CMP: AIE: رواية خفايا القدر الفصل الرابع4بقلم روان عرفات
أخر الاخبار

رواية خفايا القدر الفصل الرابع4بقلم روان عرفات


 

#خفايا_القدر 

# الفصل الرابع

بقلم روان_عرفات


أخذت الأيام تمر تباعًا، وحالته تسوء مع مرورها... تاركًا نفسه لهم، يفعلون بها كما شاؤوا... وكأنه عاجز على تركهم والعيش بدونهم !


جالسًا في ذات النادي الذي تكررت زياراته له في الآونة الأخيرة... أصبح يأتي كلما شعر بالضيق ممن حوله، يهرب من العالم هنا، في هذا المكان الذي يضم من مثله، ظنًا منهم أن هذا هو الحل للهروب من الأحزان !! 

وأن السهر وفعل المحرمات، ستجعلهم يتناسون أوجاعهم؛ أي غباء هذا ؟!


اقترب منه صديقه فارس الذي قال بضحكة ساخرة: 

- هو أنت يابني مش قولت خلاص مش هاجي هنا تاني عشان ست الحسن والجمال مراتك؟


تنهد كرم بثقل ورفع كأس الخمر الذي بيده وإرتشف القليل منه وقال بضيق:

- مش عارف مالي يا فارس، كل ما أقول مش هاجي تاني ولازم أبطل اللي بعمله بلاقي حاجه بتشدني لهنا. 


ابتسم فارس بخبث، ووضع يده على كتفه قائلًا بمكر: 

- أنت خايف من إيه، مراتك وعمرها ما هتعرف اي حاجه، وأبوك وأمك ديما بتقول لي إن مفيش حد فيهم بيسألك كنت فين... خايف من إيه بقا؟


كرم بتنهيدة تكسوها الحزن: 

- ممكن هيا دي الحاجة اللي تعباني، أنا مخنوق يا فارس بطريقة متتخيلهاش، والمشكلة إني مش عارف سبب خنقتي دي إيه؟


نظر فارس إلى الأمام بنظرة ماكرة، وقال بخفوت: 

- طيب سيبك من الكلام ده وأنسى نفسك مدام أنت هنا... وبص شوف مين اللي دخل ده.


نظر كرم إلى الباب حيث دخلت روجينا بطلتها التي جعلت جميع من بالنادي ينظر لها بعيون تكاد تلتهمها، لكنها نظرت إليه هو دونًا عن البقية...

قال فارس بتحذير:

- أوعى تزعلها... هيا قالت لي اللي حصل بينكم، فبلاش الكلام ده معاها... البت مش بتقعد غير معاك... مع إنها بنظر واحدة منها هتلاقي الكل حواليها، وأولهم أنا... بطل هبل وكلامك ده، وخليك عادي معاها..


ذهب فارس وتوقف عند روجينا ومد يده لها بكيس صغير الحجم وتحدث بجانب أذنها بشيء قد اتفقا عليه مسبقًا، وتركها وذهب....

اقتربت من كرم بخطواتها الغنجية، ونظراتها الواثقة والمصوبة عليه... قالت بعدما جلست إلى جواره: 



- كلامك اللي من أسبوع هعمل نفسي مكنتش سمعاه وأنت مكنتش في وعيك... مع إني زعلانه إنك بطلت تقعد معايا وتيجي بس هسامحك، ومش هقبل بأنك تعمل كده تاني، المكان من غيرك ولا حاجه على فكرة، وباجي هنا عشانك أنت يا كرم.


هز رأسه بابتسامة جانبيه، وقد راقت كلماتها قلبه، وزادت من كبريائه كرجل عندما تمدحه احداهما...



اقتربت منه وأعطته الكيس بعدما أخذت منه القليل، قال كرم مستفهمًا:

- اي هو ده؟


قالت بعدما انتهت من شم هذا السم الذي من وجهة نظرها هو الدواء لجروحها:

- خده بس ولما تجرب هتنسى كل حاجه عايز تنساها..


أنهت حديثها واقتربت منه وأرتمت بداخل أحضانه... نظر لها مطولًا، فكيف لها أن تجعله ينسى من هو بوجودها !

بكلمة منها وبلمسة منها تجعله يحب التقرب واللجوء إلى هذا المكان... لأجلهـا !


                 💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛 


اليوم التالـي... بمنزل يوسف بالمساء...

