رواية حذاء قدري الفصل التاسع عشر19 بقلم ايه العربي


 نبدأ بسم الله

لا يبارك الله فى عمل يلهى عن الصلاة 

البارت التاسع عشر 

 رواية #حذاء_قدرى

 بقلم /آية العربي 


كانت الفرحة متجسدة داخل قاعة المحكمة ... 

اغروقت عين وصال بالدموع ...اخيرا سترى طفلها وتحظى به 



.. ستظهر للعلن دون    خوف او قيود ... تلقى عبارات الشكر 



والعرفان على زهرة الواقفة امامها تبكى فرحاً لصديقتها ..


كذلك حال سماح التى سجدت ارضاً شكراً لله عز وجل الذي اظهر براءة ابنتها ..


تقوى وعليا كانتا على يمين ويسار زهرة تبكيان فرحاً 


مديحة التى اقتربت ايضا من وصال تهنأها قائلة _ مبروك يا وصال ... كنت متأكدة ان ربنا هيظهر براءتك ... واول ما تخرجى من هنا هتلاقى ابنك مستنيكي .


اومأت وصال بفرحة لا تسعها ارضاً ولا سماءاً قائلة _ متشكرة يا مديحة هانم ... متشكرة جدااا .


كان يمان ينظر لها عبر القضبان بتأمل ... يقف بعيدا ينتظر عمته ولكنه متعجب فى امر    تلك الفتاة ... كيف تحملت ظلم هكذا ... كيف استطاعت ان تجابه الحياة طوال هذه المدة ... ولكن السؤال الاهم من كل هذا ... هل ستأخذ مروان منه ؟ ..هذا ما كان يرعبه .


وقف احمد خارجا ينتظر خروج زهرة ... هو على علم بمغادرة طارق ...لقد رأه يخرج بوجه خالى من اى تعبير ...وهذا ان دل فأنه يدل على عاصفة كاسحة على حد علمه ..


استأذنت زهرة بعدما غادرت وصال ... واتجهت للخارج تبحث بعيناها عنه علها تجده ... تقدم منها احمد قائلا بذكاء _ مشي يا زهرة ... مش هتلاقيه هنا ... انا استنيتك تخرجى علشان اوصلك ..


نظرت له زهرة بحزن قائلة _ اكيد دلوقتى فى حالة صعبة ... ياترى هيتقبل الوضع الجديد ... انا قلقانة عليه جداا ... يالا يا احمد لو سمحت روحى بسرعة اكيد هو راح البيت .


اومأ احمد واصطحبها معه فى سيارته كي يوصلها الى منزلها ... كانت زهرة طوال الطريق شاردة فى امر طارقها ... هي تعلم ان كشف الحقيقة صعب 



جداا عليه خصوصا بعد تيقنه بذنب وصال لمدة ٣ اعوام ... وما زاد الامر سوءاً هو



 ان الحقيقة ظهرت على يد زهرة ... تعلم انه سيعاقبها ولكنها ستتحمله وتمتص غضبه بحبها له واحتوائها ..


تكلم احمد ليكسر هذا الصمت قائلا يحذرها _ مش عايز اقلقك بس حد زى طارق الازهرى مش هيمر اللى حصل بسلام .


نظرت له باستفهام متسائلة _ ازاى يا احمد ؟ !


تكلم بصدق _ زى ما فهمت ان طارق كان متأكد من تهمة عزة ومعاه ادلة تثبت كدة ... وان هو بذكاءه اثبت ان الادلة صحيحة وانها مذنبة ... بس    جيتي انتى واثبتى غباؤه ... واثبتى قدام الكل انه ظالم .... وغير كل ده بمساعدتى انا يا زهرة ... وانا متأكد ان ده هيخلى غضب طارق يتضاعف .


نظرت له برعب وقلق متسائلة _ طب والحل ايه ؟ مش ممكن طارق يأذينى .


نظر امامه قائلا بذكاء _ لا طبعا مش هيأذيكى بس هيختار الاصعب .


تساءلت بضيق _ يعنى ايه ؟


نظر لها بحزن مردفا _هتعرفي .


نظر امامه ثانيةً اما هى فظلت تنظر له شاردة فيما قد يمكن ان يحدث ..


وصلت سيارته امام المنزل ...نزلت منها وشكرته قائلة _ متشكرة يا احمد ... ومتقلقش انا متأكدة ان طارق هيتخطى الوضع ده ... عن اذنك ..


اومأ لها احمد وغادر عائدا الى منزله بينما اكملت زهرة سيرها للداخل ... فتحت الباب ودلفت ... المنزل هادئ ... اغلقت الباب ودخلت تبحث عنه ولكن لا احد   ... يبدو انه لم يأتى الى هنا ... حسننا ستجهز بعض الطعام المفضل له الى ان يأتى ..


