رواية سحر سمره الفصل السابع عشر17والثامن عشر18 بقلم امل نصر بنت الجنوب

رواية سحر سمره
 الفصل السابع عشر 

والثامن عشر

بقلم بنت الجنوب

برقت عيناها بدهشه غريبه حينما رأته يمسح بالمحرمه الورقيه 



على وجنتيها هذه الدموع التى غفلت عنها وهو يردف بصوتٍ أجش وحنون :




 انا مش هسألك انتى بتعيطى ليه ؟ بس لازم تعرفى كويس يا" 



سمره" انك لو لجأتيلى فى حل اى مشكله تخُصك انا مش هخذلك .





اومأت برأسها بموافقة بارتباك  وقد  ازدادت عيناها اتساعاً بدهشه لما يحدث معها ومايفعله هذا الغريب .. ليضع بقلبها الامان الذى افتقدته منذ فتره طويله فنظرته وحدها ترسل اليها الاف الرسائل المطمئنة .

- هو فى ايه ؟!!

التفتت" سمره "لمصدر الصوت الذى سمعته خلفها فوجدتها امرأه ثلاثينيه بكامل اناقتها وجمالها الخلاب الذى يسلب العقول وهى تنظر لها بأعين نارية .. ولكنها نقلت انظارها بعد ذلك لرؤوف الذى خاطبها برزانه قائلاً :

- اهلا ياصافى واقفه ليه عندك ؟

- مين دى ؟ وايه اللى كان بيحصل من ثوانى ده ؟

قالتها بازدراء وهى تتقدم بخطواتها وتلوح بسبابتها على "سمره "فأثارت حنق الاَخيره وصدمتها ..لتفاجأ برد " رؤوف " الحاسم:







- خلى بالك من كلامك يا"صافى "وبلاش تلميحات انتى مش قد عواقبها .

بهت وجهها وجف حلقها من حديثُه الجاف اليها .. فخرج صوتها بتلعثم:

- انااا.. مابلمحش بحاجه وحشه .. انا بس بسألك مين دى ؟ عشان دى اول مره اشوفها !

نظر الى" سمره "مخاطباً :

- روحى انتى ياسمرة دلوقتى واطمنى على تيته .

تحركت سمره بعد ان تبادلت مع" صافى "نظرة الازدراء غيرُ عابئه بشخصها مما اثار سخط " صافيناز "التى هاتفت رؤوف بعصبيه وهى تنظر فى اثرها :

- مين دى يارؤوف ؟

- دى "سمرة "الجليسه الجديده لتيته" لبنى " انتى نسيتى ولا ايه ؟ انا بشكرك اوى ياصافى على هديتك الغالية

قالها بهدو وابتسامه متسعه فشعرت هى وكأن دلواً من الماء البارد سقط على رأسها .. وهى تنظر اليه صامته ولا تقوى على التفوه بكلمه .

.........................






وبعدين بجى ياقاسم .. احنا هانفضل معسكرين هنا لحد امتى ؟ انا تعبت يابوى .

قالها "محسن "بسأم وهو جالس بسيارة قاسم المركونه بزاويه ضيقه خارج الحارة التى تقطُنها " سعاد ".. فنظر اليه قاسم الا مزدرءاً :

- وانت تعبان فى ايه يا روح ..... ؟ما انت واكل شارب نايم مكانك عايز ايه تانى؟

- استغفر الله العظيم.. ولزوموا ايه الغلط دا بس ياقاسم ؟

قالها محسن وهو يحاول السيطره على غضبه .. فتابع قاسم بأسلوبه :

- ومين اللى جاب الغلط مش انت ؟ عايزنى امشى من غير ما اعرف مطراحها فين ؟

ضرب بكفه يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى يردف بتهكم :

- وتفكترها هتاجى هنا تانى بعد ما عرفت انك سألت عليها وعرفت مكانها ؟

هدر قاسم بعصبيه:

- امال هاتبيت فين يعنى ؟ وهى ليها مكان تانى فى البلد دى غير هنا ؟!

وبنظرى ذات مغزى اومأ محسن قائلاً :

- حد عارف .

جذبه قاسم من ياقة قميصه هادراً بوحشيه :

- لم نفسك يا" محسن "بدل ما اخلص عليك حالاً .

بلع محسن ريقه بخوف ليردف بتلجلج:

- انا مش جصدى حاجه ياصاحبي.. انا بس مستعجب.. انها مجاتس لحد دلوك والساعه داخله على ١١ باليل .

ترك قميصه وهو يدفعه بقوه قبل ان يفتح باب السياره ويخرج منها .. فهتف عليه محسن قائلاً :

- انت طالع ورايح فين دلوك ؟





اجاب عليه بصوت صارم :

- خلى بالك من الطريق واللى رايح واللى جاى .. انا هاتمشى شويه اسأل واطجس ؟ 

- تسأل وتطجس على ايه بس ؟ .. انت مابتتهدش واصل .

