CMP: AIE: رواية خفايا القدر الفصل العاشر10بقلم روان عرفات
أخر الاخبار

رواية خفايا القدر الفصل العاشر10بقلم روان عرفات


 

#خفايا_القدر 

# الفصل_العاشرة

بقلم روان_عرفات.. 


بحديقة المنزل الواسعة الخاصة بمنزل يوسف، يجلس الجميع في جو ملئ بالفرحة والضحكات العالية التي جعلت للحديقة


 جو مبهج، مع الأدخنة التي تتصاعد من الشوايات التي يقف عليها كل من وليد وأمير بينما الآباء يجلسون بزاوية ما بالحديقة على مقاعد تُشكل شكل دائرة وبالمنتصف منضدة متوسطة الحجم يضعون بها بعض من التسالي..


يتداولون اطراف الحديث مع افكار يطرحها البعض لحفل زفاف ورد وأمير، كما قائمة المعازيم التي يقوم بكتابتها جاسر وآدم سويًا .. على مقربة منهم كانوا يجلسون الأمهات بفرحة تحتل قلبهن بالحفل الذي طال انتظاره، كما الفتيات الآتي يجلسن بجانب منزل الرسم الخاص بـ روز سابقًا، وإلى الآن ما




 زال لها وتأتي له من الحين والآخر.. صرخت ندى بتذمر بعدما قامت أوركيد برمي قشر الموز عليها مما جعلها هي الأُخرى تفعل مثلها بضحكة عالية لتغيظها، قالت سجدة بغيظ :

- بت أنتِ وهيا .. اسكتوا كده وخلينا هاديين.


أنهت حديثها وهي تبصق قشر اللب على ورد مما جعل ندى وأوركيد ينفجرا ضاحكين عليها، قالت سجدة من بين ضحكاتها :

- بس يا بنات بقي.. ورد خايفة واحنا بنضحك، ده كلام؟  


كتمت ضحكتها باعجوبة وهي ترى ورد تنظر لها بغيظ وتوتر ظهر جليًا عليها، قالت بحماس بعدما هدأت :



- طيب بصوا .. بما اننا متجمعين كده والدنيا فل على الأخر، وفرح القمر بتاعي كمان تلت أيام فـ يلا يا ورد هنسأل وأنتِ هتجاوبي في نصايح لينا إحنا كأمهات لأطفالنا ان شاء الله، أنا عايزه أربي عيالي أحسن تربية. 


أنهت حديثها بنظرة خجولة مصطنعة، مع ضحكة عالية خرجت منها تتبعتها ضحكات ندى وأوركيد أما عن ورد ظلت صامته تبتسم فقط.. اقتربت منها سجدة واحتضنتها بحب قائلة :





- متخافيش، احنا كُلنا معاكِ، وبعدين ده أنتو عارفين بعض من صغركوا، متتوتريش كده بقي ويلا استعدي للأسئلة.


أمسكت سجدة صحن الفشار الكبير بين يدها اليسرى قائلة بتفكير عميق بعدما وضعت يدها اليُمنى على وجنتها مع تحريك سبابتها بخفه واغلاق عينيها قليلًا : 



- طب لو هنتكلم عن عنف الأباء، والشدة والعصبية اللي بيبقوا فيها مع أولادهم، هل ده مثلًا بإمكاني تخطيه بطرق تانية؟ ولا الشدة بتبقى أفضل؟ 


أخذت نفسًا عميقًا أخرجته بتهدج وقالت بهدوء :

- لو هنتكلم بشكل عام بعيدًا عن الأطفال، فـ عمر العصبية ما كانت الحل الوحيد في حل مشكلة.. بالعكس ممكن مشكلة



 تافه ما تستاهلش عصبية وصوت عالي، بتكبر بمجرد ما الطرف التاني يلاقي عصبية.. والطفل بطبعه عنيد فأنا لازم كأم أحتوي العناد ده وأحوله لسبات وهدوء، عشان بمجرد ما أطلب الطلب الاقيه بيعمله بدون تعب! 



أغلبنا أو أغلب الأمهات بتلاقي العصبية الحل الوحيد، أو خلينا نقول إنها مش قدامها غير الصوت العالي والخناق.. اللي هو مش قادرة تسيطر عليه بس اهو بعلي صوتي امكن يخاف مني ويسمع كلامي، والمفهوم ده غلط وبيجيب نتيجة عكسية..