وبالفعل ابدلت ثيابها وادت فرضها وبدأت تحضر بعض الاطعمة التى يفضلها ... بالاضافة الى كعكة البرتقال التى يعشقها ...


_________

عادت مديحة الى منزل طارق مع يمان ... 

كانت ايضا قلقة بخصوص ابنها ... رفعت هاتفها تهاتفه ولكنها وجدته مغلقاً ...

تكلم يمان قائلا بتعاطف _ اتركيه عمتى ... هلا هو بدو يضل لحاله اكيد بعد اللى صار ... حدا مكانه الله وحده بيعلم كيف بيكون حاسس هلا ..


نظرت له مديحة بقلق قائلة _ قلبي مش مرتاح يا يمان ... ده ابنى وانا عرفاه ... انا قلقانة عليه وعلى زهرة كمان ...


جلس يمان قائلا بترقب _ طب وانتى شو بيطلعلك تعملى ؟ 


وقفت على حالها قائلة _ انا هروح لزهرة ..


تساءل يمان قائلا _ طب وانتى بتعرفي العنوان شى ؟ ! 


اجابت وهى تحمل حقيبتها وتغادر _ ايوة طارق قالى عليه ... شوف انت مروان وانا مش هتأخر ..


غادرت هى مسرعة بينما دخل يمان يبحث عن مروان ... وجده يلعب مع عامر فى غرفة الالعاب التى خُصصت له منذ ان اتى ...


بمجرد ان لاحظه مروان جرى عليه قائلا بحب طفولى وهو يحتضنه _ يمااااان ... ليه اتأخلت عليا ..


بادله يمان العناق بل والقبلات الكثيرة الموزعة على وجهه بالكامل قائلا _ بعتذر منك حبيبي ما عاد بعملها ..


ترقب يمان قائلا بحذر بعدما انزله ارضا _ بتعرف ليش اتأخرت انا ؟ 


قال مروان بفرحة ممزوجة ببراءة _ ليه ؟ 


قال يمان بترقب _ لانى الصبح بكير رح اعرفك على الماما .


اتسعت عين الطفل قائلا بفرحة عارمة _ ماااامى ؟ ... بجد يمان ؟ 


اومأ له يمان مبتسما فسعد مروان وجرى مسرعا الى عمه عامر قائلا بفرحة _ عمو عامر عمو عامر مامى جاية الصبح .


_____________


اما عند سماح وعليا فلم يغادروا الا عندما اخبرهم المحامى ان اجراءات خروج وصال ستستغرق ساعات وعليهم الذهاب للبيت وانه سيوصلها حالما تخرج ..


وعن تقوى فغادرت ايضا معهم عائدة الى بيتها ..


_________


عند زهرة التى انتهت من طهى الطعام واتجهت الى غرفتها بعدما اغتسلت ... ابدلت ملابسها بأخرى ساحرة ... احدى القمصان القصيرة    والشفافة ... ثم ارتدت فوقه روباً يحجب رؤية ما تحته ووضعت بعض مساحيق التجميل وهى بالاساس ليست بحاجة لها ولكنها زادتها سحراً وجرأةً .... كما ربطت شعرها على شكل ذيل حصان وتركت بعض الخصل منسدلة على وجهها بجاذبية قاتلة .. ثم اضافت اخرهم وهو العطر الانثوى الفائح ..


جهزت المائدة واحضرت الشموع واستعدت لليلة تظنها من اجمل لياليهم ..


طرق جرس الباب فرقص قلبها فرحاً واتجهت مسرعة بحماس تسوقها قدماها الى الباب تفتحه قائلة _ طارق .


ولكن خاب ظنها فوجدت السيدة مديحة تقف امامها بابتسامة لم تصل الى عيناها قائلة _ كنتى مفكرانى طارق ؟ 


اومأت لها زهرة مبتسمة بحرج قائلة وهى تفسح لها المجال _ اهلا يا ماما مديحة ... اتفضلي ..


دخلت مديحة تنظر للبيت ... يبدو بسيطا ولكنه نظيف ومريح ... جلست مديحة على احد المقاعد واغلقت زهرة الباب واتجهت تجلس بجوارها    مرحبة بها قائلة _ انا اسفة ... بس متوقعتش ان حضرتك تيجي دلوقتى خصوصا ان المكان بعيد عليكي ..


تنهدت مديحة قائلة بقلق _ انا فعلا مكنتش جاية بس قلقت على طارق ... كنت مفكراه هنا بس واضح ان انتى كمان متعرفيش عنه حاجة ..


