CMP: AIE: رواية خفايا القدر الفصل الثامن والعشرون28بقلم روان عرفات
أخر الاخبار

رواية خفايا القدر الفصل الثامن والعشرون28بقلم روان عرفات


 

خفايا_القدر 

#الفصل_الثامن_والعشرون..

#بقلم روان_عرفات.




دخلت ندى الغرفة وألقت السلام عليهم وما لبثت أن تتقدم من الطاولة لكي تضع الصينية عليها إلا ووقعت عينيها عليه .. صُعقت من هول صدمتها برؤيته جالسًا بجانب اخيها وليد بابتسامته التي وقعت بها حُبًا دون شعورٍ منها... 


شعرت بالتوتر ويديها ترتعش ودقات قلبها تتواثب، ظنت لثوانٍ كون ما تراه أمامها ليس إلا خيالًا لكونها تفكر به الايام الماضية بكثرة خاصةً بعد معرفتها بأمر الخاطب. 


تقدم منها وليد بابتسامة وحمل عنها الصينية وتقدم من كل الجالسين وأعطى كل واحد منهم كوب موز باللبن واقترب مرة أُخرى من ندى التي ما زالت تحت تأثير الصدمة وجعلها تجلس بكرسي وهو بجانبها وأمامهما مالك الذي يختلس لها النظرات دون رؤية أحد له. 


نهض آدم من مكانه وطالب الجميع بمغادرة الغرفة لترك العروسين بمفردهم لكي يتحدثوا لبعض الوقت تحت نظرات أحمد المغتاظة منه .. خرجوا جميعًا وتركوا وليد الذي جلس على بُعدٍ منهما يعبث بهاتفه وبداخله نار تحرقه غيرة على اخته من هذا الجالس أمامه .. رغم كونه شعر بالحُب تجاهه ولكنه في النهاية سيأخذ ابنته من ببن يديه. 


تحمحم مالك وقال بهدوء:

- اخبارك يا آنسة ندى .


اجابته بخفوت:

- الحمد لله وحضرتك؟ 


ابتسم على لهجتها في الحديث وقال:

- تقدري تقولي إني النهار ده بالذات في زحام من نعم وبدعي ربنا يديمها عليا نعمة. 


نظرت إليه وأخفضت رأسها سريعًا بخجل ليضحك هو بخفه ويبدأ بقديم نفسه:

- أنا اسمي مالك النجار .. تسعة وعشرين سنة وهتم التلاتين كمان اربع شهور .. والدي ووالدتي متوفيين ومش معايا غير



 اختي ميار اللي هيا صحبتك اصلًا .. مش معايا اهل غير في الصعيد ودول مش بشوفهم غير كل فين وفين ومعاهم على



 التليفون بتطمن عليهم وكده... خريج خدمة اجتماعية وزي ما أنت شايفة كده معيد في نفس الكلية اللي أنتِ فيها .. بس كده. 


أخذ نفس عميق أخرجه بارتياح تحت ابتسامتها التي فشلت في اخفائها ليتابع مالك بهدوء وسرعة في الحديث:

- وأنت طبعًا ندى أحمد .. اتنين وعشرين سنة .. آخر سنة ليكِ في كلية تجارة، الاخت الاصغر ومش معاكِ اخوات غير وليد اللي عنده تلاتيـ.


قاطعته ندى بضحكتها التي جاهدت في كبحها لكنها فشلت.. نظر إليها بشرود في ضحكتها التي سلبت عقله بعينيها البنية ووجها الصغير وبشرتها البيضاء كما وجنتيها التي صبغن باللون



 الاحمر في ثوانٍ لكونه يُناظرها بهذا الشكل، ما كان يعلم بأن النقاب يخفي كل هذا الجمال.... حمد ربه لكونها ترتديه لكون جمالها ساحر يجذب أي شخص إليها، صدمته بنفسه كانت اكبر في هذه الافكار التي تدور في مخيلته.


قطع شروده ندى بسؤالها بعدما تحمحمت بهدوء:

- طبعًا شايف كمية العلاقات الفاشلة وحالات الطلاق اللي بتحصل.. تقدر تقول لي إيه سببها؟ وأكيد جواك مخططات لتجنب الحاجات دي .. أحب اعرفها. 