العُنف الأسري بيشمل.. إهمال الطفل، أمان الطفل واستقراره النفسي والجسدي، الضرب، العقاب الجسدي، السخرية والإهانة منه ومن أي فعل ببيعمله.. كُل الحاجات دي بتتحط تحت بند العُنف، ده غير إن صحة الطفل النفسية بتكون في خطر،



 وأكترهم خطورة اللي بيتعرض للتهديد من قِبل الوالدين، والتخويف، والتفريق بين طفل وطفل تاني في المعاملة، عدم اظهار الحُب والحنان، أو مثلًا انك تطلبي منه طلب فوق



 مقدرته.. بيسبب العُنف عدم الثقة بالنفس، الثقة بالنفس بتكون معدومة.. ده غير ان الطفل اللي بيلاقي عنف من أهله او من أي حد قريب منه، إن العنف هيكون هو الحل الأول في أي مشكلة تواجهه، سواء دلوقتي أو فيما بعد.. كمان بيصنع




 شخصية للطفل مُتمردة مش بترضا بأي حاجه. المهم أنا كأم أعرف أمته أشد وأمته أرخي، أمته الموضوع يتطلب العصبية، وأمته ما بيطلبش غير الأحتواء والطبطبه والنصيحة. أبقى أنا المُتحكمة بس بحكمة بردو.    


تساءلت أوركيد بضحكة خفيفه بعدما اعطتها سجدة عصاه متوسطة الحجم لكي تستعملها كـالمايك :

- ازاي أبقى صاحبة أطفالي؟ ازاي ما أخليش حد منهم يخاف مني ويفضفضلي كصاحب؟ 


صمتت ورد لبعض الوقت ثُمَّ تنهدت بعمق قائلة بابتسامة واسعة بهذا الحديث الذي جاء على هوى قلبها، كم تُحب هذا المجال وتُحب الحديث عنه بكثرة :




- قبل كُل شيء، لازم أنزل لمستوى عقله، سواء كان طفل، مراهق، أو نضج وفهم الحياة، لازم يبقى ديمًا في تفكيري إني في يوم من الأيام كُنت في نفس عمره وكنت بنفس التفكير، 



ما أفضلش أضحك واستهزأ بأي حاجه يقولها لي.. لأني بكل مرة بضحك بهد الثقة اللي جواه ليا، وأنا في أمس الحاجة للثقة دي تزيد ما تنقصش!





بلاش الاستهزاء بالمشاعر، بلاش لما يجي يشتكي ليكِ من حاجه تحسسيه إن ده ولا حاجه من اللي أنتِ عشتيه، وأنه لسه ياما هيشوف، خليكِ السند، والصاحب، الأم والحُضن الدافي، أي علاقة في الدنيا ما بتتبنيش من يوم وليلة وكل ما تكتر



 المواقف بتزيد الثقة، ودي زي كده.. مش من يوم وليلة هيثق فيكِ بعد ما كنتِ بتتعصبي عليه ومش بتحملي يكلمك، محتاج طولة بال عشان في الآخر صدقيني أنتِ اللي هتكسبي بتربية عيالك تربية صحيحة.. 




حاولي ديمًا تتكلمي معاه، شاركيه اهتماماته وكُل حاجه بيحبها، اسأليه ديمًا عن الحاجات اللي بيحبها، اهتمي بيه، خليكِ حنينه عليه، اللي يكون في عز تعبه بيفكر فيكِ ومحتاج يترمي في حُضنك. 


توقفت عن الحديث بعدما جاءت روز بمشروب الموز باللبن كما يُحبون، وضعت الصينية وجلست بجانب ابنتها أوركيد قائلة بصوت عالٍ لصديقاتها :




- أميرة، وعد. غادة، حيـااة .. تعالوا المكان هنا أحلى. 


أنهت حديثها تزامُنًا مع ضحكاتهن العالية عليها، جلسن جميعًا بحلقة دائرية واسعة بينما تابعت ورد حديثها بابتسامة خجولة :

- كام نصيحة كده لبناية الصحوبية بيني وبين طفلي.. أول حاجه، أكون أم ليه.. هتستغربوا كلامي أكيد وإن دي النصيحة الأولى؟ 



هقول لك ليه، لأن فيه بعض الأمهات بتقوم بدور الصديق المستمع وبتنسى دورها الأساسي اللي هو: أم ناصحة، تربية صحيحة، توجيه للطريق الصح، التشجيع ليه والتطوير من ذاته.. حاجه حلوه آه انك تبقي صاحبته، بس الأهم إنك ما تنسيش دورك كأم في حياته. 




تاني حاجه.. اقبليه زي ما هو، بلاش المُقارنة بينه وبين أي طفل تاني، اكسبي ثقته في إنك تشجعيه وتقوي ثقته هو بنفسه قبل أي شيء.. ديمًا خليكِ فخورة بيه قدام الكُل. 


