نبدأ بسم الله
لا يبارك الله فى عمل يلهى عن الصلاة
البارت الثامن
والتاسع
رواية #حذاء_قدرى
بقلم /آية العربي
قالها طارق فانعقد لسان الرجل ونظر الى ابنه الذى طأطأ راسه خجلا
اعاد الرجل نظره الى طارق قائلا بتلعثم _ ان ...انا .. اااسف ... انا فكرتهااا .. مش متجوزة ...
كانت زهرة فى موقف لا تحسد عليه ... عقد لسانها ... ولكن لما هذا الرجل يتدخل فى حياتها كأنه زوجها حقا ... انه زواجاً ورقياً ليس الا ... نعم ليس لديه الحق فى اتخاذ قرار خاص بها .
نطقت زهرة بعناد وهو تطالعه بابتسامة نصر قائلة _ لا يا عمو الموضوع مش كدة .. بس انا مبفكرش فى الجواز دلوقتى ..
تشتت الرجل بينهما هو وابنه .... اما طارق فوقف متجها اليها قائلا وهو يضغط على اسنانه _ قدامك خمس ثوانى مشفش وشك هنا ..
اتسعت عيناها قائلة بقوة _ ننننعم .
نطق بتأكيد وثقة _ بقوا ثانيتين ..
وللعجب فقد غادرت بالفعل متجهة الى غرفتها بتعجل ... يا الاهي لماذا اطاعته ... هه لا تعلم .
اما هو التفت ينظر للرجل قائلا بهدوء يسبق عاصفته _ اما انت بقى يا حاج تاخد ابنك وزيارته الكريمة دى وتتفضل قبل ما اعصابي تفور .
وقف الرجل على حاله هو وابنه وانطلق مغادرا دون نطق حرف ... اغلق طارق باب المنزل واتجه الي غرفة زهرة ثم طرق بابها قائلا بهدوء _ زهرة ..
لم تجبه فقال ممازحا _ براحتك يبقى انتى عيزانى ادخل ..
لف اكرة الباب كتهديد فوجدها تسبقه وتقف امامه قائلة بتأفأف _ ممكن اعرف حضرتك هتحل عنى امتى ؟
وقف على قدم والاخرى ملتفة حولها قائلا وهو يربع يده امام صدره بثقة _ والله انا كنت ماشى ... بس بعد الموقف اللى ظهر على غفلة ده انا مش متحرك من هنا ..
ضجرت منه ومن افعاله .... كيف تقنعه انها لا تريده ... حسننا ستتقبل مرغمة البقاء على زمته ٦ اشهر وبعدها سيطلقها ولكنها لن تتقبل ان يظل معها فى نفس المنزل ..
هدأت من حالها قائلة _ طب ممكن نعد واشرحلك موقفى .
اومأ لها فاسحاً المجال لها ... مرت من جانبه واتجهت جالسة على احد الكراسي ... تبعها هو وجلس ايضا ينتظر حديثها بشغف ..
تحمحمت قائلة _ احم ... صلى ع النبي ... الناس هنا عرفانى كويس وعارفة وضعى ... ودلوقتى بعد ما خليل وبنته مشيو الناس عارفة انى قاعدة لوحدى ... مينفعش تيجي انت فجأة كدة وتسكن معايا هنا .. . كدة هيتكلموا عنى بطريقة وحشة ... معرفش يهمك ده ولا لاء .... اكيد ميهمكش ... بس انا مش هتحمل اي كلمة من النوع ده ... فلو سمحت امشي ونتقابل بعد ٦ شهور وكل واحد يروح لحاله .... لانى مقدرش اعيش معاك تحت سقف واحد .
حزن كثيرا من حديثها ... الهذه الدرجة تكرهه ... اولم تسامحه ابدااا ... سيفعل كل ما تريده فقط تعطيه فرصة ... كان يفكر مطأطأً رأسه بحزن ...
نظرت له تنتظر اجابته ولكنه كان صامتاً ... تكلمت متسائلة _ انت سمعتنى ؟
رفع وجهه ... ظهرت معالم الحزن عليه عندما قال بجدية _ يعنى انتى شيفانى حقير اوى كدة لدرجة ان ميهمنيش كلام الناس عنك ...رافضة تماما تعطيني فرصة تانية ... فرصة تصلح قلبي اللى اتدمر ... فرصة تحسن من طارق الازهرى المحامى اللى ظلم ناس من غير ما يحس ... زهرة انا محتاجك معايا وبقولها للمرة المليون ... بالنسبة لجيرانك انا هتصرف معاهم وعارف هعمل ايه ... بس صدقيني انا اتعلقت بيكي يا زهرة .... زهرة انا ماليش حد ... امي عايشة فى دولة تانية ...
نزلت دمعة خائنة من عينه حينما قال بألم كأنه تذكر عزيزاً _ وماليش اخوات ... ولا حتى اصحاب ..
تقريبا كدة وانا بحاول ابنى شخصية طارق الازهرى القاسى بعدت عنى كل اللى حواليا من غير ما اخد بالي ..
تنهد مستكملا يطالعها بعيون مترجية _ اديلي فرصة يا زهرة ... احققلك كل احلامك ... اعوضك عن الكذبة الخسيسة اللى عيشتهالك .... اكون ليكي الراجل اللى بتتمنيه ... صدقيني مش هتندمى المرة دي .
كان قلبها يريد رفع رايته ... يريد التحدث متلهفاً هيا ماذا تنتظرى ... ولكن ما يوقفها هو عقلها الخائف ... عقلها الغير واثق ... ماذا ان كانت اكذوبة هى لا تعرفه جيدااا .... اذا ارادت اعطاؤه فرصة عليها ان تعلم عنه كل شئ ..
اجابته بعد فترة من التفكير قائلة _ لو عايز منى فرصة يبقى تقولى كل حاجة عنك ... تعرفنى اسبابك ... تأمنى وتأمن حقوقي معاك .. ومش قصدى مادياً... لاااا .. بس هيكون فيه شروط ليا وانت هتوقع عليها ... ها قولت ايه .
نطق بفرحة لم يعلم مصدرها قائلا دون تردد _ موافق .
نظرت له ... تتأمل ملامحه التى لم تعيرها اهتماماً مسبق ... يبدو وسيماً حقاً ...
نطقت دون وعي منها قائلة _هو انت عندك كام سنة ؟ .
