CMP: AIE: رواية قيد انتقام المجروح الفصل الاول و الثانى بقلم زينب سمير
أخر الاخبار

رواية قيد انتقام المجروح الفصل الاول و الثانى بقلم زينب سمير

رواية قيد انتقام المجروح

 الفصل الاول و الثانى

 بقلم زينب سمير
 


بين الظلام والنور ما بينه وبينها الأن، عقبات وصخور..حدود وجبال، لقد بات بينهم ما يستطيع ان يفصل بين الشرق والغرب، لا تفصل بينهم المسافات.. بل المشاعر، من محب الي


 كاره! من راغب الي راهب! من متمني الي فاقد! تحول شعوره نحوها من الألفة الي البغض، فـ ذلك الاحساس صعب.. احساس الشعور بالخيانة بمن وثقت به يومًا الي درجة الجنون.. 




هي خانت وعليها الأن ان تتحمل نتيجة خيانتها تلك، والنتيجة لم تكن سوي القسوة.. وقسوة العاشق على المعشوق لا يأتي بعدها ما هو أقسى أبدًا..


تنفس عميقًا وهو ينظر الي السماء الكحلية، ينظر الي نجومها بتفكير عميق، في ما مضي وما هو أتي، لقد فات على مكوثه بتلك المصحة ما يزيد عن الثلاث أشهر، فيهم عانى من ادمانه



 والموت الذي انقذه نور الدين منه بمعجزة، حيث أكد طبيبه المعالج انه اذا كان تأخر دقائق بعد.. تتعدي العشرون، لكان الأن بين الموتي قابع، وياليته نور الدين تأخر وبات الأن مرتاحًا، لكنه لم يكن يومًا ضعيفًا، دومًا ما كان يكره الانهزام ويحب الفوز.. 



لذا ومنذ ثلاثة اشهر ولحتى الان هو يفعل المستحيل ليشفى من تلك السموم التي وضعت في جسده غصبًا عنه بيـد حبيبته! بقي مصرًا على الشفاء والتغلب على سمومه حتى بات الان جاهزًا ليخرج من تلك المصحة، نعم..




اليوم هو اخر ايامه التي سيقضيها بذلك المكان، غدًا سيخرج الى الحياة مرة اخرى، بروح اخرى وشخصية اخرى، لقد تغيرت حياته مرة رغمًا عنه لاجل الحب، واليوم ستتغير لـ المرة الثانية برغبته لـ الانتقام من ذلك الحب..


لن يرحم أحدًا.. ببساطة هذا ما قرر ان يفعله، من آذاه وان كان لقلبه مالكًا.. سيأخذ حقه منه وان أجرم بحقهم بحق وحقيقي تلك المرة، أخفض بصره عن السماء الكحلية التي تشبه افكاره



 السوداوية بذلك الحين ونهض من جلسته، توجه نحو داخل الغرفة ونظر الى انعكاسه الموجود بالمرآة العاكسة، كان رغم كل ما مر عليه ما زال يحتفظ بوسامته، خصلاته استطالت



 بشكل رائع فمنحته مظهر رجل عابث.. لعبي، كما هو دومًا مع لمحات من النضج التي ظهرت فجأة، لم يكن يومًا من محبي اللحية، لكنه تركها لتنبت طوال تلك الفترة فأعطت لمظهره مزيد من الغموض وكثير من الوسامة والجاذبية، 


بالماضي..

كانت لديه الكثير من مقومات الجاذبية وهو مجرد شخص عابث، الأن ماذا سيفعل؟ وقد بات يملك كل المقومات التي تجعل اي فتاة ترغب به؟!


أبتسم بثقة لصورته المنعكسة، همس لنفسه بصوت مسموع:-

_لقد عاد محطم قلوب العذاري..


وكان هذا هو اللقب المشهور به وسط اصدقاء السوء خاصته..