قالها بصوتٍ خفيض وهو ينظر لأثره بامتعاض

.............................


جالسه على المقعد الوثير واضعه قدمٍ فوق الاَخرى .. تنظر ل "سمره "الجالسه امامها بجوار الفراش الراقده عليه السيده " لبنى " وهى تناولها الدواء ... فتفحصها من رأسها لاخمص قدمها .

اجفلتها لبنى وهى تسألها :





- وانتى اخبارك ايه بقى يا" صافى " ؟

انتبهت للمرأه لتجاوب :

- هاا ... انا الحمد لله ياتيته   المهم انتى صحتك عامله ايه ؟ البنت دى شايفه شغلها كويس ولا زى الى قبلها .

قالتها بتحقير اثار الحنق بقلب سمره وهمت لترد عليها بما يليق بها ولكنها تفاجأت بيد " لبنى " وهى تربت على كفها بحنان وابتسامه رائعه تقول :

- دى" سمره "دى هديتك الغالية على قلبى ياصافى.. البنت يوم واحد قضتوا معايا واكنها بقت بالنسبالى عشرة سنين..

صكت على اسنانها بغيظ تسالها مرة اخرى :

- يعنى كويسه ولا لأ تيته ؟ عشان لو غير كده .. يبقى بكره ان شاء الله اجيبلك غيرها واحسن منها كمان .

لقد بالغت فى تحقيرها ولابد من الرد ولكن للمرة الثانية توقفها المرأه وهى تقول :

- ماتقوليش كده ياصافى يابنتى.. هو انا بشكر فيها كده من غير سبب !

الجمتها المرأه بردها فنهضت لتتجنب الجدال مع هذه الحيزبون:

طب عن اذنك انا ياهانم ولو عوزتي اى حاجه.. ابعتيلى فورا واجيلك .

لبنى بتساؤل :







- طيب يابنتى انتى مش قولتى رؤوف وصل امال هو فين ؟ انا مش شايفاه .

اجابت مرغمه :

-الاستاذ" رؤوف "قالى انه ها يغير هدومه وياخد شاور وهاجيلك على طول .. عن اذنك بقى ياهانم .

اومأت لها المرأه برأسها مبتسمه بحبور .. فتحركت لتخرج وقبل ان تصل للباب وجدتها تُنادى عليها بتحقير :

- استنى ياااااا ..

اللتفت ترد عليها باقتضاب :

- نعم .

هزت بأرجلها تقول :

- اعمليلى فنجان قهوه وهاتيلى كوباية مية .

- هاندهلك صوفيا تعملك قهوة وتجيبلك كوباية ميه .

قالتها سمره وهى تنظر اليها بتحدى وخرجت على الفور.. فنهضت صافى بغضب وشياطينها تتراقص امامها

فستأذنت ل "لبنى " بادب :

- استأذنك ثوانى ياتيته وراجعه تانى .

قالت وخرجت على الفور دون ان تنتظر جواب فنظرة المرأه لاثرها باندهاش. 


بعد ان خرجت سمره حانقه تفاجأت بيد قويه ناعمه تجذبها من ذراعها بوحشية وهى تنبش اظافرها بذراعها:

- انتى فاكره نفسك مين بابنت انتى .. بقولك اعملى قهوه تقولى هاقول لصوفيا    .. وانتى لازمتك ايه بقى ؟ !

- انا مش خدامه عندك عشان اعملك اللى انتى عايزاه وسيبى ايدى بقى 

قالتها سمره بقوه وهى تحاول افلات يدها من هذه المرأه المجنونه الطابقه على ذراعها بقوه .. ولكن الأخرى زادت بتشبثها اكثر وهى تردف بعصبيه :

- انتى بتتحدينى يابنت انتى .. شايفه نفسك على ايه ها قوليلى ؟

- شيلى يدك عنى ياست انتى بجولك .

قالتها سمره بألم وهى تحاول انتزاع ذراعها المتألم من مخالب الأخرى .. لتفاجأ بهذا الصوت الرجولى الغريب 

- فى ايه ياصافى ؟ مالك بتتخانقى ليه ؟

دفعت سمره وهو تنزع يدها عن ذراعها :

- الزفته دى اللى اشتغلت هنا بفضلى انا .. بتتنك عليا دلوقتى. 

دلكت سمره ذراعها المتألم وهى تحجز فى مقلتيها هذه الدموع الساخنه من الاهانه لتفاجأ بهذا المدعو "تيسير "ينظر لها بجرأه قائلاً :

- زفتة مين ؟ هى مين القمر دى ؟

لكزته " صافيناز " بقبضتها على كتفهِ بقوة :

- قمر مين انت كمان ؟.. دى الزفته اللى قالت عليها سعاد .

