رواية جحيم الفارس الفصل الاول1والثاني2 بقلم ايمان محمود

رواية جحيم الفارس الفصل الاول1والثاني2 بقلم ايمان محمود

صباحية مباركة يا عروسة

اخترقت أذناها تلك الجملة التي كرّرتها والدة "فارس" بحبور لتلوي زينة شفتيها بغيظ وهي تستعيد ذكريات ليلتها الماضية والتي قضتها متكوّرة بجانب





 الشرفة وعقلها يستعيد سخريته واهاناته المريرة ، أفاقت علي جذب "بسمة" ابنة عمّها لها لتتلقّفها داخل أحضانها بلهفة أتقنت رسمها علي وجهها لتهتف بحب اصطنعته بمهارة:

-وحشتيني اوي يا بت عمي ، البيت من غيرك ميسواش

اكتفت "زينة" بالامائة برأسها وكأنها توافقها علي أياً ما تقوله ، أدراتها "دريّة" والدة "فارس" لتهتف وهي تمرر أنظارها فوق ملامحها الهادئة:

-فطرتي يا زينة ولا تيجي تفطري معايا؟

تحمحمت "زينة" قبل أن تفتح فمها ليخرج صوتها مبحوحاً بعض الشئ:

-فطرت يا خالة

-تمام يا حبيبتي احنا هنسيبوكي ترتاحي شوية

هتفت "دريّة" وهي تجذب "بسمة" والسيّدتان المرافقتان لها واللتان لم تكونا سوي عمّة فارس وخالته لتتوّجه بهم الي الأسفل تاركين "زينة" تنعم ببعض الراحة قبل




 عودة زوجها من صلاة الجمعة التي أصرّ علي التوجه للمسجد لقضائها رغم الحاح والدته عليه للبقاء مع زوجته في مثل هذا اليوم!.

بدّلت "زينة" سريعاً تلك المنامة التي ارتدها خصّيصاً لمقابلة عائلتها وعائلة زوجها الي عبائة منزلية لتستلقي من بعدها علي السرير لتنال قسطاً من الراحة علّه يُريح جسدها المرهق وروحها المتعبة

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

زفرت "انتصار" بحنق وهي تراقب خروج "بسمة" من المنزل بعدما ودّعتها "دريّة" كما يليق لتهتف بحنق حالما التفتت لها أختها:

-بقي دي يا دريّة ست الحسن والجمال اللي اختارتيهاله؟ بقي ابنك يسيب نرمين بتي لاجل الكرتة دي!!؟





-في ايه يا انتصار ما تهدي عليها شوية

هتفت "دريّة" بحذر وهي توّجه أنظارها للأعلي مخافة ان تصل أصواتهم الي زوجة ابنها فتنزعج مما تتفوه ب أختها من خرافات ، لكن لم تكد تتنهد براحة حتي ارتفع تلك المرة صوت عمته "بثينة" الحانق:

-يا شيخة علي الأقل لو كنتي عايزة تناسبيهم أوي كدا وحابّة النسب دا كنتي خدي بسمة.. أهي بيضة وحلوة أحسن من السودا الكرتة اللي متلقحة فوق وعاملة زي كوز الدُرة دي

لم تكلّف "دريّة" نفسها عناء الرد واكتفت بالجلوس بصمت وهي تستمع لتذمرهما بشأن اختيارها ل"زينة" تحديداً من بين جميع فتيات القرية!.

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

-ازيك يا خالتي!

أردف "فارس" بابتسامة زيّنت ثغره لترد "انتصار" سريعاً وهي تصافح يده الممدودة لها بود:






-الحمد لله يا قلب خالتك.. ألف مبروك

ألقت آخر كلماتها بشئ من السخرية التي لم يُعرها "فارس" اهتماماً وهو يتوجه لوالدته بسؤاله:

-أومال زينة فين!؟

وللمرة الثانية تجاهل عن عمد تلك الشهقة المستنكرة التي صدرت عن خالته موليًّا جام اهتمامه لوالدته والتي أشارت الي الأعلي أثناء ردّها:

-فوق في أوضتها باين عليها نايمة يا حبيبي

-المحروسة بتتدلع علينا من أوّلها

هتفت "انتصار" وهي تقلب عينيها بحنق في حين أشار "فارس" لوالدته بأنه سيصعد لزوجته ملقيا عليهم السلام تاركاً خالته تكاد تنفجر غيظاً بسبب تلك الزيجة التي لم تأت كما تهوي

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

في منزل عائلة "زينة"

جلست "بسمة" بجانب أخيها وهي تُلقي علي مسامعه ما حدث أثناء زيارتها ل"زينة" 

-بس مقولكش بقي علي العز اللي هي فيه ، اوضة آخر حلاوة ولا هدومها يا واد يا سعيد حاجة كدا آخر أوبهه

-أومال لو مكنش حياله دكتور النجع كان عيّشها فين؟





هتف "سعيد" بغيظ وهو يستمع لوصف أخته المبالغ به قليلا عن ذلك "الترف" الذي تعيش به ابنة عمّهما الآن في كنف زوجها ، صمتت "بسمة" لثواني وكأنها تستجمع كلماتها قبل أن ترمي بهم في وجهه قائلة:

-ناوي علي ايه يا سعيد؟

ابتسم بشر قبل أن بهتف بنبرة مظلمة خرجت من أعماق جوفه:

-علي كل خير طبعاً!

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

في المساء وتحديدا في منزل "فارس"

تنهد "فارس" بتعب وهو يختلس بعض النظرات تجاه "زينة" والتي انشغلت بترتيب ملابسها كما تريد هي مخفيةً جميع الملابس القصيرة والعارية والتي تعلم انها لن ترتديها مكتفية بوضع العبائات المنزلية في الخزانة التي شاركت زوجها بها..

مرر أنظاره عليها بهدوء ولسان عقله يحدّثه بأن عليه التخلص من تلك الدخيلة التي أقحمتها والدته في حياتها فجأة..





لم تكن زينة علي قدر كبير من الجمال اللافت للأنظار فكانت ذات بشرة سمراء زيّن وجهها أنفها الدقيق وشفتاها الرفيعتان ، أعطتها عيناها السوداوتان مظهرا لطيفاً من نوع خاص لتكتمل اللوحة بشعر ثائر معظم الوقت يعطيها مظهر المتمردة كما كان يقول والدها دائما ، فكانت جميلة بشكل مميز!.

انتبه "فارس" لها تقف أمامه وقد بدا أنها تتحدث اليه منذ مدة ليهتف بحرج طفيف:

-كنتي بتقولي ايه؟

تحمحمت قبل أن تعاود القاء كلماتها علي مسامعه هاتفة بخفوت:

-كنت بقولك عايزني اعملك حاجة قبل ما أنام!؟

ناظرها فارس لثواني قبل أن يهتف بنبرة حازمة:

-متناميش.. انا عايزك

....




#جحيم_الفارس🔥🖤

#البارت_2

.....

تلعثمت "زينة" بتوتر وهي تحاول الوصول لمغزي كلماته التي هتف بها منذ قليل ، لم يترك لها المجال للتفكير ليستقيم مقتربا منها بهدوء ، توقف أمامها مباشرة ليهتف بصوت حازم بعض الشئ:






-كنت عايز اقولك علي شوية حاجات كدا

صمت يستشف ردة فعلها ليجدها لاتزال صامتة لم تصدر منها اي حركة سوي ايمائة بسيطة وكأنها تُخبره من خلالها بان يُتابع قول ما يريده ليُاتبع هو بشئ من الضيق لصمتها هذا:

-احم.. أنا آسف علي امبارح انا كنت مضايق فطلعتهم عليكي وضايقتك

اتسعت عيناها بصدمة لا تصدق ما تلتقطه أذناها لتناظره باستنكار وكل ما يدور بعقلها أن هذا فخ حاكه لها لسبب لا تعلمه ، أكمل هو غير مبالي بتلك الصدمة التي ظهرت آثارها فوق وجهها:

-انا مبحبش الفوضي ومش طالب منك تهتمي باي حاجة تخصني كل اللي طالبه منك تهتمي بوالدتي ومتتعبيهاش وصدقيني لو اشتكتلي منك هتزعلي مني جامد

تخلّت عن صمتها أخيرا لتهتف ببحة ترافقها:

-اكيد هحطها في عيني 

-اها ، اه ومن هنا ورايح مكانك علي السرير مش عايز اصحي الاقيكي في الارض زي امبارح كدا

رمقته بتوجس ليبتسم وقد فهم ما يدور بخلدها ليُكمل ضاغطا علي حروف كلماته بتأكيد:

-اها جنبي 






أكمل بلامبالاة وهو يراها ترمقه بغيظ ممزوج بالصدمة:

-اه وجو انك تروحي تنامي علي الارض عشان متناميش جنبي واسيبلك السرير وشغل الأفلام دا مش هياكل معايا وهسيبك مكانك يا حلوة

لوت شفتيها باستنكار ليبتسم باستفزاز تاركاً اياها واقفة تُقلب كلماته في رأسها ليستلقي فوق السرير براحة ، لم تستغرق سوي دقيقتان من التفكير لتتوجه من بعدهم الي السرير مُستلقية علي الجانب الآخر منه زفرت بقوة وقد قررت انهاء تلك الحرب بداخلها والتي تدفعها للتخلي عن تلك الشخصية الضعيفة التي ظهرت فجأة منذ أن تمت خطبتها له 






والعودة لما كانت عليه سابقا لتلقنه درساً يمنعه من التمادي في سخريته وطريقته تلك ، تطاحنت الأفكار برأسها لتغمض عينيها بارهاق تُناجي سلطان النوم ليُنقذها من هذا العذاب 

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

تعالت أصوات الموسيقي الصادرة من التلفاز والتي تمايلت علي أثرها تلك الفاتنة باتقان مُهلك ، ازدادت وتيرة رقصها لتصرخ بفزع حالما اندفع الباب بحدة ليطل منه ذلك الشاب الذي ناظرها بقسوة ، أطفأت التلفاز بارتباك وبحركة سريعة أزالت ذلك الوشاح الذي لفّت به خصرها لتضعه فوق رأسها باهمال ، عدّلت عبائتها سريعا وما ان تأكدت ان مظهرها بات جيدا ناظرته بضيق ، تحدثت بصوت عالي جعله يلتفت لها بعدما كان قد أعطاها ظهره عندما رآها بهيئتها السابقة:

-انت ازاي تدخل كدا مش تخبط يابني آدم انت؟

-وانتي ايه اللي كنتي بتعمليه دا اصلا؟

تلعثمت بخجل لتُكمل بشراسة رافضة تمرير فعلته تلك وتعديه علي مساحتها الشخصية بلا استئذان:

-وانت مالك هي اوضتي ولا اوضتك يا مُحترم؟

رمقها بصمت لثواني هتف من بعدهم بهدوء نسبي:

-بابا عايزنا برا

خرج واغلق الباب خلفه بدوء لتدبدب بقدميها الارض بغيظ من ذلك الأحمق الذي يصر علي جعلها تندم علي موافقتها لقرار والدتها بالانتقال للجلوس مع عمّها خلال فترة سفرها المفاجئة ، تأففت "سلمي" بضيق






 قبل أن توجه أنظارها للمرآة لتعدل من هيئتها سريعاً ، أحكمت وضع حجابها فوق رأسها لتتنهد بقوة قبل ان تهبط الي الاسفل لمعرفة ما يريده عمّها..

توقفت "سلمي" قبالة عمها ليبدأ هو بالحديث فوراً:

-فارس اتجوز امبارح

اتسعت عينا "سلمي" بصدمة لتهتف باندفاع:

-انت بتهزر؟ يعني ايه اتجوز؟

-متزعليش مسير حبيب القلب يندم

تجاهلت سخرية "خالد" ابن عمها لتكمل حديثها مُوجهة اياه لعمها الجالس بهدوء يراقب انفعالاتها الثائرة:

-اتجوز مين؟ وازاي؟ ومقولتليش ليه انه هيتجوز؟ هو شخصيا مقاليش حاجة اصلا

-اتجوز مين فهو اتجوز زينة.. بنت عبدالله ، التمرجي القديم

لم تستوعب "زينة" ما قاله عمها لتهتف من جديدة محاولة التأكد مما يقول

-زينة مين؟ زينة زينة؟ 

أومأ "جمعة" مؤكدا شكوكها لتتراجع "بسمة" الي الخلف غير مصدقة لما يلقيه علي مسامعها.. أيعقل أن يتزوج فارسها من تلك الحمقاء؟ أيعقل أن يتركها تبني تلك الأحلام الوردية طوال تلك الفترة لينتهي به الأمر






 متزوجا فتاة غيرها!؟ لحظة وأي فتاة؟ انها زينة..  انها السمراء التي لطالما كرهتها بلا سبب لمجرد أنها وجدت أن لون بشرتها هذا يعطيها مظهرا مميزا لا غير فكانت الوحيدة التي تري انها جميلة بشكل جعلها تغتاظ منها 

لم تتحدث من جديد لتكتفي بالاستئذان من عمها لتصعد الي غرفتها بعد تلك الصدمة التي ألجمت لسانها

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

اتسعت ابتسامة "زينة" وهي تستمع لتلك الدعابة التي ألقتها "دريّة" لتوها محاولة اضفاء بعض المرح الي ذلك الجو الصامت الذي خلّفه ابنها بعد مغادرته الي عمله ، تسائلت "دريّة" بحيرة وهي تحاول الاخذ برأي "زينة":

-الا مقولتليش يا زينة ، هو فارس متقش معاكي علي شهر عسل او حاجة؟

لم تُدرك زينة ما عليها قوله فتحمحت بخفوت وهي تهتف بنبرة مرتجفة:

-متكلمتش في الموضوع دا معاه يا خالة

-طب ما تبقي تساليه كدا






انتبهت لعبث والدة زوجها لتكتفي بالايماء لها بايجاب وكأنها ستنفذ كلامها وتسأله بحق ، لم تمر دقائق حتي نهضت "زينة" هاتفة بهدوء:

-انا هدخل المطبخ كدا اشوف هنعمل ايه لغدا النهاردة 

-اجي أساعدك؟

هتفت "دريّة" بحب لترد "زينة" بلطف:

-لا يا خالة خليكي مرتاحة وانا لو احتجت حاجة هاقولك

-ماشي يا حبيبتي ، ربنا يحفظك ليا

ابتسمت "زينة" بود قبل أن تتوجه الي المطبخ لتبدا بتحضير الغذاء قبل عودة "فارس" من العمل

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

في المشفي التابع للقرية

احتل "فارس" ذلك الكرسي الجلدي المتآكل وقد أخذ يدوّن بعض الاسماء علي ورقة بيضاء أعطاها للمريض القابع أمامه فور انتهائه منها ملقيا عليه بعض النصائح والارشادات الواجب عليه الانتباه لها ، انصرف المريض ليأذن فارس لمن بعده بالدخول ، تسلل الي اذنه صوت ساخر جعله يرفع رأسه بحدة وهو يستمع لتلك الكلمات اللاذعة تُلقي علي مسامعه بسخرية:

-بقي فارس بيه في المستشفي بعد جوازه بيومين؟ هي العروسة معجبتكش ولا ايه؟

ضيّق فارس عينيه بتربص وهو يمرر أنظاره فوق "سعيد" بحذر بدءا من جسده الهزيل انتهاءا بوجهه والذي يحمل لفحة من الوسامة التي زادتها لحيته الخفيفة المهذبة ، كان يحمل نفس عينا "زينة" السوداوتان لكنهما جعلتاه يبدو أكثر خبثا بطريقة ما ، انتهي "فارس" من تأمله له ليتحدث من بعد ذلك بهدوء:

-مش عيب عليك تقول الكلام دا علي بت عمك برضه؟

-العيب في الجيب يا باشا المهم قولي.. عجبتك ولااا؟

لم يصدق "فارس" وقاحة ذلك الأحمق ليهب واقفا بغضب استطاع "سعيد" اشعاله بلحظة ، ارتفع صواخ "فارس" بتحذير:






-سعييييييييد اقسم بالله لو ماخفيت من وشي لنقرا الفاتحة علي روحك النهاردة

-لا وعلي ايه الطيب احسن ، ابقي سلملي عليها

ألقي كلماته الأخيرة وخرج تاركا اياه يُصارع نفسه كي لا يلحق بهذا الأحمق ويحطم راسه الأحمق هذا ، صحيح لا يُطيقها لكنها عرضه الذي لن يسمح لأحد بالتحدث عنه بهذه الطريقة 

ألقي بنفسه علي كرسيّه من جديد ليهتف حالما رأي مساعده يتسائل عما اذا كان فارغا لادخال المريض التالي:

-دخّله يابني خلينا نخلص

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

خرج "سعيد" من المشفي وهو يسير بهدوء وقد بدا مستمتعا بتلك النيران التي أشعلها في صدر "فارس" للتو غير 



مراعياً ان من تحدث عنها بالداخل هي ابنة عمه بل ومن كان يطمح لجعلها ملكه يوماً ما ، شرد قليلا في بعض ذكرياتهما معاً والتي كانت تصده فيها 



كلما حاول التقرب منها فلم ينتبه الي تلك الفتاة التي كانت تتوجه الي مدخل المشفي بسرعة وقد بدت غير منتبهة للناس من حولها هي




 الأخري بسبب تلك الدموع التي غلفت عينيها ، اصطدمت به دون قصد لتنتشله من ذكرياته ، كادت تتركه وتتوجه الي الداخل بعدما اعتذرت




 منه سريعاً لكنه كان يمتلك رايا آخر فقد صرخ في وجهها بحنق:

-مش تحاسبي يا بت انتي!!

-ما قولت آسفة حل عن نفوخي بقي

تركته وكادت تذهب لولا أن جذبها من يدها بشئ من العنف وهو يهتف بنبرة مظلمة:

                      الفصل الثالث من هنا

لقراة باقي الفصول اضغط هنا


تعليقات



<>