CMP: AIE: روايةخفايا القدر الفصل السابع والعشرون27بقلم روان عرفات
أخر الاخبار

روايةخفايا القدر الفصل السابع والعشرون27بقلم روان عرفات


 

#خفايا_القدر 

#الفصل _السابع_والعشرون..

#بقلم روان_عرفات.


والأصعب من الصدمة؛ أنها جاءت ممن أقسمت أنهم لن يفعلوها. 


كانت عينيه تنظر للأمام بشرود، جفف حبيبات العرق الناتجة عن ركضه لوقت طويل بأنفاس عالية. 


وضع قدميه بالمياة لكونه يجلس بجانب حمام السباحة في النادي الخاص بوالده واصدقائه. 


يشعر بنيران تحرق وجدان قلبه، لا يقدر على تخطي كل هذه الصدمات بمفرده .. لا يقوى على التفكير أصلًا فيما عليه فعله .. من جانب صديقة وخيانته والذي لا يستحق حتى التفكير فيه لكونه هو سبب كل شيء يحدث معه الآن، وزوجته وحزنها منه التي لا تعلم أنه ضحية مثله مثلها! 


انتبه إلى عمرو الذي أتى توًا وجلس إلى جواره بهدوء.. تساءل عمرو بعد حديثٍ ليس بطويل عن احواله وحياته:

- ناوي تعمل إيه؟ 


تنهد كرم بتعب من هذا السؤال الذي لا يجد له ردًا بداخله .. متذكرًا فضفضته ليلة أمس مع عمرو بكل شيء بداخله، أخرج ما بجوفه دون سماع أي ردة فعل من عمرو الذي فضل أن يصمت لكونه يعلم أن كرم في هذا الوقت لا يحتاج حديث أحد مثل ما يُريد الفضفضة فقط. 


قال بهدوء:

- مش عارف! أنا مش عارف أفكر حتى .. حاسس إني مش قادر أفكر في حاجة، واقف مكاني عاجز عن فعل أي حاجة .. نفسي أوركيد تعرف إني ضحية زيي زيها وإني مظلوم. 


ران عليهما صمت مطبق.. كل منهم يشرد بالبعيد ليقطع عمرو الصمت السائد بينهم بحديثه:

- ما تستسلمش .. ما دام نفسك في حاجة ما تستسلمش لأي احباط ولا لأي كلام تسمعه .. خليك ماشي ورا قلبك واللي بيقوله ليك .. حارب يا كرم وطول ما تحس باليأس ادعي ربك



 وخليكِ ديمًا بتدعي، لو رفضت الرجوع اطلب منها فرصة .. كلام آدم حبيته جدًا .. أنت فعلًا محتاج تثبت لنفسك إنك غلطت في حق نفسك وحقها .. محتاج تثبت إنك تستحق انها تفضل معاك.


ما تضيعش حاجة غالية من ايدك لأنك هتيجي بعد ما تضيع منك تعض صوابعك من الندم ومش هتقدر ترجعها تاني ليك .. الحاجات الغالية بتتاخد بسرعة بس كمان للي يستحقها. 


صمت لوقت لا بأس به ثُمَّ تابع:

- أول حاجة عشان تقدر تتخطى اللي أنت فيه إنك تبطل ترمي غلطاتك على اللي حواليك .. اللي حواليك خططوا لشيء كان من السهل إنك تقاومه وتبعد عنه لكنك انجرفت وراه .. فالغلط عليك بردو يا كرم .. فين دينك اللي بيأمرك تبعد عن الفواحش، استغفر ربك وارجع للي كنت فيه الأول .. كرم اللي كان بيدي



 دروس معايا .. اللي بيحفظ قرآن ووصل لنص القرآن حفظ اللي ما كنش بيسيب فرض إلا ويصليه في الجامع .. كرم اللي كان بيخطط في إنه يفتح صيدلية حُبًا في اخوه وأمير لأنهم هيبقوا دكاترة.


تنهد بقوة وتابع:

- أنت محتاج ترجع نفسك القديمة عشان تعرف تصلح غلطات نفسك الجديدة اللي صنعتها الأيام والاشخاص. 


ذهب وتركه يتخبط بين افكاره التي لا تنتهي! 