صباح يوم جديد.. حيث يوم جديد بفصل الصيف الحار، حيث الشمس الساطعة والسماء الزرقاء الصافية، والنشاط المسيطر على معظم مخلوقات الله، بتمام الساعة السابعة والنصف كان



 يقف سراج امام بوابة إحدى أهم وأشهر المصحات المصرية الخاصة بعلاج الادمان الذي ادخله نور الدين فيها لتتم معالجته، على ظهره كانت هناك حقيبة ظهر سوداء متوسطة الحجم مرسوم عليها شعار ماركة ' adidas ' المشهورة، كان



 يرتدي بنطال قصير ' شورت ' بيج اللون وقميص صيفي نبيتي اللون وحذاء رياضي، لم ينسى نظارة الشمس خاصته سوداء اللون، قد بدأ الضيق يصيبه من الانتظار فهو كان و ما زال هو.. اكثر ما يكره الانتظار وتأخير البشر عن مواعيدهم، لحظات..



 وتوقفت سيارة حمراء امامه، هبطت منها فتاة مألوفة الوجه، تقدمت منه بخطولت سريعة وقامت بأحتضانه بينما تهتف بنبرة مليئة بالاشتياق الصادق:-



_وحشتني اوي اوي اوي ياسراج

لف ذراعيه حول جسدها وبادلها الحضن بأخوية وقد شقت ابتسامة خفيفة على شفتاه القاسية.. خرج صوته هادئا:-

_وانتي كمان وحشتيني يانجوان


نجوان.. أبنة العمة، الوحيدة التي لم تدخل مع الباقون في لائحة المكروهين، مازالت هي البريئة الوحيدة التي في عيناه، لذلك طلب بل أمر ان لا يأتي غيرها لأخذه من تلك المصحة..


توجه نحو باب سيارتها وفتحه، جلس على المقعد المجاور لمقعد السائق، وجلست هي على المقعد الخاص بها، التفتت له وهي تهتف بحماس:-

_هنروح لـ....

قاطعها بصوت جاد:-

_لشقتي 

نجوان وهي تنظر له بأستعطاف:-

_نور الدين مستنيك ياسراج

لم يرد عليها، بل التف ناحية شباك السيارة وراح ينظر من خلاله على الطريق بلامبالاة، حاولت ان تستعطفه:-

_سلم عليه بس حتى...

قاطعها بصرامة:-

_هتوصليني ولا انزل اخد تاكسي يانجوان؟!

وأمام نبرته الصارمة.. المصرة تلك، استسلمت وهي تتنهد بقلة حيلة من عنده الواضح، حسنًا.. نظراته الباردة، معاملاته الطافة التي يحاول ان يغلفها بـ اللين المصطنع، أكدت لها شيئًا فحسب، ما أتي من أيام لن يكون سهلًا أبدًا

                              *****

ثلاث شهور وهو يتلوى في جلسته ووقفته ك قطعة من لحم الماعز تتشوي بتأني على نيرانًا خافتة وتذوب ببطء، ينتظر السماح بالزيارة، ومجرد فقط رؤيتة ولو من بعيد، لكن.. جميع



 انتظارته وتوسلاته لم تبوء بالنجاح، لقد رفض سراج ان يقابله ولو لمرة واحدة.. سوى كان هو او عمته نيرمين التي كان يومًا ما يراها والدته، بات قاسي.. سراج ذو القلب الابيض تحول قلبه إلى الاسود وعلى يده! 



كم هو قاسي على قلبه ذلك الشعور، ان يكرهه احب الناس على قلبه، كم يـود ان يعود الوقت به الى الماضي، ربما سيحاول ان يحسن من فعلته قليلًا، ربما.. كان ليجد طريقة ليقنع سراج ان يسامحه.. ربما وربما، لكن هل الوقت يعود؟!


_نور.. حبيبي


قالتها نيرمين وهي تضع يدها على كتفه، انتفض في جلسته ونظر لها، مدت يدها ومسحت دمعة قد تكونت على وجنتيه دون ان يشعر.. هتفت وهي تنظر له بأشفاق:-



_أرحم نفسك يانور يابني كفاية تعذيب فيها

تنهد تنهيدة طويلة قبل ان يردف بعدما وضع يده على موضع صدره حيث قلبه:-

_قلبي من الاشتياق واجعني ياعمتو، واجعني اوي

لوت شفتيها بوجع وحزن لحاله، نظر لها سأئلًا بأستنكار:-

_معقول انا موحشتش سراج؟ 

قالت بنبرة سريعة.. متأكدة:-

_انا واثقة انه مشتاقلك زي ما انت مشتاقله وانه هيموت ويشوفك لكنه بيحارب نفسه واشتياقه دا، انتوا روحكوا في بعض يانور، انت بتعرف تظهر مشاعرك لكن هو لا.. بس هو موجوع منك، استحمله وهو هيلف وهيرجع في الاخر لمكانه الاصلي.. جنبك