تالت حاجه.. قولي له انك بتحبيه، بالنسبة ليكِ شيء تافه. بس بالنسبة ليه هو حاجه كبيرة بجد.. وهتعرفي كده لما تحطي نفسك مكانه، لأنك أنتِ نفسك بتحبي جوزك يعبر لك عن حُبه وبتبقي طفلة صغيرة معاه، الطفل زي كده.. محتاج للأهتمام والحُب والاحتواء. 


أخذت ندى العصاه من أوركيد وقالت بمرح :

- دوري .. أنا بقى عايزه نصايح أمشي عليها، وإيه الحاجات اللي أتجنبها عشان متأثرش على نفسيته؟ 


ارتشفت القليل من الكوب الخاص بها وقالت بتنهيدة :

- التربية في حد ذاتها صعبة. لازم الزوجين يكونوا على قدر كافي من التفاهم والإدراك والوعي للتربية الصحيحة.. حطي قواعد واساسيات لحياتك وتربية عيالك، يعني مثلًا ما ينفعش



 تعاقبيه على شيء من غير ما تقولي له إن الحاجه دي غلط وما ينفعش تتعمل؟ لازم يبقى في توجيه للصح والغلط. قللي من الأوامر وبدل تطلبي الحاجه بأمر وهو هيحس بكده، اطلبيها بحب وهدوء وهتلاقيه معاكِ. 


ما تجبريهوش على انه يبقى نسخه من حد، لا طوري من شخصيته وخليه يحبها ويبقى اقوى، كمان الكلام معاه..



 اتناقشي معاه في كل حاجه وأي حاجه، عرفيه الصح والغلط، اللي ينفع يتكلم فيه واللي ما ينفعش، التصرف ده غلط وما يتعملش قدام حد.. الكلام في حد ذاته هيخلق صداقة قوية بينكوا. 





لازم تبقي قدوة ليه أنتِ ووالده، وبلاش تشتكي منه لأي حد أو تطلعي عيب فيه قدام أي شخص.. كمان شجعيه ديمًا على أي حاجه بيعملها، ساعدك في شغل البيت اشكريه.. الكلام الحلو ساهل بس مفعوله جوه الإنسان باقي وأثره في النفس كبير. 





اتكلمي عن والده بـالحلو ديمًا حتى لو كان بينكوا ايه، أوعي تغلطي فيه قدام أولادك وخليهم يحبوه ويحترموه، والكلام ده أكيد للأباء.. لأن الاتنين قدوة لعيالهم. 


جلس يوسف بجانب زوجته وعد واخته روز التي وضعت رأسها على كتفه كما وعد التي فعلت مثلها، ابتسم يوسف بحب ونظر لورد كي تُتابع حديثها.. تابعت ورد حديثها بتوتر ملحوظ بعدما انضم إليهما زوجها أمير وهو يرمقها بالنظرات العاشقة :




فيه طبعًا أخطاء بتبقى حقيقي صعبة فيما بعد، كُتر الدلع وإن أي حاجه محتاجها تبقى عنده.. وده غلط، لازم أعدل وما أخليش كل حاجه ساهله بالنسبة ليه..  لازم يبقى فيه توازن




 بين الحب والدلع الزايد اللي بيجيب نتيجة عكسية.. وأخيرًا أنـا المُتحكم الوحيد في التربية، بإمكاني ما أحرمهوش من حاجه بس في نفس الوقت أبقى ماشية صح، وبس كده لأني جعـااااانـة. 


انفجر الجميع عليها مما جعلها تخجل وتخفض رأسها بحياء، اقترب منها أمير وقال بابتسامة واسعة :

- طول عمري هفضل فخور بيكِ، هحبك أكتر ما أنا بحبك إيه تاني؟ 


ناظرته بخجل ليُتابع حديثه بضحكة :

يـلا ناكل. 


ذهب الجميع للسفرة التي قام أمير ووليد بتحضيرها، جلس الجميع على مقاعد السفرة الكبيرة بضحكات من جميعهم.. نظر يوسف لأوركيد وكرم بنظرة سريعة جعلته يردف بصوت عالٍ نسبيًا لأوركيد لكي يسمعه كرم الذي يجلس بعيدًا عنهم :




أوركـيد روحي شوفي جوزك وساعديه يغسل ايديه وتعالوا. 


ناظرته أوركيد بعدم فهم وحُزن بنفس الوقت، اقتربت من كرم مجبرة .. أمسكت بيده وجعلته يستند عليها بعدما أخذت منه العكاز الطبي وسارت به إلى داخل المنزل بـحُزن عليه وعلى حالته، مع نظرة يوسف الحزينة عليهما وهو يدعي بداخله بصلاح ما بينهما. 


