CMP: AIE: رواية خفايا القدر الفصل الثالث عشر13بقلم روان عرفات
أخر الاخبار

رواية خفايا القدر الفصل الثالث عشر13بقلم روان عرفات


 

#خفايا_القدر 

# الفصل _الثالث عشر

#بقلم روان_عرفات


تململت في فراشها بتكاسل، فتحت عينيها ببطء لتشعر بانفاسه تداعب وجهها. ابتسمت بحياء وهي تنظر إلى يديه التي



 تحتويها بتملك، ابعدتها قليلًا لكي تتيح لها فرصة القيام وتحضير وجبة سريعة لهما، اعتدلت في نومتها وما لبثت ان



 تضع قدميها على الأرض إلا وأجفلها حينما قبض على خصرها وقربها منه إلى أحضانه مُجَدَّدًا بحركة سريعة. شهقت بفزع وما زاد صدمتها أنه ما زال نائمًا.. ابتسمت باتساع على ملامحه




 البريئة التي تصبح اكثر جمالًا حينما يستيقظ، مررت أناملها على وجهه بابتسامة تزداد كلما تذمر عما تفعله بـه .. أغمضت عينيها سريعًا عندما شعرت باستيقاظه، ابتسم أمير بخبث




 واقترب منها أكثر من ذي قبل. مرر أنامله على وجهها الصغير مثل ما فعلت به تمامًا.. وضع اصبعه على شفتيها بدون قصد ولكنها لم تكن عندها كذلك فعندما شعرت باصبعه يقترب منها




 صرخت بأعلى صوتها واعتدلت في نومتها سريعًا، وقفت على الفراش وهي تُناظره بغيظ.. كُلّ ذلك حدث في أقل من ثوانٍ .. صرخت ورد بعصبية :

- إييـه اللي أنت عملته ده؟  


استلقى على ظهره مع وضع قدم على الأخرى كما يديه التي وضعها خلف رأسه يُناظرها بمكر وابتسامة واسعة تحتل ثغره



 بمنظرها المضحك.. هدأت ورد تمامًا حينما رأته بوضعيته تلك التي أربكتها، نظرت إليه بابتسامة بلهاء وهي تضع خصلات




 شعرها خلف أذنها بخجل شديد على فعلتها الغبية .. ركضت بسرعة جنونية للخارج مما جعله ينفجر ضاحكًا عليها، حاول القيام من الفراش والالتحاق بها لكن اجتاحته موجة ضحك




 هيستيريه.. نظرت إليه ورد بضحكة عالية اصدرتها وهي تقف على الباب، اقتربت منه بابتسامة وجلست إلى جواره مع احتوائه هو لها بيده بنظرات متبادله بينهما .. قال أمير بضحكة صاخبة :





- الناس كلها تصحى على صباح الفل يا حبيبي وأجمل صباح عدى عليا عشان نمت في حضنك.. إلا أنا أصحى على صراخ مراتي على حاجة عملتها بدون قصد، وبعدين لو بقصد فيها إيه؟ ده أنتِ مراتي.


ضحكت ورد بقوة ليضمها أمير إليه بابتسامة كبيرة بوجودها بجانبه...  


اختر من يكون دوائك حينما يكون جميع من حولك دائك!  


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


مر ثلاثة أيام والحال على ما هو عليه، لا جديد يُذكر ولا شيء يتغير سوى المشاعر التي منها ما تنخفض ومنها تتكاثر وكُلّ




 حالة تسير على حسب من معها... فالمشاعر كـقنِّينة الماء لا تتركها فارغة ثُمّ توبخها على عدم عطائها لك وأنت المُقصر من الأساس.. 




كان يجلس جاسر على ركبتيه بسجادة صلاته، بعدما أدى فرضه، نظر للسماء بدعوات خفية يبوح بها القلب ويخشى اللسان قولها أمام أحد.. يبقى الله هو الوحيد الذي يلجأ إليه



 الجميع بما يحتاجه، ليأتيه الاجابة بالاستجابة، أو براحـة البال أو بطمأنينة تحتل الداعي بعدما يبوح بما يكنه بداخله، وفي جميع الحالات يكون العبد مرتاح البال...





