء ولكن عليها الذهاب الى احد اصدقاؤها ...
دخل هو وابنته البيت وعاد الجميع منازلهم وظلت هى وسط الشارع تبكي الى ان رن هاتفها وظهر اسم رفيقتها وصال .... تنهدت وضغطت زر الرد قائلة _ الو .
سمعت صوت وصال تقول باستنجاد _ الحقيني يا زهرة ... تعالى فورا يا زهرة بالله عليكي .
قد تناست تماما مشكلتها وما حدث معها منذ قليل ومسحت وجهها قائلة بقلق _ مالك يا وصال فيه ايه بس طمنيني ...
قالت وصال بقلب ممزق مشتاق _ سمعت صوته يا زهرة ... سمعت صوت ابني ...
_______________
كان التجهيز لحفل الزفاف قائم فى ابهى صوره ... حيث يتم تحضير كل ماهو ثمين استعدادا للحفل .... ولما لا والعريس من اغنى اغنياء القاهرة واسمه معروف لدى معظم المشاهير .
الحفل مقام فى افخم فنادق العاصمة واكثرها ترفيها ... الكل يعمل بتدقيق ونظام وسوف تبدأ المداعي فى الحضور بعد قليل ...
يبدو انه سيكون حفلا رائعا خاليا من العيوب ... ترى هل سيكون هكذا ام ماذا سيحدث ..
____________
عند وصال التى تجلس فى محل الملابس تنظر امامها بعيون يغلبها اللون الابيض من شدة اتساعهم ... هل حقا سمعت صوت طفلها ... كيف حدث ذلك ... ومن الذي ساعده فى هذا الاتصال ؟
دخلت زهرة اليها مسرعة تقول بلهفة _ وصال ... انتى كويسة ؟ ... طمنيني كلمك ازاى وقالك ايه .
وقفت وصال على حالها وتمسكت بيد زهرة قائلة بعدم تصديق _ قالى مامي ... قالها وسكت يا زهرة .... انا سمعت صوت ابني بعد ٣ سنين يا زهرة ... يعنى ممكن يكون فيه امل انى اشوفه .... بس ازاى وهو اصلا فى اخر بلاد العالم .
احتضنتها زهرة تهدأها قائلة بفرحة _ دى بداية حلوة اوى يا وصال ... بما انه عمل كدة يبقى اكيد بباه كان جنبه وقتها ... لان طفل عنده اربع سنين مستحيل يعرف يكلمك لوحده خصوصا بعد السنين دى كلها ... هو اصلا ميعرفش شكلك يا وصال يبقى اكيد ده بباه ....
صرخت وصال فجأة قائلة بهستيربة _ لاااااا مستحيل ... مينفعش ... مينفعش .... اكيد مش هو ... لا مستحيل يكون هو مستحيييل .
تعجبت زهرة من تصميم وصال المششد هذا قائلة _طب اهدى خلاص ... انا بس بحاول اطمنك انك ممكن تشوفيه ... اهدى يا وصال خلاص ...
نظرت لها وصال كأنها استردت وعيها ثم هدأت قليلا ومازالت تفكر فى صوت صغيرها حين ناداها ..
لاحظت وجه زهرة ااذابل وملابسها المهلهلة فتسائلت بقلق _ زهرة ؟ ... ايه اللى حصل وهدومك عاملة كدة ليه ..
تنهدت زهرة وجلست تقص عليها ما صار مع زوج والدتها وابنته حتى ان وصال من شدة غيظها كانت تريد الذهاب اليهم ولكن منعتها زهرة ..
قالت وصال بغضب _ اااه يانارى منهم لو اطول راس الحية دى ... ياما قلتلك يا زهرة اطرديهم وعيشي لوحدك احسن ... اهم زوروا امضتك وخدوا البيت منك ... ويوم المحاكم بسنة وهو عارف كدة كويس ... دول طلعوا كلاب .... لاء كلاب ايه ... الكلب مش بيعض الايد اللى اتمدتله ... دول عقارب .
ملست زهرة وجهها بكفيها تزيل الارهاق وتجدد نشاطها قائلة _ خلاص يا وصال سيبك منهم ...
خليهم يفرحوا يومين كدة لحد ما اتصرف معاهم ... بس دلوقتى قومى نشوف ورانا ايه ..
منعتها وصال قائلة _ لااا ... انا هشوف ورايا ايه ... انتى يادوب تجهزى علشان حفلة الزفاف ... تقوى هتعدى عليكي هنا .
قالت زهرة بارهاق _ لا يا وصال مبقاش ليا رغبة اروح ... خلى تقوى تروح ...
قالت وصال باصرار _ لاء طبعا هتروحى ... وانا اللى هضبطك والدريس جاهز اهو والشوز اللى عاجبك كمان جاهز ... يالا قومى يا زهرتى بلا هم .
