CMP: AIE: رواية خفايا القدر الفصل السابع عشر17بقلم روان عرفات
أخر الاخبار

رواية خفايا القدر الفصل السابع عشر17بقلم روان عرفات


 

خفايا_القدر 

الفصل_السابع_عشر..

رواية روان_عرفات


تصل لمرحلة ما في حياتك تخشى مرافقة صديق، ودقة قلب تدق لحبيب، ومن نفسٍ تميل إليها ثُمَّ تطعنك بخبثها، من تعلقك بأشخاص تترك يدك بمنتصف الطريق..  تخشى الفراق لأن هشاشة قلبك لن تحتمل فراق فيلم كرتونك المفضل حتى! 




خرج الجميع من الغرفة وتركا خلفهم قلبين بالحُزن تحطما.. زفرت غادة بحرقة وكأنها تُريد اخراج ما بقلبها من احزانٍ لا تتحمل وجودها بقلبها. 


ما لبثت أن تتحدث إلا واقتربت منها ورد مجددًا بعدما ابتعدت عنها بعد بكاء دام للحظات طويلة بينهما بهدوء تام، لفت يدها حولها بقوة وقامت غادة بدورها واحتوتها بين ذراعيها، وضعت ورد رأسها على قدميها بدموع تنسال وجعًا على خديها، مسدت



 غادة على فروة رأسها بمشاعر متخبطة، لا تعلم ما شعور ورد الآن لها.. ولا مشاعرها ناحية والدتها سوسن، ماذا ستفعل؟ ستبقى معها وتعاملها كما السابق؟ أم ستتغير المعاملة لأُخرى؟! تشعر كونها في حلقة من الأسئلة وهي تدور بينهم في حيرة من أمرها. 


تحدثت ورد بدموع وبحه أثر بكائها لوقت طويل : 

- أنا مش عايزة غيرك .. ما تبعديش. 


طبعت غادة قبلة على جبهتها وقالت بحنان : 

- أنا معاكِ يا قلب امك ومستحيل ابعد عنك. 


صمتت لبعض الوقت ثُمَّ أردفت بخفوت : 

- خبيتي عليا ليه؟ 


استنشقت زفيرًا عميقًا أخرجته بقوة كبيرة ثُمَّ قالت :  

- ما كنش ينفع أحكي لك، لأني كنت بجاهد في نسيان الموضوع فكان من الصعب إني أقول لك على حاجة زي كده الكل يعتبر مش متذكرها لأن عدى سنين عليها .. أنتِ بنتي،



 والله بنتي ومن أول نظرة ليا ليكِ حسيتك مني وما ينفعش استغنى عنك.. والله ما حبيت جاسر عشان حاجة، حبيته فجأة وممكن كان سبب حُبي ليه أنتِ .. أنتِ سبب في كل حاجة حلوه بتحصل لي والله. 


أدمعت عيناها وتابعت حديثها : 

- عمري والله ما كرهت والدتك، بس كنت ديمًا بستغرب من قساوة قلبها في إنها تسيبك وتسيب جوزها. طلعت مظلومة وكانت بتتعذب واحنا ما نعرفش! 


انتفض جسدها لمجرد وصف سوسن "بوالدتها"، فرت دمعة من جفنيها واستقرت على قدمي غادة التي أغمضت عينيها وجعًا لوجع ابنتها ورفيقة دربها.. قالت بابتسامة محزنة : 

- كلمي جوزك حبيبتي لأنه قلقان عليكِ وعيب إنك تسيبيه بالطريقة دي. 


ناظرتها ورد بسخرية من أمر زوجها وما يعلمه .. نهضت بسرعة وذهبت لدورة المياة، فتحت صنبور الماء وجلست أسفله بعينين مغمضة ودموع تنسال على وجنتيها دون توقف. 


ليت من السهل محو الاكتئاب الذي يعتلي قلوبنا. ذاك الذي تلقى صدماتٍ من أقرب المقربين إليه، وكل صدمة عن الأُخرى تختلف في طعنتها بداخله، كطعنة صديقٍ تركت الجميع من أجله ثُمَّ ابتعد عنك بعد تضحيتك تلك .. أو صفعة تلقيتها من


 أحد أقاربك، أو من حبيبٍ ظننت فيه ما لم يكن فيه، أو من نفسك التي دائمًا ما تذهب لمن يجعلها اشلاءً. كُلَّ شيءٍ يسعى لتحطيمك حتى نفسك! 


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


اليوم التالي.. خرجت من كلية الطب التي كانت تتمنى الالتحاق بها وما زاد تشجعها بعدما علمت بأمنية وليد في دخولها أيضًا، تُريد مشاركته في كُلّ شيء، تشعر كونهما روح واحدة رغم كونها لم تبوح لأحد بمشاعرها سوى والدها الذي علم على حين غرة.. 