انسالت دموعه تضرعًا وخفية .. لا يعلم هل ما فعله صواب أم الخطأ؟ يشعر بتخبط مشاعرة وتوترها، يخشى عذاب يومٍ عظيم، لا يُريد مقابلة ربه وما زال يخفي الحقيقة عن ابنته، يشعر بتأنيب الضمير ناحية والدتها وما فعله معها.. تتردد




 جملتها بأذنيه حينما قالت له "بس صدقني هتندم على قساوة قلبك لما تعرف الحقيقة" على أي حقيقة تتحدث؟ وأي الندم هذا الذي سيصيبه من حقيقتها؟ 





بكى بصوتٍ عالٍ تزامنًا مع دخول غادة الغرفة بقلق بعدما اقتربت من الغرفة واستمعت إلى صوت بكائه... 


اقتربت منه سريعًا وجست على ركبتيها ومسدت على ظهره بحنان قائلة بقلق :

- مالك يا حبيبي؟


هدأ قليلًا ونظر إليها مجففًا دموعه بأنامله قائلًا ببكاء : 

- مش عارف. 


أنهى حديثه وأجهش بالبكاء الذي أدمى قلبها حزنًا عليه، ضمته إلى أحضانها بقلق باد عليها. ما الذي حدث كي يصبح بهذه الحالة؟ لأول مرة بعد سنين طويلة بجانبها تراه هكذا.. أخذت




 تربت على ظهره وتقرأ القرآن بصوت خافت إلى أن هدأ تمامًا، تنفست الصعداء ليعتدل هو في جلسته ويُناظرها بحب وابتسامة حزينة .. قال ببحه أثر بكائه :

- ربنا يبارك لي فيكِ ياللي مقوياني . 


احتوت يده بيديها وهي تربت عليها بخفه. ران عليهما صمت مطبق، قطعه جاسر بسرده للأحداث .. قائلًا بدموع تنسال على وجنتيه دون توقف :

- والدة ورد من بعد آخر مرة بعتت لي رسايل وفيديوهات ما عرفتش حاجه عنها غير من خمستاشر يوم، كلمتني وقالت لي انها محتاجة تتكلم معايا بخصوص ورد في أسرع وقت .. ما




 أخبيش عليكِ صوتها وقتها واتصالها من رقم مستشفى خلاني قلقت على ورد .. رحتلها وكانت حالتها الصحية كانت متدهورة خالص، طلبت مني انها تشوف ورد.


صمت لبعض الوقت بتنهيدة طويلة خرجت منه.. تابع بحزن :

- أنا رفضت وسبب رفضي والله خوف على بنتي .. صدمة ورد لما تعرف كل حاجه مش قادر ولا عايز أتخيلها، وفي نفس الوقت خايف أكون ظلمتها وظلمت بنتي معاها.. كل خوفي وحزني على ورد بس اقسم بالله .. أنا محتار يا غادة ومش عارف أتصرف ولا أعمل إيه. 




جاهدت في رسم الابتسامة على ثغرها لكي لا تحزنه، قالت بحزن بعدما نفضت أي أفكار سيئة تحيط عقلها وفكرت في ورد فقط :

- هيا مالها؟ 


أخد نفسًا عميقًا أخرجه ببطء وأردف بهدوء :

- عندها الإيدز.


صُعقت من الرد مما جعلها لا تقوى على الحديث، تنهدت بحزن عليها وعلى ما أصابها، أخذت تدعو لها سرًا بالمغفرة والشفاء .. قالت بهدوء بعدما جففت دموعه :




- مهما حصل هتفضل والدتها ومن حقها تشوفها، اللي عملته أكيد مش هين بس من حقها تشوف بنتها، حتى الفترة دي عشان تتحسن حالتها. 


نظر إليها مطولًا ثُمّ قال :

- أنتِ رأيك كده؟ 


أماءت له عدة مرات بابتسامة واسعة وقالت بهدوء :

- بس استنى ورد ترجع هيا وجوزها وافتح معاها الموضوع وحاول تفهمه ليها براحة عشان تستوعب اللي حصل.. الموضوع مش سهل عليها، ولا عليا صدقني . 




أنهت حديثها بدموع انسالت على وجنتيها رغمًا.. اقترب منها جاسر وجفف دموعها بحب وقال بحنان بعدما انتشلها إلى داخل أحضانه :




- ورد ليها أم واحدة بس وهيا أنتِ .. مهما حصل هتفضلي أنتِ وبس، وأنا مليش غيرك ومش عايز غيرك ومهما مر الزمن عليا تفضل أحبك ومش عايز حد غيرك .. بكبر سنًا لكن قلبًا والله ما حصل، القلب بيحبك زي الأول وأكتر . 


 💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


تجلس بغرفتها.. تحديدًا بمقعد المكتب الخاص بها بعدما استذكرت بعض دروسها، ممسكة بيدها قلم الفحم. ترسم





 باحترافية على لوحة بيضاء كبيرة الحجم نوعًا ما، هذه الموهبة التي اكتسبتها بالفطرة من والدها ووالدتها، وأحبتها أكثر بعدما كانت تتحدث معها والدتها بقصة حبها بوالدها آدم .. كانت تعطي للوحة اهمية وتركيز شديد، ابتعدت قليلًا برأسها




 كي ترى الرسمة عن بُعد، ابتسمت بفرحة لرسمها بالطريقة التي تُريدها .. قطع هذا التركيز والابتسامة التي تحتل شفتيها رنين هاتفها برسالة بنغمة خاصة جعلتها تتعرف على هوية المُرسل قبل أن تفتح الهاتف، تنهدت بتعب يحتل قلبها منه ومن أفعاله،




 أغلقت الهاتف ليعاود الاتصال في ذات اللحظة مما جعلها تبتسم لا إراديًا منها، تنفست الصعداء محاولة منها تخفيف حدة توترها، ضغطت على الرد ليأتيها صوته الحاني:  

- وحشتيني.. والله العظيم وحشتيني. 


ارتجف القلب بين أضلعها، وتزايدت دقاته بحديثه ونبرة صوته الخافته، ظلت صامته وهو مثلها. لا تدري ماذا تجيب.. يرق قلبها إليه وتحن روحها إلى ضمة عاشقـة منه.. تتـوق إلى نظرة من عينيه، إلى لمسة يديه وضمها بين راحتي يديها.. لطالما كان الطمأنينة لقلبها، والسكينة لروحها وراحتها في الحياة.. لطالما كان كلّ شيء وسيبقى كلّ شيء!


أخذت نفسًا عميقًا أخرجته ببطء وهي تجاهد في تخفيف خجلها وتوترها منه، تجاهلت حديثه رغم كون لوعة الاشتياق أحرقتها وقالت بهدوء :

- طمني عليك.. اخبارك إيه؟ 


تقبل تغيرها للحديث واجابها :

- طول ما أنتِ معايا بخير .. ما تيجي ننزل تحت ونتكلم، وحشتيني ومحتاج اتكلم معاكِ. 


أغمضت عينيها ألمًا.. ففي الابتعاد القلب يتألم، وفي القُرب يصبح الوجع مُضاعف.. وفي كِلا الحالتين القلب يئن وجعًا. تحركت من مقعدها وذهبت إلى فراشها، جلست بهدوء وقالت بدموع :

- تعبانه يا كرم ومش قادرة .. خلينا نتكلم هنا، صدقني مش قادرة أنزل.


قال بلهفة وخوف ظهر جليًا بنبرته :

- مالك؟ فيكِ إيه يا حبيبتي؟ 


ابتسمت بخفه على قلقه عليها، اجابته بهدوء لكي يطمئن قلبه عليها وأخذا يتحدثا في أمور مختلفة بعيدًا عما حدث بزفاف أمير...


عجبًا على حُبٍ بالقلب لم يُفارق، رغم البُعد ما زال متشبثًا، ويبقى هو ساكن القلب مهما كثُرت أنواع الخِصام! 


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


أخذت تذرع الغرفة ذهابًا وإيابًا بخطوات متوترة مع فركها ليديها معًا في خوف ملحوظ، شعرت بالاختناق مما جعلها تذهب سريعًا لشرفة الغرفة مستنشقة الهواء عله يخفف من



 توترها. سحبت شهيقًا عميقًا حبسته في صدرها لثوانٍ وهي تغمض عينيها بقوة ثُمَّ زفرته على مهلٍ مع فتحها لعينيها ببطء، نظرت للحديقة بفرحة تحتلها حينما رأت وليد بالحديقة على




 الأرجوحة. مُمسكًا بيده كتاب وأمامه العديد من الكُتب ومن المتضح أمامها أنه يستذكر دروسه .. ابتسمت بمكر وخرجت سريعًا من غرفتها ذاهبة للحديقة بضحكات خافته وشيطانية... 