نهض عن مكانه ونظر الي الشارع عن طريق شرفة غرفته، حيث ابعد وجهه الذي ارتسم عليه القهر عن مرمي عينا عمته و:-

_عندي استعداد أستحمل منه اي رد فعل مهما كان قاسي بس يكون قدامي وشايفه ياعمتو، انا اخر مرة شوفته كانت وهو



 بيموت ومش قادر اقولك الذكرى دي ازاي مش قادرة تفارقني، انا عايش في كوابيس من وقتها، حسيت باللي كان بيحسه والله ياعمتو.. هو دا كله مش كفاية عليا؟!


لقد طغي الوجع عليه، بات لا يُحتمل، لم يعد يستطيع ان يحيا يوما بعد بدون أخيه، لما اخيه لا يرحمه!


نيرمين:-

_كفاية وكتير عليك كمان يانور، انا شوفت كل اللي انت مريت بيه لكن هو ماشفش، اعذره يانور



وطافت على ذكرى نور الدين الأن هانيا، ظهرت القسوة على ملامحه.. قسوة ممزوجة بالغل وهو يقول:-



_وهانيا دي كمان، اللي كان يوقعها في ايدي يومها انا كنت في ساعتها موتها بأيدي واقسم بربي ما كان هيرجف ليا جفن، اللي رحمها مني هو طلب سراج

سألته نيرمين بأهتمام:-

_تتوقع هيسامحها..؟!

كرر عليها الأجابة التي تلقاها من قبل من سراج، التي وصلته عن طريق نجوان:-

_هيقهرها ياعمتو.. هيقهرها

                               *****

استسلمت الى الحب أخيرًا! بعد كل ما حدث وما فعلته من دمار في حياة الجميع، رفعت راية الاستسلام له! بعد ان حرقت



 روحه، دمرت مشاعره، قتلت عواطفه، تأتي الأن وبكل هدوء تعترف بأنها لن تستطيع ان تخفي مشاعر حبها بعد، وماذا



 تنتظر؟ هل تنتظر ان يكون الرد السماح؟ ان فكرت بذلك فهي بالطبع.. مجنونة! عزيزتي.. هانيا، سراج.. الشاب اللطيف الذي شكلتيه ربما على يدك، بات الأن رجل اخر، أتمنى من قلبي ان لا تقابليه


نظرت لها ملك صديقتها بأستنكار وهي تردف:-

_انتي اكيد جرى لمخك حاجة؟! ريحاله برجلك ياهانيا لـ البيت اللي حاولتي تقتليه فيه وكلك امل!

ردت هانيا عليها بينما هي تكمل قيادتها الى حيث عش الزوجية الخاص بها وبزوجها:-



_انا معنديش اي امل انه يسامحني دلوقتي او ان حياتنا ترجع لطبيعتها ياملك، بس انا هعمل المستحيل علشان اخليه يلين من ناحيتي و...

هتفت ملك بجدية:-

_مستحيل، عايزة اقولك ان اللي زي سراج دا لما يتكسر.. مبيتجبرش غير لما يكسر كل اللي حاوليه، مرواحك ليه مش هتجيب غير وجع وبس، سراج اتطعن في ضهره ومش عايزه اقولك قد ايه طعنة الضهر دي بتكون اوجع طعنة ممكن يتعرض ليها انسان

نظرت لها بأستعطاف و:-

_متحبطنيش، اديني دافع اكمل مش ترجعيني لورا ياملك لو سمحتي

ملك:-

_طيب وانتي ايه اللي غير رأيك ياهانيا؟ ما من يومين سراج بالنسبالك كان ابن كلب ويستاهل الحرق وانك مستحيل تكوني بتحبيه

التمعت الدموع بعيني هانيا وهي تجيبها:-

_كنت كدابة وانتي كنتي عارفة، كنت بحبه بس كنت بحارب نفسي، يومها لما رجعت شقتي ووقفت قدامها قرفت من نفسي