❤ اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ❤


خرج من غرفته لغرفته اخته الذي بمجرد وقوع عيناه على الغرفة صُعق من هول صدمته بهذه الفوضى الناتجة عن ميار التي تجلس بمنتصف غرفتها وامامها جميع ملابسها، تقوم


 بامساك فستان ثُمَّ تدفعه بعيدًا كأي فستان قبله .. ملامحها عابثة وتعقد حاجبيها حينما لا تجد شيئًا يليق بها .. صرخ بمرح:

- حصل زلزال هنا وأنا ما عرفش؟ 


دارت بوجهها تجاهه بدموع.. جسدها مخفي معالمة، فقط لا يرى سوى وجهها من كثرة الملابس المُلقاه على الأرض .. تقدم هنا بهدوء وتساءل بقلق:

- مالك؟ 


اجابته بحزن:

- مش لاقيه هدوم البسها يا مالك لما تروح لندى .


انفجرت بالبكاء مما جعله ينظر للغرفة لثوانٍ ثُمَّ يحول عينيه عليها بصدمة .. قال بسخرية:



- هدوم إيه اللي أنتِ مش لقياها يا ميار؟ ما تكونش الاوضة مزحومة بالهدوم اهي .. ده أنا مش عارف اشوفك كويس .


زادت في بكائها مما جعل ابتسامته تتسع من تلك الطفلة التي لا تود أن تكبر أبدًا، جفف دموعها بأنامله وأردف بحنان:

- خلاص ماتعيطيش طيب .. قومي هنخرج ونجيب هدوم ليا وليكِ .


قفزت كالمجنونة وصرخت بفرحة:

- هيييية .. خمسة وهكون جاهزة يا قلب اختك أنت .


طبعت قبلة حانية وذهبت سريعًا لترتدي ملابسها تحت صدمة ذاك الجالس ويحاوطه ملابسها من كل جانب.


نهض من مكانه وما لبث أن يخرج من غرفتها إلا وأجفلته بصراخها:

- أنا جـاااهزة . 


ناظرها بصدمة من هيئتها، كانت ترتدي فستانًا سماويًا وحجاب اسود طويل إلى حد ما... تساءل بصدمة:

- لا أنتِ بتهزري؟ عملتيها ازاي دي؟ 


ميار بتعجب:

- عملت إيه؟ 


اجابها وما زالت علامات الصدمة تحتل ملامحه: 

- لبستي في أقل من عشر دقايق! الستات اقل حاجة بتاخد ساعة عشان تظبط الحجاب. 


ضحكت بخفه وقالت:

- لما بنكون نفسنا في حاجة بنعملها .


غمزت بعينيها مع انتهاء حديثها واقتربت منه وتأبطط في ذراعيه وخرجا سريعًا به من المنزل. 


      ❤ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ❤


دارت بمقبض الباب ليتبين يوسف من خلفه، ناظرًا إليها بأسف وحزن ظهرا جليًا عليه .. رحبت به بهدوء عكس حالتها حينما تراه وجعلته يجلس بالصالة بينما هي دخلت المطبخ لتصنع لهما كوبين من المشروبات الباردة. 


جلست إلى جواره بعد وقت لا بأس به وهي تعطيه كوب الفراوله باللبن مع ابتسامة خفيفه ارتسمت على شفتي يوسف تتبعتها تنهيدة عميقة متعبة خرجت منه مع قوله:

- روز .. سامحيني يا اختي .


ابتسمت بسخرية وقالت:

- على إيه؟ 


وضع الكوب امامه بالمنضضة وقال بحزن:

- على كل حاجة .. أنا غلطت في حقك أنتِ وآدم بس والله العظيم حصل من غير تفكير .. كنت اناني والله وما فكرتش غير في ابني وبعترف بده .. بس محتاج منك تسامحيني ووالله كل غلط هيتصلح واللي أنتِ وجوزم عايزينه هيحصل .


نظرت إليه روز بدموع وقالت ببكاء:

- ده أنا ابنك جالي والله ماقدرتش حتى اعاتبه خوفًا على مشاعره لأنه اكيد في الوقت ده كان متدمر من اللي حصل مع إن كل حاجة حصلت بإرادته .. وأنت بنتي كانت بتتعذب قدام عيونك وسايبها؟ ليه كده بس يا اخويا؟ 


شعر بألم حاد يحتل قلبه، رفع يديه عليه بألم ظهر على ملامحه مما جعل روز تقترب منه بقلق متسائلة:

- يوسف .. مالك؟ حاسس بإيه؟ 


أغمض عينيه وجعًا، طريقتها وطيبة قلبها تجعله يُريد الموت ولا يشعر هذا الشعور الذي بداخله الآن .. قال بابتسامة مزيفة:

- مافيش يا قلب اخوكي .. أنا بخير. 


قالت بدموع:

- أنا مش زعلانة والله خلاص .. بس الفكرة كلها بنتي صعبانة عليا لكن أنت هتفضل زي ما أنت .. اخويا وحبيبي وسندي .