تسللت من خلفه على أطراف أصابعها حتى وصلت إليه ثُمَّ جلست على ركبتيها أرضًا مع انحنائها للأمام ومداعبة أذنه بالريشة مما جعله يتذمر ويظنها ذبابة. حرك يديه يمينًا ويسارً




ا عدة مرات لكي يبعدها عنه .. وضعت يدها على فمها محاولة منها كتم ضحكتها، ابتسمت باتساع وعاودت فعلتها مرة أُخرى.. زفر وليد بضيق ونظر للخلف بغيظ، أخفضت ندى




 جسدها سريعًا ودخلت تحت الأرجوحة خوفًا منه.. عاد وليد لِما كان يفعله مما أعطاها الامان في الخروج من تحت الارجوحة، تنهدت بعمق وما لبثت أن تعاود فعلتها إلا وأجفلها من الخلف بصوته الغاضب :

- والله قولت ما فيه دبانة رخمة غيرك .


صرخت بفزع ووضعت يدها على وجهها خوفًا منه، دار وليد بجسده وتحرك تجاهها واقترب منها ببطء وغضب يستحوذ




 عليه. نظرت إليه ندى بخوف، اعتدلت في جلستها ووقفت قِبالته، قالت بخوف بعدما وجهت مسدسها المليء بالماء تجاهه مع ابتعاد جسدها عنه لا إراديًا من نظراته :

- لو قربت مني والله هـدوس .


نظر وليد للمسدس بصدمة، ظل على حالته تلك لثوانٍ ثُمَّ انفجر ضاحكًا وكلما نظر إليها ووجدها ما زالت توجه المسدس عليه ببيجامتها البيتية الواسعة وهذا المُسمى بـ (الفأر الطباخ)



 يحتل البيجامة يزداد في الضحك بقـوة .. رفعت ندى إحدى حاجبيها بغيظ وتركته وذهبت للأرجوحة بغضب مصطنع.





اقترب منها وليد بضحكات يخرجها دون توقف، جلس إلى جوارها وعاود الضحك بصوت عالي مما جعلها تتأفف بغيظ قائلة :

- زعلانة منك ما تكلمنيش. 


توقف عن الضحك وقال بهدوء محاولًا منه كتم ضحكته بعدما جفف دموعه التي انسالت أثر الضحك :

- انا بزعلك؟ 


قوست شفتيها للأسفل بحركة طفولية مع تربيعة يديها الغاضبة قائلة بحزن :

- آه بتزعلني .


طبع قبلة حانية على رأسها وقال بابتسامة وجدية :

- طب إلهي يجيني شلل في رجلك لو بزعلك .


ابتسمت بانتصار وفرحة احتلتها من حديثه لكن تلاشت ابتسامتها فور ترددها لجملته مرة أُخري .. نظرت له جاحظة عينيها من شدة الصدمة متمتمة بغيظ : 

- شلل في رجلي انا؟


انفجر ضاحكًا من منظرها وقال من بين ضحكاته : 

- مش قادر .. لا لا ههههههههه .


لكزته في كتفه بغيظ. نظر إليها ممسكًا بمعدته التي آلمته من كثرة الضحك، ابتسمت ندى بخفه عليه ليأخذ هو نفسًا عميقًا أخرجه بضحكة عاليـة جعلتها تضحك هي الأُخرى.. بعد وقت لا بأس به تحدث وليد بضحكة خفيفه :




- ما قولتليش.. ليه كل الهيصه اللي حصلت دي؟ 


قالت ندى بخوف بعدما تذكرت ما يخيفها :

- خايفه .. بكرة أول يوم هنفضفض أنا والبنات في الكلية سوا، حاسة بخوف غريب. 




ناظرها وليد بغيظ وقال :

- يعني حضرتك خايفة ومرعوبة من يوم بكرة تروحي تجيلي وترعبيني أنا وتفضلي ترخمي عليا؟  





ابتسمت ببرائة وقالت بخجل :

- ما أنا قولت ممكن أخفف من خوفي لما أعصبك. 


رماها بنظرة مغتاظة قائلًا:

- لا والله. 


اماءت عدة مرات ثُمَّ قالت بتوتر:

- أنا خايفة بجد يا وليد. أنا مش عارفة السؤال اللي هتطلعه هيكون شكله إيه ولا محتاج مني إيه .. خايفة أكون مش أد المكان اللي اتحطيت فيه، خايفة ما أعرفش أجاوب. أنا مرعوبة. 


