CMP: AIE: رواية خفايا القدر الفصل السادس والعشرون26بقلم روان عرفات
أخر الاخبار

رواية خفايا القدر الفصل السادس والعشرون26بقلم روان عرفات


 

#خفايا_القدر 

#الفصل السادس والعشرون..

#بقلم روان_عرفات.


يجلس بغرفته بتوتر، الساعة تعدت الثانية بعد منتصف الليل ومازال مستيقظًا، بحالته تلك بعدما أخذ آدم ابنته من بينهم بملامح لا تنم بالخير أبدًا كما هو الذي ترك كرم يتخبط بين افكاره وحزنه اللا متناهي. 


دخلت وعد زوجته الغرفة ببكاء جاهدت في منعه لكي تتحدث مع زوجها، اقتربت منه وجلست إلى جواره، ربتت على ظهره بحنان وقالت بهمس:



- ينفع تهدا؟ ينفع تبطل تفكير في الموضوع وتسيبها لربك؟ يا يوسف والله ما فيه حاجة هتتغير .. لو كان ليهم نصيب يكملوا هيكملوا .. كتر التفكير مش هيتعب حد غيرك. 


نظر إليها بدموع وقال:

- أنا مش عارف أودي وشي فين من اختي وجوزها اللي هو صديق عمري واخويا .. ازاي اداري على عملة ابني عملها في حق بنتهم اللي بتتعذب وماحدش حاسس بيها بسببه؟ ازاي ابقى بضحك وبهزر معاهم وأنا مخبي حاجة زي دي عنهم؟ أنا حاسس إني اناني لردجة ماحدش يتخيلها. 




ارتمى بداخل احضانها مع انتهاؤه لحديثه، ضمته هي بقوة مربتة عليه بحنانٍ بالغٍ مع قولها بحب:

- كل حاجة باذن الله هتتعدل .. يعني أنت متخيل إن الموضوع سهل بالنسبة ليا؟ والله أبدًا .. بس باذن الله خير وربنا يعدلها أنت بس اهدا عشان خاطري. 





كان رده على حديثها ضمها إليه بقوة آلمتها لكنها تعلم أنه بحاجة لها، طبعت قبله حانية على رأسه وشددت على احضانه بدموع انسالت رغمًا عنها. 


❤ اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ❤


مُمسكة بيدها الوسادة وتقوم بوضع رأسها بينها وهي تصرخ بكل ما أُتيت من وجع، تصرخ وكأنها تُريد اخراج كل ما بها في هذه الصرخة التي لا تفعل شيئًا سوى كونها تجذع أحبالها الصوتية فقط! 


كان يقف خلف الباب، مستمعًا لبكائها بقلبٍ يئن وجعًا عليها، استنشق شهيقًا قويًا أخرجه دفعه واحدة مع طرقة للباب عدة طرقات ودخوله الغرفة. 


بمجرد رؤيتها له ركضت سريعًا إليه وهي ترتمي بداخل احضانه تبكي بصوت عالي مما جعل روز تأتي إليهم بقلق بادٍ عليها متسائلة عما حدث لكن لم تجد أيًا منهم يجيبها. 


جلست إلى جوارهم وبكت على ابنتها وزوجها الذي حتمًا ملامحه وحالته تلك تقول كونه علم بكل شيء. 


أخذت تسرد أوركيد ما حدث معها للمرة التي لا تعلم عددها بالتحديد، فكلما شعرت بالضيق تحدثت مع أحدهم وكأنها تظن أن الحزن سيتلاشى حينما تخرج ما بجوفها .. لا تعلم كون حُزنها تعمق في قلبها. 


كان يستمع إليها آدم بمشاعر هو بذاته لا يجد لها تفسيرًا... بين الحُزن والغضب، اللامبالاة والاكْتِراث، العصبية والهدوء، بحاجة جامحة للبكاء وبذات اللحظة لا يُريد ذلك! شيء واتضاده وهو عالق بين هذا وذاك ولا يجد لنفسه مكانًا. 


جلست أوركيد أرضًا كما آدم أيضًا الذي شعر كون قدماه لا تحملانه، جلس إلى جوارهن وضمهن إليه بقوة ببكاء متبادل من الاثنين تحت شروده في اللاشيء أمامه، صديقة وعشرة عمره واخ زوجته ماذا عليه فعله؟ لكنها ابنته ولن يجعل أي شيء يُبكيها حتى لو كان هذا الشخص هو! سيحارب وأي شيء تطلبه سيفعله، ولن يجعل عواطفه تتغلب عليه أبدًا..