صمتت لبرهه ثُمَّ تابعت بتوسل:

- بس بالله عليك يا يوسف خلي بالك من بنتي .. أنا هسلمهالك لأني واثقة فيك فـ متخليش الثقة دي تنعدم من جوايا .. أنا عن نفسي مش هتدخل في اي قرار.. أنا مش عايزة اخسرك



 عشان حاجة زي كده بس سامحني لأني لو لقيت بنتي مش مرتاحة ومش عاجبها الوضع معرفش ردة فعلي هتكون ازاي. 


شهيقًا عميقًا أخرجه دفعة واحدة بضيق شديد يجعل التنفس صعب عليه للحد الذي لا حد له، قال بهدوء بعدما طبع قبلة حانية على فروة رأسها: 

- حقك .. والله حقك يا روز وأنا معاكوا في أي قرار مادام هيريحكوا . 


       ❤ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ❤


- بتدوري على إيه؟ 


قالها مالك لميار التي كانت تقف في قسم الرجال تحديدًا في قسم البدل الرجالية .. قالت:

- بدور على بدلة لأحلى عريس في الدنيا . 


ضحك بقوة وقال:

- حبيبي دي لسه في البداية وما نعرفش هتكمل ولا لا .. احنا لسه يادوب هنشوف بعض مش هنخطب ولا هنتجوز! 


تركت ما بيدها وناظرته وهي تقول بغرور مصطنع:

- أنت واقع من شوشتك في حُبها وهيا أول ما هتعرف بس إنك اخويا هتقبل على طول. 


انفجر بالضحك وشاركته ميار الضحك بخفوت. 


قالت بتفكير:

- أنا بفكر ارخم عليها .. اصلها امبارح كانت بتحكيلي على موضوع العريس ده وكانت مكسوفة كده .


مالك بضجر:

- لا ما ترخميش عليها . 


رمقته بمكر واقتربت منه وهي تقرص وجنتيه بأصوات تصدرها بطريقة مضحكة وقالت:

- يخلاثي على اللي بيحب يا ناس وكان مداري عليا .


أمسك بيدها ونظر للمكان بغيظ من حركاتها تلك لتركض هي من أمامه تستكمل اختيارها للملابس تحت فرحتها الكبيرة بأخيها الاكبر وفرحته الظاهرة عليه. 


❤ اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ❤


اليوم التالي. 

تتجمع العائلة بأكملها امام منزل آدم وأحمد، يقوم كل من وليد وأمير بوضع الحقائب بداخل السيارات لكون نساء العائلة كلها قررت الذهاب للمنزل الخاص بيوسف لكي يقضوا يومًا


 بمفردهم دون رجال أو غيرها .. تحت نظرات كل زوج إلى زوجته بنظرات مغتاظة من هذا القرار الذي لا يوجد مؤيد له



 من بينهم .. كل واحد فيهم يُريد زوجته ولكنهم جميعًا أصروا على فعل هذه العطلة قبل مجيء خاطب ندى الذي سيأتي بعد يومين من الآن. 


صعدن النساء بابتسامات متبادلة وضحكات من الفتيات الآتي يكادن ينفجرن من الضحك من نظرات والد كل واحدة منهم. 


ودع كل زوج زوجته وابنته وانطلق وليد بالسيارة التي بداخلها والدته أميرة وندى كما سجدة أيضًا وحياة وأوركيد التي جلست إلى جانب ندى يتحدثا في أمورٍ عدة.. 

 

أما عن أمير كانت بجانبه زوجته ورد وبالخلف تجلس روز وبجانبها وعد وغادة..


ترجل الجميع من السيارة بعد مرور ما يقارب الساعتين على انطلاقهم من المنزل، فتح أمير باب الحديقة ومن ثُمَّ أعطى مفتاح باب المنزل لوالدته وودعهم هو ووليد وما لبث أن يخرج من باب الحديقة إلا وتقدم منهم مُجَدَّدًا وتساءل:

- نسيت اسألكوا .. انتو محتاجين حاجة؟ 


ردت عليه وعد بابتسامة:

- لا يا حبيبي مش محتاجين .. خلي بالك من نفسك أنت ووليد وطمني لما ترجعوا .


ودعهم مرة أُخرى وخرج من الحديقة وسرعان ما دخل مُجَدَّدًا قائلًا:

- أنا حاسس انكوا محتاجيني؟ 


كتمت ورد ضحكتها بأعجوبة وردت عليه روز هذه المرة وقالت بمكر:

- آه محتاجين فشار لأني نسيت اجيب معايا .