 ياملك، انا افرق عنه بأيه؟ لا بالعكس دا هو طلع أحسن مني، فوقت متأخر ياملك، افتكرته هو وجاي يعيط انه قتل واحد



 من غير ما يعرف وحطيت الصورة جنب صورتي وانا بحطله كل مرة البوردة بأيدي، لقيت اننا بقينا متساوين، بل كفتي بقيت اتقل من كفته، واكتشفت اني بحبه اوي ياملك.. اوي



قالت اخر عبارة وهي تنهار من البكاء، اوقفت سيارتها على جانب الطريق والقت برأسها بين كفيها لتخفيهم بينهم بحزن، لقد عصفت بها المشاعر طوال تلك الفترة، مشاعر عديدة



 وكثيرة.. مبعثرة فبعثرتها، كل ما كانت تثق به بالماضي فقدت مصداقيته، وكل ما كانت تكذبه باتت مقتنعة به، بالأخير.. هي تريد الأن حبه.. فهل سيمنح؟!

                              *****

لقد كانت تمر به الشوارع وهو بين اروقتها شارد، يفكر كيف يؤلم؟! كيف يُوجعهم كما تَوجع منهم؟! مَن لم يفكر يومًا ان



 يؤذي حشرة الأن يدبر ليدمر انسانًا! كان يعلم انه تغير، بل هو ساعد نفسه ليتغير الى الأسوء، لكن لما ولماذا؟ لأنهم السبب.. ولأنه ادرك ان الطيب بين اورقة تلك الدنيا بلا شـك سينداس




 عليه بطريقة او بأخري.. فاق من شروده على صوت نجوان بينما تصف سيارتها امام المبنى الذي به توجد شقته:-

_وصلنا ياسراج

اعتدل في جلسته وهو يؤمي بحسنًا، فتح باب السيارة وقبل ان ينزل وجدها هي الاخري تفتح بابها الخاص، نظر لها و:-

_كفاية عليكي يانجوان كدا

نجوان بنفي:-

_لا طبعا انا هطلع...

قاطعها بنبرة بها رجاء اكثر من انه أمـر:-

_انا عايز اقعد لوحدي يانجوان، على الاقل انهاردة ارجوكي افهميني

_سراج..

سراج بنبرة هادئة:-

_ياستي تعالي بكرة وانا مش هطردك، لكن انهاردة عايز اكون لوحدي لو سمحتي


وامام اصراره، تنهدت بقلة حيلة وهي تؤمي بحسنا، وهبط هو من السيارة ومن ثم غادرت هي..


نظر الي المبنى مطولًا قبل ان يتنهد ويدخله بخطوات بطيئة.. كلما صعد درجة كلما زادت ضربات قلبه وتتدفق الذكريات في عقله من جديد بصورة أسرع وأقسي، بدأ يتنفس بقوة حتى يهدأ نفسه، لم تكن الذكريات مؤلمة او موجعة.. لم تكن ضربات قلبه تدل على التوتر، بل على الكره الذي يزداد تدريجيًا نحوها



، كلما سار خطوة كلما تضاعفت مشاعر كراهيته لها، كلما بات كارهًا لسماع اسمها حتى، كلما سخر من حماقته اكثر لأنه وقع في حب.. قاتلة وخائنة..


وصل الى باب شقته أخيرا، فتحها ودخل فوصلت له رائحتها القوية، أغمض عينيه وكأنه يهمس لداخله بأسي:-

_سيبيني اجمع نفسي الأول حتى..


وكأن كل ما كان يفكر فيه منذ قليل ترسب.. وغادر، وما بقي فقط سوي نظرة عين مليئة بدموع الخذلان 



ودقة قلب حاول ان يكذب إيقاعها ويقول بأنها لم تكن دقة حب


الفصل الثاني 

أحبك.. أتعلمين؟ مرت الشهور وانا أقـر بأني بت كاره لكِ، اخبرت قلبي وعقلي، روحي وكل من قابلته اني اكرهك..