ابتسم بجانب فمه قائلا بهدوء _ يعنى ... مقرب ع الاربعين .
اتسعت عيناها وشهقت قائلة _ يااااا ... دانت اكبر مني ب ١٨ سنة .. ازاي .
غمز لها بعينه قائلا بمشاكسة وهو يشير بيده الى موضع قلبه _ مش مهم السن ... المهم ده ... وبعدين مش انا اللى كبير .. انتى اللى صغيرة جدا .
نظرت له بضيق ...بماذا يتفوه هذا المعتوه .. هل سيمزح معها ويصاحبها ... هى مازالت لا تعلم عنه شيئا ... ما زالت تحاول نسيان تلك الليلة المريبة ..
فجأة انكمش وجهها حينما تذكرت ... هي بالاساس لم تنسى ولكنها تناست ... يا الاهي تحمد الله انها خدعة قذرة ولم تكن حقيقة ...
هو اراد فرصة .. حسننا فليكن ... ولتعاقبه هي على نار هادئة ... لن يكون اسمها زهرة ان مررت ما فعله مرور الكرام هكذا دون عقاب ..
نطق هو اخرجها من شرودها قائلا بمزاح _ ده الموضوع خطير بقى ... ايه كل الريأكشنات دي ؟ .
عدلت من نفسها قائلة بصرامة _ طيب اتكلم ... قول اللى عندك ... عرفنى كل حاجة عنك ..
وقف هو على حاله متجها الى الطاولة وهو يحدثها قائلا _ طيب الاول ناكل لقمة لانى مكلتش بقالى فترة ...واكيد انتى كمان جعانة ..وبعدها هعمل حاجة بسيطة كدة ونتكلم .
تذكر شيئا فقال بتساؤل _ اه صحيح ... هو فيه مسجد فى الحارة هنا ؟
تعجبت من سؤاله قائلة _ اكيد فيه بس ليه بتسأل ..
غمز لها قائلا بغموض _ هتعرفي بعد صلاة العشا ..
__________
عند تقوى التى جلست لتستريح ... فاليوم جاءت منتجات جديدة وهى من قامت برصها ...
جلست تفرك رقبتها بإرهاق ... اخرجت هاتفها من جيبها لتطمئن على رفيقتها وصال ..
اجابت وصال بعد فترة بنعاس قائلة _ ازيك يا تقوى .
تسائلت تقوى بقلق _ ايه ده يا وصال انتى لسة نايمة ... اوعى تكونى تعبتى تانى .
نفت وصال قائلة _ لا لا متقلقيش ... انا كنت نايمة عادى .. انا كويسة يا تقوى وهنزل الشغل بكرة ... استاذ رؤوف قال حاجة .
قالت تقوى بنفي _ لاا .. هو اصلا مجاش النهاردة ... بعت البضاعة بس .
تنهدت وصال قائلة بلوم _ وطبعا رصتيها لوحدك يا تقوى صح .
اجابتها تقوى بارهاق _ صح يا وصال ... مينفعش اسيبها .... بس جسمي كله تاعبنى ...
تذكرت امراً فأردفت مستفهمة _ هى زهرة مكلمتكش تانى يا وصال ؟ ..
قالت وصال بحزن _ لاء يا تقوى ... ورنيت عليها كتير بس محدش رد ... انا فعلا مرعوبة ومش عارفة اعمل ايه ... لو مكلمتنيش من هنا لبكرة يبقى لازم اتصرف ..
قالت تقوى بحيرة وحزن _ هتعملى ايه بس يا وصال ... وهندور فين ... هو احنا حتى نعرف هي اتجوزت مين .
نظرت وصال للامام قائلة برجاء_ يا خبر بفلوس بكرة يبقى ببلاش ... هحاول مرة تانية اروح بيتها يمكن اعرف حاجة .
اومأت تقوى قائلة _ تمام يا حبيبتى .... انا هقفل دلوقتى تقريبا فين زباين داخلين ..
اغلقت الخط والتفتت لترى ولكنها تجمدت مكانها حتى ان لسانها عقد ... يا الاهي هل احلم ..
نطقت بعدم تصديق وزهول قائلة _ محمود ؟! ...
لف الاخر راسه ونظر لها ... لن يقل حاله عنها حينما رآها ... هو ايضا فى موقف لا يحسد عليه ... حتى ان من كانت بجواره تعجبت من حالتهم وتسائلت بترقب _ انتو تعرفوا بعض ..
________________
انتهت زهرة من تتناول الطعام ... بالاساس هى لم تأكل الا القليل منه ... اما هذا القابع امامها يبدو انه تعرض لجراحة انتشال اللوزتين ... فهو يأكل بشهية مفتوحة .... حتى انها متعجبة منه ..
نظر لها قائلا بمزاح _ متقلقيش مش هاكلك ..
لفت نظرها عنه ولم ترد حتى لا يتبادل معها الحديث ... انتهى اخيرا واقفا على حاله ... قال متسائلا _ احم ... زهرة هو الحمام فين ..
اشارت بيدها له فتقدم منه ودخله ..
خرج بعد قليل قائلا _ انا هخرج اعمل حاجة بسيطة كدة و ارجع .. تمام ؟
ولانها لا تتحكم فى فضولها تسائلت قائلة _ حاجة ايه ؟
لم يعطيها ردا تريده بل قال ثانيةً _ قلتلك هتعرفي بعد صلاة العشا ..
خرج من بيتها واغلقت هى المنزل عليها ... اتجه هو الى احدى متاجر الحارة وتكلم مع صاحبه الذي ابتسم للامر وخرج معه ايضا ..
كذلك مروا على شخصاً اخر وايضا تقبل الامر ببشاشة وفرحة خرج معهم ايضا ..
اتجه ثلاثتهم الى مسجد الحارة فقد اقتربت صلاة العشاء ... قاموا بخلع نعالهم امام باب المسجد ودخلوا ثلاثتهم ...
عن طارق الذي لم يدخل مسجدااا منذ فترة ليست قليلة ... كان يتأمل جدران المسجد كأنه طفل ٍ صغير ... قلبه يرقص فرحا ... يشعر بالكمال والاكتفاء الذاتى ... لذة ما بعدها لذة لا يعلمها الا العاصى التائب ...