أنهت حديثها ببكاء خافت جعل وليد يقترب منها ويحتضنها بحب أخوي، قائلًا بحنان :

- يا حبيبة قلبي أنتِ مفيش أقوى منك.. لو ما كنتيش قوية ما كنتيش رديتي على البنت الرد الطويل ده ولا ما كنتيش قولتي



 كل الكلام اللي اتقال ده .. خليكِ واثقة في نفسك وقدراتك، وبعدين لو حصل وفيه سؤال وقفت معاكِ اجابته اعتذري بكل



 هدوء إن الاجابة هتتأخر عشان مش هقدر اتكلم في حاجة ما عنديش الخلفية الكاملة عنها .. مفيش احراج أبدًا. وبعدين أنا واثق فيكِ وواثق إنك هتنجحي وهتشرفينا وهتساعدني ناس كتير بالفكرة دي.





هدأت تمامًا من حديثه وران عليهما صمت طويل قطعه وليد بسؤاله :

- أخبار أوركيد إيه؟ 


تعجبت من سؤاله عليها، فمهما حدث وليد لا يسأل على أي فتاة من الفتيات.. قالت بتعجب:

- بتسأل ليه؟ 


أجابها بلامبالاه بعدما ابتعد عنها وأمسك كتاب ما من الكتب الموضوعة على المنضدة:

- عادي. 


ردت عليه بتعجب أكثر:

- الحمد لله هيا بخير. 


صمتت وفعل هو مثلها. كُلّ منهما يسبح في عالمه الخاص، قطع هذا الصمت وليد للمرة الثانية بسرده للأحداث منذ أن رأى



 أوركيد تخرج من باب الشقة وتخبره بحادث كرم إلى تلك اللحظة التي هو بها.. كان يتحدث وكلما تعمق في الحديث




 تنسال دموعه وجعًا وحزنًا لِما آلت إليه الأمور في عائلتهما والتي لا يعلمها سوى ويوسف وهو وأوركيد فقط. شعر بالضيق من كثرة ما يحمله من حديث لا يقوى على قوله لأحد، شعر




 بحاجة جامحه بالفضفضة مع اخته كونها تفهمه وتعلم كيف تحتويه .. أنتهى من الحديث بعد وقت استغرق منه الكثير من القوة لكي يخرج ما بجوفه، تنهدت بعمق وراحـة بخروج ما يحجب التنفس عن رئتيه...  


نظرت ندى إليه بصدمة حقيقية، ظلت صامته وهي لا تعلم بماذا تُجيبه، فصديقتها تتألم منذ وقت وهي لا تعلم.. كيف لا تشعر بها وبحالتها التي كانت تسوء يومًا عن يوم، كيف لها أن




 تتركها في أشد الأيام احتياجًا لها.. بكت بقوة وألم يعصف قلبها لصديقتها وبما حدث معها وهي لا تتحدث مع أحد بالذي بداخلها، قالت ببكاء :





- قول لي أعمل إيه معاها يا وليد .. أنا قلبي وجعني عليها أوي.


انتشلها إلى أحضانه وربت على ظهرها بحنان قائلًا بهدوء :

- خليكِ معاها وحاولي تخففي عنها من غير ما تحكي، ولو حصل وفضفضت لك باللي جواها، احتويها واوقفي جمبها واسنديها. هوني عليها وخليكِ ديمًا معاها دلوقتي وبعدين، أكيد هتبقى محتجالك في كل الأوقات. 


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


خرجت أوركيد من غرفتها بضيقة صدر لا تعلم سببًا لها، على الرغم من حديثهما الذي تعدى الساعتين والفضفضة بما يحمله




 القلب من متاعب من كليهما ألا انها تشعر بالحزن كُلما تذكرته هو والفتاة.. أغمضت عينيها بألم وذهبت لغرفة والدتها علها تتخلص من حُزنها بداخل أحضانها..