رمق عمته بغيظ وخرج وفعل فعلته مرة أُخرى بمرح وضحكة تمردت وخرجت بقوة:

- يا جماعة لو محتاجين حاجة قولوا ما تتكسفوش . 


انفجر الجميع عليه ضحكًا ليبتسم هو واقترب من زوجته طابعًا قبلة طويلة على جبهتها مودعًا إياها بحب بعدما أخذ يوصيها على نفسها وفعل المثل مع والدته وغادة وعمته. 


❤ اللهم صل وسلم وبارك على نبيبنا محمد ❤


حل الليل سريعًا والجميع جالسين بالحديقة في جو مليء بالمرح دون تقييد او خوف من شيء .. الفتيات يلتفن حول حلقة دائرية وتقوم وكل واحدة منهم بالتفكير في سؤال لأُخرى بعدما يأتي دورها في الاسئلة .. 




كما النساء الآتي يجلسن بحلقة دائرية أيضًا ويقمن بتسميع القرآن بعضهم لبعض والتصحيح لو واحدة وقعت في خطأ وسريعًا توجهوا لصنع الطعام الذي قامت روز بتحضيره من ليلة أمس كما اتفقت هي وصديقاتها بشوي اللحم كما يعشقن سويًا. 


تقدمت وعد من باب الحديقة حينما استمعت لطرقات خفيفة، ترددت في فتح الباب لكنها اطمأنت عندما شعرت بوجوده وبرائحته التي اغترقت أنفها.. دارت بمقبض الباب مع ابتسامتها الواسعة وهي تراه أمامها بابتسامته الطفولية قائلًا بخفوت: 



- ماقدرتش اصبر .. حسيت الوقت بيمشي بالبطئ عشان يتعبني بس .. وحشتيني. 


ابتسمت بحياء وهي تنظر خلفها لصديقاتها ومن ثُمَّ تعود بعينيها إليه قائلة بهمس:

- امشي لأن لو روز شافتك هتموتني وتموتك .


أنهت حديثها تزامُنًا مع استماعها لصوت روز العالي:

- فيه إيه عندك يا وعد؟ 


اقتربت منها روز ورمقتها بنظرات جعلت وعد تقترب من يوسف لا إراديًا لتحتمي خلفه، نظرت روز ليوسف بصدمة مردده ببرود:

- جاي ليه؟ 


يوسف بغيظ: 

- ماكونش اخوكي الكبير؟ يا بنتي عيب كده بقا .. وبعدين مش جاي لوحدي أنا ! 


أنهى حديثه وابتعد قليلًا من الباب ليتبين من خلفه جميع الرجال .. تراصوا في خط مستقيم ودخلوا للحديقة تحت صدمة النساء بمجيئهم.. نهضت كل واحدة منهم ونظرت إلى زوجها بتعجب لوجوده ليرددوا بنفس الوقت وبصوت عالي:

- ما قدرناش نعيش من غيركوا والله . 


انفجرن بالضحك واقربت كل زوجة من زوجها وهي ترحب به ليجلسوا سويًا في جوٍ مليءٍ بالضحك بين النساء والرجال الذين لا يتركون شيئًا وإلا وعلقوا عليه. 


     ❤ استغفر الله العظيم وأتوب إليه ❤


بغرفة ما بالمنزل.

يجلسن الفتيات على الفراش يتحدثون في أمور عدة .. كانت أوركيد تقف أمام المرآة تقوم بتجفيف شعرها بعد حمام سخن دافئ لكي يرخي اعصابها المشدودة برؤيته منذ قليل. 


كانت تمشط خصلات شعرها بشرود، متذكرة عينيه الحمراء وملامحه الباهتة وجسده الذي نحف للحد الذي جعلها للحظة تظن كون هذا الواقف ليس بكرم .. هل حُزنها لهذا الحد يهمه؟ 


انسالت دمعة حارقة على وجنتيها رغمًا عنها، جففتها سريعًا بعدما استمعت إلى صوت ندى وهي تدعوها للجلوس معهم ..



 أخذت شهيقًا عميقًا أخرجته بوهن وهي تقترب منهن بابتسامة مزيفة ليبتسم القلب بسخرية من كبريائها وكذبها الذي تنجح به دائمًا .. تنجح في اخفاء ما لا يستطيع هو اخفاؤه. 




قالت ورد بعد تفكير عميق فيما يفعلوه في هذا الوقت:

- إي رأيكوا نستغل الوقت اللي قاعدينه سوا .. بأن كل واحدة فينا تقول معلومة عرفاها أو قصة .. سواء كانت في الدين أو أي حاجة مثلا .