حيث يجلس الجميع بالمنزل ككل جمعة... تجمع عائلي يجعل أحزانهم تتبـدد... والفرحة تظهر جليًا في أعينهم... لطالما كانوا كتلة واحدة، لا يوجد للفراق أو الأبتعاد مكان بينهم..


.

اقترب جاسر من يوسف واستأذنه كي يتحدث معه لبعض الوقت... ذهبا إلى الحديقة وجلسا إلى المقاعد التي بالحديقة... 

تنهد جاسر بثقل قائلًا بهدوء: 

- مش عارف أبدأ الكلام معاك ازاي... بس أنا عايز أقدم معاد جواز أمير من ورد.


تعجب يوسف وتمتم: 

- لي نستعجل يعني؟ بعدين مش أتفقنا إن بعد ما أمير يخلص كليته يتجوزوا...


تردد جاسر في البوح بما يحمله من مخاوف لا تحكى، لكنه قال بهدوء ونبرة دلت على الحزن الذي بداخله: 



- من أكتر من أسبوع سوسن كلمتني، ومن كلامها حسيت إنها ناويه تنزل هنا... واحتمال تعيش كمان... عايز أجوز ورد قبل ما تيجي.


قال يوسف بهدوء: 

- أنت زعلان وقلقان ليه؟ البنت مصيرها تعرف يا جاسر... لو مكنش إنهارده فهو بكرة، وجوازها مش هيمنع أمها إنها تيجي



 وتقول لها... أنا مبقولش كده عشان أي حاجه... لا أنا لو عليا أجوزهم من بكرة... وهو ده اللي هيحصل لو هيريحك... بس خوفك منها مش حابه خالص.


ردد جاسر بغيظ مكبوت منها ومن الذي فعلته معه: 

- أنت متعرفش سوسن ممكن تعمل إيه عشان توصل للي عايزاه... ومش عايز أتصور كسرة بنتي لما تعرف إن والدتها مارضيتش بيها جواها غير عشان شوية فلوس!



وماتستبعدش إنها ممكن جايه لنفس السبب.


وضع يوسف يده على كتفه قائلًا بابتسامة: 

- أنت قوي وهتقدر تعدي من اللي جاي زي ما عديت من اللي قبله... أنا معاك ومش هتقدر تعمل حاجه طول ما إحنا مع بعض... خليك مطمن، وعرف بنتك باللي حصل أحسن ما تعرف منها بطريقة أنت نفسك ماتعرفهاش..



ولو على الفرح أنت عارف أمير لو قولت له هيقول لك لو من بكرة مافيش مشكلة.


ضحك جاسر بخفه وقال بابتسامة واسعة: 

- مش عارف من غيرك كنت عملت إيه... مع إني الأكبر بس ديما بحسك أنت الكبير رغم تفاهتك.


يوسف بتهديد مازح:

- أنت ماتعرفش التافه ده ممكن يعمل فيك إيه حالًا..


أنهى حديثه تزامنًا مع ركوض جاسر للداخل خوفًا منه، ومن مزاحه الذي إلى الآن لم ينتهي، مما جعل يوسف ينفجر ضاحكًا عليه وذهب خلفه...



دخل جاسر إلى الصالة وتجولت عينيه باحثة عن ابنته بتلهف... نظر لها بتذمر وهي تجلس إلى جانب أمير، ذهب إليها بغيظ وجلس بالمنتصف قائلًا بغضب: 



- واخد بنتي مني على طول كده؟ طب حتى خليني أشبع منها قبل الفرح..


جحظت عيني ورد وأمير وردد أمير بعدم تصديق:

- فرح مين ده؟


قبل جاسر وجنتي ورد بحب وقال: 

- فرحكم يا حبيبي... بإذن الله قريب أوي.


خجلت ورد من نظرات أمير ودست رأسها خجلًا بحضن جاسر الذي حاوطها بحنو وانتشل أمير إلى أحضانه بابتسامة واسعة وطمأنينة يدعو أن تدم...


                                        *************


- يا فارس بقول لك مصدع بطريقة ملتتخيلهاش تقول لي بكرة نبقى نتقابل.


قالها كرم بعصبية وهو يتحدث مع فارس عبر الهاتف، بعدما داهمه صداع شديد في رأسه...

