أخر الاخبار

رواية خفايا القدر الفصل العشرون20بقلم روان عرفات


 

#خفايا_القدر

الفصل _العشرون

#بقلم روان_عرفات..


يُمكن للحزن أن يعفو عن صاحبه لو بجانبه شخصًا بمثابة العكاز الذي يسند عند الميل، ويهون عند اللقاء، ومسكَّن لأنين القلب وجروح الروح .. يُمكنه تحمل أعوامًا من الحزن طالما بالقلب قلبًا آخر يُشبهُ. 


تعدت الساعة الخامسة فجرًا، جلست هي وصديقتها بمنتصف الغرفة بعدما انتهيا من صلاة الفجر وقراءا ورد القرآن الذي انتظما عليه منذ أشهر قليلة فقط .. تنهدت أوركيد بتعب من مذاكرتها هي وندى منذ ساعات دون استراحة وكلما تذكرت أن



 اليوم سيكون الاختبار تشعر بألم شديد في معدتها.. كانت تجلس بملل منتظرة قدوم ندى من عند جدتها، أمسكت هاتفها تزامُنًت مع دخول ندى الغرفة وقولها بعدما شعرت بألم شديد بمعدتها: 

- حد يقول لقولوني العصبي أنه ما لهوش دعوة بتوتر الامتحان ده خالص. 


ضحكت أوركيد بقوة عليها مع تنهيدة خرجت منهما مفعمة بالحزن جعلت ندى تُناظرها بقلق لكنها فضلت الصمت .. أخذت تسرد اوركيد كل ما حدث تحت صدمة ندى بما تقوله رغم معرفتها لكنها شعرت بوغزات قلبها إثر دموع صديقتها التي



 تنسال دون توقف طوال فترة سردها للأحداث .. قالت لها عن صدمتها في خالها كونه على حديثٍ مع روجينا كما وعد أيضًا التي تُحادثها وأصبحت صديقة لها، قالت لها كم شعرت من




 حُزنٍ بعدما رأتها بالمنزل عند يوسف وكيف تحاملت على نفسها وجلست بينهن لكيلا تشغل بال والديها.. كانت تتحدث تارة وتصمت تارة أُخرى وبين هذه وهذه تخرج شهقة عالية تجاهد في كتمها بيدها لكنها تفشل في كل مرة! 


اقتربت منها ندى وانتشلتها إلى أحضانها وضمتها إليها لكي تكف عن البكاء ولكن شعور الراحة احتل قلبها بعد البوح، أكملت سيل سردها لذكرياتها الأليمة التي كانت حبيسة بقلبها لا




 تخرجها إلا على وريقات تحرقها بعد الانتهاء.. جاهدت ندى بمنعها من الحديث، كانت تحتضنها وتبكِ معها.. كانت دموعها تحرق قلبها حزنًا، أخذت تربت على رأسها بحنان وتهمس بجانب أذنها بكلمات تجعلها تهدأ قليلًا... 



لا يوجد مَسْكَن للحزن طالما هناك من ينفض الاتربة التي على جدران القلب قبل اخفاء معالمهُ! 


أنهت حديثها ونظرت لندى بهدوء، تنهدت وجففت دموعها بأناملها.. تمتمت بحديثٍ لم يرضى القلب به والعقل كان يؤيده وبشدة:

- البُعد اكيد مش مريح، بس انا شايفه نفسي في البُعد أفضل! 


زفرت ندى بضيق وقالت:

- ما حاولتيش تعاتبيه؟ أو تصارحيه مثلًا؟ اتكلمي معاه يا أوركيد وواجهيه .. ما تفضليش كاتمة جواكِ ومستنياه هو



 يحس بتغيرك وبُعدك المفاجئ ده! مهما كان غلطه كبير وأنتِ زعلتي وهو مش عارف هيفضل مش حاسس بيكِ.. لأنه لسه مفكر إنك ما تعرفيش حاجة! 