اومأت زهرة قائلة _ اكيد هو زعلان ويمكن حابب يكون لوحده ... بس هيرجع اكيد .


نظرت لها مديحة بحزن ... قلقة هى من رد فعل ابنها ... تكلمت قائلة براحة كاذبة _ ايوة يا حبيبتى ... هيهدا ويرجع .


وقفت زهرة قائلة بفرحة _ خلاص حضرتك تفضلي معايا لحد ما طارق يرجع ... ها تحبي تشربي ايه ؟ 


امسكتها مديحة من معصمها قائلة وهى تجلسها _ لاء تعالى اعدى معايا هنا ... نتكلم شوية مع بعض .


جلست زهرة وبدأت مديحة بأسئلتها التى ستريح عقل زهرة من التفكير قليلا ..


____________


عند خليل وابنته التى ايضا اصابها الحمى ... نائمة هى ووالدها لا حول لهم ولا قوة ..


بدأت تسعل بشدة قائلة بغضب موجهة حديثها لوالدها _ منك لله يابا ... بخلك هيموتنا .   .. فضلت تقول هنتقم وهنعمل ادينا هنموت هنا ولا حد هيعرفلنا طريق ..


قال خليل بارهاق _ اخرصى يابنت ال***  .... موتى انتى انما انا مش هموت غير لما اخلص من بنت ايمان ... مش هسيبها تعيش حلوة ابدااا ... 


حاول القيام وبالفعل قام يتخبط ويستند على الجدار المشقق الا ان وصل الى مكان ما ... نزل ارضا وبدأ بالحفر فى الارضية الرملية ... اخرج كيساً من القماش وفتحه واخرج منه قطعة ذهبية الا وهى حلق زهرة ... ثم اغلق الكيس مرة اخرى ودثره تحت الرمال مجددا وغطاه ثانيةً وعاد الى ابنته التى تناظره دون ان يشعر ....


اقترب منها ورمى عليها القطعة الذهبية قائلا بقسوة وهو يترنح بتعب _ قومى غورى البسي نقاب وروحى بيعي دي فى محل من بتوع الساغة اللى فى الحارة وتجيبي الفلوس وتجيلي ... وحسك عينك تفكرى تصرفي جنيه منهم هجيب خبرك .. انتى سامعة ..


اومأت له وقامت بتعب تترنح ايضا وبالفعل ارتدت ما يخفى هويتها وغادرت تفعل ما قاله ...


_________

حل الليل ... طارق لم يأتى ايضا ... زهرة تملك منها القلق وبدأت تزرع المنزل ذهاب   واياب خصوصا ان هاتفه مغلق ... مديحة ايضاً قلقة على ابنها التى لا تعلم عنه شيئا ولكن من الجيد انها متواجدة مع زهرة ..


وقفت زهرة تنظر الى مديحة قائلة وكأنها تذكرت شيئا _ احمد .


تعجبت مديحة متسائلة _ احمد مين ؟ !


اتجهت زهرة تتناول هاتفها من على الطاولة مردفة وهى تضغط عليه _ احمد ابن خالى هو اللى هيعرف طارق فين ..


بالفعل هاتفت احمد الذي اجاب على الفور متسائلا بقلق _ زهرة ! حصل حاجة ..


تكلمت زهرة بلهفة قائلة ببكاء قد اعلن حزنها وخوفها على حبيبها الغائب _ احمد ... طارق مش موجود وموبايله مقفول ... لو سمحت انت تقدر تعرف مكانه ؟  ... صح ؟ 


حاول تهدأتها قائلا بثقة _ حاضر يا زهرة ... حالا هعمل تحرياتى واول ما اعرف حاجة عنه هبلغك ... متقلقيش يا زهرة ..


اغلقت الخط وجلست تبكى بشدة واضعة وجهها بين كفيها ... قامت مديحة متجهة اليها ... جلست بجانبها تربت على كتفيها مهدأة اياها قائلة بحب    _ زهرة حبيبتى اهدى .... ان شاء الله هيظهر ... طارق ابنى وانا عرفاه متقلقيش .


هزت رأسها يمينا ويسارا وهى مازالت تبكي بشدة قائلة _ انا خايفة اوى ... اول مرة يعملها من يوم ما اتجوزنا .... ياريتنى ما روحت المحكمة ... ياريتنى بعت احمد مع بابا وصال ... اكيد مكنش زعل كدة ..


حاولت مديحة مجددا قائلة برأفة _ يا حبيبتى انتى عملتى واجبك تجاه صاحبتك ... متلوميش نفسك ... صدقيني طارق بس بيحاول يجمع نفسه انتى عارفة ان اللى حصل مش سهل وهو حاسس انه خسر هيبته واحترامه قدام نفسه ..