❤ اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ❤


اليوم التالي.. بمنزل أحمد بالتحديد، أغلق هاتفه بتنهيدة قوية وظل صامتًا دون ان ينبس ببنت شفة مما جعل أميرة الجالسة بجانبة تتساءل بتعجب وهي تأكل الشوكولاه: 

- مالك؟ 


اجابها بحزن: 

- فيه عريس متقدم لندى. 


اعتدلت في جلستها بفرحة وأطلقت الزغايد بصوت خافت إلى حد ما لكنها أثارت حفيظة أحمد الذي قال بعصبية: 

- وطي صوتك يا أميرة .. العريس مرفوض اصلًا من قبل أي شيء. 


عبثت ملامحها وتساءلت بحزن على سبب رفضه للعريس.. أمسك هاتفه وسرعان ما تركه بشرود مُجيبًا إياها بهدوء:

- وضع اخويا آدم وبنته ما يسمحش إني افرح وافتح بيتي لعريس متقدم؟ ده حتى عيبة في حقي يا أميرة .. خليها بعدين مش دلوقتي خالص، ماينفعش أبدًا افكر في فرحة بنتي وبنت اخويا منهارة. 


تنهدت بحزن لحالتهم وأيدته الرأي وأردفت بهدوء: 

- أنت بس ما تشغلش بالك وما ترفضش .. ما تعرفش الخير فين .. سيبها على ربك بس وباذن الله خير . 


أنهت حديثها تزامُنًا مع دخول ندى الشقة وهي تجفف دموعها.. ألقت السلام عليهم وما لبثت أن تدخل غرفتها إلا واسمعت لوالدها يدعوها للجلوس معهم، اقتربت منهم بهدوء وجلست دون حديث لتستمع لحديثٍ جعلها بحالة لا يرثى لها:

- ندى حبيبتي .. فيه عريس متقدم ومـ..  


قاطعته بنهوضها وقولها ببكاء: 

- بابا أوركيد في وقت ماينفعش أنا اعمل اي حاجة من الحاجات دي .. ازاي تكون هيا منهارة وأنا افكر في جواز وفرحة! 


أنهت حديثها وركضت سريعًا لغرفتها باكية، تشعر بالحزن يعصف قلبها على حال صديقتها المُحزن.


قالت أميرة بحنان وهي تمسد على يد زوجها الذي نظر في أثر ابنته بحزن:

- سيبها عليا .. هكلمها وههديها وهنزل كمان شوية لروز وأوركيد وهفضل معاهم .. ما تقلقش. 


❤ سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ❤


خرج من المستشفى منذ ما يقارب النصف ساعة فقط مع ذهابه للجهاز دون أي راحة كما طلب منه الطبيب .. جلس على الكرسي الخاص به بعدما تحدث مع اللواء في حوار طويل بخصوص كريم وما فعله والقضية ما زالت في بدايتها .. ماذا سيفعل إذًا عندما يتعمق في البحث عنه؟ 


لا يُريد الضعف والتفكير في التراجع عما خطط له، مهمة وفشلت وهذا لا يعني فشل دائم! سيحاول ويفعل المستحيل إلى أن يوقعه في شر أعماله. 


اقتحم المكتب من قِبل ناصر الذي اقترب منه وتساءل بخوف:

- أنت كويس؟ ليه ما ارتحتش شوية؟ والله أنا موجود يا سراج ما تخافش .


ابتسم بحب له وأردف:

- يابني اهدا .. أنا بخير مجرد جرح بسيط وبعدين شغلنا معروف بكده .. فمتشغلش بالك يا حبيبي.  


جلس ناصر على مقعد مقابل لسراج، وضع يده على وجنتيه وناظر سراج بنظرات حبيب يُناظرها لحبيبته مما جعله ينفجر ضاحكًا... قال بهُيام:

- هيييح .. أخيرًا سمعت كلمة "حبيبي" .. قد إيييه الحرمان صعب! 


اطلق ضحكة عالية مع رأسه التي ارتفعت للأعلى بعفوية ثُمَّ انخفضت تدريجيًا مع انخفاض ضحكته، شاركه الآخر الضحك بخفوت وهو يتساءل بتوتر:

- لسه بيبعت لك تهديدات؟ 


اماء له سراج بسخرية ليتابع ناصر بهدوء: 

- نفسي بس يبعت لك تهديد بصوته .. اهي حاجة تدينه شخصيًا .. لكنه لحد الآن كل اللي بيبعته حاجات مجهولة الهوية واحنا لأننا نعرف إن الحاجات دي منه فـ عرفناه . 


