رواية سحر سمره الفصل السابع والعشرون27 والثامن والعشرون28 بقلم امل نصر بنت الجنوب


  رواية سحر سمره

الفصل السابع والعشرون 

والثامن والعشرون

بقلم بنت الجنوب

انتابتها حاله من الصدمة وهى ناظرة اليه بأعين جاحظة بصمت .. بعد ان فاجئها بقراره وكأنه مقولة عابره القاها اليها بين كلماته. 

- ايه ياتيته مالك ساكتة ليه ؟ 

اجابته متذمرة:

- ارد اقول ايه؟ هو انا اللى سمعته ده كان جد ؟!

- ايوة يا تيتة كان جد ولو تحبى اكرر كلامى حاضر اكرره .. انا لا يمكن هاقبل اى حد يقرب من " سمره " بأى كلمة ولا اى اساءة دى هاتبقى مراتى يعنى شرفها وكرامتها من شرفى وكرامتى .

هزت " لبنى " برأسها غير مصدقة :

- انت سامع نفسك يا" رؤوف " ؟ بقى عايز تسيب " صافى " بنت الاصول واللى انت عارفها وعارف تربيتها كويس وتروح تتجوز واحدة شغالة عندنا وهربانة من أهلها كمان !

رد عليها بلهجة صارمة :

- اولاً كده لازم تعرفى انها كانت هربانة من جوازة غضب من واحد مفروض عليها .. يعنى مش حاجة مشينة وتعيبها..

ثانيا بقى انا سألت عن أهلها وعرفت انها من عيلة متأصلة فى الصعيد .. دا بالإضافة انك عاشرتيها وعرفتيها بنفسك هى اد ايه راقية وتشرف اى حد يتجوزها  .

خفت حدتها وهى تنظر اليه بتشتت :





- هو في ايه يا"رؤوف "؟ دى اول مرة اشوفك كده.. هي البنت دى عملتلك ايه بالظبط ؟ خلتك تقلب كده وتبقى انسان تانى غير اللى انا اعرفه .

جز على فكيه حانقاً وهو يحاول ان ينتقى كلماته .

- تيته ارجوكى بلاش تكررى كلام " صافى " قدامى .. انتى عارفانى كويس وحفظانى .. انا مش عيل صغير ولا مراهق ؟

اخذ شهيق بقوة قبل ان يتابع ببعض الهدوء 

- اكيد  يا" تيتة "انتى فاكرة ساندرا وحبى ليها قبل ماتعمل حادثة بعربيتها ..وعارفة كويس انى بقالى سنين بعد وافاتها لا اتجوزت ولا حبيت بعدها. 

اسبلت المرأه جفنيها بتأثر فتابع هو مستغلاً صمتها :

- هاتصدقينى لو قولتلك ان " سمره " نستنى " ساندرا" 

وحبها .. احساس الشغف اللى كان غايب عنى بقالى سنين .. بحسه بس مع " سمره " .. انا هاتجوزها وهدافع عنها وهاحميها من اى خطر .. وانتى لو بتحبينى بجد .. وافقى على جوازى منها وعوضيها بحنانك عن كل اللى شافته .

.........................


خرجت من غرفتها باحثة عنه بعد ان ارتدت اسدالها على عُجالة وهى ممسكة بيدها علبة العقد 

الفاخرة .. صعدت الدرج متجهه الى غرفة " لبنى " بعد ان اخبرتها " سعاد " وقبل ان تطرق بيدها على الغرفة تراجعت مرتده وهى شاعرة بالحرج.




. فماذا ستخبر المرأة حينما ترى العلبة بيدها..وماذا ستخبره هو ايضاً ؟ وقفت بوسط الطرقة شاردة لبعض الوقت لتفاجأ بصوته يخاطبها :

- واقفة عندك بتعملى ايه ؟

شهقت مخضوضة :

رفع حاجبه مبتسماً بتسلية يشبع انظاره منها وهى واضعة يدها على قلبها .. حجاب رأسها متراجع لنصف شعرها الفوضوى من اثر النوم وبشرتها الخمرية عليها اثر احمرر طفيف .. هى تحادثه الاَن مرتبكة وهو لم يفهم اى شئ نتيجة شروده بها. 

- رؤوف بيه انا بكلمك. 

- اسف والله مخدتش بالى .. كنت بتقولى ايه بقى ؟

تنهدت بتعب وهى تعيد ماقالته:

- انا كنت عايزه افهم ايه لزوم الحاجات دى كلها وو..احنا لسة ما فيش اى حاجة يعنى ؟

ضيق عينيه بتصنع :

- امممم ..لزوم الحاجات دى ياستى انى عايزك تجهزي بسرعة عشان المأذون جاى بعد ساعة من دلوقتى 

- ساعة !! 