ابتسمت زهرة لها وقالت شاكرة _ مش عارفة من غيركوا انتى وتقوى كنت عملت ايه ... ربنا يخليكو ليا بجد ..
قالت وصال بمرح _ ولسة اليوم فى اولة دانا لما ترجعى هاخدك معايا ونسهر فى البيت على فيلم من اللى قلبك يحبه وكمان هجيب معايا كل حاجة بتحبيها ...
ثم تابعت بتباهي وهى تتمشى بغرور مصطنع _ ها عمرك شوفتى صاحبة جدعة زيي كدة ؟
حركت زهرة وجهها يمينا ويسارا مبتسمة قائلة بامتنان _ لا ابدا .
_______________
عم المساء على ارجاء المدينة وانسحب ضوء الشمس من مهنته وحل محله ضوء المصابيح .
بدأ الحفل الصاخب وتهافت الحضور وراء بعضهم ...
كان يضم نخبة من اكبر رجال الاعمال والسينما وايضا بعض الشخصيات الحكومية والمحامين ومن بينهم بالطبع ومن غيره طارق الازهرى .
وصلت سيارة الاجرة التى بها زهرة وتقوى ... نزلتا الفتاتان امام باب الفندق الخارجى تنظر كل منهما الى الفندق باعجاب .
دخلتا الفتاتان ومنه الى القاعة التى انبهرتا بها وبالحضور ولكنهم ايضا اتقنوا الدور جيداا حتى ان البعض ظنهما من اقارب العروس .
اتجهتا الفتاتان باتجاه الاستاذ رؤوف وزوجته يتبادلون السلام والمباركة ... ثم جلستا على احد المقاعد تتابعان الحفل وتنتظران حضور العروس ..
بعد قليل بدات الموسيقى تتغير دليل على خروج العروس وعم التصفيق فى كل مكان وانتظر الجميع بفضول ومنهم زهرة التى كانت متحمسة كثيرا ترسم فى مخيلتها عرسها .
جاءت العروس فى يد والدها الذي ذهب واحضرها ليسلمها الى عريسها ...لقد كانت جميلة حقا ... كانت بريئة وهادئة وساحرة سحرت عين حبيبها الذي امسك يدها وقبل راسها بحب ...
بدأت فقرات الحفل برقصة slwo بين المحبين وزهرة مازالت ترسم فى مخيلتها عرسها .
هزتها تقوى تميل عليها حتى يصل صوتها الى مسامع زهرة متسائلة _ بتفكرى فى ااااايه ؟ .
تبدلت الادوار واقتربت زهرة من اذنها قائلة _ بتخيل يا تقوى ... بس العروسة عسسل .
كادت ان تجيبها تقوى ولكن بدون قصدا منها انسكب كوب المشروب الموضوع على الطاولة على فستان زهرة .... شهقت زهرة عاليا واستخدمت منديلا ولكنه لم يمتص من المشروب الا القليل ... توترت تقوى واعتزرت كثيرا فقالت زهرة على مضدد _ عادى يا تقوى حصل خير ... انا هروح انظف الفستان فى التواليت واجى ..
ذهبت زهرة مسرعة الى المرحاض وبالفعل بدأت فى تنظيف الفستان بهدوء حتى لا يفسد ..
انتهت وخرجت من المرحاض ولكنها اثناء مرورها وسط الزحام احست بيد تتحسس اسفل ظهرها بطريقة مقززة وعندما بدأت تستوعب ما حدث وغلى الدم فى عروقها كان هذا القذر ابتعد عنها مسافة مبعدة ..
لم تشعر بنفسها الا وهى متناولة حذاؤها من قدمها وبطول ذراعها كانت قد القته عليه ولكن لحسن حظه وسوء حظها لم تصيبه به بل اصابت من تتوقعوه ... نعم اصابت طارق الازهرى والتصق الحذاء فى وسط
ملابسه مما اشعل بركان الغضب داخله خصوصا ان انظار الحضور التفتت اليه متسائلة .... اخذ الحذاء بيده ووقف يستعد للهجوم ...
اما زهرة لم تهتم ولم تعتذر بل جرت مسرعة الى ذلك القذر الذي يقف بالقرب منه ... وامسكته من بذلته وسط انظار الجميع وطارق ايضا ونزلت بكفها على وجهه بصفعة قوية ثم بصقت عليه واخذت حذاؤها من يد طارق الذي لم يستوعب ما تفعله هذه الجانية على عمرها ... غادرت زهرة بشموخ ووراؤها تقوى حتى انها لم تنتظر تبرير
موقفها للسيد رؤوف الذي كان شاهد على ما صار والذي يعتبر فسد فرح ابنته بسبب زهرة ..
اما هو فكانت النار تتآكله لم ولن يتعرض لموقف مثل هذا طوال حياته ابدااا واقسم بداخله على الانتقام ...