فكرت مديحة قليلا ثم اردفت _ زهرة قومى تعالى معايا ... هاخدك معايا نستنى طارق هناك فى بيته ... يالا قومى .


هزت زهرة رأسها قائلة برفض _ لاء يا ماما معلش ... انا هستنى طارق هنا ... ممكن ييجي ميلقنيش ويزعل .


صممت مديحة قائلة _ لاء مش هسيبك لوحدك .... يالا يا زهرة اسمعى كلامى ..


نظرت لها زهرة برجاء ولكن نظرة مديحة كانت اصرار فقامت زهرة باستسلام وابدلت ثيابها وبالفعل غادرت معها المنزل واتجهت الى شقتها..


_________

عادت دلال الى والدها بعدما قامت ببيع القطعة الذهبية وناولته المبلغ كاملا قائلة بتعب وهى تخلع ملابس تَخفٌيها _ اهو يابا الفلوس كلها اهى ...


تناول خليل النقود بحماس وظل يعدها بلهفة ... ضحك وردت له صحته قائلا _ ههههه شوفتى يابت ... شوفتى الفلوس بتدخل على القلب تنعنشه ازاى ... يالا علشان تروحى تشتريلنا شوية اكل ودوا .


نظرت له بغضب قائلة _ ما كان من الاول يابا ... لازمتها ايه نتعب ونرقد يعنى علشان تحن علينا ..


تكلم بغضب قائلا _ كنت مفكر ان الناس هنا هتحن علينا ... بس طلعوا ناس فقر مبيهونش عليهم .... قال ايه بيقولولي انا روح اشتغل .... راجل كبير زيي وصحته على اده يقولولوا اشتغل ... حسبي الله ونعم الوكيل فيهم وف زهرة بنت ايمان اللى اتسببت فى رميتنا الرمى الهباب دى ... ربنا ينتقم منها .... بس انا مش هسيبها ..


___________

عند تقوى التى كانت تختم وردها اليومى بعدما ادت فرضها  ... انتهت منه ووضعت المصحف الشريف جانبا باحترام واتجهت تتمد على الفراش ..


كاد ان تنام ولكن ايقظها مجددا رنين هاتفها ... تناولته ونظرت للمتصل وجدته رقما غير معروف هويته ..


اغلقت الاتصال وتمددت مرة اخرى ولكن المتصل اعاد اتصاله مجدداً ... تعجبت متسائلة داخل نفسها _ مين ياترى اللى هيتصل عليا دلوقتى ؟ ... 


اغلقت الاتصال ثانيةً واغلقت الهاتف ايضا وتمددت تفكر هل يمكن ان يكون هو قد حصل على رقمها ؟ ... لا لا مؤكد انه لا يمتلك الجرأة لمهاتفتها فى وقت كهذا ..


____________

وصلت مديحة مع زهرة الى شقتهم ... 

فتحت مديحة الباب نادت على الموجودين تنبههم بوجود زهرة معها ...

جاء عامر مرحبا يقول _ اهلا يا زهرة يابنتى ... ده ايه النور ده .


ابتسمت زهرة ابتسامة مجاملة تقول _ شكرا يا عمى .. منور بوجودكوا .


جلست هى بوجه شاحب .... بدأت تظهر عليها علامات القلق والخوف ... الخوف من فقدانه .... يا الله لن تحتمل خبراً كهذا ..


كانت مديحة قلقة ايضا ولكن قلقها لا يوازى قلق هذه الجالسة تحرك قدماها بتوتر وتفرك اصابعها بخوف ..


خرج يمان بعدما نام الصغير مرحبا يقول _ مرحب زهرة .


اومأت له دون نطق حرف ووقفت على حالها تقول _ انا هكلم احمد .


تناولت هاتفها وخرجت للشرفة تهاتفه ... اجاب هو قائلا بترقب _ زهرة ! 


قالت هى باندفاع دلالة على خوفها _ ايه يا احمد عرفت حاجة ..


تكلم احمد بهدوء قائلا _ اكيد لو كنت عرفت كنت كلمتك فورا ... بس اطمنى بما ان مافيش اخبار سيئة يبقى هو اللى حابب يختفى شوية يا زهرة .


بكت زهرة مجددا قائلة بنحيب _ يعنى ايه يختفي ؟ ... يختفي ازاى ويسبنى ؟ ... هو عارف انى ماليش غيره .


رأف احمد على حالها فاشار لاسماعيل ان يأتى ليهاتفها .... جاء اسماعيل ملبياً على الفور قائلا بحنان _ زهرة حبيبتى ... عاملة ايه .