قال بتنهيدة:

- حقيقي يا ناصر ما بقتش عارف اعمل إيه. 


غير مجرى الحديث وهو يغمز بعينيه:

- طيب إيه؟ 


ناظره ناصر بتساؤل ليُتابع سراج بنظرة ماكرة:

- مش ناوي بقا تسمع كلمة "حبيبي" ليل مع نهار؟ 


وضع الآخر هاتفه جانبًا بعدما كان يتصفح ما بداخله بلامبالاة، اعتدل في جلسته وجحظت عيناه متسائلًا بفرحة:

- ليه هو أنت مستعد تقولها لي اربعة وعشرين ساعة؟ 


مسد سراج على شعره بغيظ واجابه وهو يجز على أسنانه غيظًا: 

- حبيبي من شخص عن شخص تفرق. 


قال برفض تام وبكل جدية:

- لاء وأنا مستحيل اسمعها من حد غيرك .. ده أنت العين والنني. 


ران عليهما صمت دام لثواني فقط ثُمَّ سقطا في نوبة ضحك وكلما هدأ واحد منهم ضحكات الآخر تجعله يشاركه الضحك. 


تنهد ناصر بقوة وقال:

- مش هقدر اقول لك غير إن نصيبي مش وقته دلوقتي .. الحاجات دي بتحصل فجأة، بتلاقي نفسك دخلت في حوارات وحُب وتفكير من غير ما تخطط لشيء وأنا بصراحة نفسي في كده .. نفسي كل حاجة تمشي طبيعية من غير ما اتسرع في القرار .. أنت فاهمني؟ 


اماء له بخفه... كان يستمع له بشرود، يطبق حديثه على حالته من بعد رؤيتها، لهفته في لقائها مُجَدَّدًا، هذا التفكير الذي يتسغرق منه ساعاتٍ واللقاء الذي حدث بغتة، ذهابه لمنزلها ليلًا داعيًا ربه طول الطريق برؤيتها.... لا يعلم ما به سوى كونه يُريد رؤيتها واشباع عينيه من النظر إليها.  


     ❤ استغفر الله العظيم وأتوب إليه ❤


مر يومين على ما حدث وهو ما زال لم يتحدث مع اخته ولا حتى زوجها، يشعر بالخجل تجاههم بشكل يجعله لا يُريد رؤيتهم.


خرج من المنزل وجلس على الأرجوحة بالحديقة بتوتر ملحوظ.. ينهض من الأرجوحة ثُمَّ يجلس بذات اللحظة، ناظرًا على منزل آدم وأحمد تحديدًا على غرفة أوركيد لكونها تطل



 على حديقته، تلك التي اشتاق لها حد الجنون .. لم يكن يمر يوم إلا وكانت تأتي إليه في النادي أو المنزل ويتحدثا في أمور عدة، كما ضحكهم المستمر، يُريد الذهاب لها واحتضانها والاعتذار منها.


تناهى إلى مسامعة صوت آدم المازح:

- آجي ولا ارجع مكان ما كنت؟ وعلى فكرة أنا جايب فشار معايا . 


نهض من مكانه وتقدم إليه بخطوات اشبه بالركض للباب الذي يفصل بين منزلهما، استقبله بالترحاب الشديد تحت ابتسامة آدم المزيفة لأنها بالأخير هي ابنته! 




جلس يوسف على الأرجوحة وإلى جانبه آدم الذي أخذ يأكل الفشار بهدوء ليتنهد يوسف قائلًا بخجل:

- ماتزعلش مني يا اخويا .  


نفض آدم يده ودار بوجهه تجاه يوسف، كلمة "اخويا" خرجت منه صادقة، استشعر مدى صدقها.. فضل الصمت وتابع يوسف الحديث:

- حقك عليا .. ما كنش لازم ابقى اناني بالشكل البشع ده .. عشان سعادة ابني وسمعته كانت بنت اختي بتموت كل يوم




 من قهرها.. ما كنش فيا عقل يومها، حسيت إن الدنيا لفت بيا بمجرد بس ما سمعت الدكتور وهو بيقول لي إن ابني بيتعاطى الكحوليات! كانت صدمة كبيرة عليا وعلى عقلي نستوعبها .. كنت مكسوف من نفسي ومم اللي حصل، كان نفسي امـ..