كأن الله يبشره بقبول توبته ... يتقبل منه تغييره الذي يصر عليه ... نعم هو تجبر وظلم وطغى ... نعم هو انشل حقوقا واعطاها لمن ليس لديه الحق ... تذكر الاحكام التى نطقت بسببه فى قاعات المحاكم ... كم من مظلوم دعا عليه .... كم من ظالم تجبر بسببه ...هل سيتقبل الله توبته هكذا دون عقاب ؟ ... هل لهذه الدرجة كان ظالما ... هى السبب فى ذلك ... لن يسامحها يوماا ... يكرهها وبشدة ... يتنمى رؤيتها يوما والتلذذ بعذابها مثلما فعلت به وبعائلته..
سمح صوت المنبر يرفع اذان العشاء ... استغفر واتجه للمكان المخصص للوضوء
كذلك فعل الرجلان اللذان تعجبا من وضعه ...
خرج بروح جديدة ووقف يؤدى ركعتين قبل الفريضة ... يريد الضحك والبكاء فى آن واحد .... يشتاق الى هذا القرب الالاهي ...
بدأ فى الصلاة ... بكى ... نعم نزلت دموع توبته ... تعمق فى صلاته ونسى من حوله ... شعر كأنه فى صحراء قاحلة ليس هناك بشر ...كانت عيناة مغمضة يستمتع بلذة الى تطهير القلب الإلاهي ... ومن شدة تأثره بكي بصوت مسموع ... كان يتنهد وهو ساجدااا ... يبكى بحرقة وهو يدعو الله .... يااااااارب تقبل توبتي ..... ياااااارب انى طغيت وسعيت فيها فساداً ... تعلم اسبابي ولست ابرر ... تعلم ألم قلبي ومن غيرك يداويه ...
اغفرلي يا مولاي ومن غيرك غفور ... تقبل منى انك انت السميع العليم ...
لم ينتبه الى على رفع الاقامة .. رفع وجهه عن الارض ... كانت عيناه حمراء بشدة ووجهه غارقا فى دموعه ... جلس ينهى صلاته وسط عيون كثيرة متسائلة ... الكل يريد معرفة هذا الذنب العظيم .. ولكن وحده الله يعلم ...ويستر فوق الارض وتحت الارض ويوم العرض... لان الوقوع في يد الله خيرا من الوقوع فى يد البشر ..
اصطف مثل البقية يؤدى فريضة العشاء ... انتهوا منها واتجه له الرجلين يسألان _ ايه يابنى انت كويس .
قال طارق وهو يمسح عن وجهه _ انا تمام ... متشكر .
قال احدهم بحسن نية وتساؤل _ متأخذنيش يابنى هو انت داخل الاسلام جديد .
ضحك طارق من سلامة نيته قائلا بنفي _ لا يا حاج ... انا مسلم بس بصراحة مكنتش بصلي .... منقطع بقالى فترة .
قال الرجل برجاء _ ربنا يتقبل منك ويردك ليه يارب ..
ربت طارق على كتفه قائلا _ احلى دعوة ... تسلم ..بس يالا نروح للشيخ علشان يعمل اللى اتفقنا عليه ..
اتجه ثلاثتهم الى شيخ المسجد وجلس معه يخبرونه بالامر ... وافق شيخ المسجد بعدما رآى الاوراق الصحيحة ووقف اعلى المنبر يقول عبر المكبر بصوت سمعته كل الحارة _ اهالى الحارة الكرام ... لقد تم عقد قيران ابنتكم زهرة ابراهيم المنسى الى الاستاذ طارق الازهرى المحامى ... ندعو من الله ان يجعلها زيجة الدهر ويوفقهم ويسدد خطاهم ويجعلهما عونا وسندا لبعضهما البعض ..
تعالت الزغاريط والمباركاتفى الحارة بمجرد انتهاء الشيخ .. ف زهرة لها شعبية وسط حارتها ...
حتى ان زهرة كانت من ضمن الذين سمعوا النداء ... وبرغم امنيتها فى ارتداء فستانا مثل كل الفتيات ...الا ان فرحتها برد شرفها وسط الحارة جعلتها تبتسم بسعادة ..
وجدت الجميع يطرق بابها ... اهل المنطقة الكرام .. يباركون لها ويقبلونها ..
قالت احداهن بمباركة ولوم_ الف مبروك يا زهرة ... كدة متقوللناش ... كنا هنيجي ونفرح ونفرحك ...ما احنا زي اهلك بردو ..
خجلت زهرة وطأطأت راسها ارضا قائلة _ حقكوا عليا ليكو حق تزعلوا بس الموضوع حصل بسرعة ... وزي مانتو عارفين انا وكلت نفسي .
كان هناك البعض السئ من يتغمز ويتلمز ولكن الامر مر بسلام وهو الان زوجها .. ولن يستطيعوا فعل او قول شئ .
__________
عاد هو اليها ... طرق الباب وفتحت له ... نظر لها بحب ... هي كانت بمثابة يد العون دون ان تدرى ... كانت هي النقطة الفاصلة لحياته دون مجهود منها ... فقد تخطيط الاهي هو وحده قادراً عليه ..
هي ايضا كانت تطالعه بتعجب ... تريد فهم هذا الرجل الذي هب عليها كهبوب الرياح العاصفة هكذا فجأة ... اقتحم حياتها دون استئذان والان هو اسمه ... زوجها ! ...
تكلم قائلا بمساكشة _ هنفضل نبص لبعض كدة كتير ...
تحمحمت بخجل وهي تبتعد قائلة _ اتفضل ..
دخل هو واغلقت الباب خلفه ... اتجه الى الاريكة وهي ايضا خلفه ...جلست بجواره تنتظر كلماته الشاقة ...
اما هو فكان اكثر الما ... الان هو سيفتح جرح لم يغلق بالاساس ولكن توقف نزيفه ...
تنهد ساحبا انفاسه قائلا _ عايزة تعرفي عنى ايه يا زهرة ..
قالت بامعان _ كل حاجة ... احكيلي اسبابك اللى انت قلت انى لو عرفتها هعزرك .
نظر ارضا ... الكلام كالخناجر ... لا يعرف من اين يبدأ ... سكت قليلا ...ثم رفع رأسه ناظرا اليها بعيون سوداء كأنه شخصا اخر حينما قال _ انا كان ليا اخ توأم ..
تمعنت هي جيدا وتنبهت حواسها تومأ له تحسه على الاستكمال قائلة _ وبعدين ..