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


كانت تنتظره بالخارج بدموع مُتحجرة، تود البكاء بقـوة لعل حُزنها يتلاشى بالبكاء، تنهدت بقوة وجاهدت بعدم البكاء لكن دموعها خانتها وانسالت بحرارة على وجنتيها، لا تُريد شيئًا سوى أن تنسى.. ولو كان بيدها محو ما رأتـه من ذاكرتها لفعلت






 .. جففت دموعها التي انسالت رغمًا عنها سريعًا حينما استمعت إليه بالداخل يستعد للخروج، وقفت أمام الباب بهدوء، خرج كرم ونظر إليها باشتياق. اقترب منها كي يضمهت إلى قلبه لكنها ابتعدت، زفر بضيق وقال بحُزن :




- كُل ما أقرب منك بتبعديني عنك ليه؟ ليه كرهتي قُربي منك بالشكل ده؟ احنا لو شوفنا بعض بنفضل طول الوقت ساكتين ودي مكنتش موجوده فينا أصلًا .. حصل إيه؟ فهميني.


انفجرت بالبكاء المرير، جلست أرضًا ضامة ركبتيها بِكلتا يديها، انهارت حصون قوتها بهذا اللقاء، وكأنها كانت تنتظر شيئًا كهذا.. فحديثه وملامحه وكُل شيء بـه يحسها على البُكاء .. فكم من مُحِبّ طُعن بِخنجر الخيانة.. والقلبُ مازال على الوعد بعدم النسيـان!! 


اقترب منها كرم بهدوء وجلس إلى جوارها بدموع، وكأن الحادث الذي حدث جعله يتناسى كُل ما اقترفه بحق نفسه ونفسها، حتى حديثه مع روجينا أصبح لا يُذكر لعدة أسباب وأولها أنها لا تخرج من المنزل إلا للضرورة بعد الذي حدث معها، كما يوسف الذي جعل وعد تذهب لها من الحين والآخر





 لتطمئن عليها وتتحدث بها ببعض الأمور البعيدة عن فكرها.. تنهد كرم بضيق وجفف دموعه وضمها إليه بقوة مما جعل بكائها يزداد أضعاف ما كانت عليه. بكى معها واختلطت دموعهما بمشاعر متخبطة، قالت أوركيد بلحظة ضعف :

- محتجـالك ما تبعدش . 


شدت يده عليها وضمها إلى قلبه بشدة، أخذ يمسد على فروة رأسها بحنان وهو يتمتم بالكلمات الهادئة وبعوده لها بعدم البُعد عنها .. هدأت قليلًا ونظرت إليه بعينان محتقنتان من كثرة البكاء قائلة بصوت مرتعش :




- أوقات بنتوجع وما بيبقاش قدامنا حل غير السكوت، بتفضل السكوت عشان مش عايز شوية الاحترام أو الحُب اللي جواك من ناحية الشخص التاني ما يقلش أكتر من كده.. السكوت مريح أحيانًا ومُميت في لحظات احتياجك للشخص ده. 


تعجب من حديثها ونبرة صوتها، لم تعطيه فرصة السؤال عما يحمله حديثها من خبايا. اعتدلت في جلستها ودخلت دورة المياة وقامت بغسل وجهها لتتخلص من آثار الدموع.. خرجت بابتسامة واسعة وكأنها لم تكن تبكِ منذ قليل، اقتربت منه بدون حديث وقالت بهدوء :

- يلا نطلع.. زمانهم مستنيينا.


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


مرت الأيام سريعًا ليأتي اليوم الذي تنتظره جميع اقراد العائلة .. 

كانت تقف سجدة أمام غرفة ورد وخلفها أوركيد وندى مُمسكة بيدها دف وترتدي نظارة شمسية كما أوركيد التي تفعل مثلها تمامًا وندى المُمسكة بيدها صينية كبيرة الحجم مع نظارتها الشمسية أيضًا.. دخلت سجدة أولًا وخلفها الفتاتان مع صوت




 الدف والأناشيد التي تصدرها سجدة أما عن أوركيد وندى فهما لا يفعلان شيئًا سوى الضحك والمرح والصوت العالٍ الذي جعل ورد تعتدل من نومتها مذعورة قائلة بنبرة سريعة خائفة :

- إيه اللي حصـل؟ مالكـوا؟ 


طالعتها سجدة بغيظ بينما أطلقت ندى الزغاريد العالية التي دلت على فرحتها الظاهرة على ملامحها .. قالت أوركيد بفرحة :

- فرحك يا روح الروح.. قومي بقا بطلي كسل، اليوم يومك يا جميـل .