هدأت نبضات قلبها المتسارعة قليلا حينما استمعت صوت خالها قائلة _ خالو ازيك ... عامل ايه ... معلش يا خالو اسفة انى مش بسأل على حضرتك بس غصب عنى ..


قال اسماعيل بحب وحنو _ ولا يهمك يا روحى ... انا عارف ظروفك احمد قالى على كل حاجة ... وانا جنبك فى اي وقت ...متتردديش ابدااا انك تكلميني لو احتاجتى اي حاجة ... وبيتي هو بيتك يا زهرة ... دانتى بنت الغالية .


اومأت براحة قائلة _ اكيد يا خالو ... متشكرة جداا ..


اعطى اسماعيل الهاتف لابنه .. فقال احمد مطمئنها _ اطمنى يا زهرة وزي ما قولتلك بما ان مافيش اي اخبار سيئة لحد دلوقتى يبقى متقلقيش ..


اغلقت معه الخط وعادت للداخل بوجه حزين ... تساءلت مديحة بترقب _ خير يا زهرة عرفتى حاجة عنه ؟ 


هزت رأسها بلا واستأذنت قائلة _ عن اذنكوا انا هدخل انام ..


دخلت غرفتها واغلقت عليها الباب واتجهت تتمدد على فراشها ... اطلقت العنان لدموعها ... انسابت الدموع بغزارة على خديها ووسادتها التى تضع رأسها عليها ... ايبتعد عنها دون سماعها؟ ... ايمكن ان يطول   غيابه ؟... كيف وهى التى تظنه غاب عنها دهر وهو لم يكمل الساعات ... لا لن تحتمل بعده عنها ابداا .... سيعود ...حتما سيهدأ ويعود الليلة قبل الغد .

نامت بعدما جفت دموعها ... نامت بقلب مجروح يبحث عن موطنه ... نامت على امل الاستيقاظ على حسه التى تتمنى سماعه الان 


_________ 


فى اليوم التالى صباحاً ... وقفت سماح وعليا امام باب الحجز ينتظران خروج وصال ... 


خرج المحامى وهى معه ... جرت سماح وعليا عليها محتضنين اياها بحفاوة وقوة وهى ايضا ..


ابتعدت سماح بعد فترة قائلة _ تعالى يالا ... تعالى نروح على بيتنا ..


اوقفتها وصال قائلة بترقب ولهفة _ يا ماما انا هروح البيت ابدل هدومى وبعدها هروح اشوف مروان .


ترقب سماح قائلة بقلق _ طب يا بنتى وهما عارفين ؟ وازاى هتروحى افرضي اتقابلتى مع اللى اسمه طارق ده ! 


هدأتها وصال قائلة _ متقلقيش يا ماما ... انا هكلم مديحة هانم اخد منها العنوان واعرفها انى رايحة ومش هعمل اي مشاكل ... بس انا عايزة اشوف ابني واخده فى حضنى .


اومأت لها سماح باستسلام ثم التفتت تشكر المحامى قائلة _ متشكرة جدا يا استاذ على وقفتك مع بنتى ... كتر الف خيرك ... ياريت تشكرلى استاذ رؤوف هو كمان ..


ايدتها وصال الرأي قائلة _ فعلا يا استاذ مدحت انا متشكرة جدا حضرتك تعبت معايا ... والاستاذ رؤوف بردو كتر الف خيره انا هكلمه اشكره بنفسى .


تكلم المحامى بعملية قائلا _ انا معملتش غير واجبي ... حمدالله على السلامة ... عن اذنكوا ..


غادر هو فى سيارته واوقفت سماح سيارة اجرى وركبت هى ووصال وعليا متجهين الى منزلها وبعدها لرؤية مروان ..


____________


عند تقوى التى استيقظت حتى تذهب الى عملها ... فتحت هاتفها التى اغلقته ... وجدت رسائل عدة من نفس الرقم الذي رنٌ بالامس وهناك رسالة محتواها ارعبها عندما قرأتها وجعلها تتسمر مكانها ..


كانت من محمود قائلا فى نصها ( تقوى انا محمود ... وبما انك مردتيش عليا فانا حابب اقولك انى مش هسيبك ..  من هنا ورايح هظهر قدامك فى اي     مكان تروحيه ... انا مبقاش ورايا غيرك ... ومراتى روحتها عند اهلها ... يعنى فاضيلك خالص ... انتى ليا سواء وافقتى او لاء ... سلام يا تقوي ) ..