بدأ يضيق صدره ... قامت هى واحضرت كوب ماء وناولته اياه ...ارتشف منه القليل وفك عقدة رقبته وزرار قميصه الاول ... يشعر بضيق تنفسه ولكنه يريد التحدث ... يريد مشاركة هذا الالم القاتل مع احدهم ...
قال بصوت متحشرج _ انتحر .
اتسعت عيناها حتى كاد يقفزان من مكانهما ... ماذا يقول هذا ...
اما هو فكان يتصبب عرقا ...من يراه يظنه جالسا على موقد ...
انتظرت ليهدأ ولكنه لا يهدأ ... اكمل بألم _ انا كنت عايش مع امى وابويا واخويا فى بيت كويس ... حياة حلوة ... كنت انا وهو كأننا واحد ... بنتنفس سوا وبنخرج سوا وبنام سوا ... حياتنا كلها كانت مع بعض ... والدى الله يرحمه كان محامي ... كان محامى عنده ضمير
وكان بيحبنا جدااا ... مكنش فيه غيرنا اصلا ... امى بعد ما خلفتنا الرحم انفجر وللاسف شالته ... اتربينا على الاخلاق والمبادئ وازاي نرد الحق لاصحابه ...
والدى كان نفسه نكون زيه وندخل حقوق ... بس انا كان نفسى ادخل اعلام ...
والدى وافق بشرط ان اخويا يدخل حقوق ... يعنى على الاقل حد فينا يحقق امنيته ويكمل مسيرته ..
بعدها روحت انا واخويا نقدم اوراقنا بس لقيت اخويا فجأة كدة عايز يقدم هو اعلام ..
زعلت اوى وسألته ليه ...وقتها رد عليا وقالى _ علشان خاطرى يا طارق ... انا قبلتها تانى هنا البنت اللى حكتلك عنها وهي قدمت اعلام ... علشان خاطر اخوك خليني انا اقدم اعلام ..
ولانى كنت بحبه جدااا مترددش ثانية وفعلا هو قدم اعلام وانا قدمت حقوق ..
رجعنا ووالدي عرف ولما سأل اكرم قاله على الحقيقة ... والدى كان يعتبر اخونا ...حتى امى كانت صحبتنا ...مكناش بنخبي عنهم سر ..
بدأنا جامعة واخويا اتقرب اوى من البنت دى ... حبها جدااا ... يعنى زى قصص الحب اللى بتسمعى عنها ...
كلم بابا يروح يخطبهاله ... وفعلا بابا اخد ميعاد وراح ...وبالرغم من ان اهلها كانوا ناس على ادهم الا ان ده مكنش مهم بالنسبة لاخويا او لوالدى ...
استكمل متنهدا بعدما اخذ نفسا عميقا _ تمت الخطوبة فعلا واتقربوا جدا من بعض .... كانت الناس فى الجامعة بتحسدها على حب اخويا ليها ..
خلصنا جامعة واتخرجنا وطبعا اكرم ما صدق ... جهز وحضر كل حاجة علشان يتجوز ..
كان ليه شقة تحت شقتنا ... بابا الله يرحمه كان اخد شقة ليا وليه فى نفس العمارة علشان منبعدش عنه..
بس لقينا خطيبته مش عاجبها الوضع وعايزة شقة جنب بيت اهلها ... كلنا رفضنا بس اكرم صمم يبيع شقته وفعلا باعها واشترى شقة قريبة من بيت اهلها ...
انا كنت مضايق جدا من الوضع ده ومن ضعف شخصيته ده .... وكنت لو كلمته بيزعل وبدأ فعلا يبعد عنى بسببها ..
اتجوز اكرم وبعد كام شهر طلعت حامل وهو بقى طاير من الفرحة ... بعدها بشهور ولدت طفل ... اكرم كان فى قمة سعادته .. هو متخيل انه كدة حياته اكتملت ... حبيبته وابنه وبيت هادى ..
بس هي بدأت تتغير معاه ... انا دايما كنت بحسها غامضة بس هو كان شايفها ملاك ..
بدأت الاقي اخويا بيدخن وهو عمره ما عملها ... وبدأ يشتكى منها ... كنت بحاول اهديه واقوله يمكن بسبب الخلفة وكدة وده شئ وارد ...
كان بيهدا بس بيرجع تانى مع اي تغيير منها ... لدرجة انه بقى يسيب البيت وييجي ينام عندنا ..
وفى يوم امى اتكلمت معاه انه مينفعش يسيب بيته ويسبها لوحدها وانه يحاول يتكلم معاها ..
اكرم اقتنع بسهولة وفعلا رجع بيته بس يومها ياريته ما رجع .... يا ريتنى منعته ... ياريتنى منعته .
احست زهرة باختناقه اسرعت اليه تحاول تهدأته قائلة بتوتر _ طيب اهدى ... خلاص متكملش ... نتكلم وقت تانى .
نفى برأسه واشار لها بالجلوس ثانياً ... جلست تستمع لباقي قصته ..
ارتشف قليل من الماء واكمل قائلا باختناق وغصة فى جوفه _ رجع لقاها نايمة مع صاحبه .
شهقت زهرة عاليا .. وضعت كفها على فاهها بعدم تصديق ... هل حقا هناك بشراً هكذا ..
نظر لها بحزن .. . كان حزين يتألم ... استكمل قائلا _ التانى هرب ... وهو راح عندها وفضل يضرب فيها لحد ما فقدت الوعي ..
ثم اردف مستكملا بقهر وصوت متحشرج مخنوق _ اخد ابنه ومشى ...
بعدها اتبدل تماماً ... حاولنا نخفف عنه او نخرجه من الحالة دى بس هو كان وصل لحالة اكتئاب شديد .
حاولت توصله علشان ابنها ... بس هو كان كل حبه اتحول لكره ... حاولت تكذب اللى حصل ...وطبعا كل حاجة كانت واضحة وضوح الشمس ..
لقيته فى يوم بيطلب منى بما انى فى حقوق انى اضم حضانة الطفل لينا ... قلتله ان ده سهل جدا بما انها قضية زنا .
بس هو مرضيش يخليني افضحها علشان خاطر ابنه ... طلب منى اعمل ده بطريقة تانية .
وفعلا عملت كدة واخدنا ابننا ... بعدها صحيت من النوم على صوت عالى ... صريخ جامد ..