نظرت لها ورد بلامبالاه واضعة رأسها على الوسادة مُجَدَّدًا وغطت في نوم عميق.. صرخت بفزع حينما شعرت بمياة باردة فوق اللحاف، اعتدلت وناظرتهما بعصبية مفرطة لم تدم عندما



 رأتهم على مقربة منها وكُلّ منهما مُمسكة بيدها مسدس المياة تقربه منها وكأنها متهمة.. انفجرت ضاحكة على منظرهن المضحك وقالت باستسلام :



- أنـا صحيت أهو .. بس بالله عليكوا نزلوا المسدسات دي لأن شكلكوا طفولي أوي .


أنهت حديثها بضحكة عالية جعلت أوركيد تجلس إلى جانبها بضحكة صاخبة اصدرتها بعدما نظرت إلى سجدة وندى، جلسن إلى جوارهن بضحكات متبادلة بينهن .. قالت سجدة من بين ضحكاتها :



- كنا ناويين نعمل صباحية حلوه بالأناشيد والضحك، بس بوظنا كل حاجه قبل ما نبدأ. 


قامت ورد بتكاسل من فراشها وذهبت إلى شرفة غرفتها ككل يوم لكنها قبل أن تمسك مقبض الشرفة إلا وشعرت بالفتيات يحتضناها من الخلف، أغلقت أوركيد الشرفة باحكام كما ندى



 التي أمسكتها وجعلتها تدخل إلى دورة المياة مع تحذيرها بعدم التأخير، فـ ليلة اليوم ستكون قبل الحفل الذي سيحدث يوم غد وذهابها مع زوجها إلى منزلهما. ستجمع المقربين منهم والأصدقاء فقط.   


 💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


بشقة واسعة في عمارة سكنية كبيرة. كانت تجلس ميار في غرفتها تستذكر بعض دروسها، تثاءبت بتكاسل ثُمِّ قامت من مقعدها ذاهبة إلى غرفة أخاها، طرقت الباب عدة مرات ليأتيها


 الرد بالدخول بصوته الخافت. دخلت الغرفة بهدوء واقتربت منه وهو نائم بتعب ظاهر عليه، قالت بنبرة حانية :

- مالك حبيبي قوم يلا .


فتح عينيه وناظرها لعدة ثوانٍ ثُمِّ أغلقهما مرة أُخرى بـراحة التي لم تدم فما لبث أن يغمضهما جيدًا إلا واستمع إلى صراخها مع جلوسها بجانبه مُنتشله اللحاف من عليه بقوة، زفر مالك بغيظ وقال :



- نفسي يوم في حياتي أصحى زي الناس.. يا بنتي هو أنتِ بتعملي فيا كده ليه؟  


أطلقت ضحكة عالية وقالت بمرح :

عشان بحبك يا كوكي وبتوحشني والنوم بياخدك مني. 


ناظرها بسخرية ووقف بتأفف وذهب لدورة المياة ولكنه لم يكن يخطو خطوة واحدة بالداخل إلا وسبقته ميار وهي تقف أمامه بنظرة بريئة واضعة يدها خلف ظرها، تحرك أصابع قدميها بدائرية جعلته يضحك بملء شدقيه قائلًا :

- قولي لي عايزه إيه؟ 


ضحكت بخجل لفهمه السريع لها.. قالت بابتسامة خفيفه :

- بصراحة النهارده فيه فرح واحده صاحبة صاحبتي وأنا نفسي أروحه.. لأنها أصرت عليا جامد اجيلها.




قال مالك بتفكير ونظرة غامضة وحادة مع رفعه لحاجبيه بتعجب مصطنع :

- صاحبة صاحبتك! تمام، والمطلوب؟ وهيا مين دي؟


تذمرت ميار وقالت بغيظ من نظراته التي تخيفها :

- المطلوب إني نفسي أروح، وهيا مين. لو تفتكر البنت اللي قولت لك عليها في الكلية واننا اتصاحبنا وبنتكلم كتير، واللي قولت لها تعملنا دروس في الكلية .. ندى يا مالك مش فاكرها؟


دق قلبه بعنف بمجرد سماعه لأسمها الُمشابه لأسم محبوبته التي امتلكت قلبه مُنذ الوهلة الأولى في لقائهما الأول، تحمحم بتوتر ونفض أفكاره وقال بهدوء :



- ما عنديش مانع، بس أهم حاجه تخلي بالك من نفسك.. وهوديكِ وبعد ما تخلصي كلميني. تمام؟ 


قفزت بفرحـة واحتضنته بحب قائلة بابتسامة واسعة :

- تمام يا أجمل وأحلى أخ في الدنيا.  