ذهبت أولًا للمطبخ لتصنع الفشار بفرحة كلما تذكرت كم تعشقه والدتها.. أنهت من تحضيره وركضت سريعًا لغرفة روز، طرقت على الباب عدة مرات متتالية مع مناداتها بأسم روز بطريقة




 موسيقية لياتيها الرد بالدخول مع ضحكة خفيفه أصدرتها روز على فعلتها.. فتحت أوركيد الباب ببطء ونظرت لوالدتها بابتسامة واسعة حينما رأت ابتسامتها .. قالت بمرح بعدما رفعت يدها بصحن الفشار :



- الجميل فاضي نرغي شوية ولا الف وأرجع مكان ما كنت؟ وخلي في بالك إني معايا حلة فشاار.


ضحكت روز بقوة مدت يدها بابتسامة وقالت بحب وهي تنظر للفشار :

- تعالي يا قلب ماما .. بس مش عشان الفشار، عشان أنت وحشتيني والله. 


دخلت أوركيد الغرفة وأغلقت الباب وركضت بسرعة جنونية للفراش، وضعت الصحن جانبًا وقفزت على الفراش وقامت



 باحتضان روز بقوة آلمتها.. بعد وقت لا بأس به ابتعدت روز عنها وأمسكت صحن الفشار بفرحة جعلت أوركيد تنظر إليها بحزن مصطنع وأردفت : 




- لا واضح أوي انك وحشاني أنا.


ضحكت روز وانتشلتها لداخل احضانها.. أخذت تأكل الفشار وتعطي لأوركيد التي انسالت دموعها رغمًا عنها ولحسن حظها لم تنتبه لها روز .. قطعت صمتهم هذا أوركيد حينما قالت بهدوء :





- النهار ده بالصدفة قعدت جمب واحدة في سنة رابعة، البنت كانت جميلة خالص وبتضحك وبتهزر معايا وعادي خالص ..



 اللي يشوفها يقول دي ما داقتش من مرارة الدنيا أبدًا على خفة الدم اللي عندها والضحك اللي بتضحكه.. فجأة لقيتها



 بتعيط عياط هستيري، من غير مقدمات ولا حتى أسباب .. فضلت معاها يا ماما لحد ما تعبت، بس كان جوايا حاجه رافضة إني أسيبها في حالتها دي. 


تنهدت بتعب، نظرت إليها روز بحزن لتتابع أوركيد ببكاء :

- لقيتها بعدها بتحكي لي كل اللي جواها، وانها متجوزة وانخدعت في جوزها.. بعد ما كان كويس إلى حد ما قبل الجواز، بعد الجواز أصبح واحد تاني ما تعرفهوش.. واحد




 بيضرب وبيهين واكتشفت انه ما بصليش .. لقيتها بتقول لي بكل وجع "بعد ما دوقت المُر معاه عرفت قيمة الدين وان من أهم شروط اختيار الزوج يبقى على قدر كافي من التدين" 




خلتني أعيط وما عرفتش أرد اقول لها إيه.. قد إيه الوحدة وقلة الثقة صعبة.. ومفيش أصعب من الاحساس بالوحدة رغم ان الكل حواليك، انت مش محتاج غير شخص واحد بس من الكل يفهمك ويقدر اللي حاسس بيه بدون تجريح! 


بكت بقوة ووضعت يدها على وجهها المًا.. أدمعت عيني روز بحزن لحال الفتاة، ران عليهما صمت يقطعه أنين أوركيد كما روز التي تربت عليها بحنان لكي تهدأ .. تساءلت روز بقلق :

- فيه حاجه مديقاكِ غير كده؟ 


هزت رأسها نافية وتابعت سيل بكائها بخفوت، مسدت روز على ظهرها بخفه... قالت بعد صمت طويل بينهما :



- كلها أقـدار وما ينفعش اقول لك لو كانت اختارت صح كان الوضع اتغير، نصيبها كده.. بس للتفكير دور كبير طبعًا وفيه



 الدعاء، أدعي باللي في قلبك عشان ربنا يستجيب ليكِ .. يبقى على لسانك ديمًا "ارزقني يا رب بالزوج الصالح، اللي يدخلني



 الجنة بالطاعة والرضا" أدعي وألحي في الدعاء من غير استعجال. يعني إيه استعجال في الدعاء؟ كان فيه حديث بيقول.. عن الرسول صلى الله عليه وسلم "لا يزَالُ يُسْتَجَابُ




 لِلعَبْدِ مَا لَم يدعُ بإِثمٍ، أَوْ قَطِيعةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتعْجِلْ قِيلَ: يَا رسُولَ اللَّهِ مَا الاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ: يَقُولُ: قَدْ دعَوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَم أَرَ يَسْتَجِيبُ لي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْد ذَلِكَ، ويَدَعُ الدُّعَاءَ". 