توقف قليلا عن الكلام ...كان قد وصل لقمة تعرقه ... جسده يرتعش بشدة ... عيناه سوداء قاتم ... قالها بألم وقهر _ جريت اشوف فيه ايه ... لقيت اخويا فى مكتب والدى وفى ايده المسدس بتاعه ... كان حاطه على راسه زي مانتى عملتى بالضبط... بس هو بصلنا وضغط عليه فعلا ...
سكت ... وضع وجهه بين كفيه ... يحاول استيعاب مع حصل زمان ...لاااا يصدقه حتى الان ... يظنه كابوس ..
اما زهرة فكانت عيناها غارقة بالدموع ... كانت كالشلال لا تتوقف ... كيف لبشر تحمل كل هذا ...
اخرج وجهه من بين كفيه ... كان يشع احمرار ودموع بعزارة ... استكمل قائلا _ لقيت دم اخويا فى كل مكان فى المكتب ... وهو واقع على الارض ... امى صرخت وجريت عليه وهى بتنادى بصوت جمع العمارة كلها ... انا كنت زى المشلول مش مستوعب اللى انا فيه ... ابويا متحملش ووقع من طوله من غير ما ينطق ولا حرف .
اخرج من جوفه بحزن قائلا _ اااااااه .. كل شئ اتغير ... كل شئ فى ثانية اتبدل .. اخويا ...توأمى ... رفيق عمرى مات قدام عيني ... وبعدها ابويا بيومين بالضبط اتوفى ... مقدرش يتحمل ابدااا ...
امى سفرتها عند خالى مع ابن اكرم فى لبنان ... وانا كان قدامى حل من الاتنين ... يا اما انتحر زى اخويا ... يا اما اكون طارق الازهرى المحامى المعروف بجبروته ..
وانا اخترت الحل التانى علشان اخليها تدفع الثمن ... كنت لازم ادوقها اللى شوفناه .... بس للاسف هربت بعد ما عرفت بموت اخويا ... قلبت عليها مصر كلها ملقتهاش ... ومش هرتاح ولا قلبي هيبرد غير لما الاقيها ..
نظر هو الى زهرة التى ما زالت تبكى بحرقة ... تكلم قائلا _ عرفتى ليه عملت كدة فيكي ... للاسف انا بقيت اشوفها فى كل بنت ... علشان كدة يا زهرة عايزك معايا ... خايف على نفسي من نفسي ... عايزك تكونى دليلي ..
نظرت له زهرة بحزن ... قلبها يتمزق لاجله ...ما عاشه ليس بهين ابداااا ... نطقت بقلبها قائلة _ انا معاك يا طارق ... معاك لاخر عمرى وهفضل جنبك وهنتخطى اللى حصل ده سوا ...
وقف على حاله متجها اليها ... مال عليها واحتضنها ... كان يعتصرها بشدة ويبكى ... هى ايضا لم تمانع بل بادلته العناق والبكاء ايضااا ... ظلت تهدأه وتربت على كتفيه بكفيها الصغيرة ... وهو كأنه وجد مسكنه ... استكان فى احضانها ..... هدأ قليلا ولكنه ما زال يعانقها ..
لم يفيقا الا على رنين هاتف زهرة ... خرجت من عناقه بخجل ... هذا امر جديد عليها تماما ...
ولكنها ارادت فعله حقا ..حتى انها ارادت ضمه لصدرها كالطفل الصغير .
اتجهت لترى من المتصل ...ظهر اسم احدهم على الشاشة ...لم يكن سوى اسم (وصال ) ...
نبدأ بسم الله
لا يبارك الله فى عمل يلهى عن الصلاة
البارت التاسع من رواية #حذاء_قدرى بقلم /آية العربي
ابتعد عنه زهرة ونظرت للهاتف ثم الى طارق قائلة بخجل وتوتر_ صحبتى .
اومأ لها وجلس ينتظرها حتى تنتهى ..
اجابت قائلة وما زالت اثار دموعها تغطى وجهها _ وصال ... ازيك .
تكلمت وصال بلهفة قائلة _ زهرة .. ايه يا بنتى فينك وليه مش بطمنينا عنك
اجابتها زهرة مطمئنة _ متقلقيش يا وصال انا فى بيتي .
فرحت وصال قائلة بحماس_ بجد ... طب ازاى ... واخليل وبنته عملتى فيهم ايه ..
نظرت لطارق الجالس يطالعها قائلة بخجل _ متقلقيش جوزى اتصرف معاهم .
تعجبت وصال قائلة _ مين! ... ده الموضوع جد بقى ... زهرة انا لحد دلوقتى مش فاهمة حاجة ولا عارفة انتى ازاى اتجوزتى بالسرعة دى ...
ثم اردفت مستكملة _ طب اتجوزتى مين طيب ؟
اخذت زهرة نفسا قائلة بهدوء _ هجيلك يا وصال ... هعد معاكى انتى وتقوي واحكيلك كل حاجة ..
تساءلت وصال بفضول _ هو عندك ... قصدى جوزك .
طالعته زهرة قائلة _ امم .
تعجبت وصال من الوضع الغريب بالنسبة لها قائلة _ طيب يا زهرة ... هقفل
دلوقتى ونكمل كلامنا وقت تكونى فاضية ... انا بس كنت بطمن عليكي ... يالا سلام ..
اغلقت وصال مع زهرة واتجهت زهرة الى طارق الجالس ومعالم الحزن بادية على وجهه ...ناظرا ارضا يفكر .. هل اخرج ما في جوفه حقاا .... هل حقا اخبرها بكل ما يؤلم روحه ... هل شاركها سره الموجع ... بالرغم من تذكره لحظات يحاول جاهدا نسيانها الا انه ارتاح قليلا حينما شاركها ..
تحمحمت وهى تجلس بجواره قائلة _ احم ... بقيت احسن ؟ .
نظر لها بحب ... ابتسم لها بهدوء قائلا _ احسن بكتير ..
اومأت له قائلة _ طيب لو تحب تنام يعنى ممكن تدخل الاوضة دى وتنام فيها .
قالتها وهى تشير على احدى الغرف ...تبدو غرفة خليل ..
ثم استكملت قائلة _ بس ثوانى اغيرلك الفرش علشان تبقى مرتاح .
اوقفها قائلا _ متتعبيش نفسك ... عرفيني بس مكان الغيارات وانا هتصرف ..
اومأت له قائلة _ تمام زى ما تحب ... عموما الدولاب فيه كل حاجة جوة .
