CMP: AIE: رواية خفايا القدر الفصل الثالث3بقلم روان عرفات
أخر الاخبار

رواية خفايا القدر الفصل الثالث3بقلم روان عرفات


 

#خفايا_القدر 

#الغصل_الثالث

بقلم روان_عرفات


بعد مضي يومين.


جالسًا في شرفته مستمتعًا برائحـة الورد التي تنبعث من حديقة المنزل .. أمامه كوب القهوة المميز، أخذه وقربه من شفتيه وارتشف القليل منه بابتسامة خفيفة .. تلاشت حينما تناهى إلى سمعه صوتها الباكي من خلفه:

- مكنتش أعرف إنك لحد دلوقتي بتحبها .. وعلى تواصل معاها .


إنتفض في فزع واقترب منها سريعًا وحاوط وجهها براحة يده قائلًا بلهفة:

- غادة .. مالك؟ إيه فيه؟ أنا مش فاهم حاجه .


ابتعدت عنه بحدة وقالت بصوت متحجرش:

- متعملش نفسك مش فاهمني .


رفعت يدها التي تحمل هاتفه الخاص وتابعت ببكاء: 

- ليك كذا يوم مش معايا وسرحان فيها وفي المكالمة بتاعتها اللي عدى عليها تلت أيام .. قولت من حقك تزعل وتفكر في ورد، وإنها من حقها تعرف....مع إن الحاجه دي من أصعب



 الحاجات اللي همر بيها لو حصلت، بس ده حقك وحقها .. بس توصل إنها تبعت لك فيديوهات وتسجيلات بصوتها، وصور ليها وكأنك لحد دلوقتي جوزها .. ده اللي مش هقبل بيه أبدًا يا جاسر .


أخذ منها الهاتف بعدم فهم ونظر إلى الرقم الغير مسجل بغضب حاول التحكم به .. قال بهدوء: 



- لو مش شايفه يعني إن رقمها مش مسجل عندي أصلًا .


صرخت وجعـًا وتبلل وجهها بالـدمع الذي حرق قلبه لحزنهـا:

- بعتت لك رسايل ولا لا؟ وبعدين هيا مين عشان تبعتلك صورتها؟ 

ولا كمان الفيديوهات .. هتجيب من فين الجرأة دي غير لما تكون أنت معودها على كده .


اقترب منها بنظرة غاضبة ثم صرخ بوجهها مما جعلها تنكمش في نفسها خوفًا منه:

- أنـا بقولك رقمها مش متسجل عندي .. تقوليلي أنت معودها على كده ؟ مش عايزه تفهمي لـييي إنها ماضي وعدى ؟ ليييـه؟


تعالت صوت شهقاتها وإرتعاش جسدها من صوته العالٍ .. وضعت يديها على فمها تمنع صوت بكائها ....



تنهد بضيق وهو يرها بهذه الحالة .. أغمض عينيه وجعًا من صراخه بوجهها، وخوفها منه، فلأول مرة يراها خائفة بهذا الشكل!

اقترب منها بهدوء قائلًا بنبرة عاتبـة:

- إزاي تشكي فيا وفي حبي ليكِ؟

ليه خلتيها تبوظ ما بينا ويحصل اللي حصل دلوقتي ده؟ عمرك ما عليتي صوتك عليا ولا أنا عمري عملتها .. وإن الحاجه دي مش في حياتنا .. 


نظرت إليه بدموع تنسال على وجنتيها بحزن وغيرة تنهش في قلبهـا من حديثها، فقد إستمعت إلى حديثها ودب القلق في جميع أوصالها من أن يتجدد الحب بينهما يومًا ما!


تابع وهو يشدد من احتضان يدها:

لو كلمة بحبك هيا اللي هتثبتلك إني بحبك فأنا والله بحبك، ومحبتش قبلك، والقلب معرفش معنى للحب غيرك معاكِ...



الماضي اتمحى من حياتي ومن قلبي .. أنتِ بالماضي والحاضر بتاعي، والمستقبل بإذن الله....