قالتها بأعين جاحظة من الدهشة فتابع هو :

- ايوة ساعة يا" سمره " ولا انتى نسيتى اتفاقنا امبارح ؟

هزت برأسها تستوعب 





- لا مانسيتش .. بس يعنى حتى لو وافقت مش بالسرعة دى .

- لا بالسرعة ولا انتى ناسية أهلك ممكن يجوا فى اى وقت ؟

أسبلت اجفانها صامتة فلم تعد هناك ضروره للجدال ولكنه اجفلها بسؤاله 

- انتى خارجة بالعلبة دى ليه ؟

قالها باشارة لما تضعه بيدها فتذكرت ما اتت من أجله :

- اه صحيح دا انا كنت جايبها معايا مع ان مكنتش عارفة هاجولك ايه .. الموقف نفسه غريب وانا بصراحة مكنتش فاهمة .

ابتسامته ازدادت اتساعاً :

- واديكى فهمتى ياستى ممكن بقى تتحركى عشان تفطرى وتغيرى هدومك.. 

...............................


وفى الجنوب

وبداخل منزل الحاج " سليمان " كانت" ثريا "وابنتها " شيماء " جالستين مع " نعيمة " وابنتها " رضوى " التى كانت توزع نظراتها عليهم بتعجب .

- اللى يشوفكم كده يجول انكم فى عزا ولا ميت لكم ميت. 

حدقت اليها شيماء بدهشة :

- ليه يا" رضوى "هو احنا اللى فيه ده مش حزن ؟

مدت اليه رأسها مستنكرة :

- ونحزن ليه ياحبيبتى على واحده زى دى؟هى اللى جابت العار لاهلها وتستاهل كل اللى يجرالها .

- بلاش كلامك دا يا"رضوى ".

قالتها " نعيمه "بغضب مكتوم امام صدمة " شيماء " ووالدتها " ثريا" التى تدخلت فى الحديث:

- خلى بالك من كلامك يا" رضوى " احنا لسة متأكدناش وحتى لو كان كلامك صح .. برضوا خلى بالك ان مكانش عشانها يبجى عشان رجالتنا اللى ممكن يروحوا فى داهية بسببها .

- رجالة مين اللى يرحوا فى داهية ؟

قالتها " مروة " وهى تدلف لداخل المنزل .. 

ردت عليها " نعيمة " بارتباك :

- تعالى يابنتى اتفضلى واجعدى معانا .

جلست على اقرب كرسى فكررت مرة اخرى سؤالها :

- حد فيكم يطمنى ياجماعة.. رجالة مين اللى هاريحوا فى داهية ؟

سألتها " شيماء " بتردد :

- هو رفعت ولا قاسم مالجوش مسافرين ليه ؟

مروة وهى تنظر اليها بتشتت :

- رفعت هو اللى جال انهم عرفوا مكان" سمره "ورايحين يجيبوها وبس كده مزودتش فى كلامه.

رضوى وهى رافعة احدى حاجبيها حانقه :

- بس كده مجالش حاجة تانية ولا " قاسم " نفسه اتكلم ؟

هزت برأسها تنفى :

- لا مجالش حاجة اكتر من كده و" قاسم " نفسه متكلمش خالص .

ابتسمت " شيماء " بداخلها لعلمها التام بعقل " رفعت " الراجح " لعدم الكشف عن حديثٍ هكذا لاهله اما " رضوى " فازدادت حنقاً وهى ترى علامات الارتياح على وجه والدتها .

.....................................


وبداخل القصر الكبير 

كان " تيسير " جالساً مكتفاً ذراعيه يزفر بداخله محاولات التماسك وعدم اظهار مشاعره الحانقة امام رجل الدين (المأذون) والعم" صالح " 




مدير احدى الاقسام وصديق والده قديماً ..لقد فاجئه رؤوف بطلبه للشهادة على عقد الزواج بعد ان اتى للقصر .. فلو اخبره 





سابقاً لكان تهرب وتعذر بأى شئ حتى يتجنب الحرج مع " صافيناز " وغضبها ولكن ماذا بيده الاَن بعد ان تورط ولا يستطيع الفكاك ولا الهروب .

اجفل على رؤية " صفوت " وهو يتقدم بخطواته ليهمس باذن " رؤوف " بشئٍ ما .





هو لم يسمع همس" صفوت " ولكنه استمع ل" رؤوف " وهو يشدد بكلماته .

- عايز رجالتك عيونهم متغفلش عنهم  يا" صفوت " وطمنى على طول باخبارهم ماشى .

اومأ" صفوت "طائعاً قبل ان ينصرف فاقترب منه يساله :

- هما مين دول اللى بتتكلم عنهم ؟

التفت اليها مبتسماً بمرح 





- ماتشغلش نفسك انت ياحبيبى .. دى حاجات كده بسيطة .

صك على اسنانه من رده المبهم فقرر تغير دفة الحوار :

- هى تيته " لبنى " مش هاتحضر معانا برضو ؟

اومإ برأسه بحركة غير مفهومة قائلاً :

- تيته " لبنى " غضبانة ياسيدى .. بس ان شاء الله بكره تصفى ..ماتشغلش بالك انت 

- ماشى ياعم .

قالها " تيسير " بسأم وهو يعود بظهره للمقعد ولكنه تسمر مجفلاً وهو يراها تنزل الدرج وكأنها اميرة من احدى القصص ..

كانت ترتدى فستاناً منسدلاً على جسدها الجميل والملفوف برشاقة مبهرة بالإضافة لجمال وجهها الطبيعي الذى زادته مساحيق التجميل الخفيفة 





جمالاً وروعة ..كانت صديقتها " سعاد " تسير بجوارها وهى تطلق الزغاريط  بفرحٍ غامر .. ضاقت عيناه على سحرها الخاطف للأنفاس.. ليرى تقدم " رؤوف "المسحور بجمالها ليمسك بيدها حتى اجلسها بجواره ..

تحدث بارتباك من فرحهٍ وكأنه عاد مراهقاً : 

- ياللا بقى يا مولانا شد حيلك العروسة وصلت .

...............................


وبداخل احدى المطاعم كان الخمسة جالسين على طاولة كبيرة فى احدى الاركان .. فى انتظار الطعام وليستريحوا قليلاً أيضاً من عناء السفر .

حسن وهو يتحدث فى الهاتف مع ابنته بصوت عالى لفت انظار جميع من بالمطعم :

- ايوه يابنتى .. احنا وصلنا والحمد لله .. مين ؟ ..عمتك " بسيمة " زينه " يابتى متخافيش.. اطمنى انتى وخلى بالك من خواتك و ماتجلجيش .. كفاية يا" شيماء " لت وعجن فى الموضوع ده .. مالكيش دعوه ..خلاص اجفلى ياشيماء مش عايزين فضايح .




تحدث " قاسم " متذمراً بصوتٍ خفيض :

- هو انت لسه هاتعمل فضايح.. دا انت لميت علينا المطعم كله .

ومن الناحية الاخرى كانت جالسة " بسيمة " متجمهمة بجمود .. فخاطبها " رفعت " :

- ناقصك حاجة ياخالة "بسيمة "ولا تعبانة وعايزة تريحى جسمك .





هزت برأسها نفياً وخرج صوتها بصعوبة :

- انا زينة والحمد لله مش عايزة حاجة .

تدخل سليمان فى الحوار. :

- سيبها يا " رفعت " هى كده من اول ماركبنا جاعدة ساكته وبس .. ربنا يكون فى عونها .

حسن الذى انهى مكالمته 

- ربنا يكون فى عونا كلنا .. 

نهض " قاسم " بشكل مفاجئ عن مقعده :

- انا جايم اشربلى سيجارة برة المخروب ده على ما ياجى الوكل ..احسن دماغى مش متحملة.

سليمان هو ايضاً :

- مين سمعك دا انا هاموت واشربلى حجر شيشه ..

.................................


بعد ان انهى المأذون عقد الزواج وذهب .. كان رؤوف يتلقى التهانى من العم " صالح " الذى كان فرحاً بزواجه :

- وَاخيراً شوفتك متجوز يابن الغالى.. دا انا الفرحة مش سايعانى ياولاد. 

رؤوف وهو يربت على ذراعه بمودة:

- تعيش ياعم " صالح " يارب ويبارك فيك.. بس انا وفيت بوعدى اهو لما قولتلك ان يوم مااتجوز هاتشهد على عقد الجواز. 






اطلق الرجل ضحكة عالية بصوت عالى:

- ياحبيبى انت كنت بتقولها على اساس انه لو حصل ؟ يعنى حين ميسرة .

اطلق الثلاثة ضحكاتهم على دعابة الرجل. 

ليردف" تيسير "مشاركاً فى الحديث:

- انت بتقول فيها ياعم " صالح " دا كان مقفل من كل صنف الحريم.. وانا كنت بقول الواض ده معندوش احساس ولا بيفهم .


ومن الناحية الاخرى كانت سعاد تعانق " سمره" وتقبلها من وجنتيها بقوة :

- الف مبروك يانور عينى ..  أخيراً قلبى اطمن عليكى بجد .." رؤوف " بيه هو الراجل اللى يستاهلك بحق .

ردت عليها " سمره " بابتسامة مشرقة :

- والله ماانا عارفة يا" سعاد " اللى حصل ده تم ازى .. انا لحد دلوك مش مصدقة وحاسة انى بحلم. 

ضغطت على يدها وهى تبتسم لها بمغزى :

- لا ياحبيبتى صدقى وفوقى كده .. انتى دخلتى فى الجد.. يعنى بقيتى مراته رسمى وبعد شوية كمان هايبقى عملى .

ضيقت اعينها قليلاً بتفكير فى تلميحها ..ثم توسعت بشدة بعد ان وصلها المعنى .

- انت بتتكلمى بجد يا" سعاد " انا بصراحة كنت ناسية الموضوع دا خالص. 

شهقت " سعاد " بمرح :







- مالك يابت وشك اتخطف كده ليه ؟ اهدى شوية ياروحي وبلاش تخليه ياخد باله من شكلك المتغير . . دا عيونه رايحة جاية عليكى .

استدارت برأسها ناحيته فوجدته يبتسم لها رغم تحدثه مع الرجل .. نكزتها " سعاد" بدعابة:

- ينيلك ياسمره .. دا انتى طلعتى خام خالص. 

هزت رأسها لتخرج من شرنقة هذه الأفكار التى انتابتها فجأة بشكل عاصف فاللتفتت ل" سعاد " قائلة :

- انا طالعة فوج اشوف " لبنى " هانم. 

امسكتها من رسغها لتوقفها:

- استنى هنا .. هو مش " رؤوف " بيه قالك انها رافضة الجواز وخليها تاخد وقتها على ما تصفى .

تنفست بعمق لترد عليها بتصميم:

- عارفة يا" سعاد " بس برضو هاروحلها واشوفها حتى لو طردتنى .

...............................


وبداخل غرفتها كانت جالسة بجذعها على فراش تختها مطرقة رأسها بحزن على ضياع فرحتها بزواج " رؤوف التى كانت تنتظرها بفارغ الصبر على فتاة من وسطه وعائلته .. فحتى لو كانت" سمره" جميلة ومن 








عائلة كريمة كما يقول لكنها لاتصلح وهى الهاربة من عائلتها وقريتها فى اقصى الصعيد .. سمعت طرقاَ على باب غرفتها وبعد ان اذنت بالدخول تفاجأت بها تدلف بحرج :

- مساء الخير يا" لبنى " هانم .

طافت عليها قليلاً ناظرة باعجاب ولكنها اشاحت بعيناها ولم ترد .. اقتربت منها بهدوء لتجلس على طرف الفراش باستحياء :

- انا اسفة لو كنت زعلتك بجوازى من " رؤوف "بالسرعة دى .. بس انتِ عارفة الظروف اللى انا فيها.

حدقت اليها بعيناها بشكلٍ مبهم وهى صامتة. فتابعت برجاء :

- انا يعز عليا زعلك ده والله .. ونفسى ماتشيلش ولا تزعلى منى .. انا ماشوفتش منك غير كل خير .

دلف رؤوف بشكلٍ مفاجئ :

- انتِ موجودة هنا وانا بدور عليكى. 

اومات له بعيناها باشارة للسيده " لبنى " التى ازداد تجهم وجهها .. فدنى منها يقبل راسها :

- انا عارف ان قلبك طيب وهاتحنى .. ومهما فضلت راسمة وش الخشب دا كتير برضو هاتسامحى .. سمعانى يا"لولو ".

قال الاخيرة مشددا.. ثم جذب "سمره "من رسغها :

- خلاص قومى يا" سمره " خليها ترتاح .. نهضت معه على مضض وهى تتمنى لو اخدتها المرأة بأحضانها لتبارك الزواج. 

بعد ان خرجت من الغرفة وجدته مازال يجذبها من يدها مسرعاً فجذبت يدها توقفه :

- استنى هنا انت واخدنى ورايح فين ؟

اجفل لتوقفها ونظرتها الفاضحة لخوفها فتبسم اليها بمرح وهو يقترب منها :

- ايه مالك ؟شكلك مخطوف كده .. هو انت فى حاجة قلقاكى ؟

هزت برأسها نفياً :

- لا مافيش حاجة قلقانى .. بس يعنى هى " سعاد " والمعازيم اللى كانوا معاك كلهم راحو فين؟

اجابها بتسلية :

- للأسف كلهم مشيوا .

توسعت عيناها بجزع :

- كلهم .

اقترب منها ليطبع قبلة طويلة على وجنتها ثم قال أخيراً :

- هو انا قولتلك النهاردة انك زى القمر .

هزت برأسها سريعاً :

- لا ماجولتليش .








الفصل الثامن والعشرون 


كان ناظراً اليها باستمتاع وهو يتصنع التمثيل .. شاعراً بارتباكها وتوترها .. بعد أن لف ذراعِه حول خصرها وطبع قبلته على وجنتها مردفاً بمكر :

- اما انا راجل معنديش زوق صحيح ! .. بقى القمر دا كله قدامى وماديهوش حقه فى الكلام الحلو ولا الدلع حتى .

رددت بصوت خفيض وخجول من قربه المهلك منها :

- كلام حلو ودلع كمان !

اردف هو بصوتٍ اجش .. وعيناه تجول على وجهها بتأنى :

- ولو قولت قصايد من الشعر كمان توصف فى جمالك وسحرك .. برضوا مش هاوفيكى حقك .

رفرفت برموشها .. وقد ازدادت خجلاً من كلماته وهى لاتجد ماترد به عليه .







. تحمحم هو يجلى حلقة قبل ان يخرج صوته متحشرج من هول مايشعر به نحوها :

- لا بقولك ايه.. انتى كده هتخلينى ارجع عن اللى مخططله خالص واغير البروجرام اللى انا عاملهولك .. عشان نحتفل سوا .

رفعت انظارها اليه بتساؤل وحماس :

-  بروجرام ايه اللى عاملهولى ؟ وهانحتفل سوا ... هو انت بتتكلم جد ؟

قربها منه أكثر يردف بتلاعب:

- انت عايزه ايه ؟ نفضل هنا ولا اخرجك فى حتة هادية وجميلة ؟

توسعت عيناها بحماس:

- طبعاً نخرج ونتفسح .. ودى عايزه تفكير ولا كلام. 

فك ذراعه عنها ممتعضاً وهو يزمجر بتذمر :

- مع انى خلاص كنت هاغير رايي .. بس عشان خاطرك بقى والأوقات الحلوة لسة جاية كتير .. تعالى بقى 

قال الاخيرة وهو ممسكاً بكفها يجذبها معه ليذهبا سوياً.

................................


فتح باب مكتبه متجهم الوجه ليفاجأ ب" صافيناز " جالسة امامه على احدى المقاعد كانت تتفحص هاتفها ..واجفلت ناهضة بعد رؤيته .





- تيسير باشا ..أخيراً وصلت ناموسيتك كحلى يااستاذ .

قالتها بمداعبة لم يستجب لها وهو يدلف لداخل الغرفة متمتماً بضيق :

- دى بتجى عالريحة دى ولا ايه ؟

صاحت عليه حانقة :

- داخل كده من غير سلام ولا ترحيب .. ايه ياغبى انت ؟ هو انا داخلة بيتك ؟

وقف امامها يصافحها بارتبارك :

- اهلاً يا" صافى " معلش مخدتش بالى .. انت دخلتى هنا ازاى ؟

فغرت فاهها مذهولة :

- يعنى هاكون دخلت ازاى انت كمان ؟ البنت السكرتيرة بتاعتك هى اللى دخلتنى .. هو انا غريبة عشان استناك فى مكتبها .

اؤمأ برأسه متفهماً :

- اه يعنى " سهر " هى اللى دخلتك .. امال هى فين دلوقت؟ اصلى ماشوفتهاش وانا داخل .

جلست امامه واضعة قدمٍ على الاَخرى تتحدث بتعالى :






- بعتها تعملى فنجان قهوة بايدها .. مش بايد الساعى ما انت عارفنى بقرف.

اللتف حول المكتب ليجلس على مقعده مردفاً باندهاش :

- بقى بعتى السكرتيرة تعمل قهوة؟ .. دا انت جبارة والله .

اللتوت زاوية شفتيها بامتعاض:

- ليه بقى ؟ ..هى كانت هاتعترض كمان ؟ دى حتى بلدى ومش التيب بتاعك خالص ياتوتى .

ارتفع حاجبيه وهو يشيح بوجهه عنها متنهداً :

- البنت شايفه شغلها كويس يا"صافى ".. وانا راجل عملى ومش هاخلط بين الشغل والمزاج يعنى !

- مالك يا"تيسير "؟ هو في حاجة حصلت ؟ 

اجفل لسؤالها المباغت فاللتفت اليها متسائلاً :

- انتى ليه بتقولى كده؟

مطت بشفتيها مردفة :

- اصلك بتتكلم جد اوى .. وما بيتهزرش بوقاحة على سيرة البنات ودى مش عوايدك يعنى ؟

بلع بريقه وهو يحاول التهرب من تحديقها بعينيه ؟

- يعنى هايكون في اى بس يا"صافى "؟.. ما انت عارفة ضغط الشغل بيخرج الواحد عن شعوره .. المهم بقى ايه سبب تشريفك المفاجئ لمكتبى المتواضع ؟

هزت برأسها تبتسم بريبة :

- اممم مع انى مش مقتنعة بكلامك ده خالص .. عشان انا عارفة طبعك كويس قوى .. بس هاجاوبك على سؤالك واغير الموضوع .. سبب تشريفى لمكتبك المتواضع ده ياسيدى.. 





هو انى فكرت كويس امبارح وقولت انى لازم اقابل" رؤوف " لوحدى بره البيت وبعيد عن الحيزبونة اللى هناك عشان اعرف اصالحه واتفاهم معاه .. وطبعاً عشان دا يحصل لازم انت تساعدني .

مسح بأطراف اصابعه على فكيه بتوتر :

- وانا هاساعدك ازاى بقى ؟ انا مش فاهم ؟

ابتسمت متنهده :

- اقولك ازاى ؟.. عايزاك تقوم بسرعه دلوقتى معايا نروح مكتبه .. تدخلنى عليه وتصالحنا على بعض وانا بقى هاتولى الباقى .

ضغط باسنانه على شفته العليا لا يعرف كيف سيخبرها :

- بس هو مش موجود النهارده فى مكتبه ولا فى الشركة خالص يا" صافى " .

سالته بتوجس :






- لا فى مكتبه ولا فى الشركة .. امال راح فين بالظبط ؟

كان يطرق باصابعه على سطح مكتبه قبل ان يحسم امره فى الاجابة عن سؤالها .

سألت مرة اخرى بريبة :

- هو حصل ايه يا" تيسير " ؟ شكلك مايطمنش !!

....................................


بوسط النيل والباخرة تسير فى المياه الصافيه والمتلالأه بفعل انعكاس الشمس عليها .. كانت واقفة على سطحها تنظر لما تراه من جمال ماحولها وهى تشعر بنسمات الهواء العليلة على وجهها .. راحة نفسيه تغلغلت داخلها رغم هذه الهواجس المرافقة دائماً لها خوفاً من القادم ..ولكن ماجدوى التفكير والخوف الاَن ..فالتعش لحظتها الاَن معه وليحدث ما يحدث غداً ..

- القمر سرحان فى ايه ؟

شهقت منتقضة حينما فاجئها بكفه التى جذبتها من خصرها تقربها اليه فجابته بتلجلج :

- يعنى هاكون سرحانة فى ايه بس ؟ اكيد فى المنظر  اللى يجنن ده ؟

ابتسامته ازدادت اتساعاً :

- بجد يا" سمره " يعنى عجبك المنظر من هنا ؟ 

بابتسامة متوتره :





- طبعاً عجبنى وبهرنى كمان .. وانا اساساً بحب النيل لكن النهارده جماله حاجة تانية .

- طب كويس اوى .. تعالى بقى عشان نتغدى قبل ماالأكل يبرد .

قالها وهو بجذبها لطاولة قريبة وضعت افخر عليها انواع الاطعمة والتى اعدت بعناية لاجلهم ... بعد ان اجلسها على كرسيها .. جلس هو امامها مردفاً بحزم :

- عايزك تدوقى الاصناف دى كلها وتقولى رايك بصراحة فى اللى عجبك واللى ماعجبكيش. 

ضيقت عينيها بدهشة :

- ماشى .. بس هو ليه المطعم دا فاضى ومافيش غير نحن بس هنا.

اومأ بيده الممسكة بالشوكة :

- عشان المطعم النهارده محجوز مخصوص لينا ياقلبى .. انا مش عايز اسمع صوت حد فى اللحظة دى غير صوتك ولا اشوف اى حد تانى غيرك .


اسبلت اعيٌنها بخجل تضحك مابين كلماتها :

- انا بصراحة كنت بشوف الحاجات دى فى المسلسلات التركى ومكنتش اتخيل انها هاتحصل معايا .

اردف هو بجدية وصدق :

- انا عايزك تحلمى بس يا" سمره " وانا هاحقق حلمك مهما يكون .. انت بس تشاورى على اللى عايزاه وانا عليا الباقى .ماشى يا" سمره " .

اومأت برأسها بموافقة :

- ماشى .. صحيح انت ليه ماجولتليش على موضوع الفوتوسيشن دا اللى عملناه اول ماوصلنا هنا عالنيل.

غمز اليها بطرف عينه متلاعباً :

- حبيت اعملهالك مفجاة .. ياللا بقى كلى الاكل هايبرد !




.....................................


هزت برأسها تستوعب بهدوء مايسبق العاصفة .

- ايه !!! .. بتقول ايه ياخويا ؟ انت اكيد بتهزر يا "تيسر"؟

زفر حانقاً ولم ينطق بكلمة اخرى بعد ان اللقى على مسماعها خبر زواج " رؤوف " وهى مازالت تنظر اليه بوجل منتظرة ادعاءه المزاح معها .. هزت راسها مرة باستنكار .

- بلاش نظرتك دى والنبى .. وقولى انك بتعمل فيا مقلب .. صح يا" تيسير " بتعمل مقلب .. رد عليا وفهمنى .

تنهد بثقل وهو يشيح بعيناه عنها قبل ان يعاود النظر اليها بثبات .

- مش هانكر يا" صافى " وانت لازم تصدقى ان "رؤوف "خلاص اتجوز وبقا ليه ..

قاطعته صارخة :

- اتجوز مين انت مجنون ؟.... بقى عايزنى اصدق ان " رؤوف " الصرفى بجلالة قدره اتجوز الفلاحة دى والهربانة من اهلها كمان يعنى لأهل ولا مركز. 

- اغمض عيناه بتعب :

- ارجوكى يا"صافى "اسمعينى واستوعبى كلام....

قاطعته مره اخرى باشاره من يدها .. وهى تنظر للرسالة التى اتتها على الهاتف ثم ما لبثت ان تنهض عن مقعدها صارخة بوحشية :

- الحيوانة تربية الشوارع دى تعمل فيا انا كده !

اجفل هو مخضوضاً من صرختها :

- وطى صوتك يا" صافيناز" الشركة كلها سمعت صرختك .

اللتفت اليه تشير بهاتفها صارخة بجنون واعين لامعه :

- خليهم يسمعوا ويجوا هنا عشان يشوفوا مديرهم اللى فضح نفسه بجوازة عرة زى دى .

تناول هو الهاتف ناظرة بشاشته :

- ايه ده ؟ اقسم بالله اول مره اشوف الصوره دى .. دول لحقوا امتى يتصورا.






صاحت هى مع تساقط دماعتها :

- قال وانا اللى كنت فاكراك بتهزر واتارى الخبر مسمع فى كل حتة .. واصحابى عرفوا قبلى ودلوقتى باعتيلى الصورة عشان يفرحوا فيا ..انا عارفاهم كلهم اوساخ .

ارتمت على كرسيها تجهش بالبكاء .. وهو ناظرا اليها بأسى .. فماذا ستفعل لو عرفت انه كان شاهداً على عقد الزواج ؟!

..........................


وصلوا الى القصر...بعد ان انتهت رحلتهم القصيره بالنيل .. ترجلت هى اولاً من السيارة .. اما هو بمجرد خروجه منها اوقفه " صفوت " هامساً باذنه فأدلى اليه ببعض التعليمات بصوتٍ خفيض .. وهى على مسافة قريبة منهم ولكنها لم تسمع شيئاً .. دقائق قليلة وصرف " صفوت " من امامه قبل ان يصل اليها مطبقاً بكفه على كفها .

- حبيبتى قبل ما ندخل عايزك تبقى قوية لما تدخلى جوا وماتخافيش .






توقفت خطواتها بجزع :

- هو في ايه بالظبط ؟ انت وصفوت اساساً شكلكم ما يطمنش .. هما وصلوا ؟!

تناول بكفه الاَخرى مؤخرة راسها يقربها منه فقبلها بقوه على جبهتها :

- قولتلك ماتخافيش .. ايدك دى ماتسيبش ايدى ومحدش فيهم هايقدر يقربلك ولا يلمسك .. احنا كنا متأكدين ان المواجهة هاتحصل .. فارفعى راسك كده وافردى ضهرك وخليكى واثقة فيا سمعانى .

اومأت برأسها تستمد منه القوة .. وهى تبتبلع فى ريقها الذى جف فوراً الاَن .

...................................


وبداخل القصر ... كان الأربعة جالسون ببهو المنزل الكبير بدون " قاسم " وكأن على رؤسهم الطير ووجوههم متجهمة بجمود .. اجفلوا جميعاً على دلوفها القصر وهى مازلت ممسكة بيده 

كانت رافعة رأسها وفارده ظهرها كما قال لها ولكنها بمجرد رؤيتهم شعرت بتوقف انفاسها ..قلبها كاد ان يهوى الى قدميها من الرهبة برؤيتهم .. وقعت عيناها اولاً على والدتها ..رغبة غريبة بداخلها كانت تحثُها على ان تعانقها بقوة واشتياق .. ولكن نظرة " بسيمة " الحادة اليها إعادتها الى الواقع فوراً ..نقلت انظارها الى خالها " سليمان " وخالها " حسن " أشاحت عيناها عنهم فوراً لما رأته على وجوههم من رغبة فى الانتقام و الثأراً لكرامتهم وشرفهم . فتقابلت عيناها ب" رفعت "طيب القلب الحنون .. نظرته كانت تحمل عتاباً على حزنٍ دفين على صدمة بانسانة احبها واتهامٍ بالخيانة .





وصلت أخيراً اليهم مع " رؤوف " الذى تقدم اليهم بكل " ثقة " 

- مساء الخير ياجماعة نورتونا والله .

صاح عليه " حسن " من بين اسنانه :

- انت ليك عين كمان تمسى علينا وتكلمنا وانت ماسك فى يدك الفاجرة دى .


اشار اليه بكفه مقاطعاً يوقفه :

- لو سمحت حضرتك .. من البداية كده لو مش هاتتكلم معانا بالعقل يبقى اتفضل اخرج من سكات .

زمجر بغضب وهم بالسباب ولكن " سليمان " اوقفه .

- اهدى يا" حسن " خلينا نسمع الاول ونفهم .. اتفضل ياسعادة البيه فهمنا اللى حاصل بالظبط يمكن نكون عميى كمان وماشايفينش زين .

رد عليه بتهذيب :

- العفو حضرتك اتفضلوا اقعدوا الأول .. عشان نتكلم .

رفعت بشدة :

- جبل اى شئ انا عايز اعرف حراسك اللى برة دول .. خدوا اخويا ودوه فين ؟

بابتسامة مغتصبة :





- حضرتك ماتقلقلش على اخوك الأستاذ " قاسم " انا بس امرت رجالتى يتحفظوا عليه عشان نعرف نتكلم .. لان بصراحة كده طول ماهو موجود هنا انا مش هاقدر امسك نفسى عليه .

هتف عليه " حسن " باستنكار :

-" حجه بطلوا ده واسمعو ده "كمان انت اللى مش هاتعرف تمسك نفسك ؟ ليه يابوى هو مين فينا اللى معاه الحج ؟

صاح هو بصوت قوىٍ وواثق :

- انا اللى معايا الحق .. ومش هاقبل اى حد يقل من كرامة مراتى ولا يتهمها فى شرفها واقعد ساكت !

فغر الثلاثة افواههم واتسعت اعيُنهم بدهشة واشتعلت اكثر .. لكن " بسيمة " كانت جامده بملامح مبهمة. فأشار اليهم مرة اخرى كى يجلسوا:

- ممكن بقى تقعدوا عشان نتفاهم .

صاح عليه " حسن " بغضب :

- نتفاهم على ايه ياجدع انت ؟ انت فاكرنا دج عصافير .. ادينا بتنا خلينا نعاود بلدنا بلا مسخرة وضحك عالدجون .

زفر بضيق لايريد اعادة مطلبه :

- طيب زى ما تحبوا خليكم واقفين ..لكن انا بكرر تانى ياريت تنقوا كلامكم معانا .

اردف " رفعت " بحدة وهو ينظر اليها بغضبٍ نارى :

- انت حقيقى اتجوزتى الراجل ده ؟

هزت برأسها بموافقة وهى صامتة. 

فتقدم ناحيتها بغضبٍ غير محسوب:





- ولما هو كده ؟ كنتى واخدانى انا استبن وصفتى ايه بالظبط عندك ؟..ماتنطجى وجولى .

قال الاَخيرة بصرخة قبل ان يوقفه " رؤوف " بكفه من التقدم اكثر منها وصوتهٍ الجهوري. 

- اوقف مكانك هنا احسنلك واحترم نفسك فى الكلام معاها بدل ما انده عالحراس يشيلوك لبرة زى ما عملوها مع اخوك قبلك !

تسارعت انفاسه بداخل صدره من الغضب وهو يريد التقدم منها والاطباق بيديه على عنقها حتى تزهق روحها بيده .. جذبه سليمان من ذراعه للخلف هادراً على " رؤوف " .

- ماهو انت كمان كلامك مايخشش العجل ياجدع انت ؟ اسمعها منى كلمة .. بلاش تاخدك الشجاعة فى حاجة اكبر منك .. احنا صعايدة ولا يمكن هانرجع من غير بتنا .فاحسنلك تسيبها عن سكات بدل ما نتاويك انت معاها .

كانت ترتعش من الخوف وهى شاعرة بقدميها الهلام وعلى وشك السقوط ولكنها تفاجأت به يلف ذراعه يسندها وهو يردف اليهم بحزم .

- طيب من غير كلام كتير ولت .. ممكن يااستاذ انت بما انك شباب واكيد تعرف فى الميديا.. ياريت تفتح الفون بتاعك وتكتب عن جواز " رؤوف " الصريفى ..

اللى هو انا بالمناسبة .. يعنى دا لو ماسألتوش عنى قبل ماتيجيوا !

بانفاسٍ هادرة ونظرة حارقة اليها تناول هاتفه وفعل ماقاله ليفاجأ بخبر عقد قرانه على المدعوه " سمره ابو العزم " على جميع المواقع المشهورة مع بعض الصور الرائعة التى اللتقتت اليهم بعدة مواضع جميلة 


             الفصل التاسع والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>