قال فارس بهدوء: 

- اهدا طيب .. ولو عايز تيجي دلوقتي تعالى .. احنا متجمعين في شقتي... بعدين دول شوية صداع وهيروحوا لحالهم .. ماتقلقش.


ما لبث أن يجيبه إلا وأجفله صوت أوركيد من خلفه: 

- أخيرًا لقيتك .. بدور عليك من بدري... قاعد هنا بتعمل إيه؟ 


أغلق كرم هاتفه سريعًا دون أن يضيف أي كلمة....دار بجسده تجاهها بملامح هادئة عكس ضربات قلبه العالية خوفًا من كونها قد استمعت إلى حديثه... قائلًا:



- ده فارس صاحبي بيقول لي تعالى في النادي... أنتِ جيتي من أمته؟


أوركيد بعفوية : 

- من أول ما بتقول مصدع... قول ليه بقا، مصدع أوي كده ليه؟ ومأخدتش حاجه ليه؟


أمسك كرم يدها وقبلهما بحنان متمتمًا: 

- شوية صداع وهيمشوا... ماتقلقيش، ويلا خلينا نروحلهم..


ذهبت معه ولكن عقلها مشغولًا بتغيره... تشعر بإبتعاده عنها، وعدم حديثه معها كالسابق، حتى عندما يجلس معها يبقى مشغولًا بشيء تجهله، وهذا ما يثير شكوكها...



لا تتذكر آخر مرة تحدثا فيها....من كثرة جلوسه مع أصدقائه وتركها تتخبط في أفكارها....

تنهدت بضيق وهي تنظر إليه بحزن ينهش في روحها...


               💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛 


يجلس الجميع بالحديقة في جو عائلي مليء بالحب من جميعهم... يشكلون دائرة كبيرة، وأمام كل واحد منهم صحن


 مليء بالفشار وبجانبه كوب من العصير... أتى أمير ممسكًا بيده صحن مليء بالمسليات ووضعة في المنتصف وجلس إلى جانب والدته لكون جاسر يحتضن ورد ولم يعطيه فرصة التقرب منها...


تحدث يوسف بابتسامة: 

- القعدة واللمة دي كنا نقعدها قبل ما حد فينا يتجوز... كنت أنا وروز وآدم وحياة، وفجأة انضم عمرو وأخته، وبعدها أحمد، بقينا عيلة واحده... وبعدها كل واحد فينا أتجوز، بس بردو زي



 ما احنا ومتخليناش عن لمتنا... حتى عيالنا كل واحد فيهم بيعامل التاني كأنه أخوه، ودي حاجه تخلي الواحد مطمن حتى بعد ما يموت...



أوقات الصدف اللي بتعرفك على صحاب تعتمد عليهم وبيتحولوا لأهل أحسن من القرايب بمراحل، ربنا يديمها نعمه والله.


ابتسم الجميع على حديثه وآمنوا على دعائه بحب... 

قال آدم بمرح: 

- طيب اي... مش هنلعب؟ ومحدش يقول لا زي المرة اللي فاتت... احنا بنتجمع عشان نمحي أي حزن جوه حد فينا... فخلينا نلعب عشان متأكد إننا هنفرح..


تحدث عمرو أخيرًا: 

- أنا موافق... بس بلاش حاجه فيها جنان .. خلي اليوم ده هادي..


قال أحمد باقتراح:

- خلاص خلينا زي ما إحنا كده ونلعب أسئلة عامه مثلًا... 

نعمل ورق بأسامينا كلنا ونخليهم في النص، واللي ياخد ورقة هيلاقي عليها اسم... هيكون هو ده اللي هيسأله، بس بالدور... ها إيه رأيكوا؟


وافق الجميع على فكرته وقام هو وفعل ما قاله وأتى لهما على الفور....

وضع الصحن في المنتصف وكان الجميع أتفق على كون ندى هي التي تبدأ بأخذ ورقة وتسأل صاحبها....


أخذت ندى ورقة بعشوائية وخرجت منها ضحكة صاخبه وقالت بنظرة ماكرة إلى خالها عمرو:

- جيت في ملعبي يا خالـوو.


ضحك عمرو وقال بتحذير : 

- متنسيش إني خالك .. ها.


نظرت إليها حياه وقالت بمكر: 

-خدي راحتك يا ندى، ومتخافيش.