بعد ان سمعها مجبراً التفتت مره اخرى لسمره بنظراته الوقحه التى اصابتها بالرجفه منه فارتدت للخلف وهو يردف :

- معلش يا"صافى "   سامحيها هى متقصدش أكيد .

همت صافى لتصب عليه جام غضبها ولكنها تفاجأت برؤوف الذى خرج من غرفته مجفلاً :

- هو في ايه ؟




تراجعت هى بتخاذل وانتصب " تيسير " فى وقفته باحترام وهو يجلى حلقه .

- مافيش حاجه يارؤوف .. دى حاجه بسيطه مش مستاهله يعنى .

هتفت صافيناز بصراخ :

- لأ فى يارؤوف .. البنت دى بتقل ادبها عليا ومش محترمانى .

اقترب اليهم بخطوات متمهله فوجد "سمره "تخاطبه باعين دامعه : 

- لو سمحت يارؤوف بيه انا وظيفتي هنا الهانم الكبيره وبس.. ماليش انا دعوه بقهوة الهانم دى ولا اى حد تانى هنا فى البيت ولو مش عاجبكم كده امشى واسيب البيت حالاً .

نظر الى صافى نظرة ناريه ثم توجه ل" سمره " مخاطباً :

- طبعا معاكى حق فى كلامك واحنا مش عايزين منك اكتر من كده .. على العموم روحى دلوقتى على اؤضتك  والموضوع دا مش هايتكرر تانى. 

همت لتهتف عليه صافيناز حانقه ولكنه اوقفها بنظرته القويه .. فتحركت سمره من امامهم    ذاهبه لغرفتها امام صدمة " صافيناز " التى اصابها الخرس ولم تجرؤ على الاعتراض .

........................ .............


وبداخل غرفتها ارتمت على الفراش تبكى بقهر عزيز قومٍ ذل .. وذلك لما اصابها من امتهان لكرامتها من هذه المدعوه" صافيناز " على الرغم من انصاف    السيد رؤوف لها الا ان ذلك لم يشفى جرح كرامتها وهى التى عاشت طوال سنوات عمرها عزيزة النفس مرفوعة الرأس .. رفعت رأسها تردف لمن يطرق على باب غرفتها :

- ايوه مين ؟

اجابت الفتاه بصوت ناعم ورقيق :

- انا صوفيا.

مسحت بالمحرمه الورقيه على وجنتيها تنشف دمعاتها .. ثم نهضت لتفتح الباب .

- اتفضلي يا صوفيا.. عايزه حاجه ؟

ابتسمت الفتاه بنعومه تردف :

- مش انا اللى عايزه حبيبتى.. دا السيد رؤوف هو اللى بعتنى اشوفك لو عايزه حاجه اعملهالك وقالى احضرلك عشا كمان .

رددت خلفها بذهول:

- تحضريلى عشا !!!





ثم تابعت 

- انا مش عايزه اكل او اى حاجه يا"صوفيا "بس طالبه منك خدمه .. لو عاندك حاجه فى هدومك تناسبنى .. عشان انام بيها على ما توصلى شنطة هدومى الصبح!

....................


وفى الجنوب دلف رفعت لداخل منزله فلم يجد والدته ولا شقيقته فى بهو المنزل كالعاده فظن انهم نائمين ولكن سماع هذه الاصوات الصادره من غرفة شقيقته جعلته يتقدم ناحيتها ليرى مايحدث .. فتفاجأ بهذه الفتاه الجالسه على طرف الفراش النائمه عليه شقيقته ومن الناحيه الاَخرى جالسه والدتها (نفيسه ) وهى تتحدت و تضحك معهم بطرافه ونصف شعرها ظاهر من حجابها العائد للخلف فتنحنح مرتداً للخلف:

- ياساتر ...

اللتفت الثلاثه مجفلين فعدلت شيماء من وضع حجابها ..وهتفت والدته عليه بحبور :

- انت جيت يارفعت ياولدى حمد لله على سلامتك.. تعالى ياحبيبى مافيش حد غريب






 .. دى شيماء بت عمك حسن .. جات تشوف اختك .

تسائل بخجل وهو معطى لهم ظهره :

- ليه مالها مروة ياما ؟ 

اجابت شقيقته عليه 

- انا زينه ياخوى والحمد لله .. دول شوية تعب وراحوا لحالهم .

تسائل مرة اخرى على نفس وضعه 

- متأكده يامروة انك زينه ولا اخدك بعربيتى دلوك .. اوديكى لاحسنها دكتور. 

ردت هذه المره شيماء بجرأه:

- مافيش داعى توديها لدكتور .. انا جيستلها الضغط لجيتوا واطى.. يعنى حتة جبنه مالحه وهاتلاجيها جامت زى الحصان .

