رواية حذاء قدري الفصل الثاني والعشرون22 بقلم ايه العربي


 نبدأ بسم الله 

لا يبارك الله فى عمل يهلى عن الصلاة 

البارت الثانى والعشرون 

رواية #حذاء_قدرى

 بقلم آية العربي 


ظل هو كالمجنون ...يشعر بسكاكين حادة تنغرز بقلبه ... يملس على رأسها بهدوء يحاول 



تهدأتها بصوت مرتعش مهزوز _ اهدى يا حبيبتى ... الاسعاف جاي حالا ... بس اوعى



 تنامى يا زهرة .. اوعى تغمضى عينك ... انا جنبك ومش هسيبك تانى ابدااا ... انا اسف .


كانت زهرة تأن بألم كلما سعلت وكأن سعالها يكرر غرز السكين فى بطنها ... نظرت له



 بعين مرهقة ذابلة وهى تتحس بطنها بقهر وتنتحب ببكاء مرير قائلة  بصوت شبه منعدم _ ابنى ... ابنى ... خليل ودلال ... ااااه 


اسودت عيناه وتبدلت ملامح وجهه القلقة بملامح قاسية ... لعن تحت انفاسه واقسم 



على عقابهم بنفسه قبل اي شئ ... ولكن الان فقط كل ما يهمه هو تلك القابعة التى حاول مجددا مجاراتها فى الكلام حتى لا تذهب فى العالم المظلم



 قائلا بتوتر ورعب بادى على ملامحه _ متقلقيش ... كل حاجة هتبقى تمام .. انتى بس



 حاولى تهدى خالص وبلاش تبكى ابوس ايدي انا مش متحمل ... اهدى خالص يا حبيبتى ..


كانت كلما اغمضت عيناها ببطء ناداها برفق وهو واضعا رأسها فى حجره ويملس على رأسها بحب حتى تفتحهما بارهاق وبطء ثانيةً ... ثم يدنو منها مقبلا جبينها بهدوء وهى يطمئنها بكلماته ...


جاءت الاسعاف بعد وقت مناسب ودخلا الرجال الى المكان التى ما ان رأوا رجال ونساء الحارة حتى تجمعوا حوله مترقبين لمن هذا ..


دخل افراد الاسعاف ومعم الترولى الخاص بحمل المرضى ... 


ناداهم طارق بصوت عالى حاد وهو ثابت مكانه حاملا زهرة فى حضنه فقد كان الباب مفتوحاً مما سهل عليهم الامر ... دخلا الاثنين الى الداخل محاولين حملها ولكنه ابعد يدهم عنها مزفرا بغضب وحملها برقة كأنها كنزه الثمين وهى كذلك ووضعها على الترولى ووقف هو يحمله من جانب رأسها ينظر داخل عيناها التى اعلنت اغلاقهما فلم تعد تحتمل او تشعر بشئ فقد تخدرت جميع حواسها ... 


دخل هو السيارة وتناولها من الشخص الاخر حتى انهما كادو ان يعترضوا مكوثه معها ولكن تصميمه وحدته خالف كل التوقعات ..


كان يتم عمل اللازم لها بداخل سيارة الاسعاف ... متناول هو يدها بين كفيه وقد تم وضع جهاز التنفس على فمها  والمشبك الخاص بنبضات القلب باصبها ...


كان ينظر لها بدموع حارقة ... يتخيل حياته من غيرها ... حتى ان الخيال فى هذا ممنوع ... لقد حرم على عقله استيعاب هذا الامر ... لقد كان طوال الشهر الذي قضاه فى فرنسا يعانى معاناه شديدة من دونها ... منذ اليوم الاول لبعده عنها كان ينوى العودة واطاحة كل هذا التراهات خلفه وليحدث ما يحدث ولكن ان كان قلبه معها فكرامته وكبرياؤه يجعله يوقف قلبه قليلا حتى يستردهما ...