كانت تقوى واقفة لا حول لها ولا قوة ... فاهها مفرغة وعيناها متسعة ... ماذا يريد منها هذا الحقير ... الم يتركها تحيا ابدااا ... الم يكن هو من ابتعد وادعى موته وتزوج بأخرى ... هل هي من تركته لكى يحاربها هكذا ؟ 


ماذا تفعل وبمن تستعين بعد الله عز وجل لكي يوقفه عند حده ... فوضع والدها لا يسمح بحمايتها ووالدتها لا تقوى عليه ...


رفعت وجهها الى السماء قائلة بترجي _ يااااارب انت قادر عليه وعلى كل شئ يارب ..


___________

وصلت وصال امام البرج السكنى التى اخبرتها عنه مديحة ... بدأ قلبها يخفق بشدة ...    خلاياها ترقص استعدادا لرؤية حبيب قلبها ... وجهها الذابل ردت له نضارته من شدة فرحتها ... 


نظرت لوالدتها بترقب ... وجهها يبتسم من تلقاء نفسه ... دخلن ثلاثتهن المدخل وركبن المصعد الذي انطلق بهم الى الدور المنشود ..


وصلن امام الشقة .... طبول قبلها تقرع وبشدة اوتار عقلها تنسج افكارها بهذه اللحظة ... 


طرقت سماح الباب ففتحت مديحة بفرحة قائلة بترحاب _ يا اهلا يا اهلا ... حمدالله على السلامة ... اتفضلوا .


دخلن ثلاثتهن بعد الترحاب وجلسن بترقب .... تكلمت مديحة متسائلة _ ايه يا وصال عاملة ايه دلوقتى ؟ 


اومات لها وصال بهدوء عكس ما بداخلها من صراع كأنها في مسابقة خيول  متلهفة لرؤية صغيرها قائلة _ انا تمام جداا ... هو فين مروان ؟ 


قالت مديحة بابتسامة حنونة _ هو مع يمان ابن اخويا بيبدله هدومه وهيخرج حالا ..


تعجبت وصال من الامر ولكنها لم تدقق فى الامر بل انتظرته حتى يخرج .


تكلمت مديحة بود قائلة _ تحبي اناديلك زهرة ؟ 

تعجبت وصال ونظرت لامها التى قالت معها فى نفس اللحظة _ هي زهرة هنا ؟! 


اومات لهما مديحة قائلة بصدق _ ايوة يا حبيبتى هنا ... طارق من ساعة اللى حصل وهو مختفي ومنعرفش عنه حاجة وزهرة حالتها صعبة وحاولت معاها تاكل اي حاجة مش راضية خالص ... بتقول هتاكل مع طارق لما يرجع .. وانا قلقانة عليها حالتها ماتطمنش 


حزنت وصال لامرها متسائلة بلطف _ طيب هو انا ممكن ادخلها لحد ما مروان يخلص ؟ 


اومأت لها مديحة قائلة بفرحة _اه طبعا يا حبيبتى اتفضلي ..


ساقتها مديحة الى غرفة زهرة وطرقت الباب ودخلت مغلقة خلفها ... وجدت زهرة منكمشة على نفسها واضعة رأسها على الوسادة ... ظنتها وصال نائمة فنادت عليها قائلة بقلق _ زهرة ! 


رفعت زهرة وجهها ناظرة لوصال التى تجمدت مكانها بصدمة ... لقد كان وجه زهرة كلوحة من الدماء والدموع .... عيناها باكية متورمة من شدة البكاء ... رأسها يؤلما بسبب هذا العويل ... 


نطقت وصال بحدة وهى تقترب منها قائلة _ زهرة ! ... ايه اللى انتى عملاه فى نفسك ده ... ليه كدة ايه اللى حصل لكل ده ..


ارتمت زهرة فى حضن وصال قائلة بصوت مرهق يقطع القلوب _ طارق سابنى يا وصال ... سبنى هو كمان زى ماما وبابا ... سابنى وهو عارف انى محتجاله ... 


حاولت وصال مسح دموعها بكف يدها قائلة وهى تهدأها _ اهدى يا زهرة مش كدة ... من امتى وانتى ضعيفة كدة ! .... هو اكيد راجع وانتى لازم تكونى اقوى من كدة ..


نفت زهرة برأسها قائلة بألم وبكاء _ كنت قوية قبل ما اعرفه ... كنت بحاول ابان قوية قبل ما يدخل حياتى ... كنت بحاول اكتسب قوة علشان اواجه    بيها الناس والدنيا ... بس هو دخل حياتى اخد منى لجام قوتى وقالى انا هحميكي ... قالى ارتاحى انتى واظهرى ضعفك وانا هكون قوتك .... هو قالى احضنيني ومتفكريش في اي    حاجة وانا هتصرف ... لاااء هو مقالش بس هو عمل كل حاجة تثبت كدة ... طارق ظهرلي فى وقت كنت بدور فيه على الامان والاحتواء وقدمهملى على كفوف ايديه ... قدمهملى    فى حضنه ليا وخوفه عليا ... طارق كان هو بابا اللى مشفتوش ... كان هو اخويا اللى كنت بتمناه ... حتى ماما هو عوضنى   غيابها بحنانه ... طارق احتوانى وقدر يوصل لنقطة معينة فى قلبي ... لاء هو اخد قلبي يا وصال مش هعرف اكمل من غيره .