قالت أوركيد بنبرة ساخرة ودموعها تنسال على وجنتيها:

- مفيش أصعب من خذلانك بعد ثقة كبيرة حطتها في شخص معين! بتحس كأنك اتكسرت بمعنى الكلمة.. أنا مش هقدر ولا هعرف أعمل اللي أنتِ بتقوليه ده. 


صمتت لوقت لا بأس به ثُمَّ أردفت بعدما سحبت شهيقًا عميقًا زفرته ببطء:

أساس كل علاقة الثقة وأنا الثقة انعدمت تجاه كرم من بعد اللي شفته .. ما ينفعش القلب يرجع يحن زي الأول وحتى لو رجع بتلاقي نفسك تلاشيتي عن الاحساس ده لأنك تعبتي!



 الحُب بيتبني بالمواقف والثقة بتتبني بصدق اللي قدامك، كل ما كانت الثقة قوية كانت قُربك للشخص أكتر وبقدر الحُب بيكون القرار صعب.


كانت تستمع لحديثها بصمت، لا تعلم ما الذي عليها فعله، قالت بهدوء بعدما أمسكت بيدها وربتت على يدها بحنان:



- أنتِ مش عايزة تعاتبيه وتشوفوا هتعملوا إيه ليه؟ مش عايزة تريحي قلبك ليه وترحميه؟ 


ابتسمت أوركيد بخفه وأردفت بحزن:

- أعاتب لما أكون واثقة من جوايا إنه هيستقبل عتابي بصدر رحب ولكني مش واثقة .. الثقة من السهل هدمها، ومن الصعب رجوعها زي ما كانت الأول! 


أنهت حديثها مع نهوضها وقولها بحماس وكأنها لم تكن تبكِ منذ لحضات وتئن ألمًا:

- يلا بسرعة عشان نجهز قبل ما ميار تيجي .. صح هو أنتِ هتعملي باقي الاسئلة امتى؟ 


تقبلت ندى حماسها وتغيرها للموضوع وردت عليها بابتسامة:

- مش عارفة حقيقي، بس نخلص من الامتحانات وهبدأ وعايزة في يوم أنتِ تدوري على موضوع وتحضري نفسك وتتكلمي فيه.. حقيقي الحاجات دي بتزود ثقتنا في نفسنا. 


نظرت لها أوركيد بصدمة.. ما لبثت أن تعترض إلا وتابعت ندى حديثها بعصبية مصطنعة:

- مش عايزة أي اعتراض .. هتدوري يعني هتدوري وأنا واثقة فيكِ. 


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


شعرت بيد حنونة تمسد على شعرها بحنان بالغ، ابتسمت باتساع قبل فتحها لعينيها كونها شمت رائحته التي تبعث الطمأنينة لقلبها، فتحت عينيها ببطء تزامُنًا مع قبلة حانية بجبهتها من زوجها أمير الذي قال بعشق وهو يُناظرها باشتياق رغم أنها بجانبه:

- صباح الخير يا وردة عمري. 


احتوى وجهها بِكلتا يديه وقال بتذمر طفولي:

- مش هتقومي بقا؟ 


نفت ورد رأسها بقوة مع ابتسامة واسعة على تذمره، ناظرها أمير بغيظ ثُمَّ ارتسمت ابتسامة شيطانية على وجهه وبسرعة البرق حملها بين يديه وركض بها بالغرفة تحت ضحكاتها التي كانت تصدع في أركان المنزل .. توقف عن الركض وناظرها



 بضحك لضحكتها التي سلبت عقلة بجمالها.. وضعها تحت صنبور المياة برفق بعدما طبع قبلة حانية على وجنتيها وودعها كونه سيذهب للبحث عن عمل بعد تخرجه من كلية التجارة العام الماضي 


بمجرد خروجه من دورة المياة انفجرت بالبكاء وكأنها كانت تنتظر جلوسها بمفردها لكي تفرغ كل ما بها من حديثٍ هي بنفسها لا تفهمه.. فمن هذا الذي سيفهم حديثٍ بالقلب أنت بنفسك لا تعلم كيفية التحرر منه أو حتى بقائه بالقلب.. الذي تعلمه أنك تئن وجعًا بسببه! 