بكت أكثر من قبل، ولكن كان لبكائهـا شيء من الفرحة تسلل خفية إلى قلبها العاشق لـه....بكاء ممزوج بنكهة العشق، وعلى الرغم من أنها دموع، ولكنها أجمل دموع تزرفهـا العين!




حاوطها بحنو وكرر جملته مرة أخرى بنبرة عاشقـة، جملته التي كانت لها أثر كبير في نفسها:



- والله العظيم بحبك .. أنا عديت مرحلة الحب دي بمراحل...كنت فاكر إنك فهماني وفاهمه حبي ليكِ من اللي بعمله....مكنتش أعرف إن كلمة بحبك مهمه كده .. بس لو هيا مهمه فأنـا هقولهالك ديما...

بحبـك يا عوضي من الدنيا...


                💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛 


فتحت عينيها ببطء وقامت بتكاسل من فراشها، ذهبت إلى دورة المياة وقامت بالإنتهاء من تقوسها الصباحية سريعًا...


انهت ندى مم صلاتها وقامت بإرتداء ثيابها المخصصة للكلية....

نظرت نظرة سريعة على مظهرها وقامت بالإحكام على نقابها وذهبت سريعًا إلى شقة ابنة عمها أوركيد، دون أن تتحدث مع والدتها كي لا ترى حزنها الباد على عينيها.


فتحت لها روز بابتسامة واسعة، رحبت بها وأخبرتها بالتعب الذي ظهر على أوركيد مؤخرًا....أخذتها إلى غرفة ابنتها بحزن وتركت لهما المجال بالحديث بأريحية....


اقتربت منها سريعًا بلهفة وانتشلتها إلى أحضانه متمتمة بحزن: 

- أوركيد .. حبيبتي مالك؟


ربتت أوركيد على ظهرها بابتسامة متعبة....قالت بوهن : 

- متقلقيش .. ده دور برد .


وضعت يدها على جبينها تتحسس حرارتها....شهقت عندما وجدتها مرتفعة...

ألقت بحقيبتها أرضًا وقالت : 

- طيب أنا هروح أعمل لك أكل وهخلي مروان يجيب دوا للسخونة دي .. ولو متحسنتيش هنروح نكشف .


ضحكت بخفه وقالت بهدوء : 

- اهدي .. والله أنا كويسه .. يلا أنتِ بس روحي وأنا هخلي ماما تعملي أكل.


قالت ندى بلهجة لا جدال بها :

- أنا قولت هفضل معاكِ يعني هفضل .


بعد ربع ساعة تقريبًا من الرفض من أوركيد على جلوسها معها، وأنه من اللازم ذهابها للكلية....وافقت ندى على مضض بعدما إنتهت من فعل الشوربة لها....ذهبت لروز وأخبرتها أنها ستخبر مروان أو عمها بأن يأتوا بالدواء لها....


                                     ***************


تسير بخطي سريعة لكي تتمكن من الوصول إلى الساكشن .. وفي أقل من ثوانٍ شعرت بإرتطام جسدها بجسد قوي جعلها تتأوه وهي ترفع يدها لا إراديًا إلى صدره عندما شعرت أنها قد


 تسقط أرضًا .. تشبثت بـه خوفًا، وفعل هو مثلها....شدد يده على خصرها، وتلاقـت الأعين بحديث خفي، لا يعلم القلب به، دق قلبه لهـا....خرجت بعنف من قربهـا منه....كانت نظرتـه



 تفضح احساسه بقربها، ومشاعره المتوترة بهذا القرب الذي أتى فجـأة، ولكنه مرحب بـه في قلبيهمـا....الحب يبدأ بالصدفة، وقتهـا القلوب ستعرف شبيهها، وستحبـه....


كأن عقارب الساعة توقفت على هذه اللحظة التي هو بها الآن، مغيب تمامًا عما حوله....وكأنها حجبت رؤيته عن العالم بعيناها الساحرتين....انتبه إلي حمحمتها وخوفها منه....ابتعد في الحال وتحمحم قائلًا بنبرة معتذرة: 



- بجد آسف .. والله ما كان قصدي خالص، كل اللي حصل في ثواني .. آسف مرة تانيه وبتمنى تقبلي اعتذاري.....آسـف..