تنهدت بعنف قائلة ببكاء _ تعرفي يا وصال لما عرف انى صاحبتك ... فكرته هيتعصب خصوصا بعد ما حكالى عن ماضيه بس هو لاء ... بالعكس احتوانى ومحملنيش اي ذنب .... ليه دلوقتى حملنى ذنب كل اللى حصل وبعد عنى ... ليه وصلنى لسابع سما وبعدين وقعنى فى سابع ارض ليه .... ليه يعمل كدة ..


حاولت وصال تهدأتها قائلة بغضب منها ومن بكاؤها وانهيارها التى تظنه ضغف قائلة _ زهرة مينفعش تعملى فى نفسك كدة ابدا لمجرد انه غاب يوم ... اجمدى عن كدة شوية هيحصلك حاجة بعد الشر ..


تناولت زهرة كفها ووضعته على قلبها قائلة _ شايفة ده ... ده بيقولى ان هو بعد عنى ... ده حاسس بكدة وعمر احساسه ما كدب عليا ... 


توترت وصال لاجلها ... التى بالاساس كانت سعيدة لرؤية طفلها ... لا تعلم ماذا عليها ان تفعل تجاهها ... 


طُرق الباب ودخلت السيدة مديحة مردفة _ وصال ... مروان برة .... تعالى يا حبيبتى .


نظرت وصال لزهرة بقلق ... مسحت زهرة وجهها قائلة بتشجيع كاذب عكس انهيارها _ قومى يا وصال ... قومى شوفى ابنك حقك عليا انا نسيت نفسى ... قومى يا حبيبتى ومتقلقيش علشانى ..


وقفت وصال على حالها وقبلت رأس زهرة واتجهت الى السيدة مديحة مردفة بهدوء _ خدى بالك منها يا مديحة هانم ..


ربتت مديحة على كتفيها قائلة باطمئنان _ متقلقيش يا حبيبتى دى في عنيا ..


تنهدت وخرجت بقدم مترددة ... تنظر للخارج لتراه ... نظرت لوالدتها وشقيقتها فوجدتهم تنظران لمكان ما بحب ... تتبعت نظرهم فوجدت شخصاً ما يحمل طفلاً جميلاً نظيفاً ومرتباً ... تسارعت نبضات قلبها مجددا وتراقصت اوتار وجهها فاصبح يبتسم مجددا رغما عنها ... اقتربت منه ببطء شديد ... ولكنه يبدو خائفاً ... لما وممن هو خائف ؟ 


تقدمت منه متسائلة بحذر وبهدوء شديد _ مروان ؟ 


رفع مروان رأسه المدفونة فى كتف يمان ..كذلك يمان الذي لف نظره ايضا ... ينظران لتلك المنادية ...


اقتربت منه تماما متجاهلة ذلك الذي يحمله دون قصد ... فردت ذراعيها قائلة بحنان ولهفة امومية _ تعالى .


نظر لها الطفل بحذر ... ثم وفجأة مال عليها فتناولته بعناق شديد ولكنه حنون .... عناق طال انتظاره ... كانت محتضنة اياه كأنه روحا تخاف تركها فتسقط ارضا ...


اغتاظ يمان الواقف يطالعهم بغيرة ... هو فرح منذ قليل بسبب عدم تقبل مروان لسماح وعليا وظن انه سيعطى نفس رد الفعل لوصال ... ولكنه يبدو انه شعر بقلب امه .


بدأت وصال تقبل شعر الصغير بدموع فرحة واشتياق ... والصغير ساكنا فى حضنها كأنها مأمنه وهو بالفعل كذلك ..


اخرجته من عناقها وهى ما زالت تحمله قائلة بدموع وحب وهى تنظر الى ملامحه بتفحص _ وحشتنى اوى يا حبيبي ...وحشتنى اوى يا مروان ..


نطق الصغير بحنو قائلاً _انتى مامي ! .


اومأت لها وهى تحضنه ثانيةً قائلة _ ايوة انا مامي يا قلب مامي وروحها ..


كان يمان يشتعل غيظا ويفكر برعب ... ايمكن ان يتقبلها مروان ويذهب معها ..