رمقها عمرو بنظرة متوعدة مما جعل ندى تنفجر ضاحكة وقالت بتفكير: 

-هو سؤال أنا نفسي أعرف اجابته، وياريت الإجابة تكون صريحة...

عايزه أعرف اشمعنا مرات خالو اللي هيا مراتك... هيا الوحيدة اللي خطفت قلبك؟ وليه كنت رافض فكرة الجواز ولما شفتها غيرت رأيك؟



وكمان سؤال تاني، هل حصل بينكوا خناقة أو خلاف كبير في يوم من الأيام، ولو حصل اتصرفتوا إزاي؟ هل بيكون الحب كافي في حاجه زي كده؟ ولا...


نظرت حياه إليه بنظرة يعلمها جيدًا...قال عمرو بعدما حاوط يدها بكلتا يديه:

-بعيدًا عن انهم سؤالين بس هجاوبك...

اول حاجه مفيش حد بيختار نصيبه، كل واحد مبيبقاش عارف مين اللي هيكمل معاه باقي حياته، مفيش غير ربنا، فأنا وقلبي


 كنا مستنيين اللي تخطفنا وتخلينا نحبها، فهو مش حكاية رفض، هو بس أنا لحد دلوقتي ملقتش اللي ارتاح معاها، ولما لقيتها قررت اتجوزها...


بالنسبة لتاني سؤال، فـ مافيش علاقة خالية من مشاكل ومشقات وتعب، ولازم يبقى الطرفين شاريين بعض مهما حصل...



حصلت وكانت كفيلة بأنها تخلينا ننفصل واحنا لسه في بداية عمرنا...بس مش معنى إنها حصلت يبقى كل واحد يروح لحاله!

فيه معافرة وإني أسمعها الأول وماحكمش عليها من مجرد كلام سمعته أو من غلط عملته...



فدي كانت كفيلة إنها تعرفني إني لازم أبقى صبور ومتفهم أكتر منها وأحتويها، وكلمة الحق تتقال، مافيش يوم زعلتني من بعدها، تعاهدنا إن مفيش حاجه تفرقنا، والرياح تيجي وتروح وإحنا مع بعض، مهما كانت قوتهـا...




الحب في الجواز مش كافي... آه لازم يبقى فيه حب، بس الاحترام والتقدير والود مطلوبين أكتر من الحب، ومدام دول موجودين يبقى الحب مابينهم....عشان الحب ليه معاني كتير وأهمها التقدير والاحترام المتبادل بين الزوجين...



نظرت حياه إليه بدموع متحجرة وابتسامة واسعة زينت ثغرها بكلامته... وقلب سعيد بالقرب منـه. 



تنهدت بفرحة ونظرت لندى بابتسامة وقامت من مكانها وذهبت إليها وقبلتها في وجنتيها وإحتضنتها وجلست مجددًا بجانب زوجها، تعجب عمرو من فعلتها وتساءل:

-لي عملتي كده يعني؟


أمسكت حياه يده ونظرت إلى عينيه وقالت بنظرة عاشقـة:

- عشان بسؤالها فرحت قلبي، وخلتني سعيدة بكلامك ليا... ولو كان جوايا شوية زعل عشان الشغل واخدك مني فهما اتمحوا بمجرد كلامك... 



سؤال عفوي منها بس جوه قلبي مفعوله كبير، فكان لازم أشكرها على اللي عملته بدون وعي منها...


تأفف أحمد وقال بغيظ: 

- ما خلاص يا عم الحبيب، وخلينا نكمل لعبنا... وخلي بالك اننا بنعرف نقول كلام أحلى منك..


ضحك الجميع عليه وقامت ورد بأخذ ورقة من الصحن بنظرة خبيثه إلى أميرة الذي نظر لها بخوف مصطنع... قالت بجدية: 

- اعتـراف.


قال أمير بصدق ونظرة متسلية لتوترها:

-محبتش في يوم غيـرك، ودقات قلبي كانت ملكك من البدايـة...


عبس وجه جاسر بضيق وقال: 

-منكنش كلنا حواليك؟


لكزته غادة بكتفه وقالت بخفوت: 

-ما تسيبيه يا جاسر، دي حاجه تفرحك مش تزعلك على فكرة.


رمقه جاسر بنظرة متوعدة جعلت ورد وغادة ينفجرا ضاحكين على غيرته منه...