قاطعة آدم بغيظ:

- بعد الشر عليك .. ماتقولش كده. 


ابتسم له بحنو وتابع بهدوء:

- ماتعرفش احساسي إيه دلوقتي بعد ما عرفتوا .. ولا اختي.. اكيد زمانها بتقولي ازاي اخويا اللي من لحمي ودمي يعمل كده.


استنشق شهيقًا عميقًا وقال: 

- بس باذن الله هصلح كل اللي بوظته .. واللي أنت عايزة والله هيكون يا آدم .. اللي هتطلبه هيحصل، لو قلت لي إنك هتتصرف مع كوم والله براحتك أنت لو هتربيه من جديد عادي في الآخر هو ابنك.


انتظر يوسف أي ردة فعل منه لكنه لم يفعل شيء.. يشعر كونه عاجز عن فعل أي شيء، حتى الابتسامة ثقيلة على القلب، حديثه يعلم أنه سيغير اشياء لكنه ليس بحاجة له .. فهو يعلم



 تمام العلم كون يوسف لن يفعل أي شيء يضره وبالتأكيد سيضع شروطه التي وإن تعداها شخص مع ابنته لن يخسر إلا نفسه!


           ❤ لا حول ولا قوة إلا بالله ❤  


بغرفته حالكة الظلام، جالس بالكرسي بمنتصف الغرفة، ينظر للأمام بشرود ونظرة نارية تشع من عينيه غيظًا وغضبًا .. مسترجعًا بذاكرته من بداية ذهابه وإلحاح فارس للذهاب معه في إحدى النوادي التي صعق في البداية مما رأه فيها، لكن زيارته لها تكرر مع مرور الأيام دون أن يشعر بأنه مستهدف لشيء لا يعلم عنه شيئًا. 


ومن ثُمَّ جلوس روجينا معه، تلك التي كانت لها نصيبًا في قلبه.. والتي لا يعلم هل هي مشتركة في مخطط صديقة أم أنها مجرد صدفة؟ لكنها من طرفه هو فحتمًا هي معه .. كانت تُصاحبه كالظل وتتحدث معه إلى ان سحرته بها وجعلته متعلق بكل شيء يخصها، لدرجة كونه ابتعد تمامًا عن زوجته... كما




 أيضًا حديث فارس عن زوجته وهو كالأبلة كان يتحدث معه دون أي مشكلة، كان دومًا يحسده عليها لكنه لم يعطي للموضوع أهمية فهو في الأخير صديقة، في مثابة أخيه! 


معاملة أوركيد التي تبدلت بشكل ملحوظ، كانت حينما تراه وكأنها رأت أكثر الاشخاص كرهًا لها وهي من كانت تنتظر يوم لقائهم، 


حديث يوسف وجلوسه معه بعد الحادث ومصاحبته التي كانت شبه معدومة قبلها .. 

ضحك بسخرية من والده الذي كان يغفل عن كل شيء يخصه والآن يُريده هذا الطفل الصغير الذي يتسمع لحديثه ويصاحبه! شيئًا رئيسيًا جعله يتخذ هذا الطريق راحة له، هو معاملة والده لأمير.. تفرقته بينهم أدمت قلبه حُزنًا.


أخذت دقات قلبه تتواثب وصوت أنفاسه المتسارعة... الآن فقط اتضح أمام عينيه كل ما هو كان عنه غافلًا. 



ترى منذ متى وصديقة يخطط لدماره؟ عند تلك اللحظة وشعر بالدماء تغلي بعروقه.... نهض من مكانه وبلحظة غضب أمسك بإحدى الفواحات التي كانت تضعها وعد في زاوية ما بالغرفة وقام برميها على المرآة التي تتوسط الغرفة لتتهشم إلى اشلاء صغيرة.. 


لم يعطي للموضوع آية أهمية وخرج من الغرفة ليجد وعد تركض من الأسفل إليه بفزع متسائلة عما حدث ببكاء:

- إيه اللي حصل يا روح قلب ماما .. أنت كويس طيب؟ 


كانت تتحدث وهي تتفحصه بالكامل بتوتر وأيدي مرتعشة، أمسك بيدها وطبع عليهما قبلة حانية وقال بوجه خالي من أي ملامح:

- ينفع تهدي؟ أنا بخير .