انتهت بعد وقت لا بأس به، خرجت وارتدت كنزة بيتية باللون الفيروزي .. تنهدت بقوة وتحركت من أمام المرآة بعدما جففت شعرها وأمسكت الهاتف وقامت بالاتصال على سجدة التي خرجت توًا من جامعتها، كانت تسير بالشوارع كونها لا تُحب



 صعود الاتوبيس.. رقص قلبها فرحًا حينما رأت اتصالًا هاتفيًا من ورد، ضغطت على زر الاجابة وقالت بفرحة ظهرت بصوتها:

- والله أنتِ روح قلبي أوي خالص يعني .. بتجيلي في أوقات صح أوي، بحبك يا وردة حياتي والله. 


تلاشت ابتسامتها فور سماعها لشهقات ورد العالية .. توقفت عن السير وتساءلت بقلق: 

- ورد! مالك؟ أنتِ كويسة؟ 


جاهدت في اخراج صوتها لكنها فشلت وأخذت تبكِ بألم يعصف قلبها، أخذت سجدة تتحدث معها بدموع، خرج صوتها أخيرًا باكي بالكاد فهمت سجدة ما قالته:

- مش كويسة ومحتجاكِ يا سجدة.. لو فاضية تعـ... 


قاطعتها بسرعة:

- ولو مش فاضية هفضالك .. ثواني بس وهكون عندك. 


أغلقت الهاتف بقلق احتل جميع أوصالها .. توجهت سريعًا لمنزل يوسف بعدما اشارت لسيارة أجرة لكي تنقلها للمنزل في أسرع وقت. 


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


جالسًا بمكتبه وأمامه الكثير من الورق والملفات المختلفة التي تخص كريم ومصائبه، ترك ما بيده وتجولت عينيه على المكتب



 الذي أصبح عبارة عن ملفات، أمسك رأسه بيده بإنهاك من عدم نومه أكثر من ثلاثة ليالي.. ولكن والدته تستحق وهذا اللعين



 يستحق العقاب مئة مرة على كمية الجرائم الذي افتعلها .. زفر بقوة ونهض من مقعده بهدوء عكس النيران التي تحرق قلبه كلما تعمق في البحث عما يخص كريم.. سبحان من يجعله



 يصبر على قراءة كل هذه المصائب بهذا الهدوء الذي يكون به دون الذهاب إليه وقتله .. خرج من المكتب وبيده العديد من الملفات، متوجهًا لمكتب اللواء عازمًا على تنفيذ مخططه في أقرب وقت.


دلف المكتب ببطء بعدما أذن له اللواء بالدخول، اقترب منه بهدوء وجلس بذات الهدوء بعدما أدى تحية تليق بهذا الجالس


 على الكرسي بخصلات شعره التي ظهر الشيب بها، وتجاعيد وجهه الخفيفه مع نظارته الطبية التي تخلى عنها فور دخول



 مازن الغرفة .. وضع مازن الملفات أمامه مما جعله يُناظره بتساءل عما تحتوي هذه الملفات، تنهد مازن وشرع بالحديث وشرح كُلَّ ما يحتاجه بخصوص هذه القضية:



- كريم الصريفي .. اتنين وستين سنة، من أكبر رجال الأعمال في الشرق الأوسط .. ومن أكبر صاحب شركات التأمين الطبي



 ودي اللي بيستغلها في تهريب المخدرات.. لو تلاحظ حضرتك في قضيتين منسوبين ليه لكن للأسف طلع منهم ولا كأنه عمل



 حاجة ده غير تهريب السلاح اللي اكتشفت بالصدفة إن فيه حد عامل بلاغ من تقريبًا تلت سنين على تهريب أسلحة لكن الغريب في الموضوع إن الشخص ده سحب البلاغ في أقل



 من أربع ساعات .. الشك كان هيموتني وأنا ببحث عنه، ازاي بعد ده كله يطلع من أي قضية بدون حتى ما حد يمس شعره منه، بيعمل المصيبة وهو واثق تمام الثقة إنه هيخرج منها.!   