اومأ لها ثم قالت باستئذان _ طيب عن اذنك انا هدخل انام ... لو احتجت حاجة نادى عليا .
اسرع قائلا بتعجب وخوف _ هتنامى بدرى كدة ؟ ... خليكي معايا شوية .
نظرت له بحيرة ... ثم قالت باصرار _ خليني على راحتى ... انا محتاجة اعرفك اكتر واخد عليك اكتر من كدة ... وبعدين انا سمعتك بس لسة متكلمتش .. انا كمان عندى كلام كتير اوى عايزة اقولهولك .
التفتت لتغادر فقال هو برجاء _ زهرة لو سمحتى ... خليكي معايا ...انا لو بقيت لوحدى بعد الكلام اللى قولته ده هتخنق ... خليكي شوية وقولى اللى عندك وانا هسمعك ..
تنهدت بحيرة ... ثم قالت بعد وقت _ استغفر الله العظيم ...
جلست بجواره ... انفرج وجهه ... قائلا بحماس وسعادة _ قولى يا زهرة ... قولى كل اللى عندك .
___________
عند تقوى التى تقف متجمدة .... لا تصدق ما تراه عينها .... كيف لهذا ان يحدث ... هل هو او فقط شخصا يشبه ..
اما هو وضع رأسه ارضا ولم يستطيع الكلام ومن كانت فى يده تكلمت متسائلة بحدة _ ممكن حد يفهمنى ايه اللى بيحصل هنا ... انتو تعرفوا بعض ولا ايه .
افاقت تقوى من شرودها ... نظرت لها بحيرة ثم الى يدها ... نعم حقا انها زوجته ... وهو محمود ولكنه شكلا فقط ... ليس نفس الشخص الذي احبته .... هذا الشخص مات بالفعل ..
تكلمت تقوى بصوت متحشرج وانفاس عالية _ اتفضلي ... انا اسفة افتكرت اخويا الله يرحمه ..
قالتها وهى تطالعه بحزن ... اما هو كان ينظر فى كل مكان الا عيناها ...
لم تقتنع من معه قائلة موجه الحديث له _ يعنى ايه الكلام ده ...طب هي وافتكرت اخوها .. انت بقى افتكرت مين ... وهو اخوها اسمه محمود على اسمك ولا ايه ..
نطق هو قائلا بغضب _ اخلصي .... شوفى انتى عايزة تشترى ايه وخلينا نمشي يالا ..
اتجهت زوجته تختار بعض القطع وهى غاضبة ولكنها تعلمه جيدا ان غضب سيفقد عقله ...
اما تقوى طالعته بمشاعر مختلفة ... حزن صدمة غضب احتقار ..
ابتاعت زوجته بعض الاشياء القليلة ودفع هو حسابهم وغادروا على الفور ...
بعدها جلست هى على احد الكراسي ... قدماها لا تحملها .... كيف لهذا ان يحدث .... هى لم تصدق موته ... اخبرتهم بذلك كثيرا ولكنهم ارغموها على التصديق ... لقد كان احساسها هو المتحكم طوال هذا الوقت ... يا الهى كيف اضاعت من عمرها ٥ سنوات فى حب خسيس مثله ... لم يحبها يومها ..
بكت تقوى .... لقد تمت خيانتها .... لقد كان يدعى انه يحبها بشدة ... كان ممثلا موهوباً ... لا بل كان محترفا ..
بعد مدة استغفرت ( استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم ) وحوقلت ( لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم )
ثم وقفت تجمع اشياؤها واغلقت المحل وغادرت بروح متألمة غير مستوعبة ما رأته بعد .
___________
عند الزهرة التى بدأت فى فرك اصابعها بتوتر .... لا تعرف من اين تبدأ ... كانت شاردة .... مطأطأة رأسها ارضا تفكر ..
تقدم منها وجلس ارضا لمستواها دون ان تشعر .... فك يدها واخذها بين
كفيه ... ثم رفعها الى شفاهه ولثمها بهدوء اوقع قلبها بين ارجلها .... اتسعت عيناها غير مستوعبة ما يحدث ... جسدها تخدر بالكامل ..
حتى انها لم تسحب يدها بسبب ما اصابها ...
اما هو كانت عيناه مغمضة ... يستشعر لذة ملمس يدها الناعمة الصغيرة ... احساس غريب استحوز خلاياااه .... اصابه عشقٍ بكل تأكيد .
رفع رأسه ببطء ينظر اليها بعيون يغلبها الرغبة قائلا بتحشرج _ اتكلمى يا زهرة ..
الأن زهرة عادت لوعيها ..
.. سحبت يدها قائلة بخجل ووجه يشع احمرار _ متعملش كدة تانى ..
ابتسم بانجذاب قائلا بمشاكسة _ معملش كدة ازاي ؟
ضيقت عيناها تفهمه جيدا ... ثم اردفت قائلة _ متبقاش خبيث .
ضحك عاليا من قولها قائلا _ ههههههه ... تغلبيني .
ابتسمت بخجل وهى تمد شفاهها وتضغط عليهم باطراف اسنانها ...
نظر لها ومسح عن شفاهه التى تعطى لعقله اشارات غير موجودة فى قاموس الادب .
هز رأسه سريعا كي يطرد هذه الافكار التى ان تجسدت لداب قلب زهرته به ولكنه يريدها بارادتها ... بكامل رغبتها ...لذا سينتظر .... قليلا .
قام من مكانه وعاد الى مجلسه يسمعها ويحثها على الحديث قائلا _ يالا اتكلمى ..
هدأت زهرة قليلا تحاول انعاش طاقتها بقول ( بسم الله ...بسم الله )
ثم اردفت قائلة _ صلى ع النبي ...
اجابها قائلا بترقب _ اللهم صلي وسلم وبارك عليه .
قالت مستكملة _ انت حكيتلى تقريبا كل اللى مريت بيه ... صحيح لسة فيه
حاجات كتير معرفهاش عنك ... بس الجزء المهم عرفته ... انت بقى ما تعرفش عنى اي حاجة ....
علشان كدة انا كمان عايزة احكيلك اللى مريت به ..