انتشلته إلى احضانها باكية على حالته، لف يديه حول خصرها كطفل صغير لا يشعر بالأمان سوى بين ذراعي والدته لأنها الشيء الوحيد الآمن في هذا العالم. 




جاهد في التماسك والقوة لكن كل قوته تبخرت بحضنها الذي جعله يصبح طفل لم يبلغ عمرة العاشر بعد .. قال ببكاء وهو يشدد من احتضانه لها:

- كل حاجة انتهـت يا أمي .


انتفض قلبها فزعًا ببكاء فلذة كبدها وشددت من احتضانه بقوة وكأنها تُريد امتصاص كل ما يحمله قلبه بداخلها لكي يبقى بخير.


قالت بحنان بعدما ابتعدت عنه قليلًا مع قبلة طويلة طبعتها على جبهته:

- روح لوالدها وليها وخليك جمبهم واسبت انك شاريها .. خليك معاها وماتخليش للبُعد يقسي قلوبكم، امحي أي أثر للحزن عشان لما الزعل بيطول الجفا بيملى القلب. 


استمع لحديثها وهو يومئ بابتسامة مع ركضه للأسفل بسرعة جعلتها تضحك بألم ليتناهى إلى مسامعها صوت يوسف الغاضب:

- واقفة معاه ليه؟ ده لازم يتعاقب ويفضل لوحده. 


ناظرته بصدمة من حديثه وقالت بدموع:

- ده ابني يا يوسف وهو دلوقتي في محنة .. ده غير إن الكل سابه وصدمته بصاحب عمره أكيد مش ساهلة .. لو احنا لو هو أهله ماوقفناش جمبه مين هيقف؟ قول لي يا يوسف بس مين؟ 


انفجرت بالبكاء الذي جعله يقترب منه بغيظ من نفسه واندفاعه في الحديث.. احتواها بين ذراعيه معتذرًا منها عما بدر منه.


                            ******


رحبت به عمته بقوة عكس ما كان يتخيل، دخل معها الشقة وتتبعها لغرفة الضيوف، جلست إلى جواره وأخذت تتحدث معه عن اخباره ووالده ووالدته دون أن تتحدث بأي شيء يخص الذي حدث ..


ظلت عيناه تبحث عنها، يُريد رؤيتها ولو لحظة فقط، يتوق لنظرة واحدة من عينيها له .. تفاجئ بروز تقول بهدوء:

- هيا نايمة دلوقتي .


كان ينظر على الباب منتظرًا دخولها، دار بوجهه تجاهها وتساءل بقلق:

- هيا كويسة دلوقتي؟ 


قطع حديثهم دخول آدم المفاجئ، رحب بكرم بهدوء وجلس بذات الهدوء دون كلمة واحدة حتى.


نهضت روز وتركت لهم المجال في الحديث بمفردهم، ظل الصمت هو سيد المكان، لا آدم يُريد الحديث ولا كرم يقوى على قول أي شيء .. أتت روز ووضعت صينية بها كوبين من القهوة وخرجت سريعًا وهي تدعو ربها بصلاح الحال. 


تحمحم كرم منظفًا حلقه وقال بهدوء: 

- محتاج مني إيه يا عمي وأنا هعمله .. بس خلي في بالك أنا والله لسه شاريها وعايزها ومش عايز من الدنيا غيرها .


ارتشف القليل من القهوة وقال:

- ما هو مش بالكلام يا بني يا كرم! 


نظر إليه بتعجب ليتابع آدم: 

- الكلام ما فيش اسهل منه وإني افضل اقول انا شاري عادي مش هتعب .. لكن لما نيجي للفعل الموضوع محتاج مجاهدة للنفس ولكل حاجة في سبيل حياة كويسة وخالية من المشاكل. 


مافكرتش ليه في كلامك ده وأنت بتنساق ورا رغباتك؟ مافكرتش في مشاعرها وحياتكوا اللي ممكن تتهد في لحظة بسبب غلطة ليه؟ 


أنا لولا إني واثق فيك وفي يوسف والله ما كنت رضيت بأي حاجة من الحاجات دي .. لكن أنا واحد جرب الحرمان، جرب يعني إيه تبقى حبيبتي قدام عيني بس ممكن في اي لحظة



 تروح مني .. ماكنتش عايزك تحس نفس الاحساس ده، ماكنتش عايز احرمك منها وأنا شايفك بتجيلي كذا مرة تطلب ايدها مع يوسف ومن غيره .. الحاجة دي لحد دلوقتي بينا.