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


دقت الساعة الخامسة مساءً… تسللت ندى خفيـة من الغرفة التي يجلسون بها إلى غرفة ورد واضعة سماعات هاتفها في أذنها وكأنها تتحدث مع شخص ما .. دارت بمقبض الباب بأيدي



 ترتعش خوفًا من ورد أن تراها.. دخلت للغرفة على أطراف أصابعها، استمعت إلى حديث ورد الذي جعلها تصدر صوتًا ساخر من بين شفتيها.. اطلقت ورد ضحكة عالية وقالت باشتياق :

- ليا يومين ما شوفتكش، حاسه انك بعيد عني وده صعب عليا أوي . 


ابتسمت ندى بسخرية واقتربت منها وانتشلت الهاتف بسرعة البرق.. بينما وليد الذي فعل مثلها تمامًا حيث أنه تسلل إلى غرفة أمير واستمع إلى حديثه لزوجته وهو يقول بهمس :



- صعب عليا وعلى قلبي أضعاف يا وردتي والله .. كلها ساعات وهتبقي مراتي ومش هخلي حد يبعدك عني أبدًا . 


كان يقف خلفه وبسرعة جنونية قفز أمامه مما جعل أمير يصرخ فزعًا وكانت هذه الفرصة أمام وليد ليأخذ منه الهاتف بانتصار .. ابتسم باتساع وقال لندى بابتسامة واسعة عبر الهاتف :



- المهمة تمت بنجـاااح يا قلب أخوكي . 


ضحكت ندى بانتصار لورد التي قالت ببكاء مُصطنع :

- والله ما بعمل حاجـاااااه .. الحقني يا أميـر. 


قال أمير بصوت عالٍ لكي تسمعه بعدما أخرجه وليد من الغرفة حيث كان ينتظره الجميع بالأسفل ليعيشوا ليلة جميلة بكل المعاني :

- استحملي يا قلب أمير وأنا جاي وهخطفك . 


أغلق وليد الهاتف وهبط للأسفل كما ندى التي نظرت لورد بفرحة جاهدت في اخفائها ورسمت الغيظ على ملامحها كما اتفقت معها سجدة.. قائلة :



- كمان نص ساعة عايزاكِ تجهزي.. يلا بسرعة وانا رايحة اجهز نفسي وهجيلك.  


                ******

بعد مرور ما يقارب الساعة ونصف، كانت تقف ورد أمام المرآة تنظر إلى هيئتها بابتسامة خجولة بفستانها الكشمير الذي ينزل



 باتساع بطبقات تعلو بعضها البعض.. بأكمام شفافة لامعة أعطته مظهرًا جزابًا مع تسريحة شعرها البسيطة بعدما اتفقن معها الفتيات بعدم ارتدائها للخمار فلا يوجد أحد بالحفل



 سواهم، كما أيضًا مستحضرات التجميل التي زينت ملامح وجهها البريء .. أمسكت هاتفها بتأفف منتظرة رسالة ندى تخبرها بالخروج من الغرفة بعدما اتفقت معها بعدم الخروج إلا بإذن منها.. 


بعد لحظات بسيطة أضيئت شاشة الهاتف برسالة من ندى تخبرها بالخروج حالًا دون تأخير، تركت الهاتف جانبًا وخرجت



 من الغرفة وهبطت للأسفل، ومع كل خطوة تخطوها للأسفل كانت الشموع تُزين الأرضية مع ورود تناثرت بعشوائية.. وصلت لباب الحديقة الواسع وناظرته بصدمة ودموع تتلألأ



 بمقلتيها فرحًا بما تراه، كانت صورة كبيرة تجمع بينها وبين أوركيد وندى وسجدة بالحديقة.. ضغطت على زر أسفل الصورة بتعجب منه لكنها صُعقت حينما استمعت إلى حديثهن يهتفن بصوت عالٍ :




- بلاش صدمات وشهقات من دلوقتي بالله عليكِ.. يلا افتحي الباب بسرعة مستنيينك .. وآه بنحبـك يـااا ورد .


