CMP: AIE: رواية خفايا القدر الفصل الواحد والعشرون21بقلم روان عرفات
أخر الاخبار

رواية خفايا القدر الفصل الواحد والعشرون21بقلم روان عرفات


 

#خفايا_القدر 

#الفصل الواحد_والعشرون..

#بقلم روان_عرفات. 


كانت تجلس أمام التلفاز تُتابع فلمًا سنيمائيًا قديمًا وصوت ضحكتها تملأ المكان، غير عابئة بجرز الباب الذي لا يكف عن مناداتها لفتح الباب .. نهضت من



 الأريكة بتأفف من هذا الذائر الذي لا يكف عن طرق الباب بطريقة أزعجتها.. أخذت تصرخ بصوتٍ عالي كونها ستُلبي ندائه، دارت بمقبض الباب تزامُنًا مع شهقتها برؤيتها لآخر شخص تود رؤيته في هذا الوقت بالتحديد .. 


ابتسامة صفراء احتلت ثغره بخوفها، تخطاها ودخل الشقة بلامبالاة واضعًا يده بجيب بنطاله، يتجول بعينيه على المكان الذي تبدل حاله بابتسامة تتسع تدريجيًا.. دار بجسده نحوها وقال بتعجب:



- إيه هتفضلي واقفة عندك كده كتير؟ ده حتى عيب على واحدة زيك الناس تعرف بوجود راجل في شقتها وهيا وحيدة!  


أغلقت الباب بسرعة ودارت بجسدها تجاهه، خافضة رأسها بخوف منه أو بخجل من كونها كانت تجلس معه بيوم من الأيام.. جلس فارس على الأريكة التي كانت تجلس فيها قبل مجيئُه، أمسك صحن الفشار وأخذ منه القليل مع قوله لها بنظرة عينيه التي تتفحصها: 



- بس تصدقي حلو الدور اللي أنتِ عايشة فيه ده... لا وشريف. 


أنهى حديثه بضحكة عالية جعلتها تُناظره بألم يغزو قلبها، لطالما كان أقرب الاصدقاء إليها رغم كونه سببًا في كُلَّ شر يحدث لها .. جلست على بُعدٍ منه وقالت بعصبية: 



- أنت عايز مني إيه دلوقتي؟ أنا بعدت عن الطريق ده وقطعت علاقتي بكل اللي كنت أعرفهم فلو سمحـ.. 


قاطعها بحدة واقترب منها مع مسكهُ لمعصم يدها بقوة آلمتها.. قائلًا بنفاذ صبر: 




- بقول لك إيه يا روجينا.. جو البراءة ده والتغيير اللي حصل لك مش هيدخل دماغي فخليكِ زي ما كنت أعرفك قبل كده واللي أقوله لك تعمليه بالحرف الواحد .. تمام؟ 


أخذ يشرح لها مخططه الذي سيكون الضربة القاضية لكرم وزوجته أو السكين التي ستقطع ما تبقى من علاقتهما.. كانت تُناظره بزعر ظاهر عليها ودموعها تنسال على خديها بغزارة، قال بهدوء بعدما ابتعد عنها:

- ها قولتي إيه؟ 


هزت رأسها عدة مرات رفضًا.. وضعت يدها على فمها بصدمة وهي تتخيل ردة فعل كرم أو بكاء أوركيد أو وعد وصدمتها فيها بعد الثقة التي وضعتها بها ومساندتها لها في أشد أيامها ضعفًا .. قالت برفض تام وهي تبكِ: 

- أنا مستحيل أعمل كده .. بعترف إني عملت قبل كده بس خلاص، مش هينفع.. مش هقدر صدقني.


ضحك فارس بملء شدقيه ثُمَّ نظر لها ووضع قدم على الأُخرى وقال:

- هو أنتِ متخيله الست اللي بتحبك دلوقتي لو عرفت كمية الأذى اللي حصلت لأبنها بسببك ده غير الحادثة واللي حصل له.. متخيله هتفضل تحبك؟ بالعكس دي هترميكِ ومش بعيد تقدم لك بلاغ. 


نظر لها بابتسامة على بكائها وكأنه وصل لمبتغاه، نهض من مقعده بعدما رمقها بنظرة سريعة وقال:

- هتفضلي زي ما أنتِ ضعيفة.. أنا مش عايز مساعدتك أنا بس حبيت أفكرك بماضيكِ اللي هيفضل ملازمك طول عمرك وشرك وطمعك اللي خلوكِ تحبي شخص متجوز! 