تنهد بقوة وشرع بالحديث:

- بصي يا ندى وعشان اكون صريح معاكِ، مافيش حياة خالية من المشاكل بس فيه اتنين بيقدروا يتخطوا المشاكل دي مهما كانت قوتها .. المشكلة إني بحس الاتنين داخلين حرب، مين



 هيكسر التاني؟ مين هيبقى مسيطر أكتر؟ مين اللي هيبقى المايسترو في العلاقة؟ مين اللي هيعند أكتر؟ مين اللي هيعذب أكتر؟ 

 

لو كل طرف من الاتنين حط في دماغه انه مش داخل على حرب الدنيا هتتعدل لأنها مش مستاهلة كل العك ده.


سبب حالات الطلاق عدم التفاهم، الاتنين ما بيكونوش دارسين بعض كويس، ما بيكونوش عارفين إنهم داخلين على مرحلة أكتر حاجة محتجاها التفاهم.




كل اللي بيكون في دماغ كل واحد فيهم السيطرة، هسيطر ازاي؟ فـ لو اتواجد التفاهم من نظري كل حاجة هتتعدل.  


أما بقا بالنسبة لأزاي اتجنبها .. فـ دي حقيقي حاجة صعبة لأن من السهل نقع في أي غلط بيحصل .. بس أوعدك من دلوقتي لو حصل نصيب بينا والله هسمعك، هيبقى فيه حوار ما بينا.. فيه كلام وفضفضة عشان النفوس ما تشلش أي حاجة جواها وتفضل صافية وما تتخددش من أي تراكمات! 

احنا نقدر على فكرة نخلي حياتنا جنة لو احنا محتاجين ده .. كل واحد فينا يعرف امته يسكت وامته يتكلم، مش كل الاوقات ينفع فيها الكلام ومش كل الاوقات ينفع فيها السكوت.


اماءت عدة مرات باعجاب وتساءلت مُجَدَّدًا:

- إيه هيا الصفات اللي أنت حاببها فيا كشريكة حياتك؟ 


حك مؤاخرة رأسه وقال بخبث:

- خلي اجابة السؤال ده لما تبقي مراتي. 


تدرجت حمرة الخجل على وجنتيها وأخفضت رأسها خجلًا مع ركضها من أمامه تحت ضحكاته المستمرة بعدما رمقة وليد بغيظ وقال:

- قلت لها إيه عشان تجري بالشكل ده؟ 


ضحك مالك بقوة على نظرات وليد وقال:

- مش هقول لك لأن ده سر بيني وبين مراتي .. باذن الله مراتي. 


اقترب منه وليد مع دخول أحمد الغرفة ليقطع عنهما هذا التشاجر قبل بدءه.. ليتفق معه مالك إن وافقت ندى فسوف يتم كتب الكتاب بعد اسبوع من الآن. 


أما عليها... دخلت غرفتها واضعة يدها على قلبها وبأنفاس عالية ودقات قلب تتواثب بقوة .. تناست جميع ما حدث بمجرد رؤيتها لميار، ركضت إليها بغيظ لكن كانت أوركيد اسرع حينما امسكت مدى وضمتها إليها لكي لا تقدر الذهاب لميار.


ضحكت أوركيد وقالت بخفوت لندى:

- يا بنتي بس .. دي هتبقى اخت جوزك لو حصل نصيب. 


ابتعدت ندى عنها قليلًا واقتربت من ميار وصافحتها... قائلة وهي تجز على أسنانها غيظًا:

- اهلا يا عمة العيال لو حصل نصيب. 


جملتها ونبرتها في الحديث جعلوا أوركيد وميار ينفجرا ضاحكين لتشاركهم هي الضحك بخجل مما يحدث من شيءٍ ما كانت تظن بأنه سيحدث بالفعل! 