شفتك شاريها، حسيت كده من إلحاحك وخوفك اللي كان ظاهر عليك جدًا .. كنت مفكر إنك هتصونها وهتبعد عن أي شيء لأنها عندك بالكل... الحُب اللي بجد بيخليك تكتفي



 بحبيبك .. مهما شفت وقابلت مش هتلاقي حد يملى عينك غيره .. مش هتحس بالفرحة غير وهو معاك، غير وهو جمبك وماسك ايدك وبتعدوا كل حاجة وانتو سوا. 


عمري ما فكرت في يوم إنك هتعمل كده لأني عارف إن معدنك وأصلك كويس، أنت ابني ومستعد اعمل أي حاجة مقابل إنك جيت واتكلمت معايا بكل شجاعة وما استسلمتش بس أوركيد



 بنتي الوحيدة .. وإني اشوفها في وضع زي ده مش سهل عليا أبدًا بس عامل حساب للعشرة وللأخوة اللي بينا وصلة الرحم.


صمت لوقت يجهل مدته، كان يستمع إليه كرم بخجل من نفسه.. 


تابع آدم حديثه بنبرة احتدت رغمًا عنه عندما تذكر بكاء ابنته ليلة أمس:

- الوضع اللي أنت فيه محتاج إثبات… تثبت حُبك لبنتي، والإثبات ده مش بس لأوركيد… لا ده ليا وليها ولأمها ولعيلتك، وقبل ده كله لنفسك… أثبت لنفسك إنك تستحقها وبتحبها،




 وأوعدك لو أثبت ده وخلتني متطمن على بنتي وهيا معاك أنا هرجعهالك بإيدي… لكن لو حسيت مجرد احساس بس إن بنتي هتبقى زعلانهة وهيا معاك قسمًا بالله ما هخليها على زمتك لحظة .. حتى لو روحها فيك.


           ❤ لا حول ولا قوة إلا بالله ❤  


ليس كُلّ فراق مُتَجَلٍٍّ، فأحيانًا تُفارقك لهفة اللقاء، وحنين الليالي ودموع الاشتياق .. تُفارقك المشاعر رُغم أن صاحبها باقٍ لم يُفارق!


لا تدري كم مر من الوقت وهي بحالتها تلك، مُمسكة بهاتفها وتقرأ رسائلهم تارة وتستمع إلى تسجيلاته الصوتية التي كان يُرسلها لها مسبقًا تارة أُخرى، وتذهب للفيديوهات التي




 تجمعهما في لحظاتٍ مختلفة لكونها تعشق توثيق اللحظة بالصور والفيديوهات التي تسعدها فيما بعد .. كما الصور التي كانت تلتقطها دون علم منه إلى حتى الآن لم يدري عنها شيئًا .. 




تشاهد جميع هذه الاشياء وهي تبكي بكل حزن بداخلها وخزلان منه .. تركت هاتفها جانبًا وخرجت لشرفة غرفتها، وضعت يدها على قلبها بأنفاس متسارعة مع دموعها التي تهطل بغزارة على وجنتيها. 


مرت عدة أيام ولم تتحسن حالتها، رغم جميع من حولها لكنها تُريده هو.. تُريد انتهاء كل هذه الاشياء.




تتمنى وجوده واثبات عكس ما رأته أو حتى بقائه معها، وبذات اللحظة تتمنى الفراق .. تعلم أشد العلم كون الفراق صعب على قلب عاشق مثل قلبها، لكنها تجد راحتها في البُعد، بعيدًا عن



 التبريرات التي ستسمعها من هذا وذاك .. طالما قلبها شعر بالخوف وهو معها لا يستحق أن يبقى بداخلة لحظة واحدة حتى.


لا تعلم تحزن على ماذا؟ تحزن عن خيانته لها؟ أم عن غيرتها التي تحرقها دون أي رحمة.. أم حُبها له الذي لا يوجد نهاية له؟ أم ماذا؟



بالتحديد لا تعلم على أي الاشياء تحزن... كل شيء يدعوها للحُزن وهي حقًا لا تقوى على التحمل! 


استنشقت شهيقًا قويًا أخرجته ببطء مع قرارها بالخروج من حالتها تلك بنفسها دون المساعدة من أحد.