ظلت واقفة أمام باب الكلية في تخبط من أمرها، تخشى صعود الأتوبيسات ووالدها اليوم منشغل بما حل للعائلة .. زفرت بحنق وأخذت تسير بخوف تسلل بقلبها من الأعين التي تُناظرها. 



وقفت سيارة ما على بعد منها، ناظرها وليد من داخل السيارة بعدها قام بفتح شباك سيارته وقال بصوت عالي نسبيًا: 

- الجميل يسمح لي أوصله لحد باب بيته؟ والله لو وافق ده يا هنايا ويا سعدي .. مع إني ما أعرفش مين هنايا ومين سعدي، بس شكلهم حاجة حلوة!  


لوهلة شعرت بالخوف عندما رأت السيارة تقف بجوارها، أغمضت عينيها بتوتر وغيظ من خوفها من السير بمفردها .. فتحت عينيها بصدمة حينما تناهى إلى مسامعها صوته الذي اخترق جدران قلبها، ضحكت بقوة على نبرة صوته المرحة وقالت بمرح: 

- الجميل معاه أب لو سمع بس جملتك دي هيعمل منك بتاتس محمرة. 


كتم ضحكته باعجوبة من لدغتها التي تشعره دائمًا بحاجة جامحة في الانفجار بالضحك ولكنه يخشى زعلها منه، ناظرها بصدمة مصطنعة .. قالت سجدة سريعًا مبررة لكلمتها: 

- والله سمعاها حالًا من البنات .. وبعدين ده البتاتس المحمرة عسل أوي. 


انفجر في الضحك بعد انتهائها لحديثها.. رمته سجدة بنظرة نارية وهي تعلم تمامًا على ماذا يضحك .. تحركت من مكانها وسارت سريعًا بخطوات أشبه بالركض، نظر لها وليد بصدمة من جنونها، خرج من السيارة بسرعة وركض خلفها قائلًا بصوت عالٍ: 

- استني يـا مجنونـة.


توقفت عن السير ودارت بجسدها إليه بغضب. صمتت تمامًا عندما تلاقت أعينهما في نظرة تحمل الكثير بقلبيهما، كان ينظر لعينيها بالتحديد. لأول مرة يرى جمالهما عن قرب، لأول مرة عينيه تنظر لعينيها .. 


تحمحم بضيق منه وقال بخفوت :

- بس احنا ما عندناش بنات تمشي لوحدها في الشارع! 


تركته وابتعدت عنه لكي تكف عن النظر إليه موبخة نفسها عن عدم سيطرتها على عينيها.. تذكرت حديث والدها عن غض البصر، شعرت بحاجة جامحة في البكاء ولا تعلم لماذا .. ركض وليد خلفها مُجَدَّدًا ووقف أمامها وقال بتنهيدة متعبة أثر ركضه :

- يا بنتي حرام عليكِ، ده أنا ابن عمتك حتى!.  بصي خلاص .. هرن على خالو عمرو وهقول له إني هوصلك عشان ما ينفعش ترجعي لوحدك .. كده تمام؟ 


اماءت له بخفه ليقوم هو بالضغط على زر الاتصال على خاله، انتهت مدة الاتصال ولم يجد رد منه.. عاود الاتصال وحينما لم يجد رد اجرى مكالمة مع حياة التي ما إن علمت بأن ابنتها معه



 تسللت الفرحة بداخلها لأنها تشعر بمدى حب ابنتها وتعلقها به .. وافقت على الفور مع دعواتٍ رددتها لهما. نظر وليد لسجدة بانتصار .. ابتسمت بخفه وذهبت للسيارة وتتبعها هو بابتسامة واسعة احتلت ثغره بشيء لا يعلمه!


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


تسللت أشعة الشمس خفية لغرفته، كان نائمًا مُحتضنًا لوسادتها بوهن، مُحاولًا طمئنة نفسه برائحتها.. فتح عينيه ببطء، ناظرًا للغرفة مع دمعة حارقة انسالت على خديه، نهض سريعًا مُتجهًا



 لدورة المياة، لا يُريد أن يتمكن الحُزن من قلبه. ضعفه في هذه الأيام سيجعله يدفع الثمن غاليًا جدًا وهو يُريد الانتقام ممن كان سببًا في جميع أوجاعه! 


خرج بعد وقت لا بأس به، مرتديًا زيه الرسمي .. وقف أمام المرآة، يُطالع هيئته بضحكة ساخرة على شفتيه، مُتذكرًا يومه الأول -منذ ما يقارب الثلاث سنوات ونصف- حينما كانت والدته في بداية مرضها الذي لا يعلم عنه شيئًا ولا حتى سببه، دخل لغرفتها بفرحة تحتل أوصاله لتحقيق ما تمنته والدته منذ



 صغره، كانت نائمة بإنهاك ظاهرٍ على وجهها، أخذ يصرخ بصوت عالي بفرحة.. يخبرها كونه أصبح ضابط في المخابرات كما الضحكات التي يُطلقها مع تصفيقة خفيفة يفعلها، تبسم وزادت ابتسامته اتساعًا وهو يستمع إلى مباركتها له بعدما اعتدلت في جلستها ونظرت إليه:



- مبارك يا نن عيون ماما .. ربنا يحفظك ويجعل لك في كل خطوة سلامة يا سندي.. مش هتقول لي ليه أصريت على إنك تدخل المجال ده؟ 


طبع قبلة حانية على راحة يدها مع قوله:

- ست الكل وست قلبي كان نفسها في كده، فمش هتبقى حاجة لو حققت حلمي وحلمك في نفس الوقت! عايزك تدعيلي بس.. هفضل سنتين في التدريب ومحتاج لدعوتتك .. المهم مش



 هتقولي لي إيه سبب المرض الغريب ده.. أكيد قضاء وقدر بس حاسس إن فيه حاجات كتير مخبياها عليا، وأولها فين أبويا واختي اللي بتقولي لي إني ليا أخت تؤام؟ 


صمتت لوقت طويل مع بكائها الذي جعله يتراجع عن سؤاله الذي لا ينتهي، لكنه يُريد اجابة لكل الاسئلة التي تدور بمخيلته، قال مازن بابتسامة خفيفه:

- خلاص ما تزعليش، حقك عليا.


فاق من شروده على ابتسامة خفيفه لهذه الذكرى، تنهد بقوة وخرج من المنزل مُتجهًا للمكتب الخاص به، فلأول مرة ومنذ عام ونصف من تعيينه بالمخابرات يشعر بمدى أهمية تلك المهنة والحلم الذي لطالما تمناه وسيجعله يصل إلى مبتغاه وينتقم من عدوه أشد انتقام.


                           *****


دخل مكتبه وهو ينظر إلى كل انش فيه بابتسامة حزينة، كُلَّ شيء يجعله يتذكرها. هو لا ينساها ولكن هذه الأشياء تجعل حزنه يتضاعف بقلبه .. اقترب من ثلاجة المشروبات الباردة



 وأخرج منها مشروبًا باردًا، تلك التي كانت فكرة والدته لكونها تعلم كم يُحب الخصوصية ولا يحب أن يتشارك أي شيء مع الآخرين .. جلس على كرسي المكتب بحزن، فما اعتاد الجلوس



 عليه إلا بعدما تحادثه والدته وتوصيه على نفسه وصحته، زفر بقوة وأجرى اتصال سريع بالسكرتيرة الخاصة به التي أتت فورًا؛ خوفًا منه ومن عصبيته التي كادت تفقدها مهنتها.. 


كان يخفض رأسه حتى عندما دلفت لم يكلف نفسه ويرفع رأسه كنوع من الاحترام، بقى هكذا في صمتٍ تام، لسانه عاجز على نطق اسم من بسببه خَسِر كَُّل شيء .. قال بعد وقت طويل من صمته المُميت: 



- كريم الصريفي... عايز كل حاجة تخصه في أقل من ساعتين .. كل حاجة وأي حاجة، حتى أتفه الحاجات عايزها، بيعمل إيه حاليًا؟ وبيشتغل فين؟ ومكانه حاليًا وكان فين السنين اللي فاتت؟ متجوز ولا لا .. عنده أولاد؟ واسمهم .. كل حاجة، من



 أول ما اتولد لحد يومنا ده .. والموضوع ده يخصني وخليه ما بينا وياريت كفاية كلام كتير مع أي حد بخصوص أي حاجة في مكتبي، دي اسمها خصوصية والمفروض أنتِ تحافظي عليها زيي.. تمام؟ 


أنهى حديثه بحزم ونظرة صارمة، ناظرته السكرتيرة بخوف واماءت عدة مرات مع خروجها من المكتب بتوتر احتلها من نبرة صوته.. أما عليه فأول ما خرجت من المكتب استند بجسده على الكرسي بإنهاك، مجرد التفكير يُتعبه... 


لا يوجد أصعب من كونك تتظاهر بالقوة والثبات حتى حينما تبقى بمفردك.. تُفضل قوتك المصطنعة تلك، تَظُن كونك قوي وكُلَّ شيء بداخلك يتفطر ألمًا. فليس كُلّ أنينٍ بادٍ فنحيب القلب تعدى جميع مراحل الألم! 


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛                


تجاهد في عدم النظر إليه لكن لا سيطرة على قلبٍ يُحب. لا يُريد شيئًا سوى النظر لمحبوبه .. لا تُعاتب قلبًا أحب بصدق، فالقلب في الحُب فاقدُ البصر، أبكمًا لحديثٍ غير حديث من



 يهواهُ، أصمًا مع الجميع عداهُ.. يُصبح القلب ميتًا والحياة هي من تُحييه بعدما تجعل بينهما لقاءً عاشقًا .. يسترجع كُلّ حواسهِ عندما يلتقي بونيس وحدته. 