لقد غادر يومها قاعة المحكمة وابتعد ماكثا عن احد اصدقاء مهنته لمدة ٣ ايام حتى اتمم اوراق سفره فى سرية تامة ومن ثم سافر فورا بعدما انتهت الاجراءات ..


لم يهتم بصحته ولا بنومه ... كان يأكل اي شئ يوقف شكوى معدته فقط ... كان ينام ساعات قليلة من شدة تفكيره بها ... وحتى عند نومه تكون هى بطلة احلامه التى توقظه ويظل بعدها مستيقظا الى ان يحل النهار ويخرج باحثا عن تلك الفريد الذى كان من الصعب ايجاده ... ولكن بالمال فكل شئ سهل ...


لقد دفع الكثير حتى يحصل على معلومات عنه واخيرا وبعد ليالي من المعاناه وجده فى احدى الملاهى الليلية فى مدينة فرنسية متطرفة حتى لا يجده احد ...

انقض عليه ممسكا به موجهأ له بعض اللكمات ولم يتركه الا ان سلمه للسلطات المصرية التى كان قد اخبرهم وكانوا على علم مسبق بتهمه وساعده فى ذلك غياب وعى الاخر بسبب كثرة المشروب الذي كان يرتشفه داخل هذا المكان المقزز ..


كانت عبراته تنزل كالبركان حارقة ... من المحتمل ان يكون قد فقد حنينه ... الشئ الوحيد الذي تمناه ومنها هى لا من غيرها ... كان يعلم ان دعوات من ظلمهم ستلاحقه يوما ما وتتجسد امامه ولكنه كان يتمنى العقاب لنفسه فلم يكن يستألم ربع ما يشعر به الان ... وضع يده المتكورة على فمه يحاول منع شهقاته ... رفع رأسه الى السماء قائلا برجاء وندم _ يااارب ياااارب هما لاء .


كان الطريق مزدحم بشدة وبالرغم من سرينة الاسعاف التى لم تهدأ الا ان السيارة لم تستطيع العبور ..


وصل لقمة غضبه ورعبه فكلما ازداد الوقت صعبت النجاه ... ترك يدها ببطء ونزل من سيارة الاسعاف ثم اغلقها وصار باتجاه السيارات المصطفة واتجه لاقصى الامام يحاول ايجاد سبب الخلل وبدأ يصرخ بغضب ويضرب على مقدمة السيارات بحدة مردفاً بأن زوجته داخل عربة الاسعاف وعليها الوصول الى المشفى فى الحال ..


وبالفعل خلال دقائق معدودة كان قد اتيح له طريق ضيق بسبب شدة الزحام ولكن الجميع كان يلتمس له العذر فقد كانت حالته يثرى لها ..


عاد الى سيارة الاسعاف بسرعة رهيبة ودخلها واحسهم على المغادرة فى الحال وبالفعل مشت السيارة بحذر نظرا لضيق الطريق الى ان انتهى الزحام واسرعت الى ان وصلت امام المشفى ..


فتح الباب بلهفة ونزل هو يفسح المجال لهم بمرورها ... دخلوا من باب المشفى يخطو بسرعة وهو يسبقهم ويصرخ باستنجاد الى ان ادخلوها غرفة العمليات حتى انه كان يريد الدخول معها ولكن تم منعه من قبل بعض الاطباء والممرضين ..


دخلت هى الغرفة وكأن احدهم شق صدره وانتزع قلبه النابض من بين ضلوعه واخذه الى هذه الغرفة القابعة هى فيها ..


كان ينظر من خلال الزجاج الشفاف الملتصق بالباب ... كانت دموعه اكبر دليل على مدى المه ومدى سراعه الداخلى ... ضجيج وزحام من الافكار السيئة التى تراوده ... 


ظل هو يجوب الردهة ذهابا وايابا .... يريد الاطمئنان ولو بحرف ولكن لا احد يخرج من هذه الغرفة اللعينة ... 