- صح الكلام دا يامروة .

ابتسمت شقيقته تردف 

- عندها حج ياخوى دا انا مكنتش جادرة اصلب طولى لكن لما عملت زى ماجالت فوجت ادينى وبتكلم عادى معاكم .

ردد بصوت خفيض 

- طب الحمد لله 




فأردفت نفيسه بابتسامه عريضه 

- اسم الله عليكى يابتى واعيه وبتفهميها وهى طايره .

أومات شيماء مبتسمه:

- تسلميلى ياخالتى طب عن اذنكم بجى .. ادوبك امشى .

قالتها وتحركت على الفور لتخرج وتتخطى رفعت الواقف بجوار الباب خجلاً ...فهتفت عليها مروة ووالدته 

- يابتى استنى 

- استنى ياشيماء 

ولكنها لم تسمع لهم فخرج خلفها يهتف بصرامه:

- استنى يابت الناس اوصلك .. ماينفعش تمشى كده فى الليالى لوحدك .

كانت قد خرجت لبهو المنزل فاللتفت تنظر اليه بجراه اجفلته فجعلته يطرق براسه ارضاً .

- مافيش داعى يااستاذ رفعت .. البيت جريب من هنا وكل اللى فى الشارع ناسنا .

رد عليها وهو مطرق براسه :

- برضو مهما كان .. واجب عليا انى اوصلك .

ابتسمت بسعاده مستغله خجله فى النظر اليها فأردفت:

- ممكن اطلب منك طلب يااستاذ رفعت ؟

اومأ براسه موافقاً :

- اطلبى يابت عمى اللى انتى عايزاه .

- ممكن ماتشيلش من سمرة ولا تاخد فى نفسك منها .

رفع انظاره اليها مصدوماً فتابعت وهى تنظر اليه بنفس جرأتها :





- ماتستغربش اللى بقولوا .. انا عارفه بت عمى زين جوى .. وعارفه ان مافيش حاجه   تخليها تعمل كده غير الشديد الجوى .. دور زين عالسبب اللى   خلاها تعمل كده وانت جلبك يستريح 

قالتها وتحركت لتخرج على الفور فتركته ينظر لاثرها مصدوماً.!

...............................


وعودة للقاهره 

فقدت كانت " صافيناز " تزفر بضيق وهى تدخن بشراهه بداخل سيارة " تيسير " الذى كان يقود سيارته ولا يكف عن الضحك .

- اوف بقى يازفت انت ... ماتبطل ضحك ولم نفسك .

تابع يردف ضاحكاً 

- اعمل ايه بس ياصافى ؟ ما انتى منظرك كان يضحك اوى .. بعد ما رؤوف اداكى على دماغك .

صاحت فيه بعصبيه:





- لم نفسك ياتيسير .. بدل مااقلب عليك انت عارفنى !

اوقف ضحكه مستسلماً:

- خلاص ياعم هابطل ضحك ..حكم انا مش قد قلبتك

عادت تنفث دخان سيجارتها مردفه بغيظ .

- اللى مجنني انها بتتكلم معايا بتناكه واكنها صاحبة مكان .. تكون مين دى ؟عشان تكلمني انا بالاسلوب ده !

قالت الاَخيره بصرخه فنظر اليه تيسير غامزاً وهو يضغط بأسنانه على شفته :





- بس البت جامده اوى ياصافى .. صاروووووخ .. عنده حق رؤوف صراحه .. دا انا لو منه ماخرجش من البيت وافضل لازق لها .

صاحت عليه ساخطه :

- بس بس يازفت انت .. انت ايه يااخى ماعندكش دم ؟!

- انا اسف ياصافى 

قالها بأسف حقيقى حينما شعر بحرقتها.. فتابع بجديه :

- بس بصراحه انتى غلطتى لما بعتي البنت دى .. متزعليش منى .. بس البنت ملفته للنظر اوى وكمان طبيعى من غير مكياج ولا اى حاجه صناعى.. وجمالها مميز ومختلف. 

- كفايه .

قالتها وهى تضرب بيدها على تبلوه السياره .. فاومأ هو بكفه على فمه كأشارة عن توقفه عن الكلام 

فاللتفت هى للامام وهى تردف لنفسها :

- كله منك يا سعاد الزفت !

..............................


عاد الى المنزل بعد ان قضى سهرته فى الخارج .. وذلك لشعورهِ بالوحده بعد ذهاب تيسير و" صافى " ونوم جدته بفضل تناولها للعلاج وقبلها    نوم سمره واختفائها عن انظاره .. هم لتبديل ملابسه فخلع الجاكيت اولاً ثم جلس ليخلع حذائه فاجفل لهذه الصوت الغريب الذى وضع مصدره بداخل غرفة جدته  مخصوص حينما تحتاجه تضغط على هذا الزر الصغير حتى لا تتعب فى النداء عليه  .. فخرج اليها مسرعاً ظناً منه انها اصابتها موجة جديده من مرضها. 