جاء دور يوسف الذي نظر إلى إبنه أميرة بنظرة منتصرة قائلًا: 

-ألا قول لي يا أمير... ولا خليني ساكت عشان مراتك.


هتف أمير بصدمة بعدما رأى وجه ورد الغاضب:

-يا بابا متهزرش... طيب ما أقول لك أنا على اللي حصل امبارح ونخلي ماما تعرف بالمرة.


نظرت وعد ليوسف بتقطيبة بعدما كانت تضحك عليهما... رمقها يوسف بنظرة حانيـة وقال: 

-ده بيهزر... هتصدقيه هو وتكدبي جوزك... وبعدين لو عنده حاجه يقولها.


وعد بغيظ: 

-الله مش أنت اللي بدأت.


نظر يوسف لورد وقال بابتسامة:

-أنا بهزر يا حبيبتي... أنتِ أكتر واحده عارفه أمير والثقة ما بينكم أنا نفسي بحبها ومعجب بيها بطريقة متتخيليهاش..




السؤال بقا، وده لو عايزينه ممكن يكون ليكوا أنتو ولاتنين..

هل حتة السنه اللي فرق بينكم مأثرة على علاقتكم، هيا آه لسه مبدأتش بس حابب أعرف.


أجاب أمير وهو ينظر إلى معشوقتـه:

-عمر السنه دي ما كانت حاجز بينا... بالعكس ديما بحس اننا متفقين في أي حاجه وكل حاجه...السن مش مهم أد ما يكون بينا حب وتفاهم، والحمدلله دول موجودين، فالسنه دي عمرها ما هتأثر علينا..



هيا آه أكبر مني لكن في العقل أنا الكبير طبعًا، وكلمة الحق تتقال..


أنهى حديثه بضحكة عالية جعلتها تتذمر بغيظ منه...


أمسك مروان ورقة ونظر لكرم بتسلية وقال:

-كرم روحـيي.


رمقه كرم بنظرة مغتاظة من لهجته تلك... تابع مروان بضحكة:

-لا يا عم أنا مش هسأل بعد البصة دي لا.


ضحك كرم بصخب وابتسامة انتصار إلى مروان الذي شاركة الضحك...


أخذت سجدة ورقة وقامت بفتحها تزامنًا مع ابتسامة واسعة احتلت ثغرها... نظرت إلى آدم وقالت بخبث:



-عمـو حبيب قلبي... كلنا طبعًا عارفين قصة حبك بمراتك، اللي استمرت سنين طويلة وأنت بتحبها... 

مزهقتش؟ أو مجاش عليك يوم وقولت أختار وأفتح قلبي لغيرها وأكيد هحب؟



تمسكت بيها ليه؟ وأنت عارف إن من الإحتمال إنها متكنش ليك..


ضحك آدم بصخب ونظر إلى أصدقائه قائلًا بتحذير: 

-خلوا بالكم إن العيال دي بتختبرنا، فكل واحد لازم يكون متأكد من كل حرف بيطلع منه..



هو أنتو حد مسلطكم طيب؟


ضحك الجميع وهتفت روز بابتسامة: 

-وليه متقولش إنهم عايزين يتعلموا من حياتنا ومن اللي عملناه؟

عايزين يسمعوا تجربتنا وإزاي تماسكنا ومضعفناش عشان لو حصلتلهم حاجه زي كده يعرفوا يتصرفوا... الحاجه دي من اللازم إنها تحصل ولازم الإنسان يتعرض لكده .. فأنا شايفه إن اللي احنا بنعمله من أجمل الحاجات اللي ممكن العيلة تعملها،




 حبنا لبعض وإننا كلنا كده على بعض بنخاف على بعض وكأننا واحد، وإحنا كده فعلًا... بس فكرة إننا نحكي اللي حصلنا لولادنا ومن غير كسوف فدي حاجه بجد عجباني... 




احنا مش مجرد عيلة، احنا حاجه أكبر من كده، احنا زي السكر لما بنحطه في حاجه سايلة، بقينا من بعض وبنكمل بعض.

ربنا يديم جمعتنا ويديمنا كلنا سند وعون لبعض.


ضمها آدم إلى قلبه بضمة قويـة منه، وابتسم يوسف والجميع لحديثها، والأهم من ذلك احتواء آدم لها الذي فـاق توقعات الجميع، مازال يحبها كأول مرة!