بعد قرابة الساعتين فقد فيهم طارق تعقله وكاد ان يطيح بكل شئ خرج احد الاطباء وعلى وجهه علامات الضيق ..


اتجه اليه طارق قائلا بصوت مرعب متحشرج _ زهرة عاملة ايه ؟ 


تحمحم الطبيب قائلا بأسف _ للاسف خسرنا الجنين ..


وضع كفيه الاثنين على وجه ... كان يعلم ... كان يعلم انه سيفقد غالى او عزيز مثلما اخبرته احدى خصيماته ... حاول سحب نفس عميق بصعوبة وانزل يده قائلا بصوت فقد شغفه يعيد سؤاله كأنه لم يسمع كلام الطبيب _ زهرة عاملة ايه ؟ 


اومأ الطبيب قائلا بهدوء _ حاليا وضعها مستقر ... قدرنا نوقف النزيف بس للاسف فيه مشكلة واجهتنا ..


رفع عينه المظلمة متسائلا بغضب _ ايه ؟ .. قول .


تكلم الطبيب بعملية قائلا _ مدام زهرة عندها كلية شبه معدومة تقريبا ده غير ان الكلية التانية وضعها ضعيف وده هيأثر جداا على حياتها ... يعنى ربا ضرة نافعة بس الاجهاض حاليا انسب من اكمال الحمل لان هيكون وضعها اصعب لو كان الحمل كمل ... يعنى اللى اقدر اقلهولك انها محتاجة كلية فى اسرع وقت ..


كان يستمع له بحزن على حبيبة قلبه ... الوحيدة التى سلمها مفاتيح حياته ... نطق دون تفكير او تردد قائلا _ خد كليتى .


نظر له الطبيب بتعجب من سرعة رده حتى دون تردد مردفاً _ الموضوع مش بالسهولة دى ... دى لازم تحاليل الاول تثبت ان كليتك تنفع مع جسمها علشان ميحصلش لا قدر الله مضاعفات ... وبعدين ازاي حاجة مهمة زى دي مشتكتش هى منها قبل كدة ؟ 


هز رأسه يمينا ويسارا بقلة معرفة مردفاً _ مش عارف ... المهم دلوقتى شوف ايه اللازم وانا هعمله فورا وننقلها كليتى باسرع وقت ..


اومأ الطبيب وبالفعل اصطحبه الى قسم التحاليل والاشعة ليبدأ فورا فى الاجراءات التى استغرقت وقتاً ليس بالقليل ..


حضر الطبيب الى هذا القابع على احد المقاعد يجلس مطأطأة الرأس ويده مشبكة على عاقبيه ..


تحمحم الطبيب قائلا بفرحة _ استاذ طارق التحاليل اثبتت ان كليتك مناسبة جدااا ... بس قبل ما يتم نقلها لازم تعرف قائمة تعليمات ليك تمشى عليها ... الموضوع بالنسبالك مش هيكون سهل .


وقف قائلا بلا مبالاه _ مش مهم انا المهم هي ... يالا حالا شوف اللازم ايه واعمله ..


كاد ان يتحركا ولكن حضور اسماعيل واحمد الى المشفى اوقفهم ..


اتجه اسماعيل اليه بغضب مردفاً _ بنتى مالها ... انطق عملت فيها ايه ..


قالها وهو يدفعه بعنف ..


حاول الطبيب واحمد منعه ولكنه كان كالاعصار بسبب ما علمه عن بنت اخته ... فقد حاول الاتصال بها كثيرا ولكن لم يأتيه ردا فقلق واتجه لمكانها مع ابنه وما ان وصلا حتى علم من الجيران ما حدث فاتجه على الفور الى مكان المستشفى .. 


كان طارق ينظر له بارهاق ولكنه لم يهتم لامره قائلا وهو يطالع الطبيب _ يالا يا دكتور شوف اللازم ..