اومأ لها فتكلمت بتوتر هي قائلة _ انا مشفتش بابا يا طارق ... او بمعنى
اصح مش فاكرة اي ذكريات ليه غير صورة واحدة بس
هي اللى معايا .... بابا مات وانا عندى ٣ سنين ... اتحرمت من حنيته وحنانه بدرى اوى ... حتى اهله معرفش عنهم اي حاجة ... سألت ماما كتير
قالت ان جدي وجدتى اتوفوا ومكنش ليهم اولاد
غير بابا وان اولاد عمه وباقي العيلة الصلة بينهم
مقطوعة ... وهما اصلا مش من القاهرة دول من بلد ارياف فى دمياط ..
اردفت مستكملة _ انا كبرت وسط الحارة هنا لقيت الناس هنا طيبين كانو
بيحبوا ماما جدااا ... ماما كانت اجتماعية وبتحب الناس وبيتها كان مفتوح للكل ...
كانت بتروح عند خياطة فى الحارة اللى جنبنا دايما ... الست دى كانت طيبة بس جوزها لاء ... فجأة الست دي اتوفت ..
. جوزها مستناش كتير بدأ يقنع ماما انى وحيدة ملياش حد وان هو هيكون ابويا وبنته تكون اختى ...
ماما فى الاول كان رافضة تماما .... بس هو مثل عليها دور الحب والحنية ... انا عمرى ما ارتحتله ..
. هو كان طمعان فى بيتنا لان بيتهم كان ايجار وصاحب البيت لما مراته ماتت كان عايز يطرده .
تنهدت قائلة بشرود تفكر فى ماضيها قائلة _ ماما اقتنعت بكلامه بعد فترة واتجوزوا .... بدأ يظهر على حقيقته ... كان بيسحب
منها الفلوس بتاعتى ... كان بيعاملها وحش هو وبنته ... حتى انه بدا يضربها ..... هى من النوع اللى مش
بتحب الشوشرة فكانت بتسكت ... كذا مرة يبقى عايز يتخلص منى
ويعاملنى اسوء معاملة ... كان بيسلط بنته عليا .... لقيت ماما اتغيرت تماماً ...جسمها
نزل جدااا وبان عليها التعب ... قررت انزل اشتغل علشانها .... دورت على
شغل ولقيت فعلا شغلانة فى محل ملابس مشهور جداا صاحبه راجل طيب اوى ..
. هو بصراحة لما عرف وضعي وافق رغم انه
كان بيدور على مستوى معين ... اتعرفت على اقرب اتنين لقلبي ... تقوى ووصال ... حياتى اخدت منحنى تانى .... مبقاش يهمنى لا هو ولا بنته ... كنت
دايما بصده وبحاول اجمع فلوس مع وصال علشان هدفى انى اخد امى ونبيع بيتنا ونطلع برا الحارة دى
بس بعد ما تطلق منه طبعا .... حتى ماما كانت مقتنعة جدااا وبتشجعنى على كدة ..
بدأت دموعها تتحرك فى عيناها تستعد للنزول حينما اكملت _ بس للاسف
وانا فى شغلى جالى تليفون عمرى ما هنساه ... لقيته بيقولى تعالى امك تعبانة اوى ..
رميت كل حاجة فى ايدي ووجريت ... روحت لقيت امى نايمة على السرير ...حواليها كل جيراننا .... مغطيين وشها ... وقفت على باب الاوضة ببصلها وابصلهم ...
اكملت بقهر وتنهيد قائلة _ جريت عليها وانا بصرخ فيهم واقولهم ... انتو
ازاااى مغطيين وشها كدة ... كدة مش هتعرف تتنفس... ابعدوا كدة ..
نمت جنبها وبعدت عنها الملاية ... شفت امى نايمة
ووشها منور جداا ... كانت نايمة زى ما بتنام عادى ... ندهت عليها ..
. هما كانوا بيحاولوا يبعدونى عنها بس انا كنت مسكة فيها
جامد وبصراحة معرفش القوة دى جاتلى منين بس محدش قدر يبعدنى ... فضلت انادى عليها بس
هي مردتش عليا ... ساعتها صرخت باسمها ... قلبي كان هيقف ... الحاجة الوحيدة اللى بتنفس
علشانها ماتت ... امى ماتت ازاي معرفش ..
سكتت قليلا تبحث عن شيئا تجفف به دموعها ... قام هو مسرعا متجها اليها ...
جلس ملتصقا بها ... آخذها بين ذراعه ... وبالذراع
الآخر يمده يمسح بكفيه دموعها ... يتكلم كأنها طفلته قائلا بألم _ خلاص يا زهرة اهدى ... اهدى علشان خاطرى ..
كانت خجلة ولكنها
تحتاجه بجوارها ... تحتاج لحنان وطمأنينة ... وللحقيقة ف هي وجدتها فى عناقه ..
استكانت فى حضنه الابوي قائلة بقهر _ فضلت بعدها شهر ... شهر يا طارق
فى حالة تكذيب لحقيقة انها راحت منى ... تقوى
ووصال مبقوش يسبونى ... ولا حتى الجيران هنا كانوا
دايما حواليا بالرغم من اسلوب خليل المستفز معاهم وطردهم اكتر من مرة ... السبب الوحيد اللى كان بيعاملنى كويس علشانه هو انى بصرف عليه
هو وبنته ... وطبعا البيت بيتي ... كان مجبر يعاملنى
كويس ... وطبعا كويس بمعنى انو ميعذبنيش او ميمدش ايده عليا .... لكن كان مسلط بنته بقى ... كانوا معيشيني فى ضغط نفسي رهيب
.... السبب الوحيد اللى كنت بتحملهم علشانه هو انى كنت بترعب من الوحدة ...
بكره اعيش لوحدى ... ده غير انى مش هسمح
لحد يتكلم عنى ربع كلمة ... فاضطريت احتمل وجودهم فى حياتى واقلمت نفسى على كدة ...
لحد يوم فرح بنت استاذ رؤوف الصبح ... كأنه كان مخطط لكل ده ...
فجأة دخلونى فى مشكلة وزوروا توقيعي على عقد البيت ..
. بس ده كله كوم وانه يتهمنى فى شرفي كوم
تانى خالص ... كنت لاول مرة احس بالعجز فعلا ... اتهمنى قدام الحارة كلها ... قالى عنى كلام مش فيا ..
كان طارق يحتفظ بها داخل صدره ولكن عيناه لا تبشر خيرا لهذا الرجل وابنته ... فقد جعلا زهرته تعيش حياة مجهدة ...
قامت من حضنه تنظر له بعمق قائلة بنظرة لوم وعتاب _ والباقي انت عارفه طبعا ...