أنهى حديثه وغادر المكان وكأنه لم يفعل شيئًا.. يمشي بين الناس لكي يأذيهم بالشر الذي يملأ قلبه بسبب وبدون سبب.. بداخله نقص لا يمتلأ إلا برؤية دموع أحدهم.. قالت روجينا ببكاء فور خروجه من الشقة:

- وأنت هتفضل طول عمرك مريض ومحتاج تتعالج. 


      💛 استغفر الله العظيم وأتوب إليه 💛


ابتسامة واسعة تحتل ثغر هذا الجالس على مقعده فور وقوع عينيه على صورتها التي تحتل شاشة هاتفه، تنهيدة مفعمة بالآلآم خرجت منه تزامُنًا مع نظرته التي وقعت على المكتب المُمتلئ بالملفات التي



 تخص القضية إياها .. أخذ يمسك بملف وسرعان ما يتركه ويمسك الآخر وعلامات التعجب تحتل ملامحه رغم كونه يعلم تمام العلم كون كريم يتعامل مع الجميع بالمال وأي مشكلة يكون حلها المال...



 استوقفه إحدى البلاغات التي كانت تُدين كريم وسلاح قوي لحبسه لكنه كَكُل مرة كان يخرج منها وكأنه لم يفعل شيئًا.. تنهد ببعض من الحيرة من أمره، ما الذي يمكنه فعله لكي يوقعه في شر أعماله دون ان يتأذى أيًا من معارفه؟ 


خرج من مكتبه سريعًا قاصدًا مكتب صديقة الذي يكبره سنًا ومرتبة كونه يعمل بهذا المجال منذ زمن كما احترافيته وذكائه الخارق الذي يجعله يرتفع مراتب بالمخابرات.. 



طرق الباب عدة مرات مع دخوله الغرفة دون انتظاره للرد، ناظره ناصر بغيظ مصطنع وشهقه عالية أصدرها كما يديه التي وضعها على قلبه من شدة دقاته مع قوله: 

- يابني خضتني وبعدين المكاتب ليها حُرمتها .. وسؤال وعايز اجابة ليه، هو الباب اتعمل ليه؟ 


نظر إليه سراج بابتسامة خفيفه وقال ببرود:

- عشان سراج يخبط عليه ويدخل على طول! هاهاها.


انفجر ناصر ضاحكًا من حديثه وملامحه المضحكة رغم كونه لا يبتسم حتى! نظر إليه ناصر بغيظ من هذا البردو الذي يحتله وأردف:

- لا حول ولا قوة إلا بالله .. يـااا بني ااضحك، ده حتى الابتسامة في وجه أخيك صدقة.. اللي هو انا أخوك يعني.




ابتسم باتساع وجلس على المقعد المُقابل لناصر وقال بهدوء:

- المهم بس.. انا عايزك تطلعني من الحيرة اللي انا فيها وتساعدني. 


أخذ يعطيه الملفات مع حديثه وشرحه بكل ما يتعلق بكريم كما حيرته في ايقاعه دون ضرر لأقربائهُ.. كان ينصت ناصر إليه بذات الحيرة على الرغم من حله للعديد من القضايا ولكن هذا الشخص بالتحديد لم تُنسب له قضية واحدة إلا وكان يخرج منها دون مجهود بل وكان يأخذ المال مقابل لهذه التهم الباطلة.. قال سراج: 



- المشكلة هنا أي قضية بتكون ضده في أقل من ثواني بيكون هو برا الموضوع خالص وكأن اسمه ما تذكرش من البداية.. المشكلة كمان إن لا ليه أهل ولا ابناء اهو تعرف نقطة ضعفه منها. 


اسند رأسه على الكرسي وناظره بتفكير، ظل صامتًا لوقت يجهله وسراج يتحدث معه ويُناديه ولكنه في عالم آخر.. قال بهدوء بعد وقت عميق من التفكير: 



- ومين قال لك إنه ما لهوش نقطة ضعف؟ كل انسان وليه نقطة ضعف ومش لازم هتكون في شيء حي!