هدأت أوركيد تمامًا واعتدلت في جلستها وجلست مقابلة لروز وأخذت تأكل الفشار .. ابتسمت روز باتساع وتابعت :

- حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم "إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ" 

كفتين الميزان اللي ما ينفعش حاجه تبقى ناقصة عن التانية. 


الخُلق والدين.. هتقولي لي لازم الاتنين؟ هقول لك ما ينفعش صفة من غير التانية أصلًا، ما تجيبليش واحد بيقولوا عليه




 بتاع دين وهو بيضرب ويشتم وبيعاملها معاملة مش كويسة، لازم الدين يبقى ظاهر عليه في تعاملاته، يعني الراجل اللي




 راح لسيدنا عمر بن الخطاب وقال له إن فلان راجل صادق، سيدنا عمر قال له: عارفه؟ الراجل رد عليه وقال له: آه شوفته



 بيجي معايا في المسجد. سيدنا عمل قال له: سافرت معاه؟ عاملته بالدرهم والدينار؟ حصل بينكوا خلاف؟ هل آمنته على




 شيء؟ الراجل كانت كل اجابته على الأسئلة كلها "لا" راح سيدنا عمر رد عليه وقال له: لعلك رأيت الرجل يصلي ويصوم. قال له: نعم .. وسيدنا عمر رد عليه: ما عرفت الرجل. 





فـ هيا الفكرة كلها إني لازم أبقى فاهمة كويس إن دين يعني خُلق، دين يعني أفعال.. الحديث وتفسير الحديث واضح، فمتجيش واحدة بعد ما تختار غلط تزعل على اختيارها اللي




 هو بارادتها هيا؟ لو تغاضيتي عن حاجة من الاتنين العلاقة بكده هتمشي غلط .. الموضوع مش موضوع جواز وخلاص




. لا دي سنين كتير هتعيشيها مع اللي هتختاريه، فلازم الاختيار يبقى على اقتناع.. بعد دعاء واستخارة واسئلة تخص اللي



 متقدم، الموضوع مش موضوع فرحة وهيصه وبس، لا ده هيبقى المُكمل ليكِ وللي ناقصك .. واهم حاجه الاستخارة،




 تستخيري ربك لأن مهما بلغ عقل الانسان من تقدم في الفكر مش هيعلم الغيب.. ربنا سبحانه وتعالى بيقول {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الغَيْبَ إِلَّا اللهُ} 





صمتت لبعض الوقت ثُمَّ تابعت بتنهيدة طويلة :

- حالة البنت دي ما ينفعش فيها غير الدعاء، ولو حاسه طبعًا بضرر جامد وإهانة فمينفعش تسكت نهائيًا. عند كرامتها ولازم



 تعمل حد للتعامل حتى لو كان جوزها، لأن الحاجات اللي أنتِ بتقوليها دي ما ينفعش يتسكت عليها، ونسيت أقول لك إن 




ما ينفعش نسمع من طرف واحد ونحكم على الوضع، ليه ما نقولش إنها ممكن مقصره من حاجه.. أو اللي بيعمله ردة فعل عن حاجه بتعملها؟ وفي كِلا الحالتين الاتنين غلطانين لأن في




 أي وقت لازم يبقى فيه كلام، وعتاب وفضفضة بين أي اتنين. حتى على الأقل عشان ما فيش حاجه تتراكم والتراكم بيؤدي لتعب نفسي إحنا في غنى عنه. 




كانت تتحدث بابتسامة خفيفه وهي تتذكر حديث زوجها والتي هي الآن تقوله لابنتها، ابتسم آدم بخفه عليهما وهو يناظرهم من خلف الباب .. تابعت حديثها بذات الهدوء:





- الاختيار كان غلط من البداية، بس لو بإمكانها انها تصلح الغلط ده يبقى تعمل كده.. تقرب منه زيادة، تنصحه، تعاتبه وتفكره بأي ذكرى حلوة بينهم.. تلين قلبه بكلامها وتحاول انها




 ترضيه وتراضيه وتخليه يقرب منها، واحدة واحدة تفكره بحقوقه كزوج ليها، تعامله حلو وديمًا الكلام الحلو يبقى على لسانها وصدقيني لما يلاقي كده هيحترمها وهيعمل زي ما




 بتعمل، وما تقوليليش ما فيش حد كده، الصالح اللي بيتقي ربه هيبقى كده،وهيا لو عملت كده وتلقت استجابة يبقى كانت مقصره من الأساس، لأن ما فيش حد بيتغير من يوم وليلة! 