صمت لبعض الوقت ثُمَّ تابع حديثه بعدما ناظره اللواء صالح لكي يُتابع حديثه:

- كمان بيتاجر في غسيل الأموال بس الموضوع ده ما خدش منه سنتين وبطل يتجار فيه، لأنه يعتبر فشل في إنه كُل مرة كان بيتكشف في مرحلة الإيداع واللي هي أول مرحلة وأصعب



 مرحلة .. وللأسف كان بيطلع منها بدون تعب! وأحيانًا كان بيتكشف في تاني مرحلة لكنه محترف في إنه يطلع من كل مصيبة وده اللي أكد لي إنه ماشي بالرشوه ومش بيخاف من



 شيء طول ما هو معاه عملة بيبيع ويشتري الناس بيها .. والله وأعلم عن المصايب اللي بيعملها وبينسبها لناس تانية! ده بس اللي ظهر لي وأنا متأكد إن فيه أضعاف الحاجات دي. 


تحمحم اللواء وناظره بهدوء مع قوله بذات الهدوء بعدما وضع نظارته الطبية جانبًا:

- بس القضية دي صعبة والشخص ده ما فيش أصعب منه .. أنت لو تعرف كام شخص قبلك حاول يفتح كل القضاية اللي



 كانت منسوبة ليه واتراجع بمجرد ما كريم شم خبر بس إن فيه حد بيدور وراه.. أنت لسه صغير والعمر قدامك خلي القضية دي لما تبقى واثق بكل شيء أنت بتقوله.


قال سراج سريعًا: 

- ومين قال لك إني هسكت عن جمع معلومات تخصه؟ أنا بس بعرض عليك قضية هبدأ فيها باذن الله وهكسبها وهرحم ناس كتير أوي من شره وجبروته وبعدين الصعب للي غاويه بيبقى ما فيش أسهل منه! ما تقلقش باذن الله ساهلة. 


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


استقبلتها وعد بالترحاب الشديد وأخبرتها كون ورد بشقتها بالطابق العلوي ولم ترها بالصباح.. ابتسمت لها سجدة بخفه وركضت سريعًا للأعلى بعدما استأذنتها بالصعود، ما لبثت أن



 تطرق الباب إلا واتضح لها كونه مفتوح، طرقته عدة مرات مع مناداتها لورد بصوت عالي .. دخلت بهدوء وما زالت تُنادي



 عليها، أتاها صوتها من داخل الغرفة تُطالبها بالدخول، طرقت سجدة باب الغرفة عدة مرات ودلفت ببطء وسرعان ما تبدل



 هذا البطء إلى ركضها لورد التي كانت تجلس على فراشها، انتشلتها لأحضانها بقوة.. ضحكت ورد بقوة مع قولها بصوت عالي:

- براحـااااة .. هموت يا بنتي.  


ابتعدت عنها وقالت بغيظ:

- بتقلقيني عليكِ ليه وأنتِ اهو بخير! 


تلاشت ابتسامتها ونظرت إليها بابتسامة حزينة.. قالت بهدوء:

- أنتِ الوحيدة اللي بحس معاها براحة وأول ما بشوفها بضحك، أنا من يوم اللي حصل وأنا عايشة في عياط مش بقدر أوقفه حتى قدام أمير اللي حساه خلاص تعب مني. 