تحمسن الفتيات وأخذت كل واحدة منهم في التفكير في شيءٍ ما لتقوله .. صرخت سجدة بفرحة لكونها علمت بماذا ستتحدث:

- أنـااا اللي هتكلم .


ضحكوا جميعًا عليها لتبتسم سجدة وتبدأ بالحديث: 

- خليني اتكلم معاكوا عن قصة "اصحاب السبت" ربنا سبحانة وتعالى بيقول في القرآن: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ


 حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}  


اصحاب السبت دول كانوا من بني إسرائيل قوم سيدنا موسى عليه السلام .. بقرية على ساحل البحر الاحمر.


ربنا سبحانة وتعالى ابتلاهم بأنهم ما يصيدوش الحيتان يوم السبت هتسألوني طيب ليه حرم عليهم الصيد يوم السبت؟ 



لأن ربنا أمر أهل القرية بأنهم ياخدوا اليوم ده عيد ليهم .. يذكروه وينشغلوا بعبادته وما يمارسوش أي عمل دنيوي لأنهم كانوا قوم مش بيحافظوا على العبادة في باقي الايام .. هما



 طبعًا كانوا بيصيدوا السمك وكان السمك يوم السبت بيبقى كتير بشكل ملحوظ .. ماقدروش يصبروا وكان ده ابتلاء وامتحان من الله عز وجل ليهم .. كانت الحيتان مطمنة إن 


يوم السبت مافيش صيد فـ كانت بتخرج في اليوم ده لحد ما اختبرهم ربنا في كتر عددها في يوم السبت .. يبقى الحيتان مابتظهرش طول الاسبوع إلا في يوم السبت وبتكون ظاهرة على المية .


واحد من اهل القرية اشتهى أكل السمك .. اغواه الشيطان وفكر في حيلة للصيد.. عمل إيه بقا؟

 

راح للشاطئ يوم السبت وشاف سمكة كبيرة .. ربط ديلها في حبل والطرف التاني ربطة في وتد واخدها تاني يوم وشواها



 ولما سألوه أهل القرية انكر اللي عمله ولما أصروا بأنهم يعرفوا قال لهم: إنه جلد سمك لقاه وشواه ولما اتكرر الموضوع الاسبوع اللي بعده سألوه فقال: إن شئتم صنعتم كما أصنع ..



 وقال لهم على اللي بيعمله .. تفننوا هما في حيلة بأنهم حفروا حفرة متصلة بالبحر بواسطة ممرات من السهل سدها وعمل كده الكتير منهم لحد ما وصل بيهم الحال بأنهم صادوا يوم السبت وباعوها في الاسواق .. انقسموا لتلت طوائف.. طائفة



 اعتدت يوم السبت، وطائفة مااعتدتش ونهت اللي اعتدوا فيه وطائفة ما عملتش حاجة بس ما نهتش اللي اعتدوا في يوم السبت وقالوا للناس اللي نهوهم: لم تعظون قومًا الله مهلكهم أو معذبهم عذابًا شديدًا .. 




فردوا عليهم اللي نهوا: قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون. 


ولما كملوا في اللي بيعملوه وما اخدوش بالنصيحة... نزل ربنا عذابه على الطائفة المعتدية بأنه مسخهم لقردة فضلوا تلت ايام على الحال ده وبعدها ماتوا .. بس كـددااا .


أنهت حديثها مع تصفيق الفتيات وفرحتها هي الداخلية بما قالته.. لتستكمل ندى من بعدها:

- أنا بقا هقول معلومة بسيطة خالص .. فيه حديث بيقول "إنَّ العبدَ إذا قَامَ يُصلِّي أُتِي بُذُنوبِه كُلِّها فَوُضِعَتْ على رأسِه وعاتِقَيْهِ، فكُلَّما رَكعَ أو سَجدَ تَساقَطَتْ عَنْهُ" 


يعني الذنوب بتبقى في راس الانسان وكتفه لما يصلي فلما بيسجد او يركع ذنوبه بتتساقط منه عشان كده مستحب الاطالة فيهم واستغلالهم ..  


كمان فيه حديث رواه مسلم عن أبي هريرة، أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "أقربُ مَا يَكونُ العبْدُ مِن ربِّهِ وَهَو ساجدٌ، فَأَكثِرُوا الدُّعاءَ" 


ران عليهم الصمت لتصرخ ندى بهم بغيظ:

- أنا خلصت على فكرة! 


الفتيات بصوت واحد:

احنا مستنيينك تكملي. 