اعتدل الآخر في جلسته وناظره بتركيز ليتحدث هو بدوره ويقوم بشرح ما دار بمخيلته:

- لو تركز في حالته المادية العالية واللي بتخليه يعمل أي حاجة بدون خوف.. هتعرف إنه من غير الفلوس ولا حاجة.. الفلوس قوته فـ لو الفلوس دي اتسحبت منه قوته هتضعف لأنه في الحقيقة ضعيف! 


رفع إحدى عاجبيه بعدم فهم وتساءل:

- ايوه يعني هنعمل إيه؟ 


اسند رأسه على الكرسي مُجَدَّدًا وقال ببطء وعينيه تنظر للأمام:

- هنسحب منه قوته.. واحدة واحدة. 


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


أغلقت الهاتف بابتسامة خفيفه من حديثها مع والدتها غادة الذي استغرق الساعتين وأكثر دون ملل من كلاهما .. لطالما كانت هي الشيء الوحيد الذي يدفعها للأمام بحديثها وحنيتها الطاغية، إلى الآن لا تكن لها سوى الحُب وكيف لا ومن دونها الحياة ليست بحياة.


. ولكن يوجد بداخلها حزن دفين لا تعلم إلى متى سيبقى بالقلب، تذكرت والدتها وتؤامها التي إلى الآن لا تعرف شيئًا عنه ولا حتى اسمه! اغرورقت عيناها بالدموع من هذه الاشياء التي استجدت بحياتها أو الصدمات التي تلقتها دفعة واحدة .. تنهدت بملل من



 تفكيرها المستمر في ذات الموضوع والملل الذي أحاطها منذ أيام من الروتين الذي لا يتغير.. لا تعلم ما الذي حدث لكي تصبح حياتها بهذا الروتين الغريب رغم كونها تزوجت من شهر تقريبًا. 


نهضت من مقعدها بتثاءب قاصدة غرفتها لكي تنام وتكف عن التفكير فيما حدث وسيحدث غير عابئة بالمنزل وما يحتاجه وبزوجها الذي سيأتي بعد ساعات قليلة من عيادته التي سيتم افتتاحها بوقت



 ليس ببعيد مع وليد الذي بنفس سنه وكان معه بنفس الكلية.. ما لبثت أن تدخل غرفتها إلا واستمعت إلى رنين هاتفها مُعلنًا عن اتصالًا عاجلًا لكثرة الرنات التي تلقاها في أقل من دقيقتين .. رفعت إحدى حاجبيها


 بتعجب وتحركت تجاه الهاتف الذي كانت تضعه على الأريكة، حملته بين راحتي يديها وتعجبت كون المتصل ما هو إلا مجرد رقم غير مسجل بالهاتف .. قامت بالضغط على زر الاجابة ليأتيها صوت انثوي، قائلة بنبرة حانية:

- السلام عليكم ورحمة الله.. طمنيني عنك يا ورد.


ردت السلام بخفوت متعجبة نبرة صوتها الحنوني ومعرفتها بها.. تساءلت ورد بهدوء:

- مين حضرتك؟ 


تنهدت مي ببعض من الراحة كونها تمكنت من الاتصال بها بعد وقت طويل استغرقته في التفكير لخوض هذه المكالمة، ترددت في التعريف بنفسها خشية من عدم مجيئها لها ولأنها تُريد رؤيتها والحديث معها قالت:

- ينفع تجيلي؟ أنا في مطعم (..) .. قريب منك ومش عايزاكِ تخافي، لأني بحبك وبحب توأمك.


أنهت حديثها وأغلقت الهاتف وهي تُناظره بتعجب من الحديث الذي قالته لكنها لم تجد شيء يطمئنها سوى ما قالته، زفرت بحنق من خوفها بعدم مجيئ ورد بينما كانت الأُخرى بحالة لا يرثى بها من القلق والحيرة التي تمكنوا منها من حديث المتصلة ولكنها بنفس اللحظة تُريد الحديث معها طالما تعلم شيئًا عن توأمها التي تتوق لرؤيته .. وضعت الهاتف جانبًا بعدما ارسلت رسالة تخبر زوجها بخروجها من المنزل دون دخول في أي تفاصيل للمكان الذي ستذهب إليه.. لا تعلم كون ما تفعله سيجعلها تندم ندمًا شديدًا في تقصيرها في حق زوجها.. 