 اقنعت ذاتي بذلك، لكن.. لما عندما رمقت طلتك دق قلبي تلك الدقة الغبية التي احفظها عن ظهر قلب! دقة السعادة برؤيتك! لكن أتدرين؟ حتي ان كنت مازلت أحبك.. سأنتقم.. سأخذ



 بحقي، لن أبقي أحمق وأجعل المشاعر تتحكم بي من جديد، لقد عدت بمجد جديد، لقد عدت وانا كاره لكِ وسأظل كاره لكِ رغمًا عن قلبي..


تقابلت النظرات، فتوقف الزمن عند تلك النقطة، عيناها بعيناه.. عينان ترجوا السماح وأخرى جامدة بها من البرود ما يكفي لأصابة قلبك بالبرد وان كنت بين نيران موقدة، ارتعشت




 شفتاها وهي تري نظرة اخرى بعيناه.. نظرة تشبه النظرة التي كانت ترمقه بها قديمًا.. نظرة كره.. بغض وأشمئزاز، أرتعش جسدها وهي تري تلك السهام التي يلقيها من عيناه عليها، لقد



 مـر الوقت، ودارت عجلة الزمن، وبقيت هي الجانية بدلًا من كونها الضحية، ترى في عيناه ما كانت توجه له من نظرات قديمة، تري بعيناه كم هي مذنبة وقاتلة.. كم هي بشعة!


خرج صوتها مرتعشًا، غير ثابتًا على غير عادتها:-

_سراج

كانت صوتها متحشرجًا، مقاربًا على البكاء، أغمض عيناه عندما أستمع لنبرتها لوهلة، لا تدري أأغلقه لاشتياقه له أم لأنه مشمئز من سماع تلك النبرة من جديد؟! لحظات وفتح عيناه وهي يقول بنبرة مغلفة بالبرود، بداخلها براكين من الغضب:-

_جاية لية ياهانيا؟

اقتربت خطوتين منه فباتت تفصل بينهم فقط خطوتين اخرتين و:-




_راجعة لبيتنا ياسراج، بيتنا انا وانت.. جاية علشان اعتذر و...

قاطعها وهو يقهقة عاليًا بلا مرح:-

_دا انتي طلعتي طموحة اوي..

توقفت ضحكاته فجأة وانقلبت قسمات وجهه من الضاحكة بلا روح إلى جامدة فجأة وهو يتابع:-



_او بجحة أوي!

هانيا بنبرة توشك على البكاء:-

_انا عارفة اني غلطانة وإني مهما عملت مش هتسامحني بسهولة بس ارجوك اعطيني فرصة ومتنساش اني مراتك ياسراج

هتف بأندفاع كاره:-

_اللي مستحيل اخليها على ذمتي يوم واحد كمان، مراتي اللي مش طايق ابص في وشها فأزاي جاية تطالبني بأني اسامحها؟ انا على قـد ما حبيتك بقيت بكرهك ياهانيا




قطعت ما يفصل بينهم تلك المرة من خطوات، حيث بات لا فاصل بينهم، وضعت يدها على صدره وهي تقول بصياح بينما ترقرت الدموع بعيناها البنية:-



_كداب، انت لسه بتحبني زي ما انا بحبك، انت مستحيل تكون كرهتني.. انت بس مجروح دلوقتي بس اكيد هتلين و...

دفعها بعنف بعيدًا عنه، دفعها بكامل قوته حتى انها سقطت أرضًا، فقد أكتفي.. أكتفي من انانيتها الظاهرة وبجاحتها المزعومة، صرخ فيها بصوت مقهور:-




_انت ايه؟ معجونة من ايه بالظبط؟ بجاحتك دي جيباها منين؟ انتي محسساني انك شكتيني بدبوس مش حاولتي



 تقتليني، انتي اكتر انسانة انا مش طايق أبص في وشها دلوقتي، لاني كل ما بشوفك بفتكر قد ايه انا كنت عيل غبي قدامك.. وازاي كنت لعبة في ايدك




نهضت عن الأرض و:-

_انا مش بقول اني مغلطتش بس بقول اعطيني فرصة، احنا كدا متساويين.. كفتي..