صمتت ونظرت للأمام بشرود .. تربعت وهي تفرك يديها معًا بحيرة من أمرها ومشاعرها المتخبطة، قالت بدموع: 



- يا سجدة انا حتى مش زعلانة إنها ماتت! أو مش حاسه بأني فقدت شيء لما سمعت بخبر وفاتها أو لما سمعت إن ليا أم غير



 اللي ربتني! طيب ممكن عشان ما عشناش مع بعض؟ ولا عشان معرفتي بوجودها مع وفاتها؟ ولا عشان إيه؟ بس أنا نفسي



 أشوفها والله نفسي أشوفها أوي .. نفسي اترمي في حضنها أو مش عارفة! بس محتاجة لكده رغم إني ما عرفش حاجة عنها. 


كانت تنظر إليها بدموع تتساقط على وجنتيها وجعًا، اقتربت منها واحتوتها بين ذراعيها وهي تربت على ظهرها بحنان لكي تهدأ.. قالت ورد من بين شهقاتها:

- أنا مش عارفة أنا محتاجة لأيه! 


ما كان عليها إلا أنها شددت من احتضانها وكلما شعرت بارتعاش جسدها من البكاء والحديث عما تحمله النفس من



 متاعب تنهمر دموعها بغزارة بقلة حيلة من إخراجها مما هي فيه.. أخذت سجدة تربت على ظهرها وتهمس بكلمات مطمئنة إلى أن نامت بين ذراعيها من كثرة بكائها. 


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


وضعت آخر صحن بالطاولة ونظرت للشكل النهائي برضا تام وابتسامة واسعة وهي تتخيل ردة فعل زوجها بهذا التغير، ما لبثت أن تخرج هاتفها والاتصال عليه إلا وأجفلها هو عندما



 حاوطها من الخلف بِكلتا يديه، مستنشقًا رائحتها التي هي بمثابة المهدئ لأضطرابات النفس.. همس بجانب أذنها: 



- طيب وهو أنا من غيرك هلاقي مين يسندني؟ أنت سند فعلا اللي بستند عليه بكل أريحية. 


قالها بنبرة ذات مغزى مما جعلها تبتعد عنه.. بالكاد تجاهد في اخفاء ابتسامتها، قالت وهي تبتعد:

- ما تسندش أوي لأني مش قدك. 


تعلم كونه لا يقصد شيء بحديثه لكنها أرادت ان تسمع ضحكته، ابتسمت باتساع فور سماعها لضحكته العالية واقترابه منها مُجَدَّدًا كما عينيه التي تجولت على الطاولة المستديرة



 التي بها بعض المأكولات الخفيفة والمشروب المُحبب إليه، وصورتهما بيوم زفافهما التي وضعتها بمنتصف الطاولة .. قال بهمس عاشق لها ولكل ما تفعله، قَبَّل يديها بلطفٍ وجذبها لأحضانه مع قوله:



- قولي لي بس ازاي القلب ما يحبكيش وأنتِ اللي داويتي كل جروحه؟ والله واللي خلق الخلق القلب ما اتخلق غير عشان يعشق كُلّ تفاصيلك.. يا حلوة بكل حالاتك، ياللي واخده القلب لحسابك.


صمت لبعض الوقت ثُمَّ قال بصدمة مصطنعة مع نبرته العالية: 

- خلتيني شـاااعر.  


ضحكت غادة بقوة وشاركها هو الضحك بتنهيدة قوية خرجت منه بوجودها الذي يجعل من اليأس الذي يحتل قلبه فرحة تتملكه بمجرد رؤيتها. 