تحرك ليمشى فاوقفه اسماعيل مرة اخرى ممسكاً اياه من ياقته قائلا وهو يهزه بعنف _ عملت ايه فى بنتى قول ...  


انزل طارق يده يعنف وهو يطالعه بغضب مردفاً _ اللى عمل فيها كدة خليل وبنته ... تقدر تروح تعمل فيهم اللى انت عايزه ... بس دلوقتى سيبنى ألحق مراتى .


خطى عدة خطوات فاستوقفه اسماعيل الذي شحب وجهه بعدما علم هوية الفاعل قائلا _ تحلقها ازاي ... هى حصلها ايه .


رد الطبيب هذه المرة مردفاً _ بنت حضرتك طعنت فى بطنها وده للأسف ادى لفقدان الجنين بس المشكلة اللى حاليا بتواجهها ان كليتها متدمرة ومحتاجة زرع كلية فورا والاستاذ طارق هو اللى هيتبرعلها بكليته بعد ما التحاليل اثبتت انها تنفع ..


نظر لهذا الواقف مستندا على الجدار بتعب ينتظر انهاء حديثهم بفارغ الصبر ... كان احمد يتطلع عليه برأفة فحالته هذه تدل على شتاته وتوضح معاناته ..


وضع اسماعيل وجهه بين كفيه متنهدا ثم نظر للطبيب مردفا _ اختى كانت كدة يا دكتور ... والدة زهرة كانت بتعانى من نفس المشكلة وانا اتبرعتلها بكليتى فعلا ..


تفهم الطبيب الوضع الان وكاد ان ينطق ولكن صراخ طارق الذي فقد هدوءه جعله يتحرك معه ليتم تجهيزه للعملية ..


توقف طارق فى منتصف الطريق وعاد اليهم متوجها الى احمد يردف بهدوء عكس مافي داخله من بركان يحرق الاخضر واليابس قائلا _ خليل وبنته .


تفهم احمد مقصده فاومأ له بهدوء وهو يربت على كتفيه ولكنه تكلم ثانياً موجهاً حديثه هذه المرة لاثنانهما قائلا _ زهرة مش هتعرف ان كليتها فيها حاجة ولا هتعرف انى اتبرعتلها بكليتى ... الموضوع ده بينا احنا وبس ..


غادر هو دون ان ينتظر ردهم واختفى مع الطبيب ليستعد للحراجة التى بالفعل ستبدأ بعد قليل ..


دخل طارق غرفة العمليات ينظر لتلك النائمة لا تعي شيئا ... وهناك اصوات تلك الاجهزة التى تعطي مؤشرات بتنفسها ونبضاتها ... نظرته لها لم تكن فى تلك اللحظة الا نظرة تحدى ... يتحدى القدر بأنها سوف تستيقظ مجدداً وتنظر له نفس النظرة التى يعشقها ويتمناها الان ..


تمدد على الفراش بجوارها بعدما ارتدى ثوب العمليات الخاص ... بدأ الطبيب المسئول عن التحذير باعطاؤه المخدر الذى بدأ يثرى فى عروقه بسرعه حتى غاب عن الوعي بعدما تطلع عليها نظرة اخيرة ..


بعد عدة ساعات تم نقل الكلية بنجاح وانتقلت زهرة الى غرفة خاصة بعدما استقر وضعها والتى اتفق طارق مع الاطباء انها لن تعلم بوضع كليتها حتى لا تحزن او تتأثر يكفى عليها امر طفلها التى فقدته قبل ان يكتمل بعد ..


تم نقل طارق الى غرفة العناية المركزة بسبب ضعف حالته التى ظهرت اثناء اجراء الجراحة فبالطبع كان الارهاق واضح على معالمه بسبب هذا الشهر الذى قضاه فى الخارج ولكنه صمم على تنفيذ هذه الجراحة تحت مسئولية الشخصية بعد امضاء قرار بذلك فكل ما كان يهمه هي فقط ..