وضه كفه امام وجهها علامة على الرفض وهتف بنبرة معترضة:-

_مستحيل نكون انا وانتي متساويين، متحاوليش تقنعي نفسك بكدا، انا منكرش اني ندمان على اللي عملته رغم اني مكنتش في وعيي، لكن انتي نفذتي جريمتك وانتي واعية كويس



 وعارفة النتيجة، انا غيرك.. انا مش زيك، انا مستحيل كنت اقتل روح ياهانيا، انا مش مجرم ولا قاتل، انتي اللي قاتلة




 ومتحوليش تحطيني في نفس كفتك علشان تطلعي نفسك بريئة حتى لو قدام نفسك، انا غلطتي الوحيدة كانت اني حبيتك وفكرتك ملاك بس انتي صدقيني الشيطان يقف يتعلم منك ويقولك ياابلتي


هل الى تلك الدرجة يراها سيئة؟! شيطانة على الارض تسير.. تسألت داخل نفسها وهي ترمقه بوجع، ما يظهر عليه من قسوة اصعب مما تخيلت هي، تري الأن امامها صورة لم تتصورها 




قط في حياتها.. صورة لم تتخيل أن يكون عليها سراج يومًا، ذلك الشاب اللطيف، ذو النظرات الناعسة.. الحانية، لما نظراته الان تشبه السكين في حدتها! 


سراج بزفرة تعب ونفاذ صبر:-

_هتفضلي تبصيلي كتير! هانيا انا فاضلي تكة و أقع من طولي من التعب، ممكن تمشي دلوقتي؟!

_بس دا بيتي!

وحالته الهادئة تبدلت الى اخرى هائجة وهو يلقي إحدى الاثريات التي طالتها يده على اقرب حائط ويهتف صائحًا:-



_مش بيتك دا بيتي انا.. فاهمة بيتي انا وبس، مفيش حاجة تخصني بقيت تخصك، افهمي بقى اني مش طايقك.. افهمي وريحيني ياستي بقى




أمام حالته الهائجة والعصبية تلك لم تجد في يدها امرًا سوي الرحيل المؤقت، ستتركه فقط اليوم ليرتاح.. او ليهدأ ويرتب أفكاره، لكنها لن تتركه سوي اليوم وفقط، هو زوجها وهذا بيتهم ومن حقها أن تحارب لأجل المحافظة عليه..


اؤمات بحسنًا وهي تلملم اشتاتها وتغادر الشقة، ما أن اغلقت باب الشقة خلفها حتى جلس على اقرب مقعد وجده بتعب، ظل يطلق زفرات عالية بضيق قبل ان يقول بهمس:-




_حتى لو شوفتي ليكم موجعين هتوجعني.. هوجعكم، مش هخلي العواطف تسيطر عليا بعد انهاردة أبدًا.. أبدًا


قالها بأصرار كبير وتحدي لنفسه، فرؤيته لها بذلك الحزن، والدموع على وجنتيها تركت في قلبه شرخًا عميقًا، حسنًا.. مازالت هناك مشاعر من ناحيته لها.. للأسف، مشاعره الأن



 تنقسم نصفين نحوها.. نصف كاره الى حد الجحيم، ونصف محب الى حد الغرق! لكن.. كفة الكاره حتى الأن هي الفائزة فهل ستكمل؟!

                               *****

فتحت نجوان باب المنزل بمفتاحها الخاص، وقبل ان تضع قدمها داخله وجدت من أندفع نحوها وهو يسألها بتلهف:-



_وصل؟ شوفتيه.. هو كويس يانجوان؟ سأل عليا، اتكلم معاكي عني، نجوان انتي مبترديش لية؟




كلمات متتابعة القاها نور الدين وهو يقف امام نجوان، ملامحه المتلهفة تلك اصابت قلبها بسهمًا تلمًا، وهي تراه بتلك الحالة المشتاقة لـ أخ بات لا يطيق أن يستمع إلى صوته كما تظن، قالت نيرمين وهي تبعده عن طريق نجوان وتجعل الأخرى تمر الى الداخل:-




_سيبلها بس فرصة تدخل وتاخد نفسها وهي هتجاوبك على كل اللي عايزة يانور

اؤما بحسنًا وهو يحاول ان يتمالك ضيقه، فهو يتمنى ان يستمع منها لـ كلمة تطيب خاطره، وتهدي أعصابه، لكن لا يعلم ان كلماتها ستنزل كاللهب عليه بعـد قليل




حيث خرج صوت نجوان يقول وهي ترمقه بإشفاق:-

_اللي شوفته انهاردة واحد انا معرفهوش، مش سراج بتاع زمان خالص يانور، لو شوفت عينيه هتفهمني، اللي كان معايا انهاردة دا واحد مش هيسكت غير لما يوجعكم زي ما اتوجع



أغمض عيناه بتآلم من كلماتها التي تنشب في قلبه ك وحش له أظافر تقطع بها انياط قلبه بكل فُجر، أكملت هي:-



_انا من رأيي تحاول تبعد عنه خالص الميام دي لـ...