     💛 استغفر الله العظيم وأتوب إليه 💛


- وبعدين في الملل اللي مش راضي يمشي ده؟ 


قالتها سجدة التي تجلس بغرفة أوركيد بصحبة ندى .. رمقتها ندى التي كانت تحمل الهاتف بين يديها تتحدث مع ميار في أمور عدة، قالت بهدوء بعدما وضعت الهاتف جانبًا: 

- للأسف بنخلي الملل يسيطر علينا ومش بنحاول نغير من روتين الحياة.. بأي حاجة هنحس بالتغير والله. 


تدخلت أوركيد بالحوار بحماس وكأنها وجدت ضالتها لكونها تشعر بنفس الملل والتفكير في ذات الموضوع التي لا تعلم كيفية حله أو حتى البوح لأي شخص بما يحمله القلب لكي تجد حلًا له.. قالت: ىة

 

ذؤ

- طيب ما تيجوا نشوف إيه الحاجات اللي محتاجين نطور فيها نفسنا ونعملها .. أيًا كانت، دينية أو دراسية بإضافة هواية أي حد فينا .. وعايزين نركز جامد في هدف كل واحدة فينا ونشجع بعض على تنفيذه.


قالت ندى بسرعة وفرحة احتلتها بحديث أوركيد:

- أنا نفسي أوي انتظم في صلاة القيام. 


تابعت سجدة الحديث بعدها:

- وأنا نفسي أعمل ورد قرآن يومي وأنتظم عليه والاقي اللي مشجعني. 


ابتسمت أوركيد باتساع وقالت هي الأُخرى:

- وأنا نفسي نعمل مكان لصلاة القيام ونتجمع كل يوم ونصليها سوا ومافيش حد يكسل فينا. 


قفزت سجدة بحماس وقالت بصراخ:

- لا ده كده تعالوا في حضني.


ركضت إليهم سريعًا وانتشلتهم لأحضانها .. قالت ندى بضحكة دلت على فرحتها: 

- باذن الله هننفذ كل ده والبت ورد معانا .. باذن الله هنحقق كل اللي نفسنا فيه طول ما احنا سوا. 


والنفس لا تحتاج سوى صديقًا كلما ضاقت بك الدنيا بضمة يده تتسع، وبضحكة منه يفر كُلَّ ما يتعس روحك، وبداخل أحضانه تجد مأمنك الذي سلبته الحياة منك .. صديقًا يهون عليك مُر الأيام. 


💛 سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم 💛


دخلت ورد إحدى المطاعم وهي تتلفت بعينيها بالمكان، باحثة عن تلك السيدة التي حادثتها، لوحت لها مي فور دخولها لكونها تعرفها من الصور التي يحتفظ بها سراج في هاتفه .. ذهبت إليها بطمأنينة بعض الشيء من منظرها أو شيء بداخلها جعلها تطمئن! 


اقتربت منها مي وما لبثت أن تنتشلها لأحضانها إلا وابتعدت عنها ورد خوفًا.. قائلة بتوتر: 

- من قبل ما اقعد.. ينفع تقولي لي أنتِ مين؟ وتعرفيني ازاي؟ 


ابتسمت لها بخفه من تصرفاتها التي تشبه والدتها كثيرًا ونبرة صوتها المهزوزة، قالت بهدوء بعدما جلست مُجَدَّدًا على المقعد:

- الام التانية ليكِ.


ضحكت ورد بسخرية وقالت بدون وعي منها لِما تقوله:

- إيه ده هو بابا اتجوز التالتة وأنا ماعرفش! 


تجاهلت حديثها وسخريتها وقالت:

- اقعدي يا ورد وخلينا نتكلم .. أنتِ شكلك مشاغبة ومش ساهلة وده اللي كان واضح عليكِ من وأنتِ في اللفة. 


نظرت حولها بتوتر ثُمَّ رمقتها بنظرة سريعة وجلست مقابلة لها بصمت تام، أخذت مي تتحدث عن نفسها وعن صداقتها بوالدتها سوسن وماذا حدث يوم والدتها هي واخيها سراج وكيفية هروب والدتها ومساعدتها هي بذلك.. أخذت تسرد لها


 كل ما حدث تحت صدمة ورد بما تسمعه لكنها تظهر عكس ذلك، وكأن الحديث لا يعني لها شيئًا .. كما حديثها عن أخيها ومعاناته بعد وفاة والدتهما إلى أن قاطعتها بعصبية: 



- حضرتك شغالة تتكلمي في حاجات أنا مش عايزة اعرف حاجة عنها.. فلو سمحتي مـ...