جاهدت في اخفاء ابتسامتها لكنها تمردت وزينت ثغرها بابتسامة واسعة عليه، وعلى لهجته المتوترة....قالت بهدوء : 

- مفيش حاجة لكل ده .. أنا اللي آسفه عشان بمشي بالطريقة دي .


ابتسم بخفه لها وكرر إعتذاره منها، بادلته هي الأبتسامة من خلف النقاب، ظنًا منها أنه يراها....ذهبت من أمامه سريعًا وتنفست الصعداء عندما ابتعدت عنه...




إنتظرها حتى اختفت عن ناظريه دون أن ينتبه إلى هذا الشخص الذي أتى توًا وقام بتصوريهما عدة مرات بالوضع الذي كانا فيه.....


               💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛 


تقف في المطبخ بعدما انتهت من ترتيب الصحون والأقداح في الحوض، وتقسيمهما... تضع الأطباق الصغيرة على الجانب، والجانب الآخر تضع الأطباق الكبيرة... كما المعالق أيضًا التي تضع كل نوع على حدى.. 



هذه إحدى عاداتها عندما تقوم بغسل الصحون... لا تشعر بالمتعة إلا عندما تفعل ذلك.. 

تضع هاتفها جانبًا...تنبعث منه الأغاني الشعبية التي تجعلها تتمايل بغنج.. مردده مع الأغنية بفرحة وصوت عالٍ يدل على إندماجها بالذي تفعله... 


خرجت والدتها من غرفتها بخجل وابتسامة واسعة زينت ثغرها أثر حديث زوجها الذي بعث بداخلها الطمأنينة والراحة بوجوده بجانبها.. 



كلمة واحده فقط فعلت بها الكثير، جعلتها تتأرجح من قوتها، جعلت القلب يصرخ حبًا له.. جعلته يؤمن بأن لا حب بدون تفاهم متبادل من كلايهما... يؤمن بأن الحب إن لم يكن هو


 الثقة المتبادلة بينهما، والسند دائمًا وأبدًا، والإحتواء وقت الضعف، والتفاهم وقت الصعائب.. لا يبقى حـبًا...


تعلم أنه قالها مرارًا وتكرارًا في أفعاله لها وحنيته عليها، وتفهمه لها، وإحتوائه عندما تكون خائفة... ولكن لا تعلم ما الذي فعلته بها هذه الكلمة عندما استمعتها... لها مـذاق خاص.. 




الحب ليس كلمة نتفوه بها دون أن نشعر بها... الحب كلمات وأفعال تندرج تحت مسمى الحـب .. 

أفعل من أجل من تحب لكي تنعما بالراحة والحب والتفاهم سويًـا... 


خجلت وهي تتذكر حديثه وأنه يشعر بحبها يسري بداخله منذ أمـد ولكنه أراد أن تخرج منه وهو يشعر بها وأن القلب من قالهـا.. ففـي الحب القلب هو المتحدث..

كلماتك تخرج من قلبـك أولًا ومن ثم شفتيك...

طال إنتظارهـا لهذه اللحظة وكانت تتـوق لسماعها، وأحيانًا كانت تفقد الأمل في أن يقولها... لكن اللحظة التي كانت بعيدة المنال ها هي أتت.. تشعر بالسعادة تغمر قلبها .. 



أيقنت بأن الفرحة بعد الصبر تجعلك تريد أن تصبر أكثر من ذلك لكي تشعر بالفرحة أكثر .. 


فـالله قال في كتابة الكريـم ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت..


تنهدت بابتسامة وذهبت إلى المطبخ حيث ابنتها التي رأتها تقف في منتصف المطبخ ممسكة بيدها الصحن وتقوم بغسله بدون النظر إليه وهي تتمايل على هذه الأغاني وتدندن معها بصوتها العالٍ.. 