نفض رأسه كأنه يطرد تلك الافكار قائلا محدثا نفسه _ لا اكيد ما هتاخده ... اكيد عمتى ما بتسمح بهيك شي ..


كانت مديحة ممسكة بزهرة الواقفة عند باب غرفتها تنظر بفرحة لصديقتها التى واخيرا اجتمعت بطفلها ..


فقد جعلها هذا المشهد تخفف من حزنها قليلا .... 

اما مديحة فكانت تربت عليها ... هي حزينة على حالها ... قلقة على ابنها ولكنها لا تظهر    ذلك امامها ... لقد ادركت ان زهرة تعشق ابنها وبشدة لذلك عليها فعل شئ من اجلها ولكن ما هو ؟..


بعد ساعات قليلة كانت وصال تحاول سرقة بعض الوقت لتقضيه مع صغيرها ... كانت جالسة ارضا معه تلعب معه ببعض العابه .... كان الصغير متحمسا جدا يناديها بين حين واخر وكلما ناداها يسحب قلبها فرحاً ..


كانت سماح وعليا يحاولان التقرب منه وبالفعل بدأ يستجيب قليلا ..


كان يمان يجلس فى غرفته حزين ... 

وجد باب غرفته يفتح وينظر منه الصغير قائلا بحماس _ يمان تعال العب معانا ..


فرح يمان كفرحة الصغير وبالفعل تقدم منه وحمله بثقة وخرج من غرفته متجها الى وصال قائلا _ كيفك ؟ .. ما عرفت اسلم عليكي ... انتى بالاساس ما عطيطي الي فرصة لحتى اعرفك على حالى .


نظرت له بأسف قائلة _ انا اسفة بجد بس لما شوفت مروان نسيت كل حاجة حواليا ... انت يمان صح ؟ 


اومأ لها قائلا يضغط على حروفه جيدا _ ايه انا يمان ... وبكون بمثابة ابوه لمروان ... انا يلي ربيته مو عمتى ... وانا يلي اهتميت فيه طول هال٣ سنوات ... يعنى بدك تعذريني ما ح يكون سهل عليا تعلقه فيكي ... بعرف انك امه وبتقدرى تشوفيه وقت ما بدك ... بس لمصلحة مروان وحتى ما تتأثر نفسيته رح نهدا شوي ... يعنى حضرتك بتيجي هنا تشوفي وتلعبي معاه وقت ما بدك ... بس لحتى يتعود عليكي وقتها بنشوف شو بنعمل ..


نظرت له بغضب ... ثم لفت نظرها الى مديحة تنتظر رأيها ولكنها وجدتها صامته يبدو انها توافقه الرأي ... فوقفت قائلة _ استاذ يمان انا مقدرة جدااا ان انت اللى اهتميت بابنى طول الفترة اللى فاتت بس ياريت حضرتك كمان تقدر ان بعدت عن ابني غصب عنى ...


نظرت لوالدتها وشقيقتها قائلة _ يالا يا ماما ..


اقتربت من صغيرها الذي مازال محمولا بواسطة يمان وقبلته تحت انظار الاخر قائلة بعيون لامعة _ حبيبي انا همشى دلوقتى وهاجى تانى ... هتوحشنى ..


ابتسم لها الصغير بحب قائلا بلطف _ مامي متمسيس .


تبدلت نظرتها لحيرة وعجز قائلة _ هاجي بكرة يا قلبي ... ماشي ..


اومأ لها مروان مبتسما فقبلت باطن يده بحب وغادرت بعدما ودعت زهرة ومديحة هى وسماح وعليا ..


________

مر ثلاث ايام ... تبدل فيهما حال زهرة تماما ... نقص وزنها بشكل ملحوظ ... لم تتناول فيهما شيئا الا غصباً وبعض قطرات الماء ... الجميع حزين على حالتها ولا احد يستطيع فعل شئ ..


حتى احمد لم يتوصل لمعلومات عنه ... جالسة هى متكورة على نفسها على الاريكة ومديحة حولها وعامر ايضا ينظر لها بحزن ... حتى يمان حزين لاجلها ولكنه لم يحادثها .... هي بالاساس لم تعد تتكلم مع احدا الا قليلا جداا ..


رن هاتفها بعد وقت طويل معلنا عن اتصال من احمد ... اسرعت اليه واقفة تتناوله    مجيبه على الفور متسائلة بصوت ضعيف غلفه الامل _ احمد عرفت حاجة عن طارق ؟ 


تكلم احمد بأسف قائلا _ للاسف يا زهرة ... طارق سافر فرنسا ..


لم تحتمل اكثر من ذلك فسقطت فاقدة للوعى امام اعين الجميع المتسعة ..

                   الفصل العشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>