قاطعتها الأُخرى بهدوء مستفز وهي ترفع هاتفها بصورة سراج الذي يجلس بمكتبه بهيئته التي جعلتها تتوتر بعض الشيء، قالت مي: 

- سراج توأمك .. الشبه ما بينكوا واضح أوي، أنا مش عارفة ازاي ماتعرفتيش عليه يوم ما كان هيخبطك بالعربية! 


ناظرتها ورد بصدمة متذكرة هذا اليوم ورؤيتها لها وتوتره فور وقوع عينيهما على بعض، أدمعت عينيها بألم احتل قلبها، تابعت حديثها بحنان وهي تربت على يديها بحنية بالغة مع دموعها التي تمردت وانسالت رغمًا عنها حُزنًا لصديقتها ولأبنائها وكل ما كل لهما: 



- مقدرة وضعك وكمية الصدمات اللي بتتصدميها بس أنتِ قوية وأنا واثقة فيكِ إنك هتعدي من كل ده طول ما سراج معاكِ .. وعلى فكرة بيحبك حُب غريب، بيحبك لدرجة إنه بيعد الثواني عشان يشوفك وتبقوا سوا. 


أردفت ورد ببكاء:

- بس هو شكله مش عايز يشوفني لأنه حتى مش بيحاول يقرب لي! 


نهضت من مقعدها واقتربت منها واحتضنتها بخفه مع قولها بذات النبرة الحانية:

- خايف منك.. خايف من ردة فعلك يا ورد، خايف ماترضيش تتقبليه رغم إنه مش متقبل حد غيرك في الدنيا .. لكن هو أكتر حد نفسه إنك تبقي معاه، المهم عندي إنك تكوني متقبلاه كأخ ليكِ.


تشبثت بأحضانها وقالت ببكاء مرير:

- رغم كمية الصدمات بس أنا حاسة إني محتجاله، يمكن لأنه اكتر شخص هيفهم أنا حاسة بأيه لأننا في نفس الوضع والألم! 


       💛 استغفر الله العظيم وأتوب إليه 💛


بالنادي.. جالسين الرجال بغرفة ما بالنادي، يتداولون اطراف الحديث بخصوص جاسر وما حدث معه.. كل واحد منهم يُفكر بالموضوع بمنظوره الخاص لحل الموضوع، قال آدم بحيرة:




- الموضوع حساس جدًا .. احنا اللي يا دوب صحاب جاسر.. آه عيلة مع بعضنا بس مصدومين لحد دلوقتي ومش مصدقين اللي حصل فما بالك بيه هو وعياله؟ 


زفر عمرو بقوة وأردف هو الآخر بهدوء:

- طيب والحل إيه؟ عايزين نحل الخلاف اللي ما بينهم حتى لو هيفضلوا يعاتبوا بعض لأيام .. العتاب هيصفي النفوس ده إذا كانت شايلة حاجة جواها لأنهم مهما كان من دم واحد . 


صمت عمرو ونظر لأحمد الجالس بجانبه بعفوية، مُمسكًا الآخر هاتفه بين يديه بابتسامة خبيثة لحديثه مع زوجته .. انتشل عمرو الهاتف منه بسرعة مع قوله بغيظ:

- يابني ما تركز معانا وتبطل حُب .. ده إيه ده يا ربي . 


انفجر كل من يوسف وآدم بالضحك من حديثه.. ناظره أحمد بلامبالاة وقال بابتسامة مستفزة بعدما اعتدل في جلسته:



- من رأيي اننا الاول نخلي الاخوات تتكلم مع بعضها .. تفضفض لبعضها وكل اللي جواه حاجة يقولها للتاني، لو حصل كده يبقى حتة جاسر وسراج ساهلة جدًا انهم يتكلموا .. باذن الله يعني . 


ضحك يوسف بقوة على نظرات عمرو الغاضبة من حديثه وقال من بين ضحكاته:

- لا ده احنا نخليك تحب ديمًا بقا .