أغمضت عينيها بتخعب.. واقتربت من الهاتف وقامت بإيقاف الأغاني مما جعل الأخرى تهتف بتذمر : 



- يا ماما حرام عليكِ .. ده دي أحلى حته في الأغنية.


اقتربت منها وأخذت الصحن وقامت بوضعه في الحوض متمتمه بهدوء : 



- طب ومن امته حبيبة قلبي بتسمع الكلام ده وبتقول معاه؟ ولا حته بترضى حد يشغله؟ ها من امته؟


تمتمت ورد بمرح : 

- الله بقا يا ست الكل .. هو الحجوج منكد عليكِ ولا اي؟


قالت بحدة بعض الشيء : 

- انا بتكلم بجد يا ورد .. من امته وانتي بتسمعي الكلام ده؟


أجابت ورد بهدوء : 

- مش من وقت كبير.. واحده صاحبتي بعتتلي كذا اغنية وقالتلي هيعجبوكي... وانا شغلتهم وسمعتهم وحبيت كلماتهم.. بس كده.


تنفست غادة بهدوء وقالت : 

- طب وبرضو من امته بتسمعي كلام حد؟


ورد :

- مش بسمع كلام حد .. بس هيا بعتتهملي وقالتلي جربي مش هتخسري حاجه.


اقتربت غادة من الطاولة التي تلتف حولها المقاعد .. جلست إلى المقعد وجلست مقابلة لها ورد .. تمتمت بابتسامة : 



- مش هتخسري حاجه ازاي وأنتِ بترددي مع كلام الأغنية اللي لو ركزتي معاه هتقرفي من نفسك؟ ولا كمية الحسنات اللي هتروح منك بسبب أغنية لا راحت ولا جت... بسبب كلمات



 غريبة بنرددها ورا المغني ده ومنعرفش اي معناها... طب قوليلي كده إستفدتي اي من بعد ما صحبتك بعتتلك الأغاني دي؟ 


ورد :

- عادي يعني... مستفدتش حاجه.. غيـ..


قاطعتها بهدوء : 

- غير إنك بترددي الكلمات في كل وقت وأي وقت أنتِ فاضية فيه أو مش فاضية .. بتلاقي الكلمات بتتردد جواكِ من غير ما تحسي وفجأة تروحي تشغلي الأغنية عشان تسمعيها تاني وتحفظيها .. للأسف الأغنية بتتحفظ في أقل من ثواني عشان




 احنا عايزين كده .. هتلاقي عقلك مشغول بالكلمات وبتقوليها على طول بقا .. طب بصي خليني اقولك على فكرة وجربيها وشوفي اي الاحسن .. فكرة صاحبتك ولا فكرتي .


أماءت لها بخفه لتتابع غادة بابتسامة : 

- نزلي سورة البقرة أو أي سورة تانيه وأول ما تلاقي نفسك قاعدة فاضية مبتعمليش حاجه شغليها... زي مثلًا أهو أنتِ



 وبتغسلي المواعين بدل ما تشغلي الأغاني اللي ملهاش معنى دي... شغلي قرآن... على الأقل في كل حرف هيطلع منك وهتردديه ورا الشيخ هتاخدي عليه عشر حسنات.. هتيجي




 بعدها بأيام من كتر ما إنك بتكرري الآيات هتلاقي نفسك حفظتي منها ولو جزء بسيط .. بس اهو حفظتي حاجه من وقت فراغك.. ما بالك بقا لو عملتي وقت كده للحفظ.. 


متخلنيش اشوفك تاني بالشكل ده اللي وجع قلبي يا ورد... دي مش بنتي ولا دي تربيتي.. صاحبتك انتي خديها للطريق الصح



، مش هيا اللي تاخدك للغلط... وبعدين نختار صحابنا على أساس انهم هيغيرونا للأحسن مش هيخلونا نسيب الحاجه الكويسه اللي بنعملها ويغير فكرنا للأسوء... 



أنتِ آه هتلاقي حالتك في كلمات الأغاني وهتحسي إنها بتوصفك، ولكن في القرآن هتلاقي دوائك..