قبل جبينها بحب ثم نظر إلى سجدة قائلًا بعشق:

- مش هقول لك غير إن الشاري بيفضل طول عمره شاري، مش هيهمه وقت ولا كرامه ولا كل الكلام ده، هتبقى هيا فوق الكل، وست البنات في قلبه... أنتِ بتقولي لي تمسكت بيها ليه..




. هقول لك إني مكنتش بسيب فرض إلا وأدعي ربنا تكون ليا، لو خير، ولو شر ربنا يسعدها مع غيري. الدعاء بيغير القدر، ومش عيب أدعي دعاء زي ده، المهم إني صابر بقضاء ربنا عشان ده نصيبي، نصيبي معاها هيا..



أوقات أصلًا بنكون عارفين إن الشخص ده بيحبنا بس بيكون نفسنا في إثبات، ومشاعر تبين أد إيه الشخص ده بيحبنا.. مع اننا من جوانا متأكدين، ولكن الحب كده... عايز الإثبات ديما، والإهتمام والود.


همست روز بابتسامة خجولة وماكرة:

وهو أنا حبيتـك من قليل يعني ؟


              💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛 


خرجت من الساكشن بصحبة أوركيد التي طلبت منها الدخول إلى الكفاتيريا كي يجلسان مع بعضهما لبعض الوقت.

قالت ندى بحب بعدما جلست في مقعدها:

- مالك يا عمري، ليه حاسه إن جواكِ كلام بس مش راضيه تطلعيه.


أدمعت عيني أوركيد وقالت بحزن غزى قلبها :

- مفيش، بس حاسه بتغير كرم معايا.. ده حتى لما بيبقى معايا بحس إنه مش معايا، عقله مشغول بحاجات كتير أنا مش بينهم يا ندى.


أجهشت بالبكاء تزامنًا مع إنتهاؤها لحديثها، أمسكت ندى يدها وقالت بابتسامة حانيـة:

- طيب والكلام ده مش المفروض يتقال ليه هو؟ حبيبتي لازم تصارحيه عشان مايبقاش قلبك شايل منه، التراكمات مش



 بتحصل غير من كده... إنك تخبي عليه وتقولي مفيش حاجه، لكن قلبك بيبقى حاسس بده، ومن الطبيعي هيشيل جواه لأنك ماطلعتيش وفضلتي الكتمان!


أنهت حديثها تزامنًا مع دخول آخر شخص تود أن تراه، اقترب منهما محمد بابتسامة خبيثه وقام برمي ظرف صغير على الطاولة قائلًا:

- نسيت أقول لك إني محضرلك مفاجأة بمناسبة عيد ميلادك.


جففت أوركيد دموعها ورمقته بنظرة غاضبة، بينما أخذت ندى الظرف بشيء من الخوف تسلل إلى قلبها.


جحظت عيناها وهي ترى هذه الصور التي ترسمها بطريقة بشعة، وما جعلها تغضب أكثر عندما تعرفت على هوية من معها...



تابع حديثه بابتسامة صفراء وخبث يملأ عيناه:

- عامله نفسك المنقبة اللي مش بتغلط واللي مبتحبش حد يلمس طرف من هدومها... بس سبحان الله اتكشفتي على


 حقيقتك وبان اللي كنتِ بتخبيه، مش عايز أبوظ مفاجأتي التانية وأقول لك إن الصور دي هتوصل للكل بس طبعًا بطريقة غير دي تمامًا.


غمز بعينه بمكر مما جعل أوركيد تصرخ بوجهه بغضب هادر:

- وأنت مصدق إن حد هيصدق الصور دي، ولا هيا هتضعف بالهبل اللي أنت بتعمله ده؟! فوق لنفسك كده وأعرف أنت مين وجاي من فين!!


أمسكت ندى يدها وقالت بعدما رمته بنظرة ساخرة:

- مايستاهلش تطلعي كلام زي ده عشان واحد زيه.. واثقة في نفسي وإني ماعملتش أي حاجه من اللي هيقولها.. فملهوش داعي الخوف.


نظر إليها محمد وقال بضحكة ساخرة:

- إيه هتكدبي وتقولي إنك مكنتيش معاه، ولا هتكدبي نفسك وأنتِ في حضنه وقدام الناس كلها... من غير كسوف ولا خوف، وبعدين مش أنا لوحدي اللي شفتك كده، لا ده كتير.