ابتسم عمرو بخفه وكذلك أحمد وآدم .. قال يوسف بعض صمت لا بأس به من التفكير:



- أنا هتكلم مع ورد النهار ده وبكرة باذن الله هتكلم مع أمير وهخليهم يتكلموا .. ما تنسوش انهم لحد دلوقتي مايعرفوش حاجة عن بعض بس اللي مطمني انهم توأم وارواحهم هتحب بعض من قبل ما يشوفوا بعض حتى . 


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


بعد مرور أسبوع تقريبًا... عدة طرقات فعلها شخصًا ما على باب هذا الجالس بمكتبه الواسع ليأذن له بالدخول بنبرته الصارمة.. دخل الآخر بخطوات سريعة بعينيه التي تفحصت المكان أكمل بنظرة سريعة، ألقى تحية تليق برئيس عمله الذي




 لم يرفع رأسه من على حاسوبه الالكتروني، تحمحم بهدوء جعل الجالس يرفع عينيه ويُناظره بفضول لِما يحمله بين يديه من دفاتر .. قال الرجل بتوتر لردة فعله التي يعلمها جيدًا:



- فيه عيل كده بيدور وراك .. والغريب إنه مش ساكت، حاولت أسكته زي ما بنعمل ديمًا لكنه مابيستقبلش أي حاجة .


تلقى حديثه بلامبالاة على عكس توقع هذا الواقف الذي ناظره بذهول .. ترك ما بيديه وانتبه إليه ولحديثه ولكن الغريب كون الأمر لا يعني له.. لا يعلم كونه اعتاد على هذه المقدمة أم أنه باع الدنيا وما فيها بمجرد فقدانها؟ يعلم كونه فقدها منذ أمدٍ،



 منذ زواجها من غيره ولكنها ورغم ذلك كانت بقلبه، كان مطمئن كونها على قيد الحياة، أي قلبٍ يمتلك لينتقم منها بهذه الطريقة البشعة .. أخرجه من شروده فيها حمحمة الرجل ليتساءل كريم بهدوء: 

- ماعرفتش ميـ.. 


قاطعه الآخر بسرعة:

- عيب عليك يا باشا ده أنا اول ما شميت خبر جبت كل اللي يخصه وأهو عندك .


أنهى حديثه باقترابه من المكتب الذي وضع عليه بعضًا من الملفات التي تحوي بداخلها كل ما يخص سراج .. حمل كريم ملف بين يديه وأخذ يقلب وريقاته بملل إلى أن وقعت عينيه



 على اسم الشخص الذي منذ لحظات كان لا يعني له شيئًا .. اتسعت ابتسامته تدريجيًا وتبدلت لامبالاته لنظرة عينيه للأمام بشر يتطاير من جفنيها، قال وهو يجز أسنانه غيظًا :

- والله ووقعت تحت ايدي يا ابن سوسن . 


أنهى حديثه وهو يطلق ضحكة عالية رجت أركان الشركة من شره الذي سينال منه الجميع لا محاله! 


💛 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 💛


تعدت الساعة الرابعة عصرًا .. نزلت ورد ادراج السلم ببطء بعدما رسمت ابتسامة خفيفه على شفتيها لتستقبل ضيوفها التي اخبرتهم وعد بوجودهم بالمنزل، دخلت إلى غرفة الضيوف للتفاجئ بوجود الطفل الصغير الذي سبق وكان بينه



 وبين أمير شجار ما كان سينتهي على خير أبدًا لولا فرار الطفل من المكان .. تنهدت بتوتر واقتربت منهم وألقت عليهم السلام بخفوت، تسارع والد الطفل خالص بالحديث باعتذار وخجل:




- آسف جدًا لو كنا جينا في وقت متأخر .. بس خالد أصر عليا إنه يجي يسلم عليكِ قبل ما نسافر وأنا حقيقي كنت متشوق لرؤية الانسانة الوحيدة اللي خلت ابني بالشكل ده .


ابتسمت بتكلف وقالت بهدوء: 

- مافيش تأخير وقت ولا حاجة، خالد من أكتر الاطفال حُبًا لقلبي .. ربنا يحفظه ويهديه للطريق المستقيم ديمًا يا رب .