اقتربت منها ورد وقامت بإحتضانها بقوة متمتمة بحب : 

- بحبك اوي اوي يا ماما .. ربنا يخليكِ ليا يا ست الكل.


ربتت على ظهرها بحنان وابتسامة رضا بما فعلته مع إبنتها، فلابد من أن تنصحها للشيء الصحيح، لا تتركها بين صديقاتها وكل منهما تفعل بها ما تشاء... فهي ما زالت صغيرة وبحاجة للنصيحة.. 



فدور الأم من أقوى وأهم الأدوار وعليها أن تبقى صبورة، هادئة، تبعث رسائلها بطريقة محببة تجعل أبنائها يحبان أن يتغيرا... 


أجفلهما صوته العالٍ من الخلف : 

- بت أنتِ... ابعدي عن مراتي.


تخصرت ورد وهي تتمتم بجانب عينها : 

- والله؟ ما هيا امي انا كمان.


صرخ جاسر بوجهها بغضب مصطنع : 

بتقولي لي أنا كده؟ بتردي عليا الكلمة بالكلمة يا ورد.


اقتربت ورد من والدتها واختبأت خلفها متمتمة بخوف : 

- الحقيني.. جوزك ده لما بيتعصب مش بيشوف قدامه ولا بيعترف إني بنته وكده يعني.


كتمت ضحكتها وقالت بهدوء : 

-حبيبي معملتش حاجه والله.. ده بتحضني... اللي هو حضن الصبح ده.


نظر لها جاسر بجانب عينه : 

- يسلام هو دوا كحة وأنا معرفش يعني ولا اي؟


أخرجت ورد رأسها من خلف والدتها متمتمة بتذمر : 

- ويسلام هو حلو ليك يا أستاذ بابا ووحش ليا يعني ولا اي؟ بص مراتك هيا امي وليا حق فيها واكتر منك كمان.


نظر لها شزرًا .. بينما قالت غادة بضحكة خافته :

- طب بصي روحي أنتِ بس الاوضه وانا هشوف بابا.


ورد بتذمر : 

- اهو هتاخدها مني اهو.


جاسر بنظرة انتصار :

- ااامشي يا بت.


خرجت من المطبخ بتذمر، تضرب قدميها ارضًا متمتمة بالكلمات الخافته التي جعلت غادة تنفجر ضاحكة غير عابئة بهذا الواقف جوارها ناظرًا لها بهيام.. ينظر لها بلهفة حقيقية..



 بندم لما فعله بقلبه به أولًا ثم هي، كانت تكن له من الحب ما يكفيه.. لكنه كان لا يعطيها آية أهمية، فقد كان القلب مشغولًا بغيرها... 



تحمحمت غادخة بتوتر عندما لاحظت نظراته المصوبة عليها.. اقترب منها وجذبها إليه محاوطًا إياها بحنان.. قائلًا بهمس : 

- هعوضك عن كل حاجه وأي حاجه عملتها فيكِ، حتى زعلك مني في حاجه مليش دخل فيها، هصالحك.. هعمل كل اللي تطلبيه... مش هخلي حد يدخل ما بينا ويبوظ حبنا ببعض وفرحتنا.. 



بجد آسف على كل لحظة ضيعتها من عمري وأنتِ مش معايا فيها .. أمكن لو قابلتك قبلها مكنش ده كله حصل... أنا متأكد إني كنت هحبك أنتِ... عشان بمجرد ما القلب شافك حبك بس أنا كنت بكابر.. أنا آسـ..


قاطعته بخجل : 

- بس انا مش عايزه حاجه.. انا كفايه عليا حضنك وقربك مني وإني أشوفك انت وورد بخير.. دي عندي بالدنيا.


ما لبث أن يجيبها إلا وأجفلهما صوتها المتأثر :

- ييــاااه على الحب العفيف الطاهر يا ولااااه، ولا التضحية... دمعتي هتنزل يا جماعة والله العظيم... حبكم حاجه جميلة كده... والله أنا متأثرة أوي أوي.