كانت تجلس سجدة في المقعد الخلفي للسيارة التي يقودها وليد؛ ذاك الذي لا تجد سببًا واحدًا لحبها له، فلا يوجد بينهما علاقة صريحة أو مشاعر متبادلة.. فما الذي يدفعها على البقاء في علاقة لا أحد يعلم عنها شيئًا سواها؟ 


جففت دمعة تمرددت وانسالت على خديها وهي تنظر لحالتها الصعبة وما آلت إليه بسبب حُب من طرف واحد! ليتها تستطيع البوح بما يكنه القلب له.. تتوق لهذا اليوم الذي ستنظر إليه بعدما يضع بإصبعها خاتم الزواج.. ذاك الذي سيصبح ميثاقًا لحبهما، تعلم أشد العلم أنه مجرد عادة لا يستطيع أحد التخلي


 عنها وأن ميثاق الحبيبين يندرج تحت الود والحب الذي بينهما، ارتسمت ابتسامة دلالية بعدما تخيلت هذه اللحظة بالتحديد. انتفضت بزعر وكأنها تفعل جديمة، متذكرة حديث والدها، عنفت نفسها ونظرت من شباك السيارة بشرود. 


أخرجها من دوامة أفكارها حديث وليد الذي كان يكسوه الحُزن:

- اللي حصل كسر العيلة كلها .. صدمة للكل قبل ما تبقى لعمي جاسر .. حقيقي ربنا يكون في عونه. 


أخفضت رأسها حُزنًا. متذكرة ورد وحالتها التي أصبحت عليها بعد الصدمة التي كانت كالصاعقة عليهم جميعًا، قالت بدموع على حال صديقتها وحزنها الذي من الصعب عليها رؤيته وهي عاجزة عن فعل أي شيء لكي تخرجها مما هي فيه:




- والمُحزن في الموضوع إننا اتفرقنا .. مع إن الموضوع اتعرف من امبارح ولكني حاسه بقلة الود ما بينا والضحك والهزار .. اللمة اللي كانت كل جمعة ما حصلتش عشان كل الصدمات جات في اليوم ده .. اليوم اللي كان بالنسبالنا عيد، لأول مرة يكون مليان حُزن كده! 


صف سيارته أمام منزل والده وهو ينظاظرها عبر مرأة السيارة قائلًا بابتسامة حزينة بعدما مرت حادثة كرم.. تلك التي ستكون الضربة القاضية للعائلة كَكُلّ إن عرفها آدم، حتمًا لن



 يقبل على ابنته شخص ككرم، ليس نقصانًا به ولكن ما فعله من ذنب لا يغتفر عند رب العباد فماذا إذًا عند عبدًا لله!، قال ببحه اثر ديقة صدره بما حل في مخيلته :

- ربنا يسترها .. تعرفي يا سجدة. 


كانت تخفض رأسها وبمجرد سماعها لنبرة صوته الخافته رفعت رأسها سريعًا تُناظره بابتسامة خفيفه.. شعرت بما فيه من حزن، ما لبث وليد أن يُخرج ما بجوفه إلا وأسرعت هي بالحديث قائلة بخوف عليه بعدما رأت حالته تلك وعيناه اغرورقت بالدموع:

- ما تتكلمش .. أنت باين عليك إنك تعبان اصلًا وأنا زودتها عليك برغيي. 


ارتسمت ابتسامة على محياه من قلقها الذي رأه بعينيها لِتُتابع هي بكلمتها التي جعلته يشعر بمشاعر تجاهها، مشاعر كان لا يظنها تتحرك لشخصها ابدًا .. قالت بقلق: 

- هتتعب. 


رماها بنظرة سريعة وراح بعينيه للأمام بتوتر من ضربات قلبه العالية الذي يعلم أشد العلم أنها لن تمر على قلبه مرور الكرام ابدًا، دار بجسده مُجَدَّدًا ونظر لعينيها وكأنه يُريد اختراقهما،


 مغيب عما حوله حتى نفسه التي تُذكره بغض البصر وأن ما فعله بدون تفكير سيندم عليه فيما بعد .. قال بهمس وعينيه ما زالت عليها: 

- عمر ما كان كلامي معاكِ تعب! 


لوهلة شعرت كونها تحلُم من قوة كلماته على قلبها، استنشقت زفيرًا عميقًا أخرجتخه دفعة واحدة محاولة منها تخفيف توترها وخفقان قلبها .. صمتت وفعل هو مثلها حينما ترددت كلماته بداخله وتعجب كونه يقول هذا الحديث لفتاة! 



بعد وقت لا بأس به.. خرجا من السيارة بضحكات مُتبادلة من حديث وليد الذي يُجاهد في تخفيف هذا التوتر الذي يحتله بشيء أمر منه صعوبه عند قلبيهما .. وقبل دخولهما باب المنزل أجفلهما عمرو الذي أتى توًا ليرى ابنته مع ابن اخته يضحكان



 ويتبادلان أطراف الحديث بابتسامات مختلفة وما زاد حزنه هذه النظرة العاشقة بعين ابنته والتي تجاهد في اخفائها عنه وعن الجميع. 