أنهت حديثها تزامنًا مع دخول آدم الغرفة وهو يسقف بيده بنظرة فخورة لزوجته.. ذهبت أوركيد إليه سريعًا ولفت يديها حول خصره بفرحة ليضمها هو بابتسامة واسعة كما روز التي





 تناظرهما بفرحة تحتلها .. فعلت مثل أوركيد ليضحك آدم بقوة عليها ويضمها لقلبه وهو يدعو بداخله بدوام السعادة التي تحتله بهذا القرب والتفهم العائلي الذي بينهما... 


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


كانت تركض بسرعة جنونية وهي تلتقط أنفاسها بالكاد، تضحك تارة وتصرخ تارة أُخرى حينما تستمع إلى صوت أمير يحذرها




 أن وجدها سيُلقنها درسًا لن تنساه، وقفت خلف شجرة كبيرة بالحديقة .. أخذت نفسًا عميقًا أخرجته بتعب أثر ركضها




 واضعة يدها على قلبها الذي تتسارع دقاته وفي لحظة اطمئنان منها أنها تختبئ خلف الشجرة أجفلها أمير من خلفها وهو يصرخ بأعلى صوته :

- هتـروحي مني فييـن؟ 


صرخت بفزع وحاولت الهروب منه لكنه كان الأسرع حينما قبض عليها بين ذراعيه، لتصبح سجينته بين يديه.. نظرت إليه



 ورد بابتسامة طفولية واختبأت بداخل أحضانه مغمضة العينين، كمية الراحة التي تحتلها بداخله لا عدد لها. 


سار بها للأرجوحة وهي ما زالت متشبثة به، جلس وجلست ورد إلى جواره. كانت تأكل من الطعام الذي بالمنضدة.. تركته




 بعدما تمازحت مع زوجها وركضت منه .. نظر إليها أمير بعدم تصديق بأنها بالفعل أمامه وأنهما تزوجها، حاوط وجهها بيديه وقال : 




- اللي داق حلاوة الحلال واللي صبر عشان لذة الحلال .. هيعرف انا حاسس بأيه دلوقتي. 


ما لبثت أن تجيبه إلا وأجفلهما صوت رنين هاتف أمير الذي أمسك الهاتف بتعجب بعدما وجده رقم غير مسجل، ضغط على



 زر الإجابة دون تحدث، وصل لمسامعه صوت أنفاس متسارعة. رفع إحدى حاجبيه بتعجب وقال بهدوء :

- الو .. مين معايا؟ 


انتظر دقيقة ثُمَّ دقيقتين ثُمَّ الثالثة وما زال لا يوجد رد، وما زاد تعجبه كون المتصل لا يتحدث سوى أنه يستمع إلى صوت




 أنفاس متسارعة وأنين خافت يصدره .. رفع الهاتف عن أذنيه ونظر للرقم مُجَدَّدًا ليقوم بإنهاء المكالمة المجهولة التي لا يعلم




 صاحبها .. قبل ضغطه على زر إنهاء المكالمة وصل لمسامعه صوتها الخافت والمتعب وهذا ما ظهر من نبرة صوتها المتهالكة، قالت بصوت متحجرش :

- بنتي! 


قالت كلمتها وانفجرت في بكاء مرير جعل قلبه يئن وجعًا عليها.. ما فكر به كونها أم وتُريد الاطمئنان على ابنتها وضعطت على الرقم الخطأ، أراد الحديث والتخفيف عنها بأي شيء .. لكنها أغلقت الهاتف قبل أن يتفوه بكلمة واحدة مما جعله يتعجب أكثر من قبل. نظر لورد بتعجب ظهر جليًا عليه، قالت ورد بقلق : 

- مين يا أمير؟ 


أمير بهدوء:

- مش عارف يا ورد .. واحدة ست بتعيط وبتقول بنتي وباين من صوتها إنها تعبانة وبتتكلم بالعافية وده عرفته لأنها اتكلمت بعد وقت طويل .. هيا غلطانة في الرقم أكيد بس صعبت عليا.

                الفصل الرابع عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-