ضحكن سويًا وتابعت ورد من بعدها: 

- اغلب الناس بتستغرب العيشة اللي بقينا فيها.. الخنقة وديقة الصدر اللي بقيت شيء اساسي عند أي حد، أي حد هتكلميه هتلاقيه بيقول إنه مدايق وكذا وووو. 




الاغلب بيفكر في الانتحار من العيشة وتعبها وكمية المشاكل اللي بيواجهها الشخص .. أنا ممكن اقول لك إن الانتحار ممكن هيريحنا من متاعب وصعوبات الدنيا ووجعها .. لكن اكيد مش هيريحنا في عذاب الآخرة! 


ربنا سبحانة وتعالى بيقول: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا. 


يعني اللي أعرض عن ذكري وتولى عنه وما قبلهوش وما استجابش ليه وما اتعظش بيه ويعمل الحاجات اللي ربنا نهاه عنها .. فإن له معيشة ضنكا والضنك هنا يعني عيشة ديقة وشقاء وتعب.




اختلف أهل التأويل في موضع العيشة الضنك .. فيه اللي بيقول عيشة ضيقة، أو شقاء وفيه اللي بيقول إن جزائهم هيكون في الآخرة في جهنم يعني .. واللي بيقول معنى



 "معيشة ضنكا" يعني رزق في المعصية والعياذ بالله .. وكمان الرزق السئ والكسب الخبيث وفي عذاب القبر .. تأويل كتيرة.


ربنا بيقول: ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.

يعني ده ما يمنعش إن العيشة الضنك هتكون في حياتهم الدنيا أو في القبر أو في نار جهنم. 


احنا في ايدينا الدوا لكن الانسان بطبعة بيحب يرمي حمولة على الغير! ما يعرفش إن الحلول كتير بس محتاجة للي يستخدمها صح. 


نظرت ورد لأوركيد وكذلك فعلن ندى وسجدة منتظرين وردها لكنها قالت بمرح:

- لا أنا في وضع الاستماع بس . 


اقتربن منها واحتضناها مع كلماتهم المضحكة لكي تضحك وتنسى ما حدث. 


***********


بـالخارج... 


جالس بجانب الجميع ولكنه منشغلًا بها، يُريد رؤيتها ولو لثوانٍ فقط وهي كأنها متعمدة عدم خروجها من الغرفة. 


كان يقف عند باب الحديقة بعيدًا عنهم بمسافة ليست بكبيرة، اقتربت منه روز حينما وقعت عينيها عليه وشعرت بالحزن تجاهه وتجاه ابنتها رغم ما فعله بها.


تقدمت منه بتردد لكنه في النهاية تشعر تجاه كرم بأنه ابن لها .. صافحته وبقيت إلى جواره تُناظر العائلة بابتسامة من ضحكهم المستمر داعية ربها بأن يديم عليهم هذه الابتسامة.


قالت لكرم الذي فضل الصمت:

- إيه رأيك نقوم نعمل فشار ونتسلى؟ 


لم تعطيه فرصة للتفكير وأمسكت بيده وتوجها للمطبخ تحت ابتسامته من عمته وتعاملها معه .. قال روز باقتراح: 

- إيه رأيك نعمل فشار بالكراميل؟ 


رفع إحدى حاجبية بتعجب لتتابع بغرور مصطنع:

- الحمد لله ما فيش مرة عملته إلا والكراميل اتحرق. 


صمت حل المكان تتبعه انفجارهم بالضحك.. جلس كرم إلى مقعد بزاوية في المطبخ بحزن بادٍ على ملامحه، أردفت روز وهي تقترب منه مع مسكها ليديه بابتسامة مطمئنة:



- الغلط بيتصلح والنفوس مسيرها تتصافى .. والثقة اللي اتهدت مسيرها بردو ترجع أقوى من الأول بس عايزة قوة كبيرة للتكملة .. والعلاقة اللي اتدهورت بأفعال غلط هتتصلح



 بأفعال تدل قد إيه الشخص ده شاري .. لازم يبقى عندك عزيمة وقوة لأنك ما تضعفش في أي وقت .. ولازم أي فعل يتعمل يبقى نابع من قلبك.. تبقى واثق من جواك إنك بتحبها، قلبك يحركك لأنه بيحب.


أنت محتاج قبل ما تتقرب من أوركيد وتصلح اللي حصل، تقعد مع نفسك وتشوف نفسك بتحبها وعايز تكمل باقي حياتك معاها ولا لا .. أنت آه جوز بنتي بس في نفس الوقت ابني وعايزالك الخير كله. 


قوس شفتيه حُزنًا وقال:

- أنا وهيا متخاصمين! 