قاطعها بنبرة مرتعشة، في محالة منه ان يتماسك لكن رغم عنه انفلتت زمام اعصابه:-



_عايزاني استني عن شوفته تاني يانحوان؟! بقولك انا بموت والله بموت، انتوا لية محدش فاهمني ولا حاسس بأحساسي، انا عايز اشوفه حتى لو هموت بعدها، دا سراج يانجوان يعني صدقيني مهما يعمل مستحيل ازعل منه، انا كل اللي طالبه اني اشوفه




_براحتك بس انا حذرتك، شوفتك ليه هتوجعك

_مش مهم.. الوجع اللي من ناحية الحبيب بيبقي غير اي وجع تاني، بيكون رغم صعوبته.. هَين



نظرت له بقلة حيلة قبل ان تطالع والدتها التي رمقتها هي الأخري بحزن علي حال ذلك الرجل العاشق لاخيه الي درجة الهوس..


كي لا يزداد الامر سوءًا وتراه السيدتان بكامل ضعفه أستأذنهم بالمغادرة ورحل سريعا من بينهم متوجهًا الى غرفته، نظرت نيرمين الي نجوان وهي تهتف بسآم:-




_هتحصله حاجة من كتر حبه لسراج في يوم من الايام

اؤمات نجوان بموافقة على عبارتها قبل ان تضيف هي الأخرى:-

_اول مرة اشوف حد بيحب اخوه كدا، في مليون واحد ربى اخوه ولا عمر مشاعره وصلت لكدا!


العواطف.. يقسمها الشخص بالتساوي او بالتفاوت بين احبائه، كل منهم يمنحه جزء، فتبقي مشاعره وعاطفته متوزعة بينهم، يتعلق بكل منهم بقدر بسيط.. هذا في عُرف كل البشر، لكن في



 حالة نور الدين، الذي لا يملك سوي أخيه، منحه كامل طاقته وعاطفته، اعطاه ومنحه كل عواطفه بكل انواعها، لـذا.. تتعلق به مشاعره كل يوم عن اليوم الذي قبله، يزداد حبه له تدريجيًا



 حتي وصل الي تلك المرحلة من الجنون والهوس.. وبالحقيقة هو لا يحتاج علاج، هو سعيد لانه يحب أخيه بتلك الطريقة والي تلك الدرجة..


هكذا كان يفكر نور الدين الواقف ينظر لـ أطار به صورة له مع سراج، حيث كان سراج يحتضنه بحب وقد أرتسمت على شفتاه بسمة واسعة تدل على سعادته، بينما كان نور الدين يطالعه بعيون اب حنون واخ عاشق.. 


تنهد عاليًا وهو يردف:-

_آها ياسراج.. آها

                                *****

لقد عانى منهم الحب، لا يعلم ما هيئته بالضبط في حالة ك تلك، انه لاول مرة لم يكن نقيًا.. بريئًا، لاول مرة يكون مليئًا بالأثام!


ربتت ملك على كتف هانيا الباكية بيديها عدة مرات متتالية، وكلما تربت كلما يزداد بكاء الأخري الحار وهي تهتف بكلمات متقطعة، تنطق بها منذ ان أتت الى حتى اللحظة:-




_أتغير، أتغير بطريقة بشعة اوي وانا السبب ياملك، مش قادرة اتخيل ان دا هو سراج بتاع زمان؟ الفرق بقى بينهم ما بين السما والارض




فكرت ملك لـ لحظة، فقط لحظة قبل ان تقول بتردد:-

_نفس الفرق اللي كان بين شخصيتك القديمة ياهانيا والشخصية اللي بقيتي عليها بعد موت هاني، الوجع بيغير

هانيا وهي تنظر لها بآسي:-

_كنت لـ الدرجة دي وحشة؟!