تنهدت بعمق ثم اردفت قائلة _ كل اللى عيشته ده ولا مرة فكرت انتقم ... ولا مرة فكرت اخد ناس بذنب ناس تانية ... كنت ممكن اطلع معقدة او احاول اعمل زيهم ... بس لاء انا متأكدة ان ربنا عادل هو اللى هيرجعلى حقي ... يمكن انا مش متدينة اوى ... بس بحاول اكون كدة ...
بثق جدااا فى قدرة ربنا فى تغيير الاحداث .
.. محاولتش يا طارق ءأذي حد ابدااا ... فاهمنى ... بالرغم من ظلم خليل وبنته اللى كان واضح زى الشمس ..
تفهم كلماتها ... هى تقصده هو ... ابتعد قليلا قائلا بجدية _ زهرة انا ابدااا
مش بقلل من اللى شوفتيه ... بس انتى كان حواليكي اصحابك البنات وجيرانك حتى برغم الكلب خليل
وبنته ... بس انا اخويا مات قدام عيني يا زهرة ... قتل نفسه قدامى وابويا متحملش ومات ...كل ده بسبب وحدة حقيرة متسواش ..
حاولت زهرة التحدث بهدوء قائلة _ مش يمكن تكون مظل____ .
لم تكمل جملتها اذ تتحول نظرته من الحنان للقسوة ... من الطمأنينة للقلق
حينما قال بغضب وهو يشير بسبابته _ اوعي ...
اوعي تدافعي عنها ... انا مستنى اللحظة اللى هعرف مكانها فيها ... دى دمرت عيلتى ... هي والحقير اللى كان عامل نفسه صاحب ..
قطعت زهرة حديثها ... هو لن يتقبل حواراً فى هذا الامر ...
اومأت وهى تقف على حالها قائلة _ طيب انا هدخل انام ... تصبح على خير .
اومأ لها قائلا بهدوء _ وانتى من اهل الخير ... جهزى نفسك الصبح علشان هاخدك فى مكان نفطر سوا .
تكلم فضولها قائلا بحماس _ فين ؟
ابتسم على طفلته ... نعم كانت كالطفلة حينما قالتها ... وقف هو مقتربا منها .. . شعرت بانفاسه الساخنة تلفح وجهها ... رفعت نظرها اليه بتوتر ... تشعر بمشاعر لم تجربها من قبل ... مثله تماما ... ازاح خلصة متمردة من
على وجهها بيده ... ثم ارجعها للخلف مع غيرها قائلا
بسحره الذي يستخدمه حق استخدام _ هاخدك مكان حلو نفطر فيه ... بس قبلها هتغطى الحرير ده ...
كانت كالمغيبة وهى
تومأ له بتخدر ... لا تعلم لما تجرها مشاعرها الى نفق تجهل داخله ..
اما هو فكان قد اقترب منها مسافة خطرة ... كانت ستؤدى الى هلاك قلبه ..
. ولكنه ابتعد مرغما فى اخر لحظة قائلا بتحشرج _ يالا ادخلى نامى ..
ابتعدت عنه ودخلت غرفتها مسرعة واغلقت الباب خلفها ..
تمددت على فراشها تضع يدها على موضع قلبها ... يا الهى يدق بعنف ..
. ماذا يحدث معه ولما تتخدر اطرافها هكذا بالقرب منه ... حتى ان قدمها تعجز عن السير ..
ظلت شاردة تنظى الى سقف غرفتها ... تفكر فى تغيير حياتها فجأة من
اقصى الشمال الى ادنى الجنوب ... .. لا يهم .. المهم انها سعيدة ... ستترك الماضي وتحيا للحظتها ..
نامت زهرة بعدها .. اما طارق ظل شاردا فى امراً ما .. يفكر ويفكر الى ان غلبه النعاس على الاريكة فنام مكانه ..
__________
فى الصباح استيقظت زهرة ... قامت مسرعة فقد فاتتها صلاة الفجر حاضرة ..
. وهى التى التزمت بها ... حزنت كثيرا وخرجت بملابس نومها الرقيقة دون ان تشعر ..
مرت من جانبه بنعاس ولم تراه او تتذكره حتى ... اتجهت للمرحاض
واغتسلت وتوضأت ثم خرجت تبحث عن اسدالها ..
. ظلت تبحث هنا وهناك الا ان اقتربت من الاريكة فنظرت اليها تبحث عنه ... ولكنها وجدت شيئا آخر اكبر
حجما ... ربما بشرااا .
اتسعت عيناها بقوة .. يا الهى انه هنا ... كيف تناست وجوده ... تذكرت
ما ترتدى فنظرت بصدمة الى ملابسها الرقيقة ...
ثم اعادت النظر اليه تتأكد من نومه ولكنها وجدته مستيقظاً يطالعها بشغف ويكتم ضحكته بقوة ..
وقفت لحظات تفكر دون نطق حرف ... تدور برأسها يمينا ويسارا تبحث
عن ما تريده ... فلم تجده ... فانطلقت كالبرق الى غرفتها تحتمى بها .
اما هو اخرج ما كان يكتمها على شكل قهقهات عاليه قائلا _ ههههههههه ....
على فكرة الاسدال معايا ..
فتحت الباب ببطء وهى تقف خلفه تدارى نفسها ..تمد يدها اليه دون
ان تريه وجهها ... ظنت انه سيعطيها الاسدال
فى يدها ولكنه بدل من ذلك قبل باطن يدها بعدما امسكه
بحب قائلا بصوت هادئ _ صباح الخير ... قالها ثم وضع الاسدال فى يدها التى سحبتها على الفور بخجل ..
اغلقت الباب فورا . .. ولكنها فتحته بعد لحظات وقالت وهى ما زالت مختبئة خلفه _ صباح النور .. قالتها واغلقته مجددا ..ا
اما هو ظل يضحك على مجنونته واتجه ليحضر وجبةً لهما ...فهو سبقها للصلاة فجراً عندما استيقظ على اذأن المسجد ..
___________
عند وصال التى استيقظت على رنين هاتفها ... نظرت بعيون نعسة الى المتصل ... ولكنها فتحت عيناها بقوة وفرحة ولهفة حينما وجدت رقم طفلها ..
فتحت الخط بحماس قائلة بصوت مشتاااق _ مروان ..
ولكن اتاها صوتاً تعلمه جيدااا تقول _ ازيك يا عزة .