فتح باب الغرفة بتسرع فوجدها رفعت راسها عن كوب الماء الممسكه به سمره .

فاردفت مجفله :

- فى حاجه يارؤوف؟

تنفس براحه مردفاً :

- الحمد لله انا خوفت لتكوني تعبتى. 

جاوبته بابتسامه ودوده :

- انا بس عطشت ياحبيبى.. لكن سمره الله يباركلها لحقتني بسرعه بالميه. 

نقل انظاره الى سمره فتفاجى بهذا الجمال المبهر وهى مرتديه هذه البجامه نصف كم والمظهر جمال جسدها دون رحمه بشعرها الحريري الاسود كالشلال على ظهرها وهى لاتستطيع النظر اليه خجلاً منه وهو لم يحيد بنظره عنها 

فخرج صوتها بصعوبه 





- انا اول اما سمعت الجرس خرجت على طول من غير ما اخد بالى من لبسى.. اصل بصراحه     جلجت لتكون تعبت. 

هو ايضاً خرج صوته بصعوبه فاجلى حلقه اولاً من هذه المشاعر التى شعر بها .





- فيكى الخير يا"سمره "ووو لبسك كويس مافيهوش حاجه .يعنى !






- طب مدام انا اتطمنت على الست الكبيره بجى . . عن اذنكم. 

قالتها وخرجت على الفور تتخطاه فانتقلت رائحة عطرها اليه ليغمض عيناه وهو يستنشقها باستمتاع .


الفصل الثامن عشر 


فى الصباح الباكر ... استيقظ من نومه بنشاط وحيوية افتقدها منذ  فترة ليست بقريبة ..فتح ستائر نافذته ليستمتع بنسمات الصباح العليله وهو ينظر لحديقة منزله المزروعه بكافة انواع الزهور لتبعث فى الروح البهجة والراحه ... تنفس بشهيقٍ كبير يُشبع حواسه من هذه الرائحه الجميله .. علها تُنسيه رائحة عطرها التى علقت بذهنه طوال الليل مع تذكره لهيئتها البديعه رغم تواضع بيجامتها وبساطتها .. اجفل لنفسه فرجع برأسه لداخل الغرفة يتمتم :

- وبعدين بقى يارؤوف .. هو انت رجعت عيل مراهق ولا ايه بس ؟

هز برأسه يجلى هذه الافكار المتلاحقه على عقله قبل ان يذهب إلى حمامه ويمارس نشاطه اليومى. 

................................


بعد ان تركت اولادها عند الجارة ام ايمن ...تناولت حقيبة الملابس التى تخُص " سمره" لتخرج بها من المنزل وتُعيدها الى صاحبتها.. ولكن بمجرد اغلاق الباب فوجئت بهذا الصوت الاَتى من الأسفل وهو يقول : 

- رايحه فين ياام العيال ؟ اوعى تكونى هاهتجى وتسيبنى انا والعيال .

شهقت مخضوضه وهى واضعه يدها على قلبها:

- يخربييتك خضتنى ياشيخ !

ابتسم بزهو وهو يصعد الدرجات المتبقية حتى وصل اليها .. وجدها واقفه بتحفز وهى واضعه يدها على خصرها قائله :

- نعم ياسى ممدوح .. جايلى هنا البيت ليه ان شاءالله كده عالصبح .

تنهد بتملق يقول :

- الحق عليا يعنى عشان جاى اطمن عليكى انتى والعيال ياسوسو .

ردت عليه متهكمه:

- اسم الله ياخويا .. ودا من امتى بقى ان شاء الله ؟

مال بوجهه لها ساخراً :

- من ساعة مابقيتى مهمه وبتجيبى بنات هربانه من اهلها تتاويها عندك وتعرضى حياة عيالك للخطر !

نظرت اليه حانقه ترد بغضب :

- بلاش كلامك دا يا ممدوح.. انت عارف انى قوية واقدر احافظ على عيالى كويس اوى .. واللى يقرب لهم اكله بسنانى .. يعنى بلاش حجج فارغه .

اختفى الهزل من وجهه ليردف بجديه:

- طب سيبك من الحجج الفارغه ... انتى بقى مش ناويه تحنى ياسعاد على قلب حبيبك اللى بقولوا سنتين مستنيكى ؟ !

شاحت بنظرها عن عينيه تردف بتصميم :

- ان شالله حتى تقعد العمر كله .. مش رجعالك ياممدوح غير لما تبطل بيع الهباب ده اللى هايضيع صحتك وانت كمان بتتعطاه !