نظرت إليه سجدة بزعر من نظراته، أخفضت رأسها معنفة نفسها على عدم سماعها لحديث والدها وسرعان ما تذكرت كون وليد حادثه بخصوص جلوسهما بمفردهما.. اقتربت منه لكنه لم يعطيها آية أهمية ودخل باب المنزل وصعد لشقة اخته دون أن ينبس ببنت شفة! 


أحيانًا يدفعك الحُب لفعل شيء تعلم أشد العلم خطورته. فليس كل حُبٍ يستحق تضحيتك بمبادئك وحرصك على ألا تُحب إلا في الحلال، أعلم كون الحُب يأتينا بغتة دون أن



 نحسب له حسابًا حتى ولكن دعنا نكون أكثر وضوحًا؛ فالحُب إن لم يكن بعلم الجميع بأن من تقفين بجواره هو لكِ لا يكون حُبًا، الحلال يصون مشاعرنا لمن يستحقها، لمن يجلبه لنا



 الأقدار كعوض جميل عما فعلته بنا الليالي بدونه. ليأتي وهو ويبدد أحزاننا،  ليُصبح الحلال منبع للطمأنينة مهما تعددت مُسميات الحُب والحجج التي يضعها البعض لكونه يُحب! 


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


بغرفتها حالكة الظلام، التي تسلل لها نور القمر خفية من خلف الستائر .. وعلى الرغم من خوفها من الاماكن المظلمة ألا إنها في الأونة الأخيرة لا تشعر بالراحة إلا في الاماكن المظلمة


 فقط!؛ فأحيانًا انطفاء روحك يجعلك تفعل أشياءً لم تكن تتخيل يومًا بأنك فاعلها، كجلوسك ليلًا بمفردك تبكِ على من طعنك



 سهوًا، أو أنين قلبك المهشم الذي طُعن من قريبٍ كان أو غريبٍ، أو من ذاتك التي لا يوجد شخصًا أحبته إلا وأدماها حُزنًا .. الألم رغم أنه ألم لكنه الشيء الوحيد الذي يجعل المرء قويًا. 


كانت تجلس روجينا على فراشها تبكِ بخفوت، مُمسكة بيدها هاتفها.. تقوم بمطالعة صورته بقلبٍ ينفطر ألمًا على حُبه لشخصٍ ليس له، بروحٍ تُريد الموت ما دام روحه لن تكون النصف الأخر لها .. بنفسٍ ضاقت بها الدنيا وما فيها لمجرد كون مُلازها لا يجلس معها، وكأن حُزنًا واحدًا لم يكُن كافيًا ليجعل



 نصيبها بالحُب وهميًا .. توقفت عند صورة كانت لهما في أول لقاء بينهما، ابتسمت بسخرية للقائهما الذي جاء على حساب قلبها وروحها ليحطمهما دون رحمة.




لو يعلم المرء كم يخبئ له القدر ما كان ليقترب من شيءٍ اتضح له نهايته مؤلمة، فحتمًا سيبتعد خوفًا من سهمٍ يُصيب قلبه .. وفي النهاية لا نعلم ما الخير الذي يخبئه لنا الله وراء كُلّ اختبارٍ لنا في الحياة! 


وفي لحظة قوة لقلبها الذي فاض به من الألم الذي يحياه، قامت بتحديد جميع الصور التي بينهما وضغطت على زر الحذف وأغمضت عينيها بقوة، شعرت بروحها تخرج من بين



 أضلعها وهي تشاهد الصور تنحذف واحدة تلو الأخرى.. تتعجب كونها أحبته كُلَّ هذا الحُب رغم فارق السن الذي بينما تعلم



 كونهما عامين فقط ولكن هذا ليس بسببًا لِبُعدها عنه فهو متزوج ويعشق زوجته كما أنها تعلم ما الذي جعله يسير بهذا الطريق الذي لا هو ولا عائلته يعلموا عنه شيئًا، نهضت بفزع



 وهي تتذكر مخططاتها هي وفارس.. ذاك الذي معرفته كانت أكبر خسارة لها ولكرم وزوجته، ذهبت لخزانتها سريعًا بعدما ارتدت حجابًا صغيرًا إلى حد ما، بالكاد يغطي فروة رأسها



 وفستان طويل .. نظرت للمرأة بتعجب من حالتها، كانت تسخر ممن يرتدوا هذه الأشياء وها هي أصبحت مثلهم ولكن هي تطمع بأكثر من ذلك..


خرجت من منزلها عازمة على مقابلة وعد التي أصبحت بمثابة صديقتها والأم الناصحة لها في الأونة الأخيرة، لكنها منذ يومين تقريبًا بعيدة عنها كُلَّ البعد، تُريد التقرب منها أكثر.. وقد



 حتمت قرارها... قرارًا تعلم كونه صعب عليها ولكن هو الصواب ليكون الشيء الوحيد الذي تفعله طيلة حياتها ويُسعد من حولها.! 