أخذت تبكي بكاء مصطنع مما جعل غادة تضحك رغمًا .. ليتمتم هو بحنق وهو ينظر للأعلى : 



- أنا نفسي بس اعيش يوم واحـ.. لا يوم واحد اي؟ انا نفسي في ساعة بس أتكلم معاها من غير ما تفصلني البت الرخمه دي .. نفسي أقولها على اللي جوايياا.. ما تروحي لجوزك يا بنتي.


ورد بخبث : 

- قاعدة على قلبكووا... وبعدين ما تقولها وأنا معاكم.. عادي يعني ده انا حتى بنتكوا.


ما لبثت أن تنهي حديثها إلا وقد ركض خلفها مستحلفًا لها بالكثير، فهي لا تجعله ينعم ببعض الراحة مع زوجته، بداخله الكثير، والكثير من الأحاديث لها، ولكن هذه المشاغبة تبقى الحاجز بينهما... 



بينما تنظر غادة إليهما بسعادة حقيقية، أخرجت شهيقًا عميقًا بإرتياح.. فقط اليوم بدأت حياتها .. الماضي لم يكن حياة من الأساس...


                 💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛 


دلف إلى منزله ببطء وإرهاق شديد، ممسكًا رأسه بألم من شدة الصداع الذي نشب من جلوسه مع الأطفال والحديث معهم...



استقبلته أميرة بابتسامتها المحببة لقلبه والتي تزيل آلامه وتعبه... اقترب منها وقبل جبينها ببطء .. قالت هي بقلق : 

- مالك يا حبيبي.


نظر لها أحمد مطولًا وقال بهدوء : 

- شوية صداع من العيال العفاريت اللي بتجيلي دي.


ابتسمت بأتساع وقالت وهي تربت على كتفه :

- طيب يلا روح غير هدومك وأكون أنا خلصت تحضير الأكل... عشان تنام.


تركته وذهبت سريعًا إلى المطبخ لكي لا يرى التعب الباد عليها فمنذ أن استيقظت وهي تشعر بألم في قدميها...

ذهب خلفها قائلًا بتساؤل : 

- أميرة... مالها رجلك.


أميرة بهدوء :

مفيش حبيبي... ده وجع بسيط وهيروح لحاله.


اقترب من صنبور المياة وقام بغسل يديه وذهب إلى البوتاجاز كي ينهي ما تبقى من طعام...



أمسكت أميرة يده برقة وقالت بابتسامة جانبيه : 

- أنا بخير على فكرة... مفيش داعي لتعبك....يلا روح غير وأنا هخلص.


قال بابتسامة حانيـة : 

- وهيحصل إيه لما أساعد مراتي؟ حتى لو كنت تعبان، أنا بمجرد ما بدخل البيت وبشوف ابتسامتك بنسى تعبي... 



هعوز اي من الدنيا تاني وأنا مراتي عمرها ما سابت يوم إلا ولازم هيا اللي تفتحلي وتاخدني في حضنها عشان عارفه إني هنسى أي حاجه جواه... 


نظرت إليه بابتسامة عاشقـة... تقسم بأن حنيـة قلبه عليها من أجمل الأشياء التي تسعدها....وتنيرهـا... 



فما الرجل إلا حنية....ويا لحظهـا من يبقى زوجها ذو القلب اللين...

فقد أخذت نصيبها من الدنيا عندما رزقها الله بـه...

وما الدنيا إلا أرزاق....منها تسعدنا وتنير حياتنا، ومنها من تطفيء بهجتنا في الحياة...

قال أحمد وهو يقوم بتقطيع الخيار:

- باصه عليا أوي كده ليه؟


ابتسمت بدلال وقالت بعدما اقتربت منه وأسندت رأسها على كتفه : 

- حنيتك مغرقاني .. مخلياني مش محتاجه لحاجه غير لوجودك ديما معايا، وإني أفضل معاك ومفيش حاجه تبعدني عنك... صدق اللي قال مفيش أجمل من حنية الراجل...


                💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛 


بالمسـاء....بمنزل آدم....تحديدًا بغرفة أوركيد

جالسًا بجانبها يتحسس جبينها من الحين والآخر... يكاد القلق يفتك بـه، بعدما كان يود أخذها إلى إحدى المطاعم ليقضي معها وقتًا طويلًا...

أتـت روز وفي يدها كوبين من عصير الليمون الطازج، وضعت الصينية أمامهما وقالت بابتسامة : 



- متقلقش يا حبيبي... السخونة خفت عن الأول... وهيا حالًا هتقوم تغير وتروح معاك، أنا سألت آدم وقالي خليهم يروحوا...


نظر كرم إلى أوركيد وقال بهدوء : 

- لو مش هتقدري تطلعي، وحاسه إنك تعبانه يبقى خليكِ.


قالت أوركيد بتذمر : 

- يا جماعة أنا بخير والله... وأنا في أمس الحاجة إني أطلع أصلًا... فمتقلقوش.


أنهت حديثها وذهبت إلى خزانتها بتذمر وهي تضرب الأرض بقدميها... أخرجت إحدى فساتينها وذهبت إلى غرفة والدتها لكي تبدل ثيابها... مما جعل كرم ينفجر ضاحكًا من فعلتها الطفولية... 


                                     **************

خرجت أوركيد من الغرفة وهي ترتدي فستان كشمير _من الستان_ ينزل بأتساع ويتوسطة حزام من نفس اللون .. أكمامه من التول اللامع بإسوارة قابلة للتوسع، وقامت بإرتداء بدي أبيض أسفله...


اقترب منها كرم جازًا أسنانه بغيظ قائلًا : 

- الفستان ده مش حلوه على فكرة .. والخمار مش مداري حاجة.


ألقت أوركيد نظرة سريعة على مظهرها في المرأة التي بجانب الباب وقالت بتعجب :



- على كده مش مداري حاجة؟ على فكرة زي ما بعمله ديما.


هز رأسه نافيًا وقال بهمس : 

- مهو أنا مش عارف .. أنتِ اللي بتحلوي يوم عن يوم ولا إيه؟ ما ينفعش تغيري؟


ضحكت بخفه وقالت بهدوء : 

- أنت إزاي بتتحول كده؟ من عصبي لغيور...

وبعدين أنا معاك ومراتك وواخدني عشان نقضي يوم مع بعض، لا حد هيبصلي ولا أنا هبص لحد... عيني مليانه بيـك...



بعد نصف ساعة تقريبًا....وصلا إلى المطعم الذي أتى بها يوم كتب كتابهما....والذي أصبح شيء مهم بالنسبة لكلاهما...




قالت أوركيد برقة بعدما أجلسها إلى المقعد وجلس هو مقابلًا لها :

- المطعم ده بقى ليه غلاوة خاصة فقلبي... دي تاني مره ندخله مع بعض وحاسه إننا ديما فيه... بحس فيه بالأمان والفرحة، عمري ما هنسى إن أول يوم لينا مع بعض كان هنا...


ما لبث أن يجيبها إلا ووقعت عينيه على آخر شخص يود أن يراه الآن...


توترت ملامحه بعض الشيء وتسارعت دقات قلبه خوفًا من اللاشيء... أو لأنه يعلم بداخلـه أن الذي فعله خطأ كبير، وسيحاسب عليه...

تمتم بنبرة متوترة :

- استنيني خمس دقايق... متخافيش.


ذهب سريعًا دون أن يترك لها مجال الرفض...

أمسك بيدها بقوة وكأنه لديه حق التلامس!

أخذها إلى ركن بعيد عن أعين الجميع وبالإخص عيني حبيبته... قائلًا بتساؤل وغضب :

- اي جابك هنا يا روجينا ؟


ابتسمت روجينا بمكر واقتربت منه واضعة يدها حول عنقة برقة قائلة : 

- نسيت ليلة امبارح واللي بينا ولا إيه... متنساش إنك كنت عندي إمبارح..

وبعدين المفروض شوفتي ليك تفرحك مش تسألني اي جابك هنا.