امسك بيدها يضعها جوار قلبه قائلاً : 

- ارجعيلى ياسعاد وانا ارجعلك ممدوح بتاع زمان وعشق زمان انتى مش فاكره يابت ايامنا وليالينا الحلوه .

نزعت يدها ترد عليه بخشونه :

- فاكره ياممدوح .. ماهو شوية الذكريات دى هى اللى عايشه عليهم دلوقتي لحد اما ربنا يهديك 

- زكريات !!!

قالها بتعجب فتابع بعدها :

- بقولك اقفى معايا عشان ابطل .. تقوليلى عايشه عالذكريات .. ماتمسكى بايدى يابنت الناس عشان ابطل تعاطى وبيع كمان !

كتفت ذراعيها فظهرت شبه ابتسامه ساخره على وجهها تردف بألم :

- انت بتتطلب منى انا اساعدك ياممدوح ؟ بعد كل اللى شوفته معاك من ذل وحوجه للى يسوى واللى مايسواش على امل انك تخف من اللى انت فيه وتستتنى زى بقية الستات .. اسفه ياحبيبى ابلغك انى مش هاقدر اكرر الايام السوده دى تانى  .. انا عيالى بيكبروا ومش عايزه قرش حرام يدخل جوفهم ولا عايزاهم  يشوفوك ويقلدوك.. عن اذنك بقى خلينى اشوف شغلى عشان اتأخرت .

همت لتذهب وتتركه لاحباطه ولكنه اوقفها على حين غفله :

- طب خلى بالك بقى ياحلوه .. الواد اللى كان هنا امبارح هو وصاحبه.. لساهم معسكرين جوا عربيتهم بره الحاره مستنين صاحبتك اللى مجاتش من امبارح .

تسمرت مكانها تنظر اليه مجفله!!

...............................


خرجت من غرفتها لتصعد للسيده "لبنى " ولكنها تفاجأت بالسيد "رؤوف " جالس على مائدة الطعام يتناول افطاره ويتصفح هاتفه ..فنظرت لساعة يدها مجفله :

- صباح الخير ... هو انا صحيت متأخره ولا أيه ؟

رفع رأسه عن الهاتف فابتسم لها بأشراق:

- صباح الفل ... لا ياستى مصحتيش متأخره ولا حاجه..انا اللى صحيت بدرى انهارده ياللا بقى تعالى افطرى معايا وافتحي نفسى .

اومأت برأسها رافضه : 

- لا شكرا حضرتك.. انا طالعه اشوف " لبنى " هانم .

- استنى عندك " ياسمره" متطلعيش دلوقتى تيته لساها نايمه .. انا نازل من عندها حالاً واطمنت عليها. 

قالها ليوقفها عن الصعود فالتفتت اليه مرتبكه .

- طب خلاص انا رايحه اؤضتى....

قاطعها هو قائلاً :

- هو انا بقولك كده عشان تدخلى اؤضتك تانى انا بقولك كده عشان تفطرى معايا ممكن !

- حضرتك ماينفعش..

- لا ينفع .. ارجوكى بقى انا نفسى الاقى حد يشاركنى الفطار بدل ما انا بفطر وحدى ولا تحبى اترجاكى .

- مش موضوع تترجاني بس بجد انا مش هاجدر افطر 

- طب خلاص اقعدى افتحى نفسى وخلاص .. ممكن ؟!

اخجلها بتواصعه فتقدمت تجلس على المائدة مضطره

ابتسم هو يخاطبها بسعاده :

- متشكر اوى انك مكسفتنيش .

كانت جالسه امامه خجله وهى تنظر بعيناها بعيدا عنه وهو يتناول طعامه بشهيه وعيناهُ لا تبارح وجهها فاجفلها سائلاً:

- انتى اتجوزتى قبل كده ياسمره ولا اتخطبتى؟

بلعت ريقها وهى تحاول ان تجاوب بثبات حتى لا ينكشف امرها فهزت برأسها تنفى فتابع هو مندهشاً :

- مش معقول .. هى الرجاله عندكم عميت فى البلد ولا ايه ؟

ابتسمت بتكلف من فرط توترها :

- متشكره حضرتك على المجامله الكريمة دى .

ترك مابيده من طعام وهو يردف بجديه :

- بس انا مش بجامل ياسمره.. انتى فعلاً جميلة وجميلة اوى كمان .

رفعت انظارها اليه مجفله فجاوبت عليه بالجواب المعتاد :

- النصيب بجى .. كل شئ نصيب 

- فعلاً كل شئ نصيب !

قالها بابتسامه واسعة ورائعه 

................................


وفى الجنوب اجتمع الأشقاء الثلاثه مع زوجاتهم بداخل منزل الاخ الاكبر " سليمان" ومعهم رضوى ووالدتها نعيمه.. التى بهت وجهها واحمرت عيناها من كثرة البكاء. 