                          ****** 


تقف في المطبخ تعد وجبة الغداء بإنهاك، لا تتذكر كم من الساعات بقيت نائمة بعد الذي حدث للعائلة، فجلوسها طيلة الوقت مع صديقاتها وورد التي تقوم بتهدئتها ومساندتها ..



 بمجرد تذكرها لورد أدمعت عيناها حُزنًا عليها وما آلت إليه من حزن غير حالها .. اطفأت الموقد وخرجت من المطبخ، ما لبثت أن تدخل غرفتها كي تأخذ حمامًا دافئًا قبل رجوع زوجها من



 عمله إلا وأجفلها صوت جرس الباب، تنهدت بتعب وذهبت إلى باب المنزل.. دارت بمقبض الباب لتتبين روجينا بابتسامتها الهادئة والخجولة من مجيئها بهذا الوقت.. ناظرتها وعد بخفه،



 بمجرد رؤيتها أمامها رسمت البسمة على وجهها بهيئتها تلك، كادت أن ترحب بها ولكن سبقتها روجينا بحديثها الذي قالته في أقل من ثوانٍ:

- أنا آسفة جدًا لو كنت جيت في وقت متأخـ.. 


قاطعتها وعد بضحكة خفيفه مع قولها: 

- يا بنتي اهدي .. اديني فرصة ارد بس. 


ابتسمت روجينا بخفه لضحكتها وقد زال توترها بعض الشيء .. ضمتها وعد بخفه لحضنها وهي تربت على ظهرها وتطمئن على حالها وصحتها مع اعتذارها لها على تقصيرها في الآونة الأخيرة .. قالت وعد بعدما أمسكت يدها وأغلقت الباب:




- بصي أنا حالًا مخلصة تحضير غدا ولازم لازم اخد شاور كده عشان أشيل كل التعب ده، فأنا هروح اخد الشاور وهجيلك في ثانية، أنتِ بنتي والبيت بيتك وما تتكسفيش .. خمسة وجيالك. 


أنهت حديثها وركضت سريعًا للداخل مع ضحكات روجينا العالية عليها وشاركتها وعد الضحك بصوتٍ عالٍ وهي تركض. 


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


- ما قولتش لحد ليه على مكانها؟ ليه خبيت علينا وعلى جوزها وبنتها؟


قالها آدم الذي يجلس بمنزله وبجانبه يوسف خافضًا رأسه حُزنًا، لكنها هي ما طالبته بذلك كما أنه لا يعلم بسبب مرضها .. لا يعلم سوى أنها تعرضت لحالة الاغتصاب تلك التي ما إن



 سمعها منها أخبرها كونه يُريد اخبار الشرطة بوضعها ومن بعدها وهي لا تتحدث إليه مثل قبل، لا يوجد بينه وبينها



 أحاديث، كانت تخشى على جاسر وزوجته وبيته ما إن علموا برائتها، لا تُريد الدخول بينهما وتخريب علاقتهما التي بُنيت



 طيلة هذه السنوات .. بقى مازن هو الذي يُحادثه بين الحين والآخر ليبقى له يوسف كأب رغم ألم قلبه عليه وعلى والدة الذي هو بمثابة أخٍ له. 


قال يوسف بهدوء :

 - لأني أنا شخصيًا ما كنتش أعرف مكانها فين .. حاولت ودورت كتير لكنها عرفت ازاي تهرب من الكل بعد ما عمله الراجل ده، بطلت تكلمني وتطمني عليهم ما كنتش تكلمني غير لما تحتاج تطمن على ورد وكان اللي بيكلمني مازن .


تنهد آدم بعمق وأردف:

- اللي حصل حاجة ما كنش العقل يتخيلها في يوم .


أنهى حديثه تزامنًا مع دخول روز الصالة بصينية مشروبات باردة، وضعت الصينية على الطاولة وجلست إلى جانب زوجها بعدما أعطت كل واحد منهم مشروبه .. نظرت ليوسف وزوجها بحزن لحالتهم لما آلت إليه العائلة، قالت بهدوء ونبرة حزينة : 



- كل اللي بيحصل خير، الصدمة صعبة أكيد على الكل بكل ما فيها من خبايا بنعرفها مع مرور الأيام أو الساعات .. بس خير وكل حاجة هترجع احسن من الأول وأحسن.. بس الصبر .. فكوا بقا كده عشان أروح أعمل لكم فشـاار .


أنهت حديثها بمرح جعل آدم ينفجر ضاحكًا تتبعته ضحكة يوسف العالية مع دخول أوركيد الغرفة التي ركضت إلى يوسف بسرعة جنونية وارتمت داخل أحضانه باشتياق لكونها


 لم تره منذ يومين أو أكثر وهذا الشيء خارج علاقتها بخالها، علاقتهما أشبه بالصداقة القوية التي لا يهزها العواصف ولا


 الرياح، كُلّ الأشياء تمر عليهما وعلاقتهما تصبح كما هي حتى بعد الذي حدث بسبب كرم، أصبح قريبًا منها بشكل لا يوصف .. ناظرهما آدم بضجر وقال بتهكم :

- ده اللي هو إيه يعني؟ أنا اللي ربيت على فكرة! 