اؤمات بنعم و:-

_قشرتك اللي من برة كانت قاسية اوي، مكنش عندها قلب، كانت نسخة من سراج دلوقتي، الحمدلله انك فوقتي، مكنش ينفع تبقوا انتوا الاتنين بنفس القسوة في نفس الوقت




وعندما تذكرت قسوته.. تذكرت ما مرت به معه منذ ساعات قليلة فعادت تبكي من جديد و:-

_انا عايزاه يرجع زي ما كان، الشاب الطيب مش اللي بقى عليه دلوقتي



قالت اخر عبارتها وهي تلقي بنفسها بين احضان ملك التي اخذتها بين يديها وراحت تربت عليها بحنان، ظلوا علي ذلك الحال حتى غفت هانيا بين يديها، اراحتها على الفراش وقبلت جبينها بحب اخوي.. صادق

ملك بحسرة:-

_فعلًا.. ومن الحب ما قُتل!

                                *****

طرقات على الباب افزعت ذلك النائم على أريكته بوسط صالة شقته، فتح عيناه المليئة بالنعاس وراح ينظر حوله بعقل



 مشوش، يحاول ان يتذكر أين هو، اخيرا بعد لحظات ادرك انه في شقته، نائم من بعد مغادرة هانيا الى حتى صباح اليوم



 التالي، توجه نحو الباب الذي لم يكف جرسه عن الرنين وهو يتأفف بحنق، فمن ذلك الوقح الذي يزور أحدًا بهذا الصباح الباكر؟ 


وصل الي الباب، وقبل ان يفتحه وجد صوت يعرفه جيدًا يقول بأصرار:-

_افتح ياسراج لاني مش همشي غير لما أشوفك، حتى لو هقعد قدام الباب دا شهر


لم يكن ذلك الصوت سوي صوت نور الدين، شقيقه! أرتبكت ملامح وجهه وهو يستمع لصوت اخيه الذي عاود الحديث بشوق كبير، أبتلع ريقه ليتماسك لكنه لم يستطيع، علم انه اذا



 فتح الباب وهو بتلك اللحظة.. انه سينهار بمجرد رؤية عينا أخيه، وبالتالي ستفشل جميع خططه التي خطط لها منذ البدابة، منذ ان تعرض لـ الخيانة من نفس اليـد التي كانت



 تحمله وهو صغيرًا... بالأخير.. بعد عدة دقائق تماسك عندما تذكر ما حدث له عن طريق أخيه، جُلد قلبه من جديد، رُسم البرود في عينيه من جديد.. وتخشبت ملامح وجهه!




مـد يده وفتح الباب مرة واحدة لدرجة ان نور الدين المتقرب من الباب بشدة انفزع، أبتعد عن الباب بزهول تزامنًا مع قول سراج الحانق:-

_جاي لية؟

لم يبدو على نور الدين وكأنه أستمع له، حيث ثبتت عيناه على وجهه أخيه تنظر لها بكامل حبه واشتياقه له، كان مشتاقًا له لدرجة ان الدموع ترقرت في عيناه عندما نظر له، شقيقه



 أمامه.. ياللهول لكم أنتظر تلك اللحظة، منذ ثلاث شهور وهو ينتظر، ورغم ان نجوان اخبرته بأت ينتظر أكثر.. لكنه لم



 يستطيع، حقا لم يستطيع.. فما ان سطع نور الصباح حتى وجد نفسه يرتدي اسهل ما وُجد امامه ويقود حيث منزل أخيه، أبتلع غصته التي تكونت في حلقه ونطق :-

_وحشتني أوي ياسراج

واقترب.. وهَم ان يحتضنه، لكن سراج عاد خطوة الى الخلف وهو يقول بصوت صارم:-



_أياك تفكر تلمسني وتحط أيدك القذرة دي عليا

طالعه نور الدين بدهشة ممزوجة بعدم الفهم، بينما أضاف سراج على حديثه:-



_انت نسيت انك مشارك في جريمة قتل ولا اية؟! دا انا حتى كنت هنزل افتح القضية من جديد واعترف علينا كلنا

واخلي العدالة تاخد مسارها..



                     الفصل الثالث من هنا

لقراة باقي الفصول من هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-