حسن وهو مستند بمرفقيه على ركبتيه.. مشبك كفيه ومائل بجسده للامام : 

- لجينا طليجك محبوس يا" بسيمه " وضيع علينا فرصة اننا نلاجى البت .. ابو العزم عملها فينا .

بسيمه وهى جالسة باستقامه على مقعدها وممسكه بمسبحتها .. ابتسمت ساخره ترد :

- عادته ولا هايشتريها ..هو دايماً كده مافيش من وراه فايده .

سليمان بنزق :

- بلاش كلامك الواعر دا يابسيمه.. الراجل ماشوفناش من وراه حاجه عفشه .. هو بس دماغه اللى مضايعاه .

تدخلت نعيمه تسأل :

- طب المهم دلوك انتو هاتدورا عليها فين تانى ولا هاتسكتوا ؟

حسن بعصبيه:

- نسكتوا كيف يامرة اخوى ؟ .. احنا بس نعرف طريج صاحبتها وانا ان ماكنت جبتها من شعرها مابجاش راجل .

ردت رضوى بابتسامه ساخره :

- ودى هاتعرفوا مكانها ازاى دى كمان فى البلد الكبيره المليانه بالخلج دى .

تنهد سليمان بياس :

- والله ماعارف يابتى .. ادينا بنحاول وخلاص لعل ربنا يعترنا فيها ويسترها علينا من الفضايح .

تذكر حسن فسألها مندهشاً :

- ايوه صح يارضوى .. هو " قاسم " اخو جوزك راح فين .. انا مش شايفه واصل يابتى هو الموضوع ده مايخصهوش برضك ؟!

بلعت ريقها المحتقن بالالم تجاوب بخجل :

- يمكن بيدور عليها هو كمان .. بس انا معرفش هو فين؟

- ماتعرفيش!!.. امال مين اللى يعرف ؟ ..دا احنا نسينا خالص ميعاد الفرح بتاعهم .. 

قالها حسن مخاطباً اخيه فرد عليه الاَخر بتشتت :

- والله ما انا عارف ايه اللى هايحصل ؟ هايتم الفرح فى ميعاده ويتجوزها" قاسم " لوحده ولا ناجل بالمره .. انا لازم اسأل" رفعت "فيها دى .. مع انى وشى منه فى الارض ومش عارف اجيبها ازاى ؟

- ماهو انت لازم تسأل يا"سليمان "عشان تعرف راسك من رجليك .

قالها " حسن " لأخيه سليمان الذى اومأ براسه موافقا.. و"رضوى "بنت اخيه وهى صاحبة الشأن.. تنظر اليهم بخواء. 

...................................


كيف يعنى مش جاعد معاكم وسايبكم لوحديكم ؟ انتو بتتكلموا ازاى ؟

قالها " رفعت " بعصبيه وهو يخاطب والدته وشقيقته . فردت عليه "نفيسه "وهى تربت على ظهره بحنان :

- هدى نفسك شوية ياولدى وبلاش تتعصب !

نظر اليها بدهشه:

- كيف ياما معصبش نفسى .. هو معندوش دم عشان يسد عنى ولو مرة واحده فى حياته .. انا طلعت ادور على اللى هربت .. جوم يسيبكم هو لوحديكم وانتو اتنين ولايا دا غير ابوه العيان .. دا انا على كده لو مت يسيبها تخرب !

لحقته مروه بعجاله:

- بعد الشر عليك يااخوى .. ماتجولش كده وتفول على نفس.

التفتت اليها وهى مازلت على فراشها يقول :

- اخوكى مش هايجيبها لبر يا" مروة "طب حتى يورينى وشه عشان نعرف هانعمل ايه فى موضوع الدخله اللى كانت اخر السبوع دى 

نعيمه وهى تجلس بجواره على الاَريكه :

- دخلة ايه كمان اللى تتم بعد ما بتهم هربت منينا ؟ 

زفر حانقاً وهو يشيح بعيناه بعيداً ليخفى المه

- ياما انا بتكلم على دخلة " قاسم " و" رضوى " .. ايه ذنبهم ناجل فرحهم هما كمان .

مروة وهى تشعر بما يمر به شقيقها اردفت بحنان :

- فكر فى نفسك ياخوى .. وسيبك من قاسم وبلاويه وان كان على ميعاد الفرح فأجله حتى عشان الظرف اللى احنا فيه .. ضيف كمان ان اخوك باينه كده الفرح  مش هامه عشان مسألش 

تنهد بثقل قبل ان يرد عليها :

- ماينفعش اسيب الامور معلجه يامروة.. انا الكبير واللى شايل المسؤليه ودا نصيبى .

...............................


فى المخزن وبجوار الملابس المعلقة كانت تتحدت بصوتٍ خفيض :

- ايوه يا"سمره " انا مقدرتش اخرج بشنطة هدومك من الحاره .. عشان الزفت قريبك دا مايخدتش باله ويعرف مكانك .