كتمت أوركيد ضحكتها باعجوبة وكذلك روز التي تخشى غيرة زوجته .. رماه يوسف بنظرة مغرورة مع إخراج لسانه كي يغيظه... قائلًا بمزاح :

- وأنا اللي هاخدها باقي العُمر على فكرة. 


أمسك يوسف بيد روز وطبع عليها قبلة طويلة وقال بعدما رفع ايديهما المتشابكة بنفس نظرات يوسف:

- واحدة بواحدة . 


نهصت أوركيد من جانب يوسف واقتربت من آدم وقالت بحزن مصطنع:

- بابا ! 


انتشلها آدم لحضنه وأمسك بيدها بيده الأُخرى وقال مع رفعة يديه المتشابكة بيد زوجته وابنته .. قال بضحكة عالية :

- الاتنيـن في حضني أنـااا. 


أنهى حديثه بضحكة أقوى من ذي قبل وشاركته زوجته وأوركيد الضحك من نظرات يوسف الغاضبة، وكأنهما يُريدوا التخفيف عن أنفسهم من حدة حزنهما وما أصاب العائلة من صدمات .. قال يوسف بابتسامة واسعة :



- طيب يلا قوموا نتغدا سوا عندي .. النفسية تعبانة ومحتاجة جو عائلي كده، ونجيب ورد وأمير لأني سمعت انهم زعلانين .. فـ يلا .


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


كانت تتجول بعينيها بغرفة الضيوف التي تركتها وعد فيها بضربات قلب عالية، فهي بمنزل من أحبته، تعلم أن مجرد مصارحتها لذاتها بِحُبها له خطأ ولكن ماذا تفعل بقلبها الذي لا



 يرى غيره بعد الذي عاشته معه، أحبته بكل صدق.. لم تكن تظن يومًا أن يدق قلبها بعد كل تلك الصدمات التي تلقتها طيلة



 حياتها .. استقرت عينيها على صورته الموضوعة بجانب التلفاز، اقتربت منها وظلت تُطالعه باشتياق وقلب يبكِ من شدة اشتياقة له، لا يُريد شيء سوى لقاء يجمعهما وسماع



 دقات قلب نصفه الآخر .. نفضت كل تلك الافكار بغيظ من نفسها وتفكيرها الغير صحيح .. أجفلها صوت وعد من خلفها قائلة :

- ده ابني كرم .. شعنون العيلة لأنه تاني ابن ليا والأخير . 


انتفضت روجينا وتعالت دقات قلبها وكأنها فعلت جريمة لا تغتفر .. ابتسمت بخفه لوعد التي اقتربت منها ومعها شوكولاه ومشروب بارد كما تُحب، قالت بخجل:



- جوجو أوعي تزعلي مني إني سيبتك .. بجد أنا اعتبرتك بنتي وأي شيء بينا بيحصل تحت بند الأمومة وإنك خلاص بنتي عاجبك ولا مش عاجبك أنتِ بنتي. 


قالت روجينا بابتسامة بعدما ارتشفت القليل من كوبها الخاص: 

- ما فيش بنت بتزعل من مامتها ولا إيه؟  


ابتسمت وعد باتساع،ران عليهما صمت طويل قاطعته روجينا بدموع:

- أنا خايفة! 


تساءلت وعد عن سبب خوفها بزعر لحالتها... تساءلت الأُخرى بتوتر:

- أنا لو عملت ذنوب كتير .. حاجات ما تتخيليهاش، هل ربنا هيقبل توبتي لو عزمت على التوبة؟ 


اقتربت منها وعد وضمتها لأحضانها بقوة ثُمَّ ابتعدت عنها مع قولها: 

بصي يا حبيبة قلبي، لازم توبتك ورجوعك لربك يكونوا نابعين من قلبك .. تكوني ناوية فعلًا الرجوع والتوبة من الذنوب ..



 تبصي للنعم اللي في ايدك وتحمدي ربك عليها وأي شيء أنتِ نفسك فيه بالدعاء هيتحقق، في إيدينا نعم كتير ربنا انعمها علينا فلازم نحمده عليها ونفضل نتأملها عشان القسوة ما



 تملهاش قلوبنا أو الطمع.. وكلامك وخوفك من عذاب يومٍ عظيم دي في حد ذاتها بداية توبة وإن جواكِ عزيمة قوية لأنك تتغيري.. لأن التوبة ليها شروطها .. وأولها الندم على ارتكاب



 الذنب ده... لازم تعرفي مين من اللي حواليكِ اللي بيأثر عليكِ، أو اللي بيخليكِ تمشي في طريق غلط، أعرفيه وابعدي عنه ..