روز بتساءل:

- مين دي؟ 


اجابها بهدوء:

- نفسي .. أنا ونفسي متخاصمين .


أنهى حديثه وانفجرت روز بالضحك وشاركها هو الضحك لتحتضنه روز وهي تربت على ظهره بحنان داعية الله له ولابنتها بالهداية وصلاح حالهم.


     ❤ استغفر الله العظيم وأتوب إليه ❤


فتحت إحدى حقائبها وهي تخرج من جوفها علبة حافظة للطعام.. اغلقت الحقيبة وتوجهت للفراش وهي تشرع بأكل المحشي بنهم .. اقتحمت الغرفة من قِبل الفتيات الآتي نظرن



 إليها بصدمة مما هي فيه، كانت تأكل بشراسة غريبة .. رفعت وجهها إليهم وبيدها مُمسكة بمحشي الورق العنب، ابتسمت بخجل وتساءلت:

- مالكوا ؟  


لم تتفوه واحدة منهم بكلمة فقط ينظرن للذي تحمله .. قالت أوركيد بمرح:

- أحاسيسي كلها ماتت ماعدا احساسي تجاه الاكل لسه موجود ما متش! 


انفجرن بالضحك تزامُنًا مع ركضهم لأوركيد التي صرخت بفزع وأخذت كل واحدة تأكل مثل أوركيد مع ضحكهم ومرحهم المعتاد طالما نفس المكان يجمعهم. 


قالت ورد بعد وقت طويل من الضحك بينهم:

- باذن الله يا سجدة أنتِ وندى ما تعديش الامتحانات إلا وتكونوا مخطوبين ومبسوطين يا رب 


شعرت بالخجل سجدة بينما قالت ندى سريعًا:

- لا أنا عايزة أكون في بيته .


نظرت إليها أوركيد بصدمة وانفجرت ضاحكة ورد على حديثها وقالت بضحكة عالية:

- مدلوقة أوي ما فيش كلام! 


دخلت حياة عليهم الغرفة وقالت بابتسامة:

- يلا يا بنات الاكل جاهز . 


ركضن للخارج سريعًا وكانت في المقدمة أوركيد مما جعل ضحكهم يتزايد من هذه الفتاة التي لا ترفض الطعام أبدًا. 


جلست العائلة بأكملها بالحديقة .. النساء في مكان والرجال بعيدًا عنهم بمسافة ليست بقليلة .. يُلقي بعضهم المداعبات



 للمزاح كما شجار الفتيات والشباب أيضًا مما اعطى للسهرة فرحة خاصة بهم... الجميع يشعر بالسعادة متناسيين ما حدث


 عداه هو، يختلس النظرات لها بضحكتها التي سلبت عقله للمرة التي لا عدد لها .. الشيء الذي دعاه للمجئ هو فقط رؤيتها، قادرة على اسعادهُ رغم أنه محُزنها. 


      ❤ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ❤

 

مر اليومين سريعًا مع توتر تلك المسكينة الجالسة إلى فراشها تفرك يديها معًا بتوتر .. الساعة تعدت السادسة مساءً، يتبقى ساعة ونصف فقط على حضور هذا الخاطب الذي كاما تذكرته



 شعرت بألم شديد في معدتها، استمعت إلى جرز الباب.. تحركت من مكانها وفتحت الباب ليتبين أمامها والدها مُمسكًا



 بيده العديد من الاكياس طالبًا إياها بمساعدته بتعب ظاهر عليه، أمسكت منه القليل من الاكياس ودخلت للمطبخ لكي تعطيهم لوالدتها. 


خرجت وما لبثت أن تدخل غرفتها إلا واستمعت لصوت أوركيد العالي:

- عروستـااااااي .. أنتِ فييـن . 


رمقتها بغيظ جعل أحمد ينفجر ضاحكًا عليهم مع اقترابه منهما وطبع قبلة على جبهة كل واحدة فيهم وحديثه لندى لكي تهدأ لكونه يرها متوترة بشكل ملخوط... قالت أوركيد: 

- ما تقلقش يا عمي .. أنا معاها .


ابتسم أحمد لأوركيد ودخل لغرفته تاركًا خلفة أوركيد التي ابتسمت بخبث وأمسكت بيد ندى ودلفت لغرفتها وفتحت خزانتها تبحث عن شيء يليق بندى في يوم مثل هذا اليوم المهم لِكليهما.


********* 


- اخبار العريس إيه؟ 


قالتها ميار التي دخلت لغرفة مالك بعد وجودها لباب الغرفة مفتوح .. دار مالك بجسده تجاهها بابتسامة خفيفة بعدما انتهى توًا ما ارتداء حذائه، نهض من مكانه وذهب للمرآة



 الخاصة به بُناظر هيئته بهذا التيشيرت الابيض والبنطال البترولي الذي اعطاه مظهرًا جزابًا.. وضع من البرفان الخاص به.