ابتعد عنها بحدة وقال : 

- مفيش بينا حاجه عشان أفتكرها... أنتِ عارفه كويس أوي إن اللي بيحصل غصب عني... ومبكونش في وعيي أصلًا... فبلاش كلام في اللي عدى، واللي بنساه بمجرد ما اليوم بينتهي.


أنهى حديثه وغـادر....

وضع لنفسه أعذار لأفعاله، وتناسى أنه ترك نفسه لأصدقائه، وهو من فعل ذلك بنفسه!! 

نظرت روجينا في أثره بنظرة متوعدة... تعلم أنها تعرفت عليه منذ أربعة أيام لا أكثر، ولكن بداخلها شيء تحرك تجاهه، وكأنها أحبتـه!


جلس مجددًا أمامها وعقله منشغلًا بغيرها... 

لا يعلم ما الذي يحدث بالفعل... كل شيء يحدث رغمًا عنه، وكأنه مغيب عما حوله ويوجد من يحركه ويجعله يفعل ما يفعله... فهذه ليست عاداته ولا تربيته، ولكنه ككل مرة وضع لنفسه مبررات لفعل ذلك، أو أن الذي يفعله ليس خطًأ!


أخرجته أوركيد من شروده حينما لامست يده برقة أذابـت قلبه وقالت : 

- كرم .. فيه إيه؟ أنت من أول ما جيت وأنت مش على بعضك... أحكيلي.


هز رأسه بهدوء قائلًا : 

- مفيش حبيبي... أنا بس تعبت فجأة.


قالت أوركيد بقلق : 

- طيب نمشي؟


هز رأسه نافيًا وقال بهمس وهو يربت على يدها بخفه :

- لا... أنا محتاج أفضل معاكِ... خليكِ جانبي يا أوركيد.


شعرت بالقلق يتسرب بداخلها وهي تستمع إلى نبرة صوته الحزينه تلك..

قالت بهدوء وابتسامة :

- أنا معاك أطمن.


نظر لها بحب واقترب منها وضمها إلى صدره وهو ينظر لنقطة ما بالفـراغ أمامه... قال بخفوت وهو مازال محاوطًا إياها 


- أوركيد... هو لو طرف غلط من الطرفين، وكانت غلطة كبيرة... ممكن الطرف التاني يسامحه؟ 


رفعت حاجبيها بتعجب وتساءلت : 

- بتسأل كده ليه؟


ابتعد عنها ونظر إلى عينيها بحزن قائلًا : 

- عادي... مجرد سؤال خطر في بالي وقولت أشاركك أفكاري... 

أنتِ قبل ما تكوني مراتي فأنتِ أقرب صديقة ليا من واحنا صغيرين، ولما كبرنا اتجوزنا... يعني اللي بينا مش من أيام، ده من سنين.


ابتسمت بمحبة وقالت بخجل : 

- فعلًا... أنت أكتر من جوز يا كرم.. طيب أنا عجبني السؤال والمشاركة، وهتواضع وهرد عليك يا سيدي.


أنهت حديثها بضحكة خافته جعلته يبتسم رغمًا عنه... تابعت بهدوء : 

- بيتهيألي اللي بيحب بيسامح، بس بردو على حسب الغلطة.


إنتبه لحديثها وقال سريعًا : 

- إزاي على حسب الغلطة؟


أوركيد بابتسامة : 

- يعني على حسب الغلطة دي قد إيه... أوقات بيبقى فيه غلطات ما ينفعش فيها اننا نغفر أو نسامح بسهولة... بيبقى الطرف ده متعمد أو قدامه فرصة يصلح غلطاته بس ما عملش كده..


وفيه غلطات بتبقى من السهل القلب يغفر ويسامح فيها، خلي بالك إن القلب هنا المتحكم فينا... وهو اللي بيسامح وهو اللي بيهجر...


لو القلب سامح فأعرف إن أي طرف من لاتنين هيسامح عادي...


توترت ملامحه بعض الشيء ولكنه إستجمع سباته سريعًا...

                  الفصل الرابع من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-