دخلت وعد الغرفة ووضعت صينية العصائر بالطاولة وأعطت كل واحدٍ منهما كوبه، وخرجت من الغرفة لكي تتركهم على راحتهم.. هكذا ظنت وتناست وجود زوجة ابنها مع رجل لا




 تعرفه ولا يعرفها ولا يوجد بينهما قرابةً حتى .. أخذ والد الطفل يتحدث في أمورٍ عدة ويضحك ويلقي الدعابات مما يجعل ورد تنفجر ضاحكة هي الأُخرى غير عابئة بهذا الواقف



 على الباب ينظر إليهما والشر يتطاير من عينيه .. لم يحتمل أكثر من ذلك ودخل الغرفة تزامُنًا مع قول الرجل بخفوت وهو يُطالع ورد بنظرات غريبة:



- شخصيتك بسم الله ما شاء الله عليها، تخلي اللي معاكِ مش عايز يسيبك من طريقة كلامك وده باين جدًا من حب الاطفال ليكِ .


انتفضت من مقعدها حينما رأت أمير يُناظرها بنظرات تعلم مغزاها جيدًا، اقتربت منه مسرعة واحتوت يديه وقامت



 بتعريفهما على بعض بخوفٍ ظهر جليًا بنبرتها وارتعاشة يديها وهي بداخل يديه.. كان امير ينظر للرجل بصمتٍ تام حتى لم يصافحه، وكان والد خالد ينظر إلى أيديهما المتشابكة بصدمة



 كونها متزوجة، كيف لم يلاحظ هذا الخاتم الذي يُزين اصبعها؟ كان كل تفكيره ونظراته عليها هي فقط .. اخرجه من تفكيره امير مادًا له يده ليصافحة مع قوله بابتسامة صفراء:

- نورتني يا استاذ .. هو حضرتك اسمك ايه؟ 


صافحة الآخر بتوتر من نظراته ورد عليه:

- محمد.. اسمي محمد.


اماء أمير عدة مرات بذات الابتسامة وجلس على الأريكة المقابلة لمحمد الذي اخذ يعتذر عن مجيئه بهذا الوقت المتأخر ومغادرته كونه لا يُريد التأخير عن الطائرة .. لم ينبس أمير



 ببنت شفة سوى كونه صاحبه إلى باب المنزل وودعه بهدوء عكس ما بداخله .. دخل الغرفة مُجَدَّدًا مع اقتراب ورد منه واحتضانها له، ابتعد عنها وامسك ذراعيها بقوة وقال بعصبية:

- أنتِ ازاي تسمحي لنفسك إنك تقعدي مع راجل ماتعرفيهوش؟ 


تأوهت اثر قبضة يده القوية على يدها وقالت بدموع:

- أنت بتوجعني. 


صرخ بوجهها بحدة جعلتها تنتفض فزعًا من نبرة صوته العالية:

- وأنتِ مافكرتيش في وجعي لما أشوفك مع راجل غيري وشغالة تضحكي وتهزري معاه؟ ولا كأنك على زمة راجل .. وبعدين ايه النظرات اللي كانت بينكوا دي ؟ أنا لولا إني اعرفك كنت قولت إنك على علاقة بيه !


كان يتحدث بعصبية جعلته مغيبًا عن الدنيا وعما يقوله من حديثٍ لا يُقال، للحظة شعرت كونها تحلم، رمقته بنظرة سريعة وكأنها تُريد نفي ما قاله، لكنه لم يتحدث وظل يُناظرها منتظرًا ردًا لكلامه او تبرير حتى لِما رأه... قالت ببكاء:

- أنتِ ازاي تقول لي كده يا أمير؟ ازاي تسمح اصلا إنك تشك فيا؟


ضحك أمير بسخرية، أردف بصوتٍ عالي ومازال يضغط على ذراعيها بيديه:

- وهو أنتِ مستنياني أشوفك في حضنه عشان أشك فيكِ؟ ما أنتِ كنتِ معاه يا ورد وبتضحكي والموضوع عادي عندك! 


ابعدته عنها بكل قوتها، وظلت تبكِ بخفوتٍ، تعلم كون بكائها الآن خطأ ولكنها لا تُريد شيئًا سوى البكاء .. قالت بعصبية مُماثلة لعصبيته، خرجت كلمتها وخرج معها كل ألم يعتلي روحها:

- طلقني .


      الفصل الثانى والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-