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


حمدت ربها مرارًا وتكرارًا على انتهائها لحل الامتحان دون تعسر في اجابة سؤال، لملمت أشياءها ووضعتهم بالحقيبة التي كانت تضعها جانبًا .. اثناء فعلها لهذا سمعت رنين هاتفها يُعلن عن وصول رسالة من شخصٍ ما .. أخرجت الهاتف من الحقيبة



 وردت على رسالة أوركيد التي تُخبرها كونها في انتظارها بالكافية الخاص بالجامعة.. أغلقت الهاتف وعادت لوضعها تحت نظرات مالك الذي يبتسم على أفعالها العفوية والطفولية في آن




 واحد، كانت تُجاهد في لملمة شتات نفسها المبعثرة من نظراته التي تكاد تخترقها، جحظت عينيها عندما رأته يقترب منها، حاولت الانشغال عن أي شيء لكيلا تتوتر أكثر لكنه لم يُعطيها آية فرصة واقترب منها وتساءل بهدوء:

- خلصتي؟ 


اماءت بهدوء عكس التوتر الذي اجتاحها باقترابه منها، قال مالك بابتسامة فشل في اخفائها:

- طيب هاتي ورقة الاجابة مادام خلصتي. 


قالت ندى باعتراض:

- لا ما بحبش أطلع والوقت لسه ما خلصش. 


أخفى ابتسامته وقال بتسلية من توترها البادِ:

- مش شرط على فكرة .. طالما خلصتي يبقى تسلمي ورقتك.


تأففت من حديثه معها حتى لو كان معيد بالجامعة لكنها لا تُحب هذه الأشياء .. قالت بنبرة صارمة لكي تنهي هذا الحديث: 

- بيتهيألي كده فيه وقت معين ومن حقي إني أخده كُلهُ .. حقي! 


ضحك بخفه ودار بجسده مبتعدًا عنها وهو ما زال يضحك على تفكيرها وتعابير وجهها، تنفست الصعداء وسرعان ما شردت بضحكته التي انتشلتها لعالم انحصرت بداخله من أول لقاء بينهما، نفضت كل هذه الأفكار وذهبت إليه وسلمت اجابتها



 بعدما انتهى الوقت مما جعله يُناظرها بابتسامة مصدومة لكونها أصرت على جلوسها طوال الوقت المحدد. 


خرجت وهي تتنفس براحة وكأن وجوده يمنع التنفس عن رئتيها، ابتسمت لأوركيد التي كانت تنتظرها امام الباب، تساءلت الأُخرى بضحكه خفيفة:

- إيه يا بنتي مالك؟ مكشرة بالشكل الغريب ده ليه؟ 


أخذت تسرد لها ما حدث بالداخل بضجر ظاهر على وجهها، انفجرت أوركيد بالضحك المستمر مع قولها من بين ضحكاتها:

- أنتِ اتجننتي رسمي.. ده دكتور في الجامعة! 


قالت بغيظ:

- أعمل إيه ما هو اللي استفذني. 


أنهت حديثها تزامُنًا مع رؤيتها لمالك ينظر إليها على بعدٍ منهما.. قالت بنبرة خائفة على الرغم من هذه الابتسامة الواسعة التي ارتسمت على ثغره فور وقوع عيناهما على بعض:

- يلا نمشي بسرعة لأني خايفة منه جدًا. 


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


- كل حاجة هتبقى تمام ما تقلقش.


قالها فارس صديق كرم الذي ذهب إليه لذات المكان الذي هو سببًا في كل شيء سيء يحدث معه.. كان يُناظره فارس



 بفرحة غريبة احتلت قلبه بحديثه عن جميع الاشياء التي حدثت مع أوركيد ومعاملتها له في الشهور الأخيرة... بعد



 حديث طال لساعات طويلة استأذنه كرم لكي يذهب للمنزل لكونه يشعر ببعض الدوار.. ابتسم له فارس بخفه وقام بدوره



 بالتخفيف عنه والابتسامة بوجهه ببراءة عكس ما يحمله قلبه تجاه كرم.. امسك فارس هاتفه فور خروج كرم من المكان وأجرى اتصالًا لم يتفوه به إلا بعدة كلمات ثُمَّ أغلق الخط وكأنه لم يفعل شيئًا... 


سلامًا على صديقٍ بوجهك يبتسم وفي ظهرك يطعنك بسكينٍ تلم..


         الفصل الواحد والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-