فتحت الباب ببطء وخطت خطوة واحدة للأمام لتخرج منها صرخة عالية دلت على صدمتها بما تراه وبالحديقة التي زُينت بشكل يصعب على العين تحمله.. كانت الحديقة قد أُغلقت بِشراع كبير لكي يستطيع أي شخص بالحفل الجلوس بأريحية



 كما اللعب والمرح بدون خوف من أعين ممن حولهم.. كانت في بدايـة الحديقة سجادة حمراء امتدت إلى نهايتها مع مقاعد بيضاء تناسقت مع اللون الأحمر بتميز. بزاوية ما بالحديقة كان



 يوجد مقعد متوسط الحجم بنفس لون فستانها وخلفه ستار زُين بالبلالين على أشكال مختلفة .. كما البوفية الذي كان عبارة عن سفرة كبيرة تبينت من خلف الستار الشفاف المليء بالأنوار التي أُضيئت وأضافت جمالًا للمكان فوق جماله






 الأساسي، تعجبت كون الحديقة لا يوجد بها أحد، وتساءلت كيف لها أن تكتشف هذا مؤخرًا.. لم يدم تعجبها كثيرًا حيث أنها استمعت إلى حديث غادة من مكان تجهله قائلة بصوتها الدافئ :




- بنتي في أوقات، وأمي في أوقات تانية، حبيبتي ديمًا، والأمان لقلبي عند احتوائها ليا، رغم صغر سنك بس قدرتي




 تعملي اللي ما عملهوش الأكبر منك .. أوقات الرزق بيتمكن في بنت تبقى كل شيء أنتِ نفسك فيه. أوقات بقول إيه اللي عملته حلو في حياتي عشان ربنا يرزقني ببنوته تبقى صاحبتي قبل بنتي. 


أخذت عينيها تتجول بالمكان أكمل لكي تراها لكنها فشلت. فلا يوجد سواها بالحديقة، استمعت إلى ضحكة غادة الخفيفة وهي تقول من بينها بمرح :

- دوري عليا وهتلاقيني يلا. 


أنهت حديثها تزامُنًا مع اضاءة عالية أُضيئت بزاوية ما بالحديقة لأول مرة تراها.. كانت تقف غادة على ساحة كبيرة كالمسرح تمامًا مُمسكة بيدها مايك بابتسامتها الواسعة وعينيها المليئة بالدموع، ما لبثت ورد أن تذهب إليها إلا واستمعت لسجدة وهي تقول بمرح : 

- مش هقول لك على مكاني.. دوري عليا لوحدك . 


ابتسمت ورد بخفه لنبرة صوتها وأخذت تبحث عنها بعينيها بفرحة كبيرة تحتلها. صرخت بأعلى صوتها عندما رأتها تقف على مقربة من المكان المخصص بالورد والذي يجلسان بـه دائمًا، بادلتها الصرخة بأعلى منها وقالت بابتسامة :



- بفكر ازاي يومي هيعدي بدون نظرة منك وضحكة تخلي قلبي يرقص من الفرحة.. ازاي هعيش الوقت ده من غير حُضن يطمني وايد تطبطب عليا؟ هعيش ازاي من غير كلامك ليا وأنتِ الأقرب للقلب مهما كتروا حبايبي. 





أدمعت عيناها بفرحة وكانت تود الذهاب لها لكن أوركيد وندى تحمحما بغيظ من تجاهُلها لهم.. نظرت إليهم بدموع تنسال على وجنتيها بما يفعلاه من أجلها.. قالت ندى بضحكة : 




- انا عاملتك بوحشيه وكنت ببص لك بغيظ وعصبية.. بس والله كله من سجدة هيا اللي قالت لي اعمل كده. 


نظرت ورد لسجدة بتوعد مما جعل ندى تنفجر ضاحكة، قائلة بهدوء :

- اللي مصبرني ومخليني مستحمله فراقك الكام يوم الجايين.. إنك هتتبسطي معاه وانك بتحبيه ومبسوطه بوجوده وده الأهم عندي يا وردة حياتي.




أنهت حديثها وهي ترمقها بنظرات جعلت ورد تنفجر ضاحكة متذكرة حديث الطفل ومغازلته لها أمام أمير .. نظرت لأوركيد المُمسكة بيدها لوحة كبيرة. مُغطاه بكيس هداية، قامت أوركيد



 بفكها لتتبين ورد في اللوحة ببيجامة بيتيه تحمل رسمة روبانزول في التيشيرت كما المكنسة التي بيدها وخصلات شعرها المتناثرة بعفوية جعلت الجميع ينفجر بالضحك




 الهستيري، ضحكت ورد بقوة على مظهرها ثُمِّ تنهدت بتعب من حديثهما والصدمات التي تتلقاها بالذي يحدث معها وحبهما الظاهر جليًا عليهما.. قالت أوركيد بابتسامة واسعة :



بحب فيكِ روح الطفلة اللي بتملى الجو بهجة وفرحة بكلامها وأفعالها، اللي ما بتستحملش الهوا فينا وما ينفعش واحدة



 تبقى مدايقة وهيا موجودة.. كنتِ ديمًا قايمة بدور الأم معانا وبتخافي علينا وكأننا اطفالك، حقيقي يا بخته بيكِ لأنه ملك الدنيا بمجرد ما بقيتي مراته.