دخلت إلى غرفتها وفتحت خزانتها وأخرجت كنزة بيتيه بيضاء يتخللها اللون الاصفر نظرت إليها بحماس وذهبت سريعًا لدورة المياة لتأخذ حمامًا باردًا لكي يجعلها تهدأ قليلًا. 




انتهت سريعًا وخرجت من غرفتها بالكامل بعدما رفعت خصلات شعرها للأعلى بشكل طفولي، قامت بصنع كوب نساكفية كما الفشار أيضًا الذي جعل روز تأتي ركضًا بمجرد سماعها لصوته .. نظرت لأبنتها بدموع، كانت أوركيد تضع




 سماعة الأذن وتتحدث مع ميار وندى بضحكات تطلقها مع تنهيدة قوية تخرج منها بعد ضحكتها لتمنع دموعًا تُريد التحرر من بين الجفون.... تشعر بالألم الذي يحتل قلب ابنتها لأنها كانت محلها بيومٍ من الايام. 


دارت أوركيد بجسدها لتصرخ بفرحة وهي تقترب من والدتها وقامت بتقبيلها مع احتضانها بقوة.. قائلة بابتسامة:

- هروح اقعد شوية مع ندى بقا يا ست الكل .. هنذاكر شوية . 


رمقتها روز بنظرات ذات مغزى لتضحك أوركيد بقوة وتتمتم من بين ضحكاتها:

- أنتِ عارفة طبعًا اننا دحيحة أوي جدًا خالص يعني . 


ابتسمت لها والدتها وطالبتها بالعودة وعدم التأخير. 


نزلت للأسفل بعدما ارتدت اسدال وحجاب إلى نوعٍ ما طويل .. توقفت مكانها وهي تستمع لحديث عمها أحمد لأبنه وليد عبر الهاتف:



- يا وليد يا بني ما ينفعش خالص .. عمك وبنت عمك في مشكلة، مش هتبقى حلوة مني وأنا جايب ناس تتقدم لأختك وفرح في البيت وهما زعلانين؟ ده غير حال العيلة .. في كل الاحوال ما ينفعش .


صمت لبعض الوقت مستمعًا لحديث وليد ليتابع حديثه بهدوء:

- ندى كمان مش راضية .. بص هو اكيد مش خير .. يلا هقفل أنا ولما تيجي نبقى نتكلم وأنا هخلص شوية شغل وهتصل بيه وابلغه رفضنا .


تحمحمت بخجل واقتربت من أحمد الذي ابتسم لها بحب وأخذ يتحدث معها عن حالتها ودراستها .. قالت بتوتر:



- أنا آسفة يا عمي .. بس سمعت حضرتك وأنت بتكلم وليد بخصوص عريس ندى وإنك هترفض عشاني.


تنهدت بعمق ثُمَّ تابعت:

- ندى اختي وفرحتها هتخليني افرح واغير من مودي .. فـ بالله عليك ما ترفض وسيب ندى عليا هروح اكلمها حالا .


لم تعطيه فرصة للرد وطرقت عدة طرقات على شقته ودلفت بعدما سمحت لها أميرة بذلك تحت ابتسامة أحمد الواسعة على تلك المجنونة داعيًا لها بالسعادة الدائمة.




اقتحمت غرفة ندى التي كانت شبه نائمة على فراشها، صرخت أوركيد بصوت عالي:

- هيا فين دي اللي رافضة عريسها عشاني؟ ياختي أنا مش عايزاكِ وعايزة افرح بيكِ واشوف عيالك .


أخذت تبكي بدموع مصطنعة تحت صدمة ندى بمعرفتها وبالذي تفعله .. جاءت لتتحدث ندى لكنها لم تعطيها أي فرصة للحديث وهي تقطع حديثها:



- مافيش أي حاجة هتتأجل يا ندى .. وما فيش حاجة اسمها رافضة عشاني! هتمنعيني من الفرحة ليه وأنا بجهزك بنفسي؟ بالله عليكِ فكري وصلي وما تقوليش كده تاني .. أنا فرحتي في فرحتك أنتِ ومش عشان اللي حصل لي يبقى نمنع نفسنا من أي حاجة؟ المهم أنتِ صلي صلاة استخارة وباذن الله خير لكن غير كده مافيش لا . 


صرخت بفرحة وهي تقرص وجنتيها:

- هتبقي عرووسة يا ندوود .

      الفصل السابع والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-