سمره .....

- يانهار اسود ياسعاد يعنى انا هافضل كده بهدومى دى تانى كمان .. دا انا امبارح استلفت بيجامة صوفى. 

سعاد ...

- طب اعملك ايه طيب .. شوفى انا لو عرفت اتهرب من الواد الأهبل اللى بيراقبنى ده .. هاجبلك معايا اى حاجه من المحل وابقى اسدد تمنها بعدين .

سمره....

- ياريت والنبى ياسعاد وانا هاديكى تمنها ياحبيبتى.. على ما ربنا يفرجها بقى وتجبيلى شنطتى ....

- انت يازفته يالى اسمك سعاد تعالى شوفى الزباين .

سمعتها سمره فى الهاتف فقطت جملتها تسأل سعاد :

- مين دى اللى بتنده على بقلة ادب .

سعاد بضحكه 

- الله يحظك يا"سمره "دى المحروسه صاحبة المحل بعيد عنك جاية من اول الصبح وحاطه نقرها من نقرى .. ياختى دى بتعاملنى بعداوة كده معرفش ليه ؟

سمره....

- انا عارفه عشان انتى صاحبتى ماهى جات امبارح وعملت معايا خناجة كبيره.....

- انت يازفته انتى غورتى فين ؟

هذه المره كانت بصوتٍ اعلى مما ازعج سمره فخاطبت سعاد :

- خلاص روحى انتى ياسعاد انا مش عايزالك الاذيه. 

سعاد بلهفه وعجاله :

- ماشى ماشى ... انا هحاول اتصرف واجيلك عشان تحكيلي سلام بقى .

تنهدت سمره بحزن .....

- سلام .. سلام ياسعاد. 


خرجت" سعاد "من المخزن مهروله :

- ايوه ياهانم انا جيت اهو .

صاحت فيها " صافيناز " بغضب .

- ساعة بنده عليكى مابترودش.. انتى مش عاملالى اعتبار يازفتة انتى ولا ايه ؟ ها قوليلى .

سعاد وهى تحاول ضبط اعصابها معها :

- استغفر الله العظيم يارب .. هو انا عملت ايه بس ياست هانم لدا كله .. مش انتى اللى قولتيلى انزلى تحت ونضفى المخزن .. فين بقى قلة الاعتبار ؟

زفرت بضيق تردف متهكمه :

- ولما انده عليكى وماتروديش دا يبقى اسمه ايه ؟

تابعت سعاد بحكمه :

- المخزن كله تراب وكراتين مترميه دا غير الهدوم القديمه والمركونه.. هاسمع ازاى بس انا فى وسط كل دول 

صكت على اسنانها بغيظ :

- ما انا عارفه نفسى مش هاخلص منك النهارده ..غورى من وشى وشوفى الزباين اللى ياللا غورى .

تحركت سعاد من امامها وهى تُتمتم مع نفسها بصوت ٍخفيض :

- باينها اتجننت دى ولا ايه .. هى مالها النهارده كده عامله زى زعبابيب امشير؟!

...............................


وفى الخارج كان " محسن " واقفاً فى الشارع يستظل بشجرة وهو يُتحدث مع " قاسم " فى الهاتف :

- ايوه يا" قاسم " زى ما بجولك كده هى لسه مخرجتش من المحل مكان شغلها .

قاسم ....

- يعنى متأكد انها مارحتش فى حته تانيه غير الشغل؟

محسن بسأم .

- والله ياسيدى ماراحت فى حته تانيه .. دا انا من الصبح مراجب المحل وشايفها من جزاز المعرض وهى بتبيع للزباين. 

قاسم ...

- امممم .. ماانا عارفها وليه واعره ومش ساهله .. انا عايزك تعرفلى المحل دا بتاع مين وتجيبلى اسامى كل البنته اللى شغاله فيه

صرخ محسن بتعب :

- اسأل ايه تانى يابوى .. انا تعبت وعايز اروح .

قاسم بقوه ...

- اخلص غور ياض وبطل جلع ماسخ .. اتحرك يامحسن ياللا وجبلى الاخبار .

اغلق الهاتف مع " محسن " الساخط ..حينما راى " ممدوح " وهو يتقدم اليه بخطواته وهو ينظر اليه بريبه وبفمه السيجاره المحشوة .. ابتسم مرحباً به :

- اهلا اهلا ممدوح باشاً .

بصق ممدوح بفمه ارضاً :

- نعم ياخويا .. باعتلى الواض سوكه وبتقول عايزنى فى كلام مهم .. ايه هو بقى الكلام المهم ؟!

قاسم بابتسامه واسعه :

- خير ... كل خير ياممدوح باشا !!!!


                   الفصل الثامن عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>