أنهت حديثها وركضت بسرعة جنونية إليها وارتمت بداخل احضانها وفعلن مثلها ندى وسجدة مع الزغاريد من الأمهات وبعض من الأقارب بفرحة.. 


                ****** 


بحديقة يوسف الكبيرة التي تجمع جميع الرجال الذين كانوا يلعبون كرة القدم في جو مليء بالضحك المشترك من جميعهم




، والبعض منهم يقومون بتحضير سفرة الأكل مع صوت الدف الهاديء الذي جعل للسهرة فرحة مميزة. كان يقف وليد أمام باب الحديقة ومعه أمير الذي قال بتذمر :

- انا عـاايز أشوف مراتي. 


زفر وليد بغيظ قائلًا بعصبية :

- يا بني حـراام علييك .. لينا اكتر من ساعة على الموال ده، انهارده مفيش مراتك.. فيه إحنا ولو مش عاجبك قول! 


أنهى حديثه بنظرة مرعبة جعلت أمير يتراجع بحديثه بسرعة وأمسك بيده وخرج للحديقة.. ابتسم وليد وصرخ بصوت عالٍ :

- العـرييس وصل يا رجـااالة . 


بمجرد دخولهما الحديقة أخذوا الشباب يهتفون بصوت عالٍ بالصافرات والصراخ المازح والرقص المتبادل بينهم..  


                *******


طبعت ميار قبلة حانية على وجنتي مالك قائلة بابتسامة حنونـة قائلة :

- تسلم لي يا قلب أختك، اول ما اخلص هكلمك على طول . 


أماء لها بهدوء وهو يبادلها بنفس ابتسامتها الحنونة قائلًا :

- اتصلي على صاحبتك يلا عشان اطمن انك بخير. 


ما لبثت أن تجيبها إلا ورأت ندى تخرج من باب المنزل بفستانها الأبيض الفضفاض، يأتي من عند الخصر حزام من نفس اللون مليء بفصوص لامعـة كما الأكمام التي كانت عن طبقات شفافة



 تعلو بعضها البعض بشكل مميز، ونقابها الذي أخفى ملامح وجهها عدى عينيها البُنية الواسعة التي زينتها بالكحل الأسود.



..

بدقات قلب عالية ونظرة مصدومة بهذا اللقاء الذي كالحلم. كان ينظر إليها بعدم تصديق وفرحة بذات الوقت، أخرجته ميار من دوامة أفكاره وشروده بها عندما قالت بسرعة بعدما خرجت من السيارة :

- ندى جات يلا سلام يا ملووكـة . 


ذهبت سريعًا لندى وضمتها إليها باشتياق لكونها لم تذهب للكلية منذ ما يقارب الثلاثة أيام. دخلت الفتيات للداخل وبعد



 السلام وتعارف الفتيات والأمهات على ميار التي كانت تتحدث معهن وكأنها واحدة منهن.. دخلت سجدة بداخل المنزل وخلفها ندى وأوركيد وميار والأمهات وتركن ورد بمفردها مع بعض المعازيم.. 


بعد وقت لا بأس بـه رأتهم ورد بمنتصف الحديقة وقد قاما بتغيير ملابسهما إلى تيشيرت من اللون الأبيض وبنطال أسود مُمسكن بأيديهن مسدسات المياة.. اقتربن منها بسرعة كبيرة



 وهم يضغضن على المسدسات لتخرج من جوفها المياة على ورد التي صرخت بفزع وهرولت سريعًا للداخل خوفًا منهم.



 تتبعتها أوركيد بضحكات متتالية عليها، خرجت بعدها بدقائق معدودة ومعها ورد مرتديه مثلهن وبيدها المسدس الخاص بها



 ناظرة عليهن بغرور وسرعان ما ابتل جسدها بالكامل من المياة التي اندفعت عليها مرة واحدة من الجميع.. وبسرعة كبيرة أصبعن جميعهن بنفس وضعها في جو جميل مع الضحكات العالية والفرحة التي تحتل القـلب..


جميعًا نحتاج لأشخاص لا يُريدون شيئًا سوى اسعادنا وادخال البهجة في قلبنا المُتهالِك من كثرة المتاعب.



          الفصل الحادى عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-