 لازم تغيري من الناس اللي بتخليكِ تعملي الغلط، لأن القريبين مننا ليهم تأثير قوي على نفسنا وحركاتنا، فلازم أختار اللي يبقالي قدوة حسنة، قدوة يوم ما الاقي نفسي مشيت في



 طريق غلط يفكرني بطريقي ويشجعني على فعل الخير .. ما تقوليش تاني إن ربنا مش هيقبل توبتي، ربنا سبحانه وتعالى بيقول {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ



 وَيَعْلَمُ تَفْعَلُونَ}.. بالعكس ربنا بيحب عبده بعد كل ذنب يرجع له ويكون مدايق بجد من الذنب اللي عمله، ربنا بيقول {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} 


قاطعتها روجينا ببكاء: 

بس الذنب اللي عملته ما يتغفرش! 


تساءلت وعد عما فعلته جعلها بهذه الحالة التي هي بها.. زفرت روجينا بقوة وأخذت تسرد لها كل ما حدث معها بإستثناء كرم وعلاقتها بـه، تحت صدمة وعد بما سمعته، فكيف لفتاة لم



 تتعدى عامها الخامس بعد العشرون تصل لهذه المرحلة من المعاصي؟ اغرورقت عيناها بالدموع لحالها وبكائها الذي أدمىًّ قلبها .. 


قالت بعدما انتهت روجينا من سردها لحياتها وخوفها من الرجوع إلى الله، مع اقترابها منها وانتشالها لداخل احضانها وهي تربت على ظهرها بحنانٍ بالغ بعدما استعاذت من الشيطان الرجيم:  



{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ‏إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} 



وكمان فيه حديث عن الرسول صل الله عليه وسلم بيقول: "إنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ" ويُغَرْغِرْ هنا يعني ربنا بيقبل توبة عباده لغاية ما يتوفاه الله وعند اللحظة دي خلاص الاعمال بتترفع والتوبة مش هتتقبل.   


اتقربي من ربك وابعدي عن اللي بيأذيكِ نفسيًا.. كتري من الاستغفار والحسنات، ربنا بيقول: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} .. وكمان {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}


تنهدت وصمتت لبعض الوقت ثُمَّ قالت بحزن لحالها وكأنها ابنتها بالفعل، لا تعلم سببًا واضحًا لحُبها لها وعزيمتها القوية في مساعدتها في تخطية كل تلك الصراعات التي هي بها الآن:


إن الله يغفر كل الذنوب إلا أن يُشرك به .. هتقولي لي كل الكبائر؟ تقول لك آه.. الكبائر السبعة؟ آه بس إلا أن يُشرك به .. التوبة بتبدأ بكلمتك وأنتِ بتقولي هتوب، دي زي ما قلت لك


 بداية توبة .. لازم تبقي ندمانة، قلبك بيتعصر حُزن عشان اللي حصل، ندم بيوصلك لدرجة إنك لو رجع بيكِ الزمن لا يُمكن



 تعمليه، ادعي اتوسلي لربك.. ادعي بقبول توبتك وعدم الرجوع ليها، عيطي بين ايديه، قولي له كُلّ الكلام اللي جوه قلبك لربك



 وأنتِ ساجدة وبين إيديه.. مفيش أجمل من فضفضتك مع ربك، ودموعك اللي بتكرهي تخرجيها هتكون بتغسل حُزن



 قلبك بكل سهولة ويسر .. الفضفضة الوحيدة اللي بعد ما بتطلعي كُلَّ الوجع اللي في قلبك بترتاحي نفسيًا، الفضفضة



 الوحيدة اللي بعدها بتلاقي دعواتك بتتحق، أيًا كان العوض، فهو في حد ذاته تحقيق لشيء بنتمناه أو شيء لا يُمكن كنا نتخيل إننا نملكه في يوم! 


هدأ قلبها بعد حديثٍ كان يحتاجه، وتوقفت دموعها عن النزول لأنها ولأول مرة تستقر بين الجفون .. جميعنا نحتاج شعور


 الراحة وشعور الأمان بين ذراعي شخصٍ أيًا كان هذا الشخص، يكفي شعور الطمأنينة الذي يحتل قلبنا بالقُرب منه. 


تابعت وعد حديثها وهي تمسك يدها بين داحتي يديها:

اللي قُربه مننا مش بيجيب لنا غير التعب والعياط يبقى البُعد عنه راحة! فهماني يا روجينا؟ 


أنهت حديثها تزامُنًا مع دخول أوركيد الغرفة وخلفها يوسف الذي يركض خلفها بضحكات عالية.. توقفت أوركيد عن الضحك بنظرة صادمة لوعد التي تربت على يد روجينا بحنان



 ظهر جليًا في عينيها كما يوسف الذي نظر لأوركيد بحزن للحالة التي أصبحت بها فور رؤيتها لروجينا، ولكن الغريب كونها لم تتحدث بل اقتربت منها ثُـمَّ...


                الفصل الثامن عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-