أنهى حديثه وغـادر تاركًا خلفه قلبـًا تهشم من كثرة ما يحدث معه، جلست إلى مقعدها مجددًا بدموع انسالت على وجنتيها، بكت وهي لا تعلم سببًا لبكائهـا... هل هو خوفًا أم ماذا؟! 


احتضنتها أوركيد وقالت بغضب:

- ماتضعفيش، وماتخليش حد زي ده يكون سبب في نزول دموعك.. أنتِ أقوى من كده يا ندى.


دفنت ندى رأسها بداخل احضانها قائلة من بين بكائها:

- بس اللي بيقوله صح.. أنا فعلًا اتعرضت للموقف ده، بس والله يا أوركيد مش أنا اللي في الصور دي أبدًا.


ما لبثت أن تجيبها إلا وتناهى إلى مسامعهما صوته الحاني والقلق عليها:

- أنتِ بخير؟


رفعت ندى رأسها وتلاقت أعينهما... خرجت دقة عنيفة من قلبها عندما أحست بقربه، ومن نبرته القلقة شعرت بقلقه عليها... فاقت من شرودها حينما تابع مالك بتوتر:



- أنا وصلت لي نفس الصور، ومن بدري بدور عليكِ، والحمدلله لقيتك.


نظرت إليه أوركيد وقد تعرفت عليه من نظرتها السريعة على الصور.. قالت بعصبية:

- أنت ازاي أصلًا جيت هنا؟ أكيد أنت تعرفه؟


قالت ندى من بين بكائها:

- يا أوركيد كل اللي حصل كان صدفة... أنا كنت بجري عشان اتأخرت وهو كان زيي، والزفت ده استغل الموقف.


كور مالك قبضة يده غضبـًا قائلًا بغضب:

- قوموا معايا، هنروح لعميد الكلية وأنا هعرف أتصرف معاه ازاي... تقريبًا عرفت هو مين.


جاءت أوركيد لتتحدث بعصبية ولكن سبقتها ندى حينما قالت بتساؤل:

- إحنا لحد دلوقتي مش عارفين أنت مين؟ عايزنا نروح معاك بصفتك إيه؟ وهتتكلم على أساس أنت مين هنا؟


زفر مالك بحنق وقال بهدوء عكس غضبه منها ومن الذي حدث:

- بيتهيألي كده أنا اللي معاكِ في الصورة، وأنا اللي بيتهمني إني على علاقة بيكِ، أنتِ متعرفيش هو قال لي إيه، وبيتهيألي بردو إن ده سبب كافي انكوا تيجوا معايا... عشان الإهانة اللي اتعرضنالها مش هعديها بالساهل...



بالنسبة أنا مين هنا... فأحب أعرفك بنفسي، معاكِ المعيد مالك النجار .


أخفضت رأسها خجلًا من حديثها، وعنفت نفسها على غبائها وتسرعها في الرد، نظرت إليه وجاءت لتعتذر لكنه ذهب سريعًا من أمامهما وقد تفوه بكلمة واحده فقط، وهي اللحاق بـه...



ذهبت خلفه وبجانبها أوركيد التي تقوم بتهدئتها، وتوقفا عن السير عندما دخل إلى وخرج في ذات الوقت، نظر إليها بنظرة جعلتها تخفض رأسها حزنًا، قائلًا:

- استنوا شوية.


آلمتها نبرته ونظرته... قالت ببكاء:

- أنا عايزه وليد.


جففت أوركيد دموعها وقالت بابتسامة حانية:

- حبيبتي اهدي، مفيش داعي نقلقه... أنتِ عارفه لو عرف أو كلمتيه بالشكل ده ممكن يحصله إيه؟ بلاش أحسن.


هزت رأسها برفض وقالت وهي تبكي:

- مش هطمن غير لما يجي.


رمقها مالك بنظرة غاضبة وهو لا يعلم سببًا لها، وتساءل في نفسه عن هوية هذا الـ وليد!


قامت ندى بأخذ هاتفها والاتصال بوليد الذي أتى لها على الفور، والقلق يكاد يفتك به عندما استمع إلى صوتها الباكي وهي تروي له مع حدث معها...