بعد ساعات قليلة بدأت زهرة تستيقظ رويداً رويداً تحت انظار خالها وزوجته .


نظرت زهرة بتعب من حولها فوجدت اسماعيل يجلس بجوارها متمسكاً بيدها يطالعها بحب مردفاً _ حمدالله على سلامتك يا حبيبتى ..


اومأت له بابتسامة باهتة ولفت نظرها للجهة الاخرى تبحث عن احدهم ولكنها وجدت داليدا تطالعها بحب مردفة ايضاً _ الف حمدالله على سلامتك يا زهرة ..


اومأت لها بصمت واتجهت يداها تلقائيا الى بطنها تتحسها ... تألمت عندما لامست يدها موضع الجرح فاصدرت تأوه فوقفت داليدا تتمسك بيدها ترفعها بهدوء عن بطنها قائلة بحزن _ زهرة اهدى يا عمرى جرحك لسة جديد ..


جرت الدموع فى مقلتيها مردفة بتساؤل لكنها تعلم الاجابة _ ابني ؟ ..


نظرت داليدا الى اسماعيل الذي ربت على يدها الاخرى قائلا بحب وتروى _ احتسبيه عند ربنا يا حبيبتى ... وربنا هيعوضك خير ... بس انتى قومى بالسلامة واقفى على رجلك ..


اومأت له بصمت ... خسرت جنينها التى ظنته ثمرة حبها لطارق ... لقد ظنت انه سيكون سبباً فى سعادتهما الدائمة ... خسرته قبل ان تسعد به ... خسرته بسبب هذا القذر وابنته التى ما ان مرا على عقلها حتى انتفض جسدها تحت انظار اسماعيل وداليدا التى اسرعت تنادى احد الاطباء ..


حضر الطبيب معها وعاين زهرة قائلا بطمئنان _  الحمد لله وضعها زى الفل ... هي بس تحاول متجهدش نفسها ومتفكرش غير فى صحتها ... بس النهاردة هتخلص المحلول  وبكرة الصبح تبدأ تشرب سوائل بسيطة ... حمدالله على سلامتها ... عن اذنكوا .


خرج الطبيب فتسائلت زهرة السؤال التى خطر على عقلها بمجرد ان استيقظت ولكنه اجلته حرجاً من خالها ... اردفت هى  _ طارق فين ؟.


نظرت داليدا الى اسماعيل لكى يتحدث فهى لا تستطيع الكذب ... اردف اسماعيل بمراوغة _ احم ... كان هنا اول ما جينا وبعد كدة قال ان عنده مشوار مهم هيقضيه ويرجع ..


نزلت دموعها مجددا ... اهناك اهم منها حاليا ... يبدو انه علم بأمر طفله ولكنه لم ينتظر حتى للاطمئنان عليها ..


مسحت داليدا دموعها بكف يدها قائلة محاولة تهدأتها _ زهرة مينفعش كدة ... اكيد مش سهل عليه اللى حصل ويمكن راح يدور على اللى عمل فيكي كدة ... احمد كمان بيدور عليهم ... معلش يا حبيبتى اعذريه ..


اومأت لها زهرة بهدوء عكس ما بداخلها ... فلو كانت هى مكانه لم تتحرك انشاً واحداً قبل الاطمئنان عليه ..


《》《》《》《》《》《》《》《》《》 


اما عند طارق الذي يعاينه الطبيب المسئول حالته ولكنه تحت تأثير المنوم المعطى له حتى يأخذ قسطاً مناسباً من الراحة ..


مديحة وعامر لم يعلموا بالامر  ... هي تظن ان طارق قد تصالح مع زهرة لذلك لم تهاتفهم ظناً منها انهما بحاجة الى اطول وقت لهما سوياً .


يمان الذي عاد بعدما ذهب لوصال وما زاد تعجبه انها استقبلته بترحاب عكس ليلة امس وظل معهما وقت طويل الى ان غادر بعدما نام مروان ..


احمد الذي بدأ البحث عن خليل وابنته حتى علم مكان تواجدهم والان هو فى طريقه اليهم ..


تقوى التى فعلت مثلما امرها احمد فقد قامت بتكسير شريحة الاتصال الخاصة بها وشراء اخرى جديدة كان قد اوصت والدتها عليها اثناء ذهابها للتسوق .


تم القبض على خليل ودلال الذين حاولوا الهرب بمجرد سماعهم سيارة الشرطة ولكن احمد كان قد فهم مخططهم وتسرف اسرع منهما وتم اخذهم الى القسم التابع للمنطقة كما حرص احمد على التحقيق معهم بنفسه كي يضمن عقابهما عقابا شديدا .


《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》


فى اليوم التالى استيقظت زهرة وقد تحسنت حالتها قليلا ولكن يضل عقلها شاردا متعباً فى عدم ظهور طارق حتى الان فهى منذ ان رأته فى شقتها لم تراه الى الان ... كذلك لم يتوقف عقلها عن التفكير فى جنينها التى فقدته بسبب هذان الشيطانان .


داليدا لم تتركها بل ظلت نائمة معها بعدما غادر اسماعيل ليلا .


حاولت داليدا اسنادها كى تعتدل قليلا فوضعت خلف رأسها وسادة وهى تبتسم مردفة _ كدة تمااام .... ناقص بقى انزل اجبلك حاجة تشربيها من الكافتريا علشان تقومى بالسلامة ونرجع البيت لحسن جو المستشفى هنا كئيب اوى .


اومأت زهرة بوجه خالى من التعبير مردفة بحزن _ معلش يا طنط انا تعبتك معايا ... 


نظرت لها داليدا بعتاب مردفة _ تعبتيني ؟! ... ده كلام يا زهرة ... يبقى انتى كدة بتعتبريني غريبة عنك ..


وكأنها تبحث عن اي سبب للبكاء فنزلت عبراتها وهى تنوح قائلة _ لا يا طنط انتى عارفة انك غالية عندى اوى .


اتجهت اليها دليدا عندما رأت بكاؤها .... جلست خلف ظهرها تضم رأسها بحنان قائلة _ بردو يا زهرة هتعيطي ... مش قلنا بلاش دموع يا حبيبتى ..


تنهدت زهرة بتعب وحزن شديد مردفة _ غصب عنى يا طنط ... يظهر انى كنت عبيطة ... الانسان الوحيد اللى وثقت فيه وسلمته قلبي واستنيته والتمست ليه الف عذر حتى برغم القسوة اللى كنت ببينها ... سامحته على ذنوب صعب ان بشر يغفرها ... قلت هبدأ معاه      صفحة جديدة ... حتى لما عرفت انه جاي محبتش حد يكلمه او يزعله ... روحت بيتي علشان اتكلم انا معاه وكنت ناوية اسامحه لو قالى على اسبابه ... كنت ناوية اقوله على حملى وازعل منه انه سابنى طول الفترة دى من غير اي سؤال عنى ... بس اكتشفت انى طلعت غبية اوى يا طنط ... غبية اوى اوى ..


مسحت دموعها الساقطة بكفها محاولة التوقف وداليدا تستمع لها بحزن وتربت على ظهرها بحنان ولكنها لا تستطيع قول شئ ... ولا اي شئ لقد وعدت زوجها ان لا تتفوه بحرف فأن علمت زهرة ستحزن ويكفيها ما بها من حزن الان ..


استكملت زهرة مردفة بألم نفسى وجسدى قائلة _جبنى هنا المستشفى ولما عرف انى اجهدت البيبي مشى ... مفكرش فيا ولا فكر يستنانى لما افوق ولا فكر يطمن عليا كأنى كنت بالنسبة ليه شئ شفاف ... شئ مهمش مالوش اي قيمة ... وكان لازم افهم ده من بعد قضية وصال لما سافر فجأة بس انا غبية ... على اد ما انا حزينة جدااا على ابني اللى خسرته قبل ما عيني تشوفه .. بس انا مبقتش عايزة اى حاجة تربطنى بيه ... ده استنزف روحى وقلبي وحياتى وداس عليا من غير رحمة ... وانا لازم ادور على اللى باقي من عزة نفسى وانسحب ..


كادت داليدا ان تدافع عنه لولا فُتح الباب ودلف احمد وخلفه اسماعيل ...


اقترب منها احمد قائلا وهو يربت على رأسها بمرح ومشاكسة كى يخرجها من حزنها الذى لمحه فى عيناها _ ايه الحلاوة دى ... هو الناس بتحلو لما بتتغز فى بطنها ولا ايه ؟ .


ابتسمت ابتسامة ذابلة تقول بمجاملة _ متشكرة يا احمد ..

سكتت قليلا ثم اردفت بمعاتبة كاذبة _ وبعدين بدل ما تتريق عليا روح دور على اللى عملوا فيا كدة يا حضرة الضابط .


غمز لها بطرف عينه قائلا وهو يعدل من ياقة جاكيته بغرور مصطنع _ احم ومين قالك انى معملتش كدة ؟ 


تعجبت مردفة _ بجد يا احمد ... انت عرفت مكانهم ؟ 


اومأ بثقة مردفاً _ طبعا ... وهما حاليا فى الحجز سايبهم شوية يتسوا على الهادى لحد ما أحقق معاهم .


نظرت له بامتنان ... فهؤلاء عائلتها الحقيقية ... هم من اعتنوا بها حقا ودعموها وكانوا بجوارها فى محنتها .... هم فقط لا غيرهم وعليها ان تتصرف على هذا الاساس .


على الناحية الاخرى بدأ طارق يتململ ويأن بتعب منادى على اسمها ببطء ... سمعته الممرضة التى اتت اليه مردفة بابتسامة هادئة _ حمدالله على سلامتك .


رفع جهاز التنفس من على وجهه متسائلا بصوت بطئ _ زهرة عاملة ايه ..


كانت الممرضة على علم بما فعله فالمشفى جميعها تتكلم عنه وعن حبه لزوجته ... اومأت    هى تقول باطمئنان _ مدام زهرة زى الفل ... وبتتكلم وبتعد وكله تمام .... شد حيلك انت بس علشان تشوفها ..


تنهد بارتياح ثم حاول القيام ببطء وهو ينزع عنه الاجهزة المتصلة به قائلا _ وديني عندها لو سمحتى ..


هدأته الممرضة محاولة ارجاعه على الفراش مردفة بقلق_ لا مينفعش خالص تتحرك دلوقتى لازم ترتاح ... جرحك مش سهل والدكتور مانع حركتك دلوقتى خالص ..


لم يطيعها كأنها لم تقل شيئا ...حاول الوقوف بجسد يترنح يمينا ويسارا بتعب وألم شديد فى منطقة جرحه حتى ان ملامح وجهه كانت تنكمش مع كل حركة يتحركها قائلا _ هاتيلي بدلتى لو سمحتى البسها وبعدين وصليني انت بس على باب اوضتها ومالكيش دعوة بالباقي انا ماضى قرار على مسئوليتى ..


اطاعته الممرضة بيأس وبالفعل احضرت له حلته بالون الجملى التى تم غسلها بعدما كانت غارقة بدماء زهرة وغادرت منتظرة الى ان يرتديها ... عادت بعد حوالى ربع ساعة بعدما ناداها فقد اخذ وقتأ فى ارتداؤها بسبب     وضعه ... ساعدته هي الى ان وصل امام باب الغرفة المتواجد بها زهرة اومأ للممرضة بأن تغادر فلسانه عاجز عن النطق بسبب الالم الشديد الذى يداهمه ..


مشت هى مضطرة ووقف هو امام بابها يتنهد بتعب يحاول سحب اكبر كمية من الاوكسجين كي تعينه على الوقوف امامها طبيعيا ..


طرق الباب ودخل يحاول السير بهدوء وهو يتطلع اليها بحب واشتياق وفرحة عندما وجدها جالسة بزاوية منفرجة على الفراش .. 


كان كلا من اسماعيل واحمد وداليدا ينظرون له بأعين متسعة كيف له ان يأتى الى    هنا فما زال متعباً ... ولكنه حاول طمأنتهم بنظرة عيناه التى تحسهم على السكوت ..


اقترب منها جدااا الى ان وقف بجانب رأسها فأحضر له احمد كرسياً يجلس عليه الذي    بالفعل لم يتردد لحظة فى المكوث عليه فقد شعر ان قدمه لم تعد تحمله ..


تنهد بارتياح بعد ان جلس بجانبها وعاد ينظر لها بحب وفرحة مردفاً بهدوء وفرحة ظهرت فى صوته ويده تتحسس رأسها بحب _ عاملة ايه يا زهرتى ..


اما زهرة التى بمجرد فُتح الباب ودلف فقط بدأ قلبها يعصف وبشدة وازدادت نبضاته ... حتى انها خافت من ان ينظر احدهم الى عيناها فيرى فيهما الضعف له ... ابعدت نظره عنه ونظرت لسقف الغرفة الى    ان وصل لعندها ... ظلت هى تنظر لسقف الغرفة حتى بعدما جلس بجوارها ولكن بمجرد لمسته وصوته فقد انتابتها قشعريرة فى سائر جسدها جعلتها تبعد رأسها عن موضع يداه مردفة بحدة _ ممكن تسبونا لوحدنا شوية لو سمحتوا ..


وقفت داليدا مردفة وهى تطالع زوجها وابنها _ تعالى يا اسماعيل نقف برة وانت يا احمد يالا ..


خرج الجميع وظلت هى وهو فقط ..


اقترب منها حتى انها شعرت بأنفاسه الحارة عند رقبتها مما جعلها ترتجف بضعف ... كانت مازالت ملتفته للجهة الاخرى لا تريد النظر داخل عينه ابدااا ...تخاف ان تضعف ...


اما هو فكان يعلم انها تعاقبه على سفره وتركه لها طوال هذه الفترة وعليه ان يبذل مجهود اكثر ..


وقف من على المقعد واتجه يجلس بجانبها ساحباً رأسها داخل احضانه وبرغم المه الحاد الا ان قربها منه اعاد السكينة بداخله ..


اما هى فكانت تحاول جاهدة ان لا تتأثر بحركاته ولمساته التى اشتاقت اليها ... لم تلاحظ شحوب وجهه ولا جسده النحيل ..


ابعدت رأسها قائلة بصوت حاولت ان تظهره قاسى بعد الشئ _ ابعد لو سمحت ..


تنهد عندما سمع صوتها مردفاً بحب _ زهرتى لسة زعلانة منى .... وواضح كدة ان زعلها جامد .


نظرت زهرة لداخل عيناه عندما سمعت حديثه قائلة بحزن وانكسار _ بس انا مش زعلانة منك يا طارق ..


قام من مكانه مضطراً بسبب الالم الذى يراوده كلما حركت زهرة رأسها على  موضع 






جرحه وجلس ثانياً على الكرسى متسائلا بهدوء عكس الألم الذي يشعر به _ بس ملامحك بتقول عكس كدة يا زهرة ..


نطقت وهى تبعد عيناها عنه وتنظر لسقف الغرفة مردفة بحزن وهدوء _ انا عايزة اطلق يا طارق .

              الفصل الثالث والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>