تقدم من ميار التي كانت ترتدي فستان بخمارها الذي اول يوم لها به.. طبع قبلة حانية على جبهتها قائلًا بفرحة:

- طالعة قمر بالخمار يا قلب اخوكي .. ربنا يثبتك ويزيدك يا رب . 


ابتسمت بخجل وقالت بمرح:

- يلا خلينا نروح .. متحمسة اشوف ردة فعل ندى لما تشوفك .


ركضت للخارج سريعًا وتتبعها مالك الذي ضحك بقوة على افعالها متوجهين لمنزل أحمد. 


     ❤ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ❤ 


نظرت لهيئتها في المرآة بابتسامة واسعة لفستانها الازرق الذي يتوسطة حزام أبيض كما خمارها الابيض أيضًا وبعض المساحيق التي أبرزت جمالها .. استنشقت شهيقًا قويًا أخرجته



 على مهلٍ وجلست إلى الفراش بتوتر، اقتربت منها أوركيد ودخلت الغرفة أميرة لكي تخبرهما بأنه بالخارج هو وعائلته .. زفرت أوركيد بحنق وقالت لأميرة:



- تعالي شوفيها يا مرات عمي .. قال إيه مش عايزة تطلع غير بالنقاب! 


تساءلت أميرة بتعجب وهي تقترب منها وتجلس إلى جوارها:

- ازاي ده يعني؟ مش لازم يشوفك ويعاينك. 




جحطت عيناها وقالت بصراخ:

- يعايني؟ ليييـه هو أنا بضاعة؟ أنا بضاعة يا ماما ؟


كتمت أوركيد ضحكتها واجابتها أميرة بسرعة:

- لا يا قلب أمك، ده أنتِ عملة نادرة .


نظرت لأوركيد بصدمة، نهضت من مكانها وتحركت إلى شرفة الغرفة لكي تستنشق من الهواء الطلق .. قالت بعصبية:



- كمـااااان، طيب مش هطلع من غير النقاب يعني مش هطلع .


اقتربت منها أوركيد وقالت:

- لا بقول لك إيه؟ ما هو أنا مش بعد ما تعبت في تجهيزك هتقولي لي إنك مش هتطلعي غير بالنقاب! وبعدين ده يحق ليه شرعًا بأنه يشوفك .




تعلم تمام العلم بأنه لديه الحق الكامل في رؤيتها لكنها تشعر بالتوتر بشكل يجعلها لا تُريد الخروج من الاساس .. قالت بخفوت:



- مش لازم يشوفني دلوقتي .. وبعدين لو عايز يشوفني خليه يشوف صورتي ف البطاقة .


انفجرت أوركيد ضاحكة وقالت:

- بذمتك عايزاه يشوف شكلك في البطاقة ؟ 


اخفت ابتسامتها باعجوبة واماءت امائه خفيفة تحت ضحك أميرة المستمر عليهم وعلى مرحهم .. قال أوركيد بضحكة عالية:



- أنتِ بعد الجواز لو عايزه تخوفيه طلعيله البطاقة .. صدقيني ما هتشوفي وشه تاني . 


رمقتها ندى بغيظ لتضحك أوركيد وأخدت تتأسف بضحكات عالية.


نهضت أميرة من مكانها وقالت:

- طيب يلا بقا .. كفاية ضحك كده العريس مستني وكده عيب . 


خرجت الفتيات سويًا تحت توتر ندى من مصيرها المنتظر .. أخذت صينية العصائر التي اعطتها إياها أميرة وقبل دخولها لغرفة الضيوف أمسكتها أوركيد وهي ترفع هاتفها ملتقطة بعض الصور لهما وهي تطبع قبلة حانية على وجنتيها بفرحة



 حقيقية كما أيضًا ضغطها لزر الفيديو تزامُنًا مع دخول ندى للغرفة لكي تحتفظ بهذه الذكريات.. دون اخبار ندى بما تُريد فعله لكونها تعلم تمام العلم أنها سترفض. 


دخلت ندى الغرفة وألقت السلام عليهم وما لبثت أن تتقدم من الطاولة لكي تضع الصينية عليها إلا ووقعت عينيها عليه ..



 صُعقت من هول صدمتها برؤيته جالسًا بجانب اخيها وليد بابتسامته التي وقعت بها حُبًا دون شعورٍ منها...


         الفصل الثامن والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-