اقترب منها بعدما أخبرته عن مكان وقوفهما، إرتمت بداخل أحضانـه وأكملت سيل بكائها الذي جعل قلب مروان يعتصر ألمـًا عليها... ضمها إليه قائلًا بنبرة مطمئنة:



- أنا هنا يا حبيبتي، مفيش حد هيقدر يقرب منك طول ما أنا معاكِ.


نظر إلى مالك بتساؤل عن هويته، وقام مالك بدوره بالتعريف عن نفسه وكذلك وليد..

بعد وقت لا بأس به من الحديث المتداول بينهما تحدث وليد بغيظ:

- طيب أنا نفسي أفهم احنا واقفين هنا ليه؟ أنا هتصل ببابا.


هز مالك رأسه نافيًا وقال بهدوء:

- لا بلاش ندخل باباك في الموضوع، بكده الموضوع هيكبر وهو مش محتاج.


شدد وليد على احتضانها بقوة قائلًا بغضب:

- مش عايز أشتم.. بس الواد ده مش هيسكت غير لما الكبار يعرفوا بالموضوع، مش عارف بابا كان راضي بيه كخطيب ليكِ ازاي؟

يلا هنروح لبابا وهو هيتصرف..


أنهى حديثه وهو ينظر إليها مما جعل بكائها يزداد، بينما اتضحت كل الأمور لمالك الذي زاد غضبه من هذا اللعين.. الذي علم بالصدفة أنه أحد طلابه بعدما رأه منذ قليل يدلف إلى قاعة المحاضرات...



               💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛 


بعد ساعتين تقريبًا....في المشفى الخاص بأحمد..

يجلس الجميع بالغرفة بعدما قام أحمد بإلغاء جميع الكشوفات كي يتمكن من جلب حل لمشكلة إبنته مع والد خطيبها السابق والذي هو في الحقيقة صديق له...


قام أحمد بالإتصال على والد محمد الذي تلقى الخبر بلامبالاه مما جعل أحمد يصرخ غضبـًا:

- إحنا دخلنا وطلعنا بالمعروف، ليه الحاجات اللي بتحصل دي... ليه ابنك بيعمل اللي بيعمله ده والموضوع كله بالصدفة،



 ولما أجي أقول لك اللي حصل تاخد الكلام ببرود... ماتخليش ابنك يبوظ علاقتنا عشان شوية هبل في دماغه، ولو أنت ماقدرتش تسكته أنا هعرف أعمل كده ازاي، عند بنتي ومبعرفش حد وأنت عارف كده كويس...


أنهى حديثه وأغلق الهاتف بعصبية، ألقى الهاتف أرضًا بغضب وأخذ يتنفس بصوت عالٍ مما جعل ندى تقترب منه وترتمي بداخل أحضانه ببكاء... قالت بضعف: 



- أنت مصدقني، أنا والله العظيم مـ...


قاطع حديثها وهو يقبل جبينها بحنو قائلًا بنبرة مطمئنة: 

- أنتِ هبلة يابت... أنا واثق في تربية بنتي وواثق فيها وفي أخلاقها، فمفيش حد يقدر يشككني في أخلاقك، لأني واثق


 تمام الثقة إني أنا ووالدتك ربيناكِ أحسن تربية، خلي عندك ثقة في كده ومتخليش حد يهزك ولـو بكلمة... فاهمـة.


هزت رأسها بخفه وابتسامة واسعة احتلت ثغرها لحديثه وثقته فيها... تنهدت براحة من إحتواء والدها لها، قالت بحب:



- أنا مش عارفه لو مكنتش موجود أنا كان حصلي إيه، أنت حمايتي وقوتـي في الدنيا، ربنا يباركلي فيك..


تذمر وليد على حديثها وقال بغيظ : 

- وأنا يعني رحت فين ها؟ ماتكونيش أول ما حصل كده قولتي هاتولي وليد، أنا عايزه وليد..


أخذ يقلد نبرة صوتها مما جعلها تقترب منه وتضربه بكلتا يديها بغيظ، أمسكها وليد وأكمل مزاحه معها كي يزيل عنها الحزن..


.

صمتت تمامًا عندما استمعت إلى صوت ضحكته بجانب أخيها على شجارهما... توترت بعض الشيء وهي تستمع والدها يرحب به، وقد علمت أنهما على معرفة ببعض...

جلست بجانب أوركيد التي أخذتها بين ذراعيهـا بحنان، وكأنها الأم الحنون....

             الفصل الخامس من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-