❤ اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ❤


واقفًا أسفل عمارة صديقة بدراجته النارية، بمشاعرٍ لا يجد لها تفسيرًا، يُريد الحديث معه، معاتبته، الشجار معه، يُريد احتضانه.. هو لا يُريد شيئًا سوى أن يُبرر له فعلته، بل أفعاله التي منها ما يعرفها والتي لا يعرفها، لماذا فعل كل هذا به؟ لماذا يحقد عليه بهذا الشكل الظاهر على أفعاله؟ لماذا هو بالذات؟ وهو الذي لا يهمه شيء في هذه الدنيا سواه .. يشتري خاطره لكونه صديق أيامه ومواقفه.


أخذت شهيقًا قويًا أخرجه بتعب ظاهر عليه، رغم أنه سبب رئيسي في جميع ما حدث معه لكن يشعر بالحنبن تجاهه، الشخص الوحيد الذي كان يستمع إليه دونًا عن جميع أقاربه .. الشخص الوحيد الذي كان يفهم ما يود قوله قبل تفوهه بنصف كلمة، الشخص الذي يتحدث معه بأشياء داخل القلب لم تخرج لأحدٍ سواه.. أتت الصدمة منه! على قدر الثقة تأتي الطعنة أشد! 


جميعنا لا نُريد سوى صديقًا لا يتغير، لا يبتعد، لا يحقد، لا تغيره أقاويل الآخرين، ولا يهمه شيئًا بالحياة سوى هذا الميثاق الغليظ الذي بنيناه سويًا، خوفًا أن ينجزع.. 

صديقًا يكون نصفًا آخر للروح. 


مرت عليه لحظة جعلته يلعن نفسه التي تجعله تقترب ممن هم سببًا في تحطيمه. 

تسأل لماذا هو هنا؟ لماذا يقترب ممن طعنه عمدًا؟ لماذا هو بهذا الضعف؟ لماذا يفعل بذاته كل هذا العذاب؟ 


انطلق بسيارته بسرعة جنونية وكلما شعر بتفكيره يتزايد زادت سرعته لكي لا يفكر في شيء .. ترجل منها على الشاطئ، وقف لبضعة دقائق صامتًا لا يفعل شيئًا سوى انفاسه تتسارع بقوة.. وبلحظة ألم صرخ صرخة جعلت جميع من حوله يناظرانه بألم يغزو قلوبهم من حالته. 


أحيانًا تُبتلى بطيبة قلبٍ تجعلك تتغاضى عما يعتليه من أنين، لمجرد كون شيئًا بداخلك شعر بحنينٍ جارف تجاه معذبه .. تُبتلى بذاكرة لا تنسى وتلين بذات الوقت، لا تفهم نفسك التي تُعذبك! 

ما أبشعه من شعورٍ حينما تشعر كون الأذى يأتيك من جميع الاتجاهات حتى ذاتك لم تجد بها خيرًا.. تشعرك كونها العدو الأكبر لك وهي من المفترض أنها منك! كأنها تُخبرك: لا مأمن في الحياة حتى من نفسك... لِتُبتلى بذاتك التي تغفر رغم أنها أقسمت عدم اقترابها بمن يطعنها عمدًا.. 


❤ اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ❤


خرج من عيادته هو وأمير، التي تم افتتاحها منذ يومين تقريبًا من بعد هذا العريس المتقدم لأخته .. صعد سيارة والدة الذي اعطاه إياها لكونه لم يذهب لعمله اليوم، متوجهًا لمنزله بعد يوم عمل شاق.  


صف السيارة بجانب المنزل وترجل منها صاعدًا لشقتهم، أخرج المفتاح من جيب بنطالة وفتحه مع دخوله وصراخه بصوت عالي:

- يا أهل البيت اللي هنـاااا . 


اتاه صوت أميرة من داخل المطبخ تخبره كونها بالداخل، تقدم من المطبخ وجلس على أقرب مقعد تراه عينيه بتعب ظاهر عليه قائلًا بتنهيدة:

- أنا كان مالي ومال كل العك ده بس؟


أميرة بابتسامة:

- لأنه حلم كنت بتتمناه من صغرك .. عمر الحاجة ما هتحس بطعمها وحلاوتها غير لما تكون تعبت فيها .. دوقت مر الأيام عشان في الآخر تلاقي كل الحلو بتحقيقك لحلمك.  


تساءل بانبهار:

- أنتِ ازاي قمر كده؟ 


ابتسمت بخجل وقالت:

- بطل كلامك ده وقوم يلا غير هدومك وتعالى عشان تتعشى. 


وضع قدم على الآخر وقال بمكر:

- لا بس أنتِ قمر على فكرة يعني. 


نظرت إليه أميرة ورمقته بذات المكر وقالت:

- والعروسة منتظرة في بيت اهلها على فكرة يعني. 


دق قلبه بعنف لمجرد تلميح والدته بموضوع الزواج، تذكرها هي دونًا عن الجميع، شعر بحاجة جامحة في الحديث مع والدته بما يتمناه لكنه إلى الآن لم يتأكد من صدق مشاعره! 


قال بلامبالاه وهو ينهض من مكانه أخذًا بعض من البطاطس المقلية التي أخرجتها أميرة توًا من المقلاه:

- مين سعيدة الحظ اللي امها داعية عليها دي؟ 


شهقت بفزع وقالت بسرعة:

- ده امها بتدعيلها ليل ونهار عشان هيرزقها زوج ليك كده . 


ضحك بملء شدقيه وتمتم:

- القرد في عين امه .


صمت لبعض الوقت يفكر في تكملة المثل الشعبي الذي استمعه مرارًا وتكرارًا من اصدقائه لكنه في هذه اللحظة بالتحديد لا يتذكره.. قال لأميرة التي كانت تكتم ضحكتها لترى ما الذي يفكر به: 

- القرد بيبقى في عين امه ايه؟ 


انفجرت ضاحكة واجابته: 

- غزال بس أنت غزال من يومك مش محتاجة اشوفك كده .


قفز من مكانه واقترب منها وطبع قبلة طويلة على جبتها مع دخول ندى المطبخ ليتحول من شخص كان يبتسم من لحظات ويمزح لشخص عبثت ملامحه مما جعل ندى تكتم ضحكتها بصعوبة. 


تساءل بغيظ:

- اخبار الاستاذ بتاعك إيه؟ 


ابتسمت بخجل واجابت:

- اخباره ربنا وحده اللي يعلم بيها .. لسه يا حبيبي ماعرفش حاجة عنه. 


جحظت عيناه وتساءل بعصبية:

- يعني أنتِ عايزة تعرفي؟ 


ناظرته بصدمة لتجيبه أميرة بضحكة:

- يا بني بس .. ده لسه يا دوب خطيبها .


هدأ قليلًا وهو يرمق ندى بغيرة وقال:

- هو قعد مع بابا ولا لسه؟ 


أميرة بهدوء: 

- هيقعد مع باباك النهار ده عشان يتفقوا على اتفاقيات كتب الكتاب وكل الحاجات دي . 


أخفضت رأسها خجلًا وهي تجاهد تهدئة نفسها بنفسها تحت نظرات وليد التي تتغاضاها لكونها تشعر بغيرته. 


❤ اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ❤


انتهى للتو من صلاة العشاء بالجامع الذي بجانب النادي.. دخل النادي ظنًا منه كون لا يوجد احد بداخله تفاجئ بوجود اخيه آدم يجلس إلى جانب حمام السباحة، واضعًا قدميه بداخله شاردًا بالبعيد وعلامات الحزن تملأ وجهه. 


اقترب منه وجلس إلى جواره بعدما صنع كوبين من النسكافية، ألقى آدم نظرة سريعة على أحمد ونظر للأمام مُجَدَّدًا دون أن ينبس ببنت شفة، ظل الصمت هو سيد المكان ليقطعه أحمد بهدوء:

- خير يا اخويا والله .. والله خير يا غالي .. ما تزعلش نفسك وما تشغلش بالك وكل اللي أنت عايزه هو اللي هيحصل. 


تنهيدة عميقة خرجت منه مع قوله:

- المشكلة يا أحمد يوسف ده مش أي حد .. ده غير إنه يعتبر اخونا التالت وعايشين مع بعض من صغرنا وبيتنا بيته وبيته هو بيتنا .. غير ده كله هو اخو مراتي وخال بنتي .. أنا حقيقي واقف عاجز مش عارف اعمل إيه ولا اصرف ازاي .


تساءل أحمد:

- طيب إيه رأي روز في كده؟ 


آدم بهدوء:

- روز مش عايزه تتدخل .. بتقول ده اخويا ودي بنتي وأنت جوزي .. قالت اللي هتعملوه انا بعيدة عنه، مش عايزه أخسر



 حد بسبب حاجة زي كده .. هيا آه زعلانة على بنتها ده بالعكس بتموت عشانها وعشان اللي بتعيشه .. بس في نفس الوقت مش عايزة تتدخل! 


ربت أحمد على كتفه وقال:

- خير باذن الله .. ناوي على إيه طيب ولا هتعمل إيه؟ 


ارتشف القليل من كوب النسكافية ونظر للأمام بشرود مع تنهيدة طويلة دلت كم هو متعب حقًا... قال:

- أنا مديله فرصة والله لو اثبت انه فعلا يستحقها أنا اللي هتكلم مع أوركيد وهحاول معاها أنها ترجع له .. ولو رفضت حقيقي مش هقدر اغصب عليها حاجة هيا مش عايزاها. 


أخذ يتحدث أحمد معه لكي يهون عليه ما حدث، لينهي آدم الحوار بسؤاله:

- نسيبنا بقا من كل ده .. وقولي لي كتب كتاب حبيبة قلب عمها امته؟ 


ابتسم أحمد بخفه لأخيه وطيبة قلبه وحبه لأبنائه واجابه:

- باذن الله خمس ايام كده يا قلب اخوك.


قال آدم بابتسامة:

- ربنا يتمم لها على خير يا رب ويسعدها دنيا وآخرة. 


آمن أحمد على دعائه وأخذ يدعو لأوركيد تحت ابتسامة آدم التي تتسع تدريجيًا.


❤ اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ❤


مرت الأيام تباعًا ومع مرورها تجمع بين توأمين فرقهما القدر.. تجلس ورد بصحبة سراج بالمنزل الخاص بوالدتها .. يوم سراج بالحديث معها بكل ما حدث معهما، ذكرياته معها، وحديثه عن


 ورد معها وتلهفه للقاء، كما بكاء سوسن شوقًا لرؤية ابنتها، كان يتحدث تحت صدمة تلك المسكينة ودموعها التي تهطل بغزارة. 


قال سراج ببكاء:

- اصعب حاجة مرت عليا بعد وفاتها طبعًا .. لما لقيتها جاية قروب الفجر كده وشغالة بتعيط ومنظرها متعب للنفسية .. كان عندي اتناشر سنة بيتهيألي وما كنتش فاهم حاجة لأنها



 يعتبر في الوقت ده ما كنتش لسه تعبت .. كانت بتعيط جامد وحالتها صعبة أوي يا ورد .. قالت لي "اوعي تزعل مني في يوم من الايام" 


شاركته ورد البكاء واحتضنا بعض بدموع اختلطت ببعضها بألمٍ يعصف القلوب.


ابتعد عنها سراج قليلًا وقال بابتسامة خفيفة:

- ماكنتيش بتروحي عن بالنا لحظة والله العظيم .. اوعي تبعدي عني تاني.. فاهمة؟ 


رمقته بمكر وقالت:

- ما تقدرش تستغنى عني أوي كده؟ 


وضع قدم على الأُرى واجابها بذات المكر:

- يابنتي انتي بتقولي اي؟ ده سؤال يتسأل طيب؟ يعني بذمتك كده ينفع المحشي يستغنى عن البصل ولا الرز؟ لا طبعا.. طب ينفع نستغنى عن الشاي في الأكل؟ لا برضو.. مكرونه



 بالبشاميل مينفعش تتعمل من غير البشاميل نفسه.. الأكل عمتًا ينفع ميتحطلهوش ملح؟ لا ده هيبقى ملهوش طعلم .. وعندك



 مثلا الملوخية ينفع تتعمل من غير التوم واوعي تنسي الشهقة اللي قبل ما نحطه جوه الملوخية.. عشان دي حاجه أساسية في الملوخية.. وزي برضو كل يوم لازم نفطر فول وطعمية



 ومفيش حد يستغنى عن العادة دي.. ولا كمان السندويتش اللي بتعمليه بعد تعب ده وتعملي معاه كوباية نسكافية.. يياااه بيبقى حاجه خورافيه والله.. ولا كمـ … 


- قاطعته بصراخ :  

بـااااااااس .. هو انت كل كلامك عن الأكل؟  


انفحر ضاحكًا وقال:

- والله بحبك أكتر من المحشي .. والله .


❤ اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ❤


مرت الايام ليأتي اليوم الذي طالع انتظاره لدى الجميع، لكونهم يعلموا بأنه سيغير من هذا الحزن الذي يحتل العائلة. 




نهضت من فراشها بنشاط على غير العادة، مُنهية عاداتها الصباحية مع خروجها من الغرفة بخجل لكونها اليوم ستصبح متزوجة ممن أحبته على حين غرة .. الذي كان بينها وبين عقلها وقلبها صراع في حُبه الذي يتسلل لقلبها خفية. 




نظرت للشقة بتنهيدة طويلة أخرجتها مع بدأها للتنضيف بابتسامة واسعة تحتل ثغرها، قامت بتشغيل سورة البقرة على هاتفها وهي تضعه جانبًا مع ترديدها للآيات لكونها تمت ختمها




 حفظًا منذ اسبوع تقريبًا .. تناهى إلى مسامعها صوت جدتها التي كانت نائمة في غرفتها بعد حديث طويل دار بينهما ليلة أمس عما حدث وأنه بالفعل سيصبح زوجها وحلال لها أن تحبه. 


ذهبت إليها سريعًا وقامت بمساعدتها في الوضوء وكل شيء تحتاجه .. تركتها بالغرفة كي تصلي وذهبت هي تستكمل ما يود فعله تزامُنًا مع خروج أميرة من الغرفة قائلة بابتسامة واسعة وهي تقترب منها:

- لا لا صاحية .. ثانيةبس وهتكون معاك .


ناظرتها بعدم فهم لكن أميرة لم تعطيها آية فرصة للحديث ووضعت الهاتف على أذنيها ليتناهى إلى مسامعة صوته الماكر



:

- اخبارك يا مراتي إلا ست ساعات ونص ولو راضية تبقي مراتي دلوقتي والله ما عندي مشكلة .. بالعكس ده هيبقى احلى حاجة يعني والله . 


ابعدت الهاتف عن أذنيها ونظرت للشاشة بصدمة وهي تطالع أميرة المبتسمة باتساع بغيظ، وضعت الهاتف مُجَدَّدًا لتستمع لحديثه:

- مش هتسمعيني صوتك طيب؟ 


ضغطت على شفتيها بخجل وأردفت بخفوت:

- مـ .. معاك يا مالك .


كتمت أميرة ضحكتها باعجوبة وهي تستمع لصوت مالك:

- أنا بقول أقفل دلوقتي عشان كده كتير .. وعلى فكرة أنا مستأذن من عمو أحمد اللي مش عايز اقول لك عمل فيا إيه لحد ما رضي .. ده غير ماما أميرة .. هما والاتنين شكلهم متفقين عليا .. المهم ما تقوليش لحد على أي كلمة قلتها. 


أنهى حديثه وتناهى إلى مسامعة أميرة قائلة بضحكة:

- سمعاك يا قلب ماما .. سمعاك. 


انفجر كلاهما بالضحك أما عليها فابتسمت ابتسامة خفيفة فقط ليتابع مالك حديثه بجرأه:

- المهم يا ندى .. أنا كنت محتاج اسمع صوتك والحمد لله سمعته وكـ. 


لم تجعله يستكمل حديثه لكونها أغلقت الهاتف بصدمة حقيقية من جرأته تلك مع ضحكات أميرة على صدمتها متذكرة يوم زفافها على زوجها وخجلها منه.. داعية ربها باسعاد ابنتها مع من تحبه ويختاره قلبها. 


     ❤ استغفر الله العظيم وأتوب إليه ❤


حل الليل سريعًا والفرحة تحتل جميع الجالسين بغرفة تلك المسكينة التي تجلس على كرسي أمام المرآة وتقوم أوركيد بوضع اللمسات الأخيرة باحترافية لكونها تعشق فعل هذه الاشياء... كما الفتيات الآتي يرتدين ملابس شبيهه لبعضها وهذا الذي اتفقن عليه مسبقًا ..


كانت ورد ممسكة بالدف وتطلق الزغاريد من الحين للآخر وتشاركها سجدة فعل ذلك .. أما عن أوركيد فهي منشغلة بتجهيز ندى وتوثيقها لهذه اللحظات بالتقاطها للصور كل ثانية مع ضحك الفتيات عليها من هذا الجنون الذي يُسمى التقاط الصور! 


استمعن لصوت طرقات على الباب، نهضت سجدة وفتحت الباب بتوجس ليتبين أمامها وليد مرتديًا بدلة سوداء مصففًا بخصلات شعره بطريقة ملفته للحد الذي جعلها تكز أسنانها غيظًا منه .. كما رائحته التي اخترقت انفها من قوتها. 


حالته لم تكن تختلف عنها كثيرًا عندما رأها بهذا الفستان الفيروزي الذي ينزل باتساع بسيط أكمامه شفافة وهذا ما جعلها ترتدي أسفله بدي أبيض كما حجابها الذي من نفس 



اللون مع وضعها لبعض من مساحيق التجميل الذي أظهر جمالها الطبيعي .. جاهد في النظر إليها وعدم غضبه وتساءل بابتسامة واسعة:

- ندى فين؟ 


ابتسمت بخفه وافسحت له الطريق بعدما أخبرت الفتيات بوجوده .. أدمعت عيناه حينما رأها تقف بجانب أوركيد



 بفستانها الكشمير الغامق الذي ينزل باتساع مبهر ويأتي من عند الصدر لأسفل الخصر بمسافة قليلة مليء بالفصوص اللامعة مما أعطاه مظهرًا جزابًا كما أكمامه الشفاشه التي أيضًا يتخللها



 بعض الفصوص اللامعة البسيطة .. مرتدية اسفلة بدي ابيض، طبقاته تعل بعضها البعض وطبقته العلوية شفافة ايضًا ويتخللها الفصوص اللامعة من كل مكان. 


اقترب منها بدموع وانتشلها لأحضانها تحت تماسكها هي بعدم البكاء.. قال وليد بعد ما ابتعد عنها قليلًا وطبع قبلة حانية



 لتتأبط هي بذراعيه وهبطت معه للأسفل تحت الزغاريد التي تفعلها اوركيد والفتيات بفرحة كبيرة تحتل قلبها بوجودهن. 


الحفل كان يقتصر على المقربين والاصدقاء فقط.. لذالك فضل أحمد فعل الحفل بالحديقة الخاصة بالمنزل. 


نظرت ندى للحديقة وللمدعوين بخجل وفرحة بذات الوقت .. الحديقة كانت تتزين ببعض الأنوار كما الكراسي التي وضعت بشكل منمق.


اقترب منهما أحمد وإلى جانبه مالك الذي يختلس النظرات لها خفية خوفًا من أحمد الذي يرمقه بغيظ من الحين للآخر. 


ضمها إليه مع دعائه ببكاء لها وفرحته الظاهرة عليه، لفت يديها حول خصره وهي تربت على ظهره بابتسامة واسعة .. قطع هذه اللحظة الدرامية والمشاعر الجياشة مالك بحديثه ونبرة صوته الطفولية:

- عمو أحمد .. هو أنا يعني ما ينفعش أعمل زي ما حضرتك عملت كده؟ 


اجابه بسخرية تحت ضحك الجميع من حالتهم: 

- لا يا حبيبي ما ينفعش! 


قوس شفتيه حُزنًا مما جعل ندى تنفجر ضاحكة وسرعان ما اختفت ابتسامتها فور نظرة أحمد الغاضبة منها. 


تحرك الجميع للمأزون ليتم كتب الكتاب تحت الزغاريد التي تطلقها النساء من جانب والفتيات من الجانب الآخر.


أنهى المأزون جملته المعتادة تزامُنًا مع صراخ مالك لأحمد بفرحة:

- دلوقتي بقا يحق لي احضن براحتي صح؟ 


لم يعطيه فرصة للرد وانتشلها لأحضانه تحت صدمتها وخجلها من الجميع.. لكنها ابتسمت بطمأنينة لأول مرة تشعر بها طيلة حياتها بوجوده فقط وهي تلف يديها حول خصره وتختبئ بداخله خجلًا من النظرات التي تحيطهم.


الحُب لمن صان الود، وحفظ العهد، وتسارع لكي يكون الأقرب للقلب رغم جميع من حولنا.. الحُب لذاك الذي قُربه سَّكينة للقلب وبُعده فراق لِكُل شيء جميل إلى أن يَعُد! 


                         ********


كانت تناظرهما بفرحة كبيرة بقلبها، أخيها وصديقتها تزوجا وأصبحت زوجة اخيها .. يا له من شعورٍ لا يوصف من شدة قوته.


جحظت عيناها بصدمة كبيرة من رؤيته بالحفل، تواثبت دقات قلبها بمجرد شعوره بوجوده .. أخذت تهدأ نفسها لكنها ظلت مشوشة الفكر طالما امامها ! 


كانت تجلس بجانبها أوركيد تلتقط الصور لندى وزوجها دون علمهما باحترافية كبيرة.. تساءلت ميار بهدوء: 

- كوكو .. هو مين الشاب ده؟ 


أوركيد بتعجب:

- فين ده؟ مش شيفاه .


قالت ميار وكأن السؤال لا يعني لها شيئًا:

- اللي لابس تيشرت اسود وواقف جمب عمو يوسف ده. 


ابتسمت أوركيد وما لبثت أن تجيبها إلا وأجابتها ورد بابتسامة كبيرة لكونها أخيرًا تمتلك أخ مثله: 

- ده بقا توأمي اللي عرفته من شهور بس . 


صدمة أُخرى جعلتها لا تقوى على الحديث لتقل بمرح كي تخرج نفسها مما هي به من توتر:

- لاء أنا مش فاهمة بقا .


ورد بضحكة:

- لا ده موضوع طويل هبقى اقول لك عليه. 


                          ********


اقترب منهما أحمد وربت على كتف مالك الذي نهض سريعًا ليحتضنه الآخر وهو يدعو ربه بحفظهم من أعين الناس... قائلًا بمرح بعدما طبع قبلة طويلة على وجنتي ندى:

- أنت فاكر إني هعيط؟ أعيط إيه يا ابني بس.. ده انت ربنا كاتب لك كل الهنا والجنان والعقل المتخلف . 


صدمت ندى بحديثه ليُتابع أحمد بتأثر:

- دي بتاكل ما بتشبعش .. بتكبر سنًا لكن عقلًا!


صمت لبعض الوقت ثم تابع بتأثر ملحوظ :

- ربنا يعينك يا ابني. 


انفجر مالك بالضحك وشاركته ندى من مرح والدها ليضمهما إليه وتقترب منهما أميرة بابتسامتها وهي تحتضن كل واحد على حدى مع دعائها الذي لا ينتهي. 


     ❤ استغفر الله العظيم وأتوب إليه ❤


خرجت من الحديقة لشعورها بالدوران مع صوت انفاسها العالية التي وكأنها ركضت لمسافة طويلة، وضعت يدها على قلبها المتسارعة دقاته وتحركت من المكان لكي تذهب لمنزلها



 لكنها في أقل من ثوانٍ شعرت بالظلام أمامها بعدها وضع أحدهم على أنفها منديلًا ورقيًا ثُمَّ غابت عن الدنيا وما فيها دون شعورها بأي شيء يحدث حولها